كاتب الموضوع :
المرآة
المنتدى :
أغاثا كريستي , روايات أغاثا كريستي
ما ان انصرف بننجتون حتى تطلع الكولونيل ريسي الى وجه بوارو وقال له :
- ألديك فكرة عما يجب ان نعمله بعد ذلك ؟
- نعم ..فلدينا أولا ما حدث في حديقة اسوان ثم شهادة تيم الرتون ثم زجاجتا طلاء الأظافر ثم زجاجة النبيذي انا ثم الشال القطيفة ثم المنديل الرخيص الذي به أثر الطلاء الأحمر ثم المسدس الذي ترك في مكان الجريمة ثم وفاة مدام اوثربون
- وبناء عليه ؟
- بناء عليه لم يقترف بننجتون أي جريمة يا ريسي
- ماذا تقول ؟
- أقول ان بننجتون لم يقترف الجريمة أجل كان لديه دافع قوي وكانت لديه رغبة قوية وصلت به الى حد المحاولة امام معبد ابي سنبل ولكن الى هنا وينتهي دوره فان اقتراف هذه الجريمة كان يلزم له شيءلايتوافر لدى بننجتون
- وما هو ؟
- تحتاج هذه الجريمة الى جسارة ووقت وسرعة ودقة في التنفيذ وحيطة وشجاعة وعدم مبالاة بالخطر واحكام للخطة وصاحبنا بننجتون ليست لديه هذه الصفات فاذا قدرنا ان الجريمة لم تكن مأمونة العاقبة بل محفوفة بالمخاطر مهددة بالإفتضاح في أي لحظة ولأي سبب خارج عن ارادة مرتكبها عرفنا مبلغ حاجة مدبر الجريمة لإتصافه بالشجاعة وليس بننجتون بالرجل الشجاع المقدام
- يخيل الي يا بوارو ان القضية كلها أصبحت واضحة مرتبة في ذهنك اليس كذلك ؟
- أظن ذلك فيما عدا بعض ثغرات
- ماهي ؟
- أعني تلك البرقية التي قرأتها لينيت دويل
- أي والله لقد نسينا ان نسأل سيمون بل انه كان على وشك ان يخبرنا بمضمونها حينما اقتحمت علينا الغرفة السيدة اوثربون المسكينة فيجب ان نعيد سؤاله
- ولكن يجب اولا ان أتحدث الى تيم الرتون فورا
وماهي إلا لحظات حتى كان الكولونيل قد عثر على تيم الرتون وجاء به فقال له بوارو :
- ان كل ما أريده منك الآن ان تصغي الي ما أقول
- اذن فقد وجدت من تريد فاني أحسن خلق الله إصغاء
- عظيم والآن لنبدأ ...حينما التقيت بك وبوالدتك في اسوان راقتني صحبتكما كثيرا لأنني أولا وجدت
في والدتك شخصية من ألطف الشخصيات التي التقيت بها في حياتي ولكن كان هناك سبب آخر لمداومة الجلوس اليكما هو ان اشارتك الى احدى السيدات في تلك المقابلة الأولى قد أثار اهتمامي وأعني بها الآنسة جوانا ساوثورد ولعلك تتساءل لماذا أهتم بها ؟ الحقيقة هي انني في السنوات الثلاث الأخيرة عرفت ان حوادث سرقة الجواهر الثمينة في مجتمعات لندن وقامت ادارة
سكوتلانديار وقعدت واتضح ان هذه السرقات تقوم بها عصابة وبوسيلة لاتتغير قوامها إبدال الجواهر الثمينة بشبيهة بها متقنة التقليد وتدل جميع الظروف على ان من يقومون بهذه العمليات أشخاص
ممن يحتلون مراكز إجتماعية طيبة ثم اتجهت ظنون صديقي كبير المفتشين الجنائيين الى الأنسة جوانا ساوثوورد فقد كان جميع ضحايا هذه السرقات إما من أصدقائها أو معارفها.
