لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات منوعة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات منوعة الروايات المنوعه


الخاطف الجذاب ( رواية مكتوبة )

الخاطف الجذاب الفصل الأول وقفت جوليا أمام فيلا ضخمة أشبه بالقصر تملكها عائلة فورد ، الآن ستدخل وسترمم ما هدمه أخوها ، فمر شريط الذكريات بكل التفاصيل عبر

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (2) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-09-07, 06:41 PM   2 links from elsewhere to this Post. Click to view. المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Sep 2007
العضوية: 40251
المشاركات: 783
الجنس ذكر
معدل التقييم: كوكوواوا2 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 45

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كوكوواوا2 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات منوعة
Questionmark الخاطف الجذاب ( رواية مكتوبة )

 

الخاطف الجذاب


الفصل الأول

وقفت جوليا أمام فيلا ضخمة أشبه بالقصر تملكها عائلة فورد ، الآن ستدخل وسترمم ما هدمه أخوها ، فمر شريط الذكريات بكل التفاصيل عبر ذهنها...

* * *

في الظلام الدامس، قرابة الفجر، وفي قصر اللورد ريتشارد براون ، خرجت الليدي جوليا من غرفتها ، شاقة طريقها نحو المطبخ الممنوع عليها أن تطأه بقدميها ، لكنها لم تحب أن تزعج الخدم أثناء راحتهم... فقط كي يحضروا لها كوباً من الماء...
أفلتت آهة منها عندما أحست بيد تطبق عليها ، ثم تذهب معها إلى عالم الأحلام ....
وقع أقدام على الأرض ترن في أذنيها ، أحست بيدين قويتيين تحملانها، فتحت عينيها بصعوبة وثقل لتتفاجأ بنفسها بين ذراعي فارس أحلامها، الذي ربما أتى ليأخذها من عالم أحلامي إلى عالم أحلامها....
أغمضت عينيها من جديد، ترفض الاستيقاظ وترك هذا الحلم الجميل يضيع من بين يديها ....
عبثاً ضاع الحلم ، فقد رفضت عيناها الانصياع لها ففتحتهما لتتفاجأ هذه المرة بنفسها نائمة في مكان [محذوف][محذوف][محذوف][محذوف] ، عرفت على الفور أنه سجن ، دعكت رقبتها ثم قفزت واقفة ، عدلت قليلاً من شكلها ثم أخذت ترقص:" يا لفرحتي" .. و أخيراً اختطفت ، فمع أنها كانت ليدي ، لم يختطفها أحد من قبل ، وهذا ما كان يكدر صفو عيشها....
سمعت صوتاً يقترب فجلست على الكرسي الوحيد الموجود في منتصف الغرفة...
فتح الباب ودخل ....... دخل فارس الليلة الماضية...
" أرى أنك قد استيقظت أخيراً، لقد اعتقدت بأنك قد فارقت الحياة"
تصنعت الغضب وقالت:" يا لجرأتك!، أتعرف من أنا؟ أستطيع أن ..."
قاطعها قائلاً:" بالطبع أعرف من أنت وإلا لما اختطفتك ، أنت الليدي جوليا براون ابنة اللورد ريتشارد"
" أها، اختطفتني لتبتز والدي، أليس كذلك؟، يؤسفني أن أقول لك هذا الخبر المحزن ، والداي مسافران ولن يعودا قبل مضي شهر كامل"
قال ببرود:" وأعلم بهذا أيضاً، بكلمة أخرى كل ما يجري في قصركم يصلني أولاً بأول "
" ومن الذي يخبرك؟"
" لكي تطرديه؟ لن أخبرك مع أنني واثق من أنك لن تستطيعي أن تؤذيه"
" يبدو أنك تستخف بقدراتي"
" أنا لا أستخف بأحد ليدي ، وإنما واثق بنفسي وبمعلوماتي"
" فلنترك الخائن الآن، أخبرني لماذا لم تطلب مني الفدية مباشرة بدلاً من استعمال هذه الطريقة البدائية، فتختطفني ثم تطالب بالفدية وأبقى رهينة ، وتخاطر أنت مئات المرات بحياتك ثم قد تنجو ، والغالب لن تحصل على شيء سوى قضاء بقية عمرك في السجن ؟ ، لو أنك طلبتها مني لكنت أعطيتك إياها كصدقة "
" هل انتهيت ليدي؟، أنا لست فقيراً لكي آتي وأتسول منك المال، أهدافي سامية تختلف عن بقية المجرمين"
" يا للأهداف!"
" ليدي، من المفترض أن تخافي وتبكي – مع أني لا أحبذ البكاء- لذلك يكفي أن تسكتي ، لا أن تقفي أمامي وتناقشيني كما تفعلين الآن"
" ولماذا الخوف؟، لأنك ستقتلني؟ لست خائفة من ذلك ، هذا أولاً، وثانياً ، لأنني واثقة بأنك لن تحاول حتى أن تقتلني وذلك لسبب بسيط، لأنك إن قتلتني لن يعطيك والدي المال الذي تريده"
" ها قد عدنا إلى حيث بدأنا ، كم مرة عليّ أن أعيد على مسامعك بأنني لا أريد مالك ، لا اليوم ولا الغد، أسبابي التي لن أخبرك عنها لا تمنعني من قتلك ، بل على العكس تماماً ، ربما إن قتلتك أكون قد حققت هدفي ، وأرحت تفكيري ، ولن أخاف من تأنيب الضمير ، فاللورد المستقبلي لم يعاني منه عندما فعل ما فعل ، فلماذا سأشعر به أنا"
وخرج تاركاً إياها فاغرة فاهها وكأن على رأسها الطير...
" اللورد المستقبلي؟ أخي جون؟، ما الذي فعلته يا جون؟"
ثم ما لبثت أن عادت إليها روحها المرحة من جديد وزالت الدهشة :" بالطبع جون لم يفعل شيئاً، أنا واثقة من ذلك ، لكن على ما أظن هذا الخاطف الجذاب محرج من تصرفه"
بعد أن خرج آليك من السجن أخذ يشتم جون :" أيها السخيف، لماذا أجبرتني على هذا التصرف؟، لو لم تفعل ما فعلته لما فكرت في اختطاف أختك، إنما عليّ أن اعترف بأن أختك الصغيرة مثيرة للإهتمام" هدأ نفسه قليلاً ودخل مرة أخرى.......
" هيا تجهزي بسرعة، سنسافر خلال ربع ساعة"
قالت ساخرة:" أتجهز ؟، ربما غاب عن ذهنك أيها السيد أنني معزولة تماماً في هذا المكان المثير للقرف ، الخالي من كل ما يمت للحضارة بشيء ، حتى أنني لا أرى مرآة هنا!"
" كما توقعتك، أنت نرجسية"
" كيف تجرؤ؟، لست مصابة بداء النرجسية ، ألأنني طلبت مرآة أكون أحب نفسي ؟؟، على أية حال، نحن الفتيات نختلف عنكم ، فإن كنتم أنتم تستطيعون العيش دون مرايا فنحن لا نستطيع"
قال سراً:ومن قال لك بأن الشباب يستطيعون العيش دونها ؟؟؟؟
" فلننهي هذا الجدال العقيم، فلن يفيد أياً منا ، لذلك أقترح أن ننطلق فوراً"
" ولماذا نسافر؟، فلنبقى هنا"
قال ساخراً:" و أنتظر حتى تكتشفني الشرطة فأخسر حياتي؟؟، لا أنا عادة أتخذ الحيطة والحذر، لذلك سنسافر الآن "
" كما تشاء ، فأنا مسكينة ، الآن لا أستطيع إلا أن أطيع خاطفي في حين أنني كنت قبل ذلك أطاع"
" يسرني أنك و أخيراً عرفت منزلتك الجديدة ، على أية حال عليّ أن أربط يديك وأعصب عينيك"
" ولماذا؟؟ لا تخف لن أهرب"
" لن تهربي؟، ومن سيضمن لي ذلك؟، كما قلت لك منذ قليل أنا رجل تخطيط، أحب أن يكون كل شيء معروف مسبقاً حتى لا أفاجأ فيما بعد "
" حسناً كما تريد سيدي"
" منذ متى أصبحت سيدك ليدي؟؟"
" منذ أن اختطفتني"
مدت له يديها ، فربطهما ... وعندما حاول أن يعصب عينيها قالت:" أرجوك ، لا تعصب عيني ، لأنني لا أعرف الطريق"
" سأدلك بنفسي" وعصبهما .....
سمعت صوت المفتاح يدور في القفل ، ثم صوت صرير الباب الحاد والمزعج....
أحطها كتفيها بذراعه يقود خطواتها، فاحمرت خجلاً ، لم يلاحظ آليك ذلك، لأنه هو الآخر احمر خجلاً....
حلقت الطائرة فوق السحاب ، فحل رباطها ...
" يا للروعة ، إنها طائرة خاصة!"
" ألم تري مثلها من قبل ليدي"
" بلى فنحن نملك طائرة خاصة، إنما هذه تختلف عنها قليلاً "
" فهمت" وسكتا .....
" سؤال لو سمحت سيدي"
" يا لفضول الفتيات ، الآن ستمطرينني بوابل من الأسئلة"
" لا ، إنه مجرد سؤال وحيد"
" حسناً تفضلي "
" ما اسمك؟"
" لماذا؟؟"
" لأننا سنبقى مع بعضنا لمدة لا تقل عن يوم بالتأكيد، وأنا بصراحة لست معتادة على مخاطبة أي شخص بكلمة سيدي"
" إذن لا تناديني بهذه الكلمة"
" وبماذا تريدني أن أناديك؟؟، يا هذا؟؟؟"
" حسناً حسناً، كما تريدين اسمي أليكس فورد"
" آليك اسم رائع، أنا أحسدك عليه"
" اسمي أليكس وليس آليك يا ليدي"
" كما تشاء آليك" وضحكت لإغاضته ثم التفتت ، وأخذت تتفرج على المشاهد من خلال النافذة..
ابتسم ابتسامة جانبية لم ترها ...... و أخذ يفكر مرة أخرى في الموضوع :" إنها غلطتك يا جون، لو ..."
قطعت حبل أفكاره بقولها:" آليك ، أهذه محاولتك الأولى في هذا المجال؟"
" أي مجال تعنين؟"
" الإختطاف"
تصنع الغضب:" وهل ترينني سيئاً إلى هذا الحد؟؟"
" لا ، إنما أنت طيب معي جداً، لقد اعتقدت بأن الخاطفين قساة أشرار"
" كما توقعت أنت، هذه المرة الأولى ، إنما هذا لا يعني بأنه يمكن استغفالي ، وما يدريك لعلي أصبح شريراً أنا الآخر"
" فهمت" والتفتت من جديد.....
" ليدي، لا تنظري إلى الأسفل!"
" لماذا؟"
" أنت الآن مختطفة ولذلك لا يجب أن تستمعي بوقتك بأي شكل من الأشكال !"
" يا للأفكار!" والتفتت للمرة الثالثة غير مهتمة لقوله...
ابتسم آليك من جديد.... فكر:" لابد أن الأسابيع القادمة ستكون ممتعة".....



الفصل الثاني

" مدي يديك، فقد وصلنا وستحط بنا الطائرة الآن! "

لم تعارض، نزلا من الطائرة بعد أن حطت بهما .... وسارا إلى أن وصلا إلى تلك الفيلا الضخمة ، حديقتها أشبه بالغابة ، لضخامتها و كثافة أشجارها .... مرا من تحت قوس من الأزهار الرائعة ..

فأحس آليك بشعور غريب لم يشعر بمثله من قبل ، بينما لم تر جوليا شيئاً من ذلك كله...

" جاءك الفرج" وحل أربطتها، فأخذت تطرف بعينيها حتى اعتادت النور، فقالت:" ما أروع هذه الغرفة!"

" أنا سعيد لأنها أعجبتك، ستكون غرفتك منذ اللحظة"

" إلى متى سأبقى هنا؟"

" إلى أن أحقق هدفي!"

يا ليتك تبطأ في تحقيقه ، فأظل مختطفة مدة أطول!

" آليك، هذا منزلك كما اعتقد ، فغرفة من هذه؟"

" هذا صحيح، إنه منزلي، إنما غرفة من هذه لا أدري، فقد نسيت"

" أرجوك أخبرني "

" اكتشفي بنفسك"

" إنها بالتأكيد ليست غرفة زوجتك ، وذلك لأنها غرفة شخص واحـ..."

" تابعي"

" على أية حال ، إنها غرفة فتاة ، وهي بالتأكيد ليست لزوجتك"

" أصبت عين الحقيقة، أنا لست متزوجاً لكن هذا لا يعني أنني لست خاطباً ، فزواجي سيكون قريباً ، إنما لا أدري أين وضعت خاتمي !"

" تهاني القلبية لكما، ولكن هل أنت واثق من أنك أضعت خاتمك؟، لربما كنت أنت من يتعمد خلعه حتى نعتقد نحن الفتيات بأنك ما زلت شاباً أعزباً"

" وأنا ما زلت شاباً في الحقيقة، فعمري لا يتجاوز 24 ، كما أنني ما زلت أعزباً !"

" أنت في 24 ، لقد اعتقدتك أصغر من ذلك ، هذا يعني أنك بمثل عمر أخي!"

" هذا صحيح ، فقد كنا أصدقاء"

" وماذا حدث بينكما إذن؟"

" لا شيء ، صدقيني لمصلحتك إبقي جاهلة للأمور ، فما زلت صغيرة "

" أنا لست صغيرة ، فأنا في ....."

" في 16 من عمرك ، علمت بهذا من قبل"

" إذن؟"

" إذن لا شيء ، فلننس الموضوع برمته الآن ، هل أنت جائعة ؟"

" بالطبع فأنا أكاد أموت من الجوع!"

" استكشفي الغرفة ريثما أعود" وخرج قافلاً الباب خلفه ....

فخاطبت الهواء قائلة :" لا تخف ، لن أهرب ، بل على العكس ، حين يحين الوقت - الذي تحقق فيه هدفك كما تقول - لن أترك هذا المكان مهما يكن الأمر"

عاد أخيراً حاملاً صينية الإفطار....

