كاتب الموضوع :
وداد التميمي
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
الفصل العاشر
- يبدو انني افسدت كل شئ بمجيئي قبل موعدي المحدد....
وساد صمت ثقيل بعد هذه الكلمات ... وكان لابد ان تنتظر تيري بعض الوقت قبل ان تستطيع النطق .
- لا ....ابدا يا راف ، ويبدو ان هذه الكلمات التي نطقت بها بصوت مضطرب قد ضاعفت من ثورة راف وغضبه فقد غادر المكان دون ان ينطق بكلمة واحدة ودون ان ينظر الى احد .
وقال لاري متلعثما :
- يالسوء الحظ ..
لم تسمع تيري ما قاله . كانت تنظر الى ظهر راف وهو يسرع الخطا مبتعدا ان الله وحده يعلم ماذا استخلص راف من الكلمات التي نطق بها لاري
- تيري انا اسف ..لم اكن اقصد ان اسبب لك أي ازعاج ..كنت اتكلم دون تفكير .
- يجب ان الحق به .
حاول ان يمنعها قائلا :
- دعيني اذهب معك ..
- لا .....
- سأعترف له انني فرضت نفسي عليك ..وأنك رفضت وجودي .
- شكرا ....ولكن هذا امر يجب ان اعالجه بنفسي ...
- أذا كنت واثقة من ذلك .
- تمام الثقه ...
-سأقول لرجالي ان يستعدوا للرحيل ..بعد نصف ساعة لن تجدي احدا منا هنا .
- حسن جدا ...
- انا آسف مرة أخرى لأن الأمور تطورت على هذه الصورة ..لقد كنت مسرورا جدا برؤيتك .. وأذا اردت العودة الى العمل رغم كل ذلك فمرحبا بك في أي وقت .. انني أحتفظ لك بوظيفتك دائما ...
- لا يهمني ذلك في الوقت الحاضر .
- لابد انه متأثر الأن ولكنه سرعان ما سيفهم الموقف على حقيقته .
- ارجو ان تكون على حق .
- هل سأراك قبل الرحيل ؟
- بالتأكيد يا لاري .
ترددت تيري لحظة امام باب البانجالو الذي يقطنه راف ثم قرعت الباب وبمجرد سماعها كلمة ادخل أدركت ان مرجل الغضب يغلي في صدره . وتقدمت وهي وجلة خائفة . وجدته في غرفته يفرغ حقائبه ولم يعن حتى بالألتفات اليها .
- صباح الخير يا راف
ولم يجبها بغير هزة من كتفيه . وراح يطوح ملابسه قطعة وراء قطعه فوق السرير ويبدو ان الأبتسامة هجرت الى الأبد وأصبح مجرد التنفس عملية قاسية بالنسبة لها ...
- راف انا اسفه .
ظل صامتا وكأنه بمفرده في الغرفة .
- اعلم ماذا أحسست به عندما وجدت لاري هنا ...
ولأول مرة راح يحدق فيها .كان وجهه شاحبا متقلصا . لقد سبق لـ تيري ان رأته غاضبا ولكن ليس الى هذه الدرجه .
- هل تدركين حقا ما أحس به يا تيري ؟
وأجابته بصوت مرتجف .
- نعم ...
ثم أستطردت قائلة :
- وأريد ان اشرح لك كل شئ .
ووضعت يدها على ذراعه ولكنه ابتعد بحركة مفاجئة .
- اريدك ان تعرف ...
- لا أريد ان اعرف غير شئ واحد ..عندما حادثك لاري تليفونيا في ذلك الوقت هل قلت له انني لن أكون موجودا ؟
- انت لاتفهم ...؟
- هل قلت له ذلك ..؟
- نعم .. ولكن...
- هذا يكفي ... لا اريد ان اعرف المزيد ..
- من فضلك .. دعني اشرح لك .
- تشرحين ماذا بالضبط ؟ كانت عيناه مليئتين بالأحتقار .
- انني افسدت عليكما استقبالكما الصغير !!انني لو كنت على علم بحضور لاري لما عدت ..كما كان متوقعا ...
وأحست تيري باليأس يحل داخلها محل الغضب .
- انت لاتريد ان تسمعني .
- لست في حالة تسمح لي بذلك .
وحاولت مرة اخرى
- ان المظاهر كاذبة يا راف فــــ...
- لقد قلت لــلاري بالضبط كم من الوقت سأكون غائبا عن الضيعه ولا أرى ما يمكن ان تضيفيه اكثر من ذلك ..
ولم تتمالك تيري اذ نظرت اليه بقسوة فهي تعرف انها على حق ..لقد أصبحت غاضبة مثله تماما وربما أكثر ووضعت يديها في خصرها وهي تتحفز تحفز النمرة التي تتهدد الأخطار صغارها ...لا يكفي ان تكون مغرمة بهذا الرجل ..ربما يكون متيما بها ولكنه عاجز تماما عن ان يمنحها ثقته سواء بالنسبة للماضي او الحاضر او المستقبل .. ماذا يفيد الحب في مثل هذه الحالة ؟ ...ان الشك يقتل أي عاطفة مهما عظمت .. ولهذا فمن المستحيل ان تبني حياة مع هذا الرجل ..
وقالت بصوت ثابت النبرات وهي تتحاشى حتى الأبتسام إمام دهشة راف :
- يمكنك ان تشتري نصيبي في ليلاني .
