كاتب الموضوع :
محبة القراءة دائما
المنتدى :
روايات زهور
اقتباس :-
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحلى بنت |
مشكـورة اختي على هذا الجزء ....
ومتابعة ^_^
|
شكرا حبيبتى على متابعتك الجميلة نورتى
( منصور) إلى الشرفة و قد لاحظ توترها ثم ما لبث أن قال بصوت خافت :
ـ هل هناك ما يكدرك يا هانم ؟
التفتت إليه لتنفجر فى وجهه بعصبية :
ـ ما هذا ؟ ما شأنك أنت إذا كان هناك ما يكدرنى أم لا ؟
قال ( منصور) متحرجا و قد فاجأته بهذا الأسلوب الذى لم تحدثه به منذ أن حضر إلى الفيلا :
ـ لقد لاحظت ...
و لكنها قاطعته بنفس الحدة :
ـ ليس من حقك أن تلاحظ أى شئ أو تبدى تعليقا بشأن أى شئ فأنا أرى منذ حضورك إلى هنا أنك تتصرف بطريقة غريبة و أحيانا تتجاوز الكثير من الحدود
أطرق ( منصور ) برأسه إلى الأرض قائلا :
ـ آسف يا هانم
و استدار ليغادر الشرفة لكنها استوقفته قائلة :
ـ انتظر
و اقتربت منه و فى ملامحها شئ من الندم لتعتذر له قائلة بصوت خافت
ـ لا تغضب منى يا عم عبده فأنا التى يجب أن اعتذر لك
قال سريعا :
ـ العفو يا هانم
( نجلاء) :
ـ إننى أشعر بأنك رجل طيب و أنك تحب الخير للآخرين لكننى أشعر ببعض الضيق الآن
شجعته لهجتها الحانية على أن يقول لها :
ـ لعدم حضور ( وجدى) حتى الآن
نظرت إليه بدهشة و لكنه سرعان ما استدرك :
ـ آسف ( وجدى) بك إنه زلة لسان
استطردت ( نجلاء) قائلة :
ـ إننى أشعر أحيانا بأنه يتعمد أن يحرجنى فهو لا يحضر فى موعده دائما بل أحيانا كثيرة يدعنى أواجه الموقف بمفردى
قال لها ( منصور) و هو يبدى اهتماما حقيقيا :
ـ هل اتصلت به فى مكتبه ؟
( نجلاء) :
ـ اتصلت و أخبرتنى سكرتيرته أنه غادر مكتبه منذ ساعة
( منصور) :
ـ إذن فلابد أنه فى طريقه إلى هنا
( نجلاء) :
ـ الطريق من الشركة حتى هنا لا يستغرق عشرين دقيقة
بدأ القلق ينتاب ( منصور) من أجل ابنه فإذا كان قد غادر مكتبه منذ ساعة و إذا كانت المسافة بين الشركة و المنزل لا تزيد على عشرين دقيقة فأين ذهب إذن ؟ خاصة و هو يعرف أن هناك عددا من المدعوين و المدعوات فى منزله الليلة لحفل أقيم خصيصا من أجله
و قال لها فجأة :
ـ سأذهب لأبحث عنه
و لكنها أوقفته قائلة :
ـ ما هذا ؟ هل ستذهب لتبحث عنه فى الطرقات ؟ إنه على كل حال ليس بالطفل الصغير و لابد ان عملا ما قد عطله و فجأة نظر إلى البوابة الخارجية و علت وجهه ابتسامة ارتياح و هو يقول :
ـ لقد حضر ها هى ذى سيارته
و نظرت ( نجلاء) للسيارة و هى تعبر البوابة إلى داخل الفيلا و قد هدأ توترها قليلا
قال ( منصور) متهللا :
ـ سأذهب لآستقباله بنفسى
تطلعت إليه ( نجلاء) و قد حلت الدهشة محل التوتر على ملامحها قائلة :
ـ لم أكن أعرف أنك تحبه هكذا
و تضاعفت حيرتها
تضاعفت كثيراً
5 ـ متاعب رجل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اندفع ( منصور) نحو سيارة ( وجدى) و هو يهم بفتح بابها قائلا :
ـ لماذا تأخرت هكذا ؟ الضيوف يسألون عنك و زوجتك قلقة جدا
و لكن ( وجدى) حدجه بنظرة صارمة محذرا إياه من التبسط فى الحديث و أدرك ( منصور) أن هناك آخرين معه فى السيارة فتدارك الموقف و توقف عن الحديث و هو يفتح الباب الخلفى و أحس بقلبه يخفق فى شدة عندما رأى ابنته ( هالة) و هى تهبط من السيارة و معها أبناؤها الثلاثة و لم يستطع أن يتحكم فى نظرة الاشتياق التى قفزت إلى عينيه و هو يتأمل ملامح وجهها و سرعان ما قال و هو يغالب أحاسيسه :
ـ أهلا و سهلا يا ( هالة) هانم
