كاتب الموضوع :
وداد التميمي
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
الفصل الثالث
بداية التحدي
اتصل ساندي بليز في عيد رأس السنه مطمئنا عن حال السيدة مود وسرّ لمعرفتة ان ليزا ستبقى في اودمونت فترة اطول ودعته لتناول كوبا من الشاي :
- لحسن حظ خالتك انك تركت عملك السابق وأتيت لتستقري في اردمونت قليلا ويمكنني ان اضيف ان من حسن حظي ايضا انك اتخذت هذا القرار .
- ماذا تقصد يا ساندي ؟
تصرفات ساندي المترددة والخجولة كانت تثير غضب ليزا فهو يعاملها كأنها من مادة البورسلين ويخاف عليها ان تنكسر . ارادت من سؤالها هذا ان تبعث فيه الجرأة كي يكون اكثر وضوحا . فشعر بالخجل من سؤالها وتمتم قائلا :
- اعني .. أرجوك لا تظني انني ارغمك على البقاء ، طبعا يمكنك ان ترفضي .
- ساندي! انت تلف وتدور حول موضوع ما ، كيف تريدني ان اقبل او ارفض قبل ان اعرف ما بودك ان تقول ؟
- ما اريد قوله انني بحاجة ماسة اليك .
- هكذا وبهذه السرعة ؟!
- لاتسيئي الظن ! في الواقع انا بحاجة لمواهبك كمصممة ازياء ولذوقك في تنسيق الألوان , الثوب الذي صممته من قماش التويد الذي اهدتك اياه والدتي كان رائعا ! مارأيك لو نعمل معا ؟ انت ترسمين لنا وتصممين الأزياء ونحن نصورها وننشرها في مجلات الموضة . بهذه الطريقة نكون قد حصلنا على الدعاية التي نحن بأمس الحاجة اليها وربما تضاعف مبيعنا !
- هل طلبت من ساره ان تعرض لكم بعض الموديلات ؟
- لا لم اكلمها بعد !
- لماذا ؟
تردد ساندي وقال وهو يشيح بنظره عنها :
- لا اظن انها سترضى ، اعني ستوافق على مساعدتنا .
- ساندي ! اظن انك لاتريد ان تقترح عليها مشروع العمل هذا ، لا تحبها ؟
فوجئ ساندي بسؤال ليزا وقام على الفور من مقعده ووضع كوب الشاي جانبا وقال بصوت ملجوم :
- لا اجد مبررا لحديثنا عن ساره ولا علاقة لها بالعرض الذي اقترحه عليك , هل تقبلين مشاركتي في العمل ؟
- لامانع عندي وهذا العمل يستهويني كثيرا . لكن يا ساندي ارجوك افهمني , ان لم ننشر الموديلات التي سأصممها في صحف ومجلات الموضة فعملنا لن يلقى صدى ولن نجني ثمرا. والدتك حدثتني في هذا الموضوع وهي التي اقترحت علي فكرة عرض النماذج ونشرها , واعتقد ان سارة هي الشخص الذي يلزمنا .
اشاح ساندي بوجهه وتقدم نحو النافذة وشعرت ليزا في هذه اللحظة انه حزين ومتوتر فقالت بهدوء :
- اظن ان سارة الآن بصحبة فرايزر في لندن .
فأدار ساندي وجهه نحوها واقترب منها بخطى سريعة :
- من اين اتيت بهذا الخبر ؟
- سمعت فرايزر يكلمها على الهاتف عندما زرته في مكتبه .
- ولماذا زرته في مكتبه ؟
- رافقت ابنه جوني حتى البيت بعدما انقذته من عراك وقع بينه وبين صبيان في الحي .
- وبالطبع لم تخف عنه شعورك بالمضايقة من تصرفاته الامبالية تجاه ابنه .
- كيف عرفت ؟
- التقيت بفرايزر قبل سفره الى لندن لحضور معرض للسفن , لقد اصطحب معه ابنه جوني لأن السيدة دوبي تركت وظيفتها بعدما اخذت نصيبها من الرفسات واللطمات التي انهال عليها جوني في المرة الأخيرة عندما حاولت كعادتها الأعتناء به .
- وماذا سيفعل هذا الولد المسكين في معرض للسفن ؟
- سيضجر او سيفتعل حماقات , ارجو ان تهتم به ساره كما يجب .
- كان بأمكاني الأحتفاظ به طوال مدة غياب والده لئلا يضطر الى تعطيل مدرسته .
فابتسم ساندي معلقا :
- لن يروق لخالتك مود استقبال ابن عدو لدود لها !
فأجابت ليزا بانفعال :
- لم يجد السيد لامون في اردمونت من يهتم بابنه في غيابه ؟ لا افهم هذا الوضع المعقد ! وماذا بشأن والدتك يا ساندي هل هي على علاقة طيبة معه ؟
- امي تحترمه كثيرا وتقدره لكن ابي يخالفها الرأي منذ وقوع حادثة مارجوري موريسون , ثم فرايزر يتجنب طلب المساعدة من احد . لو يتزوج لهانت جميع مشاكله .
- من المعقول ان يتزوج ساره ... هل تغار منه لأنه سيقابلها في لندن ؟
- لا ! هذا الأمر لايزعجني ابدا , يسرني ان تجد ساره السعادة مع فرايزر او مع سواه .
فتجرأت ليزا وسألته من جديد :
- من الظاهر انك تحبها ؟
- احببتها فيما مضى وشئت ان تكون لي زوجة , لكنها فضلت السفر الى لندن كي تصبح عارضة ازياء , لم يكن بمقدوري ان اقدم لها شيئا بديلا !
- في أي حال ان لم تطلب منها انت مساعدتنا في مشروعنا الجديد سأتولى هذا الأمر بنفسي , لسارة علاقات هامة بوسعنا الأفادة منها , متى ستعود من لندن ؟
- قريبا – لايهمها كثيرا معرض السفن !
فتمتمت ليزا :
- الا اذا شاءت ان تفتن رجلا .
كان شهر كانون الثاني (ديسمبر) هذه السنه لطيفا فتسنى للخالة مود النهوض من فراشها قليلا مما زادها عافية ونشاط ولم يغب عنها شئ من امور جرت وتجري من حولها , بل بالعكس , كانت تقف قرب نافذتها كلما سمحت لها حالتها الصحية حيث تراقب ما يحدث في الخارج . وفي هذا اليوم كانت منشرحة ومتعافية فجلست الى نافذتها كالعادة وما لبثت ان نادت ليزا بفرح داخلي :
- ليزا ! تعالي وانظري .. يبدو ان السيد لامون لم يباشر بورشة البناء اظنه لم يحصل بعد على رخصة البناء او نفذت امواله .
- لا اعتقد ذلك ! انه مشغول الآن بتجهيز مناقصة سفن حصل عليها في لندن .
- ومن اين لك هذه المعلومات ؟
- من جوني , التقيت به لدى خروجه من المدرسة .
- وهل والده موافق على ذلك ؟
- اعتقد انه يجهل انني التقي بجوني .
- لكن جوني يعرف تماما ان والده يمنعه من الخروج معك وانت بهذه الطريقة تدفعين الصبي الى الكذب .
- لا اجد مانعا من خروج جوني معي للنزهة فهو بحاجة للرفقة . هذا الصبي حساس للغاية وذكي وبودي ان اعرفه اليك يوما , ليعلم انك لست شريرة الى هذا الحد الذي يتصوره .
فضحكت مود وقالت بانشراح:
- لماذا يعتقد انني شريرة ؟
- لأنه يظن انك اقنعت جورج موريسون بالعدول عن فكرة بيع الفيلا فتعجبت مود وسـألت :
- من الذي اوحى اليه بهذا ؟
- سمع والده مرة يقول لجورج موريسون انه متأثر بمواقفك ولهذا السبب يرفض عرضه لشراء " فيلا الشروق " ماذا قلت بالضبط لجورج موريسون ؟
اجابت مود بلهجة واثقة من نفسها :
- قلت له لو انه تجرأ وباع الفيلا لفرايزر لامون لأخبرت الجميع في اردمونت ان ابنته كاذبة ولصة .
- لصة ؟ كيف يمكنك اثبات ذلك ؟
- طبعا يمكنني اثبات ذلك ! كانت مارجوري تنظف لي المنزل في الماضي فافتقدت بعض الحاجيات كما فقدت بعض النقود , فكلمت والدها الذي استجوبها لكنها نفت التهمة .
- اذن فأنت تعرفين ان من عادة مارجوري الكذب . وهل تصدقين ما اشاعته عن فرايزر ؟
- لا اصدق شيئا مما اشاعته ، صحيح انني لا احب فرايزر لكن هذا لا يمنع ان يكون رجلا نزيها وصريحا .
ما قالته مود اراح ليزا لأنها شعرت ان فرايزر اوحى اليها بالثقة في المرة الأولى عندما قابلته بالرغم من انجرافها قليلا مع مواقف خالتها فقالت مازحة :
- والله .. ماظننت يوما انه بأمكانك اللجوء الى الأبتزاز !
انزعجت مود وأجابت بسرعة اعتراضية :
- انا لا امنعه من بيع الفيلا لشخص آخر .
ثم اكملت , وهي تنتقل الى موضوع جديد :
- هل وصلتك اخبار من والدك ؟
- نعم .انه مستعد للمجئ عندما تسمح له اشغاله .
- آه . انا اعرفه جيدا . سيطلعنا عن مجيئه ساعات قليلة قبل وصوله !
ثم تأملت العجوز اقتراب الشمس من صفحة الماء , وأضافت فجأة :
- اود ان اتعرف الى هذا الصبي ، لقد فقد امه وجدته ايضا فارقت الحياة ، ليأت غدا !
في اليوم التالي , طلب جوني بنفسه لو يمكنه المجئ فقالت له ليزا :
- بالتأكيد . فخالتي راغبة بالتعرف اليك .
- صحيح ؟
- وألف صحيح ! واذا اعجبتها , ارتك الكنوز التي عندها !
- اية كنوز?
- ذكريات واشياء نادرة من الصين والهند واليابان.
- هل عندها العاب ايضا?
-نعم , لكن اياك ان تطيل الزيارة خالتي عجوز تعبه معرضه دائما للمرض ثم لا تنسى ان السيدة التي تهتم بك قد ينشغل بالها وهي تنتظرك.
اجابها بجدية وكأنه من الراشدين :
- لامكان لها عندنا لقد غادرتنا .
- حقا ومن الذي يهتم بشؤون البيت والطعام اذا?
- والدي انه طباخ ماهر , وانا اساعده , تبقي مشكلة تنظيف البيت . منذ ايام زارتنا سارة لكنها لاتحسن الطهي لا اظنها تستطيع ان تصبح اما صالحة الامهات يعرفن تحضير الطعام .!!
ابتسمت ليزا في سرها هذا الصبي الذي عمره سبع سنوات يعرف ماعلى المرأة من واجبات. واضح انه لم يتعلم هذا من والده . فهو يدير شؤونه بنفسه , اول زياره قام بها جوني لمود جرت بدون صدام.
فأعاد الكرة في اليوم التالي ثم نهار الأثنين حتى أخذ يزورها كل يوم كان يحدث الخالة مطولا ثم تريه كنوزها او يلعبان الورق . حتى تشعر العجوز بالتعب فيلحق جوني بليزا الى المطبخ وتعطيه اقلام ملونه واوراق كي يرسم ويلون بفرح وحماس كانت ليزا تجهل اذا كان فرايزر على علم بعلاقتها بجوني
لكنها ابت ان تسأل الصبي عن ذلك لئلا يفقد فرحه وفجأه يوم كانا يعملان بحماس كبير حتى انهما نسيا مرور الوقت ادركت ليزا تأخر الصبي عن ساعة عودته الى بيته فهرعت معه الى حوض السفن وهي مستعدة للدفاع عنه من غضب ابيه .
|