كاتب الموضوع :
ام عمرو
المنتدى :
روايات زهور
سألها الحاج عبد الفضيل :لما لا تبقين يوما او يومين فى ضيافتنا فى المزرعة؟!
6- حــــــــــذار مــــــــــــــــــن الــــــــــــــــــحــــــــــــــــــــب
قالت يسرا :ان ها كرم بالغ لمنى اعتقد اننى لن أستطيع لك
قال الأب :لماا ؟لقد قلت بنفسك ان والدتك تعرف انك ستقضين بضعة أيام في ضيافة الحاج إبراهيم وها يعنى أنها لن تقلق عليك لو غبت عنها يوما او يومين.وعلى كل حال فلدينا هنا خط هاتف مباشر وتستطيعين ان تطمأنيها بالهاتف لو أردت لو كان لديك فى منزلك تلفون
سارعت نجوى لتقول لها :سأكون سعيدة لو وافقت فأنا أقيم هنا بمفردي واشعر بوحدة شديدة لعدم وجود صديقة لي تؤنسني وقد أحببتك منذ أن رأيتك
أشكرك لهذا الشعور ولكن أنا مرتبطة بعملي فى القاهرة
أرجوك يا يسرا يوما أو يومين لن يجعلاك تتأخرين كثيرا عن عملك فلا بد انك حصلت على إجازة ما دمت كنت تنوين قضاء بضعة ايام فى منزل الحاج إبراهيم
وفكرت يسرا أنها لم تتخلص من آثار الصدمة النفسية التى عانتها بعد لقائها بصلاح برغم انها تحاول التظاهر بعكس ذلك
ولابد ان عودتها إلى القاهرة الآن وانفرادها بنفسها خاصة وهى لا تستطيع ان تقطع الإجازة الآن حتى لا تثير الأقاويل بعد ان أعلمت بعض زميلاتها انها فى طريقها لمقابلة صلاح
ومن الأفضل ان تحاول ان تنسى ما حدث لها بلامس وان تتغلب على صدمتها العاطفية
وربما كان فى وجودها لدى هؤلاء الأشخاص الذين أكرموها وفى جو مختلف بعيد عن منزلها ما يساعدها على التخلص من بعض الآثار النفسية الأليمة الناجمة عن صدمتها
لا قالت لهم :حسن اعتقد انه يمكنني قضاء يومين آخرين هنا
صفقت نجوى بيديها كطفلة صغيرة:اننى سعيدة لذلك
وكذلك ابتسم الأب قائلا:ستكونين هنا على الرحب والسعة
أما سامح فقد بدا غير مستريح لذلك وان حاول أن يرسم على وجهه ابتسامة باهته تعبيرا زائفا عن سروره لذلك
سألتها نجوى قائلة:ما رأيك لو قمنا بجولة صغيرة في المزرعة ؟اعتقد أنها ستعجبك
لا باس بلك سأبدل ثوبي و آتى معك
فتحت يسرا حقيبتها وتأملت فستانها الوردي وقد اعترتها مسحة من الحزن
لقد ابتاعت ها الثوب قبل سفرها بيومين فقط وكانت تظن انه سينال إعجاب صلاح فيما لو كان قد قدر لها البقاء في ضيافته
وطالما تخيلت نظرة الإعجاب في عينيه وهو يتأملها تتهادى أمامه بها الثوب في تعرف انه يحب اللون الوردي كثيرا
لقد كلفها ها الثوب ثمنا باهظا أطاح بميزانيتها لكنها كانت ترى ان نظرة الإعجاب في عيني الإنسان الذي تحبه تساوى أن تدفع ها الثمن
وهاهي ذي أمنيتها هبت مع الرياح كما تبددت معها أمان أخرى وتنهدت وهى تعيد الثوب إلى مكانه لترتدي بنطلونا من القطيفة السوداء و بلوزة خضراء,وأسرعت بإغلاق الحقيبة وإعادتها إلى الدولاب قبل أن تنزلق إلى المزيد من التفكير ودفع نوبة الأحزان بعيدا عنها وهبطت السلم حيث استقبلته نجوى بصفير عال قائلة:/ما كل هذه الفتنة والجمال؟
كان سامح يمر بالمصادفة واتيح له أن يراها فلم يستطع منع نفسه من التحديق بها
انه يراها تزداد جالا في كل مرة تقع عيناه عليها عن ذي قبل ولمحته وهو يحدق بها فسارع بخفض بصره واندفع مواصلا طريقه نحو إحدى الحجرات
بينما ابتسمت يسرا قائلة لنجوى:انك تبالغين في مدحي
ليس فيما أقوله أدنى مبالغة فلو كنت رجلا ما تركتك تفلتين من يدي
هيا بنا لنقوم بجولتنا حول المزرعة
إن لديكم هنا حديقة رائعة
هل رايتها؟
نعم ألقيت عليها نظرة من نافذة الحجرة وان كنت قد أحسست بشذاها بلامس قبل أن أراها
