كاتب الموضوع :
المرآة
المنتدى :
أغاثا كريستي , روايات أغاثا كريستي
وجد هركيول بوارو جاكلين دي بلفور جالسة فوق الصخور المطلة على مجرى النيل وكان واثقا أنها لم تأو الى فراشها بعد في تلك الليلة وقد صدقت فراسته فاقترب منها وألفاها تعتمد بدقنها على راحتي يديها وهي تحدق في المياه الجارية ولم ترفع رأسها لتنظر من القادم فوقف الى جوارها وقال
- أتسمح الآنسة دي بلفور ان أتحدث اليها لحظة ؟
فرفعت اليه بصرها وبدت على شفتيها ظلال ابتسامة باهثة ثم قالت :
- لاريب ..فأنت المسيو هركيول بوارو فيما أعتقد وهل تسمح لي بالتخمين في أمر صغير قبل ان تبدأ في الحديث ؟
- نعم
- انك تعمل لحساب مسز دويل التي وعدتك بمكافأة ضخمة ان أنت نجحت في مهمتك التي كلفتك بها.
فجلس بوارو الى جوارها وقال باسما :
- ان تخمينك صائب في جزء منه فانني قادم الآن من اجتماع عقد بيني وبين لينيت ولكنني لم أقبل منها أي أتعاب لأنني رفضت ان أعمل لحسابها وهل سبق لك ان رأيتني يا آنسة ؟
- كلا لا أظن ذلك
- أما أنا فسبق لي ان رأيتك فقد كنت أجلس الى المائدة المجاورة لمائدتك في مطعم (عند عمتي ) وكنت أنت ليلتئذ في صحبة سيمون دويل
فبدا على وجهها تغير وقالت بصوت أجش
- نعم أذكر تلك الليلة
- ومنذ تلك اليلة حدثت أمور كثيرة يا آنسة ولنني أتحدث اليك الآن حديث صديق اذ أقول لك
(ادفني الماضي فان ما فات مات )
- هذا حل يوافق لينيت ويريحها
- لست أفكر فيها الآن بل فيك أنت فقد تعدبت كثيرا واني ادرك هذا وأقدره تمام التقدير ولكن خطتك الحاضرة من شأنها أن تزيد عليك المتاعب
- انت واهم فانني أستمتع بانتقامي
- ان عقلك جدير ان يدلك على الخير وانت في مقتبل العمر والحياة فسيحة امامك
- انك لاتعرف الحقيقة ...سيمون هو حياتي كلها فلا سبيل الى التخلي عنه وقد كنت أحب لينيت وأثق بها ولكنها خانتني في قلبي وتركت حياتي فارغة . ولمذا أسمح لها بأن تستولي عليه ؟
لاتصدق انه تزوجها طمعا في مالها كلا.....ما كان ليفعل هذا وانما هو فتى يعشق الترف والوجاهة ويحب الظهور والمال هو الوسيلة الى هذا كله والجو الذي يحيط بلينيت جو ساحر لأنه يشبه الجو الذي يحيط بالملكات المتوجات وفد أزاغ بصره ان يرى المرأة التي تترامى بريطانيا تحت قدميها تعزف عن كل شيء لتختاره هو وقد كنت أنا القمر ولكنها كانت الشمس فلما أشرقت الشمس لم يعد للقمر أثر
وبحركة سريعة دست يدها في حقيبة حريرية صغيرة وأخرجت مسدسا صغيرا مرصعا باللآلىء وقالت:
- انه يبدو شيئا جميلا لطيفا ولكن ثق ان رصاصة واحدة من رصاصاته الصغيرة تكفي لقتل رجل
أو قتل امرأة وأنا بهذه المناسبة بارعة في اصابة الهدف فعندما كنت طفلة أمرح في كنف والدتي في ولاية كارولينا الجنوبية كان جدي لوالدتي يعلمني الرماية لأنه كان من رجال المدرسة القديمة الذين يؤمنون بلغة الرصاص في غسل الإهانات وكذلك كان أبي فقد اشترك في مبارزات كثيرة وهو شاب وكان من أبرع اللاعبين بالسيف .