" ألن تأكل معي ؟"

" لا "

" لماذا؟"

" لقد أفطرت حين كنا في بلادك "

" و أين نحن الآن إذن؟"

" أنت في بلادي "

" سيصاب والداي بسكتة قلبية حين يعلمان بذلك!"

وهذا ما أخشى منه أيها الغبي جون ، لكن لا بأس سأنتقم منك:" لا تخافي سيتم كل شيء وستعودين إلى قصرك أيضاً قبل أن يعودا "

لا أريد فلن أكون قد استمتعت باختطافي بما يكفي :" تبدو واثقاً من ذلك"

" بالتأكيد ، والآن ألن تأكلي ؟"

" إذا أكلت معي فسآكل "

" لكنك كما تعلمين لا تستطيعين العيش دون الطعام ، فهذا سيسبب لك المرض"

" أنا معتادة على ذلك لا تخف "

وهذا ما يخيفني،:" حسناً ، سآكل معك"

هكذا كن يا خاطفي ، خاتم في إصبعي ....

" آليك أريد أن أستحم وأستبدل هذه الملابس القذرة"

" يوجد حمام في الغرفة ، والملابس تملأ الخزانة ، بكلمة أخرى ، افعلي ما تشائين طالما أنك موجودة هنا "

" إذن أخرج الآن !"

" انتظري حتى آخذ بقايا الفطور!"

" لماذا لا ترسل الطعام إلي مع الخدم؟"

" و أعطيك الفرصة للهرب؟، لا سأتعلم ومع الوقت سأكون مرناً وربما سأعمل نادلاً فيما بعد "

" إذن ، أنا لست الوحيدة هنا التي لا تعرف حتى أبسط قواعد العمل "



دخلت الحمام فوجدته متكاملاً :" الماء يناديني!"

انهت استحمامها ولبست الروب الذي وجدته أمامها ، وما أن رفعت شعرها الطويل ، ذو اللون الغريب ، لكأنه خليط من عدة ألوان الأسود والرمادي والأخضر ، مزجت فكونت هذا اللون الرائع ، حتى دخل آليك ...

" أرى أنك قد أنهيت استحمامك"

" هذا صحيح ، إنما لم تقل حتى الآن ، من صاحبة هذه الغرفة"

" إنها غرفة أختي ، وهي تماثلك في السن ، إنما هي أكثر رزانة منك "

غضبت:" ما الذي تعنيه بقولك؟، أنني مجنونة"

" لم أقصد ذلك ليدي، إنما كنت أعني أنك مرحة أكثر منها "

تنهدت:" انتبه في المرة القادمة لكلامك، فأنا سريعة الغضب"

" حسناً يا صاحبة السعادة" وخرج ....



في مكان آخر من العالم ، حيث قصر براون ، كان جون قد أنهى غداءه للتو .

رن هاتفه الخليوي فرد قائلاً :" آلو "

" آليك فورد "

" أوه آليك كيف حالك؟ لم أرك منذ مدة طويلة ، أتصدق هذا؟"

قال بصبر نافذ :" لا ، لا أصدق ذلك ، على أية حال أختك معي الآن"

" أختي أنا؟ آه أنت بالتأكيد تعني جوليا"

" بالطبع، فهي أختك الوحيدة"

" أنت بلا شك تمزح ، كيف تكون معك وهي مسافرة مع صديقاتها ؟"

" لا تغضبني بمزاحك اللطيف جون ، أنت تعلم بأنها معي ، و أنا متأكد من ذلك، لقد رأيتك تراقبني وأنا اختطفها !"

" لماذا لم تخبرني بذلك من قبل لكي أشكرك نيابة عنها ، فلطالما كانت جوليا مولعة بالاختطاف ، شكراً لك يا صديقي فقد حققت حلمها ، كان بودي أن أحقق حلمها ولكن الحال كما تعرفها ، فكيف لي أن أدبر عملية اختطافها وهي أختي الصغيرة ، والآن بما أنك أنت الذي اختطفها ، فأنا مرتاح البال ، فلن نجد خيراً منك لاختطافها"

" صدق من وصفك بشبيه المهرج"

" ومن الذي وصفني بذلك؟"

" أنا بالطبع ، على أية حال حين يعود عقلك من إجازته ، كلمني لنتفاهم" و قطع الإتصال ....

ضحك من سويداء قلبه :"لابد أن آليك المسكين الآن يستشيط غيضاً ، لكن ...."

سمع صوت حبية قلبه و خطيبته الجديدة فنفض عنه هذه الأفكار...

" حبيبتي ، تأخرنا فلنذهب بسرعة "........

" ليدي ، ......."

" لحظة من فضلك، ألم تمل بعد من مناداتي بلقب ليدي ، لقد مللت أنا ، ناديني باسمي الأول كما تنادي أخي جون"

" حسناً جولي، أهذا ما تريدينه؟"

" أجل ، ما الذي كنت على وشك أن تقوله عندما قاطعتك بتلك الطريقة الفظة؟"

" لقد نسيت، على أية حال عندي أخبار سيئة "

شحب وجهها :" ما الذي حدث لأهلي ؟، أو ربما لجون؟"

" لم يحدث لهم شيء ، كل ما في الأمر أن مدة اختطافك ستطول قليلاً عما كنت أتوقعه "

" لماذا لم تخبرني بذلك من قبل " يا له من خبر مفرح !

" هل وجدت كل ما تحتاجينه ؟"

" آه أجل "

" إذن أتمنى أن تتعسي أثناء فترة إقامتك في منزلي!" أنا آسف ليدي لكن ما باليد حيلة...

" آليك، هل يعلم جون بأنني في منزلك؟"

" بالطبع يعلم!"

" إذاً لمَ لم يأتي لإنقاذني؟"

" ربما تخلى عنك"

" جون لا يفعل هذا ، أخبرني أرجوك، لسبب أجهله أنا واثقة من أنك تعلم "

" بما أنك مصرة فاسمعي، جون يعلم بأنك مختطفة ، إنما لم يوافق حتى الآن على تسليمي ما أريده ، من جهة أخرى ، لا يستطيع أن يأتي لإنقاذك ، أو حتى إبلاغ الشرطة بالأمر"

" لماذا؟"

" إذا أمسكت بي الشرطة ، ستحقق معي ، حينها سأعترف بكل شيء ، وسيعلم والداك بالسبب الذي دعاني لإختطافك، حينها أتعرفين ما الذي ستكون ردة فعلهما؟"

" لا"

" سيخرجاني من السجن على كفالتهما ، و سيغضبان من جون أشد الغضب ، و سيعيدان لي حقي، أنا واثق من ذلك أشد الثقة"

" لم أفهم شيئاً ، لو أنك فقط تخبرني بالمشكلة التي حدثت بينك وبين جون؟"

" مستحيل" وخرج ...

بقيت حبيسة غرفتها ، إلى أن حل وقت العشاء، فدخل الخاطف، سلمها عشاءها وخرج دون أن ينبس ببنت شفه...

أخذت تأكل بشهية كبيرة لم تشعر بمثلها منذ فترة طويلة، كانت خطتها الأساسية لقضاء العطلة الصيفية لهذه السنة ، هي أن تسافر مع سيليا وهي إحدى صديقاتها إلى جزيرة الأماني، وهي جزيرة سياحية رائعة تمتلكها إحدى الشركات السياحية الضخمة ، أطلقت عليها هذا الاسم تيمناً بالأسطورة القائلة بأن من يزور تلك الجزيرة تتحقق جميع أحلامه و أمانيه .... وكما يعلم الجميع بأن هذه الأسطورة ما هي إلا إشاعة أطلقتها الشركة بنفسها لجذب الزوار لا أكثر......

لم تندم جوليا أبداً ، ومع أنها كانت متلهفة لزيارة تلك الجزيرة ، إلا أن الاختطاف كان يحتل المركز الأول في قائمة الأولويات.........



" جوليا ، الطعام يناديك!"

" ابتعد عني جون!"

" هنا آليك يا فتاة"

قفزت من سريرها :" خاطفي؟"

قال مندهشاً من تصرفها الأخرق :" أجل"

" لم أكن أحلم إذاً "

" لقد وضعت طعامك على الطاولة " واستدار ناوياً الخروج ...

" آليك ، انتظر "

" هل هناك شيء" أجابها دون أن يلتفت نحوها ..

" ابقى معي ، فأنا لست معتادة على البقاء طويلاً بمفردي"

" إذن عليك أن تعتادي منذ اللحظة"

" لماذا؟؟؟؟"

" حتى يلزم اللورد المستقبلي حدوده في المستقبل "

" آليك ألن تريحني يوماً وتخبرني بالأمر؟"

" الأمر ليس بيدي "

" لماذا؟ بما أنه يخصك تستطيع أن تطلعني عليه"

" وهذه هي المشكلة ، الأمر لا يخصني ، إنما أنا سأنتقم من جون إكراماً لصاحب المشكلة فقط" وخرج..

وبعد كل شيء لم تكن المشكلة تخصه ، إذاً لماذا تشعر بالمرارة تغلف كلماته ؟...... لم تجد الجواب الشافي لسؤالها....

دخل وقت الغداء حاملاً ما لذ وطاب من الطعام ...وهكذا استمر الحال على ما هو عليه لأربعة أيام متوالية...

في مساء اليوم الرابع أتى حاملاً الطعام ، فاستوقفته :" هذا يكفي ، لقد مللت الحياة آليك، عليك أن تجد للأمر حلاً ، فلم أعيد أطيق البقاء ، وأنت تعاقبني ليل نهار على جرم لم ارتكبه ، ربما لم تعلم بهذا من قبل ، لذلك يسرني أن أخبرك بأنك إنما تنتقم مني أنا لا أخي!"

" علمت بهذا ليدي"

" لماذا أصبحت هكذا لا تطاق، ففي بداية الأمر، كنت مستعداً للنقاش و التحدث ، أما الآن فكل شيء قد تغير ألأن جون لم يعطك مبتغاك غضبت مني؟، هذا ليس بذنبي ، هذا ظلم، أنت تأخذني بجريرة أخي "

" لقد سبق أن أخبرتك من قبل ، أنا أتعلم فنون الإختطاف بسرعة "

" إذن أنت الآن أصبحت الخاطف المثالي ، يا لسخرية القدر"

ضاقت عيناه الرماديتان ، فقال :" جوليا، سأخبرك بأمر ، لو كان الأمر بيدي ، لما اختطفتك ، لكن ما باليد حيلة ، القدر أجبرني على فعل ما لا أريده"

" إذاً على الأقل ابقى معي ! تحدث معي "

" حسناً ، تكلمي أنا اسمعك "

" لا ، يجب أن تتكلم أنت"

" و ما الذي تحبين سماعه ؟"

" تحدث عن نفسك ، عن حياتك"

" اسمي آليك فورد ، عمري 24 عاماً كما سبق أن علمت، لم أكن أحب الدراسة ومع ذلك كنت طالباً مجتهداً، انهيت دراستي الجامعية ، فبدأت بالعمل في شركة العائلة ، اجتهدت في عملي حتى أتقنته، فترأست شركة فورد في بلادك ، وهي إحدى فروع الشركة الأم الموجودة هنا ، وهكذا بقيت حوالي العام في بلادك حيث التقيت بأخيك ثم أصبحنا من أعز الأصدقاء ، بعد فترة ابتدأت بعمل خاص بي هنا ، وها أنا أحاول أن أرتقي به إلى الأفضل "

" لم تحدثني عن عائلتك!"

" هذا يكفي فقد حان دورك"

" اسمي جوليا براون ، عمري 16 عاماً ، لم أنهي دراستي حتى الآن ، أحب السفر كثيراً ، في كل عطلة مذ بلغت ال13 من عمري ، و أنا أسافر مع صديقاتي لوحدنا ، هذا كل شيء "

" فقط؟"

" أجل ، حياتي بسيطة خالية من التعقيدات ، ماذا عن الناحية العاطفية؟"

" لاشيء ، هادئة ليس بها من جديد"

" ألم تقل بأنك خاطب؟"

" آه ، نعم أنا خاطب ، إنما لم أرى خطيبتي منذ شهر تقريباً "

" ألم تشتق لها ؟"

" لا بالطبع "

" وكيف ذاك؟"

" في نهاية المطاف سنتزوج فلماذا أشتاق لها منذ الآن ؟"

" وهل سيكون قريباً ؟"

" الزواج؟ أعتقد أنه سيكون بعد سنة، ماذا عنك؟"

" أنا مثلك حياتي العاطفية هادئة، لا أحب أحداً "

" لماذا؟ "

" لا أدري ربما لأنني لم أجد فارس أحلامي حتى الآن"

" فهمت" رن هاتفه الخليوي في هذه اللحظة :" آلو ..... جون؟ ...... أجل ... فيما بعد ...."

ما بين كل كلمة وأختها كان آليك ينظر إليها ، لم تفهم شيئاً إلا أن آليك كان غاضباً ..

" جوليا ، جوليا ، ليدي!"

" آسفة لم أسمعك "

" كلميه " و أعطاها هاتفه ...

" مرحباً جون ، كيف حالك ؟"

أجابها بلهفة:" جوليا ، هل أنت بخير ، هل يحسن معاملتك ؟، هل يضربك؟"

" لا، إنه طيب "

" أهذا صحيح؟ لقد أرتحت الآن"

" جون ، أريد أن أسألك سؤالاً "

" ما هو؟"

" ما الذي فعلتَه فاستحققت أنا على إثره أن اخطف ؟"

" آسف جوليا ، لا أستطيع أن أخبرك"

" جون ، أخبرني ، أرجوك"

" آسف ، لكن الجواب كما هو ، لا"

" لكن ..."

" لا شيء ، جوليا لا تتدخلي أرجوك ، فأنت من سيتأذى في النهاية "

" أخبرني ، لقد مللت من سماعكما أنتما الإثنان ترددان نفس الجملة ، فلأتأذى ، هذا لا يهمني"

" لكنه يهمنا جوليا ، افهمي"

" يهمك أنت ومن ؟"

" أنا و .... و أهلنا بالطبع "

" قلبي يحدثني بأنك كاذب"

" لست كاذباً ، اكبري قليلاً ، إلى متى ستبقين طفلة ؟"

" إلى أن تخبرني بالأمر "

"هذا يكفي ، أريد أن أتناقش مع آليك حول الفدية"

" أية فدية؟ "

" لا تتدخلي في هذا أيضاً"

" جون!"

