كاتب الموضوع :
المجنون
المنتدى :
المنتدى الاسلامي
نتابع
مصارع العشاق
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ، وبعد .
فهذه بنات فكر ضمرت مرائرها ، وسرحت ضفائرها ، سموها ما شئتم : مقامات أدبية ، أو صولات خطابية ، إلياذة أو ملحمة ، المهم أنني آمن بأفكارها ، وتبطنت أسرارها ، جعلت عنوانها ( مصارع العشاق ) . فإن كنتم منهم حصل الاتفاق ، وإلا فالسماع يكفي ، والقراءة تشفي .
* نحن أمة تسال عن دم البعوضة ، وتريق دم الحسين !!
لبست قمص المثنى بن حارثة ، وفي يدها حربة بابك الخرمي .
* حج محمد ، عليه الصلاة والسلام ، ليقول للحجاج : ( أنا كأفقركم ! ) ففهمها الفطناء ، لكن أبا جهل ما حضر الموقف ..!
* عرب بلا عمر .. وأكراد بلا صلاح الدين .. وترك بلا فاتح .. وأفارقة بلا بلال .. لا قيمة لهم .
* جسم الأمة كله جراح يوم عرفة : جؤار البوسنة والهرسك أخجل أهل الموقف ، وخلاف الأفغان أزعج المحرمين ، وضياع بيت المقدس نكس رؤوسنا عند الصخرات .
* من لم تنفعه عينه ، لم تنفعه أذنه .. ونحن كذبنا ما سمعناه بآذاننا ، وقد رأيناه بعيوننا .
لقد نصحتك عينك في نهار من التبيانِ حتى سال ماؤها* حج عمر فأنفق عشرين درهماً ، وقد ختم بالرق على عنق كسرى وقيصر ، وقد حججنا ندوس الحرير ونستخشن الديباج ، ونحن نسبح للرق في أدبار الصلوات !!
أما الخيام فإنها كخيامهم وأرى رجال الحي غير رجالها* صحن طعامنا مكسور ؛ لأنه ما صنع في المدينة ، وخيمتنا ممزقة ؛ لأن أطنابها مستورة ، ونسينا ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ) (النساء: من الآية65).
* نحن ثلاثة حجاج ضاع رابعنا !
حاج في عرفة ، وما له في البنك ألربوي ، وحاج في مزدلفة ، ولكنه بات مع نغمة ووتر ، وحاج رمى الجمرات ، وأشعل في قلوبنا الجمرات ، والرابع أشعث أغبر ، رفعت دموعه إلى العرش .
لا تسل عن خلدي قد ضاع مني عدني في زحمتي أو عد عني* عشق بلال الجنة ، فأمهرها ركعتين مع كل وضوء ، فسمع صاحب العقد دفي نعليه باب المخطوبة ، فعرف أن ليلة العرس حانت :
ألم ترى أني كلما زرت زينباً وجدت بها طيباً وإن لم تطيب
وقصر بلال تلوح عليه أحرف : (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (الزخرف:72) .
وعشق أبو جهل النار فصعبت عليه لا إله إلا الله ؛ لأن نافخ الكير تزكمه نفحة المسك .
قيل لأبي جهل : قد أقام بلال الصلاة ، فصل وراء الإمام ، فقال لست على وضوء ، فمات قبل أن يصلي .
قيل لأبي جهل : لماذا تدخل النار ؟ قال : لأني عاشق !
لا تلمني في هواها والجوى فأنا من لومكم في صمم
صاح في وجه أبي جهل لسان القدر : ( وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) (فصلت:19) .
* أبو مسلم الخراساني .
عشق الإمارة حتى الثمالة ، فعاش من أجلها وهاش ، وسكر من حبها وطاش ، وبقر بطون المساكين بالخنجر ، فبقر بطنه أبو جعفر (9):
كل بطاح من الناس له يوم بطوح
تعلق بغير الله فعلقه أقرب الناس إليه من قدميه ( وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأنعام:129) .
أبعين مفتقر إليك نظرت لي *** فأهنتني وقذفتني من حالقي
لست الملوم أنا الملوم لأنني *** علقت آمالي بغير الخالق
جعل الرياسة تميمة في عنقه، وقد قال المعصوم ، عليه الصلاة والسلام :( من علق تميمة فقد أشرك ) (10).
عشق أبو مسلم الخراساني المنصب فما تراجع عنه ، والتراجع حرام عند العاشقين .
* مات الجعد بن درهم في حب البدعة ، فما أحس للذبح في هوى المحبوب ألماً ، فلماذا يألم أهل السنة من الذبح في حب السنة ، والله يقول :( إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ ) (النساء: من الآية104) .
سقيناهموا كأساً سقونا بمثلها *** ولكننا كنا على الموت أصبرا
خرج خالد القسري على الجعد بن درهم بالسكين ، فما تاب المسكين ؛ لأنه عاشق ، والعاشق يقول :
والله لو قطعوا رأسي لأهجرها *** لسار نحو هواها في الحمى راسي
الجعد بن درهم : ممن زين له سوء عمله فرآه حسناً .
