الخاطف الجذاب
الفصل الأول
وقفت جوليا أمام فيلا ضخمة أشبه بالقصر تملكها عائلة فورد ، الآن ستدخل وسترمم ما هدمه أخوها ، فمر شريط الذكريات بكل التفاصيل عبر ذهنها...
* * *
في الظلام الدامس، قرابة الفجر، وفي قصر اللورد ريتشارد براون ، خرجت الليدي جوليا من غرفتها ، شاقة طريقها نحو المطبخ الممنوع عليها أن تطأه بقدميها ، لكنها لم تحب أن تزعج الخدم أثناء راحتهم... فقط كي يحضروا لها كوباً من الماء...
أفلتت آهة منها عندما أحست بيد تطبق عليها ، ثم تذهب معها إلى عالم الأحلام ....
وقع أقدام على الأرض ترن في أذنيها ، أحست بيدين قويتيين تحملانها، فتحت عينيها بصعوبة وثقل لتتفاجأ بنفسها بين ذراعي فارس أحلامها، الذي ربما أتى ليأخذها من عالم أحلامي إلى عالم أحلامها....
أغمضت عينيها من جديد، ترفض الاستيقاظ وترك هذا الحلم الجميل يضيع من بين يديها ....
عبثاً ضاع الحلم ، فقد رفضت عيناها الانصياع لها ففتحتهما لتتفاجأ هذه المرة بنفسها نائمة في مكان [محذوف][محذوف][محذوف][محذوف] ، عرفت على الفور أنه سجن ، دعكت رقبتها ثم قفزت واقفة ، عدلت قليلاً من شكلها ثم أخذت ترقص:" يا لفرحتي" .. و أخيراً اختطفت ، فمع أنها كانت ليدي ، لم يختطفها أحد من قبل ، وهذا ما كان يكدر صفو عيشها....
سمعت صوتاً يقترب فجلست على الكرسي الوحيد الموجود في منتصف الغرفة...
فتح الباب ودخل ....... دخل فارس الليلة الماضية...
" أرى أنك قد استيقظت أخيراً، لقد اعتقدت بأنك قد فارقت الحياة"
تصنعت الغضب وقالت:" يا لجرأتك!، أتعرف من أنا؟ أستطيع أن ..."
قاطعها قائلاً:" بالطبع أعرف من أنت وإلا لما اختطفتك ، أنت الليدي جوليا براون ابنة اللورد ريتشارد"
" أها، اختطفتني لتبتز والدي، أليس كذلك؟، يؤسفني أن أقول لك هذا الخبر المحزن ، والداي مسافران ولن يعودا قبل مضي شهر كامل"
قال ببرود:" وأعلم بهذا أيضاً، بكلمة أخرى كل ما يجري في قصركم يصلني أولاً بأول "
" ومن الذي يخبرك؟"
" لكي تطرديه؟ لن أخبرك مع أنني واثق من أنك لن تستطيعي أن تؤذيه"
" يبدو أنك تستخف بقدراتي"
" أنا لا أستخف بأحد ليدي ، وإنما واثق بنفسي وبمعلوماتي"
" فلنترك الخائن الآن، أخبرني لماذا لم تطلب مني الفدية مباشرة بدلاً من استعمال هذه الطريقة البدائية، فتختطفني ثم تطالب بالفدية وأبقى رهينة ، وتخاطر أنت مئات المرات بحياتك ثم قد تنجو ، والغالب لن تحصل على شيء سوى قضاء بقية عمرك في السجن ؟ ، لو أنك طلبتها مني لكنت أعطيتك إياها كصدقة "
" هل انتهيت ليدي؟، أنا لست فقيراً لكي آتي وأتسول منك المال، أهدافي سامية تختلف عن بقية المجرمين"
" يا للأهداف!"
" ليدي، من المفترض أن تخافي وتبكي – مع أني لا أحبذ البكاء- لذلك يكفي أن تسكتي ، لا أن تقفي أمامي وتناقشيني كما تفعلين الآن"
" ولماذا الخوف؟، لأنك ستقتلني؟ لست خائفة من ذلك ، هذا أولاً، وثانياً ، لأنني واثقة بأنك لن تحاول حتى أن تقتلني وذلك لسبب بسيط، لأنك إن قتلتني لن يعطيك والدي المال الذي تريده"
" ها قد عدنا إلى حيث بدأنا ، كم مرة عليّ أن أعيد على مسامعك بأنني لا أريد مالك ، لا اليوم ولا الغد، أسبابي التي لن أخبرك عنها لا تمنعني من قتلك ، بل على العكس تماماً ، ربما إن قتلتك أكون قد حققت هدفي ، وأرحت تفكيري ، ولن أخاف من تأنيب الضمير ، فاللورد المستقبلي لم يعاني منه عندما فعل ما فعل ، فلماذا سأشعر به أنا"
وخرج تاركاً إياها فاغرة فاهها وكأن على رأسها الطير...
" اللورد المستقبلي؟ أخي جون؟، ما الذي فعلته يا جون؟"
ثم ما لبثت أن عادت إليها روحها المرحة من جديد وزالت الدهشة :" بالطبع جون لم يفعل شيئاً، أنا واثقة من ذلك ، لكن على ما أظن هذا
الخاطف الجذاب محرج من تصرفه"
بعد أن خرج آليك من السجن أخذ يشتم جون :" أيها السخيف، لماذا أجبرتني على هذا التصرف؟، لو لم تفعل ما فعلته لما فكرت في اختطاف أختك، إنما عليّ أن اعترف بأن أختك الصغيرة مثيرة للإهتمام" هدأ نفسه قليلاً ودخل مرة أخرى.......
" هيا تجهزي بسرعة، سنسافر خلال ربع ساعة"
قالت ساخرة:" أتجهز ؟، ربما غاب عن ذهنك أيها السيد أنني معزولة تماماً في هذا المكان المثير للقرف ، الخالي من كل ما يمت للحضارة بشيء ، حتى أنني لا أرى مرآة هنا!"
" كما توقعتك، أنت نرجسية"
" كيف تجرؤ؟، لست مصابة بداء النرجسية ، ألأنني طلبت مرآة أكون أحب نفسي ؟؟، على أية حال، نحن الفتيات نختلف عنكم ، فإن كنتم أنتم تستطيعون العيش دون مرايا فنحن لا نستطيع"
قال سراً:ومن قال لك بأن الشباب يستطيعون العيش دونها ؟؟؟؟
" فلننهي هذا الجدال العقيم، فلن يفيد أياً منا ، لذلك أقترح أن ننطلق فوراً"
" ولماذا نسافر؟، فلنبقى هنا"
قال ساخراً:" و أنتظر حتى تكتشفني الشرطة فأخسر حياتي؟؟، لا أنا عادة أتخذ الحيطة والحذر، لذلك سنسافر الآن "
" كما تشاء ، فأنا مسكينة ، الآن لا أستطيع إلا أن أطيع خاطفي في حين أنني كنت قبل ذلك أطاع"
" يسرني أنك و أخيراً عرفت منزلتك الجديدة ، على أية حال عليّ أن أربط يديك وأعصب عينيك"
" ولماذا؟؟ لا تخف لن أهرب"
" لن تهربي؟، ومن سيضمن لي ذلك؟، كما قلت لك منذ قليل أنا رجل تخطيط، أحب أن يكون كل شيء معروف مسبقاً حتى لا أفاجأ فيما بعد "
" حسناً كما تريد سيدي"
" منذ متى أصبحت سيدك ليدي؟؟"
" منذ أن اختطفتني"
مدت له يديها ، فربطهما ... وعندما حاول أن يعصب عينيها قالت:" أرجوك ، لا تعصب عيني ، لأنني لا أعرف الطريق"
" سأدلك بنفسي" وعصبهما .....
سمعت صوت المفتاح يدور في القفل ، ثم صوت صرير الباب الحاد والمزعج....
أحطها كتفيها بذراعه يقود خطواتها، فاحمرت خجلاً ، لم يلاحظ آليك ذلك، لأنه هو الآخر احمر خجلاً....
حلقت الطائرة فوق السحاب ، فحل رباطها ...
" يا للروعة ، إنها طائرة خاصة!"
" ألم تري مثلها من قبل ليدي"
" بلى فنحن نملك طائرة خاصة، إنما هذه تختلف عنها قليلاً "
" فهمت" وسكتا .....
" سؤال لو سمحت سيدي"
" يا لفضول الفتيات ، الآن ستمطرينني بوابل من الأسئلة"
" لا ، إنه مجرد سؤال وحيد"
" حسناً تفضلي "
" ما اسمك؟"
" لماذا؟؟"
" لأننا سنبقى مع بعضنا لمدة لا تقل عن يوم بالتأكيد، وأنا بصراحة لست معتادة على مخاطبة أي شخص بكلمة سيدي"
" إذن لا تناديني بهذه الكلمة"
" وبماذا تريدني أن أناديك؟؟، يا هذا؟؟؟"
" حسناً حسناً، كما تريدين اسمي أليكس فورد"
" آليك اسم رائع، أنا أحسدك عليه"
" اسمي أليكس وليس آليك يا ليدي"
" كما تشاء آليك" وضحكت لإغاضته ثم التفتت ، وأخذت تتفرج على المشاهد من خلال النافذة..
ابتسم ابتسامة جانبية لم ترها ...... و أخذ يفكر مرة أخرى في الموضوع :" إنها غلطتك يا جون، لو ..."
قطعت حبل أفكاره بقولها:" آليك ، أهذه محاولتك الأولى في هذا المجال؟"
" أي مجال تعنين؟"
" الإختطاف"
تصنع الغضب:" وهل ترينني سيئاً إلى هذا الحد؟؟"
" لا ، إنما أنت طيب معي جداً، لقد اعتقدت بأن الخاطفين قساة أشرار"
" كما توقعت أنت، هذه المرة الأولى ، إنما هذا لا يعني بأنه يمكن استغفالي ، وما يدريك لعلي أصبح شريراً أنا الآخر"
" فهمت" والتفتت من جديد.....