" حسناً حسناً ، إنها تتعلق بالسر "

" أي سر ؟"

" لقد أثرت غضبي جوليا ، إلى اللقاء " وقطع الإتصال ....

" لم يخبرك جون بالأمر ، كما توقعت"

" أنت أخبرني إذن!"

" تصبحين على خير" خرج ثم عاد من جديد ....

" هاتفي؟"

" تفضل" وخرج مرة أخرى .. تاركاً إياها تكاد تنفجر من الغضب....


الفصل الثالث




" جوليا ، ساعديني!"

قالها آليك بلهفة فور دخوله ....

" ما المشكلة ؟"

" لقد طفح الكيل!"

"لماذا؟"

" أنا مجرد وغد شرير!"

" أنت لست شريراً آليك!"

" بلى ، أنا نذل أيضاً ، ما كان لي أن أدخلك في هذه القضية! التي لا دخل لك بها "

" ما حصل قد حصل وأنا لم أندم يوماً عليه"

" لكن هذا لا ينفي كوني [محذوف][محذوف][محذوف][محذوف]اً، لو كانت في رأسي ذرة عقل لما اختطفتك، أنا نادم أشد الندم"

" انسى هذا الأمر ، وصدقني أنت لست شريراً ، لا بل وتستطيع أن تصلح خطأك أيضاً وبطريقة سهلة "

" وكيف ذاك؟ بإعادتك إلى أهلك؟"

" لا ، الأمر أبسط من ذاك بكثير ، يكفي أن تخبرني بفعلة أخي!"

" هذا لن ينفع ، أنا وغد ، و جون أكثر حقارة مني"

" لو أنك فقط تخبرني!"

" أتريدين حقاً أن تعرفي ؟"

" أجل"

" إذن اسمعي الأمر يتعلق بـ....... ، انسي الأمر، فلا فائدة من كشف الأمور"

" حسناً، وما الحل برأيك؟"

" ربما كتكفير عن ذنبي ، سأسمح لك بالخروج من هنا "

" أهذا صحيح؟"

" لا تسيئي فهمي ، لست أسمح لك بالعودة إلى بلادك ، فقط يمكنك التجوال في الأنحاء وبرفقتي بالطبع !"

" بأمرك سيدي"

" إذن تجهزي لنخرج الآن ، لقد مر وقت طويل منذ أن ذهبت إلى ....



" نحن في آليريا ، أليس كذلك؟ فهذه المناظر ليست بغريبة عليّ ، ومع ذلك في كل مرة أراها فيها، أشعر وكأنني أشاهدها للمرة الأولى"

" لم أكن أعلم بأنك قد سبقت لك زيارة أليريا "

" يسرني أن أعلم بأن مخبرك قد فاته شيء"

" هذا غريب ، فمن المفترض أن يكون عالماً بكل شيء يخصك وهو أيضاً يعلم بأني اختطفتك، وأني سافرت معك إلى هنا، فكيف غفل عن ذكر ذلك إلا إن كان لا يعلم بذلك الأمر وهذا لا يصدق"

" يا للروعة، أنا أعشق المرتفعات والجبال "

ونظرا حولهما ، فرأيا العجب العجاب ، لكأنهما كانا يحلقان فوق السحاب ، الضباب الخفيف المنتشر بين الجبال ، يعطي انطباعاً غريباً ، نظرت إلى الأسفل ، إلى الإنخفاض الساحق ، فقد كانا يقفان على قمة جبل شاهق الارتفاع ، و لشدة حبها للمرتفعات ، فقدت توازنها من روعة المنظر... أمسك بها حتى لا تسقط ، فاحمر وجهها ...

" شكراً لك آليك"

" في أي وقت ،ليدي"

يا لسخرية القدر ، أيعقل أن أحمر خجلاً في كل مرة أحتك فيها به ؟، لماذا؟ و أنا أعلم مسبقاً بأنه خاطب .... فلأترك كل شيء للوقت ، فهو الذي سيكشف كل شيء حين يحين وقت سقوط الأقنعة ....



" هل استمتعت بوقتك ؟"

" أجل ، لطالما أحببت المرتفعات ، شكراً لك لأنك أخذتني إلى ذلك المكان ، أكان عن طريق الصدفة أم أنك خططت لأخذي إلى هناك من قبل؟"

" بصراحة وبدون كذب وخداع ، لقد علمت مسبقاً بأنك تحبين المرتفعات ، ولكن هذا لا يعني أنني أخذتك إلى هناك فقط لهذا السبب ، بل لأنني أنا الآخر أحبها فأخذتك إلى هناك لأعرف رأيك بها "

" إلى أين سنذهب غداً ؟"

" لا أدري حتى الآن لكن أعدك بأنك سترين روائع وخفايا بلادنا خلال مدة اختطافك "



" جون ، إن لم تجد حلاً وبسرعة ، سأقتلك ثم سأنتحر"

" ولم الغضب؟، اهدأ و أخبرني ، لماذا لم تقتل جوليا حتى الآن بما أنك ستتقطع من الغضب ؟"

" لأن أختك مسكينة، ليس لها ذنب في ما يجري، اللوم كله يقع عليك أيها اللورد المستقبلي"

" لا تبرئ نفسك آليك ، فإن كنت أنا قد أخطأت مرة ، فأنت أخطأت مرتين ، لم يجبرك أحد على اختطاف مراهقة بريئة"

" أجل ، هذا صحيح ، إنما هذا لا يعني بأن الوقت قد فات ، فباستطاعتي الآن أن أذهب و أخبرها بكل شيء ، صحيح أنني سأتحمل أكثر اللوم و سأكون في وجه المدفع ، لكنني لن أفاجأ حين أسمع بأنها قد قتلتك ، فما فعلته ليس بالهين"

" لا أرجوك آليك ، لا تخبرها ، ستغضب مني بالتأكيد ، أرجوك أنت صديقي..."

" لا لم أعد صديقك منذ أن فعلت فعلتك " و قطع الاتصال، وكالعادة لم يسفر الاتصال عن نتيجة ... ... سقطت خصلة متمردة من شعره البني على وجهه ، فرفعها بعصبية ......

أخذ يفكر ويفكر ........ أتراه سيخبرها يوماً بالسر ... لم يكن يعرف ... لو أنني لم استعجل واختطفها لما حصل ما حصل ..... وصدق جون حين قال بأنني أنا الآخر مذنب ... أنهكه التفكير فخلد إلى النوم ...... لكنه قال قبل أن يستسلم نهائياً له :" يبدو أنني أنا من سيتعذب ، لا بل و سيجن في نهاية المطاف!"



" يا للروعة ! يا للجمال ! إنه الخيال بعينه"

" هل أعجبك المكان؟"

" بالطبع وكيف لا يعجبني؟، كل شيء في أليريا رائع حتى حديقة منزلك "

" يسرني سماع ذلك"

" كيف اكتشفتها؟"

" كانت هذه الغابة هي ملاذي في صغري ، إذا ما أحسست بالضيق ، لقد كنت أعشقها ومازلت، كنا نأتي أنا و آلي إلى هنا دون علم والدينا "

" ومن هي آلي ؟ أهي خطيبتك ؟"

" لا، إنها ليست بخطيبتي ، فـ آليسا هي أختي الصغيرة "

" وماذا كنتما تفعلان هنا ؟"

" لاشيء ، فقط نتمشى كما نفعل نحن الآن ، أو نسبح "

" تسبحان ؟ أين؟"

" في بحيرة قريبة من هنا ، سرعان ما سنصل إليها "

لاحت لهما من خلف صف من الأشجار العملاقة بقعة زرقاء من المياه الصافية....

" ما أروعها ، آليك أريد أن أسبح فيها!"

" لقد توقعت ذلك ، فجهزت لك ملابس إضافية "

" أوه شكراً " وأسدلت شعرها ذو التسريحة الغريبة والرائعة في ذات الوقت ....ونزلت للماء البارد...

" إنها أول مرة أراك تسدلين شعرك فيها!"

" أهذا صحيح؟ أنا أرفعه دائماً تجنباً للحر"

" إنه رائع!"

" يا للفرحة، لقد أزداد عدد المعجبين"

" لا تسيئي فهمي، أنا لست معجباً، فما فعلته ليس سوى تقرير أمر واقع فقط لا غير"

" حسناً حسناً ، أعدك أن ألا أسدل شعري مرة أخرى"

" لم أقصد هذا! " لا يا غبية فشعرك هكذا أروع بكثير! إنما لا أستطيع أن أتكلم معك بصراحة..

" إذن؟"

" إذن ماذا؟ انسي الموضوع ، ولنتمشى قليلاً "

" فلنذهب إذن"

تمشيا قليلاً ثم عرجا على مطعم فخم لتناول العشاء في طريق عودتهما إلى المنزل ....

"انتظر قليلاً ، دعني أمتع ناظري بهذه الحديقة الرائعة!"

" أحقاً ؟، أوه بالطبع إنها رائعة ، لكن حديقتكم هي الأخرى رائعة!"

" هل رأيتها؟ أنا أعشقها "

" بالمناسبة، يبدو أن أخاك قد تخلى عنك الآن فهو يرفض المساومة"

التفتت إليه فالتقت العينان الخضراوان الرماديتان بالعينين العسليتين:" لماذا لا تخبرني بمطالبك فادفعها لك أنا ؟"

أشاح بعينيه عنها:" لأن المشكلة بيني وبين أخيك ، ولا أريد لأحد أن يتدخل فيما بيننا "

" لكن ألا تظن أنك أدخلتني في المشكلة ، بل أصبحت المشكلة تتعلق بي أنا وحدي ، لذلك من حقي أن أعلم بكل شيء "

" أعرف جوليا، وهذا ما يؤرقني ، لذلك من الأفضل أن تبقي جاهلة بالأمور، لا فائدة من اكتشاف المستور، صدقيني ، في النهاية لا أحد سيتعذب سواك " ودخل لوحده ، حتى أنه لم يعبأ بردة فعلها ، لكأنه يعطيها الفرصة للهرب ، لكن عنادها اشتعل في هذه اللحظة ، ولسوف تبقى هنا حتى تعرف بالأمر لكن .... " سأتعذب في نهاية المطاف؟، لماذا؟ أنا لم أفعل شيئاً ، لكن قلبي بدأ ينذر بالشر ، يبدو أن المشكلة أكبر مما كنت أظن بكثير "....

لا بأس ، لا بل لا مشكلة أبداً ، ستكتشف بنفسها القضية ، فذكاؤها عادةً لا يستهان به!...

" آليك، آليك .. أرجوك أجبني!"

لم تسمع له صوتاً فأخذت تجول في أنحاء القصر بحثاً عنه .. حتى وجدته بعد نصف ساعة في غرفة المكتبة .... جالساً على إحدى الأرائك الوثيرة، واضعاً رأسه بين يديه ، ومستغرقاً في تفكير عميق بائس ، لكأنه يصارع دافع الخير ودافع الشر في نفسه ...

رأته جوليا بذلك المنظر الذي يقطع القلب ، فدنت منه :" آليك، أنا آسفة ما عدت أرغب في معرفة الأمر ، لقد فكرت في كلامكما أنت و جون ، و فهمت أخيراً أنكما أكبر مني ، فلابد أنكما تعرفان ما هو الأفضل لي "

رفع رأسه وقال بصوت يائس:" ربما كنتي أكبر منا بالرغم من كل شيء! فنحن الإثنان لم نحسن التصرف بع[محذوف][محذوف][محذوف]، فحتى و أنا خاطفك ، تحاولين مواساتي والتخفيف عني ! صدقيني لم أعد أتحمل المزيد من الندم وتأنيب الضمير وسأخبرك بكل شيء ".

الفصل الرابع



" لا تقل شيئاً آليك، فما عدت راغبة بمعرفة المشكلة !"

" ولكن.."

" ولكن لاشيء ( وأمسكت بيده تسحبه ضاحكة ) هيا لنستمتع بعطلتنا ، فلنلعب في الحديقة !"

رفع نظراته المشدوهة إليها وقال:" هل أنت جادة؟"

" أجل ولم لا؟، شيء ما يدعوني لأتحرر اليوم من كل القيود، أريد أن أعود إلى أيام طفولتي "

" ولكني لست طفلاً لألعب!"

" ومن يهتم؟ هيا انهض ولا تكن كسولاً هكذا" ابتسم واستسلم لمطالبها...

" لقد استمتعت كثيراً، اللعب في جو رومانسي سابقة في حياتي "

كان الجو ربيعياً ، ومع الرذاذ المتطاير من النافورة الضخمة الرائعة ، أصبح الجو مثالياً ...

انعكاس القمر على سطح مياه النافورة الصافية يضفي على المكان شاعرية غريبة ....

الظلمة الحالكة مع الأنوار الخفيفة المنبعثة من الأضواء المتعددة الألوان المنتشرة في الحديقة...

اجتمعت هذه العناصر مع بعضها لتكون أروع مكان يمكن للعشاق أن يلتقوا فيه ...

لكن على ما يبدو لم يؤثر ذلك كله في جوليا ، فهاهي تركض من مكان إلى آخر تسابق خاطفها ، لكأنها طفلة بريئة تلعب مع صديقها ....

" لقد سبق لي أن لعبت هنا كثيراً مع آليسا "

" يبدو أنك تحبها كثيراً "

" أجل ، هذا صحيح"

" حدثني عنها"

" فلنجلس أولاً ( جلسا حول إحدى الطاولات المظللة بمظلة كبيرة، رفع يده ، فجائته خادمة بكأسين من عصير الأناناس) آليسا أو كما نحب أن ندعوها آلي، تكبرك بشهرين لا أكثر، مرحة ، لطيفة و طيبة جداً ، كنت ألعب معها كثيراً أثناء فترة طفولتها ، لقد كنت مولعاً بها ، فهي أختي الصغيرة كما تعلمين!"