- ماذا ؟
- لقد سمعتني جيدا .. أليس هذا ما كنت تتمناه منذ البداية..منذ مجيئي الى هنا ..نصيبي في ليلاني ..
ولما لم يجب استطردت قائلة :
- دع أحد الخبراء يقوم بتثمينه ..اتخذ جميع الاجراءات الازمة ..وانا موافقة على كل شئ ...سأنتظر خطابك .
- خطابي ؟
هل بالغت في الثقة بقوتها ...انها تشعر انها توشك على السقوط اعياء ...
- سأعود الى الولايات المتحدة .
- انه قرار مفاجئ ..
- كان يجب ان اتخذه منذ فترة طويلة ..مادمت عاجزا عن منحي ثقتك ...لقد قلت لي منذ ايام ان شركتنا لايمكن ان تستمر وأن مصيرها الفشل المحتوم ..ولقد طال بي الوقت للأقتناع بهذا الرأي .. ولكنك على حق يا راف ..ان لاري ورجاله سيسافرون الى كروجر وسأذهب معهم .. وسوف ارسل لك بعنواني .. ويمكنك ان تبعث لي بعقد البيع ..
وأضافت وهي تدع في سرها الا تخونها قدماها وتسقط على الارض .
- وداعا ياراف .
- هل انت واثقة من جدية اقتراحك هذا ؟
كانت هذه هي المرة الرابعة على الأقل الذي يلقي عليها لاري هذا السؤال . كان يبدو عليه القلق وهو يحدجها بنظراته باهتمام .. كان وجهها شاحبا بلون الرماد وعيناها حمراوين من أثر البكاء .
- أنه قرار لارجعة فيه يا لاري ... والأن انصرف لا اريد ان اراك .
- حسن جدا يا اميرتي ولكن لاتنسى انني مستعد للعودة بك الى ليلاني إذا غيرت رأيك .
ان رؤية لاري في مثل هذه الظروف لابد وان يكون منظرا فريدا جعل تيري ترسم شبه ابتسامة على شفتيها المرتجفتين . وما كادت تراه حتى بادرت بقولها :
- ان نيتي الخالصة في العودة الى سان فرانسيسكو .. وبالتأكيد بعد انتهائك من الفيلم .
منتديات ليلاس
- انا سعيد ولكن ..
- لا تشعر بالذنب يا عزيزي. لقد كرر راف اكثر من مره ان شركتنا لن يكتب لها النجاح .
- انني اعترف بخطئي لأنني ذهبت الى ليلاني في غيبته .
- هذا صحيح . ولكن الأمر لم يكن ليتغير سواء كنت انت او غيرك ..لقد كان يجد دائما سببا صحيحا او ملفقا . ليمنحني ثقته ..وعلى أي حال لقد انتهى كل شئ الآن .
وأخيرا وبعد عدة ساعات وصلت القافلة الى شوكوزا وهي المعسكر الرئيسي لمحمية كروجر الطبيعية ..
كان لاري قد حجز غرفة لـتيري لقد كان المعسكر غاصا بالسائحين ولم يكن هناك بانجالو واحد غير محجوز ...
ونزلت تيري من الشاحنه وهي تائهة في اجواء حزنها ..سوف تمضي ليلة اخرى في الغابة تهدهد سمعها أصوات الحيوانات والطيور.. والأسود .. ولكن ماذا سيكون عليه الحال دون راف ..
ودون ليلاني لقد فقدتهما الى الأبد ..
كانت شوكوزا اكبر حجما من ليلاني وكان السياح دائمي الحركة في القرية الصغيرة ..يحملون آلات التصوير والمناظير المكبرة ويراقبون الضواحي القريبة وهم منتبهون لأي صوت يصدر من وراء الأشجار او الأعشاب البرية . وكان الآخرون يتجمعون حول الحوانيت او يبحثون عن مكان لهم في احد المطاعم ..وكان الأطفال يجرون في كل اتجاه بينما يقوم أبائهم بشواء اللحوم على نيران الفحم في فناء المعسكر .
وشعرت تيري بصداع صارخ يدق رأسها دقا بينما هي جالسة في مكانها تنظر الى لاشئ... وكان لاري ورفاقه منهمكين في تجهيز وجبة العشاء ..وراحت تيري تتساءل ماذا تفعل هنا مع هؤلا الغرباء بعيدا عن ليلاني ؟
وقالت ولم تقرب عشاءها :
- لست على ما يرام .. سأذهب لأنام ..
وهب لاري واقفا ليصحبها وعندما ابتعدا بعض الشئ عن بقية افراد الجماعة سألها :
- ماذا بك ؟
- انا متعبة لاغير ..مساء الخير يا لاري .
واستطاع قبل ان ان تستطيع ان تمنعه , ان يطبع قبلة خاطفة على ركن شفتيها .. وتراجعت تيري بسرعة . هل يمكن ان يكون هنالك رجل آخر في حياتها غير راف ؟
لم تكن سالي الفتاة التي تشاركها الغرفة قد عادت بعد .. وكان هذا من حسن حظها .. فهي تريد ان تكون بمفردها تجتر افكارها وتستعيد ذكرياتها ..ولكن ساء ظنها .. فما كادت تستلقي على السرير حتى بدأت الدموع تنهمر من عينيها وتسيل بغزارة على خديها : ليلاني .. والرجل الذي تحبه .. لقد فقدت كل شئ .
|