كاتب الموضوع :
ميثان
المنتدى :
القصص المكتمله
[CENTER][SIZE="4"][I]
هذا الجزء ( ل) خـاطر, , ,عيون النهـى وانين الورد
الجزء الثالث ((1))
(عاشت عائلة اوفقير حوالي السنة في الصحراء,,, في واحة اسـا من عام 1972 الى 1973 )
اسوار تامتاغت
رحلونا عن آسا بسرعة قصوى في بداية فصل الشتاء دون ان يشرحوا لنا سبب ذلك ؟؟
لاحقا اكتشفت السبب وهو ان الملك يستعد للمسيره الخضراء للمطالبه باستعاده الصحراء الغربيه لذلك
لابد من ابعدنا عن الجنوب الغربي لان عائلتنا من هذه المنطقه التي لا شك ان فيها الكثير من انصارنا
والمتعاطفين معنا
الشاحنة التي تقلنا الى وجهة جديدة اخرى ,كان الحراس قد فرشوا ارضها بسجادة حمراء وزودوها
بالماء من اجل الصغار . مازلنا قادرين على قهر العتمة و الاكتئاب والانهاك والغبار بما لدينا من روح
الشباب ومن حب قوي للحياة..
بعد الطريق الطويل والشاق والمنهك اقتادونا الى تامتاغت ,هذا المنفى ابعد مما سبقه واكثر وحشة
وعزلة
وضعونا في حصن شاسع كبير تبعث رؤيته الخشية والرهبة في النفس انه بقايا قصر قديم , , ,اسواره
شاهقة تحجب عن اعيننا رؤية السماء
يعود هذا القصر الى الباشا الكلاوي باشا مراكش . .
دخلنا الى الحصن عبر بوابة كبيره مطلية باللون الازرق . . . .
في بادئ الامر كنا جميعا ننام في ممر واحد على الارض التي لا تغطيها الا طبقة رقيقة من القش
كان الاثاث محدودا وزهيدا ولكننا نتدبر امورنا بامكانياتنا الفقيرة
كانت الجرذان تزورنا دائما وقد زادها الجوع الشديد شراسة وعدائيه حتى احداها عضت اخي رؤوف في
وجهه بينما كان يرميها بسطل من الماء والمكان يعج بالعقارب التي كلما امسكنا بواحد منها نضعه في
مرطبان ممتلئ بالكحول .
كانت الليالي محفوفة بالهواجس , , ,فكل ليلة وبينما امي تقرأعلى ضوء المصباح كانت تشعر بلفحة
انفاس تداعب وجهها وبأحد ما الى جانبها .
اما رؤوف فكان ضحية ليلية لشتى انواع الكوابيس المرعبه ,, ,الساعة الرابعة فجرا كنت اسمع يوميا
اصوات خطوات وتمتمات ثم لا البث ان ارى اناسا يحملون بأيديهم اسطلا ً فارغه يذهبون ويجيئون في
الحمام وعلى السلالم والادراج
كانت تلك الاشباح تميتني رعبا ً. . . .
في احدى الليالي كنت ارقد وسط الغرفة , , تراءت لي بشكل ظاهر امرأة بقامة شيطانية تنام فوقي
وتعصرني حتى كادت تغتصبني .
ايقظتهم جميعا وانا اتصبب عرقا وارتجف من الخوف ,بعد ذلك لم يغمض لاحد منا جفن وظلت امي تقرأ
القران حتى مطلع الصباح
روينا هذه الوقائع لاحد اكثر الحراس لطافه وصدقنا وافشى لنا ان هذا المكان ملعون لانه شُيد فوق
مقبره ,, ,هجرنا الدهليز دون ان نجرؤ على وضع اقدامنا فيه مرة اخرى ........
