كاتب الموضوع :
النهى
المنتدى :
الارشيف
في غرفة عادية الأثاث .. جلست على الكرسي .. وعيناها تشع فضولا .. وقلقا .. أمامها جلس هو على سريره يرتشف الشاي .. وبين لحظة وأخرى يعيد ترتيب ( شماغه ) بتوتر ..
_ ماراح تتكلم ؟
_ طيب ليه معصبه انتي الحين ؟
_ مو معصبه بس اخلص تكلم صار لك ربع ساعه تشرب في هالشاهي اللي اشك انه مثلج الحين ..
_ مممم بدور .. كيف علاقتك بمها ؟
_ ليه تسأل ؟
_ إنـّا لله .. مو انتي تبين تعرفين سالفتي ؟ كيف تبيني أعلمك وأنا كل ماقلت شي نطيتي لي .. خلاص انسي الموضوع ..
_ لااا خلاص .. راح أجاوبك وأمري لله ..تقدر تقول عاديه ..
اوكي نسولف نضحك سوا نمون على بعض .. بس مافيه ذيك العلاقه القويه ..
_ يعني قصدك خصوصيات ماتعرفون عن بعض ؟
_ عليك نور .. وهي واضح عليها أصلا ماتقرب أحد لحياتها الخاصة ..
_ كيف يعني ؟
_ ما أدري بس تحسها شخصية غامضة شوي ..
_ تحسين عندها شغلات مي مضبوطه ؟
_ يااااااااااااكرهي لتفكيركم يالشباب .. كل ماطق عود حصاة قلتوا هالبنت مشبوهه وذيك ميب عاقله وهذي مادري وش فيها ..
_ هههههه من اللي نشوفه وأنا أخوك ... المهم بس مها ..
قاطعته بضجر :
_ قلنا لك ما أعرف شي عنها .. بس البنت عاقلة وذوق ومتربية وأهلها محترمين .. الزبده بتخطبها ؟
نهض من مكانه , وعاد إليه ..
_ ههههههههههههه أخطبها ؟
_ ليه تضحك ؟ بعدين أنا أسألك ترجع تسألني ؟ انت ليه تسأل عنها حاط عينك عليها ؟
_ تبين الصراحه .. البنت معجبتني ..
_ محمدووه .. وانت من وين عرفتها ؟
_ من وين يعني ؟ مو هم جيراننا ؟ كم مره شفتها الصبح طالعه لجامعتها هي وأختها .. ومرة صدم سواقهم ووقفت أساعدهم .. بعدين أسمع عنها منكم ..
_ لحظه لحظه .. متى صارت سالفة الحادث ؟
_ بداية الترم ..
_ شف .. لك شهرين ماتكلمت ليه ؟
_ ماجت فرصه .. المهم ماتدرين هي مخطوبه محجوزه لأحد ؟ سولفت مره عن أحد يعني شغلات زي كذا ؟
_ حسب علمي لا ..
_اييييه الحمد لله ..
_ الله يكتبها لك كان فيها خير ..
_ كثري دعواتك .. ولا تعلمين أمي الحين ..
_ لييييييه ؟
_ من دون ليه .. يلا ضفي وجهك أبي أنام ..
_ ايه قضت المصلحه .. بااي ..
غادرت غرفته وتركته يستلقي على سريره .. وذكرى قديمة تداعب جفنيه ..
"" سيارة عائلية سوداء.. ترجل منها سائق شرق آسيوي مألوف له تماما ..
( هذا سواق أبو ناصر .. وش عنده ؟ )
_ سلاام جوزيف .. ايش فيه سيارة ؟
_ سلام بابا محمد .. مايدري .. هذا فيه ولد يصدم بعدين روح ..
_ مايعرف موديل مايشوف رقم ؟
_ لا بابا مايعرف ..
_ والله اني داري من شفت وجهك ان ماعندك سالفة .. طيب فيه معك أحد ؟
_ ايوه بابا فيه ماما مها وماما سارة يودي جامعة ..
