الأحزان والأشجان .
***
- لكن لماذا لا أستطيع أن أراها ؟ أريد أن أطمئن على حالتها .
تنهدت سارا حين لاحظت أن الموجودين في غرفة الانتظار يتبادلون نظرات الضيق , فأشارت الى جيسون بأن يتبعها الى الممر , بعيدا عن مسامع الآخرين .
- ما زالت أرييل مريضة للغاية . وهي حاليا تحت تأثير المخدر ولن تعرفك . لقد تعرضت , لسوء الحظ , الى تشنج , ولا نريد أن يتكرر ذلك مرة ثانية , ولهذا منع عنها الدكتور جيلسبي الزيارات حاليا .
فردد قولها مذهولا :
- تشنج ؟ ... اتعنين نوعا من ... النوبة ؟
- نعم , وهذا نتيجة مرضها . عندما تستيقظ , يجب أن تتابع العلاج لفترة كي لا يصيبها المزيد من التشنج . ويمكن لأي إثارة أن تسبب لها نكسة وهذا ما نحاول تجنبه .
- فهمت . لكن ماذا عن المولود ؟ هل ... هل هو بخير ؟
وابتلع ريقه بجهد وقد بدا التكدر عليه . شعرت سارا بالعطف نحوه , لكن راحة الأم والطفلة كانت في أولوية اهتماماتها .
- انها في قسم العناية الفائقة , لقد اضطر الدكتور جيلسبي الى اجراء عملية قيصرية وإلا ماتت . انها صغيرة جدا لا تكاد تزن كيلو غراما ونصفا , كما تجد صعوبة في التنفس وهذا شيء عادي لدى الأطفال الذين يولدون قبل الأوان . الساعات القادمة ستكون حاسمة بالنسبة لها هي أيضا .
- هي ؟ هل هي أنثى ؟
وانهمرت دموعه دون خجل , على وجههوهو يضيف :
- كانت أرييل تقول أنها بنت صغيرة . أرادت أن تسميها " ستار " .
تمنت سارا لو تستطيع أن تطمئنه أكثر . لكنها لم تشأ أن يبني آمال خاطئة على محاولتها التخفيف عنه , فقالت له :
- انه اسم رائع . وسأجعل الممرضة تضعه على سريرها .
- شكرا أتظنين أن بإمكاني رؤيتها ؟
ومسح جيسون أنفه بكمه وحاول أن يبتسم . فأدركت سارا أن وراء هذه القذارة فم جميل الشكل وأضاف :
- آه , أعلم أنه لا يمكنني حملها , ولكن إذا ما رأيتها , فسأتمكن من وصفها لأرييل . فلا بد أنها تريد أن تعرف شكلها حالما تستيقظ .
- حسنا ...
تنهدت سارا وهي تنظر الى ثيابه ثم قالت له :
- اسمع يا جيسون . لا يمكنك أن تقترب من قسم العناية الفائقة وأنت بهذه الحالة . فالأطفال هناك ضعفاء جدا ولا يستطيعون مقاومة العدوى , ولعلك تحمل كافة أنواع الجراثيم .
احمر وجهه وهو يتأمل مظهره .
- آه , ولكن .. ماذا لو اغتسلت ولبست ثيابا نظيفة . فهل يمكنني رؤيتها ؟
أجابت مشجعة :
- طبعا يمكنك ذلك . هل لديك مكان يمكنك أن تغتسل فيه وأن تغير ملابسك ؟
- حسنا , لا .
وهز رأسه وقد انعكست على وجهه خيبة أمله , لكنه أضاف :
- هناك جدول ماء قرب معسكرنا . اما بالنسبة الى الملابس , فهذه التي أرتديها هي كل ما أملكه .
عضت سارا على شفتيها متسائلة عما إذا كان هناك أي حل . فبالرغم من مظهره الرث , كان واضحا أنه يحب أرييل والطفلة كثيرا . وقطبت حاجبيها حين خطرت لها فكرة , وتساءلت عن رأيه فيها , لكنها جازفت وطرحتها :
- هناك شخص قد يقبل بمساعدتك . إنكم تخيمون قرب الكنيسة , أليس كذلك ؟ ما رأيك لو اتصلت بالكاهن لأرى إن كان بإمكانه أن يساعدك ؟ إنه رجل طيب ويسعده أن يقدم العون .