ردت عليه وفى عينيها نظرة حزينة :
ـ أهلا يا عم عبده من فضلك أحضر الحقائب من السيارة
قال( وجدى) :
ـ اسبقينى أنت و الأولاد إلى الداخل و سألحق بكم
وقف ( منصور) يتابعها فى أثناء دخولها إلى الفيلا و هو يشيعها بنظرات حنونة فى حين اتجه ( وجدى) إلى حقيبة السيارة الخلفية ليفتحها و يخرج منها الحقائب الخاصة بـ( هالة) و أولادها فاقترب منه ( منصور) بعد انصراف ابنته قائلا و على وجهه ابتسامة امتنان :
ـ لم أكن أعرف أن تأخرك هذا سببه ذهابك إلى ( هالة) و لو أنه كان يتعين عليك الاتصال بنا و اخبارنا بذلك
حتى لا تثير قلق زوجتك و تتسبب فى احراجه أمام الضيوف
و لم يرد عليه ( وجدى) بل تناول الحقائب ليضعها على الأرض ووجهه ينم عن الضيق و الغضب فى حين أردف ( منصور) قائلاً :
ـ على كل حال اشكرك لأنك استجبت سريعا لمطلبى و أحضرت ( هالة) معك هى و الأولاد إنه ليسعدنى أن أشعر بأنك ترعى خاطرى و تدرك حقيقة احساسى كأب
التفت إليه ( وجدى) قائلا بانفعال :
ـ حسنا يتعين عليك أن تعرف أننى لم آت بـ ( هالة) و أولادها مراعاة لخاطرك أو ادراكا لأحاسيسك الأبوية كما تقول و إنما أحضرتها إلى هنا لأنها على خلاف مع زوجها و هما على وشك الانفصال ألم تلحظ كل هذه الحقائب التى أحضرتها معها ؟
نظر ( منصور) إلى الحقائب و قد اكتست ملامح وجهه بالقلق قائلا :
ـ نعم كيف لم ألحظ ذلك ؟ و لكن ما الذى حدث ؟ أعنى ما سبب الخلاف بين (هالة) و زوجها ؟
قال ( وجدى) متبرما :
ـ و هل تنتظر منى أن أترك زوجتى و الضيوف لأقف هنا و أحكى لك تفاصيل الخلاف بينهما ؟
لقد كنت تريد ان تكون قريبا من ابنتك لتنعم بصحبتها و ها هى ذى قد جاءت لتبقى بجوارك لفترة طويلة فلتهنأ إذن بصحبتها و كفانى ما أنا فيه من مشاكل و الآن أعتقد أنه من المتعين عليك أن تحمل هذه الحقائب إلى الداخل كما قالت لك ( هالة) أعنى أن هذا هو الوضع المفروض أمام الآخرين
و انحنى ( منصور) على الحقائب ليحملها و قد ظللت وجهه ملامح الوجوم و هو يقول :
ـ نعم .. نعم أفهم ذلك اسبقنى أنت و سألحق بك
تحرك ( وجدى) عدة خطوات إلى الأمام و لكنه ما لبث أن توقف و قد بدا له أنه قد تذكر شيئا فعاد إلى أبيه قائلاً :
ـ بالطبع لست بحاجة لكى أذكرك بعدم الإفراط فى اظهار المشاعر تجاه ( هالة) و أبنائها كما هو الحال بالنسبة لـ ( وائل) حتى لا يلحظ أحد شيئا
قال ( منصور) دون أن ينظر إليه :
ـ أعرف ما يتعين على أن أفعله و لست بحاجة لكى تذكرنى بذلك
و حدق فيه ( وجدى) برهة ثم أطلق زفرة قصيرة و استدار عائدا
إن تصرفاته تجاه أبيه تحمله عبئا نفسيا كبيرا فكلما التقيا و تحدثا معا انتابته مشاعر متناقضة و متصارعة شعور بالبغض و ذكريات الماضى التى تتراقص أمام عينيه بكل ما فيها من ألم و شقاء عاشها على يد هذا الرجل الواقف أمامه و التى لم تنقض بابتعاده عنه و هجره لهم بل ظلت باقية فى نظرة الحزن و الألم التى كان يراها دائما فى عينى أمه التى أحبها من كل قلبه و كان يعرف و يدرك جيدا أنها كانت تحب أباه بالرغم من كل شئ و بالرغم من كل قسوته معها و أنها حزينة بسببه و لأجله حتى قضى عليها هذا الحزن بالرغم من كل شئ و بالرغم من انقضاء سنوات طويلة على الفراق و كان آخر ما رآه فى عينيها قبل موتها تلك النظرة التى تحمل كل شقاء العالم بالرغم من كل ما حاول أن يوفره لها من أسباب السعادة و شعور آخر بتأنيب الضمير فهذا الرجل أبوه و هو يبدو مخلصا فى مشاعره الحالية