لكَ الحمدُ إن ٌ الرزايا عطاء
إسم الشاعر(ه): بدر شاكر السياب

لــكَ الحَـمـدُ مهـمـا إسـتـطـالَ الـبــلاء
ومـــهـــمـــا إســـتـــبــــدٌ iiالألــــــــــم
لـــكَ الـحـمــدُ إن ٌ الــرزايــا iiعــطــاء
وإنٌ الـمَـصـيـبـات بــعـــض iiالــكَـــرَم
ألـــم تُعـطـنـي أنـــت هــــذا iiالــظــلام
وأعطيـتـنـي أنــــت هــــذا iiالـسّـحــر؟
فـهــل تـشـكـر الأرض قـطــر الـمـطـر
وتـغـضـب إن لـــم يـجـدهـا iiالـغـمـام؟
شـهــور طــــوال وهــــذي iiالــجِــراح
تــمـــزّق جـنــبــي مــثـــل iiالـــمـــدى
ولا يــهــدأ الــــداء عــنــد iiالـصـبــاح
ولا يمسـح اللّيـل أو جـاعـه بـالـردى.
ولــكــنّ أيّــــوب إن صــــاح iiصــــاح
لــــك الـحـمــد، ان الــرزايـــا iiنـــــدى
وإنّ الـــجـــراح هـــدايـــا iiالـحـبــيــب
أضـــــمٌ إلـــــى الــصـــدر ِ iiبـاقـتــهــا
هــدايــاكَ فــــي خـافــقــي iiلاتَـغــيــب
هــاتــهــا ... هـــدايــــاكَ مـقــبــولــةُ
أشـــــــــد جــــراحـــــي iiوأهــــتـــــف
بــــــــالــــــــعـــــــــائـــــــــديـــــــــن
ألا فـــانــــظــــروا iiواحـــســــدونــــي
فــــهـــــذى هـــــدايـــــا حــبــيـــبـــي
وإن مـسّــت الــنــار حــــرّ iiالـجـبـيـن
توهّمتُها قُبلة منك مجبولة من لهيب.
جمـيـل هــو السّـهـدُ أرعـــى iiسـمــاك
بـعـيـنـيّ حــتـــى تـغــيــب iiالـنــجــوم
ويـلــمــس شــبّـــاك داري iiســـنـــاك.
جـمـيـل هـــو الـلـيـل: أصـــداء iiبـــوم
وأبـــــواق ســيـــارة مــــــن بــعــيــد
وآهــــــاتُ مـــرضـــى، وأم iiتُــعــيـــد
أســاطـــيـــر آبــائـــهـــا iiلــلــولــيـــد
وغـابــات لــيــل الـسُّـهــاد، الـغـيــوم
تـــحـــجّـــبُ وجـــــــــه الـــســـمـــاء
وتـــجـــلـــوه تــــحـــــت الـــقـــمــــر
وإن صــــاح أيــــوب كــــان الــنــداء
لــــك الـحـمــد يــــا رامــيــاً بـالـقــدر
ويـاكـاتــبــا ً بـــعـــد ذاكَ iiالــشــفـــاء

هل كان حباً ؟
إسم الشاعر(ه): بدر شاكر السياب

هـــــل تُـسـمّـيــنَ الـــــذي ألــقـــى هـيــامــا ؟
أَمْ جــنــونـــاً بــالأمــانـــي ؟ أم غــــرامــــا ii؟
مـــا يـكــون الـحــبُّ ؟ نَــوْحــاً وابـتـسـامـا ii؟
أم خُفـوقَ الأضلـعِ الحَـرّى ، إذا حـانَ iiالتلاقـي
بـيـن عينيـنـا ، فأطـرقـتُ ، فــراراً iiباشتيـاقـي
عـــن سـمــاءٍ لـيــس تسـقـيـنـي ، إذا مــــا ii؟
جــئــتُــهـــا مـسـتــســقــيــاً ، إلاّ iiأوامــــــــــا
* * *
العيون الحور ، لو أصبحـنَ ظـلاً فـي iiشرابـي
جــفّــتِ الأقــــداحُ فـــــي أيـــــدي iiصـحــابــي
دون أن يَـحْــضَــيــنَ حــــتــــى iiبــالــحــبــابِ
هيئي ، يا كأسُ ، من حافاتك السكرى ، مكانا
تــتــلاقـــى فـــيــــه ، يـــومــــاً ، iiشـفــتــانــا
فـــــــــــــي خـــــــفـــــــوقٍ والــــتـــــهـــــابِ
وابـتـعـادٍ شـــاعَ فـــي آفـاقــهِ ظـــلُّ iiاقــتــرابِ
* * *
كـم تَمَنَّـى قلـبـيَ المكـلـومُ لــو لــم تستجيـبـي
مــــن بـعـيــدٍ لـلــهــوى ، أو مـــــن iiقــريـــبِ
آهِ لو لم تعرفـي ، قبـل التلاقـي ، مـن iiحبيـبِ!