فقال بمرارة :
- لا أدري ... لا أظنه يحب مساعدة أمثالي . فمعظم الناس يرفضون ذلك حين يروننا .
- ربما يمنعهم من ذلك مظهركم هذا .
ورمقته بنظرة ذات مغزى , وتأملت خصلات شعره المتشابكة المتدلية على جبهته .
كان مظهر جيسون كفيلا ببعث الحذر في نفس من يراه , وشكت للحظة بصوابية وفائدة ما اقترحت .ولكن حين أومأ موافقا , لم تجد أمامها خيارا آخر سوى تنفيذ وعدها .
توجهت الى المكتب واتصلت بالكاهن , الذي أطلعته بتردد على سبب إتصالها به . وكانت قد قابلته أكثر من مرة حين كان يحضر الى قسم الولادة زوجة الأسقف , ولاحظت أنه رجل متواضع جدا .
في أثناء المكالمة ابتسمت ذلك أنه عرض عليها خدماته على الفور ,
متجاهلا ما ذكرته حول مظهر جيسون .
أخبرها باختصار , أنه كان في الماضي كاهنا في مدينة داخل البلاد قبل أن ينتقل الى "دلفرستون " , وقد عمل مع المتشردين . لهذا , تعلم منذ مدة طويلة ألا يمنعه المظهر من خدمة الإنسان .
وعندما عادت الى جيسون لتخبره بما جرى , أخذ يشكرها بشكل مؤثر , ثم أسرع متوجها الى مقر الكاهن . راحت سارا تنظر اليه , والابتسامة تعلو وجهها فقد أدركت أن الكاهن كان محقا . فالمظهر لا يهم كثيرا , إنما جوهر المرء هو الأهم . وأعاد ذلك أفكارها الى نيال جيلسبي مجددا , وإن لم تكن هذه الأفكار قد ابتعدت عنه كثيرا .
***
- سأمر لاصطحابك في السابعة . اتفقنا ؟
- حسنا لا أدري ...
وكبحت سارا آهة وهي ترى تعابير وجه مايك . فرسمت ابتسامة على وجهها , محاولة تجاهل ألم قدميها وظهرها , وتابعت :
- بكل تأكيد . الى اللقاء فيما بعد , إذن .
- ممتاز .
وابتسم لها وهو ينطلق على دراجته النارية , التي أخافت مجموعة من الطيور فجعلتها تطير عن الأشجار . وتبعته سارا على مهل , متمنية لو تحلت بالشجاعة الكافية لتخبره بعدم رغبتها في مشاهدة الفيلم الليلة .
كانت تكره أن تخيب أمله , لكن عليها أن تفعل قريبا . فمن الأفضل أن تقطع علاقتها بمايك في القريب العاجل , لئلا يعتقد أن الأمور بينهما قد تتطور الى أبعد مما هي عليه .
وضاعت في أفكارها الى درجة لم تلحظ معها السيارة خلفها . ولم تلتفت إلا حين أصبحت بمحاذاتها , وإذا بقلبها يتخبط بين ضلوعها فالجلس خلف عجلة القيادة نيال جيلسبي .
توقف بجانبها ثم أنزل زجاج النافذة , وسألها :
- هل تريدين أن أوصلك ؟ أنا ذاهب في اتجاه بيتك .
- آه , أنا .. حسنا ...
أربكها عرضه هذا بحيث لم تعرف بما تجيب . وعلا بوق سيارة فنظر نيال خلفه بفروغ صبر , وقال
- هيا اصعدي . يبدو أنني تسببت بزحمة سير .
ولم يعد أمامها إلا أن تطيعه . ففتحت باب السيارة وصعدت اليها .
وانتظر حتى وضعت حزام الأمان ليخرج بالسيارة من البوابة , مخففا سرعته وهو يشق زحمة السير .
وجدت سارا نفسها مسترخية في مقعدها , وقد شعرت بالاستقرار وكأنها في أيد آمنه . لم يساورها هذا الشعور في المرات القليلة التي وافقت فيها على الركوب خلف مايك على دراجته النارية , بل كان يتملكها التوتر فتجد نفسها عاجزة عن التنفس .