" ليدي، لا تنظري إلى الأسفل!"
" لماذا؟"
" أنت الآن مختطفة ولذلك لا يجب أن تستمعي بوقتك بأي شكل من الأشكال !"
" يا للأفكار!" والتفتت للمرة الثالثة غير مهتمة لقوله...
ابتسم آليك من جديد.... فكر:" لابد أن الأسابيع القادمة ستكون ممتعة".....
الفصل الثاني
" مدي يديك، فقد وصلنا وستحط بنا الطائرة الآن! "
لم تعارض، نزلا من الطائرة بعد أن حطت بهما .... وسارا إلى أن وصلا إلى تلك الفيلا الضخمة ، حديقتها أشبه بالغابة ، لضخامتها و كثافة أشجارها .... مرا من تحت قوس من الأزهار الرائعة ..
فأحس آليك بشعور غريب لم يشعر بمثله من قبل ، بينما لم تر جوليا شيئاً من ذلك كله...
" جاءك الفرج" وحل أربطتها، فأخذت تطرف بعينيها حتى اعتادت النور، فقالت:" ما أروع هذه الغرفة!"
" أنا سعيد لأنها أعجبتك، ستكون غرفتك منذ اللحظة"
" إلى متى سأبقى هنا؟"
" إلى أن أحقق هدفي!"
يا ليتك تبطأ في تحقيقه ، فأظل مختطفة مدة أطول!
" آليك، هذا منزلك كما اعتقد ، فغرفة من هذه؟"
" هذا صحيح، إنه منزلي، إنما غرفة من هذه لا أدري، فقد نسيت"
" أرجوك أخبرني "
" اكتشفي بنفسك"
" إنها بالتأكيد ليست غرفة زوجتك ، وذلك لأنها غرفة شخص واحـ..."
" تابعي"
" على أية حال ، إنها غرفة فتاة ، وهي بالتأكيد ليست لزوجتك"
" أصبت عين الحقيقة، أنا لست متزوجاً لكن هذا لا يعني أنني لست خاطباً ، فزواجي سيكون قريباً ، إنما لا أدري أين وضعت خاتمي !"
" تهاني القلبية لكما، ولكن هل أنت واثق من أنك أضعت خاتمك؟، لربما كنت أنت من يتعمد خلعه حتى نعتقد نحن الفتيات بأنك ما زلت شاباً أعزباً"
" وأنا ما زلت شاباً في الحقيقة، فعمري لا يتجاوز 24 ، كما أنني ما زلت أعزباً !"
" أنت في 24 ، لقد اعتقدتك أصغر من ذلك ، هذا يعني أنك بمثل عمر أخي!"
" هذا صحيح ، فقد كنا أصدقاء"
" وماذا حدث بينكما إذن؟"
" لا شيء ، صدقيني لمصلحتك إبقي جاهلة للأمور ، فما زلت صغيرة "
" أنا لست صغيرة ، فأنا في ....."
" في 16 من عمرك ، علمت بهذا من قبل"
" إذن؟"
" إذن لا شيء ، فلننس الموضوع برمته الآن ، هل أنت جائعة ؟"
" بالطبع فأنا أكاد أموت من الجوع!"
" استكشفي الغرفة ريثما أعود" وخرج قافلاً الباب خلفه ....
فخاطبت الهواء قائلة :" لا تخف ، لن أهرب ، بل على العكس ، حين يحين الوقت - الذي تحقق فيه هدفك كما تقول - لن أترك هذا المكان مهما يكن الأمر"
عاد أخيراً حاملاً صينية الإفطار....
" ألن تأكل معي ؟"
" لا "
" لماذا؟"
" لقد أفطرت حين كنا في بلادك "
" و أين نحن الآن إذن؟"
" أنت في بلادي "
" سيصاب والداي بسكتة قلبية حين يعلمان بذلك!"
وهذا ما أخشى منه أيها الغبي جون ، لكن لا بأس سأنتقم منك:" لا تخافي سيتم كل شيء وستعودين إلى قصرك أيضاً قبل أن يعودا "
لا أريد فلن أكون قد استمتعت باختطافي بما يكفي :" تبدو واثقاً من ذلك"
" بالتأكيد ، والآن ألن تأكلي ؟"
" إذا أكلت معي فسآكل "
" لكنك كما تعلمين لا تستطيعين العيش دون الطعام ، فهذا سيسبب لك المرض"
" أنا معتادة على ذلك لا تخف "
وهذا ما يخيفني،:" حسناً ، سآكل معك"
هكذا كن يا خاطفي ، خاتم في إصبعي ....
" آليك أريد أن أستحم وأستبدل هذه الملابس القذرة"
" يوجد حمام في الغرفة ، والملابس تملأ الخزانة ، بكلمة أخرى ، افعلي ما تشائين طالما أنك موجودة هنا "
" إذن أخرج الآن !"
" انتظري حتى آخذ بقايا الفطور!"
" لماذا لا ترسل الطعام إلي مع الخدم؟"
" و أعطيك الفرصة للهرب؟، لا سأتعلم ومع الوقت سأكون مرناً وربما سأعمل نادلاً فيما بعد "
" إذن ، أنا لست الوحيدة هنا التي لا تعرف حتى أبسط قواعد العمل "
دخلت الحمام فوجدته متكاملاً :" الماء يناديني!"
انهت استحمامها ولبست الروب الذي وجدته أمامها ، وما أن رفعت شعرها الطويل ، ذو اللون الغريب ، لكأنه خليط من عدة ألوان الأسود والرمادي والأخضر ، مزجت فكونت هذا اللون الرائع ، حتى دخل آليك ...
" أرى أنك قد أنهيت استحمامك"
" هذا صحيح ، إنما لم تقل حتى الآن ، من صاحبة هذه الغرفة"
" إنها غرفة أختي ، وهي تماثلك في السن ، إنما هي أكثر رزانة منك "
غضبت:" ما الذي تعنيه بقولك؟، أنني مجنونة"
" لم أقصد ذلك ليدي، إنما كنت أعني أنك مرحة أكثر منها "
تنهدت:" انتبه في المرة القادمة لكلامك، فأنا سريعة الغضب"
" حسناً يا صاحبة السعادة" وخرج ....
في مكان آخر من العالم ، حيث قصر براون ، كان جون قد أنهى غداءه للتو .
رن هاتفه الخليوي فرد قائلاً :" آلو "
" آليك فورد "
" أوه آليك كيف حالك؟ لم أرك منذ مدة طويلة ، أتصدق هذا؟"
قال بصبر نافذ :" لا ، لا أصدق ذلك ، على أية حال أختك معي الآن"
" أختي أنا؟ آه أنت بالتأكيد تعني جوليا"
" بالطبع، فهي أختك الوحيدة"
" أنت بلا شك تمزح ، كيف تكون معك وهي مسافرة مع صديقاتها ؟"
" لا تغضبني بمزاحك اللطيف جون ، أنت تعلم بأنها معي ، و أنا متأكد من ذلك، لقد رأيتك تراقبني وأنا اختطفها !"
" لماذا لم تخبرني بذلك من قبل لكي أشكرك نيابة عنها ، فلطالما كانت جوليا مولعة بالاختطاف ، شكراً لك يا صديقي فقد حققت حلمها ، كان بودي أن أحقق حلمها ولكن الحال كما تعرفها ، فكيف لي أن أدبر عملية اختطافها وهي أختي الصغيرة ، والآن بما أنك أنت الذي اختطفها ، فأنا مرتاح البال ، فلن نجد خيراً منك لاختطافها"
" صدق من وصفك بشبيه المهرج"
" ومن الذي وصفني بذلك؟"
" أنا بالطبع ، على أية حال حين يعود عقلك من إجازته ، كلمني لنتفاهم" و قطع الإتصال ....
ضحك من سويداء قلبه :"لابد أن آليك المسكين الآن يستشيط غيضاً ، لكن ...."
سمع صوت حبية قلبه و خطيبته الجديدة فنفض عنه هذه الأفكار...
" حبيبتي ، تأخرنا فلنذهب بسرعة "........
" ليدي ، ......."
" لحظة من فضلك، ألم تمل بعد من مناداتي بلقب ليدي ، لقد مللت أنا ، ناديني باسمي الأول كما تنادي أخي جون"
" حسناً جولي، أهذا ما تريدينه؟"
" أجل ، ما الذي كنت على وشك أن تقوله عندما قاطعتك بتلك الطريقة الفظة؟"
" لقد نسيت، على أية حال عندي أخبار سيئة "
شحب وجهها :" ما الذي حدث لأهلي ؟، أو ربما لجون؟"
" لم يحدث لهم شيء ، كل ما في الأمر أن مدة اختطافك ستطول قليلاً عما كنت أتوقعه "
" لماذا لم تخبرني بذلك من قبل " يا له من خبر مفرح !
" هل وجدت كل ما تحتاجينه ؟"
" آه أجل "
" إذن أتمنى أن تتعسي أثناء فترة إقامتك في منزلي!" أنا آسف ليدي لكن ما باليد حيلة...
" آليك، هل يعلم جون بأنني في منزلك؟"
" بالطبع يعلم!"
