كاتب الموضوع :
فلسطين
المنتدى :
القصص المكتمله
الفصل الرابع
استيقظت فزعة على رنة ( الموبايل ) و كنت بالكاد أستطيع فتح عيني ..
و لما لمحت أن الساعة ما زالت عالقة على الثامنة صباحا .. كان بودي فعلا أن أرمي الهاتف المحمول و صاحب الاتصال في سلة المهملات ..! و أعاود نومي ..
و لم أرد على الاتصال مع إدراكي التام أن عصام هو المتصل في مثل هذا الصباح الباكر ..
لا لشيء.. فقط لكون صوتي كان لا يزال نائما ..
حاولت أن أعود إلى النوم مجددا .. لكن لا جدوى .. فقد هرب النوم مني بلا رجعة ..
و لا مفر من النهوض من على السرير ..
غسلت وجهي .. و نزعت ثوب العقد.. و لبست عوضا عنه شيئا بسيطا.. مريحا في اللبس..!
و نزلت إلى الطابق الأرضي.. حيث استقبلني أفراد عائلتي بوجوه باسمة .. تعتليها الفرحة الصادقة .. و قد كانوا جميعا ملتفين حول طاولة الإفطار .. ينتظرون قدومي ..
تزحزح أخي محمد من على الكرسي الملاصق لأمي.. سامحا لي بالجلوس عليه و لأول مرة !! ..
فهذا الكرسي هو المفضل لدى الجميع .. و الذي كنا نتعارك عليه كثيرا منذ صغرنا ..
أما أمي.. فقد نهضت من على كرسيها و عانقتني و قبلتني .. ثم شرعت ببكاء ٍ لا مبرر له ..
و لما هممت بعد حين بتناول كأس الشاي اليومي .. إذ بأسماء أختي الصغيرة.. ذات الستة أعوام .. تندفع إلي في محاولة لعناقي و تقبيلي .. و كانت للتو مستيقظة من نومها ..
و لم أتدارك نفسي جيدا عند هجومها .. فقد اضطرب كأس الشاي في يدي .. و اندلق على يدي .. حارا لاسعا .. ليحرق لي إصبعي ,,
" و أأأأي.."
فها قد تحول لون إصبعي إلى الأحمر .. و بدأت لا إراديا أصرخ من شدة الألم..
أما المسكينة أسماء.. فقد تجمدت في مكانها .. خائفة من العقاب المتوقع .. و.. و شرعت في بكاء ٍ عنيف متسارع ..
أنقذتني أمي بوعاء الثلج البارد .. أضع فيه إصبعي المحترق .. في حين أنها حدجت أسماء بنظرة .. جعلتها ترفع نبرتها في البكاء ..
" خير يا ابنتي.. خير إن شاء الله ..
فدلق الشاي فآل خير.. لا تخافي حبيبتي.."
و في صميم طوارئ هذا الموقف .. ارتفع رنين جرس الباب .. ينبئنا بقدوم أحدهم ..
فتحت الخادمة ( صوفي ) الباب للطارق .. و إذ بعصام.. على الباب متسمرا في مكانه ..
و لا إراديا .. عندما لمحت خياله أمامي .. أنزلت رأسي بسرعة إلى تحت الطاولة .. في محاولة مني للتستر من نظراته كرجل غريب علي .. و نسيت تماما أني قد حُـللت له بالأمس .. و قد صار عصام زوجي شرعا ..
و كانت ضحكة محمد .. لتجعلني أتنبه إلى تصرفي الغريب هذا .. فأستدرك موقفي بسرعة ..
بعد تحية ألقاها عصام على الجميع .. تقدم مني .. و مد لي يده مصافحا ..
تسمرت في مكاني .. و قد شلت يدي في مكانها .. رافضة أن ترتفع لتصافحه .. و خصوصا أنها كانت لا تزال متورمة من أثر الحرق ..!!
إلا أني بالكاد .. تمكنت أخيرا من أن أنقذ يده العالقة من طول الانتظار.. فمددت لي يدي المرتجفة مصافحة ً إياه !!
و لمح عصام تورم إصبعي .. فسألني و قد ارتسمت على وجهه أمارات الاهتمام الجاد بما حدث لي ..
" إنه مجرد حرق صغير .. "
هكذا همهمت له .. و لا أدري إن كان قد سمعني فعلا أو لا ..
و لكنني أظنه قد فهم ما حدث من بقعة الشاي التي كانت لا تزال موجودة .. و بكاء أسماء المتعالي ..
أصر عصام علي أن أذهب معه إلى المستوصف القريب منا لمداواة حرقي ..
و لم يكن لي أي رأي أبديه في مثل هذه المسألة ..
فعينا عصام كانتا تتقدان بوميض خوف و قلق عجيب ..
و فيما لو فكرت مثلا في الاعتراض أو رفض عرضه هذا .. فإن وميض عينيه بلا شك سيتحول إلى وميض غضب شديد ..
هكذا خمنت .. و لكي أتأكد فقط من صحة نظريتي قلت بشيء من دلال ..
" لا داعي للمستوصف.. إنه حرق صغير فقط "
و صدق ظني .. فقد اشتعلت عينيه بوميض غريب .. و هو يقول ..
" هيا بنا .. "
و هكذا لبست عباءتي على عجل .. و تبعت عصام إلى خارج المنزل .. إلى حيث كانت سيارته بانتظارنا ..
تقدمني عصام إلى السيارة .. فاتحا لي الباب الأمامي ..
و لا أخفيكم سرا ً .. أن شعورا عجيب كان قد تسلل لي و أنا أركب إلى داخل السيارة ..على الكرسي الأمامي لها .. محتلة صدارتها..
و تمنيت لو أني كما احتللت صدارة سيارة عصام.. أني قد احتللت أيضا صدارة قلبه ..
لكن لا يزال الوقت جد مبكر على مثل هذه الصدارة ... فالحب أبدا ً لا يأتي بين يوم و ليلة .. و لابد من عشرة حقيقية ليتولد حب طبيعي فطري بين أي اثنين
|