كاتب الموضوع :
ام عمرو
المنتدى :
روايات زهور
-لــــــــــــــــــن أتــــــــــــــــــــــــراجــــــــــــــــــــــــــــع
كانت يسرا غاضبة للغاية فقد سمعت ما قاله سامح لأبيه وعرفت انه لا يرغب في وجودها بالمزرعة
ودفعها كبرياؤها إلى أن تعد حقيبتها استعدادا للسفر ومغادرة المكان لكنها فكرت في وعدها لذلك الأب الطيب الذي منحها ثقته والذي يرغب في الاحتفاظ بمزرعته والبقاء فيها حتى الموت
كما فكرت أن التصدي للآفات التي أصابت أشجار الموالح يمثل تحديا لها ولكل ما درسته وتعلمته وهي تميل لذلك النوع من التحديات مما دعاها إلى التراجع عن قرارها بمغادرة المزرعة في الحال ورأت أن نجاحها في تنفيذ وعدها للحاج عبد الفضيل سيكون أفضل رد على ما قاله سامح لأبيه وقالت لنفسها بتحد:نعم علي البقاء هذه الأيام الأربعة لأحقق ما وعدت به وان انحي كبريائي جانبا
لكنها لم تستطع أن تقاوم غضبها وهي تقول لنفسها ولكن لماذا لا يرحب ببقائي هنا ؟وكيف سمح لنفسه أن يقول لأبيه عني ما قاله؟
لقد كان بالأمس إنسانا شهما نبيلا وحنونا أحاطني برعايته ووفر لي مكانا آمنا ألجا إليه في وقت كنت فيه كالتائهة وخفف من قسوة آلامي النفسية في لحظة كنت أحوج ما فيها إلى ذلك فما بدله على هذا النحو ؟
ولماذا يفسد تلك الصورة الجميلة التي رسمتها له بالأمس؟
وعادت تقول لنفسها:وما الذي كنت تنتظرينه منه أكثر مما فعله معك الليلة الماضية ؟لقد تصرف بالفعل كرجل شهم يساعد فتاة تتعرض لضائقة وانتهى الأمر معك إلى هذا الحد وأنت لا تعنين له أكثر من ذلك وهذا واضح من تصرفاته وكلماته واستمرت في حوارها مع نفسها قائلة:ولكني كنت أظن أنني ربما أكون قد تركت في نفسه أثرا من ذلك خاصة وهو يصفني بأنني فتاة جميلة في السيارة
وابتسمت لنفسها في سخريه قائلة:لقد كنت تظنين وقتها أن له إغراضا أخرى من وراء ذلك وكنت غاضبة من اجل ذلك وها أنت ذي غاضبة الآن لأن هذه الكلمة كانت بلا معنى حقيقي
نعم ربما كانت مجرد مجاملة لا أكثر
وعادت تقول لنفسها:لقد ظننت إنني رأيت في عينيه شيئا من الإعجاب لكن شخصا مثله لابد انه أعجب بالكثيرات من قبل دون أن تتولد عن ذلك شئ ما ودون أن يضر لاستضافتهن في منزله
وقالت لنفسها بأسى:يؤسفني أن يكون هذا هو شعوره نحوي مع إنني كنت قد بدأت احمل له بعض المشاعر وارى فيه ..أرى فيه..................
لكنها سرعان ما تراجعت عما قالته محذرة:ما الذي ترينه فيه؟و ايه مشاعر تلك التي تتحدثين عنها ؟إياك أن تنزلقي إلى هذا الشئ مرة أخرى وان تستسلمي لأيه مشاعر كفى ما حدث من قبل انك لم تبرئ من صدمتك من صلاح بعد
وأكدت على ذلك قائلة لنفسها :نعم يتعين علي أن أتوقف عن التفكير في أي شخص على هذا النحو مرة أخرى و ألآ ادع نفسي تستسلم لأيه مشاعر عاطفية اننى سايقى هنا ,لأنفذ ما وعدت به الحاج عبد الفضيل وبعدها سأغادر المكان وبذلك أكون قد رددت له ولابنه الجميل الذي قدماه لي كما أن هذا الأمر سيشغلني ويستحوذ على اهتمامي الوقت الذي احتاجه لكي أتخلص من تجربتي مع صلاح
وغادرت الغرفة وهي سعيدة لأنها اتخذت هذا القرار
سارت يسرا في الحديقة المحيطة بالمنزل وهي تفحص بعض أنواع الزهور التي تزخر بها عندما رأته واقفا أمامها تراجعت خطوتين إلى الوراء من اثر المفاجئة
تأملها بنظرة ثاقبة قائلا:هل أفزعتك؟
أجابته قائلة :كلا لكن فاجاتنى فلم أتوقع أن أراك امامى فجأة هكذا
أنا أيضا فوجئت بوجودك فقد كنت ألقى نظرة على هذه الشجرة عندما لمحتك
وصمت برهة دون أن يرفع عينيه عن وجهها على نحو أربكها قبل أن يقول :إن هذه النظرة الفزعة التي رايتها الآن تذكرني بالليلة الماضية عندما كنت تتوجسين مني خيفة
لقد كنت مخطئة في مخاوفي وقد اعتذرت لك عن ذلك
