كاتب الموضوع :
Lovely Rose
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
4- الثلج و النار
استيقظت مارشا في الصباح باكرا جدا بعد ليلة جافاها فيها النوم.أعدت لنفسها القهوة ثم حملت كوبها مع غطاء لفت نفسها به و جلست على شرفتها تراقب بزوغ الفجر.
أصر تايلور اليلة الماضية على أن يرافقها إلى بيتها ، رغم كل ا حتجاجاتها ، لكنه، بخلاف ما توقعت ، لم يفعل أكثر من إمساك يدها أثناء رحلة العودة إلى بيتها. وبعد أن أخبر السائق بأن ينتظر ، رافقها إلى المبنى ، ثم صعد معها إلى طابقها.عند ذلك واجهته بتمرد ، منتظرة تصرفه الذي كانت واثقة من أنه سيقوم به بعد ذلك العناق في بيته ، لكنه أومأ لها فقط دون أن يبتسم حالما فتحت بابها الأمامي ، متمنيا لها ليلة سعيدة ، ثم رحل.
أين أصبح وضعها ؟ أخذت تتساءل الان و عيناها المتعبتان تنظران إلى السماء الوردية أمامها و كأن لديها الجواب.
هل اعترف بالهزيمة ؟ هل سيتركها الآن وحدها بعد أن أوضحت له تماما شعورها الذي ما زالت عليه ؟
انهت قهوتها و أراحت رأسها إلى الخلف و أغمضت عينيها.كانت على صواب بشأن كل هذا...شأنه و شأن زواجهما ، وتانيا و كل شيء .أترغها كذلك ؟ ولكن طبعا كانت كذلك.
لا بد أنها كذلك !التعاسة التي عاشتها طوال العام و النصف الخير لا يمكن أن تكون عبثا.لقد خانها مع تانيا في ألمانيا حتى و لو لم يكن قد فعل ذلك من قبل.لكنه كان يبدو صادقا.
وفتحت عينيها و هي تسمع حركة السير تزداد في بعد أن بدأت المدينة تستيقظ. ولكن...كان دوما قادرا على إقناع اخرين.
وهذه إحدى المواهب التي جعلته يرتفع من الحضيض إلى قمة الثراء في وقت قصير.
تململت مكانها ، وجذبت أصابع قدميها إلى تحت الغطاء، كان من المفترض أن يكون هذا النهار حارا ، لكن الصباح باردا دوما.
هي ما زالت تحبه ! هذه الحقيقة التي تراودها في نومها و التي لا يمكن نكرانها في ضوء النهار. وستحبه دوما!
هذا الحب الذي كان نعمة من السماء حين كانا سعيدين معا ، سصبح عبئا ثقيلا على كاهاها.ولأنها تحبه إلى هذا الحد لا يمكنها العودة إليه أبدا.
نهضت و هي تهتز ألما ، وتركت الغطاء على الكرسي و عادت إلى غرفتها لتعد كوب قهوة آخر.
كانت كل خلية في جسدها تشعر بتايلور الليلة الماضية ، وهذا وحده أنبأها بأن عليها أن تكون قوية. لقد سبق و أمضت أيامها و لياليها تبكي على فراقهما و لكن هذا انتهى الآن.ربما لو كانت من نوع آخر من النساء ، امرأة بإمكانها أن تغض الطرف عن علاقات زوجها العابرة ، ولو أنها لم تحبه إلى هذا الحد لاختلف الأمر.و لكن ، وحبها بهذا الشكل ،سيدمرها تايلور.
هي لا توي أن تمضي حياتها مراقبة تايلور و عشيقته التالية ، أو ما هو أسوأ، كما هو الحال مع امرأة تعرفها ، تمضي لياليها تبحث في جيوب زوجها عن أدلة خيانة.
منتديات ليلاس
أحاطت فنجان القهوة بيديها الباردتين تدفئهما رغم البرودة التي كانت تزداد في داخلها.كانت ساذجة ذات يوم لتصدق أن هناك حقا نهاية سعيدة للمحبين ، كما هي في الحكايات.في عالم الذئاب هذا...لكنها أضبحت الآن أكثر حكمة، وهي لن تقترف الغلطة نفسها مرة أخرى.
