كاتب الموضوع :
فلسطين
المنتدى :
القصص المكتمله
الفصل الرابع عشر
انطبعت ابتسامة ناعمة رقيقة على وجه عصام .. و قد عدل عصام من وضعيته و مد يده إلى حيث يوجد مفتاح السيارة .. و همّ بإدارة محركها !
لكن و لسوء حظي في هذا اليوم على ما يبدو..
فقد آثرت ماكينة السيارة أن تبقى في سباتها فلا تستجيب لعصام ..!!
ارتسم عبوس واضح على جبين خطيبي و هو يعيد الكرة مرة أخرى .. لكن لا من مجيب !
" أوووه ..!!!
لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .. و الله و اكتملت ..
الله أكبر على هيك نهار ! .. يا كافي الشر عدي هاليوم على خير !"
ثم نزل عصام من مقعده و اتجه إلى حيث فتح الصندوق الأمامي للسيارة .. و شمر عن ساعديه ليبدأ محاولاته الجاهدة في أن يكشف سبب علة سباتها !
بعد دقائق مرت كأنها زمن جد طويل ..
أطل علي عصام من النافذة .. و لا زالت أمارات السخط مرتسمة عليه !
" إنها البطارية على ما يبدو ! "
في هذه اللحظة بالذات ..
عادت سيارة المراهقين لتقف إلى جوارنا بالضبط ..
و لتتعالى ضحكاتهم الصارخة من خلف زجاج نافذتهم الأسود .. و كذا أصوات موسيقى ( البوب ) و التي كانت تنافس في علوها صدى ضحكاتهم و نظراتهم الساخرة ..
بحثت في هذه اللحظة بأنظاري عمن يسمى بخطيبي .. لعله يحميني من أمثال هؤلاء التافهين ..
و حاولت أن أركز أنظاري عليه .. فأهمل هؤلاء .. لعلهم يشعرون بمدى تفاهتهم و ينصرفون !!!
كان خطيبي المبجل لحظتها مصفر اللون باهتا شاحبا .. و عرق غزير قد بدأ يسيل من جميع بدنه ..!!
و وقوف سيارة ( البوب ) إلى جوارنا زاد من انفعال عصام ..!!
إذ بدأ يعبر عن سخطه وكل شرارات الغضب التي كانت في أعماقه بوضوح
فبدأ خطيبي يرفس السيارة بقدمه و يشبعها لكما بكفه و كذا لسانه ..
و لكأن هذه الجماد ستستجيب له تحت وطأ كل هذا الكم الهائل من الشتائم و الركل الذي ألبسه عصام لها و هو ثائر في شعلة غضبه !
ثم بدأت ثورة عصام تتعدى حدود ركل السيارة .. و قد توجه إلى هؤلاء المراهقين .. ليشتبك معه بالأيدي و الألسن .. !
و كاد الأمر أن يتطور إلى الشرطة .. و خصوصا أن عصام قد ألحق ضررا بأحدهم .. و قد بدأت دماء الآخر تسيل من فمه .. !
لكن الله ستر .. و آثر هؤلاء المراهقين اللواذ بالفرار .. قبل مجيء الشرطة ..
غصت أكثر و أكثر في مقعدي .. و أنا أرقب ثورة خطيبي على سيارته .. !! فاقدا ً زمام أعصابه كليا !!
و أخذت أدعو الله في سري ..أن يعدي هذا الموقف أيضا على خير ..و أن تعود السيارة إلى الحياة .. قبل أن يحدث ضررا كبيرا في أو في عصام الثائر ..!!
لكني لا أخفي أبدا إعجابي بعصام و هو يعارك هؤلاء المغفلين .. فقد كان خطيبي مصارعا ماهرا .. قوي اللكمات .. سريع الحركة و الهجوم ..
عاد عصام إلى داخل السيارة بعد دقائق .. ليحاول مجددا مع السيارة اللئيمة
" يا رب.. أرجوك .. دع المحرك يعمل "
لكن ..
لا فائدة ..
" لن يعمل .. لابد من مساعدة أحدهم .. سأتصل إلى صديقي ! "
قال عصام عبارته هذه و هو يختطف هاتفه المحمول .. ليتصل إلى أحدهم ..
و ليخاطبه بلهجة مرتبكة .. و كلمات كثيرة مرتبكة ..
لم تكن لتصل إلي بوضوح .. و عصام ينطقها بصعوبة و هو تحت تأثير سلطان غضبه.. الذي كان يبتر كلماته بترا !
عندما أنهى عصام حديثه الهاتفي .. وجدت بعد دقائق سيارة سوداء ضخمة .. تقترب منا .. و تلوح منها علامات الفرج .. و أمارات الإنقاذ !
تبادل عصام مع صاحبه بضع جمل مقتضبة .. قبل أن يشمر كل منهما عن ساعده .. و يبدأ العمل معا على إحياء محرك السيارة الغارق في السبات !