" وأيضاً .. ماذا؟"

" كنا نذهب في رحلات كثيرة مع أصدقائي أو صديقاتها، وغالباً ما كنا نجلس هنا لوحدنا فتشكي لي أحزانها، لا أدري لماذا تحمل الهموم في هذه السن المبكرة !!"

" إنها في سن المراهقة كما تعلم ، لذلك تتصرف بهذا الشكل"

ابتسامة واسعة اجتاحته فلم يستطع تمالك نفسه فضحك قائلاً :" أنت الأخرى مراهقة!"

" هذا صحيح ، إنما همومي أنا تبقى حبيسة قلبي ، لم أخرجها لأحد ولن أخرجها أبداً "

إذن ما سمعت به صحيح ، ولم يكن كذباً بعد كل شيء !!

هل أخطأت في حكمي؟؟ هذا ما أعتقده ، إذن يجب أن أكمل ما بدأت به .... مع أنني لم أقتنع به حتى الآن ....

" لماذا تكتمينه في نفسك؟؟؟"

" لا أدري ، لقد اعتدت على ذلك منذ صغري، بحيث لم أعد أستطيع بث همومي الآن!"

" يجب أن تحاولي!"

" فلنعد للموضوع الأصلي ، تكلم عن أختك!"

" حسناً كما تشائين ، لم يبق شيء لأحدثك به سوى أنها كانت مهتمة جداً بدراستها ، و متفائلة جداً رغم همومها البسيطة، إلى أن ... "

" إلى أن ....ماذا؟"

" لا شيء ، آسف جوليا لكن يبدو أن الأضواء الخفيفة أثرت في عينيّ، فجعلتني أشعر بالنعاس، تصبحين على خير ، وأحلاماً سعيدة"

ودخل إلى المنزل دون أن يلتفت إلى الوراء، لم يلق عليها نظرة واحدة من تينك العينين الذهبيتين، مما أشعل نار غضبها .. إلى أنها سرعان ما تذكرت شيئاً مهماً .. كان يتكلم بسرور وكأنه يستمتع بالحديث ، ثم فجأة وعندما وصل إلى ... إلى ماذا؟ لم تكن تعرف ، لكنها أحست بالمرارة تغلف صوته وهو ينطق بالجملة الأخيرة ، حينها تغير وجهه ، وتظاهر بالنعاس ليهرب منها .. منها هي؟؟ لماذا؟ يبدو أن هناك شيئاً يخفيه عنها ... نهضت مبيتة النية على سؤاله عن أخته فور دخولها .. لكنها توقفت فجأة .. .. لم يكن يخفي عنها شيئاً واحداً ، بل أشياء كثيرة، أو بكلمة أخرى لم تكن تعرف عنه سوى القليل الذي أخبرها عنه هو بنفسه ....

أحست بالغباء الشديد ، كيف أمكنها أن تثق به طوال هذه الفترة دون أن تعرف عنه شيئاً ، سوى أنه صديق جون وخاطفها !!!

كان عليها ألا تثق به لمجرد كونه خاطفاً، أي مجرماً ... لكن مهلاً ألم يكن صديق جون لفترة؟ هذا السبب كفيل بجعلها تثق به أشد الثقة ، و إذا أخذنا بعين الاعتبار كون جون هو المذنب وهو سبب حدوث هذه الفوضى الغامضة ، فهذا يدعوها لأن تثق بآليك ثقة عمياء...

بدافع من الفضول والعطف على آليك ، الذي يخبرها قلبها بأنه يتعذب أشد العذاب ، قررت أن تكتشف جميع الأمور الغامضة ، و المتعلقة بجون ، والأخرى المتعلقة بآلي....

دخلت المنزل ثم صعدت غرفتها ، بدلت ملابسها ، و استلقت على سريرها تفكر في الطريقة المثلى للتعامل مع الوضع ولتحميل آليك على الكلام ، حتى استولى عليها وحش النوم .....



" هل تأذنين لي بالدخول جوليا؟"

" لحظة واحدة ، أنا أبحث عن شيء "

" بسرعة ، لقد تأخرنا!"

" أدخل إذن وساعدني!"

دخل واتجه نحوها :" ما الذي تبحثين عنه؟"

" لا أدري ، أقصد أنا أبحث عن مشبك وردي للشعر "

" اتركيه منسدلاً جوليا، فعندما يكون طبيعي، يصبح أجمل بكثير من التسريحات "

" أتقصد أن تسريحاتي عادة لا تعجبك؟"

" لم أقصد، لكن شعرك رائع وناعم جداً بطبيعته ، فلماذا تتعبين نفسك في تصفيفه؟"

" ألا ترى ؟، إنه طويل ، لذلك أرفعه دائماً"

" وهذا ما يضيف إليه جاذبية خاصة"

كانت أثناء نقاشهما ، تبحث في الأدراج عن المشبك الذي تريده ، و بالصدفة وجدت صورة صغيرة مؤطرة لفتاة صغيرة ضاحكة تبلغ السادسة عشر من العمر تقريباً ، تقف بجانب فرس أبيض ، وفي الجانب الآخر يقف آليك و الابتسامة الكبيرة مرسومة على وجهه ....

" آليك أهذه..؟"

" أجل إنها آلي "

" يبدو أنها صورة حديثة!"

" ليس كثيراً ، لقد أخذت هذه الصورة مباشرة قبل أن ..." وتغير مزاجه المرح ، في لمح البصر ..

جازفت بسؤاله:" آليك ، لقد علمت أن واليك مسافران ، لكن أين أختك الآن؟"

قال و قد ظهر الألم على محياه :" آلي الآن في مكان بعيد، ولا أحد يعلم متى ستعود! والسبب وراء ذلك بالطبع هو طليقها جون !"

عقدت الدهشة لسانها ، ما دخل جون بآلي ، بعد أقل من ثانية ، ربطت الأحداث وعرفت بأن السبب وراء اختطافها كان الانتقام بالمثل... فـ مثلما طلق جون آلي وهذا شيء لا يصدق ، لأنها لم تعلم بأنه كان متزوجاً يوماً، حاول آليك أن ينتقم من صديقه عن طريق أخته .... المعاملة بالمثل .. هذا أفضل وصف ، يمكن للقضية أن توصف به...

" لماذا طلقها جون؟"

"من الأفضل أن تسمعي القصة منذ البداية، لقد كنا صديقين لفترة لا تقل عن الأربع سنوات ، لا أدري ما الذي دعاه ذات يوم لملاقاتي في منزلي ، و لسوء الحظ كانت أختي موجودة بالمنزل فعرفتهما على بعضهما ، أحسست حينها بأنهما قد ارتاحا لبعضهما ، و كالأحمق فرحت حينها فهي كانت أختي الحبيبة أما هو فكان صديقي العزيز، مرت الأيام ولم يلتقيا بعدها مرة أخرى ....." ضحك بسخرية مريرة ..

" جاءا إلي ذات مساء ، ليزفا لي خبر خطبتهما ، كنت كالغبي تماماً حينها ، فلم أكن أعلم بأنهما كانا يتقابلان دون علمي ، ومع ذلك فرحت لهما وتمنيت لهما السعادة من كل قلبي"

" ثم ماذا حدث؟"

" تزوجا بمباركة من أهلي ، وسافرا لقضاء شهر العسل ، مر الشهر بطيئاً من دونها ، حتى جاء اليوم الذي سيعودان فيه ، فذهبت لاستقبالهما ولكني لم أرى سوى أختي ، والحزن يقطر من وجهها الذي لن أنساه ما حييت ، سألتها عن جون ، فقالت لي بأنه سيطلقها بعد أن خدعها واستولى على أسهمها في مجموعة شركات فورد، لقد تزوجها ال[محذوف][محذوف][محذوف][محذوف] طمعاً في مالها لا أكثر!"

كانت تستمع إليه وعقلها يكاد أن يقدم استقالته من رأسها ، لكثرة المعلومات التي عرف بها اليوم ، والأسوأ من ذلك لخطورتها ....

أخيراً تكلمت بصوت لا يكاد يسمع :" لماذا يستولي جون على أسهمها بينما هو غني لا يحتاج لشيء ؟"

" هذا هو الشيء الوحيد الذي رفض عقلي التصديق به"

" و أين كنا نحن من ذلك ؟ هل يعقل أن يتزوج أخي ، لا بل ويطلق زوجته أيضاً دون أن نعلم بشيء من هذا كله؟"

" كنت أنتي مشغولة بامتحاناتك ، بينما والديكما أعطياكما مطلق الحرية للسفر!"

" و أين هي آلي الآن إذن؟"

" إنها مسافرة مع والديّ ، بعد أن أقنعتهما بضرورة الابتعاد بها عن هذا المكان لفترة، لقد أحبته بصدق وما زالت تحبه بالرغم من كل شيء ، بينما ذلك ال[محذوف][محذوف][محذوف][محذوف] طمع في 9% فقط من أسهم الشركة ، حيث أنه نصيبها من شركة العائلة "

" أجبني بصراحة آليك ، هل أبعدت أهلك عن المنزل خصيصاً لاختطافي؟"

" أجل"

" وما الذي كنت ترجوه من فعلتك هذه؟ أن تتزوجني وتأخذ أملاكي وثروتي ثم تطلقني كما فعل أخي بأختك؟"

" لا ، لم أكن لأنحط إلى المستوى الذي وقع فيه جون أبداً ، كنت أريد منه أن يعيد لآلي أسهمها علّ ذلك يخفف من حزنها قليلاً"

اغرورقت عينا جوليا بالدموع :" آسفة آليك ، أنا حقاً آسفة ، لم أكن أعلم بأن جون فعل شيئاً كهذا، ومع ذلك وبكل بساطة لا أصدق ، كيف تجرأ على مثل هذا التصرف ال[محذوف][محذوف][محذوف][محذوف]، وهل أعاد إليها أسهمها ؟"

" لا بالطبع ، وهذا فقط لكي تري بنفسك كم هو أناني وطماع وجشع ، يؤثر المال على أخته ، وليته كان بحاجة له لأعطيناه العذر!"

" سأشتري منه الأسهم وأعيدها لأختك ، وتقبل اعتذاري الشديد نيابة عن أخي"

" لا أريد مالك جوليا، لقد أخبرتك بهذا عدة مرات ، أنا أستطيع أن اشتري لها الأسهم من جديد دون أن يؤثر ذلك على ميزانيتي كثيراً ، لكني لم أفعل لأن آلي تريد أن تستعيد الأسهم منه دون أي تدخل منا "

" لا أصدق ، افهمني آليك ، فلم أعتد بعد كون جون من هذه الفئة من الناس !"

" أنا الآخر لم أصدق في البداية ، إلى أن رأيت الحالة النفسية والصحية المتدهورة التي وصلت إليها آليسا!"


الفصل الخامس

" جون، لقد أخبرتها بكل شيء!"

اتسعت عيناه وقال:" ما الذي تعنيه بكل شيء ؟؟"

" قصتك مع أختي بالطبع!"

تنفس الصعداء وقال بمرح:" لقد أخفتني آليك! حمداً لله "

" لابد أن جوليا تكرهك أيها الأحمق الآن، أنت حقاً قاسي القلب!"

" لا بأس!"

" أكرهك جون!، لقد ضيعت وقتي مع شخص لا يستحق ، أنت حقاً مثال لرفيق السوء!"

" اكرهني أنت الآخر آليك، لا أهتم طالما أنك لن تخبر جوليا عن ...!"

" لا تفرح كثيراً ، ستعرف به إن عاجلاً أو آجلاً ، وطبعاً سيكون ذلك عن طريقي أنا !!"

" لماذا؟؟؟؟ حتى تضيف إلى الحقائق لمساتك الخاصة، فأظهر بمظهر الشرير!!"

" صدقني إذا كرهتك ، لن ألومها مطلقاً ، وبالنسبة للشخص الذي سيزف لها الخبر ، فبالطبع سيكون أنا !! لأنك لن تستطيع أن تعترف لها!!"

" معك حق ، أخبرها أنت ، إنما حاول أن تخفف من حدة الحقائق ، حتى لا تصل إلى درجة من الغضب بحيث تخبر والداي بــ ، أنت تعلم "

" بل سأخبرها بطريقة تجعلها تكرهك حتى آخر عمرها!!"

" أنا أعرفك ، لن تفعل سوى ما طلبته منك"

" ما الذي تعنيه ؟؟ ، أتعتقدني ضعيف الشخصية بحيث لا أقوى على عصيان أوامر اللورد المستقبلي؟؟"

" لا تسئ فهمي ، كنت أعني أنت طيب القلب ، ولن تستطيع أن تؤذي صديقك ، مهما كانت الأسباب ، وبالرغم من كل شيء، أليس كذلك؟"

" وهذا ما أخشى منه ، أنني وبالرغم من كل ما فعلته حضرتك ، لن أستطيع إيذائك!!"

سكتا قليلاً ثم قال جون:" آليك ، لقد لاحظت شيئاً غريباً منذ فترة ، لا أدري هل لاحظته أنت الآخر أم لا؟؟"

سأل بحذر :" وما هو؟؟"

" أنت لم تسألني ولا مرة عن خطيبتي!!"

" فلتذهبا إلى الجحيم أنتما الاثنان" وقطع الاتصال والشرر يتطاير من عينيه ...

ضحك جون من سويداء قلبه ، استمر بالضحك حتى طفرت الدموع من عينيه ، عندها دخلت فتاة رائعة بشعرها البني المتوسط الطول الذي يتطاير مع كل نسمة هواء تمر من خلاله ....

" جون ، ما الذي يضحكك؟ أخبرني لأضحك معك!"

" لاشيء مهماً ، فـ آليك قد صارح جوليا بموضوع زواجي أخيراً !"

" وهل هذا خبر مفرح؟"

" أوه بالطبع ، فأنت لم تسمعي صوته وهو يخبرني بذلك! وقلبي يحدثني بأن جوليا هي الأخرى نادمة على فعلتي!"

" و أنت لم تندم عليها حتى الآن؟؟"

" ولم الندم ؟؟ ، فانا لا أرى أنني أخطأت بشيء!"