في هذه اللحظه سمع صوتا هامسا :
_ ماما في عينك يالشايب ..
التفت دون وعي لتقع عيناه على فتاة تضع لثمة خفيفة لم تكن تنظر إليه أبدا ..
_ جوزيف تعال بسرعه ..
_ نعم ماما مها ..
_ كم مره اقول لك لا تقول ماما .. الحين سيارة ماتمشي مره ؟
_ ايوه مها ..
قرر أن يتحرك أخيرا ..
_ جوزيف اركب خلني اشوف السيارة ..
أخذ دور القائد .. وبجانبه ركب جوزيف ..
_ نعم نعم أخوي ؟ ماتشوف فيه حريم في السيارة ؟
_ شايفهم بس حبيت أساعد ..
_ ماطلبنا مساعدتك انزل لو سمحت ورح بطريقك ..
همست أختها :
_ مها ماله داعي تكلمين الرجال كذا .. دقي على ابوي وهو بينزل لحاله..
قبل أن ترد تدخل السائق :
_ هذا بابا محمد .. هذا جيران ماما مها ..
انتظر ردا منها أو حتى من أختها وخاب أمله ..
( لايكون استحت عشانا جيران ؟ قبل شوي بغت تاكلني والحين ما اسمع حتى نفسها .. غريبه هالبنت )
بعد عدة محاولات استطاع تشغيل السيارة ..
_ انتبه للطريق ولا تسرع .. سلم على ابو ناصر ..
غادرت السيارة ونظره يتبعها ..
( يقلعها عليها صوت .. عليها عيوون .. حتى ريحة عطرها تذبح ... ايه باين أختها متسترة مستحيل تتعطر مع سواق .. امش امش بس لشغلك واترك عنك هالتفكير تراهم بنات ابو ناصر .. جارك ياحموود ) ""
***********
( حبيبتي الصغيرة ,,
سأعود إليك قريبا .. حاملا شهادتي التي استلمتها اليوم في يد ..
وفي اليد الأخرى قلبي ..
هل تدركين كم أعياه الشوق ؟
مازلت أذكر ياحبيبتي صورتك حين رأيتك آخر مرة .. قبل ست سنوات ..
أذكر أنك احتجبتي عني تلك السنة .. ولكنني دخلت متعمدا دون أن أنادي ( ياولد ) ..
لأراك تضحكين مع والدي وأخويّ عمر وتركي ..
وأذكر جيدا الغضب الذي تفجر في الغرفة الصغيرة ..
من والدي الذي لم يعجبه استهتاري على حد تعبيره ..
ومنك أنتي ياحبيبتي لأنك تعلمين أنني تعمدت ذلك ..
والغضب المجنون الذي أحرق قلبي وهدد بإحراق أخوي ّ لأنهما حظيا بضحكك وحرمت منه أنا ..
صورتاك ظلت معي سنوات الغربه الثلاث .. صورتك ضاحكة .. وصورتك غاضبة ..
كنت جميلة جدا ياحبيبتي .. وأعلم أنك كذلك الآن .. لم تتغيري أبدا ..
لا تستغربي فقلبي يحس بأن مها طفلتي وحبيبتي مازالت كما هي ..
بريئة ومليئة بالحياة والمشاعر والتمرد أيضا ..
انتظريني فقط ..
ابو العز 31 يوليو.. )
*********************
_ عمر ماقالك عبد العزيز متى رحلته ؟
_ والله مادري من اسبوع وهو يقول كلها كم يوم ..
_ متى آخر مره كلمته ؟
_ قبل أمس ..
_ ممكن طيب تعطيني وجه وتخلي الكمبيوتر شوي ؟
_ تركي وش تبي من الحياه انت ؟ خلني اكمل شغلي ورح كلم عزيز كانك قلقان عليه هالقد ..
_ قال ايش قال شغلي .. تكفى لاحد يسمعك بس ..
_ .......
