كاتب الموضوع :
lona-k
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
-14-
إنه ايميت سمعت صوته يدخل ويسأل عنها وعن سبب بكائها, فأسرعت راشل ورمت نفسها في السرير وغطت جسدها العاري حتى عنقها.
"لا شيء" أجابته بصوتها الضعيف.
بعد قليل فتح باب غرفتها ورأت ايميت يقف عند الباب وقد دخل نور غرفة الجلوس إليها. فخبأت نفسها جيدا بالشرشف القطني, وعندما لامس الشرشف جسدها أحست بألم فصرخت, فتقدم ايميت وأضاء الغرفة.
"لم أكن... ألم أكن انتظر أنك ستأتي باكرا"
"لقد غيرت رأيي ماذا بك راشل؟"
"لا شيء لا شيء مهم, لقد أصبت بضربة شمس على ظهري لا تقل لي بأنك حذرتني, أنا أعلم بأنني لم أكن حذرة"
"هل لديك مرهم ضد الحروق"
"لدي مرهم فيتامين, لكني...."
"أين تشعرين بالألم؟"
في ظهري ولكن...."
"ألم تنجحي في الوصول إلى منطقة الألم؟.... لا بالطبع"
وتناول المرهم وقال لها.
"أديري ظهرك ونامي على بطنك, راشل"
فأحست بالخجل والارتباك"
"صدقني لا ضرورة لذلك, ايميت فأنا لا ألبس قميص النوم"
"ولما لا؟"
لأنه إذا لامسني يجعلني لأتألم أنا...."
"هيا استديري راشل"
"لا لقد قلت لك بأني عارية"
"لكنك لا تملكين شيئا لم أره مئة مرة من قبل" أجابها ضاحكا.
"ومع ذلك أنا محتشمة! وأنت أخي"
"هيا راشل غطي نصف جسمك بالشرشف, وهكذا يزول خجلك ويصبح بإمكاني أن أعالجك"
تنهدت راشل وأطاعته وأحست بيدي أخيها تدلك ظهرها فشعرت ببعض الراحة وأغمضت عينيها, وكانت لمساته ناعمة جدا, فتذكرت هاتين اليدين الطويلتين ورغبت في أن تستدير وتحس بلمساته على صدرها...
وفجأة أحست بالخجل والارتباك.
"ماذا بك؟ ألا تزالين تشعرين بالألم؟" همس ايميت بأذنها.
"لا.... أنا متعبة هذا كل ما في الأمر, شكرا ايميت هذا يكفي"
لكن ايميت ظل يدلك ظهرها, ثن نهض وأمسك الشرشف وغطاها حتى كتفيها.
"تصبحين على خير راشل"
وأطفأ النور وأغلق الباب وراءه.
عندما نهضت راشل في صباح اليوم التالي وبعد ليلة من أصعب الليالي في حياتها, رأت نورا رماديا ينير غرفتها ولأول مرة منذ وصولها رأت السماء ملبدة, والهواء القوي يلوي أشجار النخيل, وجو الشاليه كان باردا.
ارتدت بنطلون جينز, وقميص له أكمام طويلة بدل الشورط والبلوزة التي كانت ترتديهما دائما, ولم تكن قد أزالت الماكياج مساء أمس عن وجهها, فنظرت إلى نفسها في المرآة ووجدت أن خدودها حمراء, وعيونها ذات نظرة جادة.... وأحست بأنها في سن الخامسة عشرة فقط.
"هيا كوني صغيرة فقد يناسبك هذا أكثر"
ثم دخلت غرفة الجلوس فرأت ايميت واقفا أمام النافذة يتأمل المحيط.
"صباح الخير ماذا تريد للفطور؟ط
ألتفت نحوها ببطء وظل صامتا.
"لا شيء لقد شربت القهوة وعاد ليتأمل المحيط من جديد.
"أف, هذا الشراب الأسود؟ دعني أحضر لك البيض المسلوق أو التوست"
"لا أريد شيئا راشل" أجابها بصوت بعيد وغريب.
لماذا أستعمل هذا الاسم "راشل" إنها لا تحب أن يناديها هكذا فغن كلمة صغيرة تطمئنها أكثر.
"أنت لم تكن غير مباليا بالطعام من قبل" أرادت أن تمازحه واقتربت منه.
"لقد تذكرت لقد بدأت تنتفخ بطنك عندما كنت في الخامسة والعشرين ولقد كانت جدتي تقول لك دائما بأنك ستصبح سمينا جدا إذا لم تنتبه لطعامك"
وكانت راشل قد أصبحت خلفه مباشرة فاستدار نحوها ونظر إليها قليلا ثم أخفض نظره.
" يبدو أن العاصفة ستهب"
فاقتربت راشل من النافذة ورأت الأمواج العالية التي تضرب الشاطئ وتحدث زبدا أبيضا كثيفا وكان لون البحر قد أصبح أخضر يميل إلى السواد.
"نعم هذا ما يبدو, أتعتقد أننا بخطر لقربنا من البحر؟"
"لا أعتقد ذلك وسأتأكد أكثر عندما أتكلم مع هاريس فهو بالتأكيد قد سمع النشرة الجوية, عموما ليس لدينا تلفون في هذه المنطقة, فهذه ستكون عاصفة قصيرة بالتأكيد, هل أ،ت خائفة؟"
"وكيف عرفت؟" أجابته مبتسمة.
فابتسم هو أيضا عندئذ شعرت هي بالاسترخاء فأضافت.
"نعم أنا أعرف أنا جبانة كل شيء يخيفني"وتنهدت.