أيُّ ثـــغــــرٍ مَـــــــسَّ هــاتــيـــك iiالـشــفــاهــا
سـاكـبــاً شــكـــواهُ آهـــــاً … ثـــــم آهـــــا ii؟
غيـر أنّـي جاهـلٌ معنـى سؤالـي عـن هواهـا ؛
أهــو شــيءٌ مــن هـواهــا … يـــا هـواهــا ii؟
* * *
أَحْــــــســــــدُ الــــــضــــــوءَ iiالــــطــــروبــــا
مُـوشــكــاً ، مـــمـــا يـــلاقـــي ، أن iiيـــذوبـــا
فــــي ربــــاطٍ أوســـــع الـشَّــعــرَ الـتـثـامــا ،
الـسـمـاء الـبـكـرُ مـــن ألـوانــه آنـــاً ، iiوآنـــا
لا يُـــنـــيــــلُ الـــــطـــــرفَ إلاّ iiأرجـــــوانـــــا
ليتَ قلبي لمحـةٌ مـن ذلـك الضـوء السجيـنِ ii؛
أهـــــو حـــــبٌّ كــــــلُّ هــــــذا ؟! خـبّـريــنــي

الاسلحة والاطفال
إسم الشاعر(ه): بدر شاكر السياب

عـــصـــافـــيــــرُ أم صــــبــــيـــــةٌ iiتــــــمـــــــرحُ؟
عـلــيــهــا ســــنــــاً مــــــــن غــــــــدٍ iiيــلـــمـــحُ؟
وأقــــــــدامــــــــهــــــــا iiالــــــــعــــــــاريــــــــه...
مــــحـــــارٌ يــصــلــصـــلُ فــــــــــي iiســـاقـــيــــه.
لأذيـــــالـــــهـــــم رفَّـــــــــــــــةُ iiالـــــشـــــمــــــألِ
ســـــــرتْ عـــبــــرَ حـــقــــلٍ مـــــــن iiالــســنــبــلِ
وهـسـهــســةُ الــخــبــزِ فـــــــي يـــــــومِ iiعـــيــــدْ
وغـــمـــغـــمــــة الأمِّ بــــــاســـــــمِ iiالــــولــــيـــــدْ
تـــنـــاغــــيــــهِ فــــــــــــــي يـــــــومـــــــهِ الأوّلِ.
كـــــأنّـــــي أســـــمـــــعُ خـــــفـــــقَ iiالـــقـــلــــوعْ
وتــــصــــخــــابَ بــــــحّــــــارةِ الـــســـنـــدبـــادْ..
رأى كـــنــــزهُ الــضـــخـــمَ بــــيــــنَ الــضـــلـــوعْ
فـــــمـــــا اخـــــتـــــار إلاهُ كـــــنـــــزاً وعــــــــــادْ
وكـــــــم مـــــــن أبٍ آيـــــــبٍ فـــــــي الــمــســـاءْ
إلـــــــى الـــــــدارِ مـــــــن ســعــيـــهِ iiالــبــاكـــرِ..
وقـــــــــد زمَّ مـــــــــن نـــاظـــريــــهِ iiالـــعـــنــــاءْ
وغـــشّـــاهــــمــــا بـــــــالـــــــدمِ iiالـــــخـــــاثـــــرِ
تــلــقّـــاهُ فـــــــي الـــبــــابِ طــــفــــلٌ iiشــــــــرودْ
يــــكــــركـــــرُ بــالــضـــحـــكـــةِ iiالـــصـــافـــيــــه
فــتــنــهـــلَّ ســـمـــحـــاءُ مـــــــــلءَ iiالــــوجـــــودْ
وتـــــــــــــــزرعُ آفـــــــاقــــــــهُ iiالـــــداجـــــيــــــه
نــجـــومـــاً وتــنــســيـــهِ عـــــــــبءَ iiالـــقـــيـــودْ
عـــصـــافـــيـــرُ؟ أم صــــبــــيــــةٌ iiتــــــمـــــــرحُ؟
أمِ الــــمـــــاءُ مـــــــــن صــــخـــــرةٍ iiيـــنـــضــــحُ
ولـــــكـــــن عـــــلــــــى جـــــثــــــةٍ دامـــــيــــــه؟
وقــــــــــــــبــــــــــــــرةٍ iiتــــــــــــــصـــــــــــــــدحُ
ولـــــكـــــن عـــــلـــــى خـــــربـــــةٍ iiبـــالــــيــــه؟
عـــــــــــــــصـــــــــــــــافـــــــــــــــيــــــــــ ــــــر؟!
