صمتت السيدة كيلفير ونظرت الي حفيدتها .ردت ايلسا اخيرا ليس لانها تريد المشاركة بالحديث بل لان جدتها التي لاحظت صمتها عبست بشدة .
كان الستون جنيها مبلغا كبيرا في تلك الايام .
لن تقبل ايلسا ان تكون السبب في اقلاق جدتها .لذلك حين نظر ديك اليها ,ابتسمت له .ولكنها لما رأت التسليه والسخريه في وجهه
تمنت لو لاذت بالصمت ,لقد تصرف في الصباح التالي علي الحادثة التي وقعت بينهما بالامس ..ومنذ تلك الليلة وهو يتصرف وكأن شيئا لم يكن .
لو استطعنا ايجاد موظفين .لفتحناه للعامه .
كان في صوته قلق ولكن ما لفت انتباهها استخدامه لصيغة الجمع ,التي خرجت منه اليا.
قالت السيدة كيلفير :"من الممكن ايجاد بضع اشخاص نستطيع الاعتماد عليهم للعمل تحت إمرة وكيل ,
يجب ان تضع اعلانا في الصحف المحليه ديك "
هز رأسه :"اجل ,سأفعل ذلك "
غير مرة اخري الموضوع ليذكر عطلة اليونان ..في المرة الماضيه ..اراح ديك بال ايلسا بشان ترتيبات النوم قائلا :"انه في حال سفرهم سيشرح لامه ضرورة
وجود فراش اضافي في غرفة السيد ة كيلفير ,لان ايلسا تضطر احيانا للنوم معها عندما تكون صحتها متدهورة ..
بدأت السيدة كيلفير وقتذاك متحمسه للرحلة.سيكون الامر رائعا ..!لم اذهب الي اليونان من قبل في الواقع ,لم اسافر كثيرا ..
متي سنذهب ديك ؟وكم ستطول رحلتنا ؟سأحتاج الي ملابس جديده .ايلسا:"يجب ان تصحبيني الي منشستر او الي ليفربول
لاتسوق .ساد صمت كان ديك وايلسا خلاله يكبحان ضحكتهما .اخيرا قالت ايلسا :"جدتي العزيزة ..انها مسافة بعيدة للسفر .علي اي حال ,انا نفسي غير متحمسه للذهاب
ديك يأخذ الامور وكأنها امر مسلم به .فكيف يتوقع مني ان اقرر هذا الامر فورا.
رد عليها :"انا لم اطلب منك ان تقرري "
تورد وجهها لانه ذكرها بوقاحه بانه صاحب القرار,وبأن عليها ان تنفذ ما يقول لها .لم تكن قادرة علي الرد .فنظرت اليه وهو يتابع التحديق اليها .
ونظرت جدتها اليها تهز رأسها ,وكأنها لا تفهم :غير متحمسة؟لكن لماذا عزيزتي ؟فما اروع رؤية بلد ديك الثاني .نقلت بصرها اليه :"اعتقد انك تريد ذلك لتعرفها الي والدتك
وشقيقتك ..اين تقيمان في اليونان ؟
اذكر انك تحدثت عن اليونان ولكنني.."صمتت فجأة ,وبحدة ,فادارت ايلسا نظرها الي ديك ..ولكنها لم تكن سريعه بما يكفي ,مع انها تستطيع ان تقسم
بأن ما اصمت جدتها ,اشارة من صهرها !
فقالت تركز عينيها علي زوجها :"لماذا سكت جدتي ؟ماذا اخبرك ديك ,ليثير اهتمامك باليونان ؟
هزت العجوز كتفيها بلا مبالاة .لقد نسيت حقا ..عزيزتي .كانت عينا ايلسا ما تزالان مركزتين علي زوجها الذي التوت شفتاه وبرقت عيناه السوداوان بالتسليه .
فسألته :الا تذكر انت ديك ؟
اخشي انني لا اذكر عزيزتي ..كما قالت جدتك الامر غير مهم .أمتأكد ؟
التفتت الي جدتها ,فلاحظت نظرتها الساهمة .اذا كانا يعقدان مؤامرة ما ,فتكون ايلسا محظوظة حقا ان تمكنت من دفع احدهما
ليزل لسانه .بعد ما ذهبت جدتها الي النوم مساء ,قالت له :"انه لعظيم تأمرك مع جدتي ,ولكنها اليست في صحة تناسب في رحلة كهذه ."