_ عويمر وتراب تسمعني انت ولا ؟
_ ..........
_ شف هاللي سافهني ..
_ .......
_ ولد رد على اخوك الكبير ..
_ ارحمني يالكبير ترى كلها اربع سنين ..
_ وتشوفها قليله يعني ؟
_ رح رح بس ذاكر بكره عليك اختبار ..
_ ايه بأروح اذاكر اجل اقابل وجهك .. مادري ليه ماطلعت علي انا وعزيز ..
_ ههههههههههه هذا اللي ناقص .. يكفي انت واياه ونظاراتكم هههههههههه
_ هههههههههههه يقلع ابليسك .. خلني اكلم عزيز واقول له عنك ..
_ طيب اللي تبي بس رح واللي يسلمك ياتركي اشغلتني ..
نهض تركي وهو يهز رأسه بشعره الطويل ويقول :
_ مادري ليه اسكت له وهو يطردني من غرفته ؟
ورد عليه عمر بضحكة مجلجلة :
_ لأنك تحبه ههههههههههه
وعاد ليكمل تصميم موقعه الجديد بعد أن ملّ من الموقع السابق ..
*******************
في غرفتها الصغيرة , بألوانها الوردية الفاتحة .. والتي لا تعكس شخصيتها المتمردة أبدا ..
جلست على كرسيها .. وقد مدت رجليها على المكتب .. وقلم يسكن بين شفتيها .. كعادتها حين تفكر ..
وصوت أبي نورة يخترق سكون الغرفة ..
وهمـ .. كل المواعيد وهم ..
تعب تعب .. كل المواعيد تعب ..
باسم الحب .. باسم الشوق .. مأساتي معاك تزيد ..
وأتم بعيد , وتتم بعيد ..
وأتم مثل الحزن .. أنطر سحابة عيــــد ..
أجي ملهوف ..
ملهوف عطش .. تحت المطر ملهوف ..
وقتي يطوف ..
لوني ضايع ومخطوف ..
يضيع الشارع بصمتي .. وصمت الانتظار سيوف ..
وكل مامر وهم صوبي .. أقول انتـــــــــي ..
وأتم بعيد .. وتتم بعيد ..
وأتم مثل الحزن .. أنطر سحابة عيــد ..
كذبت العيون .. والموعد وهمـ ..
ألم .. كل ساعة وكل لحظة ألمـ ..
وين عيون حبتني .. ومنـتني .. وقالت لي نعم ؟
تلاشت فرحتي ..
وتاهت خطوتي ..
وحلمي كبير .. كبير .. كبير .. في لحظه انهدم ..
وكل ما مر وهــــم صوبي .. أقول انتي ..
وأتم بعيد .. وتتم بعيد ..
وأتم مثل الحزن .. أنطر سحـــابة عيد ..
انتهت الأغنية .. وهي مازالت تهز رجلها على الطاولة .. تقضم نهاية القلم , وتحدق في الفراغ ..
( وبحبك وحشتيني .. بحبك وانتي نور عيني )
شهقت فزِعة حين علا رنين جوالها قاطعا شرودها ..
_ الو ..
_ .......
_ ياااااهلا والله وغلاا .. اخيييرا قررتي تردين روحي وتسمعيني صوتك ؟
_ ....
_ ههههههههههه وانتي ماراح تتركين هالعادة ؟ كل مادقيتي لازم تسأليني وش فيه صوتي ؟
_ ......
_ احم احم .. كذا طيب ضبط ؟
_ ....
_ هههههههه يمكن لأني ساكته من اليوم .. المهم وش جابنا على بالك فجأة ؟
_ .......
_ يااحبي لك والله وانا فاقدتك .. بس وش أسوي بك انتي وعريس الغفلة ..
_ .....
_ هههههههه من الحين ماترضين عليه ؟ وييين اللي مستحيل أحبه ومادري ايش .. صدق حريم ..
_ .......
_ هههههه يازينك وانتي مستحيه ..
