كاتب الموضوع :
المرآة
المنتدى :
أغاثا كريستي , روايات أغاثا كريستي
ودار فرجيسون على عقبيه وانطلق نحو الصالون المراقبة حيث كانت فان شويلر جالسة في ركنا المألوف وكانت حصتها من العجرفة في هذا اليوم أكبر قليلا من المعتاد وكانت تحيك الصوف بابرتين
حينما اتجه فيرجيسون نحوها وفي أعقابه هركيول بوارو الذي احتل مكانا متواريا على بعد منها وتظاهر بالإستغراق في قراءة مجلة مصورة وبدأ بين الطرفين الحوار التالي :
- طاب صباحك يا آنسة فان شويلر
فرفعت فان شويلر عينيها عن الصوف لحظة واحدة لم تزدها ثم تحولت ببصرها الى ابرتها مرة أخرى وتمتمت بفتور
- طاب صباحك
- اسمعي اني أريد ان اتحدث اليك في أمر على جانب عظيم من الأهمية فالمسألة بالضبط انني
راغب في الزواج من ابنة اختك
فانتفضت كرة الصوف التي في حجر فان شويلر وانطلقت تقفز كالمجنونة الى آخر الصالون اما فان
شويلر نفسها فقالت بلهجة تقطر سما ناقعا :
- لابد انك فقدت صوابك ايها الشاب
- كلا على الإطلاق فأنا مصمم على الزواج منها وقد طلبت يدها شخصيا منذ برهة وجيزة
فقالت ببرود :
- أحقا ؟ وأخالها صرفتك الى حال سبيلك ؟
- لقد رفضتني ..ولكني لن انصرف عن طلب يدها ولا ابرح عنها حتى تقبل
- أؤكد لك انني سأتخد الإجراءات اللازمة لوقاية ابنة أختي الشابة من مثل هذا التهجم
- وماذا يحنقك علي ؟ ماذا لديك ضدي ؟
فرفعت فان شويلر حاجبيها وجذبت الخيط جذبة قوية تريد ان تسترجع بها الكرة ولم تنبس بكلمة فاستطرد :
- هيا خبريني ما الذي يحنقك ضدي ؟
- أظن ان المسألة غاية في الوضوح يا ..فأنا لاأعرف اسمك
- فيرجيسون..
فقالت فان شويلر بكل استياء وتأفف :
- آه يا مستر فيرجيسون ان الموضوع الذي تشير اليه خارج عن نطاق البحث ولايمكن ان يكون موضع نظر
- أتعنين انني لست كفؤا لها ؟
- كنت أعتقد ان المسألة غاية في الوضوح حتى بالنسبة لك
- ولماذا ترين اني لست كفؤا لها ؟ ان لي ساقين وذراعين وصحة من فولاذ وذهنا مرتبا قادرا على التفكير فما عيب هذه المؤهلات ؟
- هناك شيء اسمه المركز الإجتماعي يا مستر فيرجيسون
- المركز الإجتماعي خرافة قديمة متعفنة
وفي هذه اللحظة فتح الباب ودخلت كورنيليا فوقفت كالمصعوقة عندما وجدت خالتها المرهوبة الجانب تتحدث مع خاطبها المتهجم اما فيرجيسون فالتفت نحوها وضحك ملىء شدقيه ثم ناداها :
- اقبلي يا كورنيليا وابشري...فاني اطلب يدك للزواج كما ترين على اعتق الطرق التقليدية
فقالت فان شويلر وبصوت رهيب حقا :
- كورنيليا هل شجعت هذا الشاب ؟
- انا..كلا...بالطبع لا...على الأقل...ليس بالضبط.