وقمنا بتجهيز غرفتين في الطابق الاول كي نستقر فيهما نحن التسعة وفي الاسفل كهف ترابي صرنا
نستخدمه كمطبخ
كرست وقتي للترتيب والتوضيب وتنظيم المكان , , ,اردت ُ باي طريقة ان يشعر الاطفال ببعض الاطمنان
والاستقرار في هذا الوضع المزري
حيث في بهو احدى قاعات القصر المهجور وضعنا طاولة مخصصة للدرس فرشنا ارضها بسجادة يجلس
عليها عبد اللطيف وفي ركن منها وضعنا فرشا ً كانت امي تستلقي عليه خلال النهار مصحوبة بمجموعة
من الكتب بالاضافة الى الراديو
كنت اقوم بدور المعلمه وضعت عدة برامج دراسية بمستويات مختلفة كانت الصغيرتان سكينه وماريا في
المرحلة الابتدائيه ورؤوف في الثالثة اما مريم فكانت في الثانوي الاول كنت اصر على تعليمهم وتاديبهم
وتثقيفهم , , ,وروؤف اخذ على عاتقه تعليمهم مادة الرياضيات ,حاولت بشتى الوسائل الممكنة رفع
معنوياتهم..كنت أختهم الكبرى وأمهم وأباهم ومستودع أسرارهم ، ومرشدتهم
كنت اسرد دائما الى الاطفال بعض الوقائع والاحداث التي حصلت معي عندما كنت مراهقة .نادرا ماكانت
ذكرياتي تغادرني كانت السلاح الوحيد الذي امتلكه لأقاوم الجزع والكرب .كل واحد منا كان يروي
القصص التي عاشها في الماضي علهم بذلك يؤكدون لأنفسهم وللآخرين بانهم سبق لهم ان عاشوا من
قبل
عبد اللطيف هو الوحيد الذي ليس لديه مايقوله لان وعيه تفتح هنا بين قضبان السجن
مرة واحدة كل شهر كنا نستعد لعرض مسرحية ,كنت وقتها املك طاقة جبارة .كنت اقوم بوضع السيناريو
وقائد الفرقة وضابطة الايقاع والمخرجة
كنا نرقص ونغني ونقوم بالايماء جمهورنا الوحيد كان أمي . . .
كان علينا ان نتعلم كيف نعيش جميعا مع بعضنا البعض ,, , كنا في حالة من التشويش والارهاق والظلمه
والقذا ره والعزله والتقوقع والسجن . الامر لم يكن دائما سهلاً وبسيطا ًلان الصغار يكبرون يوما ً بعد يوم
واصبح لديهم قناعة بان وجودهم مهدد وعلى كف عفريت
اخي رؤوف يكتم لوعته وحزنه في نفسه حيث كان في الخامسة عشر من عمره وفي هذا السن يكون
المرء بحاجة ماسه لابيه كان محاطا كظله بالنساء والاطفال . .
عاشت سكينه مراهقة صعبه كانت متقلبه الاطوار لم تكن تعرف ماذا تريد؟؟ وكيف تحيا ؟؟
التعامل مع ماريا حساسا للغايه حيث كانت هشه تؤذيها اقل صدمه فتمتنع عن الطعام والكلام واللعب
والحركة . .
اما مريم فهي غارقه في مرضها ونوبات الصرع تتعاقب عليها الواحده تلو الاخرى حيث كانت تتناول دواء
الموغادون الذي كانا نؤمنه لها بواسطة بعض الحراس ,وفي غمرة احدى النوبات سقط من يدها قدر
الحليب المغلي لينصب على فخذها واستغرقت الحروق عدة اشهر كي تبرأوتزول اثارها بسبب سوء
العلاج . .
كنا نعيش في عزلة تامة ولكن بفضل جدي (بابا الحاج) كما نناديه كنا نتلقى قليلا من الرسائل والكتب
فمنذ اختفائنا لم يأل المسكين جهدا ولم يترك وسيلة للتواصل متحملا كل الأعباء والمخاطر التي تترتب
على تحركاته في ظل حالة من القمع والتعسف حيث اصبح كل من يمت بصلة لعائلة اوفقير تحل عليه
اللعنة
طرق كل الابواب ومنها المنظمات الدولية والانسانية , , ,ذهب لالتماس المساعدة من الامير مولاي
عبدالله توسل اليه ان يتوسط عند الملك كي يسمح له بارسال بعض الكتب والرسائل
وبعد الموافقة تمكن جدي وبشكل دوري من ارسال بعض الروايات والمخطوطات المدرسية
كنا نتسلم رسائل شكلية من( بابا الحاج ) تكون فيها الاخبار ملفقة وحذره ولكن بفضل نجاح جهوده
الحثيثة مع بعض الحراس تمكن من اقناعهم بايصال الرسائل لنا بحيث لاتطالها عين رقيب او حسيب .
وبهذه الطريقة اصبح بامكاننا تلقي رسائل عديدة من اقاربنا واصدقائنا كانت بالطبع تسلم الى جدي .
كانت بعض الرسائل تثير ألمنا وأشجاننا أكثر مما كانت تفرحنا .كنا نترقب وصولها بفارغ الصبر لانها
الوصله الوحيده بيننا وبين الخارج . . .
كنا مصدومين ازاء أنانية وسوء تصرف بعض الناس وماذا عسانا نقول؟؟
كانوا يصفون لنا بعض التفاصيل عن حياتهم الهادئة والمريحة وسهرات الميلاد وموائدها الغنية والمنوعة
والرحلات والاعياد والاحداث السعيدة وكل المتع والمباهج التي تدل على الحياة الطبيعية .
كنا نغص بريقنا عندما نقرأها ونشعر بالضيق لاننا كنا محرومين من كل هذا..........
قراءة شـيقة. . .
التعديل الأخير تم بواسطة ميثان ; 04-06-08 الساعة 02:01 PM
|