المنتدى :
الارشيف
قصص رعب ---- قصتين جديدتين
القصة الأولـــــــــى : أنتم أيضا ستموتون
e
كانت لحظة الإعدام قاسية بالنسبة لهشام.
رأى الضابط حسام ينظر إليه بسخرية وهو يدخن سيجارة ، وينفث دخانها ببطء.
لقد عمل هشام مع المعلم عنتر سنة كاملة في ترويج المخدرات ، وحين قرر أن يتوب، أبلغ الضابط حسام بكل شيء عن عصابة المعلم عنتر وإتفق معه على كمين للقبض عليه متلبسا.
حينها شعر بالإرتياح وأنه يزيح عن كاهله ثقلا كبيرا، ويرضي ضميره بتخليص البلد من أحد تجار السموم.
وكم شعر بالخيانة والغدر والقهر حين إكتشف أن الضابط حسام كان يعمل لصالح العصابة منذ زمن
وأن الكمين كان في الحقيقة معدا له هو ...
وكان إكتشافه متأخرا ... جدا ...
لقد أذاقه رجال المعلم عنتر من الركل والضرب ألوانا .
وتقرر أن يهرق دمه
ولأن المعلم عنتر وحشي مع كل من يعارضه ... فقد قرر أن تكون تصفية هشام الخائن بطريقة بشعة
طريقة لا تجعل أحدا يفكر ... مجرد التفكير ... في معارضته.
قرر أن يجلعه عبرة لمن لا يعتبر.
وأن يفصل رأسه عن جسده.
وأعد مقصلة جميلة للإحتفال الدموي.
****
كانوا هناك ... أربعة ... في المخزن القديم في الميناء.
الضابط حسام ، المعلم عنتر مع ذراعه الأيمن عباس ... وعدنان رجل الأعمال وشريك المعلم في تجارته الشيطانية.
كان هشام يغلي غضبا وغيضا ... لم يعد يخشى الموت وقد صار قريبا ... لم يعد يتمنى سوى أن ينقض على هؤلاء الوحوش ويمزقهم تمزيقا.
وضع عباس رأس هشام في مكانها المناسب بالمقصلة ، والتفت إلى زعيمه منتظرا الإشارة.
قال المعلم عنتر لهشام بسخرية : - والآن يا هشام ... هل لديك شيء أخير تقوله ؟
رد هشام وهو يبصق في وجهه : - نعم ... إذهبوا إلى جهنم.
إحمر وجه المعلم عنتر غضبا وهو يقول رافعا يده : - حسن أيها الأحمق ... سنرى من يموت أولا ليذهب إليه.
وهوى بيده في إشارة لعباس ، ثم سمع هشام يصرخ : - أيها الأوغاد ... أنتم أيضا ستموتون ... وبنفس الطريقـــــ ....
لكن صوت الطرف الحاد للمقصلة بتر عبارته .... وحياته ...
سقطت الرأس أرضا مع بركة دم ...
رمى الضابط حسام سيجارته أرضا وهو يطأ عليها بحذائه ...
لكنه تجمد في مكانه من الرعب ... وهو يسمع صوت هشام مكررا : - أنتم أيضا ستموتون ... وبنفس الطريقة ..
نظر إلى المعلم عنتر و عدنان ، كانت أعينهما متسعة دهشة وعلها ...
أما عباس الذي كان ينفذ الإعدام فقد تراجع بعصبية وهو ينظر إلى الرأس المقطوعة ...
وقال لمعلمه وهو يرتجف : - لقد ... لقد ... لقد تكلمت الرأس يا معلمي
قال الضابط وهو يتقدم بجرأة إلى المقصلة : - هراء
وإنحنى ببطء ينظر إلى رأس هشام ... وحركها بحذر كأنما يداعب ثعبانا
قبل أن يحمل الرأس مطمئنا ويقول وهو يلوح بها من شعرها لرفاقه راسما إبتسامة شاحبة :
- هل رأيتم ؟ ... إنه ميت ... لقد كان الصوت مجرد صدى لعبارته الأخيرة
*******
توقف عدنان بسيارته المرسيدس البيضاء أمام مبنى شركته ، وعقله يستعيد ذكرى مشهد الإعدام الذي نفذ ليلة البارحة ...
وعبارة هشام الأخيرة ...
لم يكن عدنان يؤمن بالأشباح ... وحتى بالجن ... وكانت تلك الخزعبلات ... كما كان يسميها ... مجرد أوهام إخترعها الإنسان ليجعل لنفسه عدوا جديدا يحاربه ، أو ليضع تفسيرا لظاهرة عجز أن يجد لها تفسيرا علميا مقبولا
وكان حتى وهو يستقل المصعد يتذكر بسخرية كيف كان المعلم عنتر يرتجف كل تلك الليلة ، ولو حاول أن يبدو متماسكا ، وكيف حاول هو إقناعه بنسيان الأمر ...
وكأنما لينفض عنه كل تلك الأفكار ... لوح عدنان برأسه يمينا وشمالا وهو يضغط الزر
ولم تنغلق ضلفتا المصعد ...
