علي الكيسين . وكادت تعرف ما يجول في تفكيره . انه يتسأل عما فيهما من اغراض تعتبرها ذات اهميه .
قالت ساخره والذعر يوتر اعصابها : ان نسيان امر ريكو لكرم كبير.
اخيرا انتزع عينيه عن الكيسين وقال بهدوء:
- ظننت في البداء انني لن استطيع .. هذا الصباح ، وصباح امس ، ظننت انني سأقتله .. ظننت ان كل شئ انتهي .. ولكن حين اكتشفت غيابك .
التفت الي الباب المكسور واكمل :
- حين ادركنا جميعا ماذا فعلت .. وبعدما عرفنا انك غير موجوده قرب البحيره عرفت انني اريدك مهما كانت الظروف .
شهقت وهي لا تعرف كيف تتقبل كلامه .. ماذا يعرض عليها ؟ الحب ؟ ام العوده الي لعب الدور الثاني في حياته ؟ اه هذا غير عادل ولكن .. ماذا عن الطفل .. ؟
ضمت شفتها السفلي ، تتلاعب لكسب الوقت ، غير واثقه مما تفعل : وتتوقع مني .. ان انسي امرها ؟
بدا لها غريبا وهو يقول : أتستطيعين ذلك ؟
ادارات وجهها مجددا : لا ادري .
رباه الا يدري انها مستعده لمغفره اي شئ يتعلق به ؟ ثم شاهدته في مرأه طاوله الزينه ينظر الي الكيسين بعبوس . ولم يلبث ان وضع احدهما علي الارض ثم بدا بفتح الاخر . اه ،لا .
هبت كالريح من مكانها ووصلت اليه .
-اعطني هذا .. لا يحق لك ان تنظر اليه .. انها اغراضي .
لكنها وصلت متأخره .. كان فيدل قد افرغ محتويات الكيس علي السرير .. اه ؛ لماذا اختار هذا الكيس ؟ حاولت اورسولا اخفاء كل شئ بتجميعها في كومه :
- ابتعد ؛ ما كان يجب ان تفعل هذا ؛ انها اغراض خاصه ؛
ثم شهقت منتحبه وقد عجزت عن اخفاء كل شئ بعدما امسك يديها . نظر الي بضعه قمصان وكنزات والي الاشياء الصغيره الاخري .. اخذ فيدل وهو عابس الجبين يعبث في كنزها الثمين ، صاحت باكيه تتلوي محاوله تخليص يديها من قبضته :
- توقف .. ليس عليك ذلك ؛
وكان كل ما استطاعت فعله هو مراقبه الذهول الذي لم يلبث ان اصبح عدم تصديق . ها هو كل شئ امامه ؛ بطاقات المسارح ..
برامج المسرحيات والحفلات الموسيقيه التي حضراها . ولائحه طعام مقهى صغير في باريس كانا قد ذهبا اليه قبل زفافهما بليله .. وبطاقه رحله المركب في السين والصور والزهره البريه التي التقطها لها في الاندليس .. رسائله التي ارسلها اليها وهي في باريس . وبطاقات بريديه ايضا .. لقد كان في هذا الكيس كل ذكري ثمينه مهما كانت صغيره لانها ما تبقي منه .
تمتم بذهول : لا افهم ما يعني هذا اورسولا .
انسلت من قبضته ، وبدأت تلملم ما كان يضمه الكيس تدمدم : مادام لا تعرف فلماذا اشرح .
اوقفتها يداه بحزم ثم ومضت عيناه .
- اخبريني .. اريد سماعها منك .
اخيرا بدأ حبها يخنقها ، فانهارت تتعلق به وعندما تكلمت كانت كلماتها ضعيفه بحيث لم تتجاوز صدره .
ابعدها عنه : كرري ذلك مره اخري .
تنشقت اورسولا من انفها ونظرت اليه : قلت انني احبك .
اغمض عينيه ثم سحب نفسا عميقا .. فقالت :
- والان .. اظنك راضيا عن نفسك ..
لكنها لم تستطع قول المزيد فقد اعاد وجهها الي صدره يضمها ويضمها ، ثم حملها الي الجهه الفارغه من السرير . ماذا تفعل ؟ انت مجنون .. انت لا تحبني .
