10- الليله الاخيره
منتديات ليلاس
وجدت اورسولا فيدل في غرفته .. ولانه لم يسمعها حين وصلت وقفت في الباب لحظات تنظر اليه ، وفيها توق الي ان يعود كل شئ الي ما كان عليه .. كان يتحرك برشاقه خطيره .
فجأه عرف انها هناك ، فرفع بصره بسرعه فاذا عيناه قسيتان زرقاوان تسجلان .. ماذا ؟ .. خيبه الامل ؟
قالت مرتبكه : لم تمهلني الوقت لاشكرك .
أنبأتها غريزتها ان الوقت مهم جدا . اذا كانا سيقرران الاستمرار بالزواج فهو أنسب وقت .
سألها خالي الوجه من المشاعر متوجها الي حقيبته ليخرج منها الاغراض .
- كم من الوقت تحتاجين ؟
وقفت اورسولا في منتصف الغرفه ، تتلاعب بحزام فستانها متوتره .. حاولت ان تشرح له مره اخري :
- لم اعرف انها قادمه . لقد وصلت علي حين غره .
لا رد او مساعده بل راح يخرج اخر شئ من حقيبته .
- انها مفلسه ..
اقفل سحاب حقيبته يتركها لديلغي ليبعدها :
- حقا ؟
- انها تريد مني ان اقرضها بعض المال.
يارباه ، لماذا يصعب عليها الامر ؟
- حسنا ؟ لماذا تقولين هذا لي ؟ أعطيها المال ان كنت تريدين ذلك. ان لا اضع الحواجز فيما يتعلق بالمال اورسولا . اعتبري المبلغ ان شئت ثمنا لخدمات قدميتها لي ..
ردت بحده : انت تحرف كل شئ ..
- انا لا احرف شيئا .. ألم تقولي ان ايما تريمان تريد بعض المال .. وماذا عني ؟ ألم اقل ان القرار يعود اليك ؟ ماذا تريدين ؟ هل انفقت كل مالك؟ اتريدين المزيد؟
ردت : لم انفق من مالك الا القليل .الا تري انني سجينه في هذا المكان ؟
- سجينه.
- لم اقصد ..
ظهر الغضب علي وجهه :
- بلي ، قصدت .. ماذا تقصدين بلفظه سجينه ؟ أتقولين انني احبسك هنا رغما عنك ؟
- انت تجول العالم مستمتعا ..
رفع حاجبيه ، فاردفت :
- وتتركني هنا عالقه حيث لا أنيس أو ...
صمتت عندما اخذت عيناه تجولان في الغرفه وفي ما وراءها من مناظر ساحره .
- أري ان ما يحيط بك يقبض الصدر حقا ..
- انت تتعمد اثارتي .. انك تعرف تماما قصدي .. فما يحيط بي لا يهم ..
قاطعها مردفا عنها : مادام المال متوفرا .
لكنها ارادت ان تقول الناس هم المهمون . بعد مقاطعته المريره لها انحبست الكلمات في حلقها فحدقت اليه برعب .. لقد صدق فعلا ما قالته ايما . يالسخريه القدر . يتوهم انها تزوجته طمعا بماله أما المراءه الاخري فلم تتزوجه من اجل مالها .
- يبدو انك تختار المراءه الغير مناسبه .. اليس كذلك ؟
ارتدت عنه بسرعه لتخرج من الباب ولكنه وصل اليه قبلها .. وامسك بذراعها يديرها اليه والغضب البارد ، المتباعد انقلب الي غيظ قاتم عنيف : ماذا قلت ؟
كانت الهمسه الثقيله مخيفه .. وكرر :
- ماذا قلت اورسولا ؟ انني اخذت المرأه الغير مناسبه ؟ أهذا ما انت مؤمنه به ؟
كانت اصابعه تؤلم ذراعها .. وظهر الم جهنمي علي وجهها مما زاد من سعادته .وشدت نفسها مبتعده:
- اتركني وشأني وفكر في ما تشاء
كانت قريبه منه بحيث شعرت بالاثاره المعتاده المألوفه تشعل اوصالها .. لكنها صاحت :
- لم اطلب من ايما المجئ .. انها تريد مالك العفن اما انا فلا اريده . لن تشتريني به ابدا .
بدت علي وجهه فيدل الصدمه هنيهه ولكن لم تلبث ان اشتدت شفتاه وسأل بحشرجه :
- اذن .. ماذا تريدين اورسولا ؟
وقفا يتبالان النظرات والتوتر يثب وثبا بينهما . لم يكن هناك ما يمكنها قوله وان لم يعرف الان ما تريد فلن يعرف ابدا .. لقد انتهي كل شئ .. فكرت في الطفل ، وكادت تنهار وتخبره . كادت تتوسل اليه حتي يحبهما . ولكن الطفل كان السبب في القوه التيجعلتها ترفع رأسها عاليا تحدق الي عينيه الزرقاوين العميقتين القاسيتين . كانت تريد ان تقول :
- سأقول لك ما أريد .. أريد لطفلنا ان يولد في عالم ملؤه الحب والامان .