" إذاً لمَ لم يأتي لإنقاذني؟"
" ربما تخلى عنك"
" جون لا يفعل هذا ، أخبرني أرجوك، لسبب أجهله أنا واثقة من أنك تعلم "
" بما أنك مصرة فاسمعي، جون يعلم بأنك مختطفة ، إنما لم يوافق حتى الآن على تسليمي ما أريده ، من جهة أخرى ، لا يستطيع أن يأتي لإنقاذك ، أو حتى إبلاغ الشرطة بالأمر"
" لماذا؟"
" إذا أمسكت بي الشرطة ، ستحقق معي ، حينها سأعترف بكل شيء ، وسيعلم والداك بالسبب الذي دعاني لإختطافك، حينها أتعرفين ما الذي ستكون ردة فعلهما؟"
" لا"
" سيخرجاني من السجن على كفالتهما ، و سيغضبان من جون أشد الغضب ، و سيعيدان لي حقي، أنا واثق من ذلك أشد الثقة"
" لم أفهم شيئاً ، لو أنك فقط تخبرني بالمشكلة التي حدثت بينك وبين جون؟"
" مستحيل" وخرج ...
بقيت حبيسة غرفتها ، إلى أن حل وقت العشاء، فدخل الخاطف، سلمها عشاءها وخرج دون أن ينبس ببنت شفه...
أخذت تأكل بشهية كبيرة لم تشعر بمثلها منذ فترة طويلة، كانت خطتها الأساسية لقضاء العطلة الصيفية لهذه السنة ، هي أن تسافر مع سيليا وهي إحدى صديقاتها إلى جزيرة الأماني، وهي جزيرة سياحية رائعة تمتلكها إحدى الشركات السياحية الضخمة ، أطلقت عليها هذا الاسم تيمناً بالأسطورة القائلة بأن من يزور تلك الجزيرة تتحقق جميع أحلامه و أمانيه .... وكما يعلم الجميع بأن هذه الأسطورة ما هي إلا إشاعة أطلقتها الشركة بنفسها لجذب الزوار لا أكثر......
لم تندم جوليا أبداً ، ومع أنها كانت متلهفة لزيارة تلك الجزيرة ، إلا أن الاختطاف كان يحتل المركز الأول في قائمة الأولويات.........
" جوليا ، الطعام يناديك!"
" ابتعد عني جون!"
" هنا آليك يا فتاة"
قفزت من سريرها :" خاطفي؟"
قال مندهشاً من تصرفها الأخرق :" أجل"
" لم أكن أحلم إذاً "
" لقد وضعت طعامك على الطاولة " واستدار ناوياً الخروج ...
" آليك ، انتظر "
" هل هناك شيء" أجابها دون أن يلتفت نحوها ..
" ابقى معي ، فأنا لست معتادة على البقاء طويلاً بمفردي"
" إذن عليك أن تعتادي منذ اللحظة"
" لماذا؟؟؟؟"
" حتى يلزم اللورد المستقبلي حدوده في المستقبل "
" آليك ألن تريحني يوماً وتخبرني بالأمر؟"
" الأمر ليس بيدي "
" لماذا؟ بما أنه يخصك تستطيع أن تطلعني عليه"
" وهذه هي المشكلة ، الأمر لا يخصني ، إنما أنا سأنتقم من جون إكراماً لصاحب المشكلة فقط" وخرج..
وبعد كل شيء لم تكن المشكلة تخصه ، إذاً لماذا تشعر بالمرارة تغلف كلماته ؟...... لم تجد الجواب الشافي لسؤالها....
دخل وقت الغداء حاملاً ما لذ وطاب من الطعام ...وهكذا استمر الحال على ما هو عليه لأربعة أيام متوالية...
في مساء اليوم الرابع أتى حاملاً الطعام ، فاستوقفته :" هذا يكفي ، لقد مللت الحياة آليك، عليك أن تجد للأمر حلاً ، فلم أعيد أطيق البقاء ، وأنت تعاقبني ليل نهار على جرم لم ارتكبه ، ربما لم تعلم بهذا من قبل ، لذلك يسرني أن أخبرك بأنك إنما تنتقم مني أنا لا أخي!"
" علمت بهذا ليدي"
" لماذا أصبحت هكذا لا تطاق، ففي بداية الأمر، كنت مستعداً للنقاش و التحدث ، أما الآن فكل شيء قد تغير ألأن جون لم يعطك مبتغاك غضبت مني؟، هذا ليس بذنبي ، هذا ظلم، أنت تأخذني بجريرة أخي "
" لقد سبق أن أخبرتك من قبل ، أنا أتعلم فنون الإختطاف بسرعة "
" إذن أنت الآن أصبحت الخاطف المثالي ، يا لسخرية القدر"
ضاقت عيناه الرماديتان ، فقال :" جوليا، سأخبرك بأمر ، لو كان الأمر بيدي ، لما اختطفتك ، لكن ما باليد حيلة ، القدر أجبرني على فعل ما لا أريده"
" إذاً على الأقل ابقى معي ! تحدث معي "
" حسناً ، تكلمي أنا اسمعك "
" لا ، يجب أن تتكلم أنت"
" و ما الذي تحبين سماعه ؟"
" تحدث عن نفسك ، عن حياتك"
" اسمي آليك فورد ، عمري 24 عاماً كما سبق أن علمت، لم أكن أحب الدراسة ومع ذلك كنت طالباً مجتهداً، انهيت دراستي الجامعية ، فبدأت بالعمل في شركة العائلة ، اجتهدت في عملي حتى أتقنته، فترأست شركة فورد في بلادك ، وهي إحدى فروع الشركة الأم الموجودة هنا ، وهكذا بقيت حوالي العام في بلادك حيث التقيت بأخيك ثم أصبحنا من أعز الأصدقاء ، بعد فترة ابتدأت بعمل خاص بي هنا ، وها أنا أحاول أن أرتقي به إلى الأفضل "
" لم تحدثني عن عائلتك!"
" هذا يكفي فقد حان دورك"
" اسمي جوليا براون ، عمري 16 عاماً ، لم أنهي دراستي حتى الآن ، أحب السفر كثيراً ، في كل عطلة مذ بلغت ال13 من عمري ، و أنا أسافر مع صديقاتي لوحدنا ، هذا كل شيء "
" فقط؟"
" أجل ، حياتي بسيطة خالية من التعقيدات ، ماذا عن الناحية العاطفية؟"
" لاشيء ، هادئة ليس بها من جديد"
" ألم تقل بأنك خاطب؟"
" آه ، نعم أنا خاطب ، إنما لم أرى خطيبتي منذ شهر تقريباً "
" ألم تشتق لها ؟"
" لا بالطبع "
" وكيف ذاك؟"
" في نهاية المطاف سنتزوج فلماذا أشتاق لها منذ الآن ؟"
" وهل سيكون قريباً ؟"
" الزواج؟ أعتقد أنه سيكون بعد سنة، ماذا عنك؟"
" أنا مثلك حياتي العاطفية هادئة، لا أحب أحداً "
" لماذا؟ "
" لا أدري ربما لأنني لم أجد فارس أحلامي حتى الآن"
" فهمت" رن هاتفه الخليوي في هذه اللحظة :" آلو ..... جون؟ ...... أجل ... فيما بعد ...."
ما بين كل كلمة وأختها كان آليك ينظر إليها ، لم تفهم شيئاً إلا أن آليك كان غاضباً ..
" جوليا ، جوليا ، ليدي!"
" آسفة لم أسمعك "
" كلميه " و أعطاها هاتفه ...
" مرحباً جون ، كيف حالك ؟"
أجابها بلهفة:" جوليا ، هل أنت بخير ، هل يحسن معاملتك ؟، هل يضربك؟"
" لا، إنه طيب "
" أهذا صحيح؟ لقد أرتحت الآن"
" جون ، أريد أن أسألك سؤالاً "
" ما هو؟"
" ما الذي فعلتَه فاستحققت أنا على إثره أن اخطف ؟"
" آسف جوليا ، لا أستطيع أن أخبرك"
" جون ، أخبرني ، أرجوك"
" آسف ، لكن الجواب كما هو ، لا"
" لكن ..."
" لا شيء ، جوليا لا تتدخلي أرجوك ، فأنت من سيتأذى في النهاية "
" أخبرني ، لقد مللت من سماعكما أنتما الإثنان ترددان نفس الجملة ، فلأتأذى ، هذا لا يهمني"
" لكنه يهمنا جوليا ، افهمي"
" يهمك أنت ومن ؟"
" أنا و .... و أهلنا بالطبع "
" قلبي يحدثني بأنك كاذب"
" لست كاذباً ، اكبري قليلاً ، إلى متى ستبقين طفلة ؟"
" إلى أن تخبرني بالأمر "
"هذا يكفي ، أريد أن أتناقش مع آليك حول الفدية"
" أية فدية؟ "
" لا تتدخلي في هذا أيضاً"
" جون!"
" حسناً حسناً ، إنها تتعلق بالسر "
" أي سر ؟"
" لقد أثرت غضبي جوليا ، إلى اللقاء " وقطع الإتصال ....
" لم يخبرك جون بالأمر ، كما توقعت"
" أنت أخبرني إذن!"
" تصبحين على خير" خرج ثم عاد من جديد ....
" هاتفي؟"
" تفضل" وخرج مرة أخرى .. تاركاً إياها تكاد تنفجر من الغضب....
الفصل الثالث
" جوليا ، ساعديني!"
قالها آليك بلهفة فور دخوله ....
" ما المشكلة ؟"
" لقد طفح الكيل!"
"لماذا؟"
" أنا مجرد وغد شرير!"
" أنت لست شريراً آليك!"
" بلى ، أنا نذل أيضاً ، ما كان لي أن أدخلك في هذه القضية! التي لا دخل لك بها "
" ما حصل قد حصل وأنا لم أندم يوماً عليه"
" لكن هذا لا ينفي كوني [محذوف][محذوف][محذوف][محذوف]اً، لو كانت في رأسي ذرة عقل لما اختطفتك، أنا نادم أشد الندم"
" انسى هذا الأمر ، وصدقني أنت لست شريراً ، لا بل وتستطيع أن تصلح خطأك أيضاً وبطريقة سهلة "
" وكيف ذاك؟ بإعادتك إلى أهلك؟"
" لا ، الأمر أبسط من ذاك بكثير ، يكفي أن تخبرني بفعلة أخي!"
