الفصل السابع
يوم الخميس التالي ذهبت جوان الى مكتبها وكان فارغا.لأن جلينا كانت تعاني من نزلة برد وظلت معتكفة في منزلها لاتفارق السرير.الأمر الذي يعني انه ليس لأحد ان يسألها لماذا تأخرت في المحكمة..ولم هذا البريق الغريب في نظرتها!
لقد مرت الآن أربع ايام منذ أن قابلت تانير في الحديقة المحاطة يشجر الأرز،وكانت قد توجهت عنده مرتين لتلقي الدروس،وكأنهما كانا قد اتفقا على ان لا يعلق احداهما على ماحدث في لقاءهما الأخير عند الحديقة.
تمت الدروس كالمعتاد ..تانير يصدر الأوامر وهي تستمر في التنفيذ ممزقة بين الضحك والرغبة التي يوقظها هذا الرجل في داخلها
لم تكف جوان عن التساؤل:اذا ماكانت ستصل الى ماتبغي غير انه في دقائق اضطرب كل شيء بالنسبة لها.
عندما دخلت مكتبها اغلقت جوان الباب خلفها.ثم بينما تميل برأسها على الجانب قهقهت:
_هل في استطاعتي معرفة مايضحكك الى هذا الحد!
فوجئت بمقعدها يتحرك فأكتشفت ان تانير يجلس مكانها ورأسه مستند الى يده.
بادرها بهدوء:
_وكأنك قد ربحت الجائزة الأولى،أو قد نجحت في قضية مهمة..لاتقولي لي أن أدارة الكهرباء قد تفاهمت مع الآنسة رودال؟
ابتعدت جوان عن الباب واتجهت نحو تانير ثم وضعت كفيها على حافة المكتب.
وعلقت مبتسمة:
_-امامي-بحذائه المعفر والجينز القديم.
ثم استطردت امام دهشته!
_كانت لدي الرغبة أكثر من مرة خلال العامين الماضيين في خنقك.وأكثر من ذلك لقد تمنيت لك الموت احيانا ألا أنه وجب علي الآن ان أقر بصراحة ان تانير ويست متمرد مدينة ديكتون عبقري حقيقي..لو كنت أضع قبعة الآن لخلعتها لتحيتك،وبماأنه لايوجد لدي قبعة فأني مضطرة أن أشد على يد من حقق معجزة.
وأمام طلعته المنزعجة قهقهت مرة أخرى:
_لا لست فاقدة للوعي!لاتخف.
ابتعدت عن المكتب وشبكت ذراعيها وقفت تتأمل محدثها قائلة:
_ألا ترى ياسيد ويست أنك رجل مكار..لاريب في أنك تعرف الكثير عن النساء اكثر من كل رجال المدينة مجتمعين.
وبخفة مرت جوان خلف مقعد تانير ووضعت يديها على ظهر الكرسي..ثم مالت عليه وبشفتيها لمست رقبته.
_احزر..فكر..ماذا ترى!
قبض على يديها بعد أن نفذ صبره وألزمها ان تعود أمامه حتى يتسنى له رؤية وجهها.
_أرى فيك أمرأة مشرقة مبهجة..هل طلبك ديف للزواج؟!
أجابته قبل أن تجلس على.
_لا!بالمرة لقد اصبحت حساسة بفضل مواهبك والأكثر من ذلك جذابة متقدة.
قال تانير مترددا:
_لا أدري انما أرشح ..
قاطعته:
_ان التواضع لايتفق مع شخصيتك ياتانير ألا تفهم ذلك!كنت تقول لي أنك ستعلمني كيف أجذب الرجال وهأنت نجحت.
جلست على الكرسي في مواجهة تانير وقد بدا عليها التعب.
-لقد قابلت منذ برهة ديف في المحكمة ..وتناقشنا في موضوع عادي بطريقة طبيعية
ولم أشعر بالحاجة لوضع يدي على ذراعه للفت انتباهه ولا ان أضحك ايضا،
ألا أنه كان ينظر لي هذه المرة نظرة تختلف عن نظرته الماضية لي بطريقة غير معتادة من الصعب ان اصفها لك.
وبأبتسامة ماكرة أكدت:
_لقد حددنا موعد لقائنا مساء غد للعشاء.ثم الرقص بعد ذلك.
ثم أضافت وهي تميل نحوه:
_لقد سألته عن ليندا فأخبرني بأنها سافرت الى نيويورك لكنه يتوقع عودتهل لأنها تركت كل اشيائها في المزرعة.لم يكن يبدو عليه حقيقة الأهتمام بها..كان يبدو..