- ماذا تعنين ؟
فأسرع فيرجيسون يقول كي يخرجها من المأزق :
- انها لم تشجعني على الإطلاق وكل ما هنالك انها لم تقف في وجهي وان لها قلبا رقيقا حقا وخالتك يا كورنيليا تقول اني أدنى منك اجتماعيا بكثير فهل هذا رأيك ؟
فقالت فان شويلر
- هذا فيما أظن بديهي جدا لدى كورنيليا
فاحمر وجه كورنيليا وقالت :
- كلا يا مستر فيرجيسون ليس هذا رأيي فلو انني احببتك لتزوجتك بلا نظر الى أي اعتبار
- ولكنك لا تحبينني ؟
- اني اعتقد انك مزعج ومثير للسخط فان آراءك وأفكارك من أفظع وأقبح وأشأم ما سمعت وان لك
لزهوا لايعدله زهو في تبجج سخيف وطفرت الدموع الى عينيها فاندفعت خارجة اما فيرجيسون فقال لآنسة فان شويلر وهو يضطجع في مقعده وينظر الى سقف الغرفة ويصفر :
- هذه على العموم بداية لا بأس بها وسأستمر في مناداتك بخالتي العزيزة
فأخدت فرائص فان شويلر ترتعد غضبا وصاحت :
- اخرج من هنا على الفور و إلا ناديت الخادم
- لقد دفعت ثمن تدكرتي ولاتستطيعون اخراجي من قاعة عامة ومع ذلك فاني سأطيب خاطرك يا خالتي العزيزة
ووقف ثم راح ينبخر خارجا وهو يصفر وظلت فان شويلر بعد ذلك ترتعد وتحاول الوقوف كي تحضر كرة الصوف ولكنها لم تستطع لفرط اضطرابها فخرج بوارو من عزلته واسرع اليها بالكرة فقالت له
- شكرا لك يا مسيو بوارو و أرجو ان تتكرم بارسال الآنسة بويرز فاني أشعر باضطراب مما سببه لي هذا الشاب الوقح
- انه ملحوس قليلا فيما اعتقد ومعظم اعضاء هذه الأسرة على شاكلته انه التدليل المفسد للطباع والتربية وأظنك عرفت شخصيته
- عرفت شخصيته ؟
- انه يسمي نفسه فيرجيسون لأنه لا يريد استخدام وحمل لقبه العتيد رعاية لمبادئه المتطرفة
فوضعت فان شويلر يديها بالصوف في حجرتها وحملقت في وجهه قائلة :
- لقبه العتيد ؟
- طبعا انه اللورد داوليش الشاب وقد ورث ملايين الجنيهات ولكنه اعتنق الشيوعية في أكسفورد
واذا بصفحة وجه فان شويلر تتحول الى حلبة معركة تصطرع فيها شتى الإنفعالات المتعارضة فلما استجمعت انفاسها وبلعت ريقها قالت :
- ومنذ متى تعرف هذه الحقيقة يا مسيو بوارو ؟
- لقد رأيت له صورة في بعض الصحف وفطنت الى الشبه ثم عصرت اثناء تفتيش قمرته على خاتم له منقوش على فصه شعار أسرته والمسألة لا تحتمل الشك
- انا مدينة لك بالشكر على هذه المعلومات الثمينة
ثم واتتها عندئذ القوة فنهضت خارجة وقد طفح وجهها المتعجرف بالبشر واشرق بنور السعادة
وهز مسيو بوارو رأسه مرارا ثم استغرق في التفكير
وبعد حين دخل عليه ريسي فوجده ما يزال جالسا في موضعه فقال له :
- والآن يا بوارو لم تبق إلا عشر دقائق ويحضر بننجتون لمقابلتك كما طلبت اليه وسأتركه لك
فنهض بوارو واقفا وقال :
- ولكن أرجو ان تحضر أولا فانثورب الى قمرتي
واسرع ريسي ليبحث عن فانثورب بعد دقيقة او دقيقتين فأشار بوارو الى مقعد احتله الشاب وقدم اليه سيجارة وقال :