- فيم تفكرين ؟
أجفلت , بارتباك حين لاحظت أنها مستغرقة في أحلام اليقظة . نظرت حولها , رافضة أن تسرد تفاصيل ما كانت تفكر فيه , وقالت:
- آسفة كنت على بعد أميال من هنا . هل أنت واثق من أنني لن أؤخرك عن مشاغلك ؟
- أبدا . فأنا أسكن قرب النهر , في منزل جاكسون القديم . هل تعرفينه ؟
سألته بعدم تصديق :
- لست واثقة ... أليس ذلك البيت الريفي القديم المتصدع ؟
- هو نفسه .
وضحك لذهولها ثم أضاف :
- أظنك تعتبرينني مجنونا لاختياري بيتا كهذا .
وسكتت لأنها لم تعرف ماذا تقول .
- حسنا ...
- أرى أن لباقتك هي فضيلة أخرى من فضائلك .
وابتسم وهو يستدير بالسيارة ليترك الطريق الرئيسي ويتوجه نحو وسط المدينة .
فسألته مستفهمة قبل أن تتمكن من ردع نفسها : " فضيلة أخرى ؟ ".
ثم احمر وجهها عندما أدركت معنى ما قالته , وأضافت على عجل:
- انس ما قلته , فأنا لا أسعى لسماع المديح .
- لست بحاجة لاجهاد نفسك في السعي , يا سارا . فقد عنيت ماقلته عصر هذا اليوم , عندما أعربت عن تقديري لمهارتك المهنية . كما أن من الواضح للجميع أنك لست ماهرة في مهنتك وحسب بل تهتمين كثيرا بمرضاك . وهذا نادر في أيامنا هذه , فالطب أصبح مهنة أكثر منه رسالة . أشاحت بوجهها خشية أن تفضح أساريرها سرورها بهذا الإطراء . لقد عنى لها هذا الرأي الكثير , لا سيما أنه صادر عنه .
قالت بسرعة :
- أنا أعشق مهنتي , وقد تمنيت أن أمارسها منذ طفولتي , وعندما للتدريب في قسم التوليد أثناء فترة تعليمي , أدركت أنني أريد أن أتخصص في هذا المجال . إذ يتملكني شعور رائع عند كل ولادة أحضرها .
ضحكت بخجل ثم أضافت :
- ما كان علي أن أخبرك بهذا كله . ما الذي جعلك تختار هذه الاختصاص دون غيره .
شد نيال قبضتيه على عجلة القيادة حتى أضحت أطراف أصابعه بيضاء :
- أسبابي تختلف عن اسبابك , يا سارا .
ولم يزد .. فكان أن ترك حامساحة صغيرة من الصمت المشحون بالأسئلة . ما الذي عناه بذلك ؟ لقد فضح صوته ... ما يشبه العذاب وهو يجيب عن سؤالها , ولم تعلم السبب .
عضت على شفتها حائرة , والشوق يدفعها الى أن تطلب منه تفسيرا . لكنها شعرت بأنه لا يريد الإفصاح عن أمر ما , فشكل هذا لغزا آخر يضاف الى سجل غموض هذا الرجل .
وهكذا عادت الى حديثهما السابق :
- ما الذي جعلك تشتري بيت جاكسون على أي حال , بينما يمكنك شراء أفضل منه ؟
- هذا صحيح . لكنني لم أجد ما أريده , كالأرض مثلا .
ورمقها بنظرة ثاقبة سريعة , فتملكها الاضطراب وهي تتساءل عما قرأه من الأفكار المتضاربة في ذهنها , بما في ذلك شعورها المشوش نحوه .. وأخذت تتشاغل بترتيب ثوبها , وسألته :
- أنت إذن تهوى البستنة ؟ فهل هذا سبب رغبتك في الأرض ؟ أم أن لديك أسرة وتريد أرضا واسعة ليلعب الأطفال ؟
- لا ز ليس لي أولاد أو زوجة .
قال ذلك بخشونة فرمقته بنظرة خاطفة لكن وجهه لم يفضح أي شعور أو تعبير .