لقد تركها تايلور الليلة الماضية دون كلمة ، وهذا من حسن الحظ.فقد وصل إليها رغم كل جهودها في إبقائه بعيدا عنها ، واخترق الجدار الذي أقامته حول مشاعرها بنفس السهولة التي يقوم بها دوما ، لكنها ستحرص على ألا يحدث ذلك مرةأخرى.لم تكن واثقة كيف ستتدبر الأمر، لكنها ستتمكن من ذلك إذا تقابلا مرة أخرى.
أنهت قهوتها وحملت الغطاء إلى الداخل وبعد أن رتبت الغرفة و اغتسلت و سوت شعرها و زينت وجهها بسرعة ، وارتدت طقما ليلكيا ضيق التنورة.لم يكن من عادتها ارتداء ملابس كهذه في المكتب ، لكنها كانت تتوقع اجتماع العمل ذاك.
و عندما عادت إلى المنزل ، كانت الساعة لا تزال السادسة والنصف ، لمنها أرادت أن تتيح لذهنها أن يصفو بالذهاب إلى العمل سيرا على الأقدام ، ووصولها باكرا يجعلها مستعدة تماما لذلك الإجتماع.
كان صباحا رائعا و الشمس تغمر الشوارع ، وبرد الليل جعل جو المدينة نظيفا نقيا.لقد اعتادت ، في كل صباح كهذا ، أن تتناول الفطور مع تايلور في الفناء الداخلي مرتدين معطف الحمام، وتغريد الطيور الرتيب فوق رأسيهما يمتزج بضحكاتهما و رائحة الفطائر الساخنة التي كانت تعدها حنة.و منذ رحيلها لم تستمتع بعد ذلك ، بأكل الفطائر.
قطبت حاجبيها و غاظها أن تدع ذكرياتها تتطفل على ذهنها هذا الصباح.عليها أن تركز اهتمامها على عملها فقط و هي تعرف ذلك و بالتالي لا جدوى من هذه الأفكار العاطفية الحمقاء.
تباطأت خطواتها قليلا عندما اقتربت من مبنى التلفزيون.وتملكها اضطراب داخلي و هي تواجه احتمال أن يصبح زواجهما قريبا خبرا في برنامج أخبار المجتمع.
لكنها لن تقلق لهذا الأمر كما أنه ليس من شأن أحد غيرها على كل حال.ستفسر لبيكي الأمر فهي مدينة لها بذلك ، و لكن ليس لغيرها إذا دفعه الطيش للسؤال.
و في مكتبها خلعت حذاءها العالي الكعب وسترتها ، و سرعان ما استغرقت في عملها الكتابي عن قصة باكستر.
وصلت بيكي عند الثامنة و النصف فاقترحت عليها مارشا أن تتبادلا الحديث في وقت الغذاء لتعود بعد ذلك إلى أوراقها.
في العاشرة دخلت إلى الإجتماع بادية الثقة بالنفس وبعد نصف ساعة علمت أنها استحوذت على اهتمام الجميع...
الجميع باستثناء بينيلوب! عينا المرأة الزرقاوان الباردتان كانتا أول ما رأت حال دخولها القاعة و عندما ابتسمت لها تجاهلتها بينيلوب فأدركت مارشا أنها لن تكون المفضلة لديها.
قالت بينيلوب و هي تنظر حولها رافعة حاجبيها : " لا أدري إذا كنا مضطرين إلى أن نأخذ مجرد خليط معلومات متعددة المصادر مثل "مانن ديل" و نطبقها على هذه المعلومات الضئيلة.لا نريد دعوى قضائية أخرى.كيف لنا أن نعلم أنهم أرغموا تشارلز باكستر على التنازل عن أعماله؟ وحتى إذا...إذا فعلوا ذلك... فهذا لا يعني بالضرورة أنهم فعلوا الشيء نفسه من قبل"
- انا غير موافق.