- والآن يا مسيو فانثورب لندخل في الموضوع لقد لاحظت انك تلبس رباط عنق من النوع الذي لا يلبسه في بريطانيا كل انسان بل السادة المهذبون ذوو المكانة والتربية الحسنة وهناك فيما أعلم تقاليدبين تلك الأوساط تقضي بفعل أشياء والإمتناع عن أشياء أخرى ومن يلبسون هذا النوع من
أربطة الرقبة لايمكن ان يقحم الواحد منهم نفسه في حديث خاص مع أشخاص لم يعرفهم وبغير سؤال يوجه اليه
فدهش فانثورب واردف بوارو
لا..ولكنني منذ ايام رأيتك بنفسي تقدم على هذه الهفوة وقد كان جماعة من الركاب جالسين في الصالون يتحدثون حديثا خاصا جدا في مسائلهم المالية واذا بك تتسلل حتى تقف بالقرب منهم بقصد استراق السمع ثم اذا بك تتجاوز ذلك الى توجيه اطراء صريح الى سيدة هي مدام لينيت دويل لما تتمتع به من فطنة في ادارة الأعمال
فامتقع وجه فانثورب ثم احتقن ولكن بوارو لم يأبه له بل استطرد
- والآن يا مسيو فانثورب لم يكن هذا التصرف مما يتفق مع ربطة العنق التي يرتديها صديقي السير هاستنغز لأنه رجل مهذب لبق رقيق يموت وجلا وخزيا ولا يقدم على مثل هذا التصرف الذي اقدمت
عليه هذه واحدة..وواحدة أخرى انك شاب حديث العهد بالمحاماة فلم تؤسس لنفسك فيها مركزا يسمح لك بقضاء مثل هذه الإجازة الباهضة التكاليف ..ومتى ؟ في ابان الموسم القضائي في فصل الشتاء
يضاف الى ذلك انك ملحق بمكتب محاماة في الريف فلا يحتمل ان تكون اتعبك او مرتبك كافيا لهذه المظهر ولايبدو عليك اثر مرض حديث العهد حتى نقول انك اتيت الى هنا للنقاهة عملا بمشورة الأطباء وقد تساءلت وها أنذا أسألك لماذا ولأي غرض قمت بهذه الرحلة النيلية الى وادي حلفا ؟
فطرح جيم فانثورب رأسه الى الوراء في تحد وقال :
- اني أرفض امدادك بأي معلومات يا مسيو بوارو وأعتقد انك لابد في الواقع ان تكون مجنونا
- انني لست مجنونا بل اني عاقل جدا والآن أساعدك قليلا على توضيح موقفك فأقول اين يقع المكتب الذي تنتسب اليه ؟ انه يقع في نورثامبتون وهو مكان غير بعيد من قصر وودهول وماهو موضوع الحديث الذي اجتهدت في استراق السمع اليه ؟ انه وثائق تمليك وما الى ذلك وما هي
الملاحظة التي أطريتها ؟ ولايفوتني ان أقول انك كنت مرتبكا جدا وانت تفعل ذلك لشعورك بالحرج
انها ملاحظة من شأنها منع لينيت دويل من توقيع أي وثيقة بدون قراءة وفوق هذه السفينة وقعت جرمة قتل تلتها جرمتان في سرعة فائقة فاذا أضيف الى ذلك ان السلاح الذي قتلت به مدام اوثربون
هو المسدس الخاص بالمسيو بننجتون فلعلك ترى من واجبك الآن ان تطلعني على مالديك من معلومات مساعدة للعدالة
- الواقع ان لك طريقة غريبة يا مسيو بوارو في تناول الأمور واني مقدر لدقة المسائل التي اشرت اليها ولكن ليس لدي مزيد من المعلومات الأكيدة أضيفه الى مالديك
- اتعني ان مالديك محض ظنون وشبهات ؟
- ذلك ما أعنيه فعلا
