كاتب الموضوع :
ام عمرو
المنتدى :
روايات زهور
كانت نظراته مركزة على الطريق أمامه ومرة أخرى اكتشفت انه يتمتع بوجه وسيم وملامح رجولية محببة وأحست بالخجل من نفسها لأنها لم تمنحه ثقتها منذ البداية
لكنها عادت لتقول لنفسها :يتعين على الا أتسرع في إصدار حكمي قبل ان أرى كيف ستنقضي هذه الليلة فمن يدرى؟كيف سيكون تصرفه معي لو ذهبت إلى منزله؟وهل سأكون في رعاية والده وأخته حقا كما ادعى ام انه يحاول فقط اكتساب ثقتي لغرض ما في نفسه
وسرعان ما انبت نفسها بشدة على هذا التفكير قائلة لنفسها:ألن تتوقفي عن شكوكك هذه ؟اهذا هو جزاء المساعدة التى قدمها لك منذ ان التقى بك حتى الآن؟انه لم يرتكب أي فعل حتى الآن يبرر ارتيابك فيه عدا ان مظهره يوحى بالفعل بالثقة ولا أدرى كيف لم أتبين ذلك من قبل
نعم يمكنني أن أثق بهذا الرجل بل ويتعين على ان اعتذر له عن شكوكى نحوه واشكره على ما قدمه لى ولاحت من بعيد أنوار قرية صغيرة فقال لها دون ان ينظر اليها:لقد اقتربنا من المزرعة
هل يقع منزلكم وسط المزرعة؟
على اطرافها انها ثلاثون فدانا من الموالح وحظيرة للماشية واخرى للدواجن ومنجل .هذه هى كل حياة ابى
ولكن عما قريب سيتغير كل ذلك
نظرت اليه بدهشة دون ان تدرى مغزى كلمته هذه لكنها سألته قائلة:وهل تقيم هنا بصفة دائمة؟
ان لي منزلا فى الإسكندرية وانا أتنقل ما بين المزرعة وبين الاسكندريه وان كنت لا أخفى عليك اننى أفضل الاسكندريه عن هذه القرية وتلك المزرعة كثيراولولا ارتباطى بوالدى واختى لما اتيت هنا مطلقا
تقول هذا مع انك مهندس زراعى
هذا ما تقرره الشهادة التى حصلت عليها اما ميولى فهى مختلفه تماما
مرت برهه من الصمت بينهما قبل ان تقول:اننى أسفه
التفت إليها قائلا:اسفه على ماذا؟
وعندما التقى وجهه بوجهها أيقنت هذه المرة على نحو أكثر مدى الجاذبية التى يتمتع بها فأحست بالارتباك لمنها سرعان ما سيطرت على ارتباكها وهى تقول له :على تصرفى تجاهك
نظر الى الطريق أمامه قائلا:لقد اعتذرت عن ذلك من قبل فلا داعى لتكرار الاعتذار
إذن فأنت الآن لست غاضبا منىّ
نظر إليها وقد لاحت على وجهه شبه ابتسامة دون ان يعلق بشئ
وما لبث ان توقف بالسيارة امام باب خشبي كبير حيث اخذ ينادى قائلا:جعفر.جعفر
وتساءل قائلا:اين ذهب هذا الغفير؟
وسرعان ما لمحت يسرا احد الأشخاص وهو ياتى مهرولا ليفتح البوابة أمام السيارة حيث سال سامح قائلا":أين كنت؟
اجاب الرجل قائلا:كنت احضر لى كوبا من الشاى
ان مكانك هو هنا امام البوابة وانت تتقاضى اجرا من اجل ذلك
عندما تريد ان تشرب شايا فاطلب من احد ان يحضره لك
قال له الرجل وهو يرفع يده محييا :أسف يا باش مهندس
لكن يده سرعان ما تراخت بجواره عندما ألقى نظرة داخل السيارة ورأى يسرا جالسة الى جوار ساح
وسأله سامح قائلا:هل الحاج عبد الفضيل مستيقظ ام نائم؟
لكن الغفير لم يجبه فقد كان مشغولا عنه بالتحديق فى الفتاة وهو فاغر فاه
وصاح فيه سامح قائلا:لماذا تبدو مشدوها هكذا؟لقد سالت :اذا كان الحاج عبد الفضيل مستيقظا ام نائم؟
قال له الغفير وهو يعدل من وضع البندقية على كتفه :لا اعرف يا بك.اننى لم اذهب الى المنزل منذ ان استلمت ورديتي
كان من الواضح ان يمتلك شخصيه قويه تفرض احترامها على الجميع
وسرعان ما توقف بسيارته امام المنزل الذى كانت بعض حجراته مضاءة قائلا لها تفضلي
قالت له حينما غادرت السيارة :اننى أشم رائحة عطرة هنا
نعم ان هذا من اثر الزهور الموجودة فى الحديقة المحيطة بالمنزل
من المؤسف لن المكان مظلم على نحو لا يجعلني أراها جيدا هل أنت الذي أشرفت على زراعتها؟
لقد شاركت فى ذلك هل تحبين زهرة البنفسج؟
انه زهري المفضل؟
اذن .فنحن متفقان فى ذلك
ودعاها الى الدخول حيث كانت الردهه مضاءة بمصباح خافت يرسل إشعاعه على المكان
وأسرعت إحدى السيدات الى الردهة وقد بدا انها مستيقظة لتوها من النوم قائلة فى انزعاج:من .من بالردهة؟
أجابها سامح :انه انا يا ام إبراهيم
أضاءت السيدة أنوار الردهة لتغمر المكان قائلة:سامح بك !