ولما لم يبد تانير أي رد فعل توقفت جوان لتسأله:
_لماذا لم تقل شيئا!
ألتفت تانير وقد بدا عليه التفكير وأخذ يحك ذقنه قائلا:
_لست أدري!
فسألته وقد تملكها الغيظ.
_ماذا تقصد ديف قد أعطاني موعدا أنه لاحظ التغير الذي طرأ علي.
فأجاب وهو يهز رأسه:
_حسنا كبداية نقول حسنا!لكن ماذا سيحدث أذا ماخرجتما معا غدا؟وفجأه تعودين الى ماكنتي عليه؟
أننا لم ننه الدروس ياجوان.
مازلت أشعر ان فيك طابع الأمريكية التي...
_لكني كنت أعتقد..
_اسمعيني جيدا ياجوان أنا لاينبغي ان احطمك فلقد حققت تقدما كبيرا.واذا لم تشعري بالتغيرات التي طرأت عليك فهي مما لاشك فيه واضحة في طريقة تحركاتك في مظهرك،في انفتاحك على العالم كما أن أرتداءك هذه الملابس الحريرية الشفافة لا تزعج احد.
احست جوان بالأحمرار يكسو كل جسدها عندما شعرت أن قميص نومها الأحمر يبدو ظاهرا من تحت ملابسها.
اكمل تانير حديثه وهو يبتسم:
_لاتنظري الي هكذا,,انا لم أعد أتجسس عليك ولم اسأل بولا شيئا.انني أحسه فقط.
نهض ودار حول المكتب ثم قال:
_ثقي بي ياجوان نحن لم ننته بعد.تعالي هذا المساء سنقوم بتجهيز عشاء يعوض هذا التكرار الممل.
_ألك دراية بشؤون المطبخ!
_نعم اعلم جيدا واذا ماحاولت فأنا أجيد ما أكلف بعمله.
ثم أضاف قبل أن يخرج:
أنها أفضل وسيلة تجعل الناس يتذكروني.
*************************
غطى تانير المائدة بفرش ابيض وكانت شمعة واحدة تضيء الحجرة,وهذا كما وضح لجوان لخلق جو مماثل للأماكن التي سوف يصطحبها ديف اليها.
سألته جوان وهي تراقبه يتصرف امام الموقد.
كيف توصلت الى ماأنت عليه؟!
ولما لم تحصل منه على رد أضافت دون ان تبدي اي سخط:
_حتى الآن لا أفهم ما أنت تسعى لتحقيقه.الآن بت قادرة على تناول الحديث بمرونة اثناء العشاء ولا اشك ان تصرفاتي فيها ماسيسبب الضيق لديف.
_ان ماتقومين به لاعلاقة له البتة بأصول الأتيكيت ان هدفنا الآن هو ان تستمري بالقيام في اغراء ديف من خلال قيامك بأي شيء آخر.
سألته جوان بأرتياب:
_وهل سأصل الى هذا من تلقاء نفسي!
_بالتأكيد نعم!لذا يجب عليك استخدام سحرك في جعله يتمنى بقاءك الى جواره أطول فترة ممكنه ليصل الى معرفة المزيد عنك.
ولما اقترب تانير ليضع طبقا نحوها رفعت عينيها اليه ثم قالت:
_اعلم اني جئت لأراك لكن احيانا يعتريني احساس ب أنه تصرف غيرشريف
_لاياجوان انه امر طبيعي.
وقبل ان تبدأ في الأكل.
_اعرف جيدا انه لست انت من أعد هذا الطعام.الست محقة في ذلك!لقد أحضرته من مطعم اورسكوب انه المكان الوحيد في الولايات المتحدة الذي يقدم اطباق الفطائر هذه.
فأجاب وهو يصب لها العصير في كوب:
_عندما قلت لك اني أعرف اصول الطهو لم أقل لك اني سأقوم بأعداد الطعام..
قال مستطردا:
_اما ماسنفعله اثناء العشاء هو مناقشة مواضيع ساخنة،ربما يكون في البداية صعبا عليك لأن ذهنك لم يعتد على ذلك وعليك التخلي عن اسلوبك وتعليقاتك الطفوليه،على كل كلمة من كلماتك ان تكون مثيرة.
ولما انتهى العشاء رفع المائدة معلنا:
_الآن انها ساعة درسنا للرقص.
قالت جوان بدهشة:
_الرقص!في امكاني الرقص!
_تعرفين رقصة المدينه!
_لا لأني مع جوني كنا معتادين..