غال جيف نورث هذا بحزم و على وجهه دهشة لا تخاذها هذه الوجهة في خطة كان هو قررها من قبل : " من الحقائق التي أحضرتها مارشا هذا الصباح ،اتضح أن صفات قذرة و اضحة ألقت ظلالها على نجاح مانن ديل منذ اليوم الأول.لكن هذا العمل الأخير مع باكستر انتهى بموت الرجل ، ونحن علينا أن نعيد هذا إلى الساحة و لهذا نحن هنا"
- همهم.
و نظرت بينيلوب إلى المدير المنفذ في القاعة ، الذي رئيس جيف : " أتظن أن مارشا جمعت ما يكفي من المعلومات يا تيم ؟ أخشى أن تكون...حماستها للقصة جعلتها تتخبط بشكل عشوائي نوعا ما "
وضع تيم يديه على الطاولة أمامه يتأملها فترة قبل أن يرفع نظره.لقد عمل مع بينيلوب أكثر من عشر سنوات و يعرفها جيدا.إنها الآن ، لأمر ما ،تلاحق مساعدة جيف ، وعندما تكون بهذا الشكل ، تصبح منفعلة غاضبة.القصة جيدة و كلهم يعلمون ذلك ، لكنهم أرجأوها أسبوعا أو اثنين بحجة ان الحصول على معلومات أخرى لن يضر القصة بشيء.
حتما لم يكن يريد أن يقف ضد بينيلوب ، فهما متفقان.تنحنح و قال متحاشيا النظر إلى وجه مارشا المتوهج : " ابحثي عن معلومات أخرى بكل تأكيد ، سندرسها بعد أسبوعين.و الآن ، هل هناك شيء آخر مادمنا مجتمعين؟"
فقالت : " نعم ،المعدات الجديدة التي كنا تفحصناها.لقد حصلت على معلومات دقيقة عنها الان ،وأحدها بالذات جيد ، "كين انترناشيونال"؟
ثم ،و كأنها أدركت فجأة أنها كانت تتكلم خارج دورها ،التفتت إلى الآخرين في الغرفة و قالت بعذوبة : " شكرا لكم جميعا ، لا أظننا بحاجة إلى احتجازكم أكثر من ذلك "
و في المصعد ، حك جيف رأسه بحيرة و قال لمارشا المتوهجة الوجه : " لماذا كل ذلك؟لجينا الكثير من المعلومات"
فقالت مارشا و قد قررت أن لا فائجة من التملص :" الذنب ذنبي ، فقد عملت بينيلوب أمس أنني متزوجة فجرحت كرامتها لأنها لم تكن تعلم بذلك من قبل"
- هل أخبرتها؟
- ليس بالظبط.
وتنهدت بعمق : " كين رئيس " شركة كين الدولية " هو زوجي يا جيف ، و كان هنا أمس مع بينيلوب "
- آه...
بقدر ما كانت تريد أن تقول إن حقد بينيلوب لا يؤثر عليها ، بقدر ما كانت تغلي غضبا بقية الصباح. فقد تم انتقادها ظلما و أهملت، وهذا كله ذنب تايلور ، كما حدثت نفسها غاضبة ، رافضة الا عتراف بالصوت الخافت في داخاها الذي قال إنها تظلمه نوعا ما.و لكن لو أنه لم يعلن أمس للجميع انهما متزوجان لما علمت بينيلوب عنها شيئا الآن و لكانت قصة باكستر في حقيبتها الآن.جرحها لإحساسه عندما عاملته بجفاء في حفلة الكوكتيلأمس كانت نتيجته أن بدت حمقاء هذا الصباح أمام الجميع.
هذا ليس عدلا ! و لكن ، من ناحية أخرى ، متى كان تايلور يعرف العدل ؟إنها تشمئز منه تماما و من بينيلوب أيضا ، و هما مناسبان تماما لبعضهما. وعند الغذاء ابتدأ الصداع يتملك مارشا و كذلك التوتر.
كانت واعية إلى النظرات السريعة التي كانت بيكي ترمقها بها منذ عودتها مع جيف من االا جتماع.لكنها لم تمنح سكرتيرتها فرصة لتفتح حديثا معها منذ أن أخبرتها بأنهم لم يوافقوا على قصة باكستر.