_ .....
_ الله يحييييك .. ان ماشالتك الأرض تشيلك عيوننا ..
_ ....
_ ايييييه اسمع صوته اوووف ياختي احسه ثقيل دم ..
_ .....
_ ههههههههه طيب طيب روحي الله معك .. نشوفك على خير ياقلبي ..
_ ....
وضعت جوالها بجانبها .. وتنهيدة فرح تخرج من صدرها ..
_ الله يوفقها وين ماراحت ..
_ مين هذي ؟
_ بسم الله ... انتي لازم تروعين يعني ؟
_ ايه ولا ما اكون سوسو ههههههههههه
_ هاهاها ياخف دمك ..
_ مايحتاج تقولين .. المهم مين هذي اللي الله يوفقها ؟
_ ترى مايمدحون اللقافة ..
_ قولي والله ؟ اخلصي علي بس قولي ..
لم يكن الفضول طبعا لسارة .. لكن ماشد انتباهها نبرة المحبة في صوت أختها ..
لم تسمع مها تتحدث عن إحدى صديقاتها أو ( خوياتها ) بهذا الصوت أبدا ..
وهذا اللي يجعلها تصر على معرفة من المقصودة بالدعاء ..
_ وعد .. ارتحتي الحين جدتي سوير؟
_ وعد ؟؟؟
_ ايه وعد ليه مستغربه ؟
_ هاه .. لا ولا شي ..
ومضت وهي تهز رأسها مستغربة .. وتركت أختها أشد منها استغرابا ..
_ الحمد لله والشكر .. وش قلت أنا عشان يصير فيها كذا ؟
أمسكت جوالها .. بحثت عن رقم مسجل بلا اسم .. وضغطت ( اتصال ) ..
****************
_ الو .. تركي .. الووو
_ هلا هلا أسمعك .. ايه كذا كويس .. وش أخبارك يابو العز ؟
_ بخير جعلك بخير .. بشرني عنك وعن ابوي وعمر ؟
_ كلنا بعافيه الحمد لله .. هاه متى رحلتك ؟
_ الحين بأركب الطيارة .. على الساعة 11 خلك في المطار ..
_ تااامر أمر يابو العز ..
_ مايامر عليك عدو ياخوي .. يلا اخليك .. توصي شي ؟
_ سلاامتك .. توصل لنا بالسلاامة ..
_ الله يسلمك ويسلم غاليك .. فمان الله ..
بصوت هزه الشوق رد ..
_ فمان الكريم يالغالي ..
لم يطق صبرا .. وركض لغرفة عمر ..
_ عمــــــــــــــــــــــر .. عممووووووووور وينك ؟
_ وش فيك بسم الله ؟ أنا هنا يالاخو ..
ضمه بقوة .. وهو يقول ..
_ اخونا وتاج راسنا بيرجع .. بيوصل لنا الليلة ..
_ قل والله .. تركي من جدك ؟
_ ايه وربي .. أمزح معك أجل ..
_ أنا عارف انه بيرجع قريب بس ماتوقعته اليوم .. الحمد والشكر لك يارب ..
_ عويمر خلك رجال وبلا دموع ..
_ هذي دموع الفرح وأنا أمك .. ماصدقت اليوم اللي أشوف أخوك فيه .. عقبال ما أزوجك انت واياه ..
_ ههههههههههه ماتترك طبعك .. قم بس خلنا نروح نبشر أبوي ..
_ خلها مفاجأة له ..
_ أخاف على قلب أبوك من الفرحة .. خلنا نمهد له أول ..
_ الله يطول لنا بعمره .. هالأيام أساسا متغير وشكله تعبان .. بس مايشكي جعلني فدا راسه ..
_ يجي ابو العز بالسلامة وهو اللي يعرف له .. ولا أنا وانت يشوفنا مبرزه ههههههههه
ومضيا لوالدهما ترافق الفرحة خطواتهما .. ويطل الشوق من أعينهما ..
*************
|