قاطعها تانير مبتسما من زاوية فمه.
_ان ترقصا سلو أو روك انك لا ترقصين رقصة المدينه.
ثم فتح الراديو باحثا عن المحطة التي تذيع الموسيقى 24 ساعة.
_الآن نبدأ ببطء,,لاتنزعجي..انظري لي..خطوة خطوتين ثم انزلاقة قدم وهكذا اتفقنا!
ثم علمها كيف يتشابكان واضعا يده على عنقها ممسكا بيدها باليد الأخرى ثم قال لها:
_الآن ضعي انت يدك على خصري.
قالت جوان لنفسها ن واحد.انه ينتهز الفرصة.
ووسط ضحكات مرحة تممت الدرس بكفاءة.
_اتفقنا ! حقا اني كنت في احتياج الى هذا الدرس لقد اكتشفت اني اجهل اصول الرقص،والآن ماذا سنفعل؟
_سنجلس في مواجهة بعض لتناول المرطبات.خذي رشفة ثم تلذذي بالشراب على شفتيك وانتي تثبتين نظرك علي..في عينيي..
_لاياتانير لا أستطيع القيام بهذا الدور..انها سخافة.
اسكتي وافعلي ماأقول لك.
نفذت جوان أوامره وهي غير راضية وحينئذ رأت اهتمامه مركز تماما على فمها.
_آه!لو رأيت سحر عينيك.
قال هذا متمتما.
فالتفتت جوان محرجة ثم استفسرت؛
_ترى هل أجدت!لم أعتقد ان التلذذ بالشراب على الشفتين له هذا الأثر على من يلاحظك!
_وبأمتياز
وفي اثناء تناولها لباقي العصير انتابتها نوبة كحة شديدة مما جعل العصير ينسكب على ملابسها،
فقال لها ضاحكا؛
_آه لوحدث ذلك وانتي مع ديف لأفسد ذلك الأمر كله.
_آه كفى!ارجوك!لاتسخر مني ..لاأعتقد ان هذا من الممكن حدوثه معه
_لاتنزعجي اخلعي قميصك وسأضعه في الغسالة.
_هل عندك غسالة!
_غسالة ومجفف ايضا أتظنين اني اذهب الى النهر كل صباح لأغسل ملابسي!
دون ان تجيب سارة جوان خلفه الى الحجرة وناولها روب نوم حريريا قائلا:
_ارتدي هذا الى ان تجف ملابسك..انه هدية..التي قدمته لي لم تمكث معي طويلا لتعرف بأني لست النوع الذي يلبس روب نوم حريريا.
دخلت جوان المكان الصغير جدا الذي يمكن اعتباره حماما،وخلعت ملابسها وناولتها لتانير من الباب الذي كان مفتوح قليلا،
وتفحصت المكان ظنا منها انه من الممكن ان تأخذ دشا..كان يوجد حوض تعلوه مرآة مضاءة..كرسي خشبي صغير..دولاب يحتوي على مناشف ولكن لايوجد بانيو ولاحتى دش.
-تانير اين البانيو؟!
_ليس لدي بانيو استخدمي الدش.
_أنا لاأرى دش؟
_افتحي الباب المواجه لك.
لمافتحت الباب صاحت:
_تانير انت تضع الدش خارجا تحت السماء!
وفتحت الصنبور واندفعت تحت تيار الماء واقشعر بدنها في باديء الأمر عند ملامسة الماء البارد له ثم اعتادت
برودته.
_ممتع اليس كذلك!
فصرخت منزعجه:
_أين أنت؟
_الى جانبك.
فألتفتت محاولة ستر جسدها.
-اني متأكد انكتتوارين الآن لاتقلقي لاأرى شيئا.
قالت وهي تدرك بأنه لايستطيع ان يميز شيئا عبر السطح:
_انني اسخر من نفسيناستمر في حديثك.
_افعلي اي شيء وكأنني لست موجودا.ارفعي عينيك الى السماء ياجوان اليس هذا المشهد برائع!ألا يسحرك منظرها؟
رويدا رويدا اخترق صوت تانير العذب ذهن جوان التي استرخت ونسيت عصبيتها.
قال مواصلا حديثه
اسرحي بخيالك ياجوان لقد رأت السماء
قصص كل الرجال السعداء والتعساء،الهادئين والعنفاء.
استمعت جوان التي اثارها الفضول الى مايرويه تانير بكل ود ودون ان تدرك ابتعدت عن الصنبور واستندت برقة الى الجدار.
ان كونك على هذه الحال الآن ياجوان هو الشيء الطبيعي في هذا الكون هذه الطبيعة توجد بداخل كل واحد منا.
وكباقي الكائنات ينجذب الذكر الى الأنثى لأستمرار الأجيال وهي سنة الحياة وقد باركتها الأديان السماوية.
كان صوته يزداد شيئا فشيئا دفئا وحرارة وتكسوه جاذبية تمكنت من جسد جوان ببطء.
ان هذا الحديث يعكس ماكان يريد تانير قوله لها منذ اسابيع,ترى هل هو على حق!هل هي ايضا عندها هذا الأستعداد الطبيعي!
وفجأة سمع نبرتها المتذمرة:
_لقد ابتل شعري.
_ياخسارة.لاتتضايقي ياعزيزتي ليست كارثة ان يبتل شعرك.
المرة القادمة سيكون درسنا تحت المطر.
_لا لا داعي لدروس اخرى، ارى انه يجب ان اعود لتجفيف شعري.
خرجت جوان حينذاك من الحمام وهي ترتدي قميص نوم مدهش للغاية.
قال تانير وهو يواصل كلامه:
_هل تخيلتي مشهد الحب؟
اجابته وهي تتنهد:
_نعم..نعم
داعب تانير في ذلك الوقت كتفيها العاريتين.انها حركةمفاجئة واسرها سريع ومفاجيء على جوان التي شعرت بصدمة كهربائية تجتاحها.
-جوان ماذا بك؟ّ!
_لاشيء..لاشيء على الأطلاق.
بينما كانت تحاول التحكم في نفسها داعب تانير ظهرها ومرة اخرى سرت رجفة في انحاء جسدها .ارجعت جوان رأسها الى الخلف وعندما سمعته يتكلم ضاعت كلماته في ضباب خيالها.
سألته برقة:
-ماذا قلت؟لم أفهم؟
_اقتربي مني أكثر ياجوان
فكرت جوان في انه ينبغي ان تبتعد..وفي الحال حتى لاتترك نفسها لأغرائه.لابد عليها..
لكن قبل ان تنوي ذلك كان قد اقترب منها بشدة.
قال وأصابعه تتحسسها:
_أتذكرين عندما قلت ان مفهومك للحب ليس كمفهومي؟هل تضايقك فكرة ممارسة الحب ياجوان تحت ضوء القمر؟
هل اخذ ماترغبين فيه دون ان تقلقي يشأن احترامك للأعراف يكدرك ايضا؟!
لم تكن كلمات تانير تصل الى عقل جوان مباشرة وانما كانت تصل الى جسدها وتدفهعا الى الأقتراب منه كثيرا.
زاد اثر الجاذبية التي يمارسها عليها.
اغمضت جوان عينيها وهي تكتم تأوهات رغبتها..لابد حتما ان تستطيع السيطرة على نفسها وان تهرب قبل ان..
ابتعدت عنه فجأة كان يلزمها بعض الوقت حتى تعود ضربات قلبها الى ايقاعها الطبيعي-حاولت وهي تستند على الحائط ان تهديء نفسها وتتنفس بطريقة منتظمه.
جلس الأثنان على الأريكة يتحدثان عن الدرس الذي انتهيا منه للتو.
حاولت جوان طوال فترة محادثاتهما ان تعود بأفكارها الى الوراء وان تصبح الأنسانة التي كانت عليها قبل ان تطلب مساعدة تانير.
لكن هذا كان بلا جدوى.انه لايمكنها الرجوع.
لقد عرفت الكثير عن العاطفة والحب والرغبة.أيقال للزهرة عودي بذرة؟!
تأكدت عندما نهضت ان تانير يتأملها بعين ثاقبة وبأبتسامة ماكرة تعلو شفتيه.
سألته:
_لماذا تنظر الي هكذا!
_اذا كنتي تريدين اثارة ديف انصحك بأرتداء هذا الروب في امسية الغد.
اخفضت جوان رأسها ببطء وأدركت بفزع ان الروب يكشف عن صدرها.
لم تنطق اي كلمة عندما ضبط تانير الروب وغطى صدرها العاري ثم ربط الحزام حول خصرها.
قال لها:
_هيا ادخلي وارتدي ملابسك وعودي الى المنزل لتستريحي استعدادا لسهرة الغد.
بعد لحظات ركبت جوان سيارتها وقبل ان تنصرف ألقت نظرة أخيرة على منزل تانير.لماأدركت انه واقف امام الباب لم تستطع ان تمنع نفسها من التفكير في جسديهما العاريين تحت ضوء القمر.
نهاية الفصل