كاتب الموضوع :
المرآة
المنتدى :
أغاثا كريستي , روايات أغاثا كريستي
في طريق العودة رست الباخرة مرة أخرى بالقرب من معبد أبي سنبل وكان الوقت ليلا ....فدبرت ادارة الباخرة زيارة للمعبد في ضوء صناعي وبذلك اختلف الجو عن الزيارة الأولى التي كان الظلام فيها يقبض الصدور وكان الذي يصاحب كورنيليا في هذه المرة هو الفوضوي فيرجيسون ومن عجب ان ذلك الفتى قد فتن بهذه الفتاة الطيبة البسيطة فلما قالت له انها كانت تود لو كان الدكتور بسنر بجوارها ليشرح لها تلك المشاهد الجميلة استاء وقال لها :
- لست أدري كيف تطيقين صحبة هذا الشيخ الممل
- انه من أطيب خلق الله وأرقهم قلبا وأكثرهم ثقافة
- ثقافة ؟ هذه الكلمة تقززني وأظن أيضا ان خالتك لاتحب ان تتحدث معي فانها أرستقراطية متعجرفة لاتراني ندا لها
- كم أود لو أقلعت عن هذه النوبات الثورية
- وكيف لا أثور لتلك الفروق الخرافية بين البشر
- بل أعتقد ان هناك آفة في معدتك تجعلك ثائر الأعصاب حاد الميزاج سأعطيك قليلا من دواء البيسين الذي تتعاطاه خالتي فان شويلر وعسى أن يهدىء هذا من ثورة أعصابك
- اسمعي أنت أحسن مخلوق بين ركاب هذه السفينة هذه هي الحقيقة فاذكريها دائما ولا تسمحي لخالتك أو لغير خالتك ان تنظر اليك باستعلاء
وأسرعت الفتاة بعد ذلك الى السفينة لتلحق بخالتها فاذا بها تتحدث في صالون المراقبة الى الدكتور بسنر وتسأله عن مرضاه من الأمراء والكبراء فلما وقع بصر خالتها عليها صاحت بها :
- أين شالي القطيفة ؟ انني بحثت عنه فلم أجده
وأسرعت كورنيليا تبحث عن الشال الثمين فلم تعثر له على أثر فقامت فان شويلر ممتعضة لتأوي مبكرا الى مخدعها بسبب حرارة الجو وظل سيمون ولينيت يلعبان البريدج مع بننجتون والكولونيل
ريسي على مائدة صغيرة قرب الباب بينما كما فانثورب جالسا يطالع في كتاب وفيما عدا هؤلاء كان الصالون خاليا
ونهض بوارو فخرج الى سطح السفينة واذا به يكاد يصطدم بجاكلين دي بلفور التي كانت مقبلة من الجهة الأخرى على عجل فتبادلا التحية ثم استأنف سيره الى قمرته لينام ودخلت جاكلين الصالون
وكانت كورنيليا قد فرغت من مصاحبة خالتها الى مخدعها فعادت حاملة أشغال الإبرة الى الصالون
لأنها لم تكن قد شعرت بعد بالرغبة في النوم وما ان استقرت في مجلسها حتى دخلت جاكلين
فوقفت عند عتبة الباب وقفة التحدي ثم ضغطت بيدها الجرس وجلست في مواجهة كورنيليا
فسألتها :
- هل زرت المعبد الليلة ؟
- نعم فالليلة مقمرة والمنظر رائع..
- نعم هي ليلة جميلة حقا ليلة شهر العسل بمعنى الكلمة
واتجهت نظراتها نحو مائدة البريدج فاستقرت على لينيت وفي هذه اللحظة جاء الخادم تلبية للجرس فأمرته جاكلين ان يحضر لها كأسا كبيرة من شراب الويسكي القوي ..فرمقها سيمون بنظرة سريعة وظهر على وجهه شيء من القلق ثم بدأ يشرد عن اللعب الأمر الذي كان يضطر زوجته الى تنبيهه من حين لآخر كي يلعب عند حلول دوره.
