كاتب الموضوع :
وداد التميمي
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
عندما اقترب راف من السياره الجيب في صبيحه اليوم التالي وجد تيري مرتديه بلوزه وبنطلونا من الجينز..مستعده لمزاوله العمل حيث يدعوها ذلك.
- ماذا تفعلين هنا بحق السما؟
- سأذهب معك.
- لا..لن تفعلي
- بل سأذهب.
وراحت تزيل بيدها خصله من شعرها متهدله على جبينها, كانت ما زالت مبلله من دش الصباح. كان وجهها يشع جمالا حتى في ضوء الفجر الباهت.
- لن نقوم بلعب دور السائحين يا تيري
- انا لست سائحه..سوف يحضر تيم وسيتبعه بقيه الرجال..هل تريد ان يرونا ونحن نتشاجر؟
- عودي الى بيتك.
- انا اعلم انك تبغض ان اتغلب عليك في الحوار امام رجالك..لن ارحل.
- انت لا تطاقين..!
- عندما تحتم الامور ذلك.
- سيكون هذا اليوم شاقا يا تيري
- هذا لا يخفيني.
وظلت جامده تحدق فيه بعينين ثابتتين..وتلاقت نظراتهما وادهشتها رؤيته وهو يبتسم.
- اين وجدت هذه الملابس بحق الشيطان..انها فضفاضه مهترئه.
- اذا لقد قبلت مجيئي معك.
- انا لا املك خيارا اخر..وهكذا الامر دائما معك.
- راف ، وبدأ قلبها يدق بشده.
- اصعدي الى السياره ولكني انذرك..ان احدا لن يعود بك الى المعسكر اذا استبد بك التعب.
بعد مسير حوالي الساعه وصلوا الى مكان المأساه حيث كانت توجد بقايا بئر ماء ولم يكن هناك غير ارض جرداء مشققه عصف بها الجفاف. كانت الشمس عاليه في كبد السماء عندما اوقفوا السياره. وفتحت تيري عينيها على سعتهما على منظر ملأ قلبها رعبا كانت حيوانات مختلفه منتشره في كل مكان لا تكاد تقوى على السير تبحث في يأس عن شربه ماء..كانت حوافرها تغمرها الدماء من كثره المسير وكانت تجذب اليها جماعات كثيفه من الذباب.
- يا له من كابوس..كنت اعلم انه امر مروع ولكن ليس بمثل هذه الدرجه.
- اعلم انه من الصعب تخيل ذلك
- هل يمكنكم انقاذها جميعا؟
- لا.. ولكن اكبر عدد ممكن..سوف نخرجها الواحد تلو الاخر من ها الجحيم ثم نحملها في اقفاص ونضعها في الشاحنات وننقلها الى حيث توجد آبار المياه الصالحه.
وساد صمت ثقيل في جو السياره. كان الرجال يستجمعون شجاعتهم لبدء يوم جديد من العمل.
وكان راف ينظر في صمت الى تيري...اما الفتاه فلم تكن قادره على ابعاد عينيها عن المنظر المروع الذي يمتد امامها ومن حولها. واخيرا فتحت باب السياره واستعدت للنزول.
- وماذا ستفعلين الان؟
- انا لم احضر الى هنا للتنزه يا راف ولكن لمساعدتكم.
- لا...سوف تمكثين في السياره.
-راف لن نبدأ هذا النقاش من جديد..انا قادره على عمل شيء آخر غير اداره بوتيك ليع الهدايا والتذكارات..دعني وشأني
- انا اسف اذا......
- دعك من اسفك لوقت اخر..انت في حاجه الى سواعد اضافيه..وانا هنا مستعده للعمل.
- سيكون الامر بالغ الصعوبه لدرجه لا تتخيلينها.
- اذا سقطت منهاره فسوف اطلب المعاونه.
