ماهذه الروعة المنسابة أيها البحار .. هل كنت تذهب بمركبك نحو عمق البحار لتستخرج تلك النفائس من أجمل المعاني ..
هل كانت حروفك تستمد من البحر رقته .. ومن موجه صخبه وجنونه
هل تعمقت في البحر أكثر .. فأخذت بدرره كلها وشكلت منها عقدا جميلا أحببت أن تقلده فقط عنق الحبيب .

أحسست وكأنك عائد توا من رحلتك البحرية التي جبت بها بلدانا وجزرا وشواطئ ..
لكن لم تجد روحك شطا يشبهها لترتاح إليه ..
حتى استقرت نفسك أخيرا على ميناء .. علمت أنه ميناءك الوحيد الذي ترى فيه ذاتك على شاطئه .. عالمك .. كونك .. قلبك وروحك .. بل كلك ..
فلم تستطع أن تبرحه لتكمل جولتك البحرية ..
بل أطلقت شراعك ومركبك ليجوبا في البحر وحيدا من دونك ..
فلم يعد أي مكان في العالم يستهويك
تريد هنا فقط أن تعيش حياتك ..
كيف لا ؟ ألم تجد نفسك في تناغم غريب معه .. تمازج روحي وتآلف عشقي

وجدت وجه الحبيبة في انتظارك .. كأنها تعلم بقدومك ...
فظننت أنت أن الشمس أشرقت لذاك النور القوي الذي غمر وجهك ..
وعندما حل الليل .. لم يغب النور .. بل ازداد بهاءً وسحرا ..

تساءلت .. ماهذا النور .. أي سحر غريب يجعله يتأجج يوما عن يوم
أيمكن أن يخبو يوما .. أن يذهب بعيدا عني ويحل الظلام من جديد في زوايا روحي .

وعندما علمت أنه ذاك الحب الذي قرأت عنه وسمعت وشاهدت .. تمسكت به أكثر ..
صرت تنسج حول هذا النور سياجا من قلبك وروحك وحنانك حتى يضيء أكثر ويغمرك بنوره دفئا واحتراقا .

حتى جاء هذا اليوم وإذ بهذا النور الكبير الذي حول ظلام أيامك إلى شمس لاتغيب ..
ووحدة لياليك إلى صحبة قمر لا تنزوي ..
الذي جعل صحراء أحلامك حقيقة .. وأبجدية حزنك فرح
وإذ به يريد أن يختفي .. يبتعد .. ولكن إن جعلته يبتعد عنك .. ستتوه سفنك مرة أخرى ..
ولن تجد شاطئا يسع حبك غيره ..
فاقترب منه أكثر .. اجعل هروبك إليك .. وسفرك الدائم أيضا إليه .. فلا ملاذ لك إلا به

تقديري لما كتبت