وأحضر الساقي الكأس فشربتها جاكلين جرعة واحدة وهي تقول بصوت معربد :
- في صحة الجريمة
ثم طلب من الساقي كأسا أخرى وراحت تغني بصوت مرتفع الأغنية التي مطلعها ( لقد كان رجلها
ولكنه خان عهدها )
فنهضت لينيت واقفة وقالت :
- أشعر بالنعاس سأذهب الى فراشي
وكذلك نهض الى مخدعه كل من الكولونيل ريسي ومسز بننجتون أما سيمون فأعلن انه سيبقى قليلا حتى يتناول كأسا من الشراب فانصرفت لينيت وحدها ومن وراءها ريسي وبننجتون وشرعت كورنيليا تجمع أشغال الإبرة كي تنصرف ولكن جاكلين توسلت اليها ان تبقى ولاتتركها وحيدة فأذعنت الفتاة الطيبة لرجائها وحضرت الكأس الثانية فشربتها مرة واحدة أيضا ثم أخدت تغني أغنيتها من جديد فتحركت كورنيليا لتقوم محتجة ان الوقت تأخر فتشبتت بها جاكلين قائلة :
- محال ان أدعك تذهبين ...اجلسي وحدثيني عن نفسك
- ليس هناك ما يستحق الذكر فاني لم أفارق دارنا قبل هذه المرة ولهذا استمتع بكل لحظة من لحظات الرحلة
- كلا كلا...حدثيني عن نفسك بالتفصيل
فاضطرت الفتاة الخجول ان تبدأ في سرد تفاصيل لالون لها ولا طعم وكلما همت ان تكف عن الكلام
استحثتها جاكلين على الكلام وهي لاتفلاغ من احتساء كأس حتى تطلب كأسا سواها وكانت الفتاة تعجب في نفسها لذلك السلوك ويحدثها قلبها بأن شيئا غير عادي لابد ان يحدث.
ولم يكدبها شعورها فان جاكلين التفتت فجأة الى سيمون دويل الذي كان غارقا بين دفتي مجلته وقالت له ببساطة :
- اضغط الجرس يا سيمون فاني أريد كأسا أخرى
- لقد شربت بما فيه الكفاية يا جاكلين
واذا بجاكلين تنفجر في وجهه صائحة :
- وما شأنك أنت ؟
فهز كتفيه وقال بهدوء :
- لاشيء
فجعلت تحدجه بنظراتها دقيقة أو دقيقتين ثم قالت :
- ماذا دهاك يا سيمون ؟ أخائف أنت ؟
فلم يجبها وراح يقلب صفحات المجلة بامعان وتململت كورنيليا في مقعدها تهم بالإنصراف
فقالت جاكلين :
- لاتنصرفي فاني بحاجة الى وجود امرأة اخرى معي هنا لتشد أزري ثم ابتدأت تضحك بحالة
عصبية وقالت :
اتعلمين ماذا يخشى سيمون ؟ انه يخشى بعد ان قصصت أنت قصة حياتك ان أري لك أنا قصة حياتي لماذا لأنني كنت مخطوبة له يوما ما
- أحقا ؟
- انها قصة محزنة جدا ..لقد عاملني أسوأ معاملة أليس كذلك يا سيمون ؟
فقال لها سيمون حينئد بخشونة :
- اذهبي الى فراشك يا جاكلين فانت سكرانة
- اذا كنت محرجا يا عزيزي سيمون من سماع ماضيك فأنت مخير في مغادرة الحجرة
- بل سأبقى .....
وعندئذ أقفل تانثوب الكتاب الذي كان مستغرقا في قراءته ثم تثاءب ونظر في ساعته ثم غادر الصالون أما جاكلين فقد اعتدلت في مقعدها وحملقت في وجه سيمون ثم صاحت بصوت غليظ :
- أتظن أيها الأحمق انك قادر على أن تصنع بي ما صنعت ثم تمضي ناجيا آمنا ؟ لقد قلت لك يوما
انني سأقتلك ولا أتركك لإمرأة أخرى وقد حسبتني أهذي ولا أعني ما أقول والحقيقة كنت أنتظر وأتربص فأنت رجلي أسامع أنت ؟ أنت ملك يميني .
