كاتب الموضوع :
وداد التميمي
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
عادت الى زائريها السيد تشارلس وساندي لويس . امضوا سهرة ممتعه امام المدفأة ، يتجاذبون اطراف الحديث. وقبل ان يغادر ساندي لويس منزل الخالة مود ، كرر على ليزا الدعوة لزيارة مصانعهم. وكانت فرحة الخالة مود كبيرة فعبرت عنها بقولها :
- هكذا اربح ليزا مدة اطول! اظنها لو زارت مصانعكم في اردمونت لقررت المكوث هنا نهائيا... وبهذه الطريقة اكون قد اثبتت لهذا الوغد فرايزر ، انني لم اكذب عليه عندما قلت له ان احد افراد اسرتي ، سيسكن هذا البيت معي.
فضحك الجميع لانفعال الخالة مود ، واضاف ساندي مازحا :
- لم تكن لديك حجة اخرى لارغامه على العدول عن فكرته في الوقت الحاضر!
- لكنه لم يغير رأيه ، يا ساندي ، اظنه سيبدأ ورشة البناء قريبا في الارض السفلى التي تواجه ارضي تماما.
- يجب ان تمنعيه.
هتف السيد تشارلس بغضب :
- انه يتعدى على املاكك الخاصه ، هذه حقوقك ، راجعي القوانين.
اجابت مود بحسرة :
- حاولت معه مرارا دون جدوى. استشرت اخيرا المحامي موردو مانزيس . ولم اصل الى نتيجه بعد ، كان جواب المحامي واضحا ، طالما ان فرايزر لا يحجب عني نور الشمس ، فلا يحق لي تقديم شكوى ضده.
فأضاف السيد تشارلس بلهجة مستسلمة :
- لم يغب عنه شئ فرايزر اللعين ، حسب حساب كل شيء.
- صحيح! حسب حساب كل شيء. اما الآن فلا يمكنني التراجع عن موقفي ، صممت خوض هذه المعركه ضد فرايزر حتى النهاية ، ولن اقبل بالهزيمة ابدا.
هكذا انقضت السهرة عند مود موري وذهب المدعوان ، لكن الخالة مود ، لم تخلد الى النوم ، بل امضت الليل قرب المدفأة ، تخبر ليزا عما يشغل بالها :
- لم اتخلى طوال حياتي عن استقلاليتي بل بالعكس حاربت بضراوة من اجل الحفاظ على حريتي الشخصيه ، وعلى ارضي وبيتي. اما اليوم ، فأنا اكبر سنا ولم تعد لي المقدرة على العراك ، لذا يا حبيبتي طلبت مساعدتك. قضية فرايزر ارهقتني. هو ما زال شابا ، قويا ، مندفعا ، وما يزيده ثقه بنفس، ، جاذبيته التي لا تقاوم !
بدأت قضية فرايزر تثير فضول ليزا :
- خالتي ، اخبريني من هو فرايزر بالضبط؟ من اين اتى قبل مجيئه الى اردمونت؟ الاخبار عنه متضاربه ، هناك من يقول انه اتى من المهجر ، ومنهم من يزعم انه عندما كان صغيرا درس هنا ، في مدرسة القرية.
- يا حبيبتي ، فرايزر لامون ، من عائلة كريمة واصيلة في اردمونت ، التي امتازت عن سواها ، بشهرتها في صنع المراكب منذ اجيال بعيده. والد فرايزر ،شارلي لامون ، لم يوفق في حياته. لم يكن مثلما هو ابنه اليوم. كانت تنقصه الحنكه التي يتمتع بها عامة رجال الاعمال الناجحين. لذا ، قبل وفاته في حادث غرق كان يشرف على الافلاس.
فقاطعتها ليزا بتعجب :
-اخبريني كيف جرت هذه الحادثه؟
-حادث مؤسف يا ليزا...في اي حال، سأخبرك... كان شارلي لامون كعادته، كل مساء، يقود مركبا الى المرفأ ولا احد يعرف كيف انقلبت عليه عارضة الصاري واصابته في جبينه، فهوى عن متن المركب وغرق في الحال، في هذا الوقت كان فرايزر في الثانية عشرة من عمره، فاضطرت والدته، بعد هذه الحادثه، الى بيع حوض السفن والسفر الى غلاسكو عند ذويها آخذة معها ولديها، فرايزر واخته آنا. لم يكن الامر سهلا بالطبع على فرايزر، فهو كوالده، يعشق منذ صغره صنع المراكب ويكفيه انه اضطر الى ترك المكان الذي ولد فيه. صدمة قويه حلت على عائلتهم بوفاة الوالد كان لها اعمق الاثر في نفسه.
صمتت الخاله مود قليلا، ثم اردفت قائلة بتهكم، كأنها لم تنس معاملة فرايزر لها:
-مهما كانت الصدمة عنيفة على عائلة لامون فهذا لن يغير شيئا من تصرفه معنا. اظنه كان في السابق قاسي القلب وعديم الشعور، لذا هو اليوم يتعامل على هذا النحو.
-متى عاد الى اردمونت؟ لم اشاهده خلال زيارتي الاخيرة لك منذ سبع سنوات.
-عاد الى القرية منذ خمس سنوات ولا احد يعرف اين كان، ومن اين اتى. رأيناه فجأة بيننا مع ابنه، هو يزعم انه ابنه في اي حال، لاحظت علامة شبه بينه وبين ابنه. من المعقول جدا اذا، ان يكون هو والده. لا احد يعرف شيئا ايضا عن زوجتة فرايزر، يبدو ان فرايزر هاجر الى تازمانيا بعدما انهى دراسته في بناء السفن ويقولون ان تازمانيا، تعتبر مركزا هاما لصناعة المراكب.
تابعت ليزا بشغف. وعادت تسأل من جديد:
-لماذا عاد اذاً؟
-اعتقد ان الحنين الى بلاده هو السبب. عاد ليشتري حوض السفن الذي كان يملكه والده. كثيرون قبله، غرباء عن المنظقة، استملكوا هذا الحوض، وفشلوا في استثماره.
-يعني، هو الوحيد الذي نجح في تسيير الاعمال وادارتها. يكفي كم بنى من عنابر، واليوم يبغي شراء منزلك يا خالتي العزيزة.
-منذ عودته الى اردمونت، وهو مأخوذ ببناء المراكب. لا شيء يلهيه عن عمله هذا. في اي حال. انه بارع في مهنته ويتعامل مع اهم رجال الاعمال، ولديه عدد لا يستهان به من الزبائن، الذين يقصدونه من كل صوب. كل شيء يسير على ما يرام، مشكلته الوحيده هي التاليه: بما انه لا يستطيع التوسع، لا من ناحية الغرب، ولا من ناحية الشمال، بسبب الشاطئ الصخري الذي يعيق تقدمه، يفكر بشراء اراضي، هذا اذا قبلت عرضه. زارني ثلاث مرات الاسبوع الفائت بهذا الصدد. وفي كل مرة كنت اطلب منه العدول عن فكرة الشراء. صمدت تجاه عرضه المغري، لأنني لا اقبل ان اتخلى عن الاملاك التي تخصنا، الى عائلة اخرى. ولهذا قرر البناء في البقعة المجاورة.
لدى سماعها هذا، قطبت ليزا جبينها وقالت:
-من تخص هذه الارض المجاورة للبحر؟
-انها لعائلة موريسون.
-فيلا الشروق اجل. تذكرت ان فرايزر يود شراء "فيلا الشروق" من عائلة موريسون. حدثني ساندي عن هذا الموضوع، وقال ان فرايزر يريد انشاء فندق فخم مكان الفيلا.
فاتفضت الخاله مود وقالت بغضب شديد :
-اي رجل شيطاني، هذا! كأنه لا يشبع من امتلاك الاراضي. الا يكفيه ما ابتاع حتى اليوم من مساكن لعماله. كيف يجرؤ ان يقدم على عمل كهذا؟
بدت الخاله مود في حالة توتر شديد، ولم تعرف ليزا ما العمل للتخفيف عنها. فاكملت الخاله بصوت خافت:
-انا متأكده انه سينجح في مشروعه. لا احد سواه قادر على شراء "فيلا الشروق" من عائلة موريسون. ليزا، يجب ان نمنعه من تنفيذ هذا المشروع.
اجابت ليزا على الفور :
-هل تملكين ما يلزم من المال؟
فوجئت الخاله كمود بسؤال ليزا المباشر، وحدقت فيها بتمعن فرأت في عينيها لمعاناً مضيئاً، فتشجعت واجابت :
-لدي مبلغ بسيط. ماذا تقصدين من سؤالك؟
-اقصد شراء "فيلا الشروق" من عائلة موريسون.
-هذا امر مستحيل، يطلبون مبلغا كبيرا، لا احد سوى فرايزر يقدر على الشراء بهذا السعر.
-من اين اتى فرايزر بثروته؟
-تزوج من امرأة غنية في تازمانيا، وورثها بعد وفاتها.
-ياله من محظوظ، وانا يمكنني طلب قرض من ابي.
-ليزا انا لا افهمك، ماهي غايتنا من شراء "فيلا الشروق"؟
-بناء فندق بالطبع! فرايزر على حق! اردمونت بحاجه الى فندق. فهو لم يعد الوحيد بعد الان في تخطيط المشاريع وتنفيذها. هل من مانع لديك؟
هدأت الخاله مود قليلا، وتأملت ليزا بفرح، ثم انفجرت ضاحكه، كطفله:
-ليزا، انت الشخص الذي يناسبني، كنت اعرف ذلك عندما كتبت اليك. صدقيني، انني بدأت اضعف عندما رأيته يباشر البناء، ولم اجد الطريقة الملائمه لمنعه. وها انت الان تبعثين في الامل من جديد، واشعر بتحسن. لم اضحك على النحو منذ سنوات.
فرحت ليزا، لدى رؤية خالتها مرتاحه ومطمئنة.
-انا سعيدة ايضا يا خالتي. سعيدة بك لا تخافي، بعد الآن، سأكتب لأبي قريبا جدا، وسألقن السيد فرايزر درسا لن ينساه طوال حياته.
-انتظري قليلايا ليزا، لدي فكرة ارغب في تنفيذها قبل المباشرة بمشروعك، ما رأيك لو ندع جورج موريسون الى العشاء؟ انا على يقين انه لن يرفض طلبي.
اضافت ليزا، بتحبب، وبتحد :
-فرايزر لامون...سوف ترى سيدات عائلة روي كيف يتصرفن في الوقت اللازم!
|