أخذ نفسا عميقا , باذلا جهده , كما يبدو ليبعث المرح في صوته ومزاحه :
- على أي حال في حياتي أنثى ملحاحة في طلباتها , ولهذا بحثت عن مكان فسيح .
والتقت إليها باسما وهو يراها تفغر فمها دهشة ثم تابع يقول :
- أتريدين التعرف إليها يا سارا ؟ أظنكما ستنسجمان معا , وهذا إطراء حقيقي لك لأن هذه السيدة لا تنسجم أبدا مع الإناث الأخريات.
وضحك برقة مازحا ولم تدرك السبب . وتساءلت كيف يمكنها أن ترفض هذا العرض من دون أن تجعله يتساءل عن السبب . وفي الواقع , لم تجد فكرة التعرف الى تلك المرأة الهامة في حياة نيال , ممتعة لكن عندما رأت عينيه الضاحكتين , لم تشأ أن ترفض .
منتديات ليلاس
كانت تود أن تعرف شيئا عنه , لكنها أدركت أن ذلك لن يعجبها .
- هاهي واسمها " أدير " . ما رأيك فيها يا سارا ؟ هل هي جميلة كما توقعتها ؟
أدركت سارا أنه كان يمازحها , وهو يمد ذراعه بعد أن لبس القفاز ليحمي ذراعه
من مخالب ذلك الطائر الأحمر الضخم المخيف الذي جثم عليها .
قالت سارا وهي تجاهد للسيطرة على مشاعرها :
- إنها جميلة جدا ... أي نوع من الطيور هي ؟
- إنها صقر أحمر .
ومرر يده بلطف على رأس الطائر المزهو بنفسه وراح يبتسم وهو يجيبه بأصوات خفيفة , ثم قال :
- إنها عندي منذ ثلاث سنوات , ومن أجلها أردت أرضا فسيحة .
واستدار لينظر الى القفص الهائل الذي يعيش فيه الطائر , وتابع :
- تحتاج أديرالى مكان واسع , وطول هذا القفص خمسة وثلاثون قدما , أما ارتفاعه وعرضه فخمس عشرة قدما . وهذا ضروري لكي تمرن جناحيها حين لايكون لدي الوقت الكافي لأطلقها وتطير بحرية .
- لماذا اسميتها " أدير " ؟
طرحت سؤالها بصوت خفيض يماثل صوته هدوء ورقة وقد اقتربت من الطائر وصاحبه , وإذا برأس الطائر يلتفت نحوها على الفور , وترمقها عيناه بنظرة حادة ثاقبة .
- إنه لقب المحاربين من الهنود الحمر , وهذا يتناسب مع لونها وطريقة حصولي عليها .
فمدت يدها لتلمس ريشها الناعم وقالت باسمة :
- هذه قصة تثير الفضولوعليك أن تخبرني اياها , يا نيال .
فضحك بنعومة وأجاب :
- طبعا . وقع حادث لشاحنة تنقل البترول قرب المستشفى الذي كنت أعمل فيه . فاشتعلت النيران في مساحة واسعة من الأراضي المغطاة بالغابات , وحاصرت عددا من الأشخاص الذين كانوا يخيمون فيها حين ذاك . وقد تجند جميع العاملين في المستشفى لمواجهة ذلك , وطلب مني المشاركة , لا سيما أن إمرأة حامل في شهرها السابع , احتجزت تحت شجرة , وبدأت تلد طفلها بفعل الصدمة .
ارتجفت سارا وهي تتصور ما حدث , وعلقت قائلة :
- لا بد أن ذلك كان مرعبا . وهل عاش الطفل ؟
فهز نيال رأسه بحزن وأجاب :
- لا . لم أستطع أن أنقذه , فقد كان ميتا . كل ما استطعت أن أفعله هو المساعدة في إنقاذ الأم . لقد شعر الجميع بالحزن لذلك : محاربو الهنود الحمر , الفريق الطبي , الشرطة ... وفيما كنا نستعد للرحيل , لاحظت شيئا ملقى على الأرض . وكان طائرا ... فرخ طير في الواقع . كان لا يزال حيا لهذا حملته معي الى البيت , إذ لم أستطع احتمال فكرة تركه يموت .