" هذا لن ينفع ، أنا وغد ، و جون أكثر حقارة مني"
" لو أنك فقط تخبرني!"
" أتريدين حقاً أن تعرفي ؟"
" أجل"
" إذن اسمعي الأمر يتعلق بـ....... ، انسي الأمر، فلا فائدة من كشف الأمور"
" حسناً، وما الحل برأيك؟"
" ربما كتكفير عن ذنبي ، سأسمح لك بالخروج من هنا "
" أهذا صحيح؟"
" لا تسيئي فهمي ، لست أسمح لك بالعودة إلى بلادك ، فقط يمكنك التجوال في الأنحاء وبرفقتي بالطبع !"
" بأمرك سيدي"
" إذن تجهزي لنخرج الآن ، لقد مر وقت طويل منذ أن ذهبت إلى ....
" نحن في آليريا ، أليس كذلك؟ فهذه المناظر ليست بغريبة عليّ ، ومع ذلك في كل مرة أراها فيها، أشعر وكأنني أشاهدها للمرة الأولى"
" لم أكن أعلم بأنك قد سبقت لك زيارة أليريا "
" يسرني أن أعلم بأن مخبرك قد فاته شيء"
" هذا غريب ، فمن المفترض أن يكون عالماً بكل شيء يخصك وهو أيضاً يعلم بأني اختطفتك، وأني سافرت معك إلى هنا، فكيف غفل عن ذكر ذلك إلا إن كان لا يعلم بذلك الأمر وهذا لا يصدق"
" يا للروعة، أنا أعشق المرتفعات والجبال "
ونظرا حولهما ، فرأيا العجب العجاب ، لكأنهما كانا يحلقان فوق السحاب ، الضباب الخفيف المنتشر بين الجبال ، يعطي انطباعاً غريباً ، نظرت إلى الأسفل ، إلى الإنخفاض الساحق ، فقد كانا يقفان على قمة جبل شاهق الارتفاع ، و لشدة حبها للمرتفعات ، فقدت توازنها من روعة المنظر... أمسك بها حتى لا تسقط ، فاحمر وجهها ...
" شكراً لك آليك"
" في أي وقت ،ليدي"
يا لسخرية القدر ، أيعقل أن أحمر خجلاً في كل مرة أحتك فيها به ؟، لماذا؟ و أنا أعلم مسبقاً بأنه خاطب .... فلأترك كل شيء للوقت ، فهو الذي سيكشف كل شيء حين يحين وقت سقوط الأقنعة ....
" هل استمتعت بوقتك ؟"
" أجل ، لطالما أحببت المرتفعات ، شكراً لك لأنك أخذتني إلى ذلك المكان ، أكان عن طريق الصدفة أم أنك خططت لأخذي إلى هناك من قبل؟"
" بصراحة وبدون كذب وخداع ، لقد علمت مسبقاً بأنك تحبين المرتفعات ، ولكن هذا لا يعني أنني أخذتك إلى هناك فقط لهذا السبب ، بل لأنني أنا الآخر أحبها فأخذتك إلى هناك لأعرف رأيك بها "
" إلى أين سنذهب غداً ؟"
" لا أدري حتى الآن لكن أعدك بأنك سترين روائع وخفايا بلادنا خلال مدة اختطافك "
" جون ، إن لم تجد حلاً وبسرعة ، سأقتلك ثم سأنتحر"
" ولم الغضب؟، اهدأ و أخبرني ، لماذا لم تقتل جوليا حتى الآن بما أنك ستتقطع من الغضب ؟"
" لأن أختك مسكينة، ليس لها ذنب في ما يجري، اللوم كله يقع عليك أيها اللورد المستقبلي"
" لا تبرئ نفسك آليك ، فإن كنت أنا قد أخطأت مرة ، فأنت أخطأت مرتين ، لم يجبرك أحد على اختطاف مراهقة بريئة"
" أجل ، هذا صحيح ، إنما هذا لا يعني بأن الوقت قد فات ، فباستطاعتي الآن أن أذهب و أخبرها بكل شيء ، صحيح أنني سأتحمل أكثر اللوم و سأكون في وجه المدفع ، لكنني لن أفاجأ حين أسمع بأنها قد قتلتك ، فما فعلته ليس بالهين"
" لا أرجوك آليك ، لا تخبرها ، ستغضب مني بالتأكيد ، أرجوك أنت صديقي..."
" لا لم أعد صديقك منذ أن فعلت فعلتك " و قطع الاتصال، وكالعادة لم يسفر الاتصال عن نتيجة ... ... سقطت خصلة متمردة من شعره البني على وجهه ، فرفعها بعصبية ......
أخذ يفكر ويفكر ........ أتراه سيخبرها يوماً بالسر ... لم يكن يعرف ... لو أنني لم استعجل واختطفها لما حصل ما حصل ..... وصدق جون حين قال بأنني أنا الآخر مذنب ... أنهكه التفكير فخلد إلى النوم ...... لكنه قال قبل أن يستسلم نهائياً له :" يبدو أنني أنا من سيتعذب ، لا بل و سيجن في نهاية المطاف!"
" يا للروعة ! يا للجمال ! إنه الخيال بعينه"
" هل أعجبك المكان؟"
" بالطبع وكيف لا يعجبني؟، كل شيء في أليريا رائع حتى حديقة منزلك "
" يسرني سماع ذلك"
" كيف اكتشفتها؟"
" كانت هذه الغابة هي ملاذي في صغري ، إذا ما أحسست بالضيق ، لقد كنت أعشقها ومازلت، كنا نأتي أنا و آلي إلى هنا دون علم والدينا "
" ومن هي آلي ؟ أهي خطيبتك ؟"
" لا، إنها ليست بخطيبتي ، فـ آليسا هي أختي الصغيرة "
" وماذا كنتما تفعلان هنا ؟"
" لاشيء ، فقط نتمشى كما نفعل نحن الآن ، أو نسبح "
" تسبحان ؟ أين؟"
" في بحيرة قريبة من هنا ، سرعان ما سنصل إليها "
لاحت لهما من خلف صف من الأشجار العملاقة بقعة زرقاء من المياه الصافية....
" ما أروعها ، آليك أريد أن أسبح فيها!"
" لقد توقعت ذلك ، فجهزت لك ملابس إضافية "
" أوه شكراً " وأسدلت شعرها ذو التسريحة الغريبة والرائعة في ذات الوقت ....ونزلت للماء البارد...
" إنها أول مرة أراك تسدلين شعرك فيها!"
" أهذا صحيح؟ أنا أرفعه دائماً تجنباً للحر"
" إنه رائع!"
" يا للفرحة، لقد أزداد عدد المعجبين"
" لا تسيئي فهمي، أنا لست معجباً، فما فعلته ليس سوى تقرير أمر واقع فقط لا غير"
" حسناً حسناً ، أعدك أن ألا أسدل شعري مرة أخرى"
" لم أقصد هذا! " لا يا غبية فشعرك هكذا أروع بكثير! إنما لا أستطيع أن أتكلم معك بصراحة..
" إذن؟"
" إذن ماذا؟ انسي الموضوع ، ولنتمشى قليلاً "
" فلنذهب إذن"
تمشيا قليلاً ثم عرجا على مطعم فخم لتناول العشاء في طريق عودتهما إلى المنزل ....
"انتظر قليلاً ، دعني أمتع ناظري بهذه الحديقة الرائعة!"
" أحقاً ؟، أوه بالطبع إنها رائعة ، لكن حديقتكم هي الأخرى رائعة!"
" هل رأيتها؟ أنا أعشقها "
" بالمناسبة، يبدو أن أخاك قد تخلى عنك الآن فهو يرفض المساومة"
التفتت إليه فالتقت العينان الخضراوان الرماديتان بالعينين العسليتين:" لماذا لا تخبرني بمطالبك فادفعها لك أنا ؟"
أشاح بعينيه عنها:" لأن المشكلة بيني وبين أخيك ، ولا أريد لأحد أن يتدخل فيما بيننا "
" لكن ألا تظن أنك أدخلتني في المشكلة ، بل أصبحت المشكلة تتعلق بي أنا وحدي ، لذلك من حقي أن أعلم بكل شيء "
" أعرف جوليا، وهذا ما يؤرقني ، لذلك من الأفضل أن تبقي جاهلة بالأمور، لا فائدة من اكتشاف المستور، صدقيني ، في النهاية لا أحد سيتعذب سواك " ودخل لوحده ، حتى أنه لم يعبأ بردة فعلها ، لكأنه يعطيها الفرصة للهرب ، لكن عنادها اشتعل في هذه اللحظة ، ولسوف تبقى هنا حتى تعرف بالأمر لكن .... " سأتعذب في نهاية المطاف؟، لماذا؟ أنا لم أفعل شيئاً ، لكن قلبي بدأ ينذر بالشر ، يبدو أن المشكلة أكبر مما كنت أظن بكثير "....
لا بأس ، لا بل لا مشكلة أبداً ، ستكتشف بنفسها القضية ، فذكاؤها عادةً لا يستهان به!...
" آليك، آليك .. أرجوك أجبني!"
لم تسمع له صوتاً فأخذت تجول في أنحاء القصر بحثاً عنه .. حتى وجدته بعد نصف ساعة في غرفة المكتبة .... جالساً على إحدى الأرائك الوثيرة، واضعاً رأسه بين يديه ، ومستغرقاً في تفكير عميق بائس ، لكأنه يصارع دافع الخير ودافع الشر في نفسه ...