بــــــــــــــــــل صــــــبــــــيــــــةٌ تـــــــــمـــــــــرحُ
وأعـــمـــارُهـــا فـــــــــي يـــــــــدِ iiالــطــاغـــيـــة؟
وألـــحـــانُـــهــــا الــــحــــلـــــوةُ iiالـــصـــافـــيــــه
تــغـــلـــغـــلَ فـــيــــهــــا نـــــــــــداءٌ iiبـــعــــيــــد:
حـــــــــــــــديـــــــــــــــد iiعــــــــــتــــــــــيــــــــــق
رصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــاص
حـــــــــــــــــــــــــــــــــــديــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــد
وكــالــظــلِّ مــــــن بـــاشـــقٍ فـــــــي الــفــضـــاء
-إذا اجـــــتــــــاحَ، كــالـــمـــديـــةِ iiالــمـــاضـــيـــه
عــصــافــيـــرَ تــــشـــــدو عـــــلـــــى iiرابـــــيـــــه
تــــرامـــــى إلـــــــــى الــصــبــيـــةِ iiالأبــــريـــــاء
نــــــــــداءٌ تــنــشّـــقـــتُ فـــــيــــــهِ iiالـــــدمــــــاء
"حـديــدٌ عـتـيـق.. حـديــدٌ عـتـيـق! iiرصــــا..ص"
فـــــحــــــتّــــــى كـــــــــــــــــأنَّ الــــــــهـــــــــواءَ
رصــــــــاص، وحــــتّــــى كــــــــأنَّ iiالـــطـــريـــقَ
حــــــــــــــديـــــــــــــــدٌ iiعـــــــــتــــــــــيــــــــــق.
ويــــنــــقـــــضُّ كـــالـــمـــعــــولِ iiالــــحـــــافـــــر
صــــــدىً راعــــــبٌ مــــــن خـــطـــى iiالــتــاجـــر.
لـــــــــــهُ الـــــويــــــلُ.. مـــــــــــاذا يــــــريــــــد؟
"حـــديـــدٌ عــتــيــق.. رصـــــــاص.. iiحـــديــــد!"
لــــــــكَ الــــويــــلُ مــــــــن تــــاجــــرٍ أشـــــــــأمِ
ومـــــــن خـــائــــضٍ فـــــــي مــســيـــلِ الــــــــدمِ
ومـــــــــن جــــاهـــــلٍ أنَّ مــــــــــا iiيــشــتـــريـــه
-لـــــدرءِ الـــطـــوى والــــــردى عــــــن بــنــيــه-
قـــــبـــــورٌ يــــــــــوارونَ فـــــيــــــهِ iiبـــنــــيــــه!
"حــــــــــــــديـــــــــــــــدٌ عـــــــــتــــــــــيــــــــــق
رصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــا..ص
حـــــــــــــــــــــــــــــــديــــــــــــــــــــــــــ ــــــد..."
حـــــديـــــدٌ عـــتـــيــــق لـــــمـــــوتٍ iiجـــــديـــــد!
"حـــــــــــــــــــــــــــــــد..يـــــــــــــــــــــــ ــــــــدٌ"
لـــــمــــــن كــــــــــــلُّ هــــــــــــذا iiالــــحــــديــــد؟
لـــقـــيــــدٍ ســـيُـــلــــوى عـــــلـــــى iiمـــعـــصــــمٍ
ونــــصـــــلٍ عــــلـــــى حـــلـــمـــةٍ أو iiوريــــــــــد
وقــــفــــلٍ عــــلـــــى الــــبـــــابِ دونَ الــعــبــيـــد
ونـــــــاعـــــــورةٍ لاغـــــــتـــــــرافِ iiالــــــــــــــدمِ
"رصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ا..صٌ"
لـــــمـــــن كــــــــــلُّ هـــــــــــذا iiالـــــرصــــــاص؟
لأطــــــفـــــــالِ كــــــوريّـــــــةَ الــبـــائـــســـيـــن؟
وعــــــمّــــــالِ مــرســيــلـــيـــةَ iiالــجــائــعـــيـــن؟
وأبــــــنـــــــاءِ بـــــــغـــــــدادَ iiوالآخـــــــريـــــــن؟
إذا مــــــــــــــــــــــا أرادوا iiالـــــــــــخـــــــــــلاص
حـــــــــــــــــــــــــــــــــــديــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــد
رصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــاص
رصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــاص
رصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــاص!