- ولهذا تعتقد انه من غير المناسب ان تفصح عنها ؟ ان ذلك قد يكون صحيحا في ساحات المحاكم يا سيدي المحامي اما هنا ونحن نقوم للكشف عن سر الجريمة فكل شعاع من الضوء ولو صغير يجب ان ينال حظه من التقدير حتى نصل الى اليقين
- أظنك على صواب ..فما الذي تريد معرفته يا مسيو بوارو ؟
- ما الدافع لك بالقيام بهذه الرحلة ؟
- ان خالي مستر كار مايكل هو المحامي الإنجليزي الذي يتولى قضايا لينيت دويل في بريطانيا وهو الذي ارسلني في هذه الرحلة لأنه لاحظ في هذه المدة الأخيرة اشياء بعثته على الإرتياب في الوصي الأمريكي المستر بننجتون فلما تزوجت لينيت من المستر سيمون دويل فجأة وبدأت على الفور رحلة شهر العسل في طريقها الى مصر اطمأن خالي الى انه بمجرد عودتها الى انجلترا ستستلم اموالها من يد أوصياءها وفي ذلك قضاء على ما كان يساوره من شكوك ولكنه تسلم خطابا من لينيت دويل بعثته اليه من القاهرة وردت فيه عرضا اشرة الى انها التقت مصادفة هناك
بوصيها الأمريكي مستر بننجتون فثارت شكوك خالي من جديد ورسخ في ذهنه ان بننجتون ربما أقدم على هذه الرحلة المريبة مدفوعا باليأس الذي أوقعه فيه زواج السيدة المفاجىء وخشي بل
ايقن ان تلاعبه وسوء ادارته للتركة سينكشف ومن شأن اليائس ان يقدم على عمل جنوني فلا يتورع عن شيء واحب خالي ان يتبين الحقيقة ولم يشأ ان يرسل في هذه الرحلة شخصا تعرفه السيدة فوجد من الأصوب ان يرسلني في هذه الرحلة انا بالطائرة واعطاني تعليمات مشددة بوجوب الحذر والحيطة وعمل كل ما في الوسع للحيلولة بين بننجوتن والحصول على توقعات من لينيت دويل على وثائق بغير فحص كاف هذا كان سبب حضوري وهو ايضا سبب هذا المسلك الذي اشرت اليه والواقع اني اضطررت الى ذلك وانا في اشد حالات الإرتباك والحرج ولكني غير نادم لأنني ظفرت بالثمرة التي كنت ارجوها
- أتعني انك وفقت الى تحذير لينيت ؟
ليس هذا بالضبط فلم تكن في الواقع بحاجة الى مزيد من التحذير او الحيطة ولكني بملاحظتي نبهت بننجتون الى ان هناك من يقف له بالمرصاد وبذلك غير خطته وعدل عن الحصول على توقيعاتها وكنت اعتزم في الواقع القيام بتحذير واضح ولكن تبين لي ان بننجتون له منزلة خاصة تشبه الأبوة لدى لينيت دويل فقام بذهني ان اتصل لهذا الغرض بسيمون دويل لأنه أسهل تناولا من زوجته
- والآن هل لك ان تجيبني عن سؤال شخصي بحسب رأيك وتقديرك ؟ إذا أراد نصاب ان يفوت شيئا على آل دويل فمن الذي يختاره فريسة سهلة ؟ أهو مستر سيمون دويل ؟ أم زوجته ؟
- مستر دويل طبعا فقد كانت لينيت دويل حصيفة حريصة اما زوجها فهو ساذج يجهل أصول ادارة
الأعمال ولايمتنع عن التوقيع حيث يطلب منه دون مناقشة او تمحيص
- هذا رأي صائب ..وذلك فيما أظن دافع حسن للقتل
- ربما ولكن ليس لديك دليل
بل يمكننا الحصول على دليل
ممن ؟ وكيف ؟
- من بننجتون نفسه
- اني أشك في هذا كثيرا
- اننا ننتظر قدومه الآن على كل حال يا مستر فانثورب