"أنت تبالغين بالتأكيد"
"أنا أخاف من الهواء ومن الماء ومن الرعد ومن الأفاعي ومن الحب ومن الموت.... هذا كله كثير!"
"إذن ما هو الشيء الذي لا تخافين منه؟"
"أنت"
وكانت لا تزال تنظر نحو المحيط. ولم تلتفت نحوه وساد صمت قصير ثم حاولت راشل أن تتخلص من هذا الصمت.
"أتريد مزيدا من القهوة؟"
"عفوا"
سألها ايميت وكأنه يعود من مكان بعيد
"آه لا شكرا أنا بحاجة لتمرين ساقي سأقوم بنزهة"
"تحت المطر؟"
" لن ينزل المطر قبل فترة بعد الظهر أو في بداية السهرة, وسأكون قد عدت قبل ذلك الوقت وليس هناك أي خطر عليك أنت تصدقيني أليس كذلك؟ط
أتجه نحو الباب ثم توقف وكان مستعدا للبقاء لو طلبت منه ذلك فأخفت راشل شعورها وابتسمت.
"طبعا هيا أسرع! ولا تتأخر"
فخرج ايميت ونزل درجات السلم. فأسرعت من جديد إلى النافذة لتراه وهو يركض على الشاطئ. أنه هو أيضا لديه شياطين ولكن من أي نوع من الشياطين؟
مر النهار ببطء ثقيل وقضت راشل ساعتين وهي تقطع غرفة الجلوس ذهابا وإيابا بانتظار عودة أخيها, وكانت متوترة فلم تستطع الجلوس, وكانت في قمة التوتر عندما عاد أخيرا. فإن صوت الهواء وقرب العاصفة جعلها تشعر بضيق. وكانت تشعر بمأساة توشك أن تقع.
أمضت ساعة من الزمن جالسة أمامه تتأمله ولم يتبادلا أية كلمة, وكان ايميت يحيط نفسه بصمت غريب. ويجلس على الكنبة ويقرأ في كتاب يضعه على ركبتيه ولم يكن قد قلب منه صفحة واحدة.
وبدا الظلام يعم المنزل ولكن لم ينهض أي منهما كي يشعل النور وكان الهواء يتلاعب بالستائر, فزاد توتر راشل. وعندما قرر ايميت أخيرا أن يقلب صفحات روايته, كانت راشل قد بلغت أقصى حد من التوتر, فنهضت فجأة.... وأوقعت كوب الشاي البارد الذي كان على الطاولة الصغيرة, رفع ايميت رأسه ونظر إليها وهي تحاول أن تنشف السائل الذي وقع على الأرض.
"أنا .. أنا ذاهبة للنوم" قالت له بصوت متقطع.
يجب عليها أن تبتعد عنه وعن عيونه وعن جسده, وهي أيضا لا تجرؤ على الخروج لأنها تخاف من اقتراب العاصفة.
"هذه فكرة جيدة" قال لها ايميت وهو يعود إلى القراءة.
"سأخرج بعد الظهر ثم أعود وقت العشاء""أنت. أنت ستخرج؟ هل أستطيع مرافقتك؟"
إنها تخاف من فكرة أن تكون معه في الرانج روفر وحدها ولكن العاصفة تخيفها أكثر.
"لا لدي أعمال كثيرة ووقتي ضيق. ولن أتمكن من إنهائها إذا اصطحبت أختي الصغيرة معي" أجابها ببرودة.
فشعرت راشل ولول مرة وكأنها طفل مزعج.
"حسنا"أجابته بصوت واثق.
"وستأتي أنجدتي إذا حصل شيء أليس كذلك؟"
"لنفترض ذلك والآن نامي فإذا نمت لن تشعري بغيابي كما وأنك لن تشعري بالعاصفة"
"ولكن.... ألا يمكنك أن تعود قبل العاصفة؟"
فأغلق ايميت كتابه وتنهد.
"سأعود راشل ولن يحصل لك مكروه"
"أتعدني بذلك؟ط ألحت راشل
وبعد أن فكر مليا بسؤالها أجابها
"سأفعل كل ما بوسعي كي أحميك يا صغيرتي"
فأخفضت رأسها وذهبت على غرفتها.
حاولت أن تنام لكنها لم تستطع وبعد قليل خرج ايميت فعاد إليها الخوف. وكان الهواء يعصف بقوة والأمواج تهدر بعنف, وهي وحدها لا تستطيع أن تفعل شيئا سوى أن تبق ممددة هنا على الفراش بانتظار أن يأتيها النعاس الذي يبدو أنه بعيد كثيرا.
فحاولت أن تفكر بعودتها إلى كاليفورنيا. وبإجازات طويلة. لكن يجب عليها أن تعمل لتكسب عيشها وعندما تعود للاتصال بالناس ولسماع مشاكلهم ستتمكن من نسيان مشاكلها.
فهناك السيدة ديلادو وأولادها الثلاثة عشرة. ومرضها المزمن. ومارتي هالبرن الغاضبة دائما التي في الخامسة والأربعين من عمرها. وهي لم تنجح أبدا في الاحتفاظ بأحد الموظفين عندها لأكثر من ثلاثة أشهر.... نعم أن التفكير بهؤلاء الناس يجعلها تحس بالخجل, لقد خلقت بنفسها مشاكلها الخاصة, بإمكانها أن تحلها. لقد كانت جبانة مدة طويلة, ويجب عليها الآن أن تواجه الواقع.
وعندما توصلت راشل لهذا الحل. أغمضت عينيها ونامت كانت العاصفة بدأت تشتد في الخارج.منتديات ليلاس
يتبع
|