" لابد أنها تكرهك الآن!"

" فلتكرهني ، لا أهتم بذلك!"

" أتعلم جون؟، بدأت أعتقد بأنك حقاً شرير!"

" أتعلمين حبيبتي؟، بدأت أظن حقاً أنك تحبينني!"

" يا للغرور!، و ما الذي جعلك تظن ذلك؟"

" لأنك ما زلت حتى الآن خطيبتي ، لم تتركيني مع أنك تعرفين كل شيء عني ، وهذا بحد ذاته شيء لا يصدق بالنظر لكونك طيبة ومحبة للخير"

" فهمت ، قل لي جون ، لماذا فعلت ذلك؟ إنها مسكينة ، أنا أشفق عليها كثيراً"

" أنت تعلمين ، لقد أخبرتك مراراً وتكراراً"

" لقد قلتها بنفسك، أنا أعلم فقط ما أخبرتني به أنت بنفسك، و ما يدريني لعلك كنت تكذب عليّ!"

" لكنها الحقيقة!"

" لكني لم اقتنع بها! لذلك إما أن تخبرني بالحقيقة الخالصة أو أخبر جوليا بما اكتشفته بنفسي!"

ضحك وقال:" يبدو أن ذكائك لا يستهان به ، وعلى أية حال ، طالما أن ما سأقوله لن يصل إلى مسامع جوليا ، فسأخبرك بالحقيقة ، ولا شيء آخر غيرها"

مع انبلاج أولى خيوط الشمس ، أفاقت جوليا من نومها فزعة ، فوضعت يدها على قلبها ...

" إنه كابوس!!"

جمعت شعرها فوق رأسها ، في تسريحة بسيطة ورائعة في الوقت ذاته ، اتجهت نحو الحمام فاغتسلت واستبدلت ملابسها ، ثم نزلت إلى الطابق السفلي ....

" آليك ، أين أنت؟؟"

سمع آليك صوتها ، في الوقت الذي قال له فيه جون :" أنت لم تسألني ولا مرة عن خطيبتي!!"

خشي أن تأتي جوليا فتسمعه فأجاب بحدة واختصار :" فلتذهبا إلى الجحيم أنتما الاثنان!" وقطع الاتصال ، و وضع هاتفه الخليوي في جيبه ... مرر يده في شعره ... حاول أن يتظاهر بالحزن .. إلا أنه لم يكن يحتاج إلى الكثير من التصنع ، فقد كان الحزن مسيطراً عليه .... لكن إذا رأته جوليا بهذا الشكل ، ستحزن بالتأكيد ، وهو لا يريد أن يعكر صفو حياتها شيء ، لم يعلم لماذا؟؟ لكنه اتبع قلبه الذي أمره بذلك... فحاول أن يتصنع الفرح .... لكن الحزن كان الغالب ... سمع صوتها من جديد منادياً ..... لم يتمالك نفسه ... فخرج من المكتبة ، راسماً ابتسامة مشرقة على وجهه ، لكنه سرعان ما أزالها ، حاول أن يرسمها من جديد .. تشابكت المعلومات في رأسه فلم يعلم ما العمل ، أيضحك أم يبكي !!!!!!!

رأته جوليا فأتت مسرعة نحوه :" آليك ، و أخيراً وجدتك!" كانت تلهث من الركض.....

" أنا هنا!!!"

رفعت رأسها أخيراً ولكن ما أن التقت عيناها بعينيه حتى قالت:" آليك ، أنا اعتذر مرة أخرى عما فعله جون ، و صدقني سأعيد الأمور إلى نصابها قريباً " خرجت كلماتها مريرة ، مشبعة بالحزن والأسف....

لم يفهم ما الذي جعلها تقول له هذا الكلام فور رؤيتها لوجهه .... أهو مثير للأحزان إلى هذا الحد .... أيذكرها وجهه بالمصائب ؟؟؟؟؟ تأكد من أن السر يكمن في وجهه فحاول أن يكتشف السبب .....

" لا تذكريني بهذه القصة السخيفة!!!"

" ماذا؟ هل نسيتها ؟؟ ما الأمر؟؟"

" لا شيء ، إنما عادت إلي روحي المرحة هذا الصباح ، ولا أريد أن يفسدها علي أي شخص ، وخاصة أختي !!"

" لكنك تبدو بعيداً أشد البعد عما تسميه مرحاً!!!"

" أهذا صحيح ؟؟ ، أنظري إلى الابتسامة تعلو وجهي !!"

" لكني لا أرى أية ابتسامة !!!"

تنهد ثم قال :" يبدو أنني أحاول مستميتاً أن أبدو مرحا ًلأجلـ .......، لكن دون فائدة!"

" لأجلي؟؟ أنت تجعلني أشعر بالذنب !!"

" لا تشعري بالذنب لأجلي ، جوليا فأنا لا أستحق "

" بالعكس ، أنت تستحق كل الخير آليك، فبالرغم مما فعله جون ، ما زلت تحاول أن تصلح خطأه دون أن تخبر أهلي بما فعله!"

" صدقيني جوليا، أنت لا تعرفينني جيداً و إلا لما قلتي مثل هذا الكلام ، أنا مثل جون ، وربما أسوأمنه بكثير!!"

" لماذا؟"

" ربما لأنني اختطفتك؟؟"

" أما زلت تذكر هذه القصة القديمة؟، لقد نسيتها أنا تماماً ، ثم إن هذا الأمر لا يجعل منك شريراً، فما فعلته كان لأسباب منطقية"

" يا للأسباب !! أسبابي كلها غير منطقية ، ولا يقبلها العقل السليم !!"

" فلننس الموضوع ، ولنتناول فطورنا !"

" كما تريدين!"



" جوليا ، لا بد أنك غاضبة مني لأنني أفسدت عليك خطة قضاء أمسية الليلة الماضية !"

" لا ، أنت مخطأ ، أنا لست غاضبة منك ، إنما غاضبة من جون ، لم أكن أعلم بأنه يستطيع أن ... آسفة ، لقد تكلمت بتهور ، لم أحسب حساباً لمشاعرك تجاه الأمر"

" لا بأس ، لم أعد أهتم به"

" لا تكذب آليك ، أنا أراه في عينيك "

" من هو؟؟؟"

" الحزن بالطبع !"

" لكن هذا لا يعني أنني حزين على آلي ، ألم يخطر في بالك قط أنني تعيس لسبب آخر؟؟"

" لا ، أخبرني ما هو ؟؟؟"

" خمني !"

" لقد عرفت، أنت حزين لأنك لم تر خطيبتك منذ أن جئت أنا إلى هنا ، فبالتأكيد أنت مشتاق لها كثيراً "

" وكيف عرفت؟؟"

" إذن لقد كنت محقة ، يا للرومانسية !! ، أنا أحبك كثيراً آليك ، أتعلم ؟؟ خطيبتك أسعد فتاة في العالم ، لأنها وجدت من يحبها حقاً"

اتسعت عيناه دهشة .. تحبني؟؟!! لا، لم تكن تقصد ما فهمته أنا ........ بل إنني لم أفهم ذلك بهذه الطريقة إلا لأنني أريد أن يحدث هذا حقيقة........ ماذا؟؟ أيعقل أن أكون ...

" آليك ، يبدو أنك ذهبت مع أفكارك بعيداً عني !"

لقد ذهبت بأفكاري ؟؟، أوه هذا صحيح ، إنما لم أذهب بعيداً عنك ..... فأفكاري منذ رأيت شعرك لأول مرة ، لا بل منذ أن رأيك عينيك ، أو ربما وجهك ... لا أعتقد أن أفكاري منذ أن رأيتك عموماً ، أصبحت تدور حولك أنت ، وأنت فقط ، ليتني فقط أستطيع أن أخبرك بهذا...

" لقد كنت أفكر بخطيبتي!"

لابد أن في عقلي خلل ما ، وفكر بسخرية : لماذا ذكرت خطيبتي الآن؟؟

"يا للرومانسية ، حدثني عنها"

"أنا لا أتحدث عنها مطلقاً!"

" لماذا؟؟؟"

" لأن .. لا أدري ، لا أستطيع وصفها!"

" يا للروعة ، ألهذه الدرجة تحبها؟؟"

" أية درجة تعنين؟؟"

" إلى درجة أنها تخطت مرحلة الوصف!!"

" عقلك صغير جداً جولي "

" لماذا؟"

" يا لهذا التفكير!"

رن هاتفه ، فرد بصبر فارغ:" فورد يتحدث"

تغير صوته فجأة:" أوه ، مرحباً ، لم أرك منذ زمن طويل ، لقد اشتقت إليكِ كثيراً ....."

ولم تسمع البقية لأنه كان قد دخل إلى البيت ليتكلم بحرية أكبر .....

من هذه التي اشتاق إليها ؟؟؟ لابد أنها خطيبته الحبيبة.....

ولكن ما دخلي أنا؟؟؟؟ فلأتركه وخطيبته .... لكن كان عليه أن يحسب حساباً لمشاعري ...

وما دخل مشاعري و أحاسيسي في الموضوع ؟؟؟؟

" إلى أين ذهبت بأفكارك؟"

" لقد أخفتني ، منذ متى وأنت تقف هنا تراقبني؟؟"

" لقد خرجت للتو!"

" حسناً هذا لا يهم"

" ما رأيك بغداء على شاطئ البحر ؟؟"

" آسفة ولكني فقدت شهيتي للطعام ، ولا أعلم ما السبب ، سأرتاح في غرفتي حتى وقت العشاء"

و دخلت تاركة إياه في حيرة من أمره ...

ما الذي حل بها ؟؟؟؟ لابد أنني كدرتها بطريقة أو بأخرى ....

استلقت على سريرها تفكر..... ما الذي حل بي؟؟؟ لماذا تغير مزاجي بهذه السرعة ودون سبب.. لكن لا ، لكل فعل ردة فعل ، ولابد أن ما حدث كان ردة فعل لشيء ما ... ولا أدري ما هو؟؟

آليك مسكين يعاني كثيراً ، وسبب معاناته أخي جون ، إنه يستحق فتاة تحبه و تسعده ...

يبدو أن هذه الفتاة .. خطيبته تحبه ، وإلا لما أصبحت خطيبته! إذن من المفترض أن يكون سعيداً .. ولا يكدر صفو حياته شيء سوى مصيبة أخته ....

إلا إن كانت خطيبته لا تحبه بينما هو متعلق بها و لا يعرف طريقة يجعلها تحبه بها، ففي هذه الحالة سيكون حزيناً بالطبع ....

لقد اكتشفت الأمر .... هذا هو السبب بالتأكيد ، لا يمكن أن أكون مخطأة ، سأساعده ليمحو أحزانه جميعها ...... و أدوس على قلبي؟؟؟؟؟؟

قلبي؟؟؟؟؟؟!!!!!!! وما شأن قلبي بآليك؟ ......أنا لا أحبه حتى ، بلى أنا أحبه كأخ لا أكثر ... نعم بالطبع حبي له كحبي لجون لا غير ..... أجل هذا صحيح ... أنا لا أحبه .... بل إنني لا أحبه على الإطلاق ... أبداً .....

طرق الباب في هذه اللحظة ...

" أدخل !" قفزت من السرير واقفة على قدميها ....



" يجب أن تأكلي شيئاً جوليا!"

" أوه أجل ... يجب أن آكل ... هذا صحيح .... ماذا؟؟؟ آكل؟؟؟ لقد سبق أن قلت لك بأني لا أرغب بالطعام!"

" ما الذي يجري؟؟ ، لا تبدين طبيعية اليوم"

" أنا ؟؟ لابد أنه الطقس ، فأنا لا أتحمل الأجواء الشديدة الحرارة!"

" لكن درجة حرارة هذا اليوم بالذات منخفضة جداً!"

" أهذا صحيح؟؟ أجل ، الطقس اليوم بارد جداً"

وضع يده على جبينها :" حرارتك طبيعية، هذا غريب!"

احمر وجهها و توقف عقلها عن التفكير، لكن ما أن رفع يده عنها ، حتى عاد عقلها ليمارس عمله السابق .. ففهمت ما كان يعنيه ....

" أتقصد بأنني مجنونة؟؟"

" ربما ، هذا ممكن"

" ماذا؟؟ على أية حال ، ما الذي أحضرك إلى هنا؟؟"

" قدماي بالطبع ، أقصد لقد أتيت لأعتذر لك "

" وهل فعلت شيئاً خاطئاً يستحق الإعتذار؟"

" لا أدري، ولكن لأنك صعدت فجأة ، اكتشفت بأني لابد قد فعلت شيئاً جعلك تحزنين أو تغضبين على الأقل! "

هل اكتشف السبب يا ترى ؟؟؟ أي سبب ؟؟ أنا نفسي لا أعلم به ....

" لقد تذكرت فجأة جوليـ ...... ، لقد مرت ببالي ذكريات أخمدت شهيتي ، هذا كل ما في الأمر!"

لقد كاد اسم جوليان أن يفلت من بين شفتيك ، لماذا تحاولين مستميتة محوه من حياتك ؟؟؟

لقد فهمت الآن ، أنت تحبينه ولذلك لم تؤثر بك خطتي الغبية ، في جعلك تلعبين في الأجواء الرومانسية تلك الليلة .....

يجب عليّ أن أسعى جاهداً لطرده من عقلك و الأهم من ... قلبك !!

يؤثر بي هذا الأمر كثيراً ، ولا أدري لماذا .... لكن .. هل هناك من مثل يقول ... علاج الداء بالداء شفاء ؟؟؟؟

لا أدري ، إنما حتى لو كان موجوداً ، لن أعتقد به وبالتالي لن أعمل به !!!

لكني لم أجد علاجاً غيره ، لذلك سأعمل به ......

لحظة واحدة، ما هي النتيجة من ذلك الأمر كله؟؟؟ سأسبب لها التعاسة ... يا للغرور!! أنا أتكلم وكأنني واثق تماماً من أنها ستحبني .... ما الذي يدعو فتاة مثلها للوقوع في حب شاب مثلي؟؟؟

" إذا كان الأمر كذلك ، فلا بأس ، لن أضغط عليك كثيراً ، إنما هذا لا يعني أنني سأسمح لك بالبقاء حبيسة هذه الغرفة حتى المساء!، سنذهب لمدينة الألعاب! تجهزيبسرعة و إلا سألغي الرحلة!"

