كاتب الموضوع :
كوكا الحلوه
المنتدى :
أغاثا كريستي , روايات أغاثا كريستي
ولكن ستارك صاح بها:
- كلا .. لا تمسيها والا تركت عليها بصمات اصابعك.
وتناول الانبوبه وفتحها..
ووجد ورقة بيضاء من ورق الخطابات..
فقال:
هذا الورق شائع الاستعمال ويباع في جميع المكتبات .
ووضع الورقة امامه وراح يقص الحروف من الصحيفة ويلصقها على الورقة وهو يقول:
- كيف تصبح مجرما بعد درس واحد؟ هذا هو اسم العملية التي نقوم بها الان
انظري ..
ووضع امامها الورقة بعد ان فرغ من لصق الحروف.. فقرأت فيها :
15 مايو
يوم الانتقام
وتناول ستارك الورقة وقال وهو يقترب من الجثة:
- والان .. يجب ان نضع هذه الورقة في جيب ريتشارد العزيز
وطوى الورقة ودسها في جيب القتيل وعندما اخرج يده سقطت من الجيب ولاعة ذهبية..
فافلتت من فم لورا صيحة قصيرة ، واندفعت الى الامام لتلتقط الولاعة .
ولكن ستارك كان اسرع منها..
صاحت بلهفة :
- اعطنيها انها ولاعتي
فنظر ستارك الى الولاعة .. ثم الى لورا .. وارتسمت الدهشة في عينيه..
قال وهو يقدم لها الولاعة:
- حسنا .. حسنا .. انها ولاعتك ، فلماذا الانزعاج؟
ثم راح يصعدها بعينيه وقال :
- هل بدأت تفقدين اعصابك ، ام ماذا ؟
- كلا طبعا.
وبينما كان ستارك ينظم ثياب القتيل بعد ان وضع الورقة في جيبه، راحت لورا تمسح الولاعة في
ثوبها خلسة لتزيل ما قد يكون عليها من بصمات اصابع.
*
واعاد ستارك كل شي الى مكانه على المكتب ثم خلع قفازه واخرج منديله من جيبه..
وقال وهو يتظر اليها:
- انتهينا من الخطوة الاولى ، فلننتقل الان الى الخطوة الثانية ، اين القدح الذي شربت منه الان؟
فاقتربت لورا من المائدة التي بجوار المقعد المتحرك وتناولت القدح .. ووضعت الولاعة على
المائدة.
وهم ستارك بان يزيل اثر البصمات التي على القدح بمنديله..
ثم توقف وقال:
- كلا .. هذا غباء.
- لماذا؟
لا بد من وجود بصمات على القدح والقنينة ، بصمات الخادم وبصمات زوجك على الاق . ان
عدم وجود بصمات على الاطلاق من شأنه ان يثير ريبة البوليس..
قال ذلك وملأ القدح بالشراب واحتساه.. ثم قال:
- والان .. يجب ان ابحث عن مبرر لوجود بصماتي ان الجرائم ليست من الامور السهلة .. اليس
كذلك؟
ووضع القدح على المائدة..
فصاحت لورا بحدة :
- ارجوك الا تقحم نفسك في هذا .. حتى لا يرتاب البوليس في امرك..
فقال وهو يبتسم :
- انني مواطن مسالم محترم لا ترقى اليه الشبهات ، ثم انني اقخمت نفسي في القضية وانتهى
الامر .. فهناك سيارتي في حفرة امام البيت ، وهنا بصمات اصابعي في كل مكان..
ولكن لا تنزعجي .. ان اسوأ ما قد يحدث لي هو ان يستجوبوني عن سبب قدومي .. وعن الوقت
الذي جئت فيه .. وربما لا استجوب على الاطلاق اذا انت احسنت القيام بدورك..
فتهالكت لورا على احد المقاعد..
وبدت على وجهها دلائل الذعر والفزع.
واقترب ستارك منها وقال :
- والان .. هل انت على استعداد؟
فسألته :
- على استعداد لماذا؟
- يجب ان تتمالكي نفسك..
فقالت في حيرة :
- انني اشعر بدوار وغباء .. وكان عقلي قد اصبح عاجزا عن التفكير ..
فقال ستارك :
- انك لست بحاجة الى التفكير ، وماعليك الا ان تطيعي ، هل لديك موقد من اي نوع؟
- يوجد موقد للتدفئة..
- حسنا ..
والتقط قصاصات الورق من فوق المكتب وطوى عليها بقايا الصحيفة وقال:
- اذهبي الان الى المطبخ .. وضعي هذا الورق في الموقد ثم اصعدي الى غرفاك واخلعي هذه
الثياب وارتدي قميصا .. او غلالة مما تعودت ارتداءه عند النوم..
وصمت لحظة.. ثم سأل:
هل لديك انبوبه اسبرين؟
فاجابته والدهشة في عينيها:
- نعم..
-حسنا .. افرغي محتوياتها في البالوعة ، ثم اذهبي الى حماتك او مس بينت وقولي انك تشعرين
بصداع شديد وانك يحاجة الى قرص اسبرين..
واحرصي على ان تتركي باب حماتك .. او باب مس بينت مفتوحا، لانك ستسمعين ، وانت
تتحدثين الى احدهما طلق ناري..
فهمتفت لورا في جزع:
- صوت طلق ناري؟
فقال يتناول المسدس الذي كان قد اخذه منها ووضعه على المائدة بجوار الجثة:
- نعم ساتكفل انا بذلك..
وفحص المسدس جيدا.. ثم قال:
- يخيل الي ان هذا المسدس من صنع الخارج .. ام لعله من ذكريات الحرب
فقالت لورا :
- لا اعلم ... ان لذى ريتشارد مسدسات كثيرة مصنوعه في الخارج
فسألها ستارك:
- ترى هل هذا المسدس مسجل باسمه؟
- لا اعلم . كل ما اعلمه .. ان لديه تراخيص لمجموعات من الاسلحة..
فرد ستارك :
- الترخيص شيء وتسجيل السلاح باسم صاحبه شيء اخر .. هل هناك من يعرف بصفة قاطعة
ما اذا كان زوجك قد سجل هذا المسدس باسمه؟
- ربما انجل ، هل هذا مهم؟
- ان طريقتنا في تزييف الحادث .. تعني ان القاتل تسلل الى هذه الغرفة في طلب الانتقام والدم
يغلي في عروقه .. ومسدسه في يده..
ولكننا نستطيع ان نقلب الاوضاع دون ان تتأثر الخطة في محملها ، بمعنى ان نفترض ان القاتل
دخل بينما كان ريتشارد يقاوم النعاس..
وان ريتشارد اسرع بتناول المسدس ولكن القاتل انتزعه من يده واطلقه عليه
مجرد افتراض..
والان ارجو ان نكون قد فكرنا في كل شي .. ولم يفتنا شيء، والواقع ان فارق الوقت بين اللحظة
التي قتل فيها زوجك فعلا واللحظة التي قتل فيها طبقا لروايتنا ..
اي نحو عشرين دقيقة هذا الفارق لن يكون واضحا اذا نظرنا الى طول الوقت الذي ستستغرقه
رحلة رجال البوليس الى هنا وسط الظلام والضباب
وحرك الستار ونظر الى الثقوب التي احدثتها رصاصات ريتشارد في الجدار وقال:
- لا باس من ان اضيف اليها ثقبا اخر
وتحول الى لورا..
واستطرد قائلا:
- عندما تسمعين صوت الطلق الناري ، تظاهري بالفزع ، وتعالي الى هنا ومعك مس بنيت .. او
اي اشخاص تجدينهم ..
واذا سئلت فقولي انك لا تعرفين شيئا وانك اويت الى فراشك ثم استيقظت بصداع شديد ، فذهبت
الى غرفة حماتك او غرفة مس بينت للبحث عن اسبرين .. وان ذلك هو كل ما تعرفينه .. مفهوم؟
فاطرقت برأسها علامة الايجاب..
وقال ستارك :
- اما الباقي فدعيه لي .. هل تشعرين بانك احسن حالا الان؟
- نعم
- اذهبي واشرعي في اداء دورك
- ولكن انت .. انت؟ لا يجب ان تزج بنفسك في هذا
فقال ستارك :
- لا تفسدي الامور بترددك ، انها لعبة مسلية بالنسبة لي..
قتل زوجك كان لعبتك .. وانقاذ عنقك الجميل من حبل المشنقة هو لعبتي..
كنت دائما اتمنى في قرارة نفسي ان تتاح لي فرصة لممارسة مواهبي البوليسية في جريمة
واقعية..
هل تستطيعين ان تفعلي كما قلت لك؟
فاجابت لورا :
- نعم ..
فسألها ستارك :
- آه .. ارى في معصمك ساعة ، كم ساعتك الان؟
فنظرت الى ساعتها وقالت:
الحادية عشرة و 50 دقيقة
فضبط ساعته على هذا الوقت وقال :
- حسنا ، سأمنحك اربع دقائق .. كلا .. خمس دقائق ، لكي تذهبي الى المطبخ لاحراق الورق في
الموقد ، ثم الصعود الى غرفتك واستبدال ثيابك ، والانطلاق الى غرفة مس بنيت لطلب قرص
الاسبرين ،،
هل تكفي هذه المهلة؟
وابتسم لها مطمئنا..
فاطرقت برأسها علامة الايجاب
قال:
- قبل ان ينتصف الليل بخمس دقائق تماما ، ستسمعين صوت الطلق الناري .. الان اذهبي ..
فسارت لورا الى الباب ، وهناك استدارت ، ونظرت اليه في قلق وجزع..
فلحق بها وفتح الباب وهو يقول في همس:
- ماذا بك؟ هل ستتخلين عني؟
- كلا ..
- هذا حسن ....
ما كادت لورا تنصرف حتى اغلق ستراك الباب ووقف يفكر فيما ينبغي عليه عمله.
نظر الى ساعته .. ثم أخرج سيجارة ومد يده الى الولاعة التي تركتها لورا على المائدة بجوار
الجثة..
وقبل ان تصل يده اليها لمح صورة للورا فوق رف الكتب فقصد الى الرف وتناول الصورة
وتأملها وابتسم..
ثم اعادها الى مكانها وعاد الى حيث كانت الولاعة فاشعل سيجارته ووضع الولاعة على المائدة..
وقعد لحظة قصيرة اخرج منديله وازال اثر البصمات على المقاعد واطار الصورة والمكتب
وافرغ منفضة السجاير في جيبه ..
وبحث عن بقايا الصحيفة التبي مزقها ووجد قصاصة قصيرة تحت المكتب فطواها ووضعها في
جيبه ..
ثم اعاد ترتيب ادوات المكتب واعاد كل شيء الى مكانه..
وأخيرا وقف في وسط الغرفة واجال البصر حوله ليطمئن الى ان كل شي على ما يرام..
وبعد ذلك ارتدى معطفه وتناول المسدس وتحقق من انه محشو ، وبعد ان ازال عنه اثار
البصمات..
نظر الى ساعته ، ووقف في وسط الغرفة وصوب فوهة المسدس الى الجدار واطلقه..
وعلى الاثر سمع ضجة في الطابق الاول ، فوضع المسدس في جيبه واندفع على الخارج عبر
باب الحديقة ..
ولكنه ما لبث ان عاد مهرولا .. ليلتقط مصباحه الكهربائي ، ويطفئ نور الغرفة..
ثم يندفع الى الخارج ....
*
كانت لورا في غرفة مس بنيت وقرص الاسبرين في ديها عندما سمعت صوت الطلق الناري،
فنظرت الى مس بنيت وقالت وهي تتصنع الدهسة والفزع:
- ماهذا؟
فقالت مس بنيت وهي تبتسم:
- انه ريتشارد بغير شك، وقد عاد الى ممارسة هوايته المفضلة.
فأسرعت لورا الى النافذرة وفتحتها واطلت منها
وقالت:
- انني لا ارى سوى الظلام والضباب، ويخيل الي انني سمعت صيحة ، هلمي بنا لنرى ما
الخبر..
واندفعت المرأتان الى السلم، وخرج جان من غرفته على الأثر وصفق الباب وراه بشده..
كان شابا رقيقا في نحو التاسعة عشرة من عمره، له وجه برئ كوجوه الاطفال . وعينان واسعتان
يتألق فيهما أحيانا بريق الخبث والدهاء..
ويبدو ان الجلبة ايقظت مسز واريك العجوز من نومها ، فقد ارتفع صوتها وهي تصيح :
- ماذا حدث يا جان؟ لماذا يهرول الجميع في البيت في منتصف الليل؟ ماذا حدث يا مس بنيت؟
هل اصابكم مس من الجنون؟ لورا .. جان .. الا يخبرني احد بما يجري في هذا البيت ؟
فصاح جان:
- انه ريتشارد .. قولي له ان يكف عن اطلاق مسدسه وايقاظنا من النوم .. كوني على حذر يا
لورا ان ريتشارد انسان خطر، وانت كذلك يا مس بنيت كوني على حذر ..
كانت مس بنيت رغم بلوغها سن الخمسين تحتفظ بالكثير من الصفات التي تتميز بها العاملات
في حقل التمريض ، فهي ذكية ، نشيطة ، ذات حيوية دافئة وذهن متوقد.
وقد وصلت مس بنيت الى قاعة الاستقبال قبل غيرها فاضاءت النور واندفعت نحو المقعد
المتحرك وهي تصيح:
- حقا انك اخفتنا يا ريتشارد، كيف تطلق الرصاص في مثل هذا الوقت بالليل؟
ودخلت لورا اعقابها.. وتبعها جان يقول:
- ماذا جرى يا مس بنيت؟
فصاحت هذه:
- يا الهي .. لقد قتل نفسه..
فهتفت لورا :
- قتل نفسه؟ كيف؟
وقال جان وهو يشير الى المائدة:
- ان مسدسه غير موجود .. لقد اختفى المسدس.
وهنا سمع ثلاثتهم صوتا في الخارج يقول :
- ماذا يجري هنا؟
فنظر جان نحو باب الحديقة .. ثم قال:
- يوجد شخص في الحديقة..
فقالت مس بنيت :
- ترى من عساه يكون؟
واسرعت الى باب الحديقة .. ولكن الباب فتح قبل ان تصل اليه. ودخل ستارك وهو يقول:
- ماذا يجري هنا ؟
ووقع بصره على ريتشارد..
فاقترب منه ، ونظر اليه مليا وقال:
- هذا الرجل ميت . انه مصاب برصاصة في رأسه..
ونظر اليهم بارتياب..
فقالت مس بنيت:
- من انت ؟ ومن اين جئت؟
|