سأكلم الطبيب حين يحضر .
شهقت ايلسا ,وبدت ساخطه لانه يتولي الامور بنفسه بهذا الشكل ولكنه اردف :"اري ان عليناترك كبار السن يحيون حياة طبيعيه ضمن المعقول .
لماذا نبقي جدتك هنا ان لم يكن السفر مضرا لصحتها ؟
ستصاب بخيبة امل فضيعه ان سافرنا دونها .
ما كان عليك ان تثير موضوع العطلة في اليونان ..قلت لك انني لن اذهب !
هدئي روعك ايلسا ظننتك تعلمت درسا .لو كنت مكانك لامتنعت عن محاولة اختبار مدي صبري مرة اخري .
فأنت لا ترغبين في المزيد من الكدمات المؤلمه ..انت كريه !
وانت ...؟اذكر انني قلت انك اشد النساء فظاظه واكثرهن سوء خلق .يؤسفني ان اكرر ذلك ثانية لكنك كما وصفت ايلسا ..
اما سبب ما انت عليه فهوسك بكبريائك ..كيف بلغت هذا الحد من الهوس ,الذي هو ابعد عن ادراك جدتك وادراكي ؟
جدتي ؟اكنت تتحدث مع جدتي عن كبريائي ؟كيف تجرؤ؟
انها قلقه ..تقول ان كبريائك بلغت حد العجرفة .ولهذا ايلسا حملت علي عاتقي مسؤلية تحريرك من كبريائك ..
لم اهددك ليلة بتمريغ انفك بالتراب بدافع الغضب .للمرأة في اليونان تواضع محدد ,وهذا التواضع جذاب ومحبب ..
وسمح لصوته بالتلاشي فبدا بعيدا ومع ذلك محببا !!
لماذا تلفظ بكلمة كهذه ؟
ديك ..لماذا قلت هذا ..اعني لماذا استخدمت كلمة محبب ؟
نظر اليها بسرعة ,وكأنه يبحث عن شئ .كانت تجلس مستقيمه في مقعدها ,يداها في حضنها ورأسها مرتفع بطريقته المتكبرة المعتاده
غير ان رأسها ارتفع هذه المرة عن غير عمد لانها فعلا لم تكن تحس بالتكبر بل علي العكس كانت تشعر بما هو اكثر بقليل من الرضا
..احست انها ناعمة ودافئه .وادركت انها في مزاج متغير الذبذبات ,وهذا بحد ذاته مزاج جديد عليها ..ما من رجل اخر ,جعلها تحس هكذا ..
لكن ,من جهة اخري ,ما من رجل تمكن من الاقتراب منها كما اقترب ديك وما تعرفت الي رجل يملك قوة شخصية زوجها ,
قوة وجدت انها معجبة بها رغم انفها .جلست تترقبه ,نظر ديك اليها ,وعيناه تنتقلان من يديها الي شكلها المستقيم ,ثم الي رأسها ,المرتفع بكبرياء
وبدا كأنه سحب نفسا عميقا قبل ان يقول :"كنت اقارنك ,بالنساء اللواتي عرفتهن في اليونان .ران سكون رهيب علي الغرفة ..
كان الحطب في الموقد المنخفض العريض يشتعل بصمت مضفيا دفئا علي الغرفة .ابتلعت ايلسا شيئا مؤلما في حنجرتها ,واخفضت عينيها ,
تنظر الي يديها المطبقتين ..ما هو الرد الذي كانت تنتظرة ؟ماذا ارادت من هذا الزوج القاسي ..من هذا الرجل الذي نعتها
بالفظاظه وسوء الاخلاق ,والذي عزم النيه علي تمريغ انفها في التراب ,الرجل الذي تخيفها قوته ..اجل ,لقد استخدمت هذه الكلمة اخيرا معترفة .لقد جعلها تحس بصغرها ليله حفله الفندق .ونجح مرة اخري في جعلها
تحس بالصغر وهي علي المركب ..وهاهو يقارنها ثانية بنساء اليونان .