ضغط الزر مرارا ... وهو يغمغم بكلمات ساخطة
فجأة ... تحرك المصعد لأعلى بسرعة وهو يرتج
وترنح عدنان في وقفته ورأسه تميل خارج عتبة المصعد ... الذي كان في طريقه للأعلى ... بطريقة خطيرة
ثم ... لم يجد الوقت للصراخ
*****
بعد ليلة قضاها عباس في الشرب ... نهض من فراشه متثاقلا وهو يلعن ويسب معلمه عنتر وكل البشر كان متأكدا من أن رأس هشام المقطوعة تكلمت ... لقد رأى شفتيه تتحركان وشاهد عينيه تتقدان حقدا وغضبا...
لقد قتل عباس أشخاصا كثيرين ... ببرود ... ودون أن يطرف له جفن
لكنه هذه المرة ... كان قلبه يرتجف خوفا
حاول نفض مخاوفه وإقناع نفسه بأن هشام يرقد الآن في قالب إسمنتي كبير في قاع البحر ... ثم ...
إتجه صوب النافذة ليستنشق بعض الهواء النقي ، وفتحها مادا يديه ...
أزعجه ضوء الشمس الساطعة في عينيه فغطاهما بذراعه ...
وبعد أن إعتادتا الضوء ... عاد ينظر إلى الشارع
كان يسكن في الطابق الثاني من عمارة بعشر طوابق
حين مد رأسه ليلتقط نفسا عميقا ... كان ذلك أخر نفس دخل رئتيه
وبعد أن رأت المشهد ، أغمي على الفتاة المسكينة في الطابق العاشر والتي ألقت ... عفوا ... الصينية المعدنية ذات الطرف الحاد من النافذة.
*****
كان المعلم عنتر عصبيا جدا وهو يدخل إلى مصنع الأخشاب الذي يملكه قرب الميناء
أخذ ينهر العمال وقد إحمر وجهه وإنتفخت عيناه بعد لياة بيضاء هاجمته فيها كوابيس فظيعة
وأمام إحدى آلات قطع الخشب وقف يعاتب رئيس العمال على بطء وتيرة العمل ، بينما الرجل المسكين يرتجف وهو يقسم أن العمال يبذلون أقصى طاقاتهم ...
ثم أمره المعلم عنتر بالإنصراف وإتجه صوب مكتبه ...
حين تعثر في جلبابه ... وحاول الإمساك بأي شيء لكي لا يسقط
ويبدو أنه حين أمسك بذراع إحدى الآلات مال بطريقة خطيرة لتقع رأسه أمام منشار آلة القطع ...
وأغرق الخشب لون أحمر ...
****
علم الضابط حسام بموت الثلاثة في ظهيرة ذلك اليوم ...
وقد حضر بنفسه معاينة الحوادث
كان الخوف يحطم أعصابه الفولاذية كمطرقة هائلة من الصلب تحطم زجاجا هشا
هل كانت هذه صدفة أن يموت هؤلاء بهذه الطريقة البشعة ... بأن تفصل رؤوسهم عن أجسادهم ؟
أم أنها لعنة هشام التي أطلقها في لحظاته الأخيرة ؟
حقا لقد كان إنتقام هشام سريعا ...
ولأن المصائب لا تأتي إلا تباعا ... فقد أبلغوه صبيحة هذا اليوم أن عويس سفاح النساء الشهير والذي سبق وألقى عليه القبض قد فر من مستشفى المجانين ...
وقضى بقية اليوم في البحث عن الهارب في الأماكن التي يحتمل أن يلجأ إليها
لهذا ... فحين عاد إلى البيت في ساعة متأخرة من الليل ... كان كل ما يفكر فيه هو النوم ... كان مرهقا بشدة ... خائفا للغاية ... ورؤوس عباس وعدنان وعنتر تتراءى أمامه في كل لحظة
أمام المرآة في بهو الشقة ... فك رباط عنقه ووضع قبعته على الطاولة نازعا سترته
وما كاد يعلقها على المشجب حتى شعر بأنه يختنق
رفع عينيه إلى المرآة ليرى أبشع كوابيسه
كان عويس يحيط عنقه بسلك فولاذي رفيع ويضغط عليه بشدة
حاول حسام أن يدخل يديه بين السلك وعنقه ليدافع عن نفسه ... لكن عويس بجسده الضخم و ذراعيه القويتين كان يضغط بشدة
إزرق وجه حسام وبدأت علامات الحياة تفارقه ... كان قلبه ينبض بشدة ورئتاه تصرخان طلبا للأكسجين
وقبل أن تظلم الدنيا تماما أمام عينيه رأى وجه عويس في المرآة يبتسم كأي معتوه جذلا ووحشية
وخيل إليه أنه وجه هشام نفسه
أما عويس ... فرغم أن جسد الضابط تراخى وقد غادرته الحياة ... فإنه واصل الضغط بالسلك الفولاذي ... حتى ...
حتى فصل الرأس عن الجسد
التعديل الأخير تم بواسطة ذ.عبد العزيز أبوالميراث ; 31-03-08 الساعة 09:55 PM
|