وارتسمت على ملامحها وهى تنظر الى يسرا وفى عينيها تساؤل وفضول قوى
سالها سامح قائلا:اين الحاج؟
أجابته المرآة دون ان تتخلى عن فضولها:نام بعد صلاة العشاء
ونجوى؟
أجابته قائلة:لقد نامت هى الأخرى
حسن......أعدى بعض الطعام للآنسة واصحبيها الى غرفة الضيوف فهى ستبيت الليلة عندنا
وصاح فيها قائلا عندما رآها لا تتحرك:لماذا انت واقفة كالتمثال هكذا ؟افعلي ما طلبته منك وتذكرت يسرا إنها لم تاكل شيئا منذ الصباح كانت صدمتها فى موقف صلاح منها والتعب والارهلق وخوفها من رفيقها فى السيارة قد جعلها لا تشعر بذلك
اما الآن وقد ذكر سامح الطعام أمامها فإنها أحست بجوع شديد وأنها تكاد تسقط من الإعياء لشدة جوعها
سألها سامح قائلا:أتفضلين ان تتناولي طعامك هنا ام فى حجرة الضيوف؟
سألته قائلة فى حياء:الن تتناول الطعام معي؟
نعم .لقد كنت جائعا للغاية فتناولت قطعة من الجبن وبعض ثمرات الطماطم لدى الميكانيكي الذي أحضرته لإصلاح السيارة
وتأملها برهة من الوقت وقد تبدلت نبرات صوته لتكون اكثر حنوا وهو يقول لها:اعتقد انه من الافضل ان تتناولي الطعام فى الحجرة حتى يمكنك الاغتسال أولا وتكوني براحتك بالمناسبة ان الحجرة مزودة بحمام وتستطيعين ان تخذى دشا لو اردت
قالت له يسرا فى امتنان:أشكرك هذا كرم بالغ
نادى سامح السيدة فاتت مهرولة وهى زائغة العينين بينه وبين يسرا التى ادهشها حضورها معه فى هذه الساعة
قال لها سامح :ماذا تفعلين؟
أجابته المراة اعد الطعام للهانم
اصحبيها إلى الحجرة أولا وانتظري قليلا حتى تغتسل ثم احملي لها صينية الطعام الى الحجرة.بدا شديد الاهتمام بها وقد عاد ليسال المراة مر أخرى:ان حجرة الضيوف نظيفة ومرتبة أليس كذلك؟
أجابته السيدة :بلى انا اتولى تنظيفها بنفسي كل يوم
حسن اصحبي الآنسة يسرا إليها
ثم غادر الردهة وانصرف دون ان يعقب شيئا
ودت لو تشكره مرة اخرى لكنه لم يمنحها فرصه لذلك
وبقيت واجمة للحظة أحست بتأثير غيابه عنها وقد خلف وراءه فراغا كبيرا
تفضلي يا هانم
وتقدمتها الى السلم تتبعتها يسرا حيث قادتها الى الحجرة المخصصة للضيوف
كانت غرفة فسيحة ونظيفة ومرتبة على نحو جيد وبالنسبة لها وفى ظل هذة الظروف التى مرت بها طوال اليوم وما حل بها من تعب وإرهاق فقد كانت هذة الغرفة تبدو كما لو كانت جناحا فاخر ا فى ارقى فنادق العالم
وأشارت لها المراة على إحدى الأبواب المغلقة داخل الحجرة قائلة:هذا هو الحمام انة مزود بماء دافئ لو أردت ان تستحمي
ابتسمت يسرا قائلة:أشكرك يا ام إبراهيم اننى احتاج بالفعل الى حمام دافئ فى هذة اللحظة
قالت لها المراة وهى تقاوم فضولها ورغبتها فى سؤالها عن قصتها وعن سر اصطحاب سامح لها الى المنزل ريثما تنتهين من استحمامك أكون قد أعددت لك الطعام
انتظرت يسرا برهة بعد مغادرة المراة الحجرة واندفعت لتنعم بحمام دافئ يزيح عنها كل تعب اليوم ولكن بينما هى تستقبل الماء الدافئ فوق جسدها لتزيح به إرهاق السفر وتراب الطريق كانت تعرف ان ماء العالم كله لا يمكن ان يزيح عنها الآم نفسها التى أقسى من متاعب الجسد
التعديل الأخير تم بواسطة ام عمرو ; 19-02-08 الساعة 12:04 PM
|