لقد ساهم سامح في العناية بها بالطبع كلاكما يقدر قيمة ذلك لان هذا تخصصكم اننى متخصصة في البساتين وزراعة الموالح برغم إن عملي في وزارة الزراعة في مركز البحوث لا يتفق تماما مع تخصصي
حقا إذن فستبدين رأيك بشان حدائق الموالح التي نزرعها هنا
ألديكم هنا حديقة موالح؟
إن هذا هو الإنتاج الرئيس الذي تعتمد عليه المزرعة سترين ذلك بنفسك
وفى تلك اللحظة غادر الحاج عبد الفضيل إحدى الحجرات متجها إلى حجرة المكتبة حيث التقى بابنته و يسرا فابتسم لهما قائلا:أرجو أن تحسني ضيافة يسرا يا نجوى
إننا سنقوم بجولة في المزرعة
حسن أرجو لكما وقتا طيبا
واستدركت نجوى قائلة :أبى هل تعرف إن يسرا متخصصة في زراعة الموالح ؟
قال الأب وهو ينظر إلى يسرا :حقا؟
ليس بالضبط ولكن كان ذلك كان مجال تخصصي في الكلية
إذن يسعدني أن التقى بك بعد قيامك بتلك الجولة وزيارة حدائق الموالح فانا أريد أن احصل على رأيك بشأنها
كان سامح قد غادر حجرته بدوره حيث استمع إلى هذا الحديث الذي يدور بين الأب وبين يسرا وبدا متجهما قليلا وهو يقول لأخته :لا تبتعدا كثيرا
ألقت يسرا عليه نظرة سريعة وهي تتساءل عن سر تجهمه لكنها وجدت نفسها تتمنى لو انه يرافقهما في هذه الجولة
وتحول سامح إلى أبيه بعد انصراهما قائلا:ما الداعي لذلك؟
نظر الأب إليه قائلا :لا أدرى عما تتحدث ؟
بل تعرف عما أتحدث لم تعد بحاجة إلى رأى احد بخصوص حدائق الموالح لأننا سنبيع هذه المزرعة لقد وعدتني بذلك
قال له الأب وهو يوليه ظهره:إنا لم أعدك بشئ أنت الذي ظللت تلح على طوال الأشهر الماضية بشان البيع وقلت لك في النهاية اننى سأفكر في الأمر
أبى إن المشروع التجاري الذي أحدثك عنه سيجلب لنا أرباحا تفوق ما تحصل عليه من هذه المزرعة إننا في عصر المشاريع التجارية الناجحة وليست تلك المزرعة التي لا تكاد تغطى نفقاتها
قال الأب محاولا إنهاء النقاش في هذا الشأن :حسن حسن دعنا لا نتحدث في هذا الأمر الآن فانا لست مهيأ لمناقشته مرة أخرى
لكنك لم تعطيني رأيا قاطعا
عندما اصل إلى قرار سأعطيك رأيي
بدت ملامح النقمة على سامح وهو يحاول أن يستشف ما يدور في راس أبيه العنيد لكنه وجد انه لا سبيل إلى ذلك وهم ّبمغادرة المكان لكن الأب استوقفه قائلا :انتظر...
لماذا لا ترحب ببقاء هذه الفتاة في ضيافتنا؟
ما الذي يدعوك لمثل هذا القول؟
هذا ما رايته واضحا على وجهك لقد بدوت غير مرحب بدعوتي لها للإقامة في ضيافتنا خلال اليومين القادمين برغم انك أنت الذي أحضرتها إلى هنا
لأنني اعتقد أننا قمنا بالواجب نحوها على أكمل وجه ليلة أمس ولم نعد ملزمين بتقديم المزيد من الكرم نحوها ثم إننا لا نعرف هذة الفتاة معرفة حقيقية حتى نجعلها تختلط بنجوى وتصادقها على هذا النحو
حدجه الأب بنظرة فاحصة قائلا:هل أنت متأكد أن هذا هو السبب الحقيقي وراء رفضك لبقاء هذه الفتاه في ضيافتنا ؟
نعم .وماذا يكون غير ذلك؟كان يتعين علينا أن نكتفي بما فعلناه معها أمس وان نتركها تستأنف سفرها
على كل حال لقد وجهنا لها الدعوة ولا يمكننا أن نتراجع الآن
ثم أردف قائلا :وأنا انتظر منك ان تتعامل معها على نحو لائق وبما يتفق مع موقفك الشهم بالأمس إنها على كل حال لن تبقى لدينا طويلا
وغادر سامح المكان دون أن يخبر أبيه عن السبب الحقيقي الذي جعله يشعر بالقلق إزاء هذه الاستضافة
لقد بدأت هذه الفتاة تستحوذ على اهتمامه وتحرك لديه شعورا خفيا بداخله نحوها شعورا لا يريد له ان ينمو أكثر من ذلك بل من الأفضل أن يئده في المهد فهو لا يريد أية ارتباطات عاطفية فى المرحلة الحالية بل في أي مرحلة من مراحل حياته
