كاتب الموضوع :
فلسطين
المنتدى :
القصص المكتمله
الجزء الواحد والعشرون
لم أكد أتنبه لأي مما يجري حولي .. و أنا تحت سيطرة أفكاري و خواطري .. إلا عندما توقفت بنا سيارة عصام .. أمام بوابة المطعم مباشرة ..
فتح عصام بابه .. و نزل من السيارة متوجها إلى البوابة مباشرة .. !!
إلا أنه استرجع و لله الحمد ذاكرته سريعا .. فعاد أدراجه ليصطحبني إلى داخل المطعم .. و قد وضع هذه المرة يده على ظهري ..
" الحمد لله أنه تذكرني .. و إلا لطلبت الانفصال منه في التو و اللحظة ..! "
في داخل المطعم ،
أخبرنا الموظف هناك أن المطعم سيغلق أبوابه بعد ساعة واحدة فقط !
" يا ألله .. بعد كل ما لقيناه من متاعب و تعطيل على الجسر .. أمامنا ساعة واحدة فقط لنرتاح و لنأكل ! "
لكني لم أعترض .. فقد كنت في أعماقي أريد لليوم أن يعدي على خير فقط ..
اخترنا زاوية رومانسية في أحد الأركان و التي تطل مباشرة على البحر ،
و هناك .. فقط بدأت أشعر و لمنظر البحر بشيء من الهدوء و الاتزان .. على الرغم من أحداث اليوم الساخنة ..
حدقت من النافذة .. أرقب أمواج البحر .. و هي تضطرب بعنف حين .. و تتمايل بوداعة حينا آخر .. شأنها في ذلك شأن النفس البشرية ..
آآآه .. يا سبحان الله ..
فقد امتصت أمواج البحر شيئا من العواصف القابعة باضطراب في أعماقي .. و بدأت أسترد اتزاني و هدوئي .. نتيجة التعب و عناء السفر ..
التقت نظراتي بنظرات عصام و قد كان يحدق فيّ بحرية و سعادة ..
كما أن ابتسامة ناعمة و هادئة .. كانت قد بدأت تزحف على شفتيه..
" كان يوما شاقا على كلينا عزيزتي .. أو ليس كذلك ؟! "
" اممم .. نعم قليلا.. "
و في أعماقي .. كنت أصرخ من شدة التعب ..
" بل كثيرا ..
" حسنا .. ماذا تريدين أن تأكلي عزيزتي ؟! "
" أي شيء سيكون مناسبا ! "
و قبل أن يتصرف عصام و يطلب ما يشاء من طعام .. قررت أن أطلب لي شيئا خفيفا يتوافق مع ما أريد ..
خوفا من أن يطلب لي هو ما يريد .. مثل عصير المانجو الذي لا أطيق !
كانت نظرات عصام كثيرا ما تحدق بي بجرأة و بشيء من العاطفة و الحنان .. و ربما الحب ..
لذا كنت و بالتالي كثيرا ما أتوقف عن عملية الأكل .. لأني أبداً لم أكن لأستطيع تناول أي شيء و هو يحدق بي .. بكل هذا الحب !!
وضعت الملعقة جانبا .. و اكتفيت بمراقبته و هو يلتهم طعامه بشراهة .. على الرغم من أني كنت أنا الأخرى سأموت جوعا ..
فهل ستشبعني نظرات عصام المحبة !!! و أنا التي أتضور جوعا !!
ثم أني تحينت الفرصة المناسبة .. لأن أفتح معه موضوع حفلة خطوبتنا المؤجلة إلى لا أمد معين !
تغيرت ألوان خطيبي المبجل .. بل و كاد أن ( يشرق ) بما في فمه من طعام .. في اللحظة التي وصلت فيها إلى موضوع الطقم و الدبلة ،
لكنه سرعان ما تدارك موقفه .. قائلا,,
" طبعا .. و متى ترغبين في أن نذهب لتختار و نشتري ! "
" في الواقع ..
كنت قد رأيت طقما أعجبني في الأسبوع المنصرم .. و حجزته.. لذا ما عليك إلا أن تذهب و تدفع.. فقط ! "
ثم كان أن ناولته ورقة الحجز و قد كانت مطوية ..
تنحنح عصام.. و هو يتناولها .. و قد وضع كأس العصير الذي كان يرشف منه جانبا .. ثم بدأ بفتح الورقة ببطء شديد ..
في حين أني كنت و من موقعي أرقب ملامح عصام.. و هي تتغير إلى أن وصلت و بالتدريج .. إلى ملامح الطفل المرعوب و الذي قفز أمامه شبحا على حين غرة !
لابد و أنه انصدم .. فالمبلغ المرصود في الورقة .. كان و لا بد أكبر بكثير مما كان يتوقعه عصام ..
لكنه سرعان ما سيطر على أعصابه و ملامحه .. هذه المرة أيضا.. ليجيئني صوته هادئا .. متزنا كما العادة ..
" حسنا ،، في الغد سأمر لأشتريه لك .. ! "
قلت بعد دقيقة صمت سيطرت علينا .. و بشيء من الدلال.. و في محاولة خلق جو عاطفي للحديث ..
" أعلم أنه غالي نوعا ما .. فإن أردت.. ذهبنا معا لتختار واحدا آخر .. أقل ثمنا! "
و مرت ثوان صمت قبل أن أدرك صوته ،
" لا.. لا بأس عزيزتي .. لا يغلى عليك أي شيء ! "
"أوووه ،، الحمد لله ؟؟ أشوه ما طلع بعلي بخيل بعد .. "
و قبل أن أتمكن من التعليق على جملته تلك ..
اندلق كأس العصير فجأة .. و على إثر ضربة عفوية جاءت بالخطأ من يد عصام..
لينسكب العصير و بأكمله على قميص عصام .. و ملابسه !! و لتكتمل أحداث اليوم الساخنة .. بعصير بارد مدلوق .. قد لطخ ثياب زوجي بأكملها و كذا الطاولة !
وقفت لأناول عصام .. ما كان عندي في الحقيبة من محارم .. ثم أني ناديت على النادل .. ليكمل عملية التنظيف ..
و إن لم نكن قد أكملنا تناول الطعام .. إلا أن عملية سكب العصير .. كانت سببا لأن ننسحب مجبورين .. عائدين إلى أرض الوطن و إلى البيت بالتحديد ..
خوفا من المزيد من الأحداث الساخنة !!
|