وظل سيمون دويل لائذا بالصمت واذا بيد جاكلين تعبث لحظة في حجرها ثم اذا بها تبسطها أمامها وتطلق عليه الرصاص فاذا به يصرخ صرخة مكتومة وهو يتلوى ثم يسقط على المقعد وصرخت كورنيليا ثم أسرعت نحو الباب تنادي فانثورب الذي كان واقفا بالقرب منه منحنيا فوق سياج السفينة و أسرع فانثورب في حين وقفت جاكلين كامصعوقة فاغرة الفم ثم أخدت ترتعد رعدة عنيفة
تشملها من قمة الرأس الى أخمص القدم وقد تسمرت عيناها على البقعة القرمزية التي كانت قد انتشرت عند ساق سيمون وخضبت رجل بنطلونه في أسفل الركبة مباشرة كما خضبت المنديل الذي كان قد ضغط به على موضع الجرح وسقط المسدس من يدها على الأرض فركلته بقدمها فاندفع الى أسفل مقعد من مقاعد الصالون في حين جعل سيمون يصيح بصوت متحشرج :
- أستحلفك يا فانثورب بحق السماء أن تكتم الخبر اني أسمع وقع أقدام ..قل انها ضجة مزاج أو أي
شيء .تكتم الفضيحة..
فطمأنه فانثورب واتجه نحو الباب الذي أطل منه الخادم النوبي وهو يفرك عينيه من أثر النعاس
وأخبره ان المسألة لاتعدو مزاحا من مزاح السكارى فافتر تثغر الخادم النوبي عن أسنانه اللؤلؤية ثم
انصرف راجعا فقال فانثورب :
- لاأظن أحدا آخر قد سمع فالصوت ضعيف وهو أشبه ما يكون بفرقعة سدادة زجاجة وعلينا الآن
وفي هذه اللحظة انطلقت جاكلين تنشج ببكاء هستيري وهي تقول :
- آه يا ربي...ليتني مت قبل هذا سأقتل نفسي خير لي أن أموت ماذا فعلت ؟
فأسرعت كورنيليا نحوها تحاول تهدئتها لكي لاتفوح رائحة الفضيحة وأما سيمون الذي كان يتلوى
من الألم فجعل يقول :
- أخرجاها أرجوكما فورا ..اذهبا بها الى مخدعها أرجو منك يا كورنيليا ان تكلف ممرضة خالتك بملازمتها واعطاءها عقارا مهدئا ثم بعد ذلك استدعي الدكتور بسنر ليحاول تضميد الجرح وسأدبر
قصة أظلل بها الأمر على زوجتي فانها يجب ان لاتعلم الحقيقة بأي ثمن
ووافق فانثورب وكورنيليا على ان ستر الحقيقة واجب .....وتعاونا معا في اخراج جاكلين التي كانت تقاوم وتبكي وتريد ان ترتمي على الأرض تارة وان تفلت لتلقي بنفسها في النيل تارة أخرى وهي
تصيح بصوت مختنق :
- آه يا حبيبي سيمون لا أريد أن أعيش
فقال فانثورب لكورنيليا :
اذهبي انت فأيقظي الآنسة بويرز لتحضر معها حقنة مورفين أو ما شابه وسألازم أنا الآنسة دي بلفور ريثما تأتين بها الى مخدعها
وانصرفت كورنيليا لتفعل ما أشار به فانثورب أما جاكلين فأجهدت فانثورب بكثرة محاولاتها الإفلات الى سطح السفينة لتغرق نفسها في النيل فظل يقاومها بكل قوته حتى كاد يصيبه الأعياء .