صاح النذير لأبطال السنة بلسان : ( إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ )(آل عمران: من الآية140) فما أحسوا لمس حسا !
* تحدى أحمد بن حنبل الدنيا في حب مبدئه الحق ، فتكسرت السياط على البساط ، وأبو عبد الله يضحك في وجوه المنايا ، والوحي يهتف به : ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ) (الفرقان: من الآية58) . ليعلم أحمد أن : المتوكل سوف يتولى ، والمعتصم يموت .
* في قاموس أحمد بن حنبل : حديث قدسي : ( وعزتي وجلالي ما اعتصم بي أحد فكادت له السماوات والأرض إلا جعلت له من بينها فرجاً ومخرجاً ) .أراد أهل البدعة أن يصرفوه عن الحق فما انصرف ، لأن أحمد ممنوع من الصرف !
عجباً كيف شربت الموت شربا *** وجعلت السيف للعلياء دربا
عجباً كيف تحديت الملا *** وسقيت الرمح حتى صب صبا
كنا أطفالاً نسمع بأحمد بن حنبل ، فحسبناه مفتياً في الزوايا ، فلما كبرنا علمنا أنه معلم جيل ، وشيخ حياة .
* عشق الدماء الحجاج بن يوسف .. كما عشقت امرأة العزيز يوسف ! فجرد السيف على الملة ، فشقي بسعيد ، وكسر بابن جبير منارة الدين .
الرجل محنط في الدماء فما سمع من سكاره : ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93) .
* أحد الفنانين رقص على نغمة :
أخبروها إذا أتيتم حماها *** أنني ذبت في الغرام فداها
وتراقصت أطراف جعفر الطيار على زمجرة :
يا حبذا الجنة واقترابها *** طيبة وبارد شرابها
طارت روح جعفر إلى الجنة ، فأعطاه مولاه جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء ، والذي يطير أعظم ممن يسير .
نطير إليك من شوق الحشايا *** وبعض الناس نحوكم يسير* حمل أبو بكر الصديق الصدق فصار في قافلة : ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ) (الزمر: من الآية33 ) فسمي الصديق ، فلا يعرفه العالم إلا ( بالصديق ) وصار خليفة الصادق المصدوق .
وحمل مسيلمة الكذاب رداء الكذب ، فهو زنزانة ( أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (هود: من الآية18) فلا يعرف مسيلمة إلا ( بالكذاب ) .
أراد خالد بن الوليد أن يداوي مسيلمة الكذاب من الكذب ، فما نجع الدواء ، فقطع رأسه ، ليزول الألم بالكلية !!
عشاق الصدق كثير يموتون من أجله ، وعشاق الكذب أكثر يقتلون تحت نعليه !
* جرحت أصبع رسولنا ( صلى الله عليه وسلم ، فسال الدم الطاهر فقال :
( هل أنت إصبع دميت *** وفي سبيل الله ما لقيت ) (11)
لأن من قرب روحه للرحمن ، لا يحزن على إصبعه ، ومن انتظر أن يسيل دم ظهره ، لا يبكي على دم ظفره .
* حرام بن ملحان طعن بالرمح من قفاه ، فأخذ من دم صدره ، ورش القاتل وهو يقول : فزت ورب الكعبة ! شهد له دمه أنه محب وأقام دليل المحبة ، فسلوا رمح القاتل .. ( فالبينة على المدعي واليمين على من أنكر ) .
يأتي حرام بن ملحان يوم القيامة ، وكلمه يدمي ، الريح ريح المسك ، واللون لون الدم .
تفوح أرواح نجد من ثيابهم *** عند القدوم لقرب العهد بالدار
الشيح والكاد والريحان قد عقبت *** يا موقد النار أطفئ شعلة النار
* دخل المهدي خليفة بني العباس المسجد ، والعلماء جلوس ، فلما رأوه قاموا ، وقعد ابن أبي ذئب ، لأن الذئاب لا تقوم للثعالب ، فقال له : لمَلم تقم لي ؟ قال كدت أفعل فذكرت : ( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (المطففين:6) . فتركت القيام لذاك اليوم ، فقال الخليفة
اجلس فقد أقمت شعر رأسي ! . فقامت الدنيا لابن أبي ذئب ؛ لأنه ما قام ، والقيام مع القدرة ، ولا قدرة لمن يدخر قيامه لمولاه !
* مد سعيد الحلبي رجله في المسجد ، فدخل السلطان عليه فما رد رجله ، فأعطاه مالاً ، فقال سعيد : إن الذي يمد رجله لا يمد يده ، ولو مد سعيد يده لقطع السلطان رأسه !
أنا لا أرغب تقبيل يد *** قطعها أحسن من تلك القبل
إن جزتني عن صنيعي كنت في *** رقها أولا فيكفيني الخجل
يتبع
|