كاتب الموضوع :
فلسطين
المنتدى :
القصص المكتمله
الج ـزء (31)
عندما استيقظت.. و فتحت عيناي ببطء شديد .. و بدأت شيئا فشيء.. أدرك معالم الأشياء من حولي ..فها هي أمي .. و هاهي صفاء ,, عادل .. أسماء .. محمد .. جميعهم يلتفون حولي ..
تمتمت بسكر و ثقل مؤلم ..
" أين أنا ؟!! "
" في المستشفى .. "
" و لماذا !"
و قبل أن يجيبني أحدهم .. استرجعت ما حدث لي .. لذا هتفت بقوة و من كل أعماقي ..
" عصام .. عصام !!
هل هو بخير ؟!!! "
" عزيزتي .. هدئي من روعك .. عصام بخير ..!! "
كانت هذه هي أمي .. في محاولة منها لضبط أعصابي .. و التخفيف عني .. لكني و في مثل هذا الوضع ، لم أكن لأصدق أو لأستوعب جيدا ما قالته لي أمي للتو..لذا أعدت السؤال عليهم مرة أخرى ..!! و إن كان بصياغ آخر ..
" هل تماثل عصام للشفاء ؟! "
" لا .. ليس بعد .. لكنه قد تجاوز مرحلة الخطر !! "
نطق عادل مطمئنا.. مهونا الأمر علي ..انتصبت واقفة على رجلي .. و اتجهت دون أية كلمة باتجاه الباب ..
هتفت صفاء مخاطبة إياي ..
"مرام ، إلى أين ؟! "
وقفت في مكاني .. لأرميها بنظرة شاحبة ..و أتمتم..
" إلى.. إلى عصام .. ! "
" لحظة .. سآتي معك !! "
قادتني بعد ذلك صفاء ، عبر دهاليز متشابكة .. و سلالم متعددة ، فقد كان عصام لا يزال يرقد في الطابق الرابع ، أي في وحدة العناية المركزة !
هناك تجمدت للحظات على باب الوحدة .. قبل أن ألمح خيال عصام ، و قد ضُـمد رأسه بعدة لفافات .. و ألبست ذراعه الجبس كذلك .. و كذا إحدى قدميه..
أوقفت الممرضة التي كانت هناك لأسألها من خلف عبراتي .. بصوت مخنوق
" كيف هو حال عصام ؟"
" أفضل حالا .. و سيتم إخراجه من وحدة العناية المركزة اليوم .. تبعا لأوامر الطبيب ! "
" هل سيتماثل للشفاء ؟! "
" إن شاء الله .. فقد أنقذته العناية الإلهية من موت محتم .. ليصاب فقط بعدة كدمات و بضع كسور ! "
" الحمد لله .. الحمد لله .. "
و أخذت أكررها لعدة مرات بلا وعي مني .. كما قد بدأت عيناي تذرفان دمعا حارقا .. مفعما بعميق الشكر للمولى و الإقرار برحمته.. كما هو مفعم بالندم على تقصيري و جدالي المستمر مع عصام .!!
صحيح أني كنت غاضبة منه .. لكن مجرد شعوري و لو للحظة .. بأنه كان هناك احتمال فعلي لأن أفقد عصام للأبد .. و أن يختطفه القدر مني !
جعلني أدرك بالفعل مقدار عصام و محبته في قلبي .. و جعلني أقطع قسما لنفسي .. أني و منذ اليوم سأكون نعم الزوجة الصالحة له .. سأخدمه بجوارحي.. و أقف إلى جانبه ..و الأهم أني سأتوقف عن عناده .. أي أني سأسمع كلامه .. مهما كان !
في اليومين التاليين ، كنت لا أفارق عصام فيهما بتاتا ً ، إلا للحالات الضرورية القصوى ..فقد كنت أرغب أن أكون أول شخص تقع عينا عصام عليه .. حال ما يسترد وعيه بإذنه تعالى ..و ها هي أمنيتي تتحقق ..
ببركة المولى عز و جل .. و بالطبع ببركة دعاؤكم له ..إذ فتحت عيناي ذات ليلة .. و قد رحت ضحية إغفاءة قصيرة من شدة التعب .. و قد وصل إلى سمعي صوت عصام ..متأوها .. و الذي كان يفتح عينه في تلك اللحظة ببطء شديد ..
" ماء .. أريد ماءا !! "
قفزت إليه بجميع جوارحي .. غير مصدقة أنه قد استرد أخيرا وعيه .. بعد غيبوبة أربعة أيام .. مرت علي و لكأنها دهر ! ناولته الماء و أنا أهمس إليه ..
" تفضل حبيبي ! "
شرق عصام فجأة .. ليطالعني غير مصدق ..
" حبيبي مرة وحدة ! "
" بالطبع .. و ملك حياتي .. و روحي .. و تاج راسي !! "
" أووه .. كل هذا أيضا .. أخجل أنا من كل هذا الحب ! "
احمرت وجنتاي .. و هو يحتويني بنظرة عميقة دافئة .. قبل أن يتمتم سائلا
" و أين أنا حبيبتي ؟! ما الذي حدث لي بالضبط .. لا أكاد أذكر شيئا ! "
" انك في قلبي عزيزي ! "
ثم تداركت عبارتي خجلة .. " أقصد في المستشفى ! "
" فعلا ؟!! "
رمقني بنظرة غريبة، غير مصدقاً ! و من ثم استرسل قائلا :
" و هل يجب أن أكون مكسر الرأس و الأعضاء و مملوء بالكدمات ليحتويني قلبك أخيرا ؟! "
" لا.. لا أقصد هذا !! "
و أطرقت رأسي أواري خجلي .. ضحك عصام يتدارك الموقف .. و هو يكمل :
" لو كنت أعلم أنه هذه هي الطريقة الوحيدة للوصول إلى قلبك ..لكنت قد دعيت بعد كل صلاة أن يصيبني حادث سيارة في كل يوم ! بل و في كل لحظة! "
رمقته بنظرة غضب و أنا أقاطعه معاتبة ..
" أرجوك .. لا تقل هذا !! فأنا لا أستطيع الحياة دونك ! "
ثم رميت برأسي على صدره .. معانقة إياه.. قبل أن أهمس له ببضع كلمات خاصة ..
" اششش .. احنا قلنا خاصة .. فليش كل هذا الفضول !! "
و أغمضت عيني .. و تمنيت لعقارب الزمن أن تتوقف ..
النـ ـ ـهايه
|