نظرت اليه .انه وسيم خال من النقصان وهو الي ذلك انيق ,مميز الطلعة بهذه البشرة النحاسية ,وبخطوط وجهه الكلاسيكيه .تحولت عينا ايلسا الي شعرة الاسود
المتموج ثم نقلتهما الي كتفيه العريضتين والي خصرة النحيل .بدا كمن ينتظر تعليقا منها ,فقالت كلمات لم تكن تعنيها .ولكنها خرجت منها لا اراديا:"
هل قارنتني ..ووجدتني مرغوبة ؟
وجدتك مرغوبة بكل تأكيد ..لكن امامك طريق طويلة ,قبل ان تمتلكي جاذبية يمكن مقارنتها بجاذبية نساء اليونان .
اشتعل غضبها ,ولم يخطر ببالها انه غضب اثارة الالم لانها بكل بساطة لا تعرف معني ان يؤلمها رجل ,فما من رجل اثر في ضربات قلبها او دفع بخفقاته لتتسابق .
كانت ترسل كل رجل منهم مجرجراًاذيال الخيبه .
ان كنت ادني منهن درجه الي هذا الحد ,فلماذا لم تختر يونانية زوجة لك؟
نظر اليها بأزدراء ,مستهجنا غضبها متجاهلا ما قالته ..اذ قال ساخرا :"الكبرياء مرة اخري ؟لقد جرحت كرامتك بما قلته.
لذلك غضبت ..يالهي يا فتاة !كم سأروضك في ما بعد !
برقت عيناها !وامتقعت وجنتاها بلون احمر قان :"
تهديدات اخري ؟قد ارد لك الصاع صاعين !
قال بهدوء يبعث علي الجنون :"هذا سيوفر لي عذرا جيدا لتأديبك "
امتقع وجهها :"لو عرفت جدتي انك تكلمني بهذه الطريقه لارتاعت ..ولو اخبرتها بمعاملتك لي لكرهتك .
كان صوتها هادئا انما الغريب انها وجدت نفسها مصدومة بسبب اشتعال غضبها .وتنهدت ..ليته لا يكون عدائيا هكذا !
سألها يشئ من التسلية :"هل اجد لمحة غيرة بسبب صداقتي مع جدتك ؟
نظرت ايلسا الي النار المشتعلة وهي لا تدرك ان تغيرا كبيرا احتل قسمات زوجها الذي نظر الي وجهها المضاء بلهيب احمر
من حطب الصنوبر المشتعل .رقت اساريرة الي درجه الحنان ,وتحركت حنجرته ,وكأن عرقا كان ينبض فيها .
قالت اخيرا منكرة :"لا اغار ,غير انني لا افهم لماذا احبتك بهذه الطريقه .يتملكني انطباع احيانا بأن هناك شيئا ما بينكما "
نظرت اليه مباشرة وهي تتكلم ,فرأـ حاجبيه يرتفعان استفهاما ..ولكن ما لم تره .كان الانتفاضه الصغيرة التي بدت عليه بعد سماع كلماته
شيئا ما بيننا ؟ما طبيعة هذه الفكرة الغامضه ؟
هزت رأسها :"
لا ادري كيف اشرح الامر ..مثلا لماذا توقفت جدتي عن الكلام فجأة بعد ظهر اليوم ؟
توقفت عن الكلام ؟لم الاحظ ذلك ..
هزت كتفيها بنفاد صبر وقالت مستسلمة :"
لا بأس..انما لا استطيع السماح لجدتي برحلة كهذه ..
قلت لك انني سأكلم الطبيب الذي سيساعدنا علي اتخاذ القرار .
انا عن نفسي ,لا اريد الذهاب !
انه العناد ,والكبرياء.قلت لك انك ذاهبة ,وهذا ما اثر في كبريائك .ولكنك ستسافرين معي الي اليونان سواء اردت الذهاب ام ابيت
وهجت عيناها ,واستعدت للمشاجرة:"
اتصدق حقا انك قادر علي اجباري؟
تنهد ثم تكلم بتسامح مدهش وبصبر كبير وكان بذلك يحاول تجنب العداء المفتوح.
سنري ايلسا ما اذا كنت قادراًعلي اجبارك علي المجئ.اما في الوقت الحاضر فلنسقط الموضوع كما اننا غير واثقين من قدرتنا
علي ترك جدتك بمفردها او علي اصحابها معنا .
وان لم نستطع تركها او اصطحابها معنا .
وان لم نستطع تركها نذهب معا ...
لن تملي علي ارادتك!!
