كاتب الموضوع :
كوكا الحلوه
المنتدى :
أغاثا كريستي , روايات أغاثا كريستي
- ماهذا؟
فقالت مس بنيت وهي تبتسم:
- انه ريتشارد بغير شك، وقد عاد الى ممارسة هوايته المفضلة.
فأسرعت لورا الى النافذرة وفتحتها واطلت منها
وقالت:
- انني لا ارى سوى الظلام والضباب، ويخيل الي انني سمعت صيحة ، هلمي بنا لنرى ما
الخبر..
واندفعت المرأتان الى السلم، وخرج جان من غرفته على الأثر وصفق الباب وراه بشده..
آان شابا رقيقا في نحو التاسعة عشرة من عمره، له وجه برئ كوجوه الاطفال . وعينان واسعتان
يتألق فيهما أحيانا بريق الخبث والدهاء..
ويبدو ان الجلبة ايقظت مسز واريك العجوز من نومها ، فقد ارتفع صوتها وهي تصيح :
- ماذا حدث يا جان؟ لماذا يهرول الجميع في البيت في منتصف الليل؟ ماذا حدث يا مس بنيت؟
هل اصابكم مس من الجنون؟ لورا .. جان .. الا يخبرني احد بما يجري في هذا البيت ؟
فصاح جان:
- انه ريتشارد .. قولي له ان يكف عن اطلاق مسدسه وايقاظنا من النوم ..كوني على حذر يا
لورا ان ريتشارد انسان خطر، وانت كذلك يا مس بنيت كوني على حذر ..
آانت مس بنيت رغم بلوغها سن الخمسين تحتفظ بالكثير من الصفات التي تتميز بها العاملات
في حقل التمريض ، فهي ذآية ، نشيطة ، ذات حيوية دافئة وذهن متوقد.
وقد وصلت مس بنيت الى قاعة الاستقبال قبل غيرها فاضاءت النور واندفعت نحو المقعد
المتحرك وهي تصيح:
- حقا انك اخفتنا يا ريتشارد،كيف تطلق الرصاص في مثل هذا الوقت بالليل؟
ودخلت لورا اعقابها.. وتبعها جان يقول:
- ماذا جرى يا مس بنيت؟
فصاحت هذه:
- يا الهي .. لقد قتل نفسه..
فهتفت لورا :
- قتل نفسه؟كيف؟
وقال جان وهو يشير الى المائدة:
- ان مسدسه غير موجود .. لقد اختفى المسدس.
وهنا سمع ثلاثتهم صوتا في الخارج يقول :
- ماذا يجري هنا؟
فنظر جان نحو باب الحديقة .. ثم قال:
- يوجد شخص في الحديقة..
فقالت مس بنيت :
- ترى من عساه يكون؟
واسرعت الى باب الحديقة .. ولكن الباب فتح قبل ان تصل اليه. ودخل ستارك وهو يقول:
- ماذا يجري هنا ؟
ووقع بصره على ريتشارد..
فاقترب منه ، ونظر اليه مليا وقال:
- هذا الرجل ميت . انه مصاب برصاصة في رأسه..
ونظر اليهم بارتياب..
فقالت مس بنيت:
- من انت ؟ ومن اين جئت؟
فأجاب:
- انني ضللت طريقي وسقطت سيارتي في حفرة ، ثم رأيت هذا الباب فدخلته لاطلب المعونة ، او
لاتكلم بالتليفون ان وجد.. ولكني ماكدت اتقدم بضع خطوات حتى سمعت دوي طلق ناري ،
وخرج شخص من هذا الباب ، واصطدم بي في الظلام وسقط منه هذا ..
وبسط يده .. فاذا بها مسدس ..!
فسألت مس بنيت:
- والى اين ذهب هذا الشخص؟
- لا اعلم .. ان الظلام دامس والضباب كثيف ، ولا يستطيع الانسان ان يتبين موقع قدمه.
ووقف جان امام الجثة وراح يتأملها..
ثم صاح :
- لقد اطلق بعضهم الرصاص على ريتشارد.
فقال ستارك:
- يبدو هذا. ويحسن بكم ان تتصلوا بالبوليس على وجه السرعة.
قال ذلك ووضع المسدس على المائدة وتناول القدح وملاه بالشراب، ثم اومأ برأسه نحو الجثة
وقال:
- من هذا؟
فأجابت لورا وهي تجلس على الاريكة :
- انه زوجي!
- لابد انك صدمت.. اشربي هذا..
وقدم لها القدح..
وابتسم ابتسامة خفيفة ليطمئنها..
ثم خلع قبعته والقى بها على احد المقاعد..
ولاحظ ان مس بنيت تتفرس في الجثة وتهم بان تمد يدها اليها ، فتحول اليها بسرعة وقال :
-كلا .. لا تمسي شيئا، يخيل الي ان في الامر جريمة ، فاذا صح ذلك فيجب ان يبقى كل شي كما
هو.
فاعتدلت مس بنيت واقفة وهتفت قائلة :
- جريمة؟! مستحيل ..
ودخلت مسز واريك في هذه اللحظة..
آانت تتوآأ على عصا .. وآانت نظراتها وقسمات وجهها تنمان عن قوة شخصيتها..
قالت وهي تقف بالعتبة :
- ماذا جرى ؟
فأجاب جان :
- اطلق بعضهم الرصاص على ريتشارد.
فصاحت مس بنيت :
- صه يا جان ..
فقالت مسز واريك وهي تومئ نحو ستارك:
- ماذا كان يقول هذا السيد؟
فاجابت مس بنيت :
-كان يقول ان في الامر جريمة..
فسارعت مسز واريك حتى اقتربت من الجثة ، فوقفت امامها وقالت في همس :
- ريتشارد
فصاح جان :
- انظروا .. انني ارى ورقة تطل من جيبه ..
ومد يده ليتناول الورقة ..
فمنعه ستارك بقوله :
-كلا . لا تمس شيئا ..
وجثا بجوار الجثة وأطل في الورقة ، وقرأ بصوت مسموع :
15 مايو
يوم الانتقام
فهتفت مس بنيت :
- ماآجريجور
وانبعثت لورا واقفة كمن لدغتها أفعى ..
وقطبت مسز واريك حاجبيها فقالت :
- هل تعنين .. ذلك الرجل .. والد الطفل الذي دهمته السيارة ؟
فتمتمت لورا تحدث نفسها :
- ماآجريجور . نعم .. هذا هو الاسم ..
وصاح جان :
- انظروا .. ان الحروف كلها منزوعة من الصحف ..
ومرة أخرى منعه ستارك من ان يمس الورقة ، فقال :
- لا تمسوا شيئا حتى يحضر رجال البوليس..
واقترب من كلة التليفون واستطرد يقول :
- هل تسمحون لي؟
فقالت مس بنيت :
- سأتصل أنا بالبوليس ..
ولكن مسز واريك قالت بحزم :
- دعوني أفعل ذلك ..
وهكذا امسكت العجوز بزمام الموقف ..
جمعت شجاعتها ، وتناولت السماعة ..
وأدارت القرص ..
وقالت لمحدثها في هدوء ، وبصوت واضح النبرات :
- مرآز البوليس؟ هنا قصر لانجلبرت .. قصر مستر ريتشارد واريك .. لقد وجد مستر واريك
ميتا .. أصيب برصاصة قضت عليه ...
آانت الشمس مشرقة تبشر بيوم صحو يختلف تماما عن سابقه فوضع الرقيب كادوالدر ملف
الاوراق على المكتب وفتح باب الشرفة ووقف يتمطى .. ويتثائب ..
لم يكن قد غمض له جفن منذ ان تلقى مرآز البوليس نبأ مصرع ريتشارد واريك..
وعاد الرقيب الى الغرفة ليلتمس بعض الراحة ريثما يحضر المفتش توماس الذي انيطت به مهمة
التحقيق في القضية ، واماطة اللثام عن سر الجريمة..
ولكن الرقيب ماآاد يستقر في احد المقاعد حتى دخل المفتش توماس ، فوضع حقيبة اوراقه على
المائدة وخلع معطفه وتأهب للعمل .
فقال الرقيب:
- طاب صباحك يا مستر توماس.. من كان يظن ان الجو سيصفو بهذه السرعة بعد ضباب الامس
،كان اسوأ ضباب شهدته في حياتي ، ولا عجب اذا كانت الحوادث قد تفاقمت في طريق
آارديف.
فقال المفتش بايجاز:
-كان من الممكن ان تقع حوادث اسوأ.
- لقد وقع حادث اصطدام بشع بالقرب من بوتكاول ، اسفر عن مقتل رجل واصابة طفلين ، ووقع
حادث اخر في ..
فقاطعه المفتش فقال:
- هل فرغ خبراء البصمات من مهمتهم ؟
- نعم يا سيدي ، فقد احضرت صور البصمات وتقرير الخبراء..
واسرع الى الملف وفتحه .
فقال المفتش وهو يجلس امام المكتب:
- اذن لنبدأ بفحص البصمات ، هل صادفتكم متعاب في اخذ بصمات السكان؟
-كلا يا سيدي ..كانوا جميعا متعاونين.
- هذا أمر يدعو الى الارتياح ، ان اآثر الناس يعارضون في اخذ بصماتهم .. ظنا منهم اننا
سنضعها مع بصمات المجرمين..
ثم راح يتصفح اوراق الملف ويتلو اسماء اصحاب البصمات..
فقرأ:
- مستر واريك .. آه .. هذا هو القتيل .
مسز لورا واريك .. الزوجة .
مسز واريك .. الام .
جان واريك .. الاخ .
مس بنيت ..
من هذا؟ انجل؟
آه .. خادم مستر واريك حسنا
مستر مايكل ستارك..
لننظر الآن في تزويع البصمات ..
على الباب وزجاجة الشراب والقدح . توجد بصمات مستر ريتشارد واريك ، وانجل ومسز لورا
واريك .. ومستر مايكل ستارك..
وعلى الولاعه والمسدس توجد بصمات مايكل ستارك وحده ، وذلك امر طبيعي فانه – على حد
قوله – قدم قدح الشراب لمسز لورا ، واشعل لفافة تبغ بالولاعة..
ووجد المسدس في الحديقة.. فقلب الرقيب شفته…
ثم سأل بصوت ينم عن الارتياب :
- مايكل ستارك!!
فسأله المفتش :
- هل تشعر نحوه بنفور؟
- ماذا جاء يفعل هنا؟ ذلك ما اود معرفته ، اود ان اعرف لماذا دخل هذا البيت بالذات ، حيث
وقعت جريمة القتل..
فرفع المفتش رأسه عن الاوراق .
ثم قال ساخرا:
- انت نفسك كدت تودي بالسيارة في احدى الحفر ليلة امس ، ونحن في طريقنا الى هذا البيت ،
حيث حدثت جريمة القتل..
أما عن سبب وجوده في هذه المدينة فانه جاء منذ اسبوع للبحث عن منزل صغير يشتريه..
وعاد الى الاوراق..
واستطرد يقول.
- يبدو ان جدته كانت تقيم في هذه المنطقة وانه كان يقضي اجازته عندها وهو صغير..
فهز الرقيب كتفيه ولم يجب..
قال المفتش:
- على كل حال، نحن ننتظر تقريرا عنه من ( عبدان ) وسيصل التقرير بين لحظة واخرى ، هل
حصلت على بصمات لمقارنتها بالبصمات التي وجدت هنا؟
- اني ارسلت اليه الرقيب جونز في الفندق الذي يقيم به ، فقيل له انه ذهب الى احد الكراجات
لاصلاح سيارته ، فاتصل به في الكراج وطلب اليه التوجه الى مرآز الشرطة في اقرب وقت
ممكن..
- هذا حسن .. والآن .. لننظر الى البصمات التي لم يعرف اصحابها..
وجدت بصمة كف على المائدة بجوار الجثة كما وجدت على الباب من الداخل والخارج بصمات
اخرى غير واضحة..
فصاح الرقيب بصوت من وفق الى حل لغز عويص:
- آه .. لا بد انها بصمات ماآجريجور..
فقال المفتش بعد تردد قصير:
- ربما .. ولكننا لم نجد مثل هذه البصمات على المسدس ، ان اي انسان على شيء من الفطنة لابد
ان يلبس قفازا في مثل هذه الظروف..
- ان رجلا مختل الشعور مثل ماجريجور لا يفكر في شيء كهذا..
فقال المفتش :
- ستصلنا اوصاف هذا الرجل من ( نورويتش ) بعد ساعات ..
- مهما اختلفت وجهات النظر فانها قصة محزنة ، رجل فقد زوجته حديثا يفاجأ بمصرع ابنه
الوحيد تحت عجلات سيارة يقودها مأفون مولع بالسرعة.
فقال المفتش في ضجر:
- لو كان مستر واريك قد قاد سيارته بجنون ، لقدمته السلطات ذات الشأن للمحاطمة بتهمة القتل
الخطأ ولكن السلطات لم توجه اليه اي تهمة ، بل ولم تسحب منه رخصة القيادة..
قال ذلك وفتح حقيلة الاوراق التي جاء بها..
واخرج المسدس منها..
أما الرقيب ، فانه لم يقتنع بمنطق المفتش ..
فقال:
- ما اآثر الكذب وشهادة الزور في حوادث السيارات..
فتجاهل المفتش هذا التعقيب.. وانصرف الى القضية التي جاء لتحقيقها.
- بصمة كف على المائدة بجوار الجثة..
ونهض والمسدس في يده وقصد الى المائدة ودقق النظر فيها وهز رأسه..
قال الرقيب :
- ربما كانت بصمة كف أحد الزائرين..
- لقد اآدت مسز واريك انها لم تستقبل احدا من الزائرين طوال يوم امس .. ولكن ربما كان
الخادم يعرف اآثر من ذلك .. جئني به..
فخرج الرقيب .. وانحنى المفتش فوق المائدة ، ووضع عليها كفه اليسرى..
ثم رفعها ، ونظر الى بصمتها ..
وبعد قليل ، خرج الى الشرفة ..
ونظر يمنة ويسرة .. ثم فحص قفل الباب ...
*
|