الآن ، عندما قالت بيكي لها بحذر إن بإمكانهما أن تتناولا الغذاء في يوم آخر إنشاءت ، شعرت بالذنب لدرجة هائلة. فأرغمت نفسها على الإبتسام : " كلا ، أبدا. وأنا آسفة لسوء طباعي طوال الصباح.هيا بنا نذهب الآن و إذا تأخرنا في العودة ، من سيهتم؟ "
فقالت بيكي ضاحكة : " أحسنت"
تعويضا عن نفورها ، صممت مارشا على أن تستضيف بيكي على الغذاء في "ليندونس" و هو مطعم صغيرمترف على مسافة قريبة من مكان عملها.و عند وصولهما ، جلستا إلى مائجة لشخصين ، و اتكأت مارشا إلى الخلف و تنهدت دويلا ،" آسفة على سوء طباعي اليوم"
قالت هذا بحسرة ، فأجابت بيكي : "لا تقلقي بالنسبة إلى قصة باكستر.الكل يعلم أنها جيدة و أن بينيلوب أصابتها إحدى نوباتها"
فقالت مارشا بجد : " سبب هذه النوبة يزعجني أكثر من القصة "
فسألتها بيكي و هي السريعة الحدس : " أتعنينه هو ؟ "
فأومأت مارشا ، و فجأة وجدت نفسها تخبر بيكي بكل شيء.و هو شيء لم تكن تنوي فعله على الإطلاق.حتى أنها أخبرتها عن نشأتها في الميتم ، و عن المحاولتين الفاشلتين في تبنيها ، و إذا كانت مقتنعة بأن أمها ستعود لأجلها ‘وعدم قدرتها على اتخاذ أصدقاء حميمين بعد صديقتها الحميمة في الميتم التي تبنتها أسرة.ولم تتصل بها قط بعد ذلك...أخبرتها القصة بكاملها و هما تتناولان السمك و السلطة مع البطاطا و انتهت قصتها أثناء انتظارها الحلوى.
- أوووه...
أدهشت بيكي صديقتها و هي تميل فوق المائدة تحتضنها بحرارة و عطف صادقين جعل عيني مارشا تغرورقان بالدموع بينما بيكي تقول : " و أنت ما زلت في السابعة و العشرين !"
لم تقل بيكي هذا للهزل و لكن سواء كان القلق البالغ على وجهها أم الحيرة في عينيها ، وهو ما جعل مارشا تضحك بدلا من البكاء ، فهذا ما لم تعرفه مارشا ، وقالت : " أشعر و كأنني أكبر بعشرات الشنين خصوصا اليوم.لقد استعدت حياتي لتوي ، و إذا به يظهر مرة أخرى"
فقالت بيكي : " بعض الرجال هكذا ، خصوصا اليوم.إذا كانوا بجمال مظهره.يظنون أن عليهم فقط أن يؤشروا بإصبعهم لترتمي النساء في أحضانهم"
فقالت مارشا بصدق : "لم يكن عليه حتى أن يرفع أصبعه"
كانت الحلوى لذيذة للغاية مع فطيرة البرتقال و القهوة ، وعندما دفعت مارشا الحساب كانت تعلم أنها وجدت صديقة حميمة جياشة العواطف.
لم يكن لديها أخت قط ، كما أخذت تفكر و هما تسيران فب الشارع المشمس ، ولكن لو كان لها أخت لتصورتها مثل بيكي تماما.
و عندما كانتا عائدتين بالتاكسي ، قالت بيكي مفكرة : " هل انت متأكدة تماما من أن الشخص الذي أخبرك عن تانيا قائلا إن هناك عديدات غيرها ، ليس لديه دافع للكذب ؟ "
أومأت مارشا.كانت هي الفكرة نفسها التي راودتها أكثر من مرة منذ الليلة الماضية.لكنها لم تعرف لماذا لم تخبر بيكي بأنها أخت تايلور التي أخبرتها بذلك..كان هذا الشيء الوحيد تاذي كتمته ، ربما لأنها وعدت سوزان بألا تخبر تايلور بإسمها ، رغم أنه لا يمكن لبيكي أن تخبره.