قال بلهجة حازمة لن تلين:"
ايلسا ..قلت اننا سنسقط الموضوع في الوقت الراهن .
كانت ايلسا اول من تكلم مع الطبيب حين قام بزيارته الرتيبه بعد ثلاثة ايام .كان ديك في الاسطبل مع جواده الجديد"قدموس"
وهو حصان عربي اصيل ذهبي اللون ,اشتراه من رجل اسكتلندي .عندما رأته ايلسا قالت :"
انه جميل !وعملاق!
بدا ديك مسرورا بحماس زوجته :"اعجبك اذن"
طبعا اتهتم اذا اعجبني؟
ابتسم بسخريه خفيفه لهذا السؤال الذي لا لزوم له .
من عادتي ان اختار ما اشاء في امور هامه كهذه ولكنني مسرور لانه اعجبك ,بامكاننا الان امتطاءالجياد معا عوضا عن الخروج بمفردك كل
صباح وسيكون ذلك منذ الغد.
بدا لها قوله آمرا فرفعت راسها وقالت بحدة انها كانت تمتطي جوادها بمفردها منذ زمن طويل وهي الان تفضل ذلك .فلاحظت تلك النظرة
الفولاذيه التي باتت تعرفها
خير معرفة ولكن ويا للدهشة ارتد عنها .
استقبلت ايلسا الطبيب في المكتبة وهناك سألته :"
اود ان اسألك إن كان بأمكان جدتي السفر .انا شخصيا لا اظنها قادرة علي السفر ,اما زوجي فهو مصمم علي ان ترافقنا الي اليونان .
صمتت قليلا ,ثم اردفت ببطء :"
اعتقد انك توافقني الرأي بالنسبه لعدم قدرة جدتي علي السفر .لوت ابتسامة فم الطبيب ,وقال بلهجة غريبه :"
اتقترحين ان ابلغ زوجك انني امنع جدتك من السفر ..سيدة هيلفيلد ؟
امتقع لونها بسبب هذا القول الصريح ,لكنها رفعت رأسها وقالت بكبرياء :"
بل اتوقع منك التصريح بما تؤمن انه الافضل لها .
سأفعل هذا بالضبط سيدة هيلفيلد ..اتلاحظين انها لم تصب بنوبة قلبيه منذ بعض الوقت ؟
نعم منذ زواجي .
بالضبط منذ زواجك ..زواجك رفع حملا ثقيلا عن كاهلها وها هي الان تتمتع بصحة جيدة .
اتعتقد انها لن تصاب بضرر ان سافرت الي اليونان ؟
هذا ما لا استطيع الرد عليه قبل ان القي نظرة عليها اليوم .واضيف سيدة هيلفيلد ,انني احبذ لكبار السن العيش حياة طبيعية قدر الامكان
انها كلمات ديك ...
قد تقصر هذه الرحلة من عمرها ايها الطبيب..
إن كانت حالتها سيئة فسلأمنعها بكل تأكيد ..اما الان فاعذريني ,سأذهب لرؤيتها .
قالت له ان زوجها يريد محادثته .اضافت :"
انه في الاسطبل ,سأرسل في طلبه .
شكرا لك سيدة هيلفيلد .
ابتلعت غضبها فمن الواضح ان الطبيب لا يقف في صفها .توجهت الي الاسطبل لتنادي ديك الذي كان يرتدي ثياب الفروسية .قالت له :"
الطبيب هنا .
وهل جاء ؟لقد بكر في الحضور !!
هزت رأسها ,تربت عنق الحصان :"انه مع جدتي في غرفة الجلوس "
سأقصدة لاتكلم معه .
رفعت نظرها الي جانب وجهه ,ورأت ان علي ملامحه نظرة مرحه اليوم .تحرك شئ في اعماقها ,شئ غير جديد عليها ,
ولكنه اقوي واوضح .تجنبت السؤال الذي تأرجح علي حافة تفكيرها لكنه ظل ملحا وثابتا وهو ينذر بالبروز الي عقلها الواعي قريبا طالبا الرد .
كانت الرحلة الي اليونان مدبرة ..بدت الجدة منفعلة كطفل صغير ..ويا للغرابه !اما ايلسا فأصبحت مؤخرا هادئه علي غير عادتها وكانت تكره ان
تقابل عيناه النافذتين عيناها لتجنب ما قد يحدث لها في ما لو حصلت اخيرا علي الرد عن سؤالها .تذكرت اعلانها الساخر امام ايلما انها لن
تقع في الحب ابدا ..