لكنها لم تستطع ان تقول هذا .. ولن تستطيع .. فتنهد فيدل ، وكشر عن وجهه بشكل غريب :
-يبدو انك لا تعرفين ما تريدين .
كان يقف امامها .. يريد منها ان تبوح بما يعذبها . لماذا ؟ أليتمكن بعد ذلك من تحطيم اخر امالها ؟
احبك .. واريد ان نعود كما كنا في البدايه .
ولكن الكلمات ظلت في نفسها . حاولت مرارا وتكرارا ولكنها كانت تتراجع دائما بسبب دوارنها في دوامه اليأس . اخيرا قالت :
- حين وافقت علي الزواج بك .. لم اعتقد ان الامر سيكون هكذا .
عاد الي صوته الهدوء :
- وانا كذلك لم اكن اعتقد ان الامر سيكون هكذا .
كادت اورسولا تسمع تفكيره بصخب:
- من الافضل ان اعود الي ايما .. ستتساءل ..
نفذت عيناه الزرقاوان الي نفسها وكأنه يعرف السر الذي تخفيه .. واخيرا أبعدت عينيها عنه فارتسمت بسمه متوتره علي شفتيه . قال ينهي حديثهما بكل سهوله :
- بكل تأكيد .. عودي الي زوجه ابيك وارجو ان تعتذري نيابه عني لانني لن اتعشي معكما الليله لانه لدي عمل.
تحركت اورسولا الي الباب مرتبكه تعسه الي درجه البؤس ثم التفتت تعض شفتها لئلا ترتجف .
- شكرا لك علي اللوحات.. لا يسعني نسيان المفاجأه.
لكنه لم يسمعها فقد رن جرس هاتفه الخاص . عندما كانت تهم باغلاق الباب الباب سمعته يتحدث بالايطاليه وكانت الكلمه الوحيده التي فهمتها .. رونا .تلك الليله لم تره ثانيه .
توارت شمس الصباح خلف الغيوم فارتجفت اورسولا . سألها ريكو وهو يحرك بعض الحصي بقدمه :
- هل هذا ما تريدينه حقا ؟
اطرقت برأسها الي يديها المتشابكتين وقالت بهدوء :
- انه الحل الامثل .
التقط ريكو حصوه ورماها في الماء ..
- انت لم تأت هنا منذ ايام .. سألها
بمن يذكرها هذا العبوس ؟ .. وتابع :
- قلقت عليك .. ظننت ان زوجك شاهدنا .. وانه يغار .
حاولت اورسولا ان تضحك .. فالغيره ليست الكلنه المناسبه .. وقالت :
- ان من يجب ان يغار.
نظر اليها بارتبك فأردفت بعد قليل :
- رجاء تعال غدا باكرا لتصحبني .
- الي اين ؟
هزت كتفيها : الي باريس اولا . اما بعد باريس ...
ثم ادركت ان عليها الا تقول شيئا فلفيدل نفوذه .
- قد لا اذهب ال باريس ..في الواقع لا ادري حقا ..
سألها : أتشكين في ؟
لم يكن في صوته غضب بل امر واقعي حتمي .. عبست اورسولا لانها ادركت ان لدي هذا الرجل سرا ما . ريكو دوريانو .. من اين اتي ؟وماذا يفعل هنا حقا ؟ .. وما دوافعه ؟
تلك الليله شعرت اورسولا ان شيئا ما يكاد يدفعها الي الجنون انها الان في فراشها المزدوج العريض .. تلوت وتقلبت ورغبت ان يكون فيدل معها .. وعادت ذكري عذابها تلاحقها .. وشعرت بالوحده وبالشوق اليه كما شعرت بالفراغ والبؤس لمعرفتها ان زوجها ينام في غرفته وحيدا . صدقا .. من سمع في هذه الايام برجل وزوجته يعيش كل منهما في غرفته الخاصه ؟ انها ترغب فيه وتريده بغضب اعمي ارادت ان يحبها وان يشاطرها فراشهاوان يعاشرها كزوجه ليله بعد ليله .. كما أرادت لطفلهما ان يتربي في بيت لا في مجرد منزل . وان لم تستطع الحصول علي هذا كله فهي اذن لن تستطيع البقاء معذبه نفسها بقربه منها لن تستطع تحمل رنه صوته القوي وهو يتحدث الي امرأه اخري لايمكنها ان تعرض لمثل هذا العذاب ..
ان البديل الوحيد امامها هو الرحيل مع ريكو الذي سيقلها في الصباح الباكر الي البر.
كانت زوجه ابيها قد سألتها بعد الغداء:
- اثمه خطب بينك وبين زوجك.
- ماذا تعنين ؟
- لاشئ حبيبتي ولكن هل تحدثت الي فيدل بشأن ما كنا نتحدث عنه ؟
- اجل ..اعني ...
- وماذا ثال ؟
- انا .. انه .. لم يقرر شيئا .