" احسب بنفسك كم أحتاج من الثواني لأكون جاهزة!"

كما توقعت ، هذه الطريقة تأتي بالمفعول المطلوب .....

وقف مبتسماً يراقبها وهي ترتب شعرها المرتب ، آه كم أتمنى أن أرى هذا الشعر منسدلاً على كتفيك ....

أخذت تلوح بيدها أمام عينيه... فقال:" ماذا تفعلين؟؟"

" أردت أن أعرف فقط بما كنت تفكر فيه ، إلا أنك كالعادة بقيت لغزاً بالنسبة لي"

" هذا جيد "

" ما الذي تقوله آليك ؟؟، لم أعد أفهمك هذه الأيام"

" إن كنت تحاولين معرفة طريقة تفكيري ، فانسي الأمر ، لأنك سترين ما لا يعجبك !! "

" كما تشاء آليك ، كما تشاء "

أتعتقد حقاً أنني سأستسلم بهذه السهولة؟ إنما أنا أنتظر فقط حتى تحين اللحظة المناسبة....

" هيا بنا ، فلنذهب!"



" قطار الموت هو لعبتي المفضلة ، فلنذهب إليه"

" ألا تخافين؟؟؟ لقد ركبنا عدة ألعاب لا يركبها إلا المجانين من الشباب المتهورين"

"أنا أعشق المغامرة ، لا تخبرني بذلك!"

" أخبرك بماذا؟"

" بأنك خائف !"

" أنا أخاف ؟؟؟، لم تعرفيني بتاتاً جوليا وإلا لما تفوهتي بهذا الكلام "

" إذن ، ما الذي ترجوه بوقوفك هنا في هذا المكان؟؟، سأذهب إلى قطار الموت ، ولك حرية الاختيار ، إما أن تأتي معي أو تذهب إلى حيث تشاء"

" سآتي بالطبع "

ركبا بجانب بعضهما ، وربط حزامه و التفتت نحوها ليساعدها فوجدها قد انتهت من ربطه ، واسترخت على مسند الكرسي ، مغمضة عينيها .....

" جوليا ، هل ركبت في مثل هذه اللعبة من قبل ؟"

" بالطبع!"

" هنا؟"

" لا "

" لوحدك؟"

" لا ، مع جـ.... لماذا كل هذه الأسئلة ؟؟؟ أتحقق معي أم ماذا؟؟"

" مجرد فضول لا أكثر"

كما توقعت تماماً ، لقد سبق أن ركبت القطار مع جوليان ، ولذلك أراها مغمضة العينين ، شاردة الذهن ، لابد أنها تفكر فيه الآن ، وتتخيله جالساً بيننا هنا .....

بدأ القطار بالتحرك البطيء الذي سرعان ما أخذ يزيد من سرعته ، حتى تتابعت الصرخات من الناس الموجودين ...

" جوليا، ألا تزعجك صرخات الجالسين أمامنا؟؟"

" لا ، أين المتعة إن لم يصرخ البعض؟؟؟"

" يا للمنطق العجيب! ءأنت جادة؟"

" اكتشف بنفسك!"

أخذت تصرخ ، حتى بح صوتها ..... مما جعل آليك يضحك ...

" أتضحك عليّ أيها الأحمق ، كيف تجرؤ؟، أنا جوليا ......"

أكمل عنها شاب جالس في العربة السابقة للعربة التي تسبق عربتهما :" المجنونة! أنظروا إليها جوليا المجنونة معنا في قطار الموت!"

قال آليك ضاحكا!:" هل سمعت ؟؟؟ أنت جوليا المجنونة "

حاولت أن تنظر إلى المجموعة التي في الأمام ، لكنهم سهلوا لها الأمر بأن التفتوا جميعهم إلى الوراء...

" إنه مايك ، ومعه روبرت و زاك و شخص آخر لا أراه بوضوح ، يبدو أنه رون !"

لوحت بيدها باتجاههم ، ثم هتفت بأعلى صوتها :" أهلاً مارك! والبقية "

لوحوا بأيديهم ، وفجأة بدأت الزلازل الصوتية التي تكاد تفجر القطار ، تنطلق من مايك و أصدقائه .....

" من هم هؤلاء العصبة؟؟؟ أتعرفينهم؟؟"

" أجل إنهم أصدقائي " و أخذت تلوح لهم من جديد ....

"كيف تسمحين لهم بنعتك بالمجنونة؟"

" إنه مايك ، يحب المزاح كثيراً"

صرخة قوية افلتت من فتاة تجلس في الخلف ، قطعت على آليك ما كان ينوي قوله ، لم تكن تلك الصرخة مصطنعة كما هي الحال مع بقية الصرخات المتوالية التي كانت تصدر عن المجانين الموجدين معهم في القطار ، لقد كانت أشبه بصرخة رعب ... مما دعاهما للالتفات إلى الخلف فرأيا العجب ... فتاة شاحبة الوجه ، تكاد تسقط إلى الأرض لولا تلك اليد الممسكة بها ....

عيناها جاحظتان ، شعرها يتطاير حولها بفعل الريح القوية الناتجة عن تحرك القطار بهذه السرعة الهائلة... لم تكتشف جوليا السبب الذي جعلها تنظر إلى الشاب الذي كان ممسكاً بالفتاة ...

نظرت إليه ، ورأت في عينيه رعباً يفوق ما رأته في عيني الفتاة نفسها ....

شدت لا شعورياً على ذراع آليك ، الذي لم يحرك ساكناً لأنه لم ينتبه أصلاً لحركتها هذه :" آليك ، مالعمل الآن؟"

" لا أدري ، لا أستطيع أن أفعل شيئاً جوليا ، نحن بعيدون جداً عنها"

في هذه اللحظة سحب الشاب فتاته و أجلسها بجانبه ، وضمها بقوة بين ذراعيه ، في الوقت الذي نزل فيه القطار بقوة كبيرة كادت أن تسقط الفتاة مرة أخرى ، إلا أن الشاب كان ماسكاً إياها بقوة أكبر فلم تسقط ...

و أخيراً توقف القطار ، فنزلت منه جوليا مسرعة لترى الفتاة المسكينة ، أمسكها آليك :" لا تذهبي إليها ، فمن المؤكد أنها لا ترغب برؤية أحد الآن"

" لكني أريد أن أطمئن عليها!"

أفلتها وقال:" كما تريدين، إنما لا تقولي أنني لم أحذرك من قبل "

ذهبت راكضة نحو التجمع الكثيف حول الفتاة ، يتبعها آليك بخطواته الواسعة ....

سمعت صوتاً يقول وبقوة ووضوح :" إنها بخير الآن ، شكراً للمساعدة أرجو أن تذهبوا الآن جميعكم!"

تفرق الجمع الغفير ، إلا أن جوليا لم تذهب ، شدها منظر هاذين الشابين ، الفتاة المرتجفة ، والشاب الذي يحاول إخفاء خوفه .... سحبها آليك من ذراعها ، جاراً إياها معه ....

" دعني ، أريد أن أراه!"

قال لها والشرر يتطاير من عينيه :" ألا تعتقدين أنهما يرغبان بالجلوس بمفردهما بعد هذه الحادثة؟"

قالت هامسة:" لم أفكر في ذلك من قبل !"

رق صوته :" أنا آسف جولي ، إنما علينا أن نعطيهما المجال للتفاهم "

التفتت إلى الخلف فوجدتهما في نقاش حاد كما يبدو ....

" أنت محق ، ما كان عليّ أن أتدخل في الأمر"

"انسي الموضوع ، تبدين شاحبة جداً ، لربما أثر فيك هذا الحادث أكثر مما أثر فيهما، انتظريني هنا قليلاً سأحضر لك ماءاً ثم أعود ، لا تتحركي"

ما أن ابتعد عن ناظريها ، حتى رأت مجموعة من الشباب متجهة نحوها .........

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة Rehana ; 09-07-12 الساعة 02:24 AM
عرض البوم صور كوكوواوا2   رد مع اقتباس

قديم 01-09-07, 06:53 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Sep 2007
العضوية: 40251
المشاركات: 783
الجنس ذكر
معدل التقييم: كوكوواوا2 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 45

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كوكوواوا2 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كوكوواوا2 المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 


الفصل السابع



قال والابتسامة لا تفارق وجهه:" لا أعلم عم تتحدثين!"

أجابت بنفاذ صبر:" أنت تعلم تماماً عم أتحدث! لقد رأيت عينيك تلمعان بخبث عدة مرات، وهذا يعني أنك اكتشفت أشياء خطيرة كالعادة، كذلك فقد سمعتك تسأله عن نادي كريستال روز، على أية حال ما دخل ذلك النادي بآليك؟"


" سأخبرك بكل شيء فقط لأنك صديقتي، اسمعي، قبل أسبوعين تقريباً، ذهبنا جميعاً أنا وأنت ومايك وزاك ورون وسيليا وبقية المجموعة إلى نادي كريستال روز كالعادة"


" لم أفهم حتى الآن ما دخل آليك بالموضوع!"


" لم أكمل كلامي بعد!، في ذلك الوقت لم يأتي معنا جون، أليس كذلك؟"


" بالطبع، لأنه ليس من المشتركين فيه!"


" وهذا ما أعنيه، إلا أنه على غير عادته جاء ومعه شخص آخر!"


" أتعني......؟؟"


" أجل، إنه آليك!"


" لكنني لا أرى شيئاً غريباً، فآليك وجون صديقان ومن الطبيعي أن يذهبا إلى المكان نفسه!"


" هذا لأنك غبية، ألم تتساءلي عن السبب الذي دعى جون للتواجد هناك برفقة صديقه في الوقت الذي كنا فيه نحن متواجدين، دون أن يلقي بالتحية علينا حتى، هذا بصرف النظر عن انضمامه إلينا؟"


" لا أدري!"


" لا بأس، اسمعي أتذكر أنك في ذلك الوقت ذهبت مع سيليا لوحدكما كي تلعبا التنس الأرضي، حينها ذهبت مع البقية إلى المسبح، وفي الطريق لمحت المذكورين أعلاه!"


" لماذا لم تلقي عليهما التحية إذن؟"


" لا تقاطعيني كثيراً جوليا!"


" آسفة، أكمل"


" حسناً، لقد لفتت نظري في ذلك الوقت حركة صدرت من جون!"


" وكيف ذاك؟ أوه آسفة على المقاطعة!"


" لا بأس، لقد تشاغل بطلب الطعام في الوقت الذي كنتما فيه أنت وسيليا تمران أمامهما متوجهتين نحو ملعب التنس الأرضي!"


"ثم ما الذي حدث؟ لا أتذكر أنني شاهدت أياً منهما ذلك اليوم!"


"وهذا هو مفتاح اللغز!"


"أي لغز؟ عم تتحدث؟"


" لم أخطأ حين نعتك بالغبية جولي!، فكري معي قليلاً، ما الذي يدعو جون للتشاغل عن آليك، في حين كان آليك يحدق بكما؟ هذا أولاً، وثانياً وكما ذكرت سابقاً، كان جون متشاغلاً -ركزي على هذه الكلمة- وفي الوقت عينه كان يرمق صديقه بنظرات خبيثة وضحكة النصر تكاد تنفلت من عقالها؟"


قالت ببلاهة:" لم أفهم شيئاً"


" هذا أفضل في الوقت الراهن!"


" ما الذي تعنيه؟، يبدو أن لديك الكثير من الأسرار المخبئة تصرخ طالبة الإفراج!"


" هذا صحيح، إنما لن أخبرك بها الآن"


" لماذا؟ لا تقل بأنها ستعذبني أنت الآخر!"وسكتت فجأة..


قال مبتسماً:" هذا يعني أنه يوجد من سبقني بهذا القول!، اعترفي بسرعة، من هو؟؟؟ أو من هم؟؟"


" كانت زلة لسان فقط! لا تهتم لقولي"


" إذن يبدو أن ما اكتشفته صحيح بالرغم من استحالة تحققه!"


" لا أفهم شيئاً، ارحمني روبرت واخبرني"


" لا، ليس بعد، ليس قبل أن أتأكد من الموضوع، فقد يكون الموضوع برمته من نسج خيالي فقط!"


أي موضوع؟؟ لست أفهم شيئاً مما تقول!"


" فلنذهب إليهم وإلا قد يستدعي هذا أحدهم إلى الشك بنا!"


عادا منفصلين تجنباً لإثارة الشكوك....


وحين رأى آليك جوليا قال لها:" لقد اتفقنا على قضاء الأمسية في السباحة و الشواء ومن ثم سنقضي الوقت المتبقي من الليل في ممارسة بعض أنواع الرياضة، فهل لك أن تشرفينا بانضمامك إلينا؟"


وكأن لي الخيار في ذلك!!!!!


قالت والابتسامة تكتسح وجهها الرائع التقاطيع:" بالطبع، وهل عهدتني أفوت على نفسي مثل هذه الحفلات؟"


ابتسم وقال:" هذا جيد، فلنذهب إذاً"


في حديقة قصر فورد، وفي تمام الساعة التاسعة مساءً، تحديداً حين كان الرباعي المرح يمرحون في مسبح القصر الكبير، جلس آليك على إحدى الكراسي المنتشرة هنا وهناك متفرجاً، وعقله في مكان آخر مع الشيء الجديد الذي بدأ يتحرك رغماً عنه في داخله.....




خلف إحدى الأشجار وقفت جوليا ناظرة إلى آليك، وعندما تأكدت من أنه لم يكن منتبهاً لغيابها عن المكان..


استدارت ناوية تنفيذ خطتها، إلا أن فكرة لمعت في بالها دعتها للتأكد من أن روبرت لم يشعر بغيابها هو الآخر..


انطلقت بعدها نحو المنزل بخفة، دخلت فلم تجد أحداً من الخدم، أكملت طريقها نحو الهاتف، فقد كان هاتفها الخليوي في أراليا.....