واتضح في جميع الأحوال ان الآنسة اما ان تكون قد تناولت الجواهر المسروقة قبل ذلك بيدها لمشاهدتها أو تكون قد استعارتها بعض الوقت وتبين أيضا ان مستوى معيشتها ونفقاتها يتجاوز
طاقة دخلها الخاص بكثير ولكن كان واضحا أيضا ان عملية الإبدال نفسها لاتتم بيدها شخصيا ففي بعض الأحوال يتفق غيابها عن انجلترا في المدة التي لابد ان تكون عملية الإبدال قد تمت فيها وشيئا فشيئا تكزنت صورة تامة لهذه العمليات في ذهن صديقي كبير المفتشين وبمقتضى هذه الصور تكون الآنسة جوانا عضوا في جماعة تعاونية لسرقة الجواهر عن طريق الإبدال فهي التي تتيح للشركاء تقليد الجواهر ذلك التقليد المتقن ..اما عملية الإبدال نفسها فيقوم بها عضو آخر من
أعضاء العصابة يكون من الثابت المقطوع به انه لم يمسس الجواهر الأصلية ولكن صديقي كبير المفتشين لم تكن لديه أي معلومات محددة لشخصية ذلك الشريك المجهول
وقد لفت نظري في حديثك سقطات منها الخاتم الذي فقدته تلك السيدة في جزيرة ماجوركان
وانك كنت حاضرا في الحفلة التي اكتشفت فيها حقيقة جواهر احدى السيدات وكيف انها جواهر مزيفة فاذا أضيف ذلك الى صلتك الوثيقة بالآنسة جوانا رغم نفور والدتك الظاهر منها وانك تضيق
بصحبتي وكثيرا ما ضغطت على والدتك كي تصدني فقد حاولت ان أستشف ما وراء ذلك واذا بنا
نعلم بعد مقتل لينيت دويل ان لآلئها الثمينة قد سرقت وحل محلها تقليد متقن لها فاتجه ذهني
اليك وعلمت انك انت الذي قمت بهذه العملية بعد ان زودتك الآنسة جوانا بالعقد المزيف
وتريث بوارو برهة وهو يحدق في تيم فاذا بالشاب وقد اكفهر وجهه حتى حاكى وجوه الموتى ولكنه تحامل على نفسه وسأله :
- ةاذا كان ذلك صحيحا ..فماذا صنعت بالعقد الصحيح ؟
- لست أجهل ماذا صنعت به هناك مكان واحد تستطيع ان تخفيه فيه وقد هداني تفكيري اليه فهذه الآلىء يا مسيو الرتون مخبأة داخل حبات المسبحة ذات الحبات الخشبية الكبيرة المجوفة المنقوشة المعلقة في قمرتك وقد استعنت بأنبوب السيكوتين الموجود ليك كي تتم تلك العملية وقد حرصت وانا أفتش الحجرة على ان أبحث عن الوسيلة التي أرسلت اليك بواسطتها الآنسة جوانا ساوثوورد العقد المزيف فعثرت بكتاب ضخم وصل اليك بالبريد الأخير من لندن وقد نقبت صفحاته نقبا كبيرا من وسطها فصارت كالصندوق المحكم وقد تأكدت من الحديث معك ومع والدتك ان الكتب تصلك بالبريد دون ان تفتحها الجمارك لأنها تكون مفتوحة من أعلى وأسفل عند الشحن
وساد الصمت لحظة ثم بلع تيم ريقه وقال بصوت متحشرج :