"حــــــــــــــــــــــــــــــــديــــــــــــــــــــــــ ـــــــــدٌ"
وأصــــــــغــــــــي إلــــــــــــــــى iiالـــــتـــــاجــــــرِ
وأصـــغــــي إلـــــــى الــصــبــيــةِ iiالـضـاحــكــيــن
وكــالــنــصــلِ قــــبـــــلَ انـــتـــبـــاهِ iiالــطــعــيـــن
وكــالـــبـــرقِ يـــنـــفـــضُّ فـــــــــي خــــاطـــــري
ســــــتــــــار، وكــــالــــجــــرحِ إذ iiيــــــنـــــــزف-
أرى الــــفــــوهــــاتَ الــــــتــــــي iiتــــقــــصـــــف
-تــــســــدُّ الــــمــــدى- والــلـــظـــى iiوالــــدمــــاء
ويــنـــهـــلُّ كــالــغــيـــثِ مـــــــــلءَ iiالـــفـــضـــاء
رصــــــــاصٌ ونــــــــار، ووجــــــــهُ iiالــســـمـــاء
عـــبـــوسٌ لـــمـــا اصـــطـــكَّ فـــيــــهِ iiالــحــديـــد
حـــــديـــــدٌ ونـــــــــــار، حـــــديــــــدٌ iiونـــــــــــار
وثــــــــــمَّ ارتـــــطـــــامٌ وثـــــــــــمَّ iiانـــفــــجــــار
ورعــــــــــدٌ قـــــريـــــب، ورعــــــــــدٌ iiبـــعـــيــــد
وأشــــــــــــلاءُ قــــتــــلــــى وأنــــــقــــــاضُ iiدار!
حـــــديـــــدٌ عـــتــــيــــق لـــــغــــــزوٍ جـــــديــــــد
حـــــديـــــدٌ.. لـــيـــنــــدكَّ هــــــــــذا iiالـــــجـــــدار
بـــمــــا خـــــــطَّ فـــــــي جـانــبــيــهِ iiالــصـــغـــار
ومــــــا اســتــودعــوا مـــــــن أمـــــــانٍ iiكـــبــــار
"ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــلام"
"حـــديـــدٌ .. رصــــــاصٌ... حـــديـــدٌ iiعــتــيـــق"
لــــيــــخــــلــــوَ هــــــــــــــــذا iiالـــــطــــــريــــــق
مـــــــــن الــضــحــكـــةِ الــــثـــــرّةِ iiالــصــافــيـــه
وخـــفــــقِ الــخُــطـــى والــهُــتـــافِ iiالـــطــــروب
فـــمـــن يـــمــــلأُ الـــــــدارَ عـــنــــدَ الـــغــــروب؟
بــــــدفءِ الــضــحــى واخـــضـــلالِ الــســهــوب؟
لـــظـــى الــحــقـــدِ فـــــــي مــقــلـــةِ iiالـطــاغــيــه
ورمــــــضـــــــاءُ أنــــفـــــاســـــهِ iiالـــبـــاقــــيــــه
يـــطـــوفـــانِ بــــالـــــدارِ عــــنـــــدَ iiالــــغـــــروب
وأطــــــــلالـــــــــهـــــــــا الــــــبــــــالـــــــيـــــــه!
"حــــديــــدٌ عــتـــيـــق.. نــــحــــاسٌ iiعــتـــيـــق"
وأصـــــــــــــداءُ صــــــفـــــــارةٍ iiلـــلـــحـــريــــق!
ومــــــــــن يـــفــــهُــــم الأرضَ أنَّ iiالـــصــــغــــار
يـــضـــيـــقـــونَ بـــالـــحـــفــــرةِ الــــــبـــــــارده؟
إذا اســتــنــزلـــوهـــا وشــــــــــــطَّ iiالــــــمــــــزار
فــــمـــــن يـــتـــبـــعُ الــغــيــمـــةَ iiالـــــشـــــارده؟
ويـــــلـــــهـــــو بـــــلـــــقـــــطِ iiالـــــمـــــحــــــار؟
ويــــعـــــدو عــــلـــــى ضــــفـــــةِ iiالـــــجـــــدولِ؟
ويــســـطـــو عــــلــــى الــــعـــــشِّ iiوالــبــلــبـــلِ؟
ومـــــــــن يــتــهـــجّـــى طــــــــــوالَ الـــنـــهــــار
ومــــــن يــلــثـــغُ الـــــــراءَ فـــــــي iiالـمــكــتــبِ؟
ومــــــــن يــرتـــمـــي فــــــــوقَ صــــــــدرِ iiالأبِ؟
ومــــــــن يــــؤنــــسُ الأمَّ فـــــــــي كـــــــــلِّ iiدار؟
أســــــــىً مــــوجــــعٌ أن يــــمــــوتَ iiالــصـــغـــار
أســــــىً ذُقــــــتُ مـــنـــه الـــدمـــوعَ، iiالـــدمـــوع
أجــــاجـــــاً ومـــــثـــــلَ الـــلـــظــــى iiبـــالـــفــــمِ،
وأحـــســـســـتُ فــــيـــــه اشـــتـــعـــالَ الــــــــــدمِ
"حــــديــــدٌ عــتـــيـــق.. ورعــــــــبٌ iiجــــديـــــد!
