كاتب الموضوع :
وداد التميمي
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
اقتربت ليزا نحو النافذه وتركت نفسها تسرح لحظة في المنظر الخارجي. الطقس شتاء والناس تركض تحت قطرات المطر او تلجأ الى ضلال الاشجار. قالت ليزا محدثة نفسها بصوت خافت وهي تمعن في التأمل.
-كم اكره شهر تشرين الثاني(نوفمبر)...عندما تشتاق الى العصافير، والفاكهة والازهار انني اردد قولاً لشاعر ما...
شعرت ماندي ان ليزا حزينة، فارادت ان تكيف الجو، فقفزت واقفة وقالت بفرح:
-سأقوم بتحضير ابريق من الشاي. قبل ان انسى، لك رسالة على المدفأة من اسكتلندا.
لم تتحرك ليزا من مكانها بل بقيت واقفه امام النافذه، سارحة في افكارها، شجارها مع مدير عملها ريتشارد هاتون، هذا الصباح، اعتبها، وافقدها عزيمتها، فبدا لها من الصعب جدا معاكسته، هي التي كانت تعتقد انه بمثل لها، كل ما تقدره في الرجال عامة. لكنها لم تخطئ في تعلقها بموقفها، كان عليها التمسك بشدة برأيها، كما فعلت، ليس هناك اي مبرر لخضوعها لمتطلبات مديرها، ولعدولها عن قناعاتها، لأرضائه، هو الذي يتقيد بنزواته، دون النظر موضوعيا الى سير العمل. انها الان تتمتع بحريتها الكاملة، المطلقه، تماما، كخالتها مود روي...
مانت ليزا تردد هذه الافكار لنفسها، وهي لا تزال واقفه امام النافذه، تراقب المنظر الحزين، وبدأت تخف عصبيتها، وتهدأ ملامح وجهها، وعند ذكرها خالتها مود، تذكرت الرسالة التي تنتظرها من اسكتلندا. اتجهت نحو المدفأة، وابتسمت لدى رؤيتها الخطوط الناعمة على المغلف، خالتها مود، هذه المرأة العجوز، تعرفها ليزا من كتابتها الرقيقه وهي تعيش وحيدة من فسخها خطوبتها من شاب، خسر مكانته في حياتها ، وقد اعتبرها له ، ومنذ ذلك الحين ، ابتعدت عنها فكرة الزواج، ولا تزال حتى اليوم ، بالرغم من السنين ، تحافظ على حيويتها ونشاطها. تمر هذه الافكار ببال ليزا ، وهي تفتح رسالة خالتها بتأثر:
- (عزيزتي ليزا.
مضت فترة طويلة ، ولست اليوم على احسن حال. صحتي المتدهورة تناسب احد الاشخاص في القرية الذي يتمنى لي الموت عاجلاً طمعا منه في امتلاك بيتي، والاراضي التي حوله. زارني هذا الشخص مرارا، ليعرض علي شراء مسكني وكان جوابي بالنفي طبعا. حاولت اقناعه بالعدول عن مشروعه، متذرعه، بان احد افراد اسرتي سيرث ملكيتي الخاصه بعد موتي، ولا افكر اطلاقا بالتنازل عنها لشخص غريب، حتى لو كان، هذا الشخص اسكتلندي الاصل مثلي. لكن يبدو انه لم يقتنع بحجتي هذه. رأيته هذا الصباح بالذات، يدور حول نافذتي، ويقيس الارض التي تحيط بالشاطئ.
ليزا انا قلقه وخائفه من نوايا هذا الرجل. ربما يسعى الى البناء في البقعة المواجهة لمنزلي، فيحجب عني المنظر المشرف على البحر. ما يزيدني قلقا وتوترا انه ينتمى الى احدى العائلات العريقه والاصيله في اسكتلندا. فلو كان غريبا عن منطقتنا، لكانت حجتي اعطت نتيجه. لكن اريده ان يفهم نهائيا، ان عائلة روي، هي ايضا من احدى العائلات العريقه والاصيلة، ولن نتنازل عن املاكنا، لعائلة اخرى، ومتى اخذنا قرارا لن نتراجع عنه. لذا اطلب منك يا عزيزتي المجيء في فرصة عيد الميلاد ورأس السنة، لأبرهن له ان لي قريبه من عائلة روي، تتمسك هي ايضا بأملاكها، وهي التي سترثني بعد موتي. لا تظني انني ابغي مجيئك لهذا السبب فقط، فأنا افتقد وجهك الطفل، الذي غاب عني وقتا طويلا).
في هذه الاثناء دخلت ماندي بابريق الشاي، ولم يغب عن وجه ليزا المكتئب فبادرتها بلطف :
-اخبار سيئة؟
|