- لقد كانت الخطة محكمة وكانت تؤتي ثمارا طيبة باستمرار ولكنك هتكت أستارها أخيرا ولم يبق أمامي إلا ان أتجرع دوائي
- ولكن هل تدري انك شوهدت تلك الليلة ؟
- ماذا تقول ؟ من الذي شاهدني ؟
- شهدك انسان وانت خارج من قمرة لينيت دويل تلك الليلة بعد الساعة الواحدة صباحا
فقفز تيم مرتعدا وهو يقول :
- لاأظنك تتهمني بقتلها ؟ أقسم لك لنني لم أقتلها لقد كنت في أشد حالات العذاب منذ علمت بمصرعها وكنت أسب سوء طالعي الذي جعلني أختار تلك الليلة من دون الليالي جميعا لإتمام العملية يا إلهي كم قاسيت
- أصدقائك ..لكن أريد منك ان تساعدنا ما دامت الحقيقة قد عرفت فهل كانت مدام ديل حية أم ميتة
حين كنت في قمرتها ؟
- لست أدري وأقسم بالله أنني لاأدري..فقد تسللت الى موضع الجواهر بغاية الخفة فاختلستها ووضعت العقد الآخر في مكانها وانا أظن طبعا انها نائمة
- وهل سمعت تنفسها ؟ ..انت طبعا حولت ان تتسمعه فهل سمعته ؟
فجعل تيم يفكر قليلا ثم قال :
- كان الصمت سائدا الى أقصى حد كلا لا أدكر انني سمعت تنفسها وانا هناك
- هل كانت هناك رائحة كرائحة الدخان في جو الحجرة ؟
- لاأظن..لاأدكر
- اذن نحن للأسف لم نتقدم في بحثنا
- ولكن من الذي رآني تلك الليلة خارجا من هناك ؟
- روزالي اوثربون ..فقد كانت على سطح السفينة من تلك الجهة حين رأتك تخرج من هناك وتتسلل الى قمرتك
- اذن هي التي وشت بي
- كلا انها لم تتعرف عليك
اذن كيف عرفت ؟
- لأنني هركيول بوارو فلا حاجة بي الى ان يخبرني احد وعندما واجهتها بما عرفت أصرت على الإنكار
- ولكن لماذا ؟
- ربما لأنها ظنت ان الذي رأته هو القاتل وهي معذورة في ذلك الظن
- وهذا سبب ادعى لأن تخبرك عني
- يظهر ان هذا ليس رأيها في المسألة
فهز تيم الرتون كتفيه ثم قال :
- لقد أوقعتني في الفخ وستجد الآلىء حيث دكرت ولكني لاأعترف على الآنسة ساوثوورد بأي شيء وليس لديكم أي دليل ضدها أما كيف حصلت على العقد المزيف فذلك شأني وحدي
- تصرف سليم كريم ولكن انتظر لحظة حتى أبعث في طلب الآنسة روزالي اوثربون نعم لامناص من هذا
وبعد لحظة كانت روزالي قد حضرت وقد تورمت عيناها من كثرة البكاء فلما أبصرت تيم الرتون هناك اتسعت حدقتاها بعض الشيء ثم جلست تنقل بصرها بين بوارو وريسي ثم قال بوارو :
- اضطررنا الى ازعاجك للأسف الشديد كي نستوضح بعض النقط فعندما سألتك هل رأيت أحدا في تلك الليلة أجبت بالنفي ولكنني تمكنت لحسن الحظ من الوصوال الى الحقيقة عن غير طريقتك وقد اعترف المسيو الرتون بأنه كان في قمرة لينيت دويل في تلك الليلة اليس كذلك يا مسيو الرتون؟ وعندئذ صاحت روزالي مأخوذة
- ولكنك ..لم..