- ليس عليك أن تخبريني بلإسم ، ولكن هل هي امرأة من أخبرك ؟وعندما أومأت مارشا قطبت بيكي حاجبيها : " بعد رؤيتي لزوجك ، يمكنني أن اقول إن هناك عنصر شك إذن"
أخذت مارشا نفسا عميقا ثم تنهدت بإذعان.عليها أن تخبرها بهدوء:
- إمها أخته سوزان.و هي تحبه كثيراو هو كذلك لذا لا دوافع للكذب.
نظرت بيكي إليها و قد ازداد تقطيبها.لم تقل شيئا، لكن ملامحها أوحت بأشياء و أشياء.
فحدقت مارشا فيها : " ماذا؟"
- أنت لم تعيشي قط في بيئة عائلية لذا ربما لك نظرة مثالية إلى الأخوة.صدقيني أن كونك أختا أو أخا لا يجعل منك قديسة بالضرورة.هنالك كل أنواع التيارات الخفية في الطبيعة الإنسانية.عندما نلت درجة جيدة في الجامعة، وكانت درجة أختي الصغرى أقل بشيء بسيط ، بقيت ستة أشهر لا تكلمني.
- إننا نتحدث عن تحطم زواج هنا بيكي ، وليس عن استياء أخت لأن أختها أخذت درجة أفضل.
- آه، صدقيني ! بإمكاني أن أسرد لك قصصا أسوأ.ليس عن أختي ،لكن عن التنافس و الغيرة في الأسر.
فقالت مارشا بحماس : "كان بمثابة الأم و الأب لها طوال حياتها ، و هي تعبد الأرض التي يسير عليها.حتى زوجها تعتبره في الدرجة الثانية بعد تايلور"
فغضنت بيكي أنفها : " أحقا؟ هذا غير طبيعي"
- و كانت رائعة معي منذ اول يوم.حتى إنها كانت إشبينتي في عرسي.
- هذا لا يعني شيئا.أنا لا أقول إنها تكذب، يا مارشا ،لكن ذلك ليس مستحيلا ، لت شيء مستحيل.على الأقل فكري الآن في ذلك.
- لماذا ؟
قالت مارشا هذا و هي تقطب بحيرة إزاء عناد صديقتها.فأجابت بيكي بهدوء : " لأنك ما زلت تحبينه ، و نشأتك التي ذكرتها تعني أن هناك خبرة كبيرة للغاية تنقصك و هذا ما يجعلك ضعيفة "
فقالت مارشا بشراسة : " إياك أن تقول إنني أفتقد الشعور بالأمان"
-لن تخرج هذه الكلمة أبدا من فمي.
مرت بقية النهار و هي في دوامة من محاولة التعويض عما فاتها من العمل في الصباح ،ساخطة على معالجة بينيلوب المتغطرسة لعملها.في السابعة خرج كل من تعمل معهم عادة. و الصراع الذي لم يشفه الغذاء و الذي تخلصت منه طوال بعد الظهر بواسطة الحبوب المضادة للألم ، أصبح الان يرسل دفقات ألم إلى رأسها.
عندما خرجت من المبنى إل جو حزيران الدافئ ، أجفلت لواجهة عينيها أشعة الشمس الساطعة.لكنها عندما فتحت حقيبة يدها وجدت أنهانسيت نظاراتها الشمسية في البيت.هذا عظيم ، النهار يتحسنشيئا فشيئا و يبدو كأنه سينتهي بعد فترة طويلة.هذا و ضجيج حركة السير يهدر في رأسها المصروع.
- هل تتأخرين دائما في العمل بهذا الشكل؟
قفز نبضها بقوة و حبست أنفاسها و هي تلتفت لترى تايلور يقف إلى يمينها.كان يرتدي بنطلون جينز أسود و قميصا قصير الكمين بلون عينيه ، فبدا رائعا.ابتسم لدهشتها فبدت أسنانه الناصعة البياض القوية مناقضة لسمرة بشرته.