وركزت عينيها في عينيه ثم استطردت :
- ها أنت ذا يا مسيو بوارو ترى ان الدماء الحارة تجري في شراييني وقد اشتريت هذا المسدس عندما اكتشفت الحقيقة فقد كان في نيتي قتل لأحدهما وكان المانع الوحيد انني كنت مترددة أيهما أقتل وكنت أعتقد أن لينيت ستفزع من التهديد ولكنها تتمتع في الحقيقة بشجاعة كبيرة
ثم خطر لي أن أطيل عذابها بملاحقتها أينما ذهبت فانها على شجاعتها المادية لاتملك الشجاعة الأدبية وظهوري لها كلما اختليا في مكان سحيق كان لإفساد صفو السعادة عليها وقد نجحت هذه اللحظة وبدأت ألتذ بطعم ذلك الإنتقام فهي لاتستطيع أن تأخد علي شيئا لأنني اثيرها دائما بفرط أدبي ولياقتي ومجاملتي إنه السم في العسل.
فقبض بوارو على ذراعيها وقال لها بحدة :
- أرجو منك يا آنسة ألا تسترسلي في هذه اللحظة وألا تفتحي قلبك للشر فانك ان فعلت لبى الشر دعوتك ودخل قلبك واذا دخل الشر قلبا فانه لايفارقه بعد ذلك أبدا اوقفي نفسك فلا أحد حتى ولا أنا يستطيع أن يوقفك
- لن تستطيع أن توقفني ولو كنت مقدمة على قتلها
- نعم ما دمت على استعداد لأداء الثمن
- ها ها لست أخشى الموت فماذا هناك حتى أعيش له ؟ أم تراك من الذين يؤمنون بخطأ القتل انتقاما من شخص سلبك كل ما لك في الحياة الدنيا ؟
- نعم يا آنسة أعتقد أن القتل جريمة لاتغتفر
فضحكت جاكلين وقالت :
- اذن ينبغي ان تقر وسيلتي الحالية في الإنتقام فانني لاألجأ الى المسدس ما دامت هذه الوسيلة تؤتي ثمارها ..ولكني لا أكتمك انني أخاف من نفسي أحيانا حين تثور الدماء في عروقي وتطغى علي جبارة في ايدائها فأضع هذا المسدس بل أغرسه غرسا في رأسها ثم اضغط باصبعي على الزناد وينتهي كل شيء
وفجأة تغير صوتها وصاحت كالمدعورة :
- أوه
- ماذا يا آنسة ؟
وكانت قد أدارت رأسها وراحت تحدق في الظلام
- شخص كان يقف هناك في الظلام بين الأشجار وقد انصرف الآن وتلفت بوارو فلم تأخد عيناه شيئا
-الشمس والقمر-
وفي الصباح التالي فيما كان بوارو خارجا من الفندق ليتمشى في المدينة لحق به سيمون دويل واستأذنه في ان يمشي معه فلما دخلا الحديقة الظليلة اخرج سيمون غليونه من فمه وقال مفتتحا الحديث :
- لقد علمت يا مسيو بوارو ان زوجتي كان لها معك بالأمس حديث وقد سرني انك بينت لها ان لاحيلة لنا في تغيير الوضع القائم ..فهذه وجهة نظري
- ليس هناك اجراء قانوني ناجع
- بالضبط ويبدو ان لينيت لم تكن تدرك هذه الحقيقة فقد نشأت على ان كل شيء في الحياة يجب ان يسير وفق هواها وان كل شيء يجب ان يتلاشى بمجرد تبليغ البوليس ولكن العجيب ان يظن الناس بلينيت الظنون في مسألة زواجنا فان كان هناك ذنب فهو ذنبي واذا فسر الناس موقفي بأنه نذالة فهم ورأيهم
وطأطأ بوارو رأسه ولم ينطق فاستطرد سيمون :
- هل تحدثت الى الآنسة بلفور ؟
نعم
- وهل وصلت الى شيء ؟
- أحسب انني لم أستطع
- ألم تتبين انها تسيء الى نفسها وتحط من قدرها بذلك المسلك الذي ينافي الآداب والكرامة واحترام الذات
- انه الإنتقام
- الواقع انها أتلفت أعصاب لينيت وكم أتمنى ان أدق عنقها
- هل تبخر اذن كل ما كان لها لديك من حب ؟
- يا عزيزي بوارو لست أجد تشبيها يصور لك الموقف سوى تشبيه القمر والشمس فانك عندما تطلع الشمس لايمكن أن تشعر بوجود القمر وكذلك بمجرد ان التقيت بلينيت تلاشت جاكلين من
الوجود بالنسبة لي على الأقل
- تشبيهك يثير اهتمامي أيها السيد
- وقد يجمل بي ان أقول لك ولكنها الحقيقة ان جاكلين كانت تحبني أكثر مما يجب كانت تشعر انها تمتلكني امتلاكا تاما والحقيقة يا مسيو بوارو انه ما من رجل يحب ان يشعر انه مملوك أو يستريح الى ذلك ولهذا أردت أن أتحرر..........
