كاتب الموضوع :
ام عمرو
المنتدى :
روايات زهور
12- اللــــــــــــمســة الـــــــــــــسحريـــــــــــــــة
تنبهت يسرا وقد وجدت نفسها بين ذراعيه فانتزعت جسدها من أحضانه قائلة: آسفة يبدو أن مشاعري قد تغلبت علي
لا يوجد ما يدعوك إلى الأسف أنا الذي يتعين عليه أن يأسف لأنني أثرت شجونك على هذا النحو
اعتقد أنه يتعين عليك أن نعود الآن إلى المنزل
لكنه استبقاها وهو يمسح بأنامله آثار العبرات التي سالت على وجنتها قائلا:لا ادري كيف يمكن لاي شخص ان يفرط في فتاة رائعة مثلك
نظرت إليه قائلة:إذا كانت المصلحة تقتضي ذلك أليست هذه هي مبادئك الجديدة؟
أزاح خصلات التي تهدلت على جبينها وعيناه تتوهجان عاطفة قائلا:اعتقد انه يتعين علي أن أعيد التفكير في هذه المبادئ
قالت يسرا وقد تأثرت بمعاملته الرقيقة :بل يتعين عليك أن تعود لنفسك أنا لم اكفر بقيمة المشاعر والعاطفة الحقيقية في حياتنا وعليك ألا تكفر بها أيضا
شهد اليوم التالي تقاربا اكبر بين سامح ويسرا فقد اخذ يلاحقها أينما ذهبت
لم يستطع أن يمنع نفسه عن التفكير فيها طوال الليل وعندما أشرق النهار بدا أن حبها قد غزا قلبه
تنبهت على صوته وهو يفاجئها أثناء عملها في حديقة البرتقال قائلا:هل تحتاجين إلى مساعدة ؟
الم يخطر لك أن تسال هذا السؤال إلا الآن ؟بالطبع احتاج إلى مساعدة الست مهندسا زراعيا؟
ابتسم قائلا :هكذا تقول الشهادة التي حصلت عليها
إذن تعال لنفحص معي هذه الثمرات و الأوراق معي
قال لها مداعبا :وهل ستعطيني أجرا طيبا ؟
قالت له بدلال:هذا يتوفق على الجهد الذي ستبذله في عملك
أعدك بان ابذل قصار جهدي
ومن بعيد وقفت نجوى تراقبهما وهي تشعر بسعادة بالغة حينما لمحت أباها وهو في طريقه إلى حديقة البرتقال واليوسفي فاستوقفته قائلة :إلى أين أنت ذاهب يا حاج؟
نظر إليها قائلا:سأرى ما تم إنجازه من عمل
لا داعي الآن اعتقد أن العمل يسير على خير وجه
وأشارت إلى حيث يقف سامح ويسرا قائلة:انظر لقد انضم إلى العمل في الحديقة شخص جديد
وارتسمت الدهشة على وجه الأب وهو يرى ابنه يشارك يسرى في العمل قائلا:سامح يعمل بنفسه في الحديقة اي انقلاب هذا الذي يحدث هنا؟
ضحكت نجوى قائلة:انقلاب تتزعمه المهندسة نجوى
ضحك الأب بدوره قائلا:يبدو أن هذه الفتاة تفعل الأعاجيب
قالت يسرا لسامح:ألا تريد أن تحصل على بعض الراحة؟
إنني لا اشعر بالتعب طالما أنا بجوارك
قالت له في دلال :هل ستعود إلى مغازلتي مرة أخرى؟
نعم ويجب أن تعتادي على ذلك فكيف يمكنني أن أتوقف عن مغازلة فتاة جميلة مثلك
ولكن هذا يتجاوز حدود العمل يا بشمهندس
بل إن هذا يحفزني على العمل يا بشمهندسة
يبدو انك مصر على ذلك
إنني لا أقوى على مقاومة ذلك
إذن سأحملك بالمزيد من العمل هنا
لقد قلت لك إنني لا اشعر بالتعب طالما أنا بجوارك
وحملته صندوقا من الكارتون قائلة:إذن احمل هذا وابق واقفا هنا