وحمد الله حين انفرجت الستائر عن الآنستين بويرز وكورنيليا ثم حقنتها الآنسة بويرز بحقنة
المورفين وعندئذ توجه فانثورب الى مخدع الدكتور بسنر فطرق الباب ثم دخل دون ان ينتظر اذنه بالدخول وليوقد النور ويفضي للطبيب الذي يفرك عينيه من إثر النوم بما وقع فأسرع الرجل بارتداء الروب على عجل ثم تناول حقيبة أدواته التي تستخدم في الإسعاف الأولي وصحبة فانثورب الى
الصالون وكان سيمون قد تمكن في أثناء ذلك من فتح النفدة المجاورة لمقعده وانكفأ فوقها يملأ
صدره من الهواء حتى لايغمى عليه وكان وجهه شاجبا كوجوه الموتى وقد تلطخ البساط ببقعة الدم
وتلطخ كذلك منديل كبير فشرع الطبيب في فحص الساق بدقة وعناية ثم قال :
- ان النزف غزير فيجب ان تساعدني يا فانثورب كي نحمله الى قمرتي فهو لايستطيع السير
وفيما هما يحملانه ظهرت كورنيلنا فلما رآها الطبيب انفرجت أساريره وقال لها :
- أهذا أنت ؟ تعالى معنا فانني بحاجة الى من يساعدني في العملية وأنت أصلح لهذه المهمة من صديقنا هذا الذي بدأ لونه يكفهر منذ الآن فابتسم فانثورب بابتسامة كالحة وقال :
- هل أدعو الآنسة بويرز ؟
فالتفت الدكتور بسنر الى كورنيليا وقال لها ؟
- هل تستطعين مساعدتي دون ان يغمى عليك أو يحدث لك شيء سخيف من هذا القبيل ؟
- انني أستطيع أن أفعل كل ما تطلبه مني
وبذلك تحرك الموكب الرباعي مخترقا سطح السفينة واستغرقت الدقائق العشر التالية جهودا جراحية أظهر سيمون خلالها تجلدا أثار اعجاب الدكتور النمساوي ثم حقنه بالمورفين لينام بعد
ان طمأنه الى انه سيكتم السر ويزعم ان الإصابة حدثت نتيجة لانزلاق سيمون وانه سوف لايزعج زوجته من نومها
- ورجاء آخر يا دكتور ...أرجو ان تعني أشد العناية بجاكلين فانها معذورة وأنا الذي اخطأت في
حقها خطأ فاحشا وقد كانت المسكينة في غير وعيها
- لاتقلق واستسلم للنوم فان الآنسة بويرز ستلازمها طول الليل
- نعم يا سيمون ؟
- المسدس من فضلك ..يجب ألا تتركه ملقى هناك حتى لايعثر عليه الخدم في الصباح وهم يقومون بالتنظيف
- اطمئن ...سأذهب الآن وأخفيه
وانطلق فانثورب فالتقى عند باب قمرة جاكلين بالآنسة بويرز التي قالت له :
- لقد هدأت الآن وسأبقى معها الى الصباح لأن المورفين يسبب مضاعفات لنفر من الناس
واستأنف فانثورب مسيره الى الصالون ....وبعد ثلاث دقائق كان يطرق باب الدكتور بسنر فلما
خرج الطبيب انتحى به جانبا فوق ظهر السفينة وهمس في أذنه :
- لم أعثر على المسدس
- ماذا تقول ؟
- المسدس ..لقد وقع من يد الفتاة فركلته تحت مقعد أمام عيني وهي في ثورة غيظها ولم
أجده هناك .......وتبادل الرجلان نظرات الحيرة :
- ومن عساه يكون قد أخذه ؟
- لاأدري وان هذا لعجيب
وافترق الرجلان على توجس وقلق وحيرة.
-مقتل لينيت-
كان بوارو يمسح الصابون عن وجهه بعد ان حلق ذقنه في صباح اليوم التالي عندما دخل عليه
الكولونيل ريسي من دون أن ينتظر الإذن وأقفل الباب من ورائه ليقول له :
- قتلت لينيت دويل اخترق الرصاص رأسها الليلة الماضية ...
ووجم بوارو لحظة فقد تدكر ان جاكلين قالت له في حديقة أسوان :
( كم أتمنى ان أغرس مسدسي الصغير هذا في رأسها ثم اضغط على الزناد وينتهي كل شيء )
واستطرد ريسي يقول :
- وقد عهد الي بالتحقيق..ان الباخرة ستقلع بعد نصف ساعة ومع هذا فانها لن تقلع حتى أصدر الأمر بذلك شخصيا فهناك احتمال كبير ان يكون القاتل قد تسلل من الشاطىء واني على كل حال افوض اليك الأمر فأنت فارس هذا المضمار وقد تركت الدكتور بسنر يفحص الجثة
وقبل بوارو المهمة الخطيرة بغير تردد. وكانت في الباخرة اربع قمرات ملحق بكل منها حمام وكان
يحتل القمرتين اللتين في جهة المرسى الدكتور بسنر ومستر بننجتون ومن الجهة الأخرى قمرة العانس فان شويلر ثم قمرة لينيت دويل وتليها حجرة ملابس زوجها
وتوجه بوارو والكولونيل الى مخدع القتيل حيث كان الدكتور بسنر يفحص الجثة وقد قال لهما بعد
ان فرغ من فحص الجثة :
- لقد أطلق الرصاص من مسافة قريبة جدا فوق الأذن مباشرة والرصاصة صغيرة الحجم بعيار 22
وقد اخترق الجلد حول موضع الإصابة لأن فوهة المسدس كانت ملاصقة له وكانت القتيل نائمة فلم تحدث مقاومة.