" حــــديـــــدٌ، رصــــــــــا..ص" لأنَّ الـــطـــغــــاه
يـــــــريـــــــدونَ ألا تـــــــتــــــــمَّ iiالـــــحـــــيـــــاه
مــــــداهـــــــا، وألا يـــــــحـــــــسَّ الـــعـــبــــيــــد
بـــــــــأنَّ الـــرغـــيـــفَ الــــــــــذي iiيـــأكـــلــــون
أمــــــــــــــــــرُّ مـــــــــــــــــــنَ iiالــــعـــــلـــــقـــــمِ
وأنَّ الــــــشــــــرابَ الــــــــــــذي iiيــــشــــربــــون
أجـــــــــــــــــاجٌ بــــــطــــــعــــــمِ iiالــــــــــــــــــدمِ
وأن الــــحــــيـــــاةَ حــــــيـــــــاةُ انــــعـــــتـــــاق،
وأن يــنـــكـــروا مـــــــــا تـــــــــراهُ iiالـــعـــيـــون:
فـــــــلا بـــيــــدرٌ فـــــــي ســـهــــولِ iiالـــعــــراق،
ولا صــبـــيـــةٌ فــــــــي الــضـــحـــى iiيــلــعــبــون
ولا هــــمــــسُ طــاحـــونـــةٍ مـــــــــن بـــعـــيـــد،
ولا يـــطــــرقُ الــــبــــابَ ســــاعــــي iiالــبـــريـــد
بــــــــبــــــــشــــــــرى، ولا iiمــــــــــــنـــــــــــــزلُ
يـــضـــيءُ الـــدجـــى مـــنــــهُ نـــــــورٌ iiوحـــيــــد
ســــخــــيٌّ كــــمــــا اســتــضــحــكَ iiالــــجــــدولُ،
ولا هــــــــــدهــــــــــداتٌ، ولا iiجـــــــلـــــــجـــــــلُ
يـــــــــــــــــرنُّ بــــــــســـــــــاقِ iiالـــــولــــــيــــــد
بـــــــأقــــــــدامِ أطـــفــــالــــنــــا iiالـــــعـــــاريـــــه
يـــمـــيـــنــــاً، وبـــالـــخـــبــــزِ iiوالـــعـــافـــيــــه:
إذا لــــــــــم نـــعـــفّــــر جـــــبــــــاهَ الـــطــــغــــاه
عـــــلـــــى هــــــــــذهِ الأرجــــــــــلِ iiالــحــافـــيـــه
وإن لــــــــم نــــــــذوّب رصــــــــاصَ iiالــــغـــــزاه
حــــروفـــــاً هـــــــــي الأنـــــجـــــمُ iiالـــهـــاديــــه
(فــمــنـــهـــنّ فــــــــــي كــــــــــلِّ دارٍ كـــــتـــــاب
يـــنـــادي: قـــفـــي واصــــــدأي يــــــا iiحــــــراب)
وإن لــــــــم تــــضـــــوِّ الــــقـــــرى iiالـــداجـــيـــه
ولــــــــم نُــــخــــرسِ الــفـــوهـــاتِ iiالــغـــضـــاب
ونــــجــــلِ الـمــغــيــريــنَ عـــــــــن iiآســــيـــــه..
فــــــــــلا ذكـــرتـــنــــا بـــغــــيــــرِ الـــسِّــــبــــاب
أو الــــلـــــعـــــنِ أجـــيـــالــــنــــا iiالآتـــــــيـــــــه!