فكرت في جوابها لحظة أو اثنين بدلا من أن يخرج للتو بشكل (ماذا تفعل هنا؟!) و نظرا للصداع و اليوم الذي أمضته ، سرها الهدوء الذي قالت به : " لا بد أنك تعرف دوامي ما دامت الأنسة المخبرة الخاصة تزودك بآخر المعلومات عني"
- آه...
و استحالت ابتسامته المدمرة إلى ابتسامة عريضة لا أثر فيها للندم : " كان علي أن أتوقع الجواب"
كما أن ليس عليه أن يجرب سحره عليها ، فهو يحصل على عقد جيد ، هدية من بينيلوب المفتونة به ، بينما هي ستمضي أسبوعين من خيبة الأمل، محاولة البحث عن مزيد من المعلومات من مشروعها بينما الكل يعلم أن كل الطرق سلكت و هذا ليس ضروريا على كل حال.تفجر صداعها و بدا في عينيها ما جعله يجفل بشكل ملحوظ.
- ما بك ؟
تلاشت ابتسامته العريضة و أصبح صوته رقيقا عميقا و هو يمسك ذراعها ، ويقودها بعيدا عن طريق المارة الآخرين و يحجبها بجسمه و هما يقفان بجانب المبنى.
- إياك !
و نفضت يده رافضة لمسته : " مجرد صداع "
رأى وجهها الشاحب و ظلالالإرهاق تحت عينيها ،ثم سألها بهدوء : " كيف سار الإجتماع؟"
نظرت إليه مباشرة : "عظيم! اتهمتني بينيلوب أمام الجميع بالتباطؤ و بأنني لست أهلا لهذا العمل بينما هي تعلم أن القصة هي قصاص غير ذكي بسبب الأمس فكانت النتيجة تأخيلر القصة لأسبوعين آخرين"
- لا أرى في هذا نهاية العالم.
هذا كلام رجل يطلب أن يسير العمل عنده كالساعة ، ويريد أن يحصل على ما يريد في اللحظة التي يطلبه فيها.و أجابت : "حبيبتك لئيمة في العمل ، و أنا أكره أن أبدو حمقاء فقط لأنني زوجتك ، و إن كانت هذه الصفة لن تدوم طويلا"
تغيرت ملامحه حين سمع كلماتها و قال : " أولا ، هي ليست حبيبتي.ثانيا أنا أتفهم تماما خيبة أملك.ثالثا أنت بحاجة إلى حمام، ثم إلى عشاء خفيف و غرفة هادئة تنامين فيها حتى تتخلصي من كل هذا.موافقة؟"
بدا لهاهذا رائعا.لكنها لن تخبره بأنها ليست من الترف بحيث تملك في غرفتها بانيو تسترخي فيه.أو أن ثلاجتها لا تحوي شيئا غير خسة ذاوية و بعض المعلبات. : " تماما"
و أومأت برأسها باحتراس كيلا يزداد صداعها و هي تتابع : "و ا لآن ، سامحني ، لأنني أريد الذهاب إلى بيتي"
- هل تنوين المشي و أنت بهذه الحالة؟
لكنها لن تمشي و تايلور في أثرها : " سأستقل سيارة تاكسي"
ما قاله عن بيلينوب يشكل علامة استفهام ضخمة في ذهنها.إنها بحاجة لأن تنفرد بنفسها لتفكر.
قال بابتسامة مشرقة : "لا حاجة بك لذلك ،سيارتي هنا.بإمكاني أن أقاك إلى البيت بسرعة."
-لا أدري كيف أقول لك يا تايلور.لا أريد أن أركب سيارتك أكثر مما أحب أن أجدك بانتظاري حين أخرج من العمل.
لم يكن هذا صحيحا لكنه لا يعلم ذلك.
- لديك صداع فظيع يجعلك بحاجة إلى الإسراع إلى البيت و أنا لدي سيارة على بعد عشرة أمتار.المر يبدو واضحا جدا لي.
أشياء كثيرة تبدو واضحة له ، لكن ذلك لا يعني أنها واضحة حقا0أرادت أن تناقشه ، لكنها كانت متعبة للغاية.و فجأة بد لها من الأسهل ان تسمح له بأخذها إلى البيت وتنتهي من ذلك.فقالت : " لا بأس!"