شمرت تيري عن ساعديها وبدأت العمل وهي تقلد ما يفعله الرجال. كانت الحيوانات تحفر الارض بضراوه بحوافرها بحثا عن نقطه مياه وكان من غير السهل الامساك بها لانقاذها من مصيرها المحتوم. كانت تقاوم بكل ما بقي لها من قوه وغريزه البقاء. وكان الرجال يضطرون الى حقنها بمخدر حتى يستطيعوا حملها الى الشاحنات. وتوالت هذه العمليات لساعات طويله حتى لم يعد هناك المزيد منها..كان الرجال يعملون في جماعات اثنان او ثلاثه للحيوانات الصغيره واربعه او خمسه للحيوانات الضخمه..وتمت اخيرا الحموله الاولى..وقال راف :
- سنشرب فنجانا من القهوه قبل مواصله العمل
وسألت تيري وهي لا تكاد تشعر باعضائها :
- هل هذه عادتكم دائما..ام انكم تفعلون ذلك... من اجلي؟
- ليس هنا مكان لتدليل احد يا عزيزتي..انا جميعا في حاجه الى فتره راحه.
وفتح راف باب السياره وعاد بـالترموس والاقداح في الوقت الذي كان فيه الرجال قد اشعلوا النار في مجموعه من الحطب الجاف .
وتناول كل منهم القليل من القهوه واستلقوا جميعا على ظهورهم للاسترخاء بعض الشيء وقد تعمدوا ان يبتعدوا بعض الشيء ليتركوا رافو تيري بمفردهما.
- لابد انك منهكة القوى تماما
- متعبه بعض الشيء
- متعبه قليلا؟ توقفي عن العمل اذا بقيه لنهار.
- انت تمزح من غير شك..لقد جئت الى هنا لاعمل.
وتحسس راف خدها باصبعه في حنان :
- لقد اثبت كفاءتك يا عزيزتي تيري ، كان يريد ان يبقي يده على وجهها تعبيرا لها عن امتنانه و.....
- انا لا اريد ان اثبت شيئا يا راف..كل ما اريد هو مساعدتك..مساعدتكم جميعا.
وانتهى الرجال من شرب القهوه وحان الوقت للتوجه الى نقطه الماء الصناعيه التي تقع بعد نصف ساعه من مكان وجودهم. وراح راف وهو مشغول بقياده السياره يشرح لها التفاصيل التي تريد ن تعرفها من يحفر الابار الجديد.. وكم تكلف.. والمجهودت اللازمه لتنفيذ ذلك..وخططه لمستقبليه لتوفير مياه الري.
وبدأ سطح الماء الذي ظهر فجأه امام اعينهم كالواحه الظليله بعد المشاهد المروعه التي مرت بهم حتى الان..كانت بمثابه معجزه حقيقيه.
واستمر تفريغ الشاحنه وقتا طويلا...واتجهت بعض الحيوانات الى الماء مباشره, اما البعض الاخر الذي كان مازال تحت تأثير المخدر فراح ينظر فيما حوله بعيون زائغه ولكن امكن في النهايه حمل جميع لحيوانات على تناول ما تحتاجه من ماء.
اصبحت الحراره لا تطاق عندما عادت الشاحنه من حيث جاءت وعكفت تيري على العمل من جديد وخيل اليها انه اصعب عمل قامت به طوال حياتها..واحست عند الظهر عندما توقفوا لتناول طعام الغداء ان جميع عضلاتها تأن الما.
- تناولي بعض الطعام يا تيري
- لا اجد القوه لذلك
- اشربي اذا..فحذاري من الجفاف.
وتناولت كوبا من عصير الفواكه الذي قدمه لها ووضعته على شفتيها وهي تبذل جهدا خيل اليها انه خارق للعاده.
- سأجد سريري بسرور بالغ هذه الليله.
- يجب ان تتوقفي عن العمل الان فانت منهكة القوى تماما.
- لا.....
- هل تعملين على معاقبه نفسك.
- ان الامر قاس بالنسبه للجميع...ومازال هناك عمل كثير يجب انجازه.
- لن تستفيدي شيئا اذا سقطت مغشيا عليك.
- ليس هذا في نيتي
- اعرف هذا يا حبيبتي
وشعرت بالفرح يجتاحها من الداخل لقد قال لها يا حبيبتي..قد لا يعني هذا الحنان شيئا ولكنه سوف يساعدها دون شك على تحمل بقيه النهار وكأنها تعيش حلما لذيذا...ان هذه الكلمه تكفيها لمجابهة كل ما ينتظرها من متاعب والآم بقيه فتره ما بعد الظهر.
|