لكنه كان يحجزها بين ذراعيه .
همس : انت لم تقيمي علاقه مع شقيق رونا .. اليس كذلك ؟ اجيبي .. أليس كذلك ؟
هزت رأسها نفيا فأكمل :
- اذن .. لماذا كنت ستذهبين برفقته ؟ لماذا اردت الهرب ؟
- لم اكن ..
وصمتت ، فأبعد خصله مبلله بالدموع الي الوراء وقال بخشونه : - يبدو انني انزلت بك تعاسه جمه .
شاهدت تحت نور المصباح القابع في الجهه الاخري من السرير عينيه المغروقتين بعذاب سري .
لم تعرف للحظات ما تقول .. تعسه ؟ اه .. اجل .. لكن وكيف ستخبره بالفرح الخاص ؟ عندما طال صمتها ، ابتعد عنها قليلا يمرر يده علي بشرتها الدافئه .. وقال وهو يدفن وجهه في نعومه شعرها :
- ألبس علينا العمل علي انجاح زواجنا لراحه بالنا ولسلامه عقلينا . مادمت تحبينني فأين المشكله ؟
استمر في مداعبتها ولكنه فجأه أغمض عينيه ، فالخيالات غير المرغوب فيها لم تبتعد حتي الان :
- لكن .. لماذا قال دوريانو انك تهربين معه ؟
نظرت اليه اورسولا وردت بصوت هادئ : لم يقل اننا سنهرب .
ضحك ضحكه استغراب غريبه .. وكان علي وشك الا يوافقها الرأي .. ثم عبس فعرفت انه يتذكر ذلك المنظر الرهيب علي الشاطئ عندما صاحت رونا : انها غلطتي .. الحمد لله اننا وصلنا في الوقت المناسب ؛
جمد فيدل .. وشاهدت الشك ، وعدم التصديق ، والغاضب تتقاطع في وجهه .. ثم ابتعد عنها مستلقيا علي ظهره ينظر الي السقف .
- ماذا كانت تقول لك رونا ؟
قالت اورسولا : رونا لا تقول بل توحي وتقترح .. لقد اوحت الي انكما خططتما .. خططتما ان لتتزوج ايه امراءه كانت . كما قالت بصراحه بأنك تنوي العوده اليها بعد اشهر .
- وانت صدقتها ؟
- ولم لا اصدقها ؟ الامر منطقي فنحن تقريبا لم نتعارف الا لوقت وجيز ..
صمتت فضغط علي يدها : اكملي .
- أليست هي جزء من هذا كله ؟
اضطجع علي جنبه ينظر اليها مستندا الي مرفقه :
- جزء مماذا ؟
- حسنا .. انها .. معتاده علي هذا النوع من الحياه .. انها من طبقتك .. انا ما كنت لاقدر وحدي علي تنظيم تلك الحفله .
- اذن .. لماذا ازعجت نفسك بها ؟
- لانها جزء من تقاليد عائلتك .
بدت عليه الحيره : ولكنني لم اتوقعها فكرت في افامه حفله في الميلاد ورأس السنه .
تنهدت اورسولا : ليتك اخبرتني بنيتك تلك .
- لم تسألينني .
- لا .. لم أسألك .
- امازلت تعتقدين انني عدت الي علاقتي مع رونا ؟
- كنت تقبلها ساعه الالعاب الناريه ..
هز رأسه : هي من قبلتني وهذا يشكل فرقا كبيرا .
- لكنك ذهبت لرؤيتها في روما بعد خطوبتنا .
- يحق لها ان تعرف . فالسنوات العشر زمن طويل حبيبتي . وما كنت لا اتركها تعرف من احد سواي .
لمست ذقنه الخشن : لا .. لكنها بقيت دائما هنا .. حولك ، ولم تمتنع .
- ظننتها تساعدك .. وبدوت لي مستمتعه بصحبتها .
ابتسم حائرا :
- أترين ، ظننتك تتصرفين بحكمه مع ماضي كما تعرفين ان حبنا اقوي من اي ريح .