رأته جوليا بذلك المنظر الذي يقطع القلب ، فدنت منه :" آليك، أنا آسفة ما عدت أرغب في معرفة الأمر ، لقد فكرت في كلامكما أنت و جون ، و فهمت أخيراً أنكما أكبر مني ، فلابد أنكما تعرفان ما هو الأفضل لي "
رفع رأسه وقال بصوت يائس:" ربما كنتي أكبر منا بالرغم من كل شيء! فنحن الإثنان لم نحسن التصرف بع[محذوف][محذوف][محذوف]، فحتى و أنا خاطفك ، تحاولين مواساتي والتخفيف عني ! صدقيني لم أعد أتحمل المزيد من الندم وتأنيب الضمير وسأخبرك بكل شيء ".
الفصل الرابع
" لا تقل شيئاً آليك، فما عدت راغبة بمعرفة المشكلة !"
" ولكن.."
" ولكن لاشيء ( وأمسكت بيده تسحبه ضاحكة ) هيا لنستمتع بعطلتنا ، فلنلعب في الحديقة !"
رفع نظراته المشدوهة إليها وقال:" هل أنت جادة؟"
" أجل ولم لا؟، شيء ما يدعوني لأتحرر اليوم من كل القيود، أريد أن أعود إلى أيام طفولتي "
" ولكني لست طفلاً لألعب!"
" ومن يهتم؟ هيا انهض ولا تكن كسولاً هكذا" ابتسم واستسلم لمطالبها...
" لقد استمتعت كثيراً، اللعب في جو رومانسي سابقة في حياتي "
كان الجو ربيعياً ، ومع الرذاذ المتطاير من النافورة الضخمة الرائعة ، أصبح الجو مثالياً ...
انعكاس القمر على سطح مياه النافورة الصافية يضفي على المكان شاعرية غريبة ....
الظلمة الحالكة مع الأنوار الخفيفة المنبعثة من الأضواء المتعددة الألوان المنتشرة في الحديقة...
اجتمعت هذه العناصر مع بعضها لتكون أروع مكان يمكن للعشاق أن يلتقوا فيه ...
لكن على ما يبدو لم يؤثر ذلك كله في جوليا ، فهاهي تركض من مكان إلى آخر تسابق خاطفها ، لكأنها طفلة بريئة تلعب مع صديقها ....
" لقد سبق لي أن لعبت هنا كثيراً مع آليسا "
" يبدو أنك تحبها كثيراً "
" أجل ، هذا صحيح"
" حدثني عنها"
" فلنجلس أولاً ( جلسا حول إحدى الطاولات المظللة بمظلة كبيرة، رفع يده ، فجائته خادمة بكأسين من عصير الأناناس) آليسا أو كما نحب أن ندعوها آلي، تكبرك بشهرين لا أكثر، مرحة ، لطيفة و طيبة جداً ، كنت ألعب معها كثيراً أثناء فترة طفولتها ، لقد كنت مولعاً بها ، فهي أختي الصغيرة كما تعلمين!"
" وأيضاً .. ماذا؟"
" كنا نذهب في رحلات كثيرة مع أصدقائي أو صديقاتها، وغالباً ما كنا نجلس هنا لوحدنا فتشكي لي أحزانها، لا أدري لماذا تحمل الهموم في هذه السن المبكرة !!"
" إنها في سن المراهقة كما تعلم ، لذلك تتصرف بهذا الشكل"
ابتسامة واسعة اجتاحته فلم يستطع تمالك نفسه فضحك قائلاً :" أنت الأخرى مراهقة!"
" هذا صحيح ، إنما همومي أنا تبقى حبيسة قلبي ، لم أخرجها لأحد ولن أخرجها أبداً "
إذن ما سمعت به صحيح ، ولم يكن كذباً بعد كل شيء !!
هل أخطأت في حكمي؟؟ هذا ما أعتقده ، إذن يجب أن أكمل ما بدأت به .... مع أنني لم أقتنع به حتى الآن ....
" لماذا تكتمينه في نفسك؟؟؟"
" لا أدري ، لقد اعتدت على ذلك منذ صغري، بحيث لم أعد أستطيع بث همومي الآن!"
" يجب أن تحاولي!"
" فلنعد للموضوع الأصلي ، تكلم عن أختك!"
" حسناً كما تشائين ، لم يبق شيء لأحدثك به سوى أنها كانت مهتمة جداً بدراستها ، و متفائلة جداً رغم همومها البسيطة، إلى أن ... "
" إلى أن ....ماذا؟"
" لا شيء ، آسف جوليا لكن يبدو أن الأضواء الخفيفة أثرت في عينيّ، فجعلتني أشعر بالنعاس، تصبحين على خير ، وأحلاماً سعيدة"
ودخل إلى المنزل دون أن يلتفت إلى الوراء، لم يلق عليها نظرة واحدة من تينك العينين الذهبيتين، مما أشعل نار غضبها .. إلى أنها سرعان ما تذكرت شيئاً مهماً .. كان يتكلم بسرور وكأنه يستمتع بالحديث ، ثم فجأة وعندما وصل إلى ... إلى ماذا؟ لم تكن تعرف ، لكنها أحست بالمرارة تغلف صوته وهو ينطق بالجملة الأخيرة ، حينها تغير وجهه ، وتظاهر بالنعاس ليهرب منها .. منها هي؟؟ لماذا؟ يبدو أن هناك شيئاً يخفيه عنها ... نهضت مبيتة النية على سؤاله عن أخته فور دخولها .. لكنها توقفت فجأة .. .. لم يكن يخفي عنها شيئاً واحداً ، بل أشياء كثيرة، أو بكلمة أخرى لم تكن تعرف عنه سوى القليل الذي أخبرها عنه هو بنفسه ....
أحست بالغباء الشديد ، كيف أمكنها أن تثق به طوال هذه الفترة دون أن تعرف عنه شيئاً ، سوى أنه صديق جون وخاطفها !!!
كان عليها ألا تثق به لمجرد كونه خاطفاً، أي مجرماً ... لكن مهلاً ألم يكن صديق جون لفترة؟ هذا السبب كفيل بجعلها تثق به أشد الثقة ، و إذا أخذنا بعين الاعتبار كون جون هو المذنب وهو سبب حدوث هذه الفوضى الغامضة ، فهذا يدعوها لأن تثق بآليك ثقة عمياء...
بدافع من الفضول والعطف على آليك ، الذي يخبرها قلبها بأنه يتعذب أشد العذاب ، قررت أن تكتشف جميع الأمور الغامضة ، و المتعلقة بجون ، والأخرى المتعلقة بآلي....
دخلت المنزل ثم صعدت غرفتها ، بدلت ملابسها ، و استلقت على سريرها تفكر في الطريقة المثلى للتعامل مع الوضع ولتحميل آليك على الكلام ، حتى استولى عليها وحش النوم .....
" هل تأذنين لي بالدخول جوليا؟"
" لحظة واحدة ، أنا أبحث عن شيء "
" بسرعة ، لقد تأخرنا!"
" أدخل إذن وساعدني!"
دخل واتجه نحوها :" ما الذي تبحثين عنه؟"
" لا أدري ، أقصد أنا أبحث عن مشبك وردي للشعر "
" اتركيه منسدلاً جوليا، فعندما يكون طبيعي، يصبح أجمل بكثير من التسريحات "
" أتقصد أن تسريحاتي عادة لا تعجبك؟"
" لم أقصد، لكن شعرك رائع وناعم جداً بطبيعته ، فلماذا تتعبين نفسك في تصفيفه؟"
" ألا ترى ؟، إنه طويل ، لذلك أرفعه دائماً"
" وهذا ما يضيف إليه جاذبية خاصة"
كانت أثناء نقاشهما ، تبحث في الأدراج عن المشبك الذي تريده ، و بالصدفة وجدت صورة صغيرة مؤطرة لفتاة صغيرة ضاحكة تبلغ السادسة عشر من العمر تقريباً ، تقف بجانب فرس أبيض ، وفي الجانب الآخر يقف آليك و الابتسامة الكبيرة مرسومة على وجهه ....
" آليك أهذه..؟"
" أجل إنها آلي "
" يبدو أنها صورة حديثة!"
" ليس كثيراً ، لقد أخذت هذه الصورة مباشرة قبل أن ..." وتغير مزاجه المرح ، في لمح البصر ..
جازفت بسؤاله:" آليك ، لقد علمت أن واليك مسافران ، لكن أين أختك الآن؟"
قال و قد ظهر الألم على محياه :" آلي الآن في مكان بعيد، ولا أحد يعلم متى ستعود! والسبب وراء ذلك بالطبع هو طليقها جون !"
عقدت الدهشة لسانها ، ما دخل جون بآلي ، بعد أقل من ثانية ، ربطت الأحداث وعرفت بأن السبب وراء اختطافها كان الانتقام بالمثل... فـ مثلما طلق جون آلي وهذا شيء لا يصدق ، لأنها لم تعلم بأنه كان متزوجاً يوماً، حاول آليك أن ينتقم من صديقه عن طريق أخته .... المعاملة بالمثل .. هذا أفضل وصف ، يمكن للقضية أن توصف به...
" لماذا طلقها جون؟"
"من الأفضل أن تسمعي القصة منذ البداية، لقد كنا صديقين لفترة لا تقل عن الأربع سنوات ، لا أدري ما الذي دعاه ذات يوم لملاقاتي في منزلي ، و لسوء الحظ كانت أختي موجودة بالمنزل فعرفتهما على بعضهما ، أحسست حينها بأنهما قد ارتاحا لبعضهما ، و كالأحمق فرحت حينها فهي كانت أختي الحبيبة أما هو فكان صديقي العزيز، مرت الأيام ولم يلتقيا بعدها مرة أخرى ....." ضحك بسخرية مريرة ..