- وذلك الفرخ كان " أدير " . وقد دعوتها بهذا الاسم لأنها نجت من نار البترول , وتيمنا بالهنود الحمر الذين يطفئون النار التي تشبفي آبار البترول في أنحاء البلاد , أليس كذلك ؟
ضحكت سارا برقة وقد تأثرت بهذه القصة . وابتسم هو وعاد ليمرر يده على رأس الطائر :
- هذا صحيح . اعتقدت في البداية أنها لن تعيش . كان علي أن أرعاها بنفسي , إذ لم أستطع أن أعيدها الى الغابة لئلا تموت . لهذا حبستها في القفص ورحت أطلقها لتطير كلما أمكنني ذلك . ويبدو أنها سعيدة هنا .
- وهي كذلك . كما أنها متملكة جدا .
وضحكت عندما ألقت " أدير " عليها نظرة جانبية , وأضافت :
- أظنها تشعر نحوك بحب التملك .
- أعلم ذلك . فهي لم تتعود أن يشاركها فيَّ أحد .
وأعاد الطائر الى مجثمه , ثم خلع القفاز لكي يتمكن من فتح باب القفص .
تبعته سارا , وانتظرت حتى أقفل الباب الداخلي قبل أن يفتح البوابة الخارجية . التفتت الى الخلف وراحت تتأمل أدير وهي تطير برشاقة في القفص لتحط بعد ذلك على غصن شجرة وضعت داخله بمهارة لتكون مجثما طبيعيا لها .
ما الذي عناه نيال بقوله إن " أدير " لم تعتد أن تشاركها أحد فيه ؟ ألم تمر في حياته امرأة منذ ثلاث سنوات ؟
بدا ذلك صعب التصديق , خاصة أن نيال جيلسبي رجل جذاب للغاية , تتهافت عليه النساء . لكن سارا أحست بانه نطق بالحقيقة , مما أذهلها . لماذا تجنب العلاقات مع النساء في السنوات الأخيرة ؟ هل لأنه اختار التركيز على عمله فقط ؟ أم أن هناك سببا آخر ؟
فيما كانت تتبعه عائدة الى السيارة قطبت جبينها محاولة أن تجد جوابا عن تساؤلاتها . بدا واضحا أن نيال مأخوذ بعمله بحيث تفهم أن الوقت لا يسمح له بإقامة علاقات اجتماعية . ومع ذلك أحسست بأن ثمة سببا آخر لاختياره هذه الحياة .
هل سبق أن كانت له علاقات عاطفية سببت له صدمة بالغة ؟ وهل هذا ما جعله يتجنب أي علاقة أخرى ويركز حياته على على عمله ؟
تملكها الأسى لهذه الفكرة . لابد أن نيال جيلسبي أحب
المرأة التي خذلته الى حد جعله يجد صعوبة في الالتزام بعلاقة أخرى , حتى بعد مرور سنوات . وبدا جليا أنه لن يخاطر في الارتباط بعلاقة غرامية أخرى .
عادت سارا الى السيارة وهي تتساءل طوال طريق العودة عن السبب الذي جعلها تشعر بالفراغ بعد أن راودتها هذه الفكرة .. حتى أنها لم تنتبه الى أن نيال كان صامتا طوال تلك المدة وحين أوقف السيارة أمام منزلها.
التفتت اليه لتشكره , لكنها فوجئت بنظراته الغريبة الموجه نحوها كانت دافئة ورقيقة. فتسمرت عيناها على نظراته وكأنها منومة مغناطيسيا وأخذ قلبها يخفق بين ضلوعها بشكل موجع . وأحست بأنه يريد أن يقول لها شيئا . فجأة انتهى السحرحين انتفض وأطلق تأوها وكأنه وعى الى ما كان سيفعله فتمالك نفسه وعاد يمسك
بعجلة القيادة وهو يقول لها :
- تصبحين على خير ياسارا .
شكرته بصوت خنقته المشاعر واسرعت بالخروج من السيارة صاعدة درجات المنزل. وأخذت تبحث عن المفتاح في الحقيبة وعندما وجدته دلفت الى المنزل مغلقة الباب خلفها مستندة بظهرها عليه وكأن وحوش العالم تلاحقها, همست :
- يا الهي ... ماذا أفعل