وشرع بوارو يفحص الجثة بنفسه ...فلاحظ فوق بياض الجدار الناصع حرف ج وقد كتب بمادة حمراء
اللون فانحنى فوق القتيل وتناول يدها اليمنى فوجد اصبعا من أصابعها مخضبا بالدم والمفروض ان
هذه الأصبع هي التي كتبت ذلك الحرف على الجدار فصاح بسنر عندما لاحظ ذلك :
- هذا مستحيل هذا تظليل ...فان المسكينة قد ماتت في الحال فلا يمكن ان تكون قد فعلت ذلك
- هذه حيلة طبعا المقصود بها الإبهام بأن القتيل قد تعرفت على شخصية القاتل فكتبت الحرف الأول
من اسمه بعد ان خضبت اصبعها بالدم النازف منها
فقال الكولونيل ريسي :
- ومن الذي يبدأ اسمه بحرف الجيم ؟
- جاكلين دي بلفور خطيبة دويل السابقة وكانت قد أطلعتني في أسوان على مسدس صغير
زعمت انها تريد ان تضعه لصق رأس لينيت دويل ثم تضغط على زناده
- أليس هذا ما حدث فعلا ؟
- قد يكون ولكن خبرني يا دكتور بسنر متى تقدر أن الوفاة قد حدثت ؟
- الساعة الآن الثامنة صباحا وقد حدثت الجريمة منذ ثماني ساعات أو ست ساعات على أقل تقدير
- أي بين نصف الليل والثانية صباحا
- أجل..
- وأين زوجها...؟ أظنه ينام في القمرة المجاورة ؟
فتولى الدكتور بسنر الجواب قائلا :
- انه في هذه اللحظة نائم في قمرتي أنا
ولما رأى دهشة الرجلين لم يجد بدا من ان يقص عليهما ما حدث بالأمس من اطلاق جاكلين الرصاص على ساق سيمون وأصابته بكسر في العظام يحتاج الى الكشف بالأشعة بمجرد العودة الى أسوان كما ذكر لهما ان جاكلين ظلت تحت حراسة الآنسة بويرز طول الليل
وانتقل الرجال الثلاثة بعد ذلك الى قاعة التذخين حيث أمر الكولونيل ريسي ربان الباخرة بأن
يخصصها للتحقيق الذي سيقوم به المسيو بوارو
وسأل بوارو عن الشخص الذي اكتشف الجريمة فعلم انها الخادمة الفرنسية الخاصة بلينيت
واسمها لويز بورجيه فقد دخلت لتوقظها كما هي العادة كل صباح فوجدتها على تلك الصورة
فأسرعت باخطار الربان فقرر بوارو بعد ذلك أن يبدأ بتحقيق حادث اطلاق الرصاص على سيمون
وان يستجوب كورنيليا أولا فدكرت الحوادث بترتيبها واجتهد بوارو ان يعرف أزمنة الحوادث على وجه
الدقة ..فتبين ان لينيت دخلت قمرتها في الحادية عشرة والثلث وان بننجتون قد انصرف الى
مخدعه بعد ذلك بثلاث دقائق أو أربع أما وقت اطلاق الرصاص على سيمون فقد حدده فانثورب
اذا كان قد نظر في ساعته قبيل ذلك عندما غادر الصالون بأنه كان بعد منتصف الليل بربع الساعة وكان واضحا ان أحدا من الأشخاص الأربعة الذين كانوا في الصالون لم يغادره منذ أوت لينيت الى الفراش وتأكد بوارو أيضا انه بعد اطلاق الرصاص لم تترك جاكلين وحدها لحظة واحدة وهذا يخرجها من
جريمة القتل وكان بوارو حريصا على معرفة جميع التفاصيل ولاسيما طريقة اطلاق الرصاص ثم سقوط المسدس والإتجاه الذي رفسته اليه الفتاة في ثورة أعصابها
وبذل عناية كبيرة في معرفة المدة التي انقضت بين خرزج فانثورب وكورنيليا للمضي بجاكلين الى مخدعها وبين عودة فانثورب مصطحبا الدكتور بسنر للعناية بسيمون فثبتان تلك المدة تصل الى عشر دقائق .
|