اتصلت فوراً بمنزلها، وأخذت تنتظر بقلق الرد....


أحس آليك بشعور غريب يدعوه للتأكد من أن كل شيءٍ على ما يرام، تلفتت حوله فلم يجد شيئاً قد يثير الشكوك ضده.... فتناسى الموضوع بقلق....


وأخيراً وبعد دقيقة كاملة من الانتظار رفعت السماعة لتعلن عن شخص أجابها...


قالت بصوت خافت:" مرحباً ويني، أنا جوليا، أريد التكلم مع أخي!"


انتظرت فترة قصيرة بدت لها من شدة خوفها ساعة..


ثم جاءها صوت جون قوياً واضحاً وهو يعلن قائلاً:" براون يتكلم!"


" أوه جون، بيننا حديث طويل غير منته، أتذكر؟"


" لا مع الأسف لا أتذكر شيئاً من ذلك القبيل!"


" جون لقد سمعت أنك طلقت أخت آليك، أهذا صحيح؟"


" أجل، وبم سيفيدك علمك بهذا؟"


قالت ساخطة:" كيف تجرأت على ارتكاب مثل هذا العمل الشنيع، جون؟"


قال ببرود:" لقد حصل ما حصل وانتهى ولست نادماً مثقال ذرة على ما فعلته، فإن كنت على وشك إلقاء محاضرة عليّ، فعجلي بذلك، ليس لدي الوقت الكافي لسماع النصائح! فكما تعلمين عندي خطيبة بانتظاري!"


عقدت الدهشة لسانها، ثم وبعد لحظة قالت:" خطيـ... خطيبة؟؟!!!"


" أجل، ألم تعلمي بهذا يا أختي الصغيرة؟"


" لا، لا تقل بأنها إحدى ألاعيبك مرة أخرى!"


" أحبك جولي فقط لهذا السبب، فأنت دوماً تقرأين أفكاري، سأتزوج من هذه الفتاة أيضاً لنفس السبب الذي من أجله تزوجت بآليسا اللطيفة! سأستولي على أموالها ثم سأطردها كبقايا الطعام من حياتي!"


" لا أصدق جون، أنت لم تكن بمثل هذه الأخلاق من قبل!"


" لقد تعلمت فنون الأعمال الحرة المضمونة الربح، فبهذه الطريقة أحصل على ربح وفير وأكيد ودون أي جهد يذكر!"


" لا تحاول خداعي! أنت لست كما تقول! ولست أيضاً كما يقال عنك! أعترف بأنك في بعض الأحيان تكون غريب الأطوار، لكني لم اتصورك يوماً بهذه النذالة!"


" هذا لأنك لم تعرفيني أبداً يا أختي العزيزة!، على أية حال كيف حالك؟"


قالت بحرقة قلب:" هل تذكرت أخيراً أن تسألني عن حالي؟، ألم تتساءل يوماً عم إذا كان صديقك يسيء معاملتي؟؟ أم أنك ببساطة كنت مشغولاً بخططك (بسخرية أكملت) الذكية؟؟!!!!!"


" بصراحة لقد ألقيت هذا السؤال لا شعورياً، فبم سيفيدني معاملته لك برقة أو بخشونة؟؟؟؟ ببساطة أنا مستعد لبيع نفسي حتى من أجل المال!"


قالت بغضب:" اذهب إلى الجحيم أيها اللورد المستقبلي!"


وقطعت الاتصال بغضب شديد....


لا أصدق جون اللطيف، انقلب رأساً على عقب خلال شهر واحد!!!!!!! لكن واجبي تحتم عليّ التكفير عن أخطاءه..... آليك أنا أثق بك، إنما كنت أرجو أن أستطيع إقناع جون بتسليم حقوق أختك لها.. لكن لا بأس ما دمت لم تعلم بهذا... إلا أن هذا يعتبر خيانة لخاطفي... أأمزح؟؟ خيانةٌ لخاطفي؟؟؟؟!!!!!! إن هذا هو الشيء الوحيد الصائب الذي فعلته منذ وصولي إلى هنا، كان عليّ أن استغل فرصة وجود المجموعة في مكان عام لأزف إليهم النبأ السعيد، نبأ اختطافي.. رغم أن هذا الاتصال لم يكن ذا فائدة تذكر، إلا أنها الخطوة الأولى من خطوات التعقل... منذ أن اختطفت وأنا كالبلهاء غارقة في السعادة، فقد تحقق حلمي أخيراً.... يجب أن أهرب لم يعد من فائدة ترجى من بقائي هنا، فالخطر هنا يخيم على الأجواء، فأنا قد ابتدأت بـ ..... بماذا؟؟ بالإعجاب به... أنا أخادع نفسي، ليس هذا الشيء الذي أشعر به هو ما يطلق عليه الإعجاب، إنه... الحب بالتأكيد، إلا أن هذا الحب محكوك عليه بالفشل الذريع....


أولاً: إنه خاطب وأنا كما يبدو أحاول جاهدة أن أتناسى هذه الحقيقة..


ثانياً:كيف له أن يثق بأخت من خدع أخته...


ثالثاً: ما الفائدة من بقائي هنا وقد اعترف جون بأنه لا يهتم لي مثقال ذرة؟؟؟؟


عليّ أن أجد طريقة لمغادرة هذا المكان... وهذا لا يعني أنني لن أرد لآليسا أسهمها، سأشتريها من جون وأعيدها لها.....


لكن هل سأستطيع حقاً أن أودعك إلى الأبد آليك؟؟؟!!!!!


فكرت بحزم: أوه بالطبع أستطيع، فأنا مازلت في بداية الحب...... ثم إنه تجربتي الأولى في الحب، لذلك بالتأكيد سوف يخرج بنفس السرعة التي دخل بها قلبي...


قطعت أفكارها وخرجت من المنزل عائدة إلى حيث كان الجميع متحلقين حول إحدى الموائد...


لم يكن آليك بغافل عم كان يجري في منزله، فقد رن هاتفه الخليوي فجأة، فتحه فقرأ رسالة جعلت ملامحه تتغير وبسرعة اتجه نحو منزله...


انتبه لحركته روبرت ولم يعلق بشيء وتظاهر بعد ملاحظة أي شيء غريب....


حين هم آليك بالدخول سمع جوليا تقول:" ألم تتساءل يوماً عم إذا كان صديقك يسيء معاملتي؟؟"، جمد في مكانه، ثم فجأة ودون سابق إنذار ترك المكان وخرج من جديد دون أن تشعر جوليا بحضوره...


عاد إلى مقعده، استلقى عليه وأخذ يفكر:"لها الحق في تجربة جميع الطرق التي قد تمكنها من الهرب، ولها أيضاً الحق كل الحق في أن لا تثق بي، فما أنا سوى مجرم، و إن لم يكن هذا بإرادتي..."


بسخرية أكمل تفكيره:" أي إرادة هذه؟؟؟؟ لم يجبرني أحد على إختطاف تلك الفتاة المسكينة....."


تذكر فجأة جملة قالتها لأخيها قبل قليل، فقد قالت:"يسيء معاملتي"


أحقاً كنت أسيء معاملتها؟؟؟ إذن عليّ أن أغير أسلوبي.. سأحاول أن أخرج معها إلى حفلات أكثر، و سآخذها إلى التسوق فالفتيات عادة يعجبن بهذه الأشياء وربما أخذتها إلى أماكن أخرى.....


ليس باستطاعتي أن أفعل أكثر من ذلك، لأنني وبكل بساطة لا أدري ما العمل، أيكفي أن أنسيها بأنها مختطفة، أو ربما عليّ أن ....... أوووووووه جون إنه خطأك أنت، فلم لا تساعدني؟؟ كرهتك يا جون حقاً، لا أدري كيف سأتحمل وجودك قريباً طوال حياتي......


أنا لا أحاول أن أبرر لنفسي ما فعلته، فلولا لحظة الضعف التي مررت بها ذلك اليوم في أراليا لما كنت الآن في مثل هذا الموقف الصعب.....


مرر أصابعه في شعره كعادته حين يشعر بالتوتر أو الضيق....


سمع أصواتاً تناديه، فرفع رأسه ورأى رون وزاك يدعوانه ليساعدهم في الشواء......


ابتسم مخفياً بذلك كل علامات الإرهاق التي بدأت تظهر دلائلها حول عينيه على شكل هالات سوداء...


نظر إليه روبرت مشفقاً وكأنه يعرف تمام المعرفة بأدق تفاصيل حياته وبالصراع الذي يدور في خلده...


جلسوا حول إحدى الموائد فجاءتهم جوليا حاملة كتاباً في يدها....


قال مايك:" أين كنت جولي؟"


قالت بابتسامة:" كنت أقرأ كتاباً تحت تلك الشجرة!"


رون:" أسرعي بالجلوس فآليك سيحكي لنا عن إحدى مغامراته التي خاض غمارها في جزر راندال!"


" أنا أحب الاستماع إلى هذا النوع من القصص!"


وظلوا على هذه الحال يتبادلون أطراف الحديث، يضحكون حيناً ويقهقهون أحياناً....


حتى بدؤوا بمباريات دورية في التنس الأرضي، انتهت بتعادل بين بطلة التنس الوطنية جوليا، وبين آليك الذي كان قد ترك ممارسة هذه الرياضة منذ عدة سنوات..


ودع الجميع آليك، وأصر مايك على إيصال جوليا إلى شقتها.... إلا أن روبرت دبر حجة وبسرعة ابقت أذهان مايك ورون وزاك منصرفة إلى التفكير فيها طوال الطريق فنسي الجميع جوليا التي لم تخرج من المنزل....


قال آليك بعد ذهاب الجميع مخاطباً جوليا:" أتساءل لماذا لم يصر روبرت كالبقية على إيصالك؟"


" إن روبرت فطن سريع البديهة لا يفوته شيء وقوي الملاحظة، فلا تصب بالدهشة إن علمت بأنه اكتشف أنني مختطفة ومحجوزة هنا!، في نهاية الأمر، لا أحد يعلم فيم كان روبرت يفكر حين تركني هنا! أنا متعبة و سأخلد للنوم، عمت مساءاً"


" عمتِ مساءاً ليدي"


نظرت إلية متسعة العينين ثم ما لبثت أن هزت كتفيها وكأن ما قاله لم يؤثر بها.... لكن ما أن دخلت غرفتها وألقت بنفسها على السرير حتى أخذت تفكر في السبب الذي جعل آليك يعود إلى استعمال الرسمية وفي هذا الوقت بالذات!"


الفصل الثامن

استلقت جوليا على فراشها، أو بالأصح فراش أليسا، بعد أن أسدلت شعرها، فأخذت تفكر:" يا له من متقلب المزاج!، فحين كنا في مدينة الألعاب، لم أر شخصاً قط بمثل لطفه، وما أن أتينا إلى هنا حتى تغير مزاجه وأخذ يعاملني ببرود شديد، انتهى بعودته إلى استعمال الرسمية فيما بيننا!، آليك أكرهــــــك!"، رفعت شعرها مرة واحدة، ثم تركته ليسقط على وجهها....


" تكرهني!" هذا ما فكر به آليك فور دخوله غرفته، ألقى بنفسه على سريره، وأخذ يفكر:" لابد أنها تكرهني الآن، (أكمل ساخراً بصوت مرتفع) وما الذي يدعوها للوقوع في حبي؟، فأنا مجرم، مجرم! وهذا بسبب جون السخيف!، أوه تذكرت شيئاً، اليوم التقينا بجوليان لذلك فإن أي أملٍ لي قد تلاشى!، لا أدري لماذا تحبه، ألوسامته أم لأخلاقه؟ أو ربما لِغِناه؟؟؟، أنا بالتأكيد أوسم منه بمراحل، أجل و والديّ ربياني على الأخلاق الحميدة إلا أنني كما يبدو نسيت تلك الأخلاق عندما فكرت بإختطافها!، كذلك فأنا أغنى منه بكثير بشهادة جون!، مهلاً ربما أحبته لأجل لقبه!!!!، أما أنا فمجرد غني دون لقب، وما الفرق؟؟ هل يهم اللقب هذه الأيام، أم أن الفتيات يهتممن بهذه الأمور التافهة؟!!، لطالما حسدت على الثقة الكبيرة بنفسي، لكني الآن وفجأة فقدتها!، فأصبحت كعاشق محطم يحاول إختلاق الأعذار لـ.......، مهلاً أصبحت كـ ماذا؟؟؟!!!!!!، عاشق؟؟!!!!،( قفز من سريره فجأة و أخذ يقطع الغرفة ذهاباً وإياباً بتوتر شديد وأصابعه كالعادة تتخلل شعره البني الكثيف، ثم صرخ فجأة) جولي ما العمل؟؟"


خرج من الغرفة صافقاً الباب خلفه بشدة اهتزت لها جنبات المكان، ركب سيارته الفارهة وانطلق بها بسرعة خيالية...




قفزت جوليا مجفلة من الصوت الذي سمعته، فذهبت مسرعة إلى النافذة.


فتحتها فرأت سيارة آليك مبتعدة بأقصى سرعتها، حتى خالته مشتركاً في سباق للسيارات!


" يبدو أن عقله في إجازة هذه الليلة!، ( تنهدت ثم أكملت) لكم أحب ذلك الخاطف الغريب الأطوار!"


أغلقت الستار وعادت لسريرها تنشد النوم الذي فارقها هذه الأيام!

* * *
مع توسط الشمس لكبد السماء، أفاقت جوليا من نومها، اتجهت مباشرة نحو الحمام استحمت وتأنقت أكثر من العادة، نظرت إلى الحديقة عبر النافذة المفتوحة فلم تر سيارة آليك تحييها كالعادة..

هزت كتفيها ونزلت إلى الطابق السفلي..


" صباح الخير ليدي، الغداء جاهز!"


ابتسمت وقالت:" شكراً لك فأنا جائعة جداً اليوم، ألن ينضم إليّ آليك؟"


" السيد فورد خرج البارحة ولم يعد!"


" لا بأس!"


جلست على المائدة لتتناول الطعام، وما أن شرعت بالأكل حتى سمعت صوت الباب الرئيسي يفتح وصوت الخادمة تسأل آليك عما إذا كان يرغب بتناول الطعام، وصوت آليك وهو يرد عليها بالنفي باقتضاب، ثم وقع أقدامه على الدرج...


أحست بالشبع فجأة فخرجت إلى الحديقة وجلست على أحد المقاعد...


" جون أيها الأحمق!"


كادت هذه الصرخة الصادرة من آليك أن تفجر هاتفه الخليوي..


رد جون بضحكة مستترة:" ما الذي حدث؟"


" لا شيء، لم يحدث شيء سوى أن.."


" أكمل!"


" لا فائدة لن تفهمني!"


" لماذا؟ هيا أنا صديقك الوفي، أخبرني فقد تجد عندي الدواء الشافي لمشاكلك!"


قال بسخرية مريرة:" أنت صديقي؟!!، الصديق لا يفعل ما فعلته بصديقه!"


" إنسى الماضي أليكس و أخبرني بسرعة بالمشكلة!"


" ألا تظن أنني أود أن أنسى من كل قلبي؟؟، إلا أنني ببساطة لا أستطيع!، وهذه هي المشكلة!"


" لا بأس، ستنسى مع الوقت!"


" اسمع، لقد سمعت أختك تخبرك بأنني أقسو عليها!"


" أنت تقسو عليها؟؟؟؟؟ لا أصدق!"


" لست أمزح، فقد سمعتها بأذنيّ"


" لابد أنك تتخيل الأمر برمته!"


" لا لست أتخيل، و إن لم ترغب بإخباري، فهذا شأنك، على أية حال، سأنتظرك غداً حوالي الثانية صباحاً في بيتي لتستلم أختك!"


اتسعت عيناه دهشة وقال:" هل استسلمت بهذه السهولة آليك؟؟، لم أكن أعتقد بأنك ستستسلم بسرعة هكذا، فلم أعهدك هكذا من قبل"


" لقد غيرتني هذه العطلة كثيراً"


" لكنني لم أعد أسهم آلي بعد!"


استشاط آليك غيظاً وقال:" والآن نحن الإثنان نعلم بأنك لن تعيد لها شيئاً، والسبب معروف!"


ضحك وقال:" لن آخذ جوليا منك!"


" كما تشاء سأعيدها إلى بيتها بنفسي تماماً كما أخذتها منه!"


"آليك هل أنت مريض؟؟ إفرض أن الخدم رأوك، كيف سيكون موقفك حينها؟!"


" تستطيع أن تدبر لي سبباً، فلم أعهد هذه الأشياء تصعب عليك!"


" أرجوك لا تعدها الآن، فإذا التقت مع..."


" مع خطيبتك؟؟؟"


" أجل، سأقع في ورطة لا قرار لها!"


" حسناً سأبقيها لفترة في بيتي وبعدها سأعيدها ولن أستمع لنصائحك القيمة بعد الآن!"


" كما تشاء إنما لا تورطني بمشكلة أنا في غنى عنها!"


" إلى اللقاء وبلغ حبيبتك كرهي!"


ضحك وقال:" ستحزن بالتأكيد!"


" وهذا ما أريده!"


" مسكينة!، لكن دعنا منها الآن وعدني بشيء!"


" ماهو؟؟"


" أنك ستعيد جوليا قبل عودة والديّ من عطلتهما!"


" ألم تأمرني قبل قليل بألا أعيدها إليك!؟"


" بلى، إنما يجب أن تكون موجودة قبل مجيء والدي وإلا قد يدعو هذا البعض إلى الشك في الأمر!"


" كما تريد، فما أنا هذه الأيام سوى خادمك المطيع!"


" لا تقل مثل هذا الكلام، فأنا لا أعتبرك خادماً!"


" هذا لأنك تعتبرني عبداً!"


" جاء دوري لأقول بأننا نحن الاثنان نعلم أن هذا غير صحيح، و أني ما فعلت هذا إلا لأنني أثق بك، وإلا فما الذي يدعوني لترك خاطف أختي يفلت من العقاب؟!"


قال ساخراً:" أتصدق جون؟!، لقد أقنعتني، هذا يكفي سوف أخرج الآن، إلى اللقاء ولا تنسى إبلاغها كرهي!"


" لن أنسى، مع أني أعتقد بأنها ستصاب بصدمة حين تسمع بذلك!"


لم يحر جواباً فقط قطع الإتصال، ونزل إلى الطابق السفلي، لم يجدها، أفلتت منه تنهيدة ارتياح وخرج...


صوت من بين الأشجار ارتفع منادياً:" آليك!"


أجفل والتفت نحو الصوت مستفهماً..


ابتسمت جوليا وقالت:" إلى أين أنت ذاهب؟"


أشاح بوجهه وقال باقتضاب:" إلى عمل غير منته!"


" ألن نخرج اليوم؟ هل ستطيل الغياب؟ فلست معتادة على الجلوس بمفردي ولمدة طويلة في المنزل"


" يمكنك أن تخرجي ساعة تشائين الخروج، لأنني سأطيل الغياب"، وخرج لا يلوي على شيء..


" أخرج؟!!!!!، ساعة أشاء؟! وبمفردي؟!!!، أتراه يعطيني الفرصة للهرب؟، أم أنه ببساطة مشغول لدرجة لا يهتم معها بي؟، ومنذ متى كان يهتم بي؟، جلّ اهتمامه منصب على أخته، حتى أنه لم يفكر بتأثير كل هذا عليّ حين هم باختطافي، جون أيضاً لم يهتم بي، ولم يسأل عني يوماً، والديّ ليسا بأفضل منه، مذ سافرا لم يتصلا بي، صحيح أن هذه الحال ليست بالغريبة عليّ، فهاهي حالهما كل سنة، لكني لم أشعر بعدم إهتمامهما بي سوى هذه السنة....


كيف مرت حياتي بسهولة، ولم أكتشف أنني مجرد مراهقة وحيدة لا يهتم بها أحد؟! كيف؟!"


اغرورقت عيناها بالدموع الغزيرة، فمسحت عينيها بعصبية بظاهر كفها، وصعدت إلى غرفتها..


فتحت الدولاب لتأخذ أغراضها، فلم يعد لها مكان في هذا المنزل بعد الآن، تذكرت شيئاً جعلها تضحك بأعلى صوتها... فلم تكن تلك الأغراض بأغراضها بل أغراض آليسا فورد أخت خاطفها..


خاطف؟!!! حينها فقط تذكرت أن لديها عمل غير منته في هذا المنزل عليها أن تنهيه قبل توديع المنزل إلى الأبد.... فالقصة التي أخبرها بها آليك و أكدّها جون يلفها الغموض ولم تتغلغل بعد في عقلها، الذي ما زال يرفض تصديقها!، عليها أن تفهمها أولاً ثم بعد ذلك ستحاول أن تعيد الأمور إلى نصابها، حتى لو دعاها ذلك إلى بذل الوقت والجهد الكبير في سبيل تحقيق هدفها، فسمعة جون تأتي في المرتبة الأولى فوق جميع الاعتبارات الأخرى...


عزمت أمرها على هذا، وأخذت تجول بعدها في أنحاء المنزل، لم تعد تشعر بالغربة فيه كما كانت في بداية قدومها إلى قصر عائلة فورد، فقد أصبحت تشعر وكأنها في منزلها حتى أنها أخذت تختار من ملابس آليسا ما يعجبها دون أن يخطر ببالها حتى أن هذه الملابس لأخرى غيرها، وهذا ما لم تعتد عليه......


مع حلول المساء، ورفضها تناول طعام العشاء، حاولت أن تخلد إلى النوم إلا أن فكرها فاجئها بتصورات لا قرار لها تدور كلها عن آليك وخطيبته!!!!


قضى اليوم التالي بنفس الطريقة، فقد عاد آليك في الصباح الباكر، استبدل ملابسه، وخرج دون أن يلقي بالتحية عليها حتى...


ومرت الأيام على نفس المنوال وانقضت ستة أيام وآليك يتجنب التواجد مع جوليا في نفس المكان .... أما جوليا فلا زالت مصرة على البقاء واكتشاف حقيقة الأمر...


الفصل التاسع

استيقظت صباحاً كعادتها، و أخذت تفكر .......

فاجئها صوت طرقات على بابها، فردت قائلة:" تفضل!"
كادت أن تصاب بصدمة حين رأت وجه آليك القائل بابتسامة:" صباح الخير جوليا"
ردت بعبوس:" صباح الخير!، لماذا أتيت اليوم؟"
رد بابتسامة مشرقة:" لابد أنك غاضبة مني لأنني تركتك بمفردك ولمدة أسبوع كامل!"
قالت بكبرياء:" ولماذا أغضب؟!! أمورك لا تهمني بشيء"
عرف أنها تكابر فقط، فقال:" آسف جولي، وكتكفير عن ذنبي سآخذك اليوم إلى أشهر مصمم أزياء في أليريا قاطبة!"
" وما المناسبة؟!"
" ألم تسمعي بحفلة فندق كريستال روز؟؟!!! لا يعقل، فالمدينة برمتها تحكي عنها وتستعد لها، حتى أن جون سمع عنها من أراليا، لكنه لن يحضرها خوفاً مني!"
" وما أدراني أنا؟، فقد بقيت حبيسة هذا السجن الذهبي طوال هذه الفترة!"
" أجل هذا صحيح، لقد نسيت، على أية حال اسمعي، بما أن نهاية هذا الأسبوع ستصادف يوم الفالنتاين، ستقام الحفلة في ذلك الفندق، وستحضرها الطبقة الراقية على مستوى عالمي!"
" وما المطلوب مني؟"
" جوليا لا تكوني هكذا، فأنا أحاول التخفيف عنك!، سآخذك إلى غابرييل الذي لابد أن تكوني قد سمعتي به، ليصمم لك فستاناً يليق بهذه المناسبة!"
" ولم لا ألبس ثوباً من ثياب آليسا الجديدة؟! فكما يبدو، لم تلبس أياً منها، وهذا يبدو غريباً!"
خبت ابتسامته وقال بصوت خال من المشاعر:" هذا لأنها جددت ملابسها كلها استعداداً لزواجها من جون، إلا أنها تطلقت فتركت كل شيء على حاله!"
قالت شاعرة بالذنب:" آسفة لأنني ذكرتك بهذا!"
عادت إليه الابتسامة وقال:" لا بأس، فقد اعتدت على هذا، هيا لنذهب!"
" حسناً"

" إن تصاميمه رائعة حقاً!"

" ألم أقل لك بأنه سيعجبك!؟"
" إنه حقاً رائع، على أية حال يجب أن نتكلم عن الأسهم!"
" أية أسهم؟!"
" أسهم أختك!!!!!"
" وما الذي ذكرك بها الآن؟!"
" لا شيء، فهي لم تغب عن بالي لحظة!، كما أخبرتك من قبل، أخبرني بالمبلغ وسأدفعه نيابة عن أخي!"
" لا!"
" ماذا؟"
" لقد سمعتني، لا تعني بأنني لن أسمح لك بالدفع!"
" ولم لا؟"
" لأنك لست المسؤولة عن ذلك، ولأن آلي لن تقبل بهذا الأمر"
" لا تخبرها إذن!، أخبرها بأن جون هو من أعاده!"
" أتظنين أختي بهذا الغباء؟!،( أكمل متمتماً بل إنها أغبى من الغباء نفسه)، على أية حال، أنسي هذا الموضوع تماماً، ( وغير الموضوع فجأة)، ما رأيك بعشاء على سطح المركب؟!"
ابتسمت وقالت:" في عرض البحر؟؟"
" بالتأكيد!"
" بالطبع موافقة!"

" جون ألا تظن بأن جوليا أطالت المكوث عند آليك؟!"

" وما الذي يهمنا من الأمر كله؟"
" لاشيء، إنما كنت أتساءل عما إذا كان آليك يحب أختك"
قال متفاجئاً:" أهذا صحيح؟، منذ متى؟ وكيف؟ ولماذا؟ و ...... كيف علمت بالأمر؟ هل أخبرك بهذا بنفسه؟"
" انتظر لحظة، لقد كنت أتساءل فقط، فهو يرفض التحدث إليّ كما تعلم، لا أدري لماذا، فأنا لم أفعل شيئاً، لكأنه يعتبرني السبب في كل ما يحدث، لكن وبما أنني أعرفه جيداً، فهذا يدعوني للشك، وكما سبق أن أخبرتني، فهو يحاول تجنبها هذه الأيام، وهذا يدفع العديد من الأسئلة إلى طرح نفسها!، على أية حال، إنه مجرد تخمين"
غاص في مقعده وقال:" ربما كان ما تقولينه صحيحاً، هل تظنين أن جوليا هي الأخرى تحبه؟"
" وما أدراني؟، فأنت لا تحدثني بشأنها مطلقاً، كذلك فلم أكلمها قط مذ ذهبت إلى أليريا!، فأنت أعلم بها مني!، لكن إن كانت تحب اللورد ابن خالتك، فلا أمل لآليك..."
"ولماذا؟، فاللورد ابن خالتي كما تسمينه، ليس بأفضل من صديقي، وإن كان أليرياً...."
قاطعته قائلة:" وما عيب الأليريين أيها الأرالي!"
قال مبتسماً:" عيبهم هو قدرتهم على الاستيلاء على القلوب ببساطة، فكما استطعت أن تسرقي قلبي من قبل، فلن تصعب جوليا على آليك!"
ضحكت وقالت:" أنت حقاً مخادع بارع!"

" الجو رائع هذا المساء!"

" أجل!"
واستمر الصمت مسيطراً على الأجواء....
إلى أين تراك ذهبت طوال هذا الأسبوع؟، لن تخدعني بعملك الغير منته يا آليك....
لكم تعذبت خلال الأسبوع الماضي، لكن يبدو أنني أعاني وحدي جوليا، فها أنتي تبتسمين، وكان شيئاً لم يكن، إن كنت لا تحبينني فهذا شأنك، إنما تظاهري بالحزن تماشياً مع الجو المخيم علينا...
" اسمع، أنا أحترم رغبتك بترك الموضