كاتب الموضوع :
وداد التميمي
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
ماذا كان يعمل فرايزر لامون وما كان شغله الشاغل في هذه الاثناء؟ لماذا لا يهتم هو بجوني بدلا من القاء اللوم عليها؟ فبدلا من ان يتجاذب اطراف الحديث مع المدعوين او يتبادل النكات مع ساره كان بامكانه مراقبة جوني هو ايضا ليتسنى لها ولو لمرة واحده التفرغ لاحد سواه . وكأن الطقس حاور حزنها وتوازى مع المها فانقلب فجأه الى غائم وتغيرت السماء من ازرق فاتح الى رمادي وانعكست الوانها على صفحة مياه البحر فتعكرت وهاجت الامواج منذرة بعاصفة شديده وفجأه تنبهت ليزا لغياب جوني فراحت تبحث عنه حتى وجدته يلعب بحبل علقه على كتفه وهو يقلد صيادي السمك ووقف على حافة المركب في وضع لم تطمئن اليه فأسرعت ليزا محاولة تحذيره من خطورة وقفته في هذا المكان لكن القدر كان اسرع منها اذ هوى جوني عن سطح المركب ! يالهول الحادثه! هي التي كانت تحاول تفادي امر كهذا هاهي الان تواجه ماكانت تخشاه ! ولم تتمالك نفسها لدى سماعها صوته ينادي:
-بابا! بابا!
قذفته موجة عالية بعيدا وغاب وجهه عن صفحة الماء فأسرعت ليزا بخلع حذائها وارتمت خلفه محاولة انقاذه تتقاذفها الامواج الهائجه وما زاد في الامر صعوبة هو تغير الطقس المفاجئ اذ بدأت تهطل الامطار بغزاره فشعرت بالبرد يأكل جسمها وينخر عظامها وجوني مازال على بعد ثلاثة امتار منها وما ان قربت منه بعد عناء شديد وتمسكت به حتى غابت عن الوعي بعدما احست ان شيئا ما لطم رأسها قاضيا بالتالي على اخر انفاسها .
استفاقت ليزا على مهل وسط مجموعة تحيط بها واصوات هامسة :
-ها هي تستعيد وعيها!
واحست بألم شديد في رأسها فهي تتنفس بصعوبه بالغة ولم تقو على الكلام واخذت تستعيد تدريجيا تفالصيل الحادثه وبان لها ان فرايزر بين الوجوه المحدقة بها والى جانبه وقفت ساره تنظر اليها نظرات قلقه وقد ابتل شعرها ولم ترى جوني فذعرت وصرخت بصوت متقطع :
-اين جوني؟
اقترب منها فرايزر وقال بحنان :
-اطمئني جوني بخير السيدة شيزهولم اصطحبته الى منزلها .
- ما الذي هوى على رأسي وانا في عرض البحر؟
- عوامه القى بها احد المدعوين بصورة مستعجله فأصابتك,الحمدلله على سلامتك ستعود السيده شيزهولم بعد لحظات لاصطحابك الى منزلها يجب ان تلازمي الفراش فأنت محمومه!
واضافت ساره باهتمام :
- سنهتم بك كما يلزم .
- لماذا انت مبللة الرأس؟
سألت ليزا بفضول , واجابت ساره ببسمه ناعمه:
- لست بأسوأ حال منك....فالطقس الممطر افسد كل شيئ....مسكين والدي لم تنجح حفلته. هاهو يعود بعد اصطحابه جوني.... هيا! هل يمكنك الوقوف والسير حتى السياره؟
- افضل ان احملها حتى السياره .
قال فرايزر متدخلا واضاف :
- شكرا لك ساره .
- ان تحملها وتنقلها الى السياره هذا امر طبيعي ,فلن تسمح للظروف ان تفقدك زوجتك بعد مضي اسبوع على زواجكما. ساخرج لأعلن للجميع ان كل شي على مايرام .
- ايمكنك حملي حقا؟ انا ثقيلة الوزن .
قالت ليزا بضعف ولم تفاجئها هذه المرة لهجة فرايزر القاسيه اذ قال بخشونه :
- لا تتعبي نفسك بالكلام وافعلي ما اطلبه منك .
وكادت ان تنفجر بالبكاء لفرط فظاظته فبعد حادثة الغرق التي تعرضت لها مازال يحافظ على وجهه القاسي البارد . حملها ومشى بها حتى الباب واضاف ليزيد من ألمها :
- ارجوك يا ليزا لا تكرري ما حدث اليوم .
فتمتمت:
- خفت على جوني....
- لا تخافي عليه من الان فصاعدا فهو يجيد السباحة ولم يكن وحيداً ، كنا جميعا على المركب وزوارق الانقاذ متوفره كان يجدر بك عدم التسرع والرمي بنفسك في الماء فالحادثة لم تكن على هذه الدرجة من الخطوره كي تستجوب اقدامك على عمل كهذا.
ولم تستطع ليزا الاستماع الى المزيد من التهم فأدارت وجهها محاولة ان تخبئ دموعها وتمنت لو كان بامكانها الوقوف والسير حتى السياره. واستسلمت لنوم عميق في احد غرف الضيوف في منزل ساره الريفي بعد ان عاينها الطبيب وطمأنها ان حالتها الصحية لا تدعو للقلق. فبعد ساعات من النوم استفاقت
لم تنتظر ليزا جوابا كهذا فهي اكتشفت في الماضي مدى خيبة الامل التي سببتها له ذاك المساء عندما عاد من سفره في ايرلندا اذا لم تمر هذه الحادثة بدون ان تترك اثرا والا لما صارحها الان بصورة غير مباشرة بمقدار الحزن الذي يعيش فيه منذ ان اصبحا زوجين كانت هذه اللحظه كافية لتضع حدا لشكوكها فابتسمت بهدوء ونظرت اليه بينما كان يحاول ان يلهي نفسه بالنظر الى الرسوم التي تؤلف بساطا رائعا يغطي ارض الغرفة. كان عليها ان تصارحه فقالت بهدوء بالغ وعيناها تشعان فرحا :
- هذه الرسوم تستحق التوقف عندها لكنني اعتقد ان الوقت غير ملائم لانشغالك بها....
قاطعها فرايزر بضحكة عريضة وقال :
- صحيح! افضل النظر اليك..
- لاحظت ذلك .
- هنا ازيد سببا آخر لاقدامي على الزواج منك وهو مقدار الفرح الذي يتركه عندي حضورك دائما امامي والى جانبي!
- ولماذا انتظرت كل هذا الوقت لتبوح بهذا الامر؟
- لم اجد هذا السبب كافيا لاقناعك بفكرة الزواج .
- الديك المزيد من الاسباب؟
- نعم! لكن لم يحن الوقت لاطلعك عليها يجب ان اعيد الصينية الى المطبخ .
- ارجوك ابق معي بعد! اخبرني بكل شيئ الان .
وتمسكت به ليزا محاولة ارغامه على البقاء فأمسك بيدها وضمها الى صدره بانفعال وتمتم قائلا :
-احتاج الى مزيد من التشجيع فأنت تعرفين مدى تعلقي بكرامتي واحترامي لذاتي.
ولم تخف عن ليزا في هذه اللحظات الايام الاليمة التي مر بها والتي تركت فيه اثار بالغة فهو على حق عندما يتعلق الامر بحس الكرامة المرهف الذي يتميز به نتيجة الاحداث العاصفه التي حطمته وفهمت على الفور انه عليها القيام بالخطوة الاولى وفي الواقع ليس عليها الا اطلاعه على حقيقة مشاعرها فقالت بحراره :
- ارجوك ابقى بجانبي فأنا بأمس الحاجة اليك اعرف انك لا تميل الى النساء الضعيفات الاراده ولكنني هذا المساء لا استطيع الاستغناء عنك فوجودك الى جانبي هو اثمن شيئ عندي !
عاد فرايزر ادراجه بعدما اتجه الى الباب وجلس قربها :
- ليزا هل انت جاده فيما تقولينه؟ هل فكرت بعواقب ما بحت به الان؟
ابتسمت ليزا والدموع تكلل عينيها فجذبته نحوها وهي تحاول ضمه الى صدرها ثم قالت له همسا:
- اتحمل مسؤولية كلامي ولا اخشى العواقب! فأنا احبك!
ولم تقل المزيد بل اكتفت بهذا المقدار علها تشجعه على البوح بدوره بما يشغل باله فأضافت :
- لم تمس كرامتك بأذى هل انت مسرور؟
فضحك واجاب هامسا :
-شكرا لك ......لقيامك بالخطوة الاولى.
- ولم هذا الشكر .
- لولا بوحك بحبك لي لما تجرأت وبحت لك عن حقيقة شعوري تجاهك.الحب هو الذي كان السبب الرئيسي لاقدامي على الزواج منك...وقعت في الفخ بالرغم مني.
- هل هذا صحيح ومتى كان ذلك؟
- امن الضروري اعودة للماضي؟
- نعم من الضروري جدا خاصة انك بارع في اعطاء صوره مخالفة عنك. لم اكن اتصور ابدا انك تميل الي!
- شعرت بميل نحوك من اللحظة الاولى التي شاهدتك فيها في مكتبي. لكني رفضت مصارحة نفسي ولهذا السبب كنت اتجنبك لئلا يخونني قلبي وابوح بحبي...في اي حال انك تضاهينني مقدرة في كتمان عواطفك!
- صحيح اعتقدت انك تميل الى ساره لكنك تتردد في طلب يدها كونها لا تتفق مع جوني.
- وانا كنت اخشى وجود ساندي الى جانبك فعندما شهدت ذلك المساء القبلة التي بادلك اياها قررت على الفور مفاتحتك بموضوع الزواج مهما كلفني الامر فوجدت نفسي استعمل جوني وسيلة لاقناعك...ابوح اليك هذا الامر بكل تواضع .
حافظت ليزا على الصمت لتغرق في دفئ كلامه فكم انتظرت سماع ما يقوله وكم هو يعرفها حقيقة. وحده استطاع الوصول اليها ووحده فهم معالم شخصيتها وتعلقها المستميت باستقلاليتها في الحياة المشتركه ووحده نجح في ترويض قلبها المتعطش دائما لتحقبق الذات فقالت بصوت كله ثقه :
- ظننت انني كشفت حقيقة امرك عندما قدمت لي باقة البنفسج لكن عودتك من ايرلندا بدلت ظنوني واعادت الي الشكوك من جديد فعدت الى تفكيري السابق وهو انك لا تميل الي انما اقدمت على هذا الزواج فقط لحاجتك لمن يعتني بجوني.
- كيف لا اميل اليك واصبت بخيبة امل كبيره لدى عودتي من ايرلندا عندما وجتك تنامين في غرفة الضيوف؟
- اخترت غرفة الضيوف لانك لم تهتم لهذا الامر على الاطلاق واحب ان اسرد عليك مسلسل تصرفاتك الامباليه فأنت اليوم مثلا امضيت طوال الوقت بصحبة سارة على المركب حتى انك كنت تلومني بمحاولتي انقاذ جوني!
- ها انك تخطئين للمرة الثانية في تقديرك لبعض الامور فأنا لم اوجه اليك اللوم لمحاولتك انقاذ جوني انما لتسرعك في التصرف فأنت تعرضين نفسك للغرق ونحن نقدم على شهر العسل واحب ان الفت انتباهك لتمضيتك معظم الوقت الى جانب جورج ابن عم ساره فلقد كان مفتونا بك!
- وهل ينتظرني فعلا شهر عسل؟
عندئذ قام فرايزر وتوجه الى الباب وهو يحمل الصينية وقال بصوت لعوب :
- بكل تأكيد... لقد حضت كل شيئ قبل سفري الى ايرلندا يمكننا المباشرة غدا بشهر عسلنا يا حبيبتي هذا اذا سمحت لك صحتك بذلك ...الم اخبرك بأنني جهزت زورقا لهذه المناسبه؟
- لا تتفائل بي فأنا اجهل الملاحة!
- سوف تتعلمين بسرعة!
-ماذا لو هبت علينا عاصفة ونحن في عرض البحر؟اخبرتني ساره انك في هذه الظروف لا تطيق صحبة النساء .
- يتوقف الامر على اي نوع من النساء سيكون الى جانبي.
|