كاتب الموضوع :
lona-k
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
-24-
وفجأة دخلت راشل إلى الشاليه وقطعت بسرعة غرفة الجلوس ودخلت إلى غرفة بن. ولحسن الحظ كان بابها مفتوحا, وكانت الصورة لا تزال في الجارور حيث رأتها في المرة الماضية. فأمسكتها وأخذت تتأملها إنها نفسها كريسي او هانلون.
لم تكن راشل قد سمعت توقف صوت مياه الدوش ولا وقع خطوات تقترب. وأحست بنظرات تتأملها فنهضت ورفعت نظرها.
كان يلف جسده بمنشفة رطبة ولا يزال شعره مبللا كانت تعابير وجهه غريبة وأخيرا عرفت السبب.
"إنها أختك؟" سألته بصوت ضعيف.
"أنت لا تريد أن تقابل ايميت من أجل كتابك أنت تريد أن تنتقم منه"
"نعم"
كان جوابه يمزق قلبها فحتى الألم لا يخترقه
"هل تريد أن تقتله؟ أم أن تشي به إلى السلطات؟"
اعتقدت أولا بأنه لن يجيب أبدا. فأقترب منها بن وأخذ الصورة من يديها.
"أولا سأضربه ثم اؤذيه وبعد ذلك سأسلمه للسلطات أنه لا يستحق أن أقتله وأصبح مجرما مثله. لقد حطم حياة العديدين ولا أريد أن يحطم حياتي أنا أيضا"
"أعتقد أن هذا قد وقع وماذا تخبئ لي أنا؟ لكن لا ضرورة بهذا السؤال أليس كذلك؟....."
لم ينطق بن بأية كلمة. كان وجهه كأنه قناع لا يمكن معرفة حقيقة تلاميحه. فابتسمت راشل بحزن.
".... لقد وجدت الانتقام الكامل بالصدفة فقط ولو أنني لم احضر إلى كووي في يوم جميل. كنت ستسعد أكثر بإرسال أخي إلى السجن فايميت مسؤول عن موت أختك. هذا ما تعتقده أنت. ولهذا السبب تريد أن تدمرني. فأنت لاتنوي أن تقتلني أنا أيضا. أليس كذلك؟ بل كل ما تريده أن تجرح قلبي. أخت ايميت بدل أختك. العين بالعين والسن بالسن هذا رائع"
كانت تتمنى أن ينفي كل ذلك. وأن يقول لها أنت مجنونة فأنا أحبك وأريد....
"أنا آسف" قال بن وهو يتنهد.
فصفعته راشل بقوة ثن تأملته بدهشة لقد ارتفعت يدها دون أن تشعر. ثم أسرعت وخرجت من الغرفة وركضت نحو الشاطئ يائسة. وظلت تركض حتى وصلت إلى المياه فتعثرت رجلها ووقعت على الأرض. وأجهشت بالبكاء المر.
بالبكاء على والدها الذي لا تعرفه على جديها على أخيها وعلى كريسي على كل الناس الذين تخلو عنها.
لكن أكثر بكائها كان على بن او هانلون الذي كذب, وكذب, وكذب. بكت كثيرا على راشل.
ظل بن واقفا ينظر إليها وهي تخرج من الشاليه. لقد تركته وقد تكون تركته للأبد. أراد أن يتبعها ويمسكها ويشرح لها.....
ولكن ماذا سيشرح لها؟ بأنه فكر لمدة قصيرة بعد وصولها بأنه سينتقم منها؟ أم أنه كان دائما ينوي أن يعاقب ايميت على جريمته ويستمر في علاقته معها؟ اسمعي يا قلبي سأذهب وأحاكم أخاك ثم أعود لأقضي الليلة معك موافقة؟ أوه ستقبل بسرور!
ووقع نظره على صورة كريسي. راشل أيضا هي أخت صغيرة وبريئة إنها ضحية مبادئ كبيرة وحماقة بشرية. فبأي شيء سيتفوق هو على ايميت شاتدلر؟ أليس هو مستعد للتضحية براشل تحت أسم العدالة والإنتقام؟
لكنها لن تذهب بعيدا سيرا على الأقدام فكر بن وأتجه نحو الشرفة. إن أثار أقدامها تتجه نو اليسار وهناك لا يوجد مساكن في ذاك الاتجاه. لا يوجد غير الصخور فلا خطر عليها. فعاجلا أم أجلا ستعود إلى الشاليه وسيكون هو بانتظارها.
فتنهد وجلس على درابزين الشرفة وأشعل سيجارة. القمر سيتأخر في هذه الليلة. وتذكر بأنها تخاف الظلام! إنها تخاف من كل شيء من الطائرات ومن مياه البحر ومن العاصفة.... وعلى العكس لقد أحبته هو بدون خوف هل يجب عليه أن يذهب للبحث عنها؟
لا تكن سخيفا يا بن فأنت أخر شخص تحتاج إليه راشل في هذا الوقت. إذا لم يكن باستطاعتك أن تتخلى عن مطاردة ايميت فعلى الأقل دعها بسلام.
فتنهد وسحب سحبة من سيجارته ثم رماها على الرمال. غنه لم يذهب للبحث عنها. سينتظرها هنا مهما كلفه الأمر. لجأت راشل إلى صخرة تحتمي فيها من الهواء القوي في هذه المنطقة من الجزيرة. وهنا في هذا المكان وجدها بم بعد عدة ساعات كانت نائمة وتضع رأسها على ركبتيها. وكان القمر قد أرتفع في السماء. ووقف بن يتأملها وكأن حاستها السادسة أيقظتها فنظرت إليه.
"إذهب من هنا" قالت له بهدوء.
"لقد تأخرت كثيرا راشل هيا عودي إلى البيت"
"لا لن أعود أبدا إلى هناك" أجابته بنفس الهدوء.
وكان ألمها كبيرا لكن لا بأس فإن ألم القلب أكبر.
"لا يمكنك أن تقضي الليل كله هنا. ففي الصباح يصبح الطقس باردا وأنت لا ترتدين ملابس سميكة" قال لها بإلحاح.
لعنة الله فقبل وصوله لم تكن تشعر بالبرد.
"سأبقى هنا" واعترتها رعشة جعلت صوتها يرتجف.
"هيا تعالي فأنا لن أدعك هنا"
ومد يده نحوها فانتفضت وصرخت.
"لا تلمسني!"
فسحب يده"
"حسنا تعالي معي عودي إلى المنزل وأعدك بأنني صباح الغد سأوصلك إلى حيث تشائين"
"إلى المطار فهذا يناسبني"
فهز بن رأسه.
"أول طائرة تقلع في العاشرة والنصف. وهناك أخرى تقلع في الظهر ثم تقلع الثالثة في الساعة الثانية"
"سأسافر على متن الطائرة التي تقلع في العاشرة والنصف"
فنهضت وشعرت بالألم في كل جسمها. وعندما وقفت كادت أن تقع فأسرع بن وأمسكها. فتراجعت وكأنه نار تحرقها.
فهي لا تتحمل أن يلامسها أبدا. وكانت دموعها قريبة جدا لكنها لن تبكي أمامه. فهي لن تقبل شفقته وندمه غنها فقط ترغب في حبه.
"هل تشعرين بتحسن. أظن..."
"سأعود إلى الشاليه لكن لوحدي وعلى شرط أن لا تكلمني وابقي بعيدا عني"
كانت تتمنى أن تقول له لا خذني بين ذراعيك وقل لي بأن ذلك ليس صحيحا وبأنك لن تؤذي أخي ولن تؤذني أنا أحبك بن لا تتخلى عني كما فعل الجميع.
وقطعا معا الكيلو مترين الذين يفصلان بين الصخور وبيم الشاليه وهما صامتين يسيران خلف بعض دخلت راشل إلى غرفة الجلوس وقبل أن تدخل إلى غرفتها ألتفتت خلفها رغما عنها ونظرت إليه.
على الشاطئ كان وجهه في الظلام فلم تنتبه له أما الآن فقد لمحت بوضوح آثار يدها على وجهه بعد تلك الصفعة القوية. وكانت نظراته خالية من الإتهام ومن السخرية لا إنها تعبر عن حنان قوي يشبه الحب لا هذا كثير.