- أهكذا كنت تشعر ؟
- طبعا .. أترين .. ظننتك تكيفت مع حياتي ومع ديلغي وزوجته ومع عاملات المطبخ .
- بمناسبه الكلام عن المطبخ هل نزلت اليه مؤخرا ؟
- لا ..لا اظنني فعلت .
- هذا ما ظننته .. فيدل .. انه مكان حار جدا .. والخدم هناك بحاجه الي مكيف ..
صمتت لانه راح يقهقه :
وتقولين انك لم تتكيفي ..؟ حبيبتي .. اذا كنت تقولين انهم بحاجه ال مكيف فهذا ما سيحصلون عليه شرط ان تبقي هنا للاشراف علي العمل .
همست : احب البقاء مده اطول .
- انت رائعه .. لم احب امرأه كما احبك.
وانحني يعانقها مجددا . وكان كل ما ردت عليه : اه؛
ولكن في اعماقها فيض من امل وحب وفرح .. ثم عاد ليستلقي علي ظهره :
- اترين .. حدث كل هذا في باريس .. هل اخبرتك يوما عما جري في باريس ؟
شع حبها في عينها وهي تهم بالكلام .. ولكنه أسكتها بأصبعه :
- التقيت هناك بتلك الطالبه ، بتلك الرسامه المجنونه . كانت ترتدي جينز ضيقا ومعطفا قذرا خاص بالرسم اما شعرها فكان اشقر ولكنه اقصر من شعرك بقليل . وفي احد الايام ابتسمت لي في المقهي ووقعت في حبها .. وكنت مذهولا ذهولا جعلني اضع ثلاث معلاق من السكر في فنجان قهوتي التي عجزت عن احتسائها .. ما بالك حبيبتي لماذا تضحكين ؟
- اه لايهم ..
تذكرت ان حادثه السكر نفسها هي التي جعلتها تقع في حبه .. لكنها لن تخبره الان .
- انت مجنون لانك وقعت في حب نكره صغيره مثلي .. انظر الي المشاكل التي سببتها لك .
رد بكلمات جاده :
- لا تقولي هذا ابدا .. ولكنني كنت اسواء من مجنون لانني نسيت كم انت صغيره .. كانت غلطه مني ان اتوقع تقبلك لرونا .. صدقيني حبيبتي لم اكن اعرف ما كنت تفعل بك .
فجأه صارت الكونتيسه الكبيره غير مهمه لان فيدل لايحب سواها .
- دعنا لا نتكلم عنها .
فجأه تذكرت زوجه ابيها .. فقالت:
- لم اعط ايما الماللانني لم اجد ذلك مناسبا.
مسد شعرها : سنتكلم عنها لاحقا ، ربما نستطيع القيام بشئ ما من اجلها .
عندما تسلل نور الصباح الرمادي الضبابي من خلال الستائر استلقيا بهدوء . اورسولا نائمه علي كتفه وهو يمسد شعرها متعبا تعبا جعله لا يقوي علي تغيير ملابسه لينام . شعرت بأنها تتالف مع بيت غامر واحساس بالانتماء الي هذه العائله .. عائله ؛اه
- فيدل
- نعم صغيرتي ..؟
ابتعدت عن ذراعيه .. لقد اقتربت اللحظه .. واحست بانحباس انفاسها وتوترها : ارجوك يالله دعه يتقبل هذا .. دع هذا يظهر في عينيه ..
- اورسولا .. ما بك ؟
فجأه التقط الاثاره منها وقال بلكنته المثيره :
- عم تحااولين محادثتي ؟ عن رسمك ؟ أتريدين متابعه الدرس ؟ لقد اهتممت بهذا . وجدت لك فنانا في ميلانو .. وبامكاننا البقاء يوما في الاسبوع معا هناك .. انه ممتاز .. وستحبين حضور دروسه ..
قاطعته لتزف اليه الخبر :
-لا .. ليس الان ..
حين بدت عليه الدهشه ، ابتسمت له بخجل واشراق وقالت :
- علي الدروس ان تنتظر فتره .. لانني انا .. اظن ان لدي ما اخبرك به ..
منتديات ليلاس
***
النهايه