قال لها في جفاء:نعم اعلم ذلك هل أعجبك المكان هنا؟
إنني شديدة الإعجاب به فهو مكان رائع
قال لها وهو يخطو متنقلا في أرجاء الحديقة :أما أنا فلا أراه كذلك
قالت يسرا وهي تسير بجواره :لماذا ؟مع إن كل ما فيه يغري بالإعجاب به؟
إنني لا ادري ما هذا الذي يغري بالإعجاب ؟ حظيرة المواشي المريضة أم مزرعة الدواجن التي فتكت بها الأمراض في العام الماضي ؟أم محاصيل الموالح التي تتناقص إنتاجية عاما بعد آخر ؟فضلا عن هذه القرية المحيطة بنا والتي لا يتوافر فيها أي مجال للترفيه أو مظاهر الحياة الحديثة
إنني مندهشة أن اسمع لك من مهندس زراعي
الشهادة الدراسية شئ والحياة العلمية شئ آخر
فمن الممكن دائما أن نطبق ما تعلمناه على حياتنا العلمية
هذا إذا كنا سنجني من وراء لك نجاحا عمليا
تقصد نجاحا ماديا
إن النجاح العلمي مرتبط دائما بنجاح مادي .هل سمعت عن مشروع ناجح يحقق خسائر مادية؟
بل سمعت عن مشروع يمكن أن يكون ناجحا لكننا لا نحسن استغلاله أو العناية به ثم ندعي بعد لك انه يحقق خسائر وانه مشروع ينر بالفشل
تقصدين هذه المزرعة؟
نعم
هذا يعيدنا إلى ما أردت أن أتحدث اليك بشأنه والذي دعاني إلى فتح هذا الحوار معك
ما الذي تهدفين إليه من وراء بقائك هنا؟
ألا تريدني أن أبقى في ضيافتكم بضعه أيام أخرى؟
أنت تفهمين مغزى سؤالي؟
لابد أن والدك قد أخبرك
هل تنوين حقا معالجة أشجار الموالح
تماما
ولكن هذة الأشجار قد تمكنت منها الآفات وثمارها تتناقص عاما بعد آخر حتى أن البعض منها قد توقف عن طرح الثمار بالفعل
ولكني قادرة على معالجة هذه الأشجار وإعادتها إلى ما كانت علية في البداية
قال سامح بضيق:وما الذي يجعلك واثقة من هذا؟
لقد فحصتها عن قرب ووجدت إنني أستطيع مقاومة هذه الآفات
لكنني فحصتها قبلك ووجدت إن هذا مستحيل
قالت يسرا بثقة:إنها وجهات نظر يا باش مهندس ولا تنس اننى متخصصة في الموالح وبحكم عملي في مركز البحوث الزراعية فإنني قمت بإجراء تجارب عديدة بشان هذا النوع من الآفات
وماذا عن غيري من المهندسين الزراعيين الآخرين الذين فحصو هذه الأشجار؟إنهم خبراء في الموالح أيضا وقد اقرو بعدم فاعلية المقاومة الآن في هذه المرحلة المتأخرة
برغم انه يدهشني ذلك فعلى الأقل أستطيع أن احصل على فرصة لتنفيذ خطتي بشان علاج هذه الأشجار فهذا لن يكلف شيئا سوى إتاحة الفرصة لتقديم خبرتي في هذا المجال
قال لها سامح بعد نفاذ صبر:بل سيكلف يكلف آلات الرش ومواد كيمائية وعمالا زراعيين وكل ذلك بلا طائل ولا جدوى
لا يمكنك أن تحكم قبل أن ترى النتائج يا بمهندس
قال لها في عصبية:هل ترين نفسك دائما أفضل من الآخرين؟
بل اعرف قدرات نفسي تماما
هذا ليس سوى غرور من جانبك
أشكرك على أن هذا هو تقديرك لي ولكن قل لي لماذا تبدي هذه الرغبة الشديدة في بيع المزرعة؟
هذا ليس من شانك
بل من شأني ما دام والدك قد أوكل لي مهمة العناية بمحاصيل الموالح وأوضح لي بجلاء أنني لو نجحت في مهمتي فانه لن يتنازل عن هذه المزرعة بأي حال من الأحوال
قال لها سامح بعد فترة من التفكير:وإذا أخبرتك بأنني أريد أن أبيع هذة المزرعة ولا ارغب في الاحتفاظ بها
لماذا؟
للأسباب التي ذكرتها من قبل ولرغبتي في إقامة مشروع تجاري بالمال الذي سنحصل عليه من بيعها أتولى أنا إدارته ونؤمن عن طريقه ربحا ماديا مجزيا كل عام
وهل أنت واثق من نجاح هذا المشروع ؟ومن انه سيدر عليك ربحا مجزيا كل عام
بالطبع؟
ومن اجل هذا أوعزت إلى أبيك أن الأشجار لن تجدي معها وسائل العلاج الزراعية وأوعزت إلي زملائك من المهندسين الزراعيين أن يخبروه بذلك أيضا حتى تشجعه على بيع المزرعة
نظر إليها سامح بدهشة قائلا:ماذا تقولين ؟
أليست هذه الحقيقة ؟
قال لها بانفعال:انك تتجاوزين حدودك و......