"كاذب, أنت كاذب" وأسرعت لتدخل غرفتها.
وبسرعة البرق أقترب منها وأجبرها على النظر إليه وحبسها بين ذراعيه خلف الحائط وضغط بكل جسده عليها فأحست راشل برغبة الرجل الجامحة. واشتعلت النار في كل كيانها. وعندما رفع بن رأسها بين يديه أخذ قلبها يدق بسرعة. وكأنه يناديه فارادت أن تتخلص منه لكن جسدها خانها. ففتحت شفتيها والتصقت به أكثر...
كانت قبلة عقاب حارة. مزيج من الغضب ومن الحب جعلتها تنسى المقاومة فأحاطت عنقه بيديها. واستجابت لقبلاته الحارة. غنهما ينتميان إلى بعضهما. ولن يغير شيء هذه الحقيقة. ولكن فجأة دفعها بن فاصطدم ظهرها بالباب فنظرت إليه بعيون متوسلة. لكن نظرات بن كانت تلمع بغضب.
"أدخلي ونامي" أمرها بن بقسوة.
"ولكن..."
"لا أريد أن أعطيك سببا إضافيا لكرهي أدخلي ونامي راشل فورا"
هذا أمر فأطاعته ودخلت إنه على حق فكرت وهي تصفق الباب وراءها. إن لديها أسباب كافية لكي تحتقره. وإذا استسلمت لرغباتها وإذا قضت ليلة معه وهي تعلم بأنه يريد أن ينتقم من أخيها ستستيقظ في اليوم التالي وقلبها مليء بالكراهية...
عندما أستيقظت راشل من نومها لم تدر للحظات أين هي. فمدت يدها بدون تفكير كي تجد حبيبها الذي نامت معه ليلة أمس. لكن يدها وصلت إلى أخر السرير الضيق فعادت إليها ذاكرتها. إن هذا اليوم سيكون طويلا ومتعبا. فهذا المساء ستجد نفسها في شقتها في باركلي. وغدا ستعود إلى عملها كمساعدة اجتماعية.
الله وحده يعلم كم تحتاج هي إلى المساعدة في هذا اليوم! وأخيرا لم يكن وقتها قد سمح لها بشراء روب حمام جديد. أوه إنها الآن لم تعد بحاجة إليه. فلفت نفسها بالشرشف ودخلت إلى الحمام. ومع قليل من الحظ لن ترى بم قبل موعد الذهاب إلى المطار.
ماذا سيقول للعم هاريس فإن هاريس لا يشك بهدفه الحقيق وتخيلت ردة فعله عندما سيكتشف حقيقة هوية بن! فالعائلة لم تكن يوما تحب الصحفيين ولن يسامح أحد هاريس على تغذية هذه الأفعى وإرضاعها من ثديه.
في الساعة التاسعة والربع لبست راشل التايور الذي وصلت به إلى الجزيرة وانتعلت صندلها. ووضعت الحلق في إذنها ووضبت حقيبتها ووضعت في حقيبة يدها الكثير من المحارم الورق. إنها بالتأكيد ستحتاج إليها...
وعندما أصبحت الساعة التاسعة والنصف موعد الرحيل تنهدت بعمق ومدت يدها إلى قبضة الباب وفتحته. لو أنها تستطيع فقط أن تحافظ على هدوئها لمدة ثلاثين دقيقة أخرى. فكل شيء سيسير على ما يرام.
مانت غرفة بن مغلقة. وكانت راشل متأكدة من أنه أستيقظ وبعد تردد قصير دقت على الباب فسمعت شخيرا قويا.
"يجب أن أذهب إلى المطار" قالت بصوت مرتفع.
وهذه المرة أجابها بن بتشخير لكنه أقل حدة. فابتعدت راشل وانتظرته على الشرفة تتأمل هذه الجنة للمرة الأخيرة.
كان كل شيء هادئا وصامتا وشمس الصباح تعكس أشعتها على الأمواج وأشجار النخيل تتمايل بهدوء واختلطت رائحة الزهور برائحة البحر, اللعين بن لماذا لا يسرع؟ إذا تأخر أكثر فهي لن تملك القوة الكافية لترك هذا المكان.منتديات ليلاس
يتبع
|