- وبدت عليه الدهشة لاستسلامها.
- أنا اقدلر المنطق.
قالت ذلك بتهكم مبطن ، مصممة، رغم حالتها السيئة ، ألا تجعل الأمر سهلا عليه.
ما إن أصبحت داخل السيارة آمنة من العالم الخارجيالجهنمي بضجيجه ، لم تستطع أن تقاوم رغبة قوية في إغماض عينيها.ربما أفرطت في تناول الدواء بعد الظهر كما أقرت بصمت.شعرت بأطرافها مرهقة ثقيلة ،هذا إلى شيء من الدوار و الغثيان.
- أغمضي عينيك.سأسرع بك إلى المنزل.
و لم يكن في صوته بجانبها أكثر من دمدمة مهدئة.
لم تنتبه غلى أنها نامت ، لكنها عندما سمعت تمتمة أصوات و شعرت بيد رفيقة توقظها ، فتحت عينيها على وجه حنة القلق، و أدركت أنها لابد فقدت شعورها بالرضى كما أدركت بعد لحظة أن البيت الذي كان تايلور وعدها بأخذها إليه لم يكن بيتها هي.
نظرت منخلال باب السيارة المفتوح و لرأت الدرجات المؤدية إلى باب منزل تايلور.و زمجرت : " أريد الذهاب إلى البيت"
- أنت في البيت.
و بدا وجه تايلور بجانب وجه حنة.وكان عابسا ،: "صحتك سيئة بحيث اضطررت إلى أخذ نبضك مرتين لأتأكد من أنك ما زلت تتنفسين،ما الذي تناولته بحق الله؟"
- دواء وجع الرأس.آه و إحدى المظفات أعطتني حبتين مندوائها.
-فليشاعدني الله! لقد تزوجت مدمنة.
ثم همست له حنة شيء،فسمعته مارشا يقول:" انفلونزا ، صداع،مهما يكن فهي بحاجة إلى رعاية"
أرادت مارشا أن تعارض حين حملها إلى خارج السيارة لكن ذلك لم يكن يستحق الجهد الذي ستبذله.كانت واعية إلى تايلور و هو يصعد بها السلم ثم يضعها في سرير مريح لا يشبه بحال الأريكة التي في غرفتها.لكنها عندما شعرت به ينتزع حذاءها ثم سترتها، وجدت القوة لتفتح عينيها و تعترض:"ابتعد يمكنني القيام بهذا".
- لا تفقديني صبري.
- أين حنة؟
- تحضر لك الطعام.
كانت يداه حازمتين واثقتين و عندما حاولت أن تدفعه عنها أجابها:
" نحن زوج و زوجته بحق الله.وكنت أفعل ذلك من قبل"
-المر مختلف.
- كيف ؟
استسلمت.لم تستطع أن تناقشه.النقاش يتطلب اتزانا ، وفي النهاية خطر لها أنها حتما أفرطت في تناول الأدوية.
بعد أن خلعت ثيابها اندست بين الملاءات النظيفة و اسنغرقت في النوم.لكنها سرعان ما استيقظت على صوت حنة و هي تسوي الوسائد خلفها.فجلست تتناول الصينية منها :" كلي هذا كله يا حبيبتي.لا بد أنك لم تأكلي طول النهار"
فقالت بضعف و رأسها مازال ينبض بالألم : " بل تناولت غذاءا دسما وافيا"
نظرت حنة إليها غير مصدقة ، لكن مارشا لم تكن تستطيع النقاش ، بل نظرت إلى الطعام وشعرت بأنها لن تستطيع أن تأكل شيئا.لكن حنة قالت : " سأجلس هنا حتى تأكلي هذا كله.إنها أوامر الرئيس"
- أنا لست طفلة.
-هذا أكيد حبيبتي-
ووضعت حنة الشوكة في يدها باسمة ،و تنهدت مارشا و ابتدأت تأكل حتى أتت على طعامها كله ثم استغرقت في النوم قبل أن تخرج حنة بالصينية.
|