وخانه صوته فتوقف عن الكلام وكانت أصابعه ترتعد وهو يشعل غليونه فسأله بوارو :
- أتدري أنها تحمل مسدسا ؟
- لا أعتقد انها ستستخدمه ..فلو كانت تنوي ذلك لأقدمت على استخدامه من قبل اعني قبل ان يتم الزواج واعتقادي الآن انها تريد مجرد ازعاجنا وتسميم سعادتنا
- ربما كنت على حق
- ان كل خوفي على أعصاب لينيت لا على حياتها واليك الخطة التي فكرت فيها فربما كان لديها مشورة أوتعديلات ادخلها عليها قبل ان اضعها موضع التنفيذ وقد اعلنت بصوت مسموع اننا ننوي البقاء هنا عشرة ايام أخرى ولكن الواقع ان الباخرة الكرنك ستقوم غدا من الشلال ووجهتها وادي حلفا وقد اعتزمت ان احجز لنا مكانين باسم مستعار وفي الصباح الغد سأذهب مع لينيت الى جزيرة فبلة وفي هذه الأثناء ستمضي وصيفة لينيت بحقائبنا الى الباخرة ثم نلحق نحن بالباخرة في الشلال فعندما تتبين جاكلين اننا لم نعد في الجزيرة ستكون الباخرة الكرنك قد اقلعت وفي
نيتنا ان نتوجه من هناك الى الخرطوم وبعد ذلك الى بلاد أخرى لاتهتدي اليها لأننا سنسافر باسم مستعار ..فلن يفيدها شيئا الرجوع الى مكاتب السياحة وسجلاتها
- لاتنس يا مسيو دويل ان مقدرتها المالية محدودة واني لأعجب كيف استطاعت ان تلاحقكما حتى الآن
فبدا التردد على وجه سيمون وقال :
- أعتقد انها تملك ريعا سنويا يقرب مائتي جنيه ويخيل الي انها باعت ذلك الريع بمبلغ متجمد كي تنفق على هذه الرحلات الباهضة التكاليف ولذلك لايبعد ان تنفد مواردها بعد حين فتكف مرغمة على ملاحقتنا
- ان خطتك تبدو محكمة ولكن تذكر ان جاكلين ذكية وليس من السهل مراوغتها وأنا شخصيا مشترك في رحلة الكرنك الى وادي حلفا
- ما أبدع هذا
- ومن الشخص الطويل ذلك الأمريكي الوجيه ؟
- أتعني مستر بننجتون ؟ انه الوصي على تركة لينيت واها لمصادفة مزعجة ان يكون معنا في رحلة شهر العسل ولكنها مجرد مصادفة
- أحقا ؟ أتسمح لي بسؤال ؟ هل بلغت زوجتك سن الرشد ؟
- انها لم تبلغه بعد وقد كان زواجها مفاجأة تامة للمستر بننجتون فقد غادر نيويورك بيومين ولهذا كان خالي الذهن تماما عندما التقى بنا
- يا لها حقا من مصادفة
- وقد تجلدنا عندما وجدناه مشتركا في الرحلة النيلية الى أسوان ثم الى وادي حلفا ولكن صحبته لم تخل من فائدة فأعصاب لينيت كانت متوترة لتوقعها ان ترى جاكلين في أي لحظة وفي خلوتنا معا كانت جاكلين موضوع حديثنا الوحيد أما وهناك طرف ثالث هو بننجتون فالموضوعيظل بعيدا عن ذهننا
- أتسمح لي بسؤال آخر ؟ أكانت رحلة شهر عسل في مصر من اقتراحك أنت ؟
فاحمر وجه سيمون وقال :