" جاءا إلي ذات مساء ، ليزفا لي خبر خطبتهما ، كنت كالغبي تماماً حينها ، فلم أكن أعلم بأنهما كانا يتقابلان دون علمي ، ومع ذلك فرحت لهما وتمنيت لهما السعادة من كل قلبي"
" ثم ماذا حدث؟"
" تزوجا بمباركة من أهلي ، وسافرا لقضاء شهر العسل ، مر الشهر بطيئاً من دونها ، حتى جاء اليوم الذي سيعودان فيه ، فذهبت لاستقبالهما ولكني لم أرى سوى أختي ، والحزن يقطر من وجهها الذي لن أنساه ما حييت ، سألتها عن جون ، فقالت لي بأنه سيطلقها بعد أن خدعها واستولى على أسهمها في مجموعة شركات فورد، لقد تزوجها ال[محذوف][محذوف][محذوف][محذوف] طمعاً في مالها لا أكثر!"
كانت تستمع إليه وعقلها يكاد أن يقدم استقالته من رأسها ، لكثرة المعلومات التي عرف بها اليوم ، والأسوأ من ذلك لخطورتها ....
أخيراً تكلمت بصوت لا يكاد يسمع :" لماذا يستولي جون على أسهمها بينما هو غني لا يحتاج لشيء ؟"
" هذا هو الشيء الوحيد الذي رفض عقلي التصديق به"
" و أين كنا نحن من ذلك ؟ هل يعقل أن يتزوج أخي ، لا بل ويطلق زوجته أيضاً دون أن نعلم بشيء من هذا كله؟"
" كنت أنتي مشغولة بامتحاناتك ، بينما والديكما أعطياكما مطلق الحرية للسفر!"
" و أين هي آلي الآن إذن؟"
" إنها مسافرة مع والديّ ، بعد أن أقنعتهما بضرورة الابتعاد بها عن هذا المكان لفترة، لقد أحبته بصدق وما زالت تحبه بالرغم من كل شيء ، بينما ذلك ال[محذوف][محذوف][محذوف][محذوف] طمع في 9% فقط من أسهم الشركة ، حيث أنه نصيبها من شركة العائلة "
" أجبني بصراحة آليك ، هل أبعدت أهلك عن المنزل خصيصاً لاختطافي؟"
" أجل"
" وما الذي كنت ترجوه من فعلتك هذه؟ أن تتزوجني وتأخذ أملاكي وثروتي ثم تطلقني كما فعل أخي بأختك؟"
" لا ، لم أكن لأنحط إلى المستوى الذي وقع فيه جون أبداً ، كنت أريد منه أن يعيد لآلي أسهمها علّ ذلك يخفف من حزنها قليلاً"
اغرورقت عينا جوليا بالدموع :" آسفة آليك ، أنا حقاً آسفة ، لم أكن أعلم بأن جون فعل شيئاً كهذا، ومع ذلك وبكل بساطة لا أصدق ، كيف تجرأ على مثل هذا التصرف ال[محذوف][محذوف][محذوف][محذوف]، وهل أعاد إليها أسهمها ؟"
" لا بالطبع ، وهذا فقط لكي تري بنفسك كم هو أناني وطماع وجشع ، يؤثر المال على أخته ، وليته كان بحاجة له لأعطيناه العذر!"
" سأشتري منه الأسهم وأعيدها لأختك ، وتقبل اعتذاري الشديد نيابة عن أخي"
" لا أريد مالك جوليا، لقد أخبرتك بهذا عدة مرات ، أنا أستطيع أن اشتري لها الأسهم من جديد دون أن يؤثر ذلك على ميزانيتي كثيراً ، لكني لم أفعل لأن آلي تريد أن تستعيد الأسهم منه دون أي تدخل منا "
" لا أصدق ، افهمني آليك ، فلم أعتد بعد كون جون من هذه الفئة من الناس !"
" أنا الآخر لم أصدق في البداية ، إلى أن رأيت الحالة النفسية والصحية المتدهورة التي وصلت إليها آليسا!"
الفصل الخامس
" جون، لقد أخبرتها بكل شيء!"
اتسعت عيناه وقال:" ما الذي تعنيه بكل شيء ؟؟"
" قصتك مع أختي بالطبع!"
تنفس الصعداء وقال بمرح:" لقد أخفتني آليك! حمداً لله "
" لابد أن جوليا تكرهك أيها الأحمق الآن، أنت حقاً قاسي القلب!"
" لا بأس!"
" أكرهك جون!، لقد ضيعت وقتي مع شخص لا يستحق ، أنت حقاً مثال لرفيق السوء!"
" اكرهني أنت الآخر آليك، لا أهتم طالما أنك لن تخبر جوليا عن ...!"
" لا تفرح كثيراً ، ستعرف به إن عاجلاً أو آجلاً ، وطبعاً سيكون ذلك عن طريقي أنا !!"
" لماذا؟؟؟؟ حتى تضيف إلى الحقائق لمساتك الخاصة، فأظهر بمظهر الشرير!!"
" صدقني إذا كرهتك ، لن ألومها مطلقاً ، وبالنسبة للشخص الذي سيزف لها الخبر ، فبالطبع سيكون أنا !! لأنك لن تستطيع أن تعترف لها!!"
" معك حق ، أخبرها أنت ، إنما حاول أن تخفف من حدة الحقائق ، حتى لا تصل إلى درجة من الغضب بحيث تخبر والداي بــ ، أنت تعلم "
" بل سأخبرها بطريقة تجعلها تكرهك حتى آخر عمرها!!"
" أنا أعرفك ، لن تفعل سوى ما طلبته منك"
" ما الذي تعنيه ؟؟ ، أتعتقدني ضعيف الشخصية بحيث لا أقوى على عصيان أوامر اللورد المستقبلي؟؟"
" لا تسئ فهمي ، كنت أعني أنت طيب القلب ، ولن تستطيع أن تؤذي صديقك ، مهما كانت الأسباب ، وبالرغم من كل شيء، أليس كذلك؟"
" وهذا ما أخشى منه ، أنني وبالرغم من كل ما فعلته حضرتك ، لن أستطيع إيذائك!!"
سكتا قليلاً ثم قال جون:" آليك ، لقد لاحظت شيئاً غريباً منذ فترة ، لا أدري هل لاحظته أنت الآخر أم لا؟؟"
سأل بحذر :" وما هو؟؟"
" أنت لم تسألني ولا مرة عن خطيبتي!!"
" فلتذهبا إلى الجحيم أنتما الاثنان" وقطع الاتصال والشرر يتطاير من عينيه ...
ضحك جون من سويداء قلبه ، استمر بالضحك حتى طفرت الدموع من عينيه ، عندها دخلت فتاة رائعة بشعرها البني المتوسط الطول الذي يتطاير مع كل نسمة هواء تمر من خلاله ....
" جون ، ما الذي يضحكك؟ أخبرني لأضحك معك!"
" لاشيء مهماً ، فـ آليك قد صارح جوليا بموضوع زواجي أخيراً !"
" وهل هذا خبر مفرح؟"
" أوه بالطبع ، فأنت لم تسمعي صوته وهو يخبرني بذلك! وقلبي يحدثني بأن جوليا هي الأخرى نادمة على فعلتي!"
" و أنت لم تندم عليها حتى الآن؟؟"
" ولم الندم ؟؟ ، فانا لا أرى أنني أخطأت بشيء!"
" لابد أنها تكرهك الآن!"
" فلتكرهني ، لا أهتم بذلك!"
" أتعلم جون؟، بدأت أعتقد بأنك حقاً شرير!"
" أتعلمين حبيبتي؟، بدأت أظن حقاً أنك تحبينني!"
" يا للغرور!، و ما الذي جعلك تظن ذلك؟"
" لأنك ما زلت حتى الآن خطيبتي ، لم تتركيني مع أنك تعرفين كل شيء عني ، وهذا بحد ذاته شيء لا يصدق بالنظر لكونك طيبة ومحبة للخير"
" فهمت ، قل لي جون ، لماذا فعلت ذلك؟ إنها مسكينة ، أنا أشفق عليها كثيراً"
" أنت تعلمين ، لقد أخبرتك مراراً وتكراراً"
" لقد قلتها بنفسك، أنا أعلم فقط ما أخبرتني به أنت بنفسك، و ما يدريني لعلك كنت تكذب عليّ!"
" لكنها الحقيقة!"
" لكني لم اقتنع بها! لذلك إما أن تخبرني بالحقيقة الخالصة أو أخبر جوليا بما اكتشفته بنفسي!"
ضحك وقال:" يبدو أن ذكائك لا يستهان به ، وعلى أية حال ، طالما أن ما سأقوله لن يصل إلى مسامع جوليا ، فسأخبرك بالحقيقة ، ولا شيء آخر غيرها"
مع انبلاج أولى خيوط الشمس ، أفاقت جوليا من نومها فزعة ، فوضعت يدها على قلبها ...
" إنه كابوس!!"
جمعت شعرها فوق رأسها ، في تسريحة بسيطة ورائعة في الوقت ذاته ، اتجهت نحو الحمام فاغتسلت واستبدلت ملابسها ، ثم نزلت إلى الطابق السفلي ....
" آليك ، أين أنت؟؟"
سمع آليك صوتها ، في الوقت الذي قال له فيه جون :" أنت لم تسألني ولا مرة عن خطيبتي!!"
خشي أن تأتي جوليا فتسمعه فأجاب بحدة واختصار :" فلتذهبا إلى الجحيم أنتما الاثنان!" وقطع الاتصال ، و وضع هاتفه الخليوي في جيبه ... مرر يده في شعره ... حاول أن يتظاهر بالحزن .. إلا أنه لم يكن يحتاج إلى الكثير من التصنع ، فقد كان الحزن مسيطراً عليه .... لكن إذا رأته جوليا بهذا الشكل ، ستحزن بالتأكيد ، وهو لا يريد أن يعكر صفو حياتها شيء ، لم يعلم لماذا؟؟ لكنه اتبع قلبه الذي أمره بذلك... فحاول أن يتصنع الفرح .... لكن الحزن كان الغالب ... سمع صوتها من جديد منادياً ..... لم يتمالك نفسه ... فخرج من المكتبة ، راسماً ابتسامة مشرقة على وجهه ، لكنه سرعان ما أزالها ، حاول أن يرسمها من جديد .. تشابكت المعلومات في رأسه فلم يعلم ما العمل ، أيضحك أم يبكي !!!!!!!
رأته جوليا فأتت مسرعة نحوه :" آليك ، و أخيراً وجدتك!" كانت تلهث من الركض.....
" أنا هنا!!!"
رفعت رأسها أخيراً ولكن ما أن التقت عيناها بعينيه حتى قالت:" آليك ، أنا اعتذر مرة أخرى عما فعله جون ، و صدقني سأعيد الأمور إلى نصابها قريباً " خرجت كلماتها مريرة ، مشبعة بالحزن والأسف....
لم يفهم ما الذي جعلها تقول له هذا الكلام فور رؤيتها لوجهه .... أهو مثير للأحزان إلى هذا الحد .... أيذكرها وجهه بالمصائب ؟؟؟؟؟ تأكد من أن السر يكمن في وجهه فحاول أن يكتشف السبب .....
" لا تذكريني بهذه القصة السخيفة!!!"
" ماذا؟ هل نسيتها ؟؟ ما الأمر؟؟"
" لا شيء ، إنما عادت إلي روحي المرحة هذا الصباح ، ولا أريد أن يفسدها علي أي شخص ، وخاصة أختي !!"
" لكنك تبدو بعيداً أشد البعد عما تسميه مرحاً!!!"
" أهذا صحيح ؟؟ ، أنظري إلى الابتسامة تعلو وجهي !!"
" لكني لا أرى أية ابتسامة !!!"
تنهد ثم قال :" يبدو أنني أحاول مستميتاً أن أبدو مرحا ًلأجلـ .......، لكن دون فائدة!"
" لأجلي؟؟ أنت تجعلني أشعر بالذنب !!"
" لا تشعري بالذنب لأجلي ، جوليا فأنا لا أستحق "
" بالعكس ، أنت تستحق كل الخير آليك، فبالرغم مما فعله جون ، ما زلت تحاول أن تصلح خطأه دون أن تخبر أهلي بما فعله!"
" صدقيني جوليا، أنت لا تعرفينني جيداً و إلا لما قلتي مثل هذا الكلام ، أنا مثل جون ، وربما أسوأمنه بكثير!!"
" لماذا؟"
" ربما لأنني اختطفتك؟؟"
" أما زلت تذكر هذه القصة القديمة؟، لقد نسيتها أنا تماماً ، ثم إن هذا الأمر لا يجعل منك شريراً، فما فعلته كان لأسباب منطقية"
" يا للأسباب !! أسبابي كلها غير منطقية ، ولا يقبلها العقل السليم !!"
" فلننس الموضوع ، ولنتناول فطورنا !"
" كما تريدين!"
" جوليا ، لا بد أنك غاضبة مني لأنني أفسدت عليك خطة قضاء أمسية الليلة الماضية !"
" لا ، أنت مخطأ ، أنا لست غاضبة منك ، إنما غاضبة من جون ، لم أكن أعلم بأنه يستطيع أن ... آسفة ، لقد تكلمت بتهور ، لم أحسب حساباً لمشاعرك تجاه الأمر"
" لا بأس ، لم أعد أهتم به"
" لا تكذب آليك ، أنا أراه في عينيك "
" من هو؟؟؟"
" الحزن بالطبع !"
" لكن هذا لا يعني أنني حزين على آلي ، ألم يخطر في بالك قط أنني تعيس لسبب آخر؟؟"
" لا ، أخبرني ما هو ؟؟؟"
" خمني !"
" لقد عرفت، أنت حزين لأنك لم تر خطيبتك منذ أن جئت أنا إلى هنا ، فبالتأكيد أنت مشتاق لها كثيراً "
" وكيف عرفت؟؟"
" إذن لقد كنت محقة ، يا للرومانسية !! ، أنا أحبك كثيراً آليك ، أتعلم ؟؟ خطيبتك أسعد فتاة في العالم ، لأنها وجدت من يحبها حقاً"
اتسعت عيناه دهشة .. تحبني؟؟!! لا، لم تكن تقصد ما فهمته أنا ........ بل إنني لم أفهم ذلك بهذه الطريقة إلا لأنني أريد أن يحدث هذا حقيقة........ ماذا؟؟ أيعقل أن أكون ...
" آليك ، يبدو أنك ذهبت مع أفكارك بعيداً عني !"
لقد ذهبت بأفكاري ؟؟، أوه هذا صحيح ، إنما لم أذهب بعيداً عنك ..... فأفكاري منذ رأيت شعرك لأول مرة ، لا بل منذ أن رأيك عينيك ، أو ربما وجهك ... لا أعتقد أن أفكاري منذ أن رأيتك عموماً ، أصبحت تدور حولك أنت ، وأنت فقط ، ليتني فقط أستطيع أن أخبرك بهذا...
" لقد كنت أفكر بخطيبتي!"
لابد أن في عقلي خلل ما ، وفكر بسخرية : لماذا ذكرت خطيبتي الآن؟؟
"يا للرومانسية ، حدثني عنها"
"أنا لا أتحدث عنها مطلقاً!"
" لماذا؟؟؟"
" لأن .. لا أدري ، لا أستطيع وصفها!"
" يا للروعة ، ألهذه الدرجة تحبها؟؟"
" أية درجة تعنين؟؟"
" إلى درجة أنها تخطت مرحلة الوصف!!"
" عقلك صغير جداً جولي "
" لماذا؟"
" يا لهذا التفكير!"
رن هاتفه ، فرد بصبر فارغ:" فورد يتحدث"
تغير صوته فجأة:" أوه ، مرحباً ، لم أرك منذ زمن طويل ، لقد اشتقت إليكِ كثيراً ....."
ولم تسمع البقية لأنه كان قد دخل إلى البيت ليتكلم بحرية أكبر .....
من هذه التي اشتاق إليها ؟؟؟ لابد أنها خطيبته الحبيبة.....
ولكن ما دخلي أنا؟؟؟؟ فلأتركه وخطيبته .... لكن كان عليه أن يحسب حساباً لمشاعري ...
وما دخل مشاعري و أحاسيسي في الموضوع ؟؟؟؟
" إلى أين ذهبت بأفكارك؟"
" لقد أخفتني ، منذ متى وأنت تقف هنا تراقبني؟؟"
" لقد خرجت للتو!"
" حسناً هذا لا يهم"
" ما رأيك بغداء على شاطئ البحر ؟؟"
" آسفة ولكني فقدت شهيتي للطعام ، ولا أعلم ما السبب ، سأرتاح في غرفتي حتى وقت العشاء"
و دخلت تاركة إياه في حيرة من أمره ...
ما الذي حل بها ؟؟؟؟ لابد أنني كدرتها بطريقة أو بأخرى ....
استلقت على سريرها تفكر..... ما الذي حل بي؟؟؟ لماذا تغير مزاجي بهذه السرعة ودون سبب.. لكن لا ، لكل فعل ردة فعل ، ولابد أن ما حدث كان ردة فعل لشيء ما ... ولا أدري ما هو؟؟
آليك مسكين يعاني كثيراً ، وسبب معاناته أخي جون ، إنه يستحق فتاة تحبه و تسعده ...
يبدو أن هذه الفتاة .. خطيبته تحبه ، وإلا لما أصبحت خطيبته! إذن من المفترض أن يكون سعيداً .. ولا يكدر صفو حياته شيء سوى مصيبة أخته ....
إلا إن كانت خطيبته لا تحبه بينما هو متعلق بها و لا يعرف طريقة يجعلها تحبه بها، ففي هذه الحالة سيكون حزيناً بالطبع ....
لقد اكتشفت الأمر .... هذا هو السبب بالتأكيد ، لا يمكن أن أكون مخطأة ، سأساعده ليمحو أحزانه جميعها ...... و أدوس على قلبي؟؟؟؟؟؟
قلبي؟؟؟؟؟؟!!!!!!! وما شأن قلبي بآليك؟ ......أنا لا أحبه حتى ، بلى أنا أحبه كأخ لا أكثر ... نعم بالطبع حبي له كحبي لجون لا غير ..... أجل هذا صحيح ... أنا لا أحبه .... بل إنني لا أحبه على الإطلاق ... أبداً .....
طرق الباب في هذه اللحظة ...
" أدخل !" قفزت من السرير واقفة على قدميها ....
" يجب أن تأكلي شيئاً جوليا!"
" أوه أجل ... يجب أن آكل ... هذا صحيح .... ماذا؟؟؟ آكل؟؟؟ لقد سبق أن قلت لك بأني لا أرغب بالطعام!"
" ما الذي يجري؟؟ ، لا تبدين طبيعية اليوم"
" أنا ؟؟ لابد أنه الطقس ، فأنا لا أتحمل الأجواء الشديدة الحرارة!"
" لكن درجة حرارة هذا اليوم بالذات منخفضة جداً!"
" أهذا صحيح؟؟ أجل ، الطقس اليوم بارد جداً"
وضع يده على جبينها :" حرارتك طبيعية، هذا غريب!"
احمر وجهها و توقف عقلها عن التفكير، لكن ما أن رفع يده عنها ، حتى عاد عقلها ليمارس عمله السابق .. ففهمت ما كان يعنيه ....