ولكن هذا بالضبط ما اصابها !!
صدمها هذا الاكتشاف خاصة لانها رفضت لعدة ايام مواجهة السؤال بحزم ...وكرهت حتي الاجابه عليه..
حاولت مرات ومرات تنحيته وادعاء عدم وجوده ولكن الرد عليه جاء اخيرا علي حين غرة ..
كانت مرة هي وديك يمتطيان الجياد ..وكان الوقت صباحا فيه الجو منعش تشوبه تلك الرائحه الحادة النافذه التي تسبق قدوم
الخريف ..شعرت بأن النزهه منعشه بل هي اروع نزهه قامت بها .
كانت تعترف بذلك لنفسها حين علقت قدم جوادها في جحر ارانب ,وتعثر راميا فارسته.
سرعان ما اصبح ديك قربها يلتقطها لتقف ..احست بيديه القويتين تحت ذراعيها..واحست بقسوة جسمه وهو يشدها اليه كما شعرت بشكل
خطير بوجهه فوق وجهها وبأنفاسه الباردة علي خدها .
ارتجفت وتلقت صدمة ولكنها لم تكن واثقه ما اذ كان ما رأته في عينيه لهفة ام عكس ذلك ولم تكن واثقة ما اذا كان في صوته لهفة وخوف
ايلسا !هل انت بخير؟
رفعت وجهها اليه شاعرة بتلك الرجفة تسري في كيانها كله .كانت قادرة علي الابتعاد عنه وعلي القول انها بخير ..غير انها اكتشفت ,ان من
الروعه والمتعه اتباع الغرائز ..وهكذا ظلت ملتصقه به شاعرة بأقصي درجات الراحة بين ذراعيه ..
وفي تلك اللحظه بالذات جاءها الرد علي سؤالها ..فارتعشت بعنف وخجل وأجابت عن سؤاله :"
انا بخير ..ليس هناك ععظام مكسورة .
الحمد لله ! لقد اخفتني يا طفلة .
سألت متردده مطأطئه الاهداب عمدا :"صحيح؟"
اذن هذا هو الامر ..طالما اكدت لنفسها انها لن تجد مثالها الاعلي ...ولكن ..كيف حدث لها هذا ؟فهي لم تعجب حتي بديك..فماذا عن
تسلطه ,وماذا عن تهديده لها بتمريغ انفها بالتراب ؟
كان عليها ان تكرهه علي ذلك لا ان تحبه !!
انا علي علم به ولكنني نسيت ..
ثم تلاشي صوتها ..كان تفكيرها كله منصباًعلي رفيقها غير انها تمعنت عن اضافة هذا الي ما تقول .
اقادرة انت علي امتطاء الجواد ثانية .ام تفضلين السير ؟
توقف مبتسما فاسترقت اليه نظرة من تحت اهدابها ولاحظت الراحة التي طغت علي اساريره وكانت هذه الراحه وهذه اللهفه قد حلت محل
ذلك التعبير الغامض .
ام ربما علي ان احملك؟
ما اروع ان يحملها ولكنها في مثل هذا الموقف ستخسر شيئا من كبريائها بكل تأكيد ..قالت بسرعه :"لا ,ديك .لا حاجه الي ذلك .انا قادرة
علي السير "
الا تريدين الركوب ؟
هزت رأسها نفيا..
وهكذا عادا الي المنزل سيرا عبر الحقول والغابات .وفي الطريق اندست احدي يديه تحت مرفقها وامسك بالاخري عنان ستار لايت وقدموس معاً.
منذ تلك الرحلة باتت تتوق الي رحلة اليونان رغم قلقها علي جدتها ,في احد الايام وفيما كانوا جالسين عشاء نظرت الي زوجها وقالت :"
لم يسبق ان سافرت جدتي جوا.
ردت الجدة :"سأكون بألف خير يا عزيزتي "
وقال ديك :"ستكون جدتك سعيدة برفقتنا "
وهزت ايلسا رأسها ..مع ان عينيها اضطربتا لانهما التقتطتا نظرة زوجها ..للمرة الثانية تري ذلك التعبير الغريب الذي رأته في عينيه مرة قبل
الان وكان ذلك يوم كانت علي مركبه ,
وضطربت كثيرا لان جدتها لم تحضر لرؤيتها .في تلك المناسبه بدا ديك او السيد هيلفيلد غير قادر علي اشاحة عينيه عن وجهها ..