الحقيقة انني كنت أفضل التوجه الى أي مكان آخر ولكن لينيت أصرت وازاء ذلك
ثم لم يتم جملته وظهر عليه الإرتباك فهز بوارو رأسه لأنه أدرك أن لينيت دزيل هي صاحبة الكلمة
العليا وما دامت تريد شيئا فلا بد لزوجها من الإذعان
وقال هركيول بوارو في نفسه :
- لقد سمعت الآن ثلاث روايات متفرقة عن الموضوع : الرواية الأولى بلسان لينيت دويل والثانية بلسان جاكلين دي بلفور والثالثة بلسان سيمون دويل فأي الروايات أصدق ؟
-مضايقة بارعة -
وفي الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم التالي ركب سيمون ولينيت القارب الشراعي الجميل من مرسى فندق كتراكت الى جزيرة الفيلة لزيارة معبد بطليموس المشهور وكانت جاكلين دي بلفور جاسة في شرفة الفندق ترقب اقلاعهما ولكن الذي لم يتيسر لها رؤيته هو قيام السيارة من الباب الأمامي للفندق محملة بحقائب العروسين ومع الحقائب الخادمة الفرنسية لويز بورجيه وصيفة لينيت الخاصة وقد اتجهت السيارة الى اليمين ميممة شطر الشلال
وكان هركيول بوارو قد اعتزم ان يمضي الساعتين الباقيتين قبل قيام الباخرة الكرنك في تفقد الجزيرة المواجهة للفندق فركب قاربا من قوارب الفندق البيضاء فوجد فيه الرجلين أحدهما شاب
وصل في اليوم السابق بالقطار وهو طويل القامة أسود الشعر بارز الدقن نحيل الوجه يرتدي بنطلونا من الفانلة الرمادي من أقدر ما رأته العين وقميصا ممزقا أما الرجل الآخر فكان كهلا أنيقا لم يضع الوقت سدى في القارب بل شرع يتحدث مع بوراو بانجليزيو ركيكة في حين انصرف الشاب عنهما
واهتم بمراقبة النوتي فلما رسا القارب أمام الجزيرة اتجه بوارو وصاحبهما الى متحفهما مباشرة وأبرز الرجل الكهل بطاقة قدمها الى بوارو مكتوب فوقها ( السينيور جويدو ريتشي أثري) فقدم اليه بوارو بطاقته وبذلك تم التعارف وانتقل الحديث من الإنجليزية الى الفرنسية وكان الإيطالي شديد الإهتمام بالأطلال والتحف أما الشاب فلم يعد يطق البقاء داخل المتحف فخرج الى الهواء الطلق
وأما بوارو فلمح بعد قليل مكانا ظليلا بجانب صخرة فاتجه اليه فوجد مسز الرتون جالسة هناك
وبين يديها كراسة رسم وكان يستلطفها كثيرا فجلس يجادبها أطراف الحديث وعرف منها انها مشتركة وولدها تيم في الرحلة النيلية ودعته الى مشاركتهما مائدة الطعام أثناء الرحلة فقبل مسرورا وبعد قليل نهضا الى القارب ليعودا الى الفندق فاذا بالشاب القذر الثياب مشتبكا مع الإيطالي في مناقشة حامية حول قيمة الآثار المصرية وغير المصرية أيضا وقد ظهر من ذلك الحديث بوضوح ان الفتى يدعى فيرجيسون يساري متطرف لا يؤمن بالتاريخ ولا بالماضي ولابالفنون ...
وانما كل همه ان تمتلىء البطون وعلى الدنيا بعد ذلك العفاء
وقد استمرت تلك المناقشة الى ان وصل القارب الى الفندق وفي البهو التقى بوارو بجاكلين دي بلفور وكانت مرتدية ملابس الركوب فانحنت له في شيء من السخرية انحناءة يسيرة وقالت :
- اني ذاهبة لركوب الحمير فهل تشير علي بزيارة القرى المجاورة يا مسيو بوارو ؟
- ولم لا انها ذات مناظر جميلة
وأسرعت خارجة ..أما هو فاتجه الى حجرته حيث أتم حزم حقائبه ثم هبط الى قاعة الطعام حيث
تناول وجبة الغداء وبعد ذلك تولت سيارة الفندق نقل المشتركين في رحلة وادي حلفا الى محطة السكة الحديدية كي يلحقوا بقطار الساعة الثانية القادمة من القاهرة ليقلهم الى محطة الشلال
وهي مسافة يقطعها القطار السريع في عشر دقائق
أما مسز اوثربون وابنتها والعانس الأمريكية فان شويلر وهي عجوز مغضنة الوجه متحلية بقنطار من الجواهر الثمينة وترتدي ثياب القرن الماضي ذات الياقة العالمية المنشاة وكانت تنظر من قمة هذه
الياقة الصلبة الى الناس كافة نظرات الإمتعاض والإستعلاء وكانت أمامها امرأة دون الثلاثين ممتلئة
عسلية العينين تنظر اليها كما ينظر الكلب الوديع الذكي الحسن النشأة ...وكانت العجوز قد حملت مجلة أمريكية تخفي بها وجهها ولكنها كانت تطل من ورائها بين دقبقة وأخرى لتلقي الى مرافقتها أمرا لالزوم له في الواقع وكانت تناديها باسم كورنيليا .
وبعد عشر دقائق وصل القطار الى مرسى الباخرة النيلية الكرنك وكانت مسز اوثربون وابنتها موجودتين على ظهرها فركب سائر المسافرين ودلهم الخدم على أماكنهم وقمراتهم وكانت مقدمة السطح العلوي للباخرة عبارة عن صالون للمراقبة جدرانه كلها من الزجاج يستطسع الركاب الجالسون فيه ان يشاهدوا انسياب النهر أمام أعينهم وفي السطح السفلي كانت توجد حجرة
التدخين وقاعة صغيرة للإستقبال والجلوس وأسفلها قاعة المائدة . فلما رتب بوارو حقائبه في
قمرته صعد الى السطح العلوي ليشاهد اقلاع الباخرة ووقف الى جوار روزالي اوثربون التي كانت متئكة على الحاجز الحديدي وكان الضيق الشديد ضاهرا على وجهها وفجأة لمعت عيناها وقالت :
- عجبا هذه مسز لينيت دويل وزوجها لم يخطر لي مطلقا انهما قادمان في هذه الرحلة فقد صرحا انهما باقيان في أسوان
وكانت لينيت قد برزت في هذه اللحظة من باطن السفينة ومن ورائها زوجها وكان يفيض بالبشر والسعادة وكان سيمون أيضا يضحك ملء شدقيه كأنه تلميذ أبله أفلت من سور المدرسة
ووقف الزوجان ينظران الى مراسي الباخرة وهي ترفع ثم الى زبد الماء الذي أثارته محركاتها وقد بدأت في الدوران وهمس سيمون في أذن زوجته :
- ها نحن أخيرا قد ابتعدنا يا لينيت ........
وارتفع من خلفهما صوت ضحكة فضية ناعمة النغمات فالتفتت لينيت بسرعة لترى نفسها وجها لوجه أمام جاكلين دي بلفور التي بادرتها بقولها :
- هالو لينيت لم أكن أقدر أن أجدك هنا فقد خيل الي انني سمعتك تقولين انك باقية في أسوان عشرة أيام أخرى فيا لها حقا من مفاجأة
- وأنا أيضا لم أكن أتوقع أن أراك
- أحفا ؟
ثم ابتعدت جاكلين الى الجانب الآخر من الباخرة في حين تعلقت لينيت بذراع زوجها في عصبية ظاهرة أما هو فوقف محملقا وقد تقلصت أصابعه كمن يبذل جهدا عنيفا في مغالبة غضبه.
|