فأدرك فانثورب مغزى الإشارة واستأذن منصرفا وبعد دقيقتين ظهر مستر اندرو بننجتون والإبتسامة تملأ صفحة وجهه ولكنها كانت ابتسامة متكلفة وبعد ان حيا جلس ثم تطلع الى بوارو والكولونيل ريسي متسائلا فقال بوارو :
- لقد طلبنا اليك الحضور يا مستر بننجتون لأنه من الواضح ان لك مصلحة كبيرة في هذه القضية
فانت تعرف لينيت دويل فيما أعتقد منذ الطفولة
الحقيقة اني عرفتها كما قلت من قبل منذ نعومة أظافرها
- وهل كنت صديقا حميما لوالدها ؟
بلا ريب كنا على اتصال وثيق وصداقة متينة
- الى درجة انك عينت في وصيته وصيا على لبنته وعلى ثروتها الطائلة ؟
- هذه كله صحيح اجمالا ولكني لم اكن الوصي الوحيد طبعا بل كان معي في تلك المهمة شركاء
- ماتوا جميعا بعد ذلك وبقيت انت وحدك
- مات اثنان منهم وبقي على قيد الحياة المستر روكفورد
- شريكك في المكتب وفي التجارة ؟
-نعم
- واعتقد ايضا ان الآنسة لينيت ريدجواي قد بلغت سن الرشد حين تزوجت فجأة ؟
- انها لم تكن تبلغ بعد الحادية والعشرين إلا في يوليو المقبل
- ولو سارت الأمور على ماهي عليه..لما حق لها ان تتسلم ثروتها قبل ذلك التاريخ ؟
- نعم
- ولكن زواجهما المفاجىء غير مجرى الأمور وقلب الأوضاع
- بربكما ماهذا الذي تهدفان اليه من كل هذه الأسئلة ؟
- انك رجل ذكي يا مستر بننجتون فهناك فهناك مسألة الدافع الى الجريمة ولايمكن اغفال الإعتبارات المالية عند معالجتها
- ان وصية ريدجواي تنص على ان تتسلم لينيت ثروتها عند بلوغها الحادية والعشرين او بمجرد زواجها اذا تزوجت قبل ذلك التاريخ بلا قيد ولاشرط
- وثروتها تقدر بملايين فيما اعتقد ؟
- نعم تقدر بالملايين
واعتقد يا بننجتون ان مسؤولياتك انت وشريكك كانت ثقيلة جدا في هذه السنوات
- نحن متعودان على المسؤولية في عملنا فلا يركبنا بسببها القلق
- اني لأعجب مما تقول
- ماذا تعني بحق الشيطان
- ان عجبي راجع الى تقديري ان ذلك الزواج المفاجىء لابد قد احدث ارتباكا في خطط مكتبك
- ان اعمال المكتب على أكمل وجه
- ألم يتملكك الإنزعاج عندما وصلت اليك انباء زواج لينيت ريدجواي حتى انك أقلعت بأول باخرة الى مصر حيث تصنعت الإلتقاء بها على وجه المصادفة
- ان ما تقوله لهو الهذيان بعينه يا مسيو بوارو فانني لم اكن أعلم بزواج لينيت قبل وصولي الى القاهرة ولذلك ذهشت دهشة تامة ولابد ان خطاب لينيت وصل الى نيويورك بعد سفري وقد حول الي فتسلمته بعد اسبوع في القاهرة
- تقول انك حضرت على ظهر الباخرة كارمانك ؟
هذا صحيح
- وان الخطاب وصلك الى نيويورك بعد اقلاعها منها ؟
- لقد كررت هذا مرارا من قبل
- ان هذا لمن أعجب العجب فان حقائبك لاتحمل أي بطاقة من بطاقات كارمانك بل بطاقات الباخرة
نورماندي التي ابحرت من نيويورك بعد ابحار كارمانك بيومين
فظهرت الحيرة على وجه بننجتون وبدأ يترنح...فاستطرد بوارو قائلا :
لاجدوى من الإنكار انت اذن قد تسلمت خطاب لينيت ريدجواي في نيويورك