تجاهه و تجاه أخته إنه يبدو بالفعل نادما على السنين التى فرقت بينهم و يحاول أن يعوضها برغبة جامحة و لكنه عاجز عن أن يتجاوب معه فى عاطفته المشبوبة هذه بل إنه يجد نفسه أحيانا كثيرة و دون وعى منه مندفعا إلى إيذاء مشاعره و التعامل معه بقسوة ثم لا يلبث ان يشعر بالندم من أجل ذلك ربما لأن مشاعره قد تجمدت تجاه أبيه بفعل السنوات الطويلة التى باعدت بينهما و تلك الذكريات المريرة التى ترتد لعقله كلما رأى هذا الأب و لكن ليت الأمر يقتصر على مجرد المشاعر الجامدة فقط و ليته يتوقف عن استخدام ذلك الأسلوب فى التعامل معه و تلك القسوة التى تكوى ضميره كلما وجد نفسه مندفعا للتصرف بها و دون وعى منه و حتى لو نجح فى السيطرة على مشاعره و اندفاعاته فالظروف تحتم عليه أن يتعامل معه على هذا النحو الذى يضايقه . . تعامل ارئيس مع المرءوس إنه أمام الجميع حارس و بواب لمنزله و أحيانا يقوم بدور الخادم بما يستتبعه ذلك من قيامه ببعض الأعمال التى يضطرها إليه وضعه هذا كما أن الآخرين يتعاملون معه بهذه الصفة و هذا يثير فى نفسه الكثير من الضيق و لكنه لا يجد حيلة إزاء ذلك إنه مستعد لأن يدفع له ما يريد فى مقابل أن يغادر هذا المنزل فهو رجل يكره المشاكل و متاعب الإحساس بالذنب و كفاه مشاكل عمله و متاعب طموحاته بل إنه مستعد لأن يتغاضى عن كل ما بينه و بين أبيه من ذكريات مريرة فى مقابل أن يعفيه من كل تلك المتاعب التى يسببها له وجوده معه و يجنبه ذلك الإحساس بالضيق و الخطر الذى يحاصره دائما منذ أن التقيا ليته يبتعد و لا يبقى بينهما ما يذكره به من خير أو شر و ها هى ذى أخته فى خلاف جديد مع زوجها و الأمور بينهما تنذر بالانفصال ما لم يحاول أن يتدخل فى الأمر و يحسم هذا الخلاف إنها مشكلة أخرى تضاف إلى مشكلته مع أبيه و هو يكاد يشعر بالاختناق من تلك المشاكل التى أخذت تحاصره
أما ( منصور) فلم يكن هناك ما يشغله فى هذه اللحظة سوى قلقه على ابنته إن معنى أن تأتى إلى منزل أخيها مع أبنائها أن هناك مشكلة كبيرة بالفعل بينها و بين زوجها مشكلة تهدد حياتها الأسرية وواجبه كأب يحتم عليه أن يتدخل لحل هذه المشكلة و رأب الصدع الذى يهدد بيت ابنته و حياتها بالانهيار و لكن كيف السبيل إلى هذا و هو لا يستطيع القيام بدورالاب؟
كيف السبيل إلى مساعدة ابنته اذا كانت حتى هذه اللحظة تجهل أنه أبوها و لا يستطيع أن يخبرها بالحقيقة ؟
و كيف السبيل و بأى حق يتدخل و هو فى نظر الجميع عبد التواب البواب ؟ ... رجل على الهامش فى حياة ابنه و ابنته ؟
كيف يمكنه مساعدتها و حل مشاكلها كأى أب آخر دون أن يكشف الحقيقة و السر المجهول فى حياته و حياة ابنه و ابنته
لا ناص إذن من الاعتماد على ابنه فى حل هذه المشكلة و الوقوف إلى جوار أخته مادام هو عاجزا عن التدخل يجب الا يدع الأمور تتطور إلى ما هو أخطر ببقائها فى منزل ( وجدى) بعيدا عن منزلها و يتعين عليه أن يسانده فى ذلك و يساعده على اصلاح الأمر
****************
بادر ( وجدى) زوجته قائلا :
ـ آسف يا ( نجلاء) للتأخير و لكن
و لكنها قاطعته قائلة :
ـ لقد فهمت كل شئ عندما رأيت ( هالة) قادمة معك و معها حقائبها و لكن ماذا حدث ؟ إن ( هالة) تبدو منهارة تماما
نظر إليها ( وجدى) واجما و هو يقول :
ـ ستقيم ( هالة) و أولادها معنا لبعض الوقت
قالت :
ـ على الرحب و السعة و لكنك لم تخبرنى عما حدث
نظر إليها و قد ازداد وجوما و قال :
ـ منير على علاقة بإمراة أخرى
|