لقد عاش هذا النوع من المشاعر في إحدى فترات حياته ولا يزال يذكر تلك الفتاة التي أحبها وتخلت عنه كانت أسوا فترات حياته وأقساها أهمل دراسته واستسلم لحالة مخزية من الضعف والألم وكادت ان تعصف به وبمستقبله
ومن يومها قرر ان ينحى مثل هذه المشاعر جانبا وبعيدا عن حياته وان يبقى دائما مالكا لزمام قلبه جاعلا عقله هو الحاكم الأمر فى كل ما يتعلق بشؤونه
لقد استطاع التغلب على تجربته المريرة ولم يسمح لها قط ان تهدم حياته وان تؤثر في مصيره ولم يطرد المراة تماما من حياته وإنما عرف الكثير من الفتيات وكانت له العديد من العلاقات فيما بعد لكنها كانت دائما علاقات عابرة وعلى سبيل اللهو والتسلية
لم يسمح لنفسه ان يقع تحت تأثير جاذبية فتاة مهما كان جمالها وقوة تأثيرها الانثوى,وحتى عندما يفكر في الزواج في المستقبل فاٍن الزوجة المنتظرة ستخضع لاختيار عقلاني بحت ومواصفات لا تتدخل فيها المشاعر و الأحاسيس التي علمته التجربة كم هي خادعة لذلك فعندما راودته بعض هذه المشاعر عندما التقى ييسرا وأحس انه يكاد ان ينزلق نحو إعجاب قوي بها فانه شعر بالخطر وأدرك انه يتعين عليه أن يتخلص من هذة الفتاة قبل ان تتنامى هذه المشاعر ولم يشعر بالارتياح للدعوة التى وجهها أبوه لها لكي تبقى في ضيافتهم وهز كتفيه قائلا لنفسه وكأنه يحاول ان يطمئنها:أن الأمر لن يزيد عن يومين على أي حال ثم اٍ ننى قد أكون مبالغا في مخاوفي فالفتاة لن تلتهمني ولا ضرر من وجود فتاة جميلة في هذا المكان الجاف لمدة يومين***********************************
ألقت يسرا نظرة على حدائق البرتقال واليوسفي وهى تهتف قائلة :إن لديكم حدائق فسيحة هنا
قالت نجوى :ومع ذلك فاٍن سامح يسعى لبيع المزرعة
نظرت إليها يسرا بدهشة قائلة :بيعها
نعم .....اننى أحب هذا المكان واجد سعادة حقيقية في الإقامة هنا بعكس سامح فهو يلح على أبى دائما من اجل بيع المزرعة بكل محتوياتها وإقامة مشروع تجارى في القاهرة يدر دخلا سنويا
لكنه مهندس زراعي وكان يتعين عليه أن يكون أول المعارضين لفكرة كهذه لا محرضا عليها ثم إن ما رايته في المزرعة يستحق الإبقاء عليه بالفعل مزرعة الماشية والدواجن ومنحل العسل وحدائق الموالح إن لديكم هنا مشروعا زراعيا متكاملا
-ولا تنسي الفيلا الجميلة التي نقيم فيها والتي قضيت فيها أجمل أيام طفولتي فتيات كثيرات يفضلن الإقامة في القاهرة و تستهويهن اغراءات المدينة أما أنا فأفضل البقاء في هذه المزرعة الجميلة عن أي مكان آخر
ولكني أظن إن المزرعة كهذه تحقق عائدا ماديا لا باس به إلاّ إّذا كان ذلك المشروع التجاري الذي يرغب أخوك في إقامته يحقق عائدا ماديا كبيرا
إن سامح ليست لدبه ايه خبرة في المشاريع التجارية وهو مندفع في هذا الأمر تحت تأثير رغبة شديدة في مغادرة القرية فهو بعكسي تماما لا يفضل اللإقامة بصفة دائمة في القاهرة والمشروعات التجارية المربحة
وهل يوافق ابوك على ذلك؟
في الحقيقة لا اخفي عليك ان ارباح المزرعة تتناقص عاما بعد عام بسبب الآفات التي تصيب الثمار وتقلل من انتاج الحدائق
واذا استمر الحال على هذا المنوال فسوف ينتهي بنا الامر الى خسائر متتالية وهو ماجعل ابي لا يرفض فكرةالبيع برغم حبه الشديد لهذه المزرعة التى نماها بكده وعرقه
هل تسمحين لي بفحص بعض ثمار البرتقال و اليوسفي ؟
بالطبع تفضلي
*******************************
|