ســـــــــلامٌ عـــــلـــــى الـــعـــالــــمِ iiالأرحــــــــــبِ
عــــلــــى الــحـــقـــلِ، والــــــــدارِ، والــمــكــتـــب
عــــلــــى مـــعـــمـــلٍ لـــلـــدُّمـــى iiوالــنــســيـــج،
عــــلــــى الــــعـــــشِّ والـــطـــائـــرِ iiالأزغـــــــــب
ولــــــولا الـــــــذي كـــدّســــوا مـــــــن iiنـــضــــار
بــــــــــــه يــســتــضــيــئــونَ دونَ الــــنــــهـــــار
تــــجـــــوعُ الــمــلايــيـــنُ عـــــــــن iiجــانــبــيـــه
ويــنـــحـــطَّ فــــــــي كــــــــلِّ يــــــــومٍ iiعــلـــيـــه
دمٌ مــــــــن عــــــــروقِ الــــــــورى أو iiنُــــثـــــار
كــــــــــــــــــــــــــــــذرِّ iiالــــــــــغــــــــــبـــــــــــار
لــــمـــــا هــــــــــزتِ الأمـــــهـــــاتُ الـــمـــهــــود
عـــلــــى هـــــــوةٍ مـــــــن ظــــــــلامِ iiالــلـــحـــود
ولــــــم تـــــــذرفِ الـــدمــــعَ عـــبــــرَ iiالــبــحـــار
وعـــبــــر الــصــحـــارى، نــــســــاءُ iiالــجـــنـــود
ولـــــــــم يــــبـــــكِ صــــرعـــــى بـــنـــيــــه iiالأبُ
جــــزوعـــــاً بـــــــــأن يـــثـــكــــلَ iiالآخـــــريـــــن
ولا ســــــــــــاءلَ الأمَّ طــــــفــــــلٌ iiغــــــريـــــــر:
"ألا بــــلــــدةٌ لــــيــــسَ فـــيـــهـــا iiســــمـــــاء؟"
-فــــــــــلا قـــــاذفـــــاتُ الــمــنـــايـــا iiتـــغــــيــــر
ولا مــــــــن شــظـــايـــا تــــســـــدُّ iiالـــفـــضـــاء-
ولا اخـــتـــضَّ فــــــي الــصــرصــرِ iiالــلاجــئـــون
ولألاءُ "يــــــافــــــا" تـــــــــــــراهُ الــــعــــيـــــون
وقــــــد حــــــالَ مـــــــن دونـــــــه iiالـغــاصــبــون
بــمـــا أشــرعـــوا مــــــن عـــطـــاشِ iiالـــحـــراب
ومــــــا اســتــأجــروا مــــــن شـــهـــودٍ iiكِــــــذاب
ومـــــا صـفّــحــوا بـــالـــردى مــــــن iiحـــصـــون
ســـــــــلامٌ عـــــلـــــى الـــعـــالــــمِ iiالأرحــــــــــب
عــــلـــــى مــــشـــــرقٍ مــــنـــــهُ أو iiمـــــغـــــرب
عـــصـــافـــيـــرُ؟ أم صــــبــــيــــةٌ iiتــــــمـــــــرح؟
أمِ الــــمــــاءُ مـــــــــن صــــخـــــرةٍ iiيـــنـــضـــح؟
وأقــــــــدامـــــــــهـــــــــا iiالــــــــعـــــــــاريـــــــــه
مــصــابــيـــحُ مـــــــــلءَ الــــدُّجـــــى iiتـــلـــمـــح،
هــتــكــنـــا بـــــهـــــا مـــكـــمــــنَ iiالــطــاغـــيـــه
وظــــلـــــمـــــاءَ أوجــــــــــــــاره الـــبــــالــــيــــه
عــلــيـــنـــا لـــــهــــــا: إنـــــهــــــا iiالــبـــاقـــيـــه
وأنَّ الـــدوالـــيـــبَ فــــــــــي كــــــــــلِّ iiعـــــيـــــد
ســتــرقــى بـــهـــا الـــريـــحُ.. جـــذلـــى iiتــــــدور
ونـــرقـــى بـــهـــا مـــــــن ظـــــــلامِ iiالــعــصـــور
إلــــــى عـــالــــمٍ كـــــــلُّ مـــــــا فـــيــــهِ نـــــــور
"رصاصٌ، رصاصٌ، رصاصٌ، حديدٌ، حديدٌ عتيق"
لـــــــــــــــكـــــــــــــــونٍ iiجـــــــــــــــديـــــــــــــــد

شناشيل
إسم الشاعر(ه): بدر شاكر السياب

وأذكـــر مـــن شـتــاء الـقـريــة الـنـضــاج فــــي الــنــور
مـــــــــن خــــلـــــل الـــســـحـــاب كــــأنـــــه الـــنـــغـــم
تـسـرب مــن ثـقـوب الـمـعـزف - ارتـعـشـت لـــه الـظـلـم