ثم أمرت المزارعين بحمل كميات كبيرة من البرتقال واليوسفي الذي كانت تفحصه والذي يزيد وزنه عن الثلاثين كيلو جراما في الصندوق الذي يحمله سامح قائلة له وهي تشير إلى احد الأجولة:انقل هذا الجوال إلى هنا
نظر إليها مغتاظا وهو يحمل الصندوق بعناء شديد متجها إلى الجوال حيث استوقفته قائلة:انتظر اعتقد انه يمكنك أن تحمل وزنا إضافيا
ثم أشارت إلى المزارعين لكي يضعو المزيد من البرتقال وقد كاد أن يسقط تحت ثقل حمولته
وفي المساء سالت يسرا عنه أخته وقد لاحظت غيابه قائلة:لماذا لا أرى سامح هذه الليلة؟
قالت نجوى :انه في غرفته مسكين انه يتألم بشدة
سألتها يسرا بانزعاج قائلة:يتألم لماذا؟ما الذي أصابه؟
يبدو انه قد أصيب بانزلاق غضروفي ويعاني من آلام مبرحة في ظهره
انزعجت يسرا بشدة قائلة:لابد أن أراه إنني المسئولة عن ذلك
سألتها يسرى في خبث :مسؤلة عن ذلك كيف؟
لقد بدا الأمر بمزاح حينما حملته ذلك الصندوق الثقيل
لا افهم ماذا تقصدين بذلك؟
نجوى من فضلك هل تصحبينني إلى غرفته؟ يجب أن اطمئن عليه
وصحبتها نجوى إلى غرفته حيث وجدته ممددا فوق فراشه وما أن رآها حتى اخذ يئن بشدة ويصرخ من الألم
سألته يسرا قائلة :ما بك؟
قال لها سامح متألما:ظهري ألام لا تطاق في ظهري إنني عاجز عن محاولة الجلوس
وضعت يسرا يده على وجنتها وهي تجلس بجواره وملامح الندم والأسى في عينيها قائلة:إنني آسفة أنا المسئولة عن ذلك
امسك سامح بيدها قائلا:لماذا فعلت بي ذلك؟أي ذنب اقترفته في حقك لتسببي لي كل هذه الآلام؟
وفي تلك اللحظة انسحبت نجوى من الغرفة دون أن يلحظها احد
بكت يسرا قائلة:أرجوك سامحني ولكن لابد من استدعاء طبيب فورا
قال لها متوسلا :كلا أرجوك فقط ضعي يدك على جبهتي
ووضعت يدها على جبهته برفق
فهمس لها قائلا:نعم هكذا والآن ضعي يدك الأخرى على صدري جهة القلب
وأطاعته وهي مندهشة من تصرفه
ثم ما لبث أن سألها قائلا:والآن اخبريني عما تحسينه الآن
قالت له بدهشة :عما أحسه وهل أنا التي تتألم؟
إنني لا اعني الألم إنني اعني ما تحسينه نحوي من مشاعر
نظرت إليه بريبة وهي تبتعد يدها قائلة :انك لست مريض وهذه ليست سوى حيلة منك
انتصب جالسا فوق فراشة في الحال وهو يضحك قائلا:نعم لقد أردت فقط أن أثير مخاوفك وانتقم مما فعلته بي هذا الصباح كما أنني حظيت بلمستين رائعتين من يديك الجميلتين
انتفضت واقفة وهي تنظر إليه بغيظ قائلة:يالك من محتال مخادع
ثم تناولت الوسائد وأخذت تقذفه بها وهو يرفع إليها يديه متوسلا ووقف محاولا الدفاع عن نفسه وقد امسك بمعصميها ليمنعها من الاستمرار في قذفه بالوسائد
وتلاقت أعينهما في نظرة طويلة معبرة
كان لا يزال ممسكا بمعصميها وهو يحس بتيار كاسح من العاطفة يدفعه نحوها وبدت هي الأخرى وكأنها تندفع نحوه في تيار مماثل
وهمس مرددا اسمها بصوت حنون:يسرا!