قاطعته قائلة:لقد طلبت مني أن أساعدك على إقناع أبيك ببيع المزرعة إذن يتعين عليك أن تكون صريحا معي وان تخبرني عنا اذا كان ما اقوله حقيقيا ام لا؟
اطلق زفرة قصيرة قائلا:حسن انه حقيقي ان ابي شخص عنيد وهو شديد التعلق بهذه المزرعة لذا كان يتعين اقناعه ببيعها باي وسيلة
بان تغشه؟
قال مستنكرا الكلمة:اغشه ؟كيف تسمحين لنفسك بان تقولي ذلك؟
وهل توجد تسمية اخرى لما فعلته غير ذلك؟
لكن الافات موجوده بالفعل
نعم ويمكن مقاومتها لا تركها تاتي على المحصول لكى تحقق هدفك من بيع المزرعة انك تساهم في القضاء على هذة الثمار القضاء على نعمة منحها انا ربنا
قال لها وهو يلتفت حوله في قلق:هل يمكنك ان تخفضي صوتك؟
ثم اسنطرد قائلا:اسمعينى جيدا ان هذه المزرعة ستباع لمشتر سيحسن استغلالها والعناية بها وهو سيدفع ثمنا مناسبا للغاية نحن بحاجة للمبلغ الذي سيدفع لكى نقيم هذا المشروع الذي حدثتك عنه
انت وحدك تسعى وراء هذا المشروع اما والدك واختك فلا يريدانه
صاح فيها قائلا:هذا ليس من شانك
ثم تذكر انه يتعين علية ان يخفض صوته فسالها قائلا:
لماذ تتدخلين فيما لا يعنيك؟
لانني اكره ان اراك تغش اباك وتحرمه من هذا لمكان الذي يحبه
انني لا اريده ان يضيع حياته وجهده في هذا المكان اريده ان يربح وان نربح معه هل تفهمين؟هذا لم يعد عصر الزراعة ومحاصيل البرتقال واليوسفي ان الارباح تاتي اليوم من المشاريع التجارية
والخسائر الكبيرة تاتي ايضا من المشاريع التجارية لمن لا يفهمون فيها
قال لها سامح في ضيق :ها انت ذا تتدخلين مرة اخرى فيما لا يعنيك وعلى كل حال انت لاترضين لنا الخسارة ان هذه المزرعة ستبدد اموال ابي بلا طائل وفي النهاية سيضطر لبيعها باقل من سعرها المعروض علينا الان بعد ان تقل قيمتها عما هي عليه الان
لن تقل قيمتها بل سيزداد مع ازدياد انتاجها من محصول الموالح هنا
هل تظنين ان الامر يتعلق بامر الموالح فقط؟وماذا عن الماشية والدواجن
كل تلك الاشياء يمكن العناية بها بواسطة الاطباء البيطريين والمتخصصين
قال لها بحنق:كان من الخطا ان اتي بك الى هنا
ربما ارسلتني العناية الالهية الى هنا لكي اساعد ذلك الرجل الطيب الذي هو ابوك على الاحتفاظ بالمزرعة
حسن كم تاخذين لترحلي عن هذا المكان في الحال؟
نظرت اليه نظرة تنم عن الاشمئزاز قائلة:لقد بدات بالغش وها انت ذا تعرض علي رشوة الان
ترى ما الذي سيقودك اليه اطماعك اكثر من هذا؟
قال لها بانفعال :اسمعي ايتها الفتاة لقد بدات اضيق ذرعا انني امرك ان تغادري هذا المنزل في الحال
صمتت يسرا برهه قبل ان تقول له :عفوا ولكنك لا تملك الحق في ذلك
قال لها بدهشة:لااملك الحق في ذلك؟انني صاحب المزرعة
قالت له بهدوء:بل والدك هو صاحبها واذا اراد ان اغادر فسوف افعل
ثم تركته وانصرفت ولكنه لحق بها ليعترض طريقها قائلا:لاتجبريني بان اتعامل معك باسلوب غير لائق
قالت له بنفس النبرة الهادئة:اذا لم تبتعد عني الان فساخبر لجميع بانك ضللت والدك بشان اشجار الموالح
صاح فيها قائلا:اتهددينني؟
ثم رفع يده عاليا وهو يهم بصفعها لكنها نظرت إليه بثبات قائلة :هل تريد أن تصفعني ؟هيا افعل !
ولم يجرؤ على أن يفعل بل خفض يده جانبه
بينما قالت له:بقدر ما احترمتك بالأمس بقدر ما سقطت من نظري الآن
ثم تركته وواصلت طريقها نحو المنزل وهو في اشد حالات الانفعال والأسى
التعديل الأخير تم بواسطة ام عمرو ; 18-03-08 الساعة 04:15 PM
|