- نعم لم أقتلها انا لص ولكني لست قاتلا وسيفتضح كل شيء بعد قليل فلا ضير في ان تعرفي انت أيضا لقد كنت أسرق الجواهر هذه هو تخصصي
وعندئذ قال بوارو :
- ان رواية مسيو الرتون تقوم على انه تسلل تلك الليلة الى مخدع مدام دويل فأخذ العقد النفيس ووضع مكانه عقدا مزيفا يشبهه كل الشبه وتتفق هذه الرواية مع شهادتك وشهادة الآنسة فان شويلر من حيث التوقيت اتفاقا جزئيا فالإتفاق خاص بوجوده في ذلك الوقت هناك ولكن ليس هناك دليل على غرضه من تلك الزيارة المريبة فمن يدرينا انه لم يقتل مدام دويل في سبيل الحصول على جواهرها وربما فعل ذلك مضطرا لأنها تنبهت لوجوده فهناك فرض لابأس به نظريا خلاصته انه ربما شهد خلسة منظر المشاجرة بين جاكلين دي بلفور وسيمون دويل في الصالون فلما سنحت الفرصة التقط مسدسها من تحت المقعد واقترف به الجريمة
فشحب وجه تيم وكاد يغشى عليه فأردف بوارو موجها الحديث اليه :
- ولكن فتاة رأتك فتاة أخرى غير الآنسة اوثربون هي الخادمة لويز وفي الصباح ذهبت اليك وهددتك بالفضيحة اذا لم تدفع اليها مبلغا كبيرا فتظاهرت بالقبول ووعدتها بزيارتها في قمرتها عندما يدق جرس الغداء وذهبت اليها بالمبلغ وفيما هي تحصيه طعنتها في قلبها فقتلتها بيد ان سوء الحظ لازمك فقد رأتك امرأة أخرى وانت خارج من قمرة الخادمة هي السيدة اوثربون
وتحتم عليك مرة أخرى المبادرة بالعمل قبل ان تبلغ هذه السيدة عنك وكنت قد سمعت من بننجتون انه يحمل معه في جميع أسفاره مسدسا ضخما فأسرعت الى قمرته واستوليت على المسدس ووقفت تتسمع عند باب قمرة الدكتور بسنر وفي اللحظة المناسبة صرعت مدام اوثربون
برصاصة صائبة
فصرخت روزالي اوثربون :
- كلا كلا انه لم يقتلها ليس هو القاتل
- ثم أقدمت بعد ذلك على المسلك الوحيد الذي كان أمامك ان تسلكه : فقد درت حول مؤخرة السفينة فلما جريت انا في ذلك الإتجاه درت على عقبيك وتصنعت انك قادم من الجهة الأخرى وكنت قد أطلقت المسدس بقفاز كان في جيبك في ذلك الوقت فأخرجته عندما طلبته منك
- أقسم بالله العظيم انه ليس فيما قلت حرف واحد صحيح
وعندئذ تفطنت روزالي الى الحقيقة فهدأت روع تيم قائلة :
- هذا طبعا غير صحيح والمسيو بوارو يعرف هذا ولكنه يقول ذلك الكلام لغرض في نفسه
- الحق ان الآنسة شديدة الذكاء فأنا أعلم فعلا ان هذا غير صحيح ولكن اليس هذا الفرض معقولا وكفيلا بالإطباق على عنقك يا تيم الرتون ؟ والآن سأقول لك شيئا لم تسمعه من قبل اني لم أفحص مسبحتك حتى الآن وربما اذا تركتك الآن ربع ساعة او نحو ذلك وذهبت لأفحصها لم اجد بداخلها شيئا ولما كانت الآنسة روزالي لاتزال مصممة على انها لم تر احدا تلك الليلة فقد انهدمت جميع الأدلة التي تدينك وسيقال ان الشخص الذي سرق الآلىء سيدة عجوز مصابة بداء السرقة وان الجواهر قد أعيدت بسلام الى هذا الصندوق الذي يروقك ان تأخده معك انت والآنسة كي تفحصا العقد الذي بذاخله معا في الربع الساعة القادمة خارج هذه القاعة
فوثب تيم الرتون وصاح :
- شكرا لك لقد منحتني فرصة الحياة
وبسرعة البرق جذب روزالي من ذراعها وحمل الصندوق الصغير ثم خرجا من القاعة فلما صارا وحدهما قال تيم لروزالي
- ان الرجل طيب القلب جدا وعندما نعيد هذا الصندوق اليه سيكون بداخله العقد الصحيح بدلا من
هذا العقد المزيف
- ولكن لماذا فعلت ذلك
- الفراغ والسأم
- ولكنك لن تقدم على ذلك مرة أخرى
- طبعا ولكن لماذا أبيت ان تذكري انك رأيتني ؟
- لأنهم قد يظنونك القاتل
- أولم تظني انني القاتل ؟
- كلا..ما ظننت لحظة انك تقتل احدا
- صدقت ..فلست قاتلا ضاربا بل سارق جبانا
فوضعت يدها فوق فمه وقالت :
- لاتقل ذلك
فقبل تلك اليد وقال :
- أنت تعرفين من انا فأنت وحدك المطلعة على السر فهل تقبلين انت تعرفين ماذا أعني ؟ أم
تراك ستحتقرينني ؟
- ولماذا أحتقرك ؟ ان كلا منا يحمل عيوبه فوق جبينه ومن منا لاذنب له ولاصمة ؟ ولكن هذه المذعوة جوانا ؟
- انك كوالدتي في هذا الأمر فهي تظن ان بيننا شيئا مع ان كل ما بيننا صلة عمل انقطعت منذ الآن
- لالزوم لأن تعرف والدتك عنك شيئا
- لست أدري..إذ يخيل الي إنني يجب ان أكاشفها بالحقيقة وهي خير من يحتمل الصدمات بشجاعة وسيسرها انني قطعت علاقتي بجوانا وسيسرها أكثر من ذلك ان تتأكد انها كانت علاقات عمل ليس إلا
وفي ربع ساعة التالي كانت روزالي قد أفضت الى السيدة الرتون بخطبتها الى تيم فراحت السيدة العجوز تقبلها بسرور لأنها كانت قد تعلقت بها كثيرا أما تيم فكان معتكفا في حجرته منكبا على استخراج حبات العقد النفيس واعادتها الى مكانها من الصندوق.
-هذا هو القاتل-
أخذ بوارو يقنع الكولونيل ريسي بعد ان تركهما وحدهما تيم الرتون ورزالي بالإغضاء عن ذلك التساهل الذي تورط فيه مدفوعا بعطفه على روزالي التي أصبحت ولا معين لها في الحياة ولا سند
وكان يعلم انها تحب ذلك الشاب حبا تكتمه عن جميع الناس
فقال له ريسي :
- دعك من هذا..انني أعتقد انك تعرف من هو القاتل..ولكنك تمتحن صبري امتحانا عسيرا أو لست تعرفه بربك ؟
- بل أعرفه ..ولكني أريد ان استوثق أولا بشكل قاطع
- هيا بنا نستعرض النتائج ..فلدينا أولا من الدلائل ما يؤكد بأن بننجتون ليس هو القاتل وهوكذلك
ليس الرتون وهو ليس فليتوود فمن هو اذن ؟
وفيما كان بوارو يفتح فمه ليجيبه دوى طرق قوي على باب الحجرة ثم دخل الدكتور بسنر ومعه كورنيليا التي صاحت :
- لقد عرفت الآن فقط من الآنسة بويرز بمأساة خالتي وأصابتها بما يسمونه داء السرقة فعظم ذلك
على نفسي وقد دفعها الى مصارحتي انها لم تعد تستطيع احتيال المسؤولية وحدها ولم أصدقها في مبدأ الأمر ولكن الدكتور تفضل لي بشرح الموضوع شرحا علميا مبينا صلة هذا المرض
باختلال الأعصاب ولكني مشفقة ان تذاع هذه الوصمة فلا يستطيع أهلي رفع رؤوسهم بعد ذلك أمام الناس
فقال ريسي وهو ينظر بنظرة جانبية الى بوارو :
- لقد قر رأينا على تكتم هذا الموضوع فاطمئني ولن يذاع على الناس إلا ما يتصل بجرائم القتل
وعندئذ قال الدكتور بسنر بلطف لم يعهد فيه :
- ان لها قلبا رقيا جدا
- أوه يا دكتور ليس لي قلبا رقيق ولكن حسب ظنك وجميل رأيك
وتضرج وجهها حياء فنظر بوارو اليها بخبث وقال :
- ألم تري فيرجيسون في الساعات الماضية ؟
- كلا...ولكن خالتي ماري حدثتني كثيرا في الساعة الماضية عن مزاياه فهي تقول انه عريق المنبت
- وما رأيك انت ؟
- رأيي انه انسان مخبول
فاتجه بوارو الى بسنر وسأله عن حال مريضه سيمون دويل فقال له :
- ان حرارته قد ارتفعت شيئا ما ولكن بنيته القوية ستساعده ولاشك على المقاومة وان كانت جاكلين دي بلفور شديدة القلق عليه لغير داع وقد طمأنتها واني لأعجب في نفسي من هذه الفتاة التي تطلق الرصاص على رجل في لحظة ثم يجن جنونها قلقا عليه في اللحظة التالية
- مادامت حالته مطنئنة فليس هناك ما يمنع اذن من توجهنا اليه لإستكمال الأسئلة التي فاجأتنا السيدة اوثربون قبل ان نتمها حين كنا معه في آخر مرة ..فقد كان بصدد اطلاعنا على مضمون تلك البرقية
- لامانع عندي طبيا وهي فعلا برقية مضحكة كان يحدثني عنها منذ قليل تتضمن هذيانا مضحكا من بطاطس وخرشوف وبنجر
فقفز ريسي واقفا وصرخ :
- يا الهي ان رشتي هو ضالتي هو المتآمر الدولي فهذه الشفرة الدولية الجديدة لتلك العصابة
الخطيرة فالبطاطس كناية عن الديناميت والخرشوف كناية عن الرصاص والبنجر كناية عن المسدسات ولاشك انه مصمم على قتل لينيت دويل لأنها فضت تلك البرقية خطأ وقرأت محتوياتها لأنه أيقن ان حياته في خطر إذا باحت بها وهي برقية تلفت النظر وتستحق الرواية ولو على سبيل التندر فما قولك في هذه النظرية يا بوارو ؟ أليس هو رجلنا ؟
- انه رجلك انت..وقد كنت دائما أرتاب في هذا الشخص لأنه كان لايتحدث إلا عن الحفريات وذلك يوحي بأنه يمثل دور عالم الآثار في اصرار شديد غير طبيعي في العلماء الحقيقيين ولكن ريتشي هو الذي قتل لينيت دويل فاني أعرف القاتل ولكن لاأمل عندي في اثبات التهمة عليه ما لم أستدرجه الى الإعتراف
فقال الدكتور بسنر :
- ولكن الإعتراف يكاد يكون معجزة مستحيلة الوقوع
- لاشيء يستحيل على هركيول بوارو
فمن هو القاتل ؟
- انني ايها السادة ممثل لايقدم روائعه إلا أمام جمهور والحقيقة يا جمهوري العزيز انني كنت غبيا فقد سمحت لذلك المسدس الصغير المرصع ان يحيرني ويضللني وكان سبب حيرتي ان المسدس قذف به في النيل ولم يتركه القاتل في مكان الجريمة مادامت خطته قائمة على القاء الشبهة على جاكلين صاحبة ذلك المسدس وقد افترضت شتى الحلول لهذه المعضلة ما عدا الحل الصحيح الوحيد الذي كان آية في البساطة فالقاتل لم يترك المسدس بل أخذه معه بعد القتل مباشرة لأنه لابد له من ذلك وهذه هي الحقيقة التي ستظهر فيما بعد.
|