الفصل الخامس
في المساء...
تصاعد رنين جرس شقة (نيرا) ,فتحت الباب وتوقفت مشدوهة مما رأت,كانت فتاة صغيرة , في الثالثة من عمرها تقريبا تقف وحدها ,نظرت الى (نيرا) بعينيها الزقاوين القلقتين,كان شعرها الاشقر ينسدل على مهملا جبينها بشكل اعطاها صورة جميلة من البراءة والملائكية ,ابتسمت (نيرا) لها تطمئنها,لكنها ادارت وجهها تنظر الى الجانب ,وكانها تنظر الشقة المجاوره ,اطلت (نيرا) براسها لتنظر الى ما تنظر اليه هذه الصغيرة , وتفاجأت بتلك الصرخه:
- مفــــــــــــــاجأه!....
صرخت (نيرا) بدهشة ممتزجة بالفرح:
- (سوزن) (مارك) !..انها حقا مفاجاة...
واخذت تعانقهم بسعاده ...
لقد انتقلت (نيرا) الى نيو يورك فور تخرجها وحصلت على عمل في التدريس , (جوش) يعمل هنا لكن لسخرية الامر فهي ما ان تتصل او تتحدث معه حتى تقاطعهم السكرتيره فيعتذر منها ومنذ فترة طويله لم تتحدث معه,اما (مارك) و (سوزن) فبعد زواجهما استطاع (مارك) ان يقنعها ان تترك العمل وما ان اتت صغيرتهما (كاتي) قبلت (سوزن) بذلك اخيرا ...
قالت (نيرا) وهي تتنحى جانب تدعوهم للدخول :
- اذا هذه هي الصغيرة (كاتي)...
- اجل!...
قالتها (سوزن) بفخر:
هيا اخبريني اليست اجمل فتاة رايتها في حياتك...
رفعتها (نيرا) عاليا :
- بالطبع انها تشبهك كثيرا ...
تبادلت (سوزن) و (مارك) النظرات بابتسامه,اجلستها (نيرا) على ركبتيها واخذت تداعب شعرها القصير ,والصغيرة تحاول النزول عن ركبتي (نيرا) وتمد يديها الى امها:
- لقد فاجأتماني حقا...
قالتها (نيرا) بسرور , رد (مارك) :
- انها فكرة (سوزن) ولكنها ستجعلنا ننتظرونبحث وننقب الى ان نجد شقة نمكث فيها لو كنا قد اخبرناك مسبقا ,لكان هناك غرفة بانتظارنا...
- لا باس انا نيويورك مدينة كبيره وفيها الكثير من الامكان لا مشكله...
تناولوا الغداء معا واخذت (سوزن) تخبرها عن (ديفيد) فقد قرر يتزوج ,وختمت (سوزن) كلامها :
- حقا لم اتخيل (ديفيد) خاطبا...
واخذت تبتسم ,بينما سال (مارك) :
- هل تحدثت مع (جوش) قريبا منذ فترة طويلة لم اتواصل معه ؟؟....
ردت (نيرا) بامتعاض :
- كلا منذ شهر تقريبا كانت اخر مكالمة واستمرت لاقل من 3 دقائق ...
- يبدوا انه مشغول حقا...
- انه كذلك فمنذ ان اتيت الى هنا فقد كان يرد على التحية ثم تتدخل سكرتيرته وتخبرة ان هناك زائر فيعتذر ,وهكذا هو الحال دائما...
تحدثوا كثيرا واستعادوا الكثير من اللحظات المرحه , ثم استاذن (مارك) رغم ان (سوزن) رغبت في البقاء اكثر...
ودعتهم (نيرا) وهي تبتسم "انني حقا سعيدة لارى هذه السعاده في عينيكم" وقرصت وجنة(كاتي) برقه واعطتها الصغيرة ابتسامة مرحه:
- حسنا بعد ان قررنا نذب ارادت ان تصبح صديقتك...
قالت (سوزن) ذلك وهي تضحك على صغيرتها ...
***
استيقضت (نيرا) في الصباح وارتدت ملابسها واشترت صحيفة اليوم ,اخذت تفتش في اعلانات العمل ,يجب ان تعمل في فترة الصيف هذه فراتبها بالكاد يغطي اجار الشقة,كما انها تحتاج لسيارة فنيويورك مدينة كبيره ..والاماكن بعيدة .وهي على كل حال في حاجة اليها ...
وضعت بعض الدوائر على الوظائف التي تتوفر فيها مؤهلاتها,واسرعت الى تلك الاماكن ,واذا الحشود متجمعة ,رجال ونساء والكل يحمل بيده الصحيفة ايضا " اه ما هذا " وقفلت راجعت وهي تقول باسى "الكل يبحث عن وظيفة يجب ان استيقض مبكرة جدا في الغد"..
مضت العديد من الايام1و (نيرا) تحاول كل يوم ولكن لم تحصل على عمل
وكانت مسرورة باصحطاب الصغيرة (كاتي ) الى المنتزهات,بينما والداها الذان قررا السكن في نيو يورك يبحثون عن شقة يستقرون بها ,فقد حصل (مارك) على وظيفة في احد المستشفيات هنا و (سوزن) تبحث عن عمل رغم ان (مارك) يحاول جاهدا اقناعها بان لا تعمل ...
وصلت (نيرا) الى المنتزه الدي تقصده شبه يوميا ,منذ ان اصبحت تقضي وقتها مع (كاتي) لذا اطلقت عليه منتزه كاتي, اصبحت (نيرا) مقربة جدا لـ(كاتي) فباتت لا تخجل منها وتتصرف كما لو كانت (نيرا) احدى والديها, كانت السعة تشير الى خامسة مساء عندما اخذت (نيرا) مكانها المعتاد عل كرسي خشبي طويل تحت احد المصابيح وامامها العاب الاطفال وشرعت تقرأ وبين فترة واخرى تطلق بصرها الى الالعاب لتراقب (كاتي) وتتبادلان الابتسامات والايماءات ,كانت (كاتي ) كثير ما تبكي هنا لذا تحتاج لمراقبة كي لا يدفعها احدهم او هي تسقط فيدخل الرمل الى عينيها ,وتهرع (نيرا) بسرعة لتهدئتها,ابتسمت (نيرا) للصغيرة وهي تقول لنفسها " لقد اعتدت على تلك الصغيرة يجب ان احضرها الى هنا غدا فوالداها مشغولان ,وانا اريد الاستمتعا برفقتها ومشاهدة حركاتها المضحكه والتي تظنها انجازمنها "...
غرقت في قراءة الكتاب وانتفضت فجأه وسقط الكتاب من يدها عندما وضع ادهم يده على كتفها :
- انا اسفه ...
قالتها وهي تسرع بالنظر الى (كاتي) كي تطمئن عليها ثم رفعت بصرها الى الشخص المبتسم بجانبها :
-اه (جوش) لقد اخفتني...
ضحك (جوش) :
- اخفتك هل شكلي مخيف الى هذا الحد...
- لقد فاجأتني ...كيف حالك مضى وقت طويل ...
- بخير وانا متفاجئ ايضا لماذا اتيت الى هنا ؟!...
- حسنا انت الملام..فانا ما ان اتصل بك حتى واقول مرحبا حتى تقول وداعا...لقد انتقلت الى هنا منذ 6 اشهر تقريبا .وذلك لضروف خاصه ...
قصدت بذلك (نيرا) ان تمازحه ,وكانت فقد تقصد عملها فلا شي خاص في عملها ,لكن يبدو ان (جوش) حقا ظن ان هناك امر ما ,تبادلا الابتسامة لفترة بصمت,لكنه لم يدم طويلا فقد قطعه صوت نسائي:
- (جوش) !...
كانت تبحث عنه فرفع (جوش) يده وهو بجانب (نيرا) :
- انا هنا ...
كانت فتاة شقراء ذات قوام يشبه عارضات الازياء عينيها زرقاوين جميلتان حقا ,اقتربت منها وهي تحمل كاسين من العصير بيدها , فما ان وصلت حتى اسرعت (نيرا) تمد يدها وقد جال في بالها الف فكرة ."صديقة (جوش) ..انها معا في منتزه ..انها جميلة حقا ":
- مرحبا انا (نيرا) صديقة قديمة لـ (جوش) ...
ناولت الفتاة الكاسين لـ (جوش) وقالت بغرور:
- سررت بمعرفتك...
ارادت (نيرا) ان تتحدث لكن الفتاة استدارت قليلا واعطتها ظهرها وكانها لاشيء, ثم استدارت وهي تحرك سبابتها :
- (نيرا) ! ...(نيرا)...اخبرتني انك صديقة قديمة لـ(جوش) ...
- اجل!...
- منذ متى وانتم اصدقاء؟!....
- منذ ايام الدراسه ....
قالت باتسامة ساخرة:
- جيد انه عرفك ,لم اكن اعلم ان ذاكرته جيدة الى هذه الدرجة,مع انه لم يذكرك امامي قط......ماهو اسمك الغريب مرة اخرى؟!....
نظرت (نيرا) الى (جوش) الذي ينظر الى صديقتة ,وشعرت بالغضب انه لا يتدخل بالحديث و"لم يقل شيئا منذ اتت هذه التي لا اعرف اسمها" ,ارادت (نيرا) ان تبتعد وتتركهما لكنها ردت بجمود:
- (نيرا) !...
- فقط الاسم الاول؟!...
قالتها تلك الفتاة باستهزاء,لكن (نيرا) بدات تغضب :
- انه اكثر من اسمك...
احمر وجه الفتاة حرجا , لكنهاحركت يدها على شعرها بسرعة وهي تقول:
- اه لقد نسيت ان اعرفك بنفسي ...
ضحكت وهي تنظر الى (جوش) ونظرت (نيرا) اليه ايضا كلا تعبير واضح على وجهه :
- مع انني غنية عن التعريف..انا (ساندي بروك)...
قالت (نيرا) وهي تشعر بمشاعر تحرقها :
- لم اسمع بك من قبل لكنني اكيدة لو انني تحدثت الى (جوش) لكان اخبرني عنك...
نظرت (نيرا) الى (جوش) بتحدي بينما نظر هو الى عينها بنظرة غريبه جدا جعلت (نيرا) تعيد تفكيرها "ترى هل اخطأت " بينما تلك الغبية سعيدة وهي تظن ان ما قالته (نيرا) اطراءا:
- ان والدي يمتلك شركة كبيرة جدا...ونحن على علاقة جيدة وهناك نشاطات مشتركة مع شركة (والش)..وهكذا كنت ...
قاطعتها (نيرا) :
- اسفة... ولكن يجب ان اذهب الان فلدي موعد مهم ...
وابتدات المشي تاركة الاثنين دون ان تكلف نفسها عناء القاء كلمة وداع بل نظرة الى (جوش) ...
***