قال لها يومذاك انها لغز محير وظنت انها سمعت تنهيدة نفاد صبر تخرج من بين شفتيه .
قال لها ديك وهما كالعادة بعد العشاء بمفردهما في غرفة الجلوس الصغيرة :"لا تقلقي ايلسا "
كانت الموسيقي الهادئه تصدح في الغرفة والحطبات التي في اضافتها الي الموقد تزغرد,فسبحت الغرفة في نار ملتهبه رائعه تؤثر في مطلق
انسان يمتلك مشاعر ..ومع انها كانت معتادة علي هذا ,
الا ان ايلسا نظرت الي ما حولها في اعجاب ..الامر الان مختلف ..صحيح انه مألوف غير ان نظرتها الحالمه انصبت علي الرجل الجالس في
الجانب الاخر .
شاهدت وجهه تحت وهج النار ,واحست بحنان كبير لا تدري من اين اتاها ..كان في اعماقها احساس بألم لذيذ ..ما اروع الوقوع في الحب
ولكن هل سيحبها ديك يوما ؟
فطالما ابدت له تعجرفها ونادرا ما اظهرت له العرفان بالجميل علي ما فعلة لها ولجدتها .
التفتت مرة اخري الي الوجه الجذاب ,الصارم بتزمت .فإذا به ينظر اليها مبتسما ببطء,وعيناه تسألانها عن رد عما قاله ...
لا استطيع الا الشعور بالقلق ديك ..انت تعلم اننا لن نسامح انفسنا اذا ما اصابها مكروه.
لدينا تأكيدات الطبيب لذا علينا اصطحابها.
اجل اعترف بهذا ..انما اخشي عليها كثيرا لانها كانت كل دنياي لمدة طويلة..
ظهر تعبير غريب علي عينيه :"والان؟"
ردت تنظر اليه مباشرة :"لدي زوج الان"
ماذا تفعل ؟اتغازله؟كادت الفكرة تخنقها,ورفعت رأسها .لن تذل نفسها هكذا!
التمعت عينا زوجها ,وغضنت جبينه تقطيبه مفاجئهبسبب هذا التغيير غير المتوقع ثم قال :"
اجل لديك زوج..
آلمتها تلك الحدة في صوته الا انها لم تظهر شيئا من المها ذاك بل علي العكس ,كانت باردة لطيفة بكياسه ,مبتسمه.
بعد وقت وهي في غرفة نومها .تقف قرب طاوله الزينه ,تحدق الي صورتها في المرآة ,سمحت لالمها بالظهور .فامتلأت عيناها بالدموع لانها
تذكرت الحديث المتوتر الذي دار بينهما ..لقد بدا لها ديك
بعيدا عنها ملايين الاميال ..ومع ذلك كانت قوة شخصيته تصل اليها ..وعرفت بطريقة ما انه يريد منها ان تستغني عن كبريائها الباردة
وان تتبني التواضع ...
ابداً!!لقد قررت...
قال لها ديك في النهاية وهو يرفع يده متثائبا :"سآوي الي فراشي ,عمت مساءً"
ولم ينتظر حتي ليري ما اذا كانت ستصعد معه ..لقد تركها هناك تجلس قرب النار ..فشعرت بالضياع والوحدة لاول مرة في حياتها .. كبرياء وتواضع
في الطائرة نظرت الي الاسفل باتجاه جزيرة كورفو فتذكرت بعض ما قرأته عنها
.كسرت الجدة الصمت الذي ران علي الثلاثه :"
انها رائعه !!انظروا الي هذه الغابات الخضراء المورقه والي الذرة الذهبيه
في الحقول والي الخلجان التي تشبه البحيرات ..
ديك ان ألوانها لاروع ما رأيت .
هز رأسه .ونظر الي زوجته .وتمتم وكأنما لنفسه :"
ان لونها كعيني ايلسا ..الازورد ..هو ما بين الاخضر والازرق.
تورد وجه ايلسا بفتنه .واخفضت اهدابها الطويلة التي ظللت وجنتيها ,سألها فيما تفكر
منتديات ليلاس