لكنها خفضت بصرها وسارعت بجذب معصميها من يديه وغادرت حجرته بينما ظل جامدا في مكانه وهو يحاول السيطرة على مشاعره
إن قلبه يخفق بقوة خفقات لم يعرفها منذ زمن بعيد
أما هي فقد أغلقت باب حجرتها خلفها واستندت عليه بظهرها وبدت وكأنها تخشى أن يسمع احد خفقات قلبها
وتساءلت في حيرة أتكون قد أحبته ؟أليس شعورها الذي تحسه الآن هو الحب بعينه؟
وفي اليوم التالي فوجئت يسرا لدى عودتها من عملها في الحدائق بوجود فتاة تقف مع سامح وهما يضحكان عاليا
وكانت الفتاة جميلة وكان من الواضح انه يوجد تقارب شديد بينهما فما أن رآها حتى هتف قائلا:يسرا تعالي لأعرفك نهلة
وقام بإجراء التعارف بين الاثنين قبل أن تستأذن يسرا لتنصرف
لاحظت يسرا طوال اليوم أن سامح يبدى اهتماما شديدا برفيقته وتساءلت عن حقيقة مشاعره نحوها
لقد كانت تشعر بغيرة حقيقية تجاه تلك الفتاة التي استحوذت على اهتمام سامح إلى الحد الذي جعله ينشغل عنها تماما وهو الذي كان يلاحقها خلال الأيام الماضية
واعتذرت يسرا عن العشاء لتذهب إلى غرفتها حيث حاولت أن تشغل نفسها وتهدئ من نيران الغيرة التي اشتعلت بداخلها بتنظيم ثيابها داخل حقيبتها
حينما سمعت طرقا على الباب فدعت الطارق إلى الدخول
ودهشت حينما رأته يدخل عليها غرفتها فهذه هي المرة الأولى التي يأتي فيها إلى هذه الحجرة
سألته قائلة وهو يحاصرها بعينيه:لماذا لم تتناولي عشاءك؟
لا اشعر بالرغبة في تناول شئ
ونظر إلى الثياب التي تضعها في الحقيبة قائلا:ماذا تفعلين؟
أجابته في جفاء::كما ترى اعد حقيبتي فسوف ارحل بعد غد
ولكنك لم تنتهي من مقاومة الآفات بعد
بل انتهيت ولم يعد باقيا أمامي سوى الغد وأكون قد انتهيت من معالجة المحصول كله
وماذا عن النتائج؟
إن ذلك سيحتاج لشهرين على الأكثر
إذن تبقين حتى تظهر النتائج ونقرر انك نجحت في عملك
لقد نجحت في عملي بالفعل ولا تنتظر مني أن أبقى شهرين هنا حتى تظهر النتائج
لماذا؟
لأنني لابد أن أعود إلى عملي
إذن فلتستقيلي من عملك
هل تريدني أن أستقيل من عملي لكي اطمئن على محصول الموالح؟
بل لتبقي بجواري فانا اعرف انك تحبينني
نظرت إليه بتعال قائلة:يالك من مغرور
ليس غرورا ولكنه إقرار للواقع فقد رأيت نظرات الغيرة في عينيك حينما كنت أجالس نهلة
هذا يؤكد غرورك فلم أكن أعطيك اهتماما
انك تكذبين فقد تعمدت إثارة غيرتك
إذن فقد صورت لك أوهامك ذلك ولكن هل تعرف إنكما تبدوان لائقين لبعضكما
لم تكن واهما يا يسرا لقد أردت أن اتاكد فقط انك تحبينني كما احبك ولم اعد أرى من تناسبني في العالم سواك
خفق قلبها بشدة من فرط إحساسها بالسعادة لكنها حاولت إخفاء ذلك والتظاهر بالبرود وهي تقول له في دلال:لكني لا احبك
امسك بذراعيها ليجعلها في مواجهته وهو يقول لها:هل تستطيعين أن تنظري في عيني وأنت تقولين ذلك؟
سارعت بخفض بصرها وقد تورد وجنتاها
وضع أنامله تحت ذقنها وهو يرفعه وجهها بلطف قائلا:يسرا هل تتزوجينني؟
أصابتها حالة من الارتباك وارتفع حاجبيها لأعلى وهي تقول له:من ؟أنا؟
نعم وسأكون سعيدا للغاية لو وافقت
احتاجت لبرهة من الوقت لكي تستعيد سيطرتها على مشاعرها وأحست بان هناك إحساسا غامرا بالسعادة يجتاحها ويحول بينها وبين النطق
وأخيرا تحدثت قائلة:وماذا عن المرزعة ؟أما زلت ترغب في بيعها؟
من ذا الذي يتحدث عن البيع؟إن هذه المزرعة ستكون عش حبنا وسنعمل فيها معا سويا لننميها ونجعلها تزدهر لقد علمتني يا يسرا ألا أفرط في الأشياء الجميلة أيا كان الثمن
إذن فقد عدت لذاتك يا سامح
بفضل لمستك السحرية لمسة الحب التي حركت مشاعري وأحاسيسي من جديد
والآن ما هي إجابتك هل أنت موافقة على الزواج مني؟
تطلعت إليه قائلة:وهل تحتاج مني إلى إجابة؟
أحاط كتفها بساعده في حنان ودفء قائلا بسعادة بالغة:إذن دعينا نزف لهم الخبر
تم بحمد الله
|