الفصل الرابع
تصاعد رنين الهاتف قالت (نيرا) :
- يا الهي من هذا المزعج..اريد ان اكمل بحثي...
رفعت السماعة بانزعاج:
-الو؟!....
- اهلا بصوت حبيبتي كيف حالك...
- بخير كيف انت يا ابي...
- انا بخير لكنني ارغب ان اراك مضى وقت طويل منذ اخر مرة زرتك فيها ..ترى هل ازداد وزنك مجددا؟!...
اخذت تضحك وقد امتلات عيناها بالدموع فهي تفتقده كثيرا,منذو تخرجت من الثانويه لم ترى احدا لقد مر عامان لم ترى فيه احدا منهم فقط تعرف اخبرهم من سورن التي هي الوحيدة التي لازالت تتواصل مع الجميع
ووالدها ايضا لم تره الا القليل من الايام التي زارها فيها ,اردف والدها:
- هناك مناسبة تستدعي الحضور يا عزيزتي...
قالت بمرح ممزوج بشوق:
- حقا ...وما هي؟!...
- سوف اتزوج !...
صعقت (نيرا) وانقعد لسانها من الصدمه وسعدت كثيرا ان والدها لا يراها كي لا يرى رد فعلها ,تداركت نفسها بسرعة كبيره:
- هذا جيد..انا سعيدة من اجلك يا ابي..فلن تكون وحدك بعد الان...
قالت ذلك وهي تحاول اقناع نفسها ثم اكملت بصوت حاولت جعله مرحا:
- حسنا من هي هل اعرفها .!؟!...
سوف يتزوج والدي لن اكون الفتاة الوحيدة في حياته لقد احب احدا اخر لن تكون امي زوجته بعد الان سوف يعطي اسمه لامرأة اخرى "مالذي اقوله لا يمكن ان اكون انانيه الى هذا الحد انني لست برفقته ولا ارغب ان تاخذه امراة اخرى لكن هو يحتاج من يسلي وحدته"
كان والدها يتحدث وهو يخبرها عن المراة التي سيتزوج بها ,و (نيرا) في بحر من الافكار التي تتقاذفها ..
- اجل انها امراة لطيفه...
قالت (نيرا) ذلك وهي تتذكرها لقد راتها العديد من المرات مسبقا وقد حكى لها والدها عنها كثيرا لكنها لم تتصور ان يتطور الامر الى ذلك...
لاجل والدي يجب ان اسعد نعم يجب ان اسعد
قالت وهي تضحك مستسلة لاقصر معركة خاضتها مع نفسها في حياتها :
- انت محظوظ بزوجة جميلة ايها الوسيم...
ضحك والدها وانتهى الامر هنا
***
تنفست (نيرا) العديد من المرات قبل ان تطرق الباب ..هذا بيتها هنا والدها..ترى هل خطيبته معه؟!...مضت سنوات لم تاتي بها الى هنا لكن لم يتغير الكثير..لا احد يرد على طرقاتها ...حاولت مرة ثناية وثالثة لكن لا مجيب.."يبدو انه ليس هنا ":
- وانا التي كنت اريد ان افاجئه...
قالتها بخيبة امل واستدارت ,صدرة عنها اهة تحمل الكثير من المعاني
هذا هو المنزل الذي جمعها باخوتها,مر امامها شريطا من الذكريات السعيده "ترى ماذا حصل لهم؟"كان دائما في هذا الوقت من اليوم مليء بالضحك والمرح ,سارت نحوه لكنها وقفت في منتصف الريق هل (سوزن) وحدها؟..ثم نظرت الى نفسها ..هل تغير شكلي؟!..ماذا لو لم تعرفني (سوزن) ..كلا لم اتغير كثيرا لقد ازداد طولي ..وقصصت شعري
طردت هذه الفكرة السخيفة بعيدا"انني (نيرا) القديمة لم اتغير "
مررت يديها على شعرها تتفقده وقد بدا القلق ينتابها ,اخذت نفسا عميقا وطرقت الباب ثم كتمت انفاسها بانتظار سماع استجابة له:
- حسنا!...
سمعت صوت (سوزن) وازداد اضطرابها وشعرت برغبة في الهرب,لكن فات الاوان الان ,فُتح الباب,ووقفت (سوزن) تنظر الى ظلال الفتاة ذات التسريحة الانيقة في الظلام,صرخت بقوة بعد فترة تامل قصيره :
- (نيرا)..!...
اخذتا تتعانقان والدموع تسيل على وجنتيهما قالت (سوزن) :
- يا الهي لقد تغيرتي...
بسرعه مسحت (سوزن) دموعها وقالت وهي تدفعها للداخل :
- تفضلي هناك مفاجأه...
قالتها بصوت هامس وهي تبتسم,دخلت (نيرا) الى غرفة الجلوس التي لطالما عاشت فيها الكثير من اللحظات السعيدة ,ابتسمت بسعاده لمن كان يجلس هناك لكن الشابان استغرقوا وقت وهم ينظرون اليها بتام لوفجأه:
- يا الهي ..!...
- (نيرا) !...