وقــد غـنـى - صبـاحـا قـبـل ... فـيـم أعــد؟ طـفـلا iiكـنـت
ابــــــــــــــــــــــــــتــــــــــــــــــــــــــســــ ــــــــــــــــــــــم
لليلي أو نهـاري أثقلـت أغصانـه النشـوي عيـون iiالحـور
وكنا - جدنا الهدار يضحك أو يغنـي فـي ظـلال iiالجوسـق
الـــــــــــــــــــــــــقـــــــــــــــــــــــــصــــــ ــــــــــــــــــــب
وفـلاحـيــه ينتظرونـغـيـثـك يــــا إلــــه وإخــوتــي فـــــي
غـــــــــــــــــابــــــــــــــــــة الـــــــــــلــــــــــــعــــــــــــب
يـصـيــدون الأرانــــب والــفــراش، و أحــمــد الـنـاطــور
نـحــدق فـــي ظـــلال الـجـوسـق الـسـمـراء فـــي الـنـهـر
ونــرفـــع لـلـسـحــاب عـيـونــنــا سـيـســيــل iiبـالـمــطــر
وأرعدت السماء فرن قاع النهـر وارتعشـت ذرى iiالسعـف
واشعلهـن ومـض البـرق أزرق ثــم أخـضـر ثــم iiتنطـفـئ
وفـتـحـت الـسـمـاء لغيـثـهـا الـمــدرار بـابــا بـعــد iiبـــاب
عـــــاد مـــنـــه الــنــهــر يــضــحــك وهــــــو مـمـتــلــئ
تكـلـلـه الفـقـائـع عـــاد أخـضــر، عـــاد أسـمــر، iiغـــص
بـــــــــــــــــــــالأنـــــــــــــــــــــغــــــــــــ ـــــــــام واللهف
وتـحـت النـخـل حـيــث تـظــل تـمـطـر كـــل مـــا iiسـعـفـه
تـراقـصــت الـفـقـائـع وهــــي تـفــجــر إنـــــه iiالــرطـــب
تـسـاقـط فـــي يـــد الـعــذراء وهـــي تـهــز فـــي iiلـهـفــة
بجـذع النخلـة الفرعـاء تـاج ولـيـدك الأنــوار لا iiالـذهـب،
سيـصـلـب مـنــه حــــب الآخــريــن سـيـبــرئ iiالأعــمــى
ويـبـعــث مــــن قــــرار الـقـبــر مـيـتــا هـــــده iiالـتــعــب
من السفر الطويل إلى ظلام الموت، يكسو عظمـة اللحمـا
ويــوقـــد قــلــبــه الـثـلــجــي فـــهـــو بــحــبــه iiيـــثـــب
وأبـرقــت الـسـمـاء... فــــلاح حــيــث تــعــرج iiالـنـهــر،
وطــــــاف مـعـلــقــا مــــــن دون أس يــلــثــم iiالـــمــــاء
شـنـاشـيـل ابــنـــة الـجـلـبــي نـــــور حــولـــه iiالــزهـــر
عـقــود نـــدى مـــن الـلـبـلاب تـسـطـع مــنــه iiبـيـضــاءا
و آسيـة الجميلـة كحـل الأحـداق منـهـا الـوجـد iiوالسـهـر
يـــــــــــــــا مـــــــطــــــــرا يــــــــــــــــا حـــــلـــــبــــــي
عــــــــــبــــــــــر بــــــــــنــــــــــات iiالـــــجـــــلـــــبـــــي
يـــــــــــــــا مـــــــطــــــــرا يـــــــــــــــا iiشــــــــاشــــــــا
عــــــــــبــــــــــر بــــــــــنـــــــــــات الـــــــبـــــــاشـــــــا
يـــــــــــــــا مـــــــطــــــــرا مـــــــــــــــن ذهــــــــــــــــب
تقـطـعـت الــــدروب مــقــص هــــذا الـهـاطــل iiالــمــدرار
قــــــــطــــــــعــــــــهــــــــا ووراهــــــــــــــــــــــــــــــــا،
وطـوقـت المعـابـر مـــن جـــذوع الـنـخـل فـــي الأمـطــار
كغرقى من سفينة سندباد، كقصة خضراء أرجاها وخلاها
إلــى الـغـد (أحـمـد) النـاطـور وهــو يـديـر فـــي iiالـغـرفـة
كؤوس الشـاي، يلمـس بندقيتـه ويسعـل ثـم يعبـر iiطرفـه
الـــــــــــــــــــــــــشـــــــــــــــــــــــــرفـــــ ـــــــــــــــــــــه
ويــــــــــخــــــــــتـــــــــــرق iiالــــــــــــــــظــــــــــــــــلام
وصـــــــــاح يـــــــــا جـــــــــدي أخـــــــــي الـــثـــرثـــار
"أنـمـكــث فــــي ظــــلام الـجـوســق الـمـبـتـل iiنـنـتـظـر؟
مـــــــــتــــــــــى يــــــتــــــوقـــــــف iiالــــــمــــــطـــــــر؟
وأرعــــدت الـسـمــاء فــطــار مـنــهــا ثــمـــة iiانـفــجــرا
شــــنــــاشـــــيـــــل ابـــــــــنــــــــــة الــــجـــــلـــــبـــــي
ثـــــــــــــــم تـــــــلــــــــوح فـــــــــــــــي الأفـــــــــــــــق
ذرى قــوس السـحـاب. وحـيـث كـــان يـســارق iiالـنـظـرا
شناشـيـل الجميـلـة لا تصـيـب العـيـن إلا حـمـرة الشـفـق
ثـلاثــون انـقـضـت، وكـبــرت كـــم حـــب وكــــم iiوجــــد
تــــــــــوهــــــــــج فـــــــــــــــــــــي iiفـــــــــــــــــــــؤادي
غـــيـــر أنــــــي كــلــمـــا صــفــقـــت يـــــــدا الـــرعــــد
مـــددت الــطــرف أرقــــب: ربــمــا ائـتـلــق iiالشـنـاشـيـل
فـأبـصــرت ابــنــة الـجـلـبــي مـقـبـلــة إلـــــى iiوعـــــدي
ولـــــم أرهـــــا. هــــــواء كــــــل أشـــواقـــي iiأبــاطــيــل
ونــــــــبــــــــت دونــــــــمــــــــا ثــــــــمـــــــــر ولا ورد

القصيدة والعنقاء
إسم الشاعر(ه): بدر شاكر السياب

جـنـازتــي فــــي الـغـرفــة الـجــديــده
تـهـتـف بــــي أن أكــتــب iiالـقـصـيـده
فــــــــــــــــأكــــــــــــــــتــــــــــــــــب
مــــــا فـــــــي دمـــــــي iiوأشـــطــــب
حــتـــى تـلــيــن الـفــكــرة iiالـعـنـيــده
وغـــــرفـــــتــــــي iiالـــــجـــــديــــــده
واسـعــة أوســـع لـــي مـــن iiقــبــري
إذا اعـــــتـــــرانــــــي iiتــــــــعــــــــب
مـــن يـقـظـة فـالـنـوم مـنـهـا أعـــذب
ينـبـع حـتـى مـــن عـيــون الـصـخـر،
حــتـــى مـــــن الـمــدفــأة iiالـوحــيــده
تــقــوم فـــــي الــزاويـــة iiالـبـعـيــده.
***
وتـرفـع الجـنـازة اليابـسـة iiالمـهـدمـه
مــن رأسـهـا تـرنــو إلـــى iiالـجــدران
والـســقــف والــمـــرأة iiوالـقـنــانــي.
مــــــــــا لـــلـــزوايــــا iiمــظـــلـــمـــه
كـــأنــــهــــن الأرض iiلـــلإنــــســــان
تــــــــريــــــــد أن iiتــــحــــطــــمـــــه
بـالــمــال والــخــمــور والــغــوانــي.
والـكـذب فــي القـلـب وفــي اللـسـان،
تـــــــــريـــــــــد أن iiتــــــعــــــيــــــده
لــــلــــغــــابـــــة iiالــــبــــلـــــيـــــده؟
وصفحة المـرآة مـا لهـا تطـل iiخاويـه
مــــــــــا أثـــــمـــــرت iiبــغــانـــيـــه،
بــــالــــشــــفــــة iiالـــــمـــــرجــــــان
تـنــيــرهــا كـالــشــفــق iiالــعــيــنــان
كـــــــــهــــــــــذه iiالــــــــــمــــــــــرآه
سـتـصــبــح الأرض بــــــلا حـــيـــاه.
وفــــــــي الــلــيــالــي iiالـــداجـــيـــه،
فـــي ذلـــك الـسـكــون لــيــس iiفــيــه
إلا الــــــــريــــــــح الـــــعـــــاويــــــه
***
وهكـذا الشاعـر حيـن يكتـب iiالقصيـده
فــــلا يــراهــا بـالـخـلــود iiتـنــبــض،
سـيـهــدم الــــذي بــنـــي، iiيــقـــوض
أحجارها ثم يمـل الصمـت iiوالسكونـا.
وحــيـــن تــأتـــي فــكـــرة iiجــديـــده،
يسحبهـا مثـل دثــار يحـجـب العيـونـا
فــــلا تــــرى. إن شــــاء أن iiيـكـونــا
فليهدم الماضي فالأشياء ليس تنهض
إلا عـــلـــى رمـــادهـــا iiالـمــحــتــرق
مــنــتــثـــرا فــــــــــي الأفــــــــــق...
وتــــــــولـــــــــد الــــقــــصـــــيـــــده