لم تأخذ عملية إحياء السيارة أكثر من ربع ساعة .. لكننا كنا قد تعطلنا أصلا على ما يزيد على الساعة إلا ربع .. و نحن نعاني من سبات السيارة ..
لذا و بمثل هذا الموقف الفضيع .. و أعصاب عصام المتوترة .. كنت قد فقدت شهيتي كليا للأكل ..بل و نسيت أمر العشاء في المطعم الموعود ..!
انطلقت سيارة عصام أخيرا .. لتجوب أزقة العاصمة .. ببطء شديد خوفا من أن تعاود البطارية سباتها ..!
طالعني عصام بطرفه ..
و من ثم نظر إلى قميصه الأزرق المتسخ كليا ب (آيل) السيارة و بعرقه ! ..
و تركزت أخيرا أنظار عصام على سيارة الساعة و التي كانت تشير لحظتها إلى العاشرة و النصف ..
" إلى البيت ..!! "
قلتها و قد تسرب إليّ فكر عصام و معنى نظراته .. ففهمت قصده واضحا منها.. لذا و من أجل أن أريحه فقط ..
فلنؤجل طلعة المطعم .. وكذلك جميع الطلعات ..
و ما المانع من تأجيل خطوبتنا أيضا .. و إلى أجل غير مسمى !!!!
حاول عصام أن يحرك شفتيه بأي كلمات يبرر فيها جميع المواقف الكثيرة المتسارعة .. و التي حصلت لنا كلينا في هذا اليوم المأساوي ..!!
لكن و على ما يبدو .. أن جميع كلمات الاعتذار كانت قد تجمدت على شفتيه دون أن يكون لها أي مفعول !
و مع أني لا أؤمن بتاتا بمفهوم الحظ أو النحس !! ..
لكن انتابني شعور عميق مفاده أن هذا اليوم .. لا بل هذا الأسبوع .. ليس لي !
فيا له من يوم صعب ..!
قد توالبت فيه علي و على عصام أحداث جسيمة شتى !
" لطفك يا رب .. و سترك ! "
و قبل أن أسلم جسدي إلى سلطان النوم في تلك الليلة .. جاءني صوت هاتفي المحمول ينبئني بورود مكالمة هاتفية !!
و لمـّا كان الرقم المتصل .. رقما غريبا .. آثرت عدم الرد عليه ..
خوفا من أن يكون المتصل هو أحد هؤلاء الشباب المراهق التافه ..
و الذي يبحث في أنصاف الليالي عن ضحايا.. يحتويهم بكلام معسول .. و وعود وهمية بالحب و الزواج !
إلا أن تكرار الاتصال و لعدة مرات .. جعلني أشعر أن المتصل يعرفني شخصيا .. و أنه يقصدني أنا بالذات ..
لذا رفعت السماعة بشيء من الاضطراب !
ليجيئني صوت أنثوي متقطع .. انقبضت جميع عضلات صدري بلا استثناء .. لدى سماعي له !
و قبل أن أبدأ محاولة معرفة من هي تلك المتصلة .. توالت على أسماعي سيل من الشتائم المتواصلة !!!
فقد كانت صاحبة الاتصال تهينني .. و تتهمني بأن خاطفة للرجال !!
" هييييي،،
لحظة لحظة !!!
من أنت يا هذه لتتحدثي معي بمثل تلك اللهجة !!
أرجوك احترمي نفسك .. و راقبي ألفاظك . و إلا فإني مضطرة لأن أغلق السماعة في وجهك أيما كنت !! "
لكن لا فائدة ..
فقد أعادت تلك المجهولة على أسماعي سرد شتائمها .. و التي أخجل حتى من ذكرها ..!!
إلا أنه قد امتزج صوتها هذه المرة بشيء من النحيب و البكاء .. و من ثم تقطع الأنفاس و التنهد العميق !!
اضطررت لأن أغلق سماعة الهاتف .. لأني لم أكن لأعرض نفسي لمثل هذه الشتائم أبدا ..
لكني لا أنكر أن هذا الاتصال قد أثار فضولي كليا ...
و خصوصا أنها قد نطقت باسم عصام عدة مرات !! أو هكذا تخيل لي !
فيا ترى من هي هذه المتصلة المنهارة .. و ما قصتها مع عصام .. !!
و لما تتهمني أني قد خطفت عصام منها ؟
و لما لم يصارحني عصام بوجودها سابقا في حياته !!
أسئلة كثيرة سلبني التفكير فيها النوم تلك الليلة ..!!
" آآه ..
أموت و أعرف إيش سالفة هالحرمة !!
و ايش دخلها في عصام .. خطيبي المبجل ! "
فعلا من تكون هذه الفتاة هل يعرفها مسبقا ؟؟ فكروا ماذا سيحدث فالنار قد اشتعلت
|