" أتقصد بأنني مجنونة؟؟"
" ربما ، هذا ممكن"
" ماذا؟؟ على أية حال ، ما الذي أحضرك إلى هنا؟؟"
" قدماي بالطبع ، أقصد لقد أتيت لأعتذر لك "
" وهل فعلت شيئاً خاطئاً يستحق الإعتذار؟"
" لا أدري، ولكن لأنك صعدت فجأة ، اكتشفت بأني لابد قد فعلت شيئاً جعلك تحزنين أو تغضبين على الأقل! "
هل اكتشف السبب يا ترى ؟؟؟ أي سبب ؟؟ أنا نفسي لا أعلم به ....
" لقد تذكرت فجأة جوليـ ...... ، لقد مرت ببالي ذكريات أخمدت شهيتي ، هذا كل ما في الأمر!"
لقد كاد اسم جوليان أن يفلت من بين شفتيك ، لماذا تحاولين مستميتة محوه من حياتك ؟؟؟
لقد فهمت الآن ، أنت تحبينه ولذلك لم تؤثر بك خطتي الغبية ، في جعلك تلعبين في الأجواء الرومانسية تلك الليلة .....
يجب عليّ أن أسعى جاهداً لطرده من عقلك و الأهم من ... قلبك !!
يؤثر بي هذا الأمر كثيراً ، ولا أدري لماذا .... لكن .. هل هناك من مثل يقول ... علاج الداء بالداء شفاء ؟؟؟؟
لا أدري ، إنما حتى لو كان موجوداً ، لن أعتقد به وبالتالي لن أعمل به !!!
لكني لم أجد علاجاً غيره ، لذلك سأعمل به ......
لحظة واحدة، ما هي النتيجة من ذلك الأمر كله؟؟؟ سأسبب لها التعاسة ... يا للغرور!! أنا أتكلم وكأنني واثق تماماً من أنها ستحبني .... ما الذي يدعو فتاة مثلها للوقوع في حب شاب مثلي؟؟؟
" إذا كان الأمر كذلك ، فلا بأس ، لن أضغط عليك كثيراً ، إنما هذا لا يعني أنني سأسمح لك بالبقاء حبيسة هذه الغرفة حتى المساء!، سنذهب لمدينة الألعاب! تجهزيبسرعة و إلا سألغي الرحلة!"
" احسب بنفسك كم أحتاج من الثواني لأكون جاهزة!"
كما توقعت ، هذه الطريقة تأتي بالمفعول المطلوب .....
وقف مبتسماً يراقبها وهي ترتب شعرها المرتب ، آه كم أتمنى أن أرى هذا الشعر منسدلاً على كتفيك ....
أخذت تلوح بيدها أمام عينيه... فقال:" ماذا تفعلين؟؟"
" أردت أن أعرف فقط بما كنت تفكر فيه ، إلا أنك كالعادة بقيت لغزاً بالنسبة لي"
" هذا جيد "
" ما الذي تقوله آليك ؟؟، لم أعد أفهمك هذه الأيام"
" إن كنت تحاولين معرفة طريقة تفكيري ، فانسي الأمر ، لأنك سترين ما لا يعجبك !! "
" كما تشاء آليك ، كما تشاء "
أتعتقد حقاً أنني سأستسلم بهذه السهولة؟ إنما أنا أنتظر فقط حتى تحين اللحظة المناسبة....
" هيا بنا ، فلنذهب!"
" قطار الموت هو لعبتي المفضلة ، فلنذهب إليه"
" ألا تخافين؟؟؟ لقد ركبنا عدة ألعاب لا يركبها إلا المجانين من الشباب المتهورين"
"أنا أعشق المغامرة ، لا تخبرني بذلك!"
" أخبرك بماذا؟"
" بأنك خائف !"
" أنا أخاف ؟؟؟، لم تعرفيني بتاتاً جوليا وإلا لما تفوهتي بهذا الكلام "
" إذن ، ما الذي ترجوه بوقوفك هنا في هذا المكان؟؟، سأذهب إلى قطار الموت ، ولك حرية الاختيار ، إما أن تأتي معي أو تذهب إلى حيث تشاء"
" سآتي بالطبع "
ركبا بجانب بعضهما ، وربط حزامه و التفتت نحوها ليساعدها فوجدها قد انتهت من ربطه ، واسترخت على مسند الكرسي ، مغمضة عينيها .....
" جوليا ، هل ركبت في مثل هذه اللعبة من قبل ؟"
" بالطبع!"
" هنا؟"
" لا "
" لوحدك؟"
" لا ، مع جـ.... لماذا كل هذه الأسئلة ؟؟؟ أتحقق معي أم ماذا؟؟"
" مجرد فضول لا أكثر"
كما توقعت تماماً ، لقد سبق أن ركبت القطار مع جوليان ، ولذلك أراها مغمضة العينين ، شاردة الذهن ، لابد أنها تفكر فيه الآن ، وتتخيله جالساً بيننا هنا .....
بدأ القطار بالتحرك البطيء الذي سرعان ما أخذ يزيد من سرعته ، حتى تتابعت الصرخات من الناس الموجودين ...
" جوليا، ألا تزعجك صرخات الجالسين أمامنا؟؟"
" لا ، أين المتعة إن لم يصرخ البعض؟؟؟"
" يا للمنطق العجيب! ءأنت جادة؟"
" اكتشف بنفسك!"
أخذت تصرخ ، حتى بح صوتها ..... مما جعل آليك يضحك ...
" أتضحك عليّ أيها الأحمق ، كيف تجرؤ؟، أنا جوليا ......"
أكمل عنها شاب جالس في العربة السابقة للعربة التي تسبق عربتهما :" المجنونة! أنظروا إليها جوليا المجنونة معنا في قطار الموت!"
قال آليك ضاحكا!:" هل سمعت ؟؟؟ أنت جوليا المجنونة "
حاولت أن تنظر إلى المجموعة التي في الأمام ، لكنهم سهلوا لها الأمر بأن التفتوا جميعهم إلى الوراء...
" إنه مايك ، ومعه روبرت و زاك و شخص آخر لا أراه بوضوح ، يبدو أنه رون !"
لوحت بيدها باتجاههم ، ثم هتفت بأعلى صوتها :" أهلاً مارك! والبقية "
لوحوا بأيديهم ، وفجأة بدأت الزلازل الصوتية التي تكاد تفجر القطار ، تنطلق من مايك و أصدقائه .....
" من هم هؤلاء العصبة؟؟؟ أتعرفينهم؟؟"
" أجل إنهم أصدقائي " و أخذت تلوح لهم من جديد ....
"كيف تسمحين لهم بنعتك بالمجنونة؟"
" إنه مايك ، يحب المزاح كثيراً"
صرخة قوية افلتت من فتاة تجلس في الخلف ، قطعت على آليك ما كان ينوي قوله ، لم تكن تلك الصرخة مصطنعة كما هي الحال مع بقية الصرخات المتوالية التي كانت تصدر عن المجانين الموجدين معهم في القطار ، لقد كانت أشبه بصرخة رعب ... مما دعاهما للالتفات إلى الخلف فرأيا العجب ... فتاة شاحبة الوجه ، تكاد تسقط إلى الأرض لولا تلك اليد الممسكة بها ....
عيناها جاحظتان ، شعرها يتطاير حولها بفعل الريح القوية الناتجة عن تحرك القطار بهذه السرعة الهائلة... لم تكتشف جوليا السبب الذي جعلها تنظر إلى الشاب الذي كان ممسكاً بالفتاة ...
نظرت إليه ، ورأت في عينيه رعباً يفوق ما رأته في عيني الفتاة نفسها ....
شدت لا شعورياً على ذراع آليك ، الذي لم يحرك ساكناً لأنه لم ينتبه أصلاً لحركتها هذه :" آليك ، مالعمل الآن؟"
" لا أدري ، لا أستطيع أن أفعل شيئاً جوليا ، نحن بعيدون جداً عنها"
في هذه اللحظة سحب الشاب فتاته و أجلسها بجانبه ، وضمها بقوة بين ذراعيه ، في الوقت الذي نزل فيه القطار بقوة كبيرة كادت أن تسقط الفتاة مرة أخرى ، إلا أن الشاب كان ماسكاً إياها بقوة أكبر فلم تسقط ...
و أخيراً توقف القطار ، فنزلت منه جوليا مسرعة لترى الفتاة المسكينة ، أمسكها آليك :" لا تذهبي إليها ، فمن المؤكد أنها لا ترغب برؤية أحد الآن"
" لكني أريد أن أطمئن عليها!"
أفلتها وقال:" كما تريدين، إنما لا تقولي أنني لم أحذرك من قبل "
ذهبت راكضة نحو التجمع الكثيف حول الفتاة ، يتبعها آليك بخطواته الواسعة ....
سمعت صوتاً يقول وبقوة ووضوح :" إنها بخير الآن ، شكراً للمساعدة أرجو أن تذهبوا الآن جميعكم!"
تفرق الجمع الغفير ، إلا أن جوليا لم تذهب ، شدها منظر هاذين الشابين ، الفتاة المرتجفة ، والشاب الذي يحاول إخفاء خوفه .... سحبها آليك من ذراعها ، جاراً إياها معه ....
" دعني ، أريد أن أراه!"
قال لها والشرر يتطاير من عينيه :" ألا تعتقدين أنهما يرغبان بالجلوس بمفردهما بعد هذه الحادثة؟"
قالت هامسة:" لم أفكر في ذلك من قبل !"
رق صوته :" أنا آسف جولي ، إنما علينا أن نعطيهما المجال للتفاهم "
التفتت إلى الخلف فوجدتهما في نقاش حاد كما يبدو ....
" أنت محق ، ما كان عليّ أن أتدخل في الأمر"
"انسي الموضوع ، تبدين شاحبة جداً ، لربما أثر فيك هذا الحادث أكثر مما أثر فيهما، انتظريني هنا قليلاً سأحضر لك ماءاً ثم أعود ، لا تتحركي"
ما أن ابتعد عن ناظريها ، حتى رأت مجموعة من الشباب متجهة نحوها .........