كاتب الموضوع :
MiSs nonnah
المنتدى :
الطفولة
19
قصة سيدنا داوود عليه السـلام
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه آجمعين، وبعد
فإن داود عليه السلام نبي من أنبياء بني إسرائيل قد جمع الله تعالى له النبوة والملك. وهو أحد الرسل الذين نزلت عليهم الكتب السماوية، فقد أنزل الله عليه الزبور. قال تعالى: (وآتينا داود زبورا). ويتصل نسبه بالنبي يعقوب عليه السلام. ولقد أحبه بنو إسرائيل ومالوا إليه، وإلى ملكه عليهم، وذلك لما هزم جالوت، عندما كان مقاتلا في جيش طالوت. فجاء داود ملكا نبيّا، واستقر له الملك. لأن بني إسرائيل قبل داود لم يكن أمرهم واحدا، ولم يكنوا تحت سلطان واحد، بل كانوا في اضطراب شديد فيما بينهم، وكانوا عرضة لغزوات الشعوب المجاورة لهم. وصار الملك له بعد حروب داخلية وخارجية، ورفع على عرش بني إسرائيل ملكا وهو ابن ثلاثين سنة، ودانت له جميع أسباط بني إسرائيل، بعضها باختيارهم وبعضها بالقوة. لأنهم كانوا يميزون بعضهم بعضا، ويفرقون في الأنساب. فلما جاء داود استطاع بقوته القضاء على هذه التفرقة العنصرية.
وقام داود عليه السلام بحروب كثيره انتصر فيها على أعدائه، واتسع ملكه اتساعا ملحوظا. ولا يمكن أن يكون الملك العريض لرجل ما إلا إذا أوجد الله فيه صفات تؤهله لذلك. فقد كان داود عليه السلام، قويا في جسمه وقويا في علمه, وأوتي مالم يؤت أحد من الناس في عصره. أتاه الله أشياء قلّما توجد في غيره، منها: علمه الله كيف يستخرج الحديد من مناجمه ويصهره ويصنع من أدوات حرب ووسائل بناء. فلقد نشطت في عهده صناعة المعادن، وطوع الله له الحديد ولينه، يتصرف فيه كما يشاء، فصار يصنع الدروع السابغة أي الطويلة التي تكسو المقاتل من رأسه إلى أخمصِهِ.
وقد أعطاه الله قوة في العبادة وفقهاً في الإسلام، كان يقوم الليل ويصوم النهار. وإن نبينا محمدا صلى الله علي وسلم أخبرنا عنه فقال: (أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوما و يفطر يوما، ولا يفر إذا لاقى عدوه). وقد وهبه الله الصوت العظيم مالم يهبه لأحد بحيث أنه كان إذا ترنم بقراءة كتابه، يقف الطير في الهواء يرجع بترجيعه، ويسبح بتسبيحه. وكذلك الجبال تجيبه وتسبح معه كلما سبح بكرة وعشيّا. ولقد أوتي داود أيضا علم الأطيار ونقطها.
لقد كان داود عليه السلام يقسم أيامه إلى أربعة أيام: يوم للعبادة ويوم للقضاء ويوم للوعظ ويوم لنفسه خاصة، وفي اليوم الذي يجلس فيه للقضاء يتفرغ فيه لذلك والناس تعلم أيامه فلا يأتيه متخاصمان في يوم العبادة أو في غيره بل يأتيانه في يوم القضاء. ومرّة حدث في يوم عبادته، إذا برجلين يجتازان الأسوار ويدخلان قصره على حين غفلة من الحراس ويقتربان من داود وهو معتكف في محرابه يصلي، ففزع منهما وظن أنهما يريدان به شرا، فقالا: لاتخف، نحن خصمان تعدى بعضنا على بعض، فجئنا نحتكم إليك. فأخذ المعتدي عليه يعرض شكواه فقال: إن هذا الرجل صديقي وأخي في الدين والوطن، يملك تسعا وتسعين نعجة، وأنا لامواشي لدي سوى نعجة واحدة أمتلكها أحلبها وأتعيش من لبنها. فطمع في نعجتي وأراد أن يأخذها مني بثمن أو غيرثمن، أراد أن يضمها إلى نعاجه كرها، وجادلني فغلبني في جداله، وخاصمني فخصمني. وها أنا ذا أعرض فضيتي عليك. سمع داود القصة، فأنكر على صاحب النعاج الكثيرة أن يجبر صاحبه على بيع نعجته الواحدة. فحكم على هذه القضية بعدم العدل فيها، وقال للآخر إنك ظلمت صاحبك في هذا الامر. وتابع حديثه في بيان ظلم الرجل لأخيه، وكرر داود عليه السلام مقالته: لقد ظلمك بطلبه إضافة نعجتك إلى نعاجه، واستطرد قائلا: إن الظلم من الشيم الإنسان، إلا من خاف ربه، وآمن به وعمل صالح الأعمال، فإنه يردتع عن الظلم وقليل هؤلاء في المجتمعات الإنسانية.
وتأكد داود أنه ساء ظنه بالرجلين وأنهما ما جاءا لاغتياله في دخولهما في ذلك الوقت، فلم يقع ما ظنه، فاستغفر ربه في ذلك الظن فخر ساجدا وطلب المغفرة من ربه لما فرط منه، فغفر الله له ماوقع منه ذلك الظن، وإنه من المقربين لربه، وله حسن المرجع وهو نعيم الجنة.واستغفر ربه تعالى أن يسامحه ويغفر عنه عن ماجرى منه في منع المتخاصمين من التخاصم في مجلسه والتحاكم لديه إلا في اليوم المعد لفض الخصومات، وهذا الأمر يقتضى المسارعة فيه.
ماذا تعلمنا من القصة؟
1. أعطى الله تعالى لنبيه داود عليه السلام مواهب عدة منها: الصوت الجميل، الجسم القوي، وعلم لم يؤت أحد من الناس في عصره. ومن معجزاته: ايقاف الطير في الهواء عند سماعه ترنيم داود عليه السلام وتسبيحه معه، وكذلك الجبال تجيبه وتسبح معه، وكذلك الوحوش تعكف على سماعه، كان يعرف لغة الطيور.
2. تعلمنا كيف نقسم أوقاتنا بين العبادة والأمور الخاصة.
3. تعلمنا العدل بين الشركاء.
4. كثرة عدد الانبياء الذين بعثهم الله تعالى لبني إسرائيل.
5. الاستغفار عند ظن السوء .
|