- يبدو انه ليس أمامي الآن إلا التسليم فقد غلبني ذكاؤكما على أمري ولكن الواقع انه كانت لدي دوافع كافية لسلوك هذا المسلك ايها السادة
- ونحن على أشد ما يكون من اللهفة لمعرفة هذه الدوافع
- يسوؤني في الواقع ان أقول انني لاحظت في المدة الأخيرة شيئا من الإضطراب المريب في أعمال
لينيت التي يتولاها محاميها في انجلترا و عللت النفس بقرب بلوغها سن الرشد ولكنني بذلك الزواج المباغث من رجل انجليزي مجهول فعولت على اكتشاف الحقيقة بنفسي بغير ازعاج للينيت
ولم أجد من اللائق ان اقحم عجوزا مثلي على شهر العسل لشابين لأسباب مالية بعيدة كل البعد عن ذلك الجو العاطفي ولم يهدني تفكيري الى خير من هذه الطريقة في اصطناع الصدفة فدوافعي
نزيهة بعكس ما ذهبتما اليه
- الحقيقة يا مسيو بننجتون اننا لانصدق حرفا واحدا من كلامك
- تصدقان او لاتصدقان سيان
- اننا نعتقد ان زواج لينيت المفاجىء أطاش صوابك لأضطراب ادارتك المالية لتركتها فقررت الحضور على عجل للبحث عن مخرج لك بأي شكل وفكرت في الحصول على توقيعها على وثائق اعددتها
لهذا الغرض معتمدا على ان انشغالها بشهر العسل سوف يمنعها من التدقيق في الإطلاع على الوثائق قبل التوقيع فلما خاب أملك افتعلت سقوط الصخرة ونحن على الشاطىء امام معبد أبي سنبل كي تسحقها ولكنها نجت بأعجوبة
- انت مخبول
- وقد سمحت لك ظروف أخرى بالقضاء على لينيت دويل في أثناء العودة من وادي حلفا بحيث تلقى الشبهة على شخص آخر وقد ثبت لنا يقينا ان مسدسك هو الذي انطلقت منه الرصاصة التي قتلت السيدة اوثربون وهي على وشك الإفضاء باسم قاتل لينيت ثم لويز
وعندئذ ثارت ثائرة بننجتون وصاح :
- ما هذا الهذيان ؟ وأي سبب يدعوني لقتل لينيت ؟ انني لاأطمع في ان أرثها حتى أقتلها بل يرثها
زوجها فلماذا لا تأخدان بخناقه ؟
- ان سيمون دويل لم يغادر الصالون طول السهرة التي قتلت خلالها زوجته ثم بعد ذلك رقد سائر
الليل مكسور الساق محقونا بالمورفين في قمرة الدكتور بسنر ولهذه الإعتبارات جميعا يستحيل
ان يكون هو قاتل زوجته
وانت اذا استخدمت ذكاؤك وكنت في مكاني يا مستر بننجتون وجدت ان الزوج الوارث الطيب القلب الذي يوقع الأوراق دون تمحيص أسلس قيادا من الزوجة الذكية الحصيفة ...فمن من مصلحة الوصي
المتلاعب المختلس المبدد ان تموت الزوجة ويرث الزوج مالها ليوقع الأوراق التي ما كانت لتوقعها هي وبذلك يحصل الوصي على تسوية لحساباته تنقذه من السجن والإفلاس وان كانت نتيجها خسارة قد تصل الى مئات الألوف تتحملها تركة ريدجواي ويضاف الى ذلك ان سيمون دويل يجهل كل شيء عن اعمال زوجته المتشعبة زممتلكاتها فهو خليق ان يطلق يدك في ادارة التركة كما كنت
وعندئذ هز بننجتون كتفيه ثم قال :
- اقسم انني تعثرت فاذا الحجر يسقط بالمصادفة وليس هناك أي اثبات ضدي
- ربما..
فنهض وقد عاوده شيء من التجلد ثم خرج.
-طرف الخيط-
|