اخذن (نيرا) تعانق (مارك) و (ديفيد) وهما مندهشان حقا لرؤيتها ,اعادت (سوزن) كلامها وهي تمعن النظر (نيرا) :
- لقد تغيرتي كثيرا (نيرا) ...
اخذو يضحكون وشعرت (نيرا) وكان الزمن عاد الى الوراء ,قالت بخجل وهي تشعر بسرور لهذا الاجتماع الذي اثار شجونها :
- حسنا حسنا ...انتم ايضا .لكن ارجو ان لا اكون قد تغيرت كثير فلا يعرفني ابي ...
ضحك الجميع واكمل (ديفيد) وهو يغمزها :
- والدك يبدو اصغر سنا ...
قالت (سوزن) والتي يبدو ان تفكير خرج عن محور حديثهم :
- لن يعجب (جوش) سماع هذا الخبر ...
ابتسمت (نيرا) ل (جوش) في ذاكرتها لكنها لم تفهم كلام (سوزن) :
- ماذا تقصدين؟!...
قالت (سوزن) وهي ترد عليها مبتسمة:
- لا مشكلة... فقط حين رتبت اللقاء لنا واتصلت اخبرك بالامر..اخبرتني ان لديك الكثير من الاعمال والبحوث لذا عندما اخبرت (جوش) قال انه سيؤجل زيارته الى حين ان نكون مجتمعين جميعا ...
- اه يجب ان اعتذر...
قاطعتها (سوزن) :
- لا باس ..جيد انك اتيت لاجل والدك ...
سالت (نيرا) :
- هل لديك رقم هاتفه ؟...
- نعم رغم انه هو من يتصل بي دائما ..لدي رقم هاتف منزل والده ...
اكملت (سوزن) حديثا ليتشعب الامر وينتقل الحديث الى مواضيع اخرى..تحدث الجميع بل تذمر الجميع عن دراستهم و ذكرت (سوزن) العديد من المواقف والعقبات التي واجهتها في عملها ..كان حديثهم منطلقا وكان شيئا لم يتغير وكان السنين لم تمر لم يفترقوا لم يحدث أي شيء..
اصرت (نيرا) مساعدة (سوزن) وذهبت معها الى المطبخ تحثوا كثير وهم يعدون الطعام ,ردت (سوزن) على الهاتف الذي رن وقطع حديهم:
- الو!؟...
كانت (نيرا) بالقرب منها فوضعت بسرعة السماعة على اذنها ,اتسعت عينا (نيرا) باعتراض وهي تهز راسها نافية ,اشارت لها (سوزن) بان تتحدث ,حركت (نيرا) شفتيها لـ(سوزن) دون انت تصدر صوت وهي تسالها (من المتحدث!؟) ابتسمت (سوزن) بمكر وهي تشير لها مرة اخرى ان تتحدث فقط,لكن الصوت لم ينتظر طويلا :
- (سوزن) هل انتِ معي؟!...
قالت (نيرا) باستسلام بعد ان اصبح لا خيار امامها وسوى الرد:
- انت تريد (سوزن) عفوا من المتحدث؟!...
- السيد (والش)...
صرخت (نيرا) بفرح:
- اه كيف حالك (جوش) مضى وقت طويل ...
قاطعها وقد شك في شخصيتها,سال بسرعة :
- من المتحدث؟!...
اخذت (نيرا) و (سوزن) تتبادلان الابتسامة فقالت اخير وبصوت رسمي ممازح :
- احم..بما انك السيد (والش) فاظن انني الانسة (ولسون)...
وجاء دور (جوش) الان ليصرخ:
- (نيرا) يا الهي لقد شككت بذلك..مضى وقت طويل كيف حالك؟...
- بخير !..وانت كيف انت ؟...
- انا بخير لقد اشتقت لكم جميعا كثير ,كيف دراستك الا تحتاجين لشخص تتشاجرين معه ؟!...
- بلى انني افتقده كثير ...
اخذا يضحكان واخبرته ان والدها سيتزوج,واعتذر (جوش) :
- انا اسف لانني لم اتصل بك فقد ابلغتني (سوزن) ان لا هاتف لديك وانك من يتصل بها فــ.....
قاطعته:
- لا عليك فقد كانت دائما تبلغني سلامك..ولكن لدي هاتف الان ولا اريد ان انسى هذا الصوت فيفاجئني من جديد...
ضحك ورد:
- بالطبع سأزعجك دائما ..لقد اخبرتني (سوزن) ان لديك الكثير من الاعمال ولن تاتي وإلا لكنت معكم الان...
ثم قال بلهجة حزينة :
- ولكنني حاليا لا استطيع القدوم .فقد ارتبطت باجتماع مهم ..تعلمين انني اعمل لدى شركة والدي ..كم ستمكثين ؟...
سالها هذا السؤال بسرعة وكانه تذكر شيئا ...
ردت وهي تشعر بالخجل لانها لم تخبرهم بقدومها ,وبلهجة حزينة واسفة من اجله قالت :
- ان والدي سيتزوج بعد الغد وانا اظن بانني سارحل في ذلك اليوم بعد حفل الزفاف .لانني فعلا لدي الكثير من الاعمال ...
اعتذت له العديد من المرات وكتفى (جوش) بقول "لو اخبرتني فقط".
دخلت (سوزن) المطبخ وغمزت (نيرا) وعلى وجهها ابتسامة ماكرة ,توردت وجنتا (نيرا) وقالت:
- حسنا (جوش) ...سنكون على اتصال اجل؟ (سوزن) هنا تريد التحدث اليك...
اعطتها السماعة وهي تبتسم وتشعر بالسعادة ها قد تحدثت الى (جوش) منذ اكثر من عامين ...ترى هل تغير شكله .لقد تغير صوته قليلا..ثم انشغلت عن افكارها فور دخولها غرفة الجلوس ..تناولوا العشاء ثم استاذنت (نيرا) للذهاب ,اصرت عليها (سوزن) ان تبيت لديهم لكن (نيرا) رفضت :
- حسنا اراكم غدا الى اللقاء...
ودعت (نيرا) اصدقائها ثم وقفت بعد ان خرجت من الباب تتامل منزلها وهي تبتسم ابتسامة حزينه على تلك الذكريات الجميلة,وقالت بصوت مرح قشع نظرة الحزن من عينيها :
- الم نتفق يا ابي ان تعود في التاسعه ...الان الساعة الحادية عشر ...
ثم اخذت تضحك وهي تذكر حديث والدها لها في الماضي ..تاخر الوقت ولم يعد والد (نيرا) فتوجهت (نيرا) الى الفندق "حسنا اعلم انني لست ثرية والاقامة في هذا الفندق ستهدد حسابي لكن لابأس ليومين فقط لاشعر بالراحة والرفاهية ".
بعد ان تسلمت المفتاح توجهت الى غرفتها وهي تعاتب نفسها لم تكن تظن انها ستدفع مثل هذا المبلغ لقاء ليلتين فقط ...وتخيلت "ترى هل جميع من هم هنا لا يعني لهم هذا المبلغ شيئا ؟!" وابتسمت لتفكيرها " اه يجب ان ارتاح وامرح اكف عن التذمر نعم نعم فلأحظى ببعض الترف "...
في الغد ذهبت (نيرا) الى والدها كان عناقا طويلا وهي تبكي شوقا وشجونا وفرحا من اجله,تعرفت الى خطيبة والدها كانت رائعة ولطيفة سعدت (نيرا) جدا لمقابلتها ,وايضا لسعادة والدها الظاهره برفقة هذه المراه ,قضت (نيرا) اغلب الوقت برفقة والدها وفي المساء ذهبت الى منزل (سوزن) ...
"اه كان يوما جميل "
قالت ذلك وهي تنظر الى سقف غرفتها وهي مستلقية على فراشها المريح في ذلك الفندق الرائع,كانت تداعب احدى خصل شعرها شاردة "غدا يتزوج والدي" مر شريط من الذكريات امامها والدتها... (كاتي).... اللحظات السعيدة ...الاعياد .....والمناسبات الحزينه.... شاهدت نفسها صغيرة تجلس مسرورة في حضن والدها ,..مرة اخرى تتعثر في الطريق وتسقط ,ووالدها يرفعها عاليا حتى تكف عن البكاء "ابنتي القويه لا تبكي" شاهدت والدها وهو يهدي والدتها عقد بمناسبة ذكرى زواجهم العاشر...ثم توالت الاحداث ...يوم الحداث ....انتقالهم .... (سوزن) ...وابتسمت لـ (سوزن) في مخيلتها ."غدا اودعهم مرة اخرى " .
- اه تبا لهذا ...لانم الان واكف عن تنغيص نومي. ..
وهمهمت وهي تدفن نفسها في فراشها الوثير :
- اجل ..عطلتي القصيره ...
وما ان اغمضت عينيها حتى راحت في سبات عميــــــــق
***
ترقرقت الدموع في عينا (نيرا) ,هناك يقف والدها والجميع يقدم له التهاني والمباركه,بتسمت وهي تحاول ابعاد الدموع واسعرت تقف بجانبب والدها لتستقبل التهاني..بعد فترة طويله ..عادت (نيرا) الى مقعدها لتستريح قليلا ..وعينها تنظران بسعادة لعينا والدها المشعتين بالسعاده..وضع احدهم يده على كتفها مخطئا ,استدارت (نيرا) كي تنظر الى ذلك الشاب , وهي تتوقع منه ان يعتذر لانه مخطئ بالشخص ,لكنه اخذ يتاملها مبتسما ولصدمتها لهذه الابتسامه حولت نظرها عنه بسرعة وخجل:
- هل استطيع ان اخدمك سيدي؟!...
كانت يرتدي بذلة كحلية غامقة اللون كان وسيما جدا,ومظهره يدل على ثرائه ,اتسعت عينيها وهي تعيد نظرها اليه :
- (جوش) !..............
ماذا سيحدث الان هل ستعود العلاقة الى سابقها ؟؟
ام انه لقاء صغير تتفرق الجموع من بعده ايضا ؟
ربما فقد حدث جميل يضاف لذكريات نيرا !!
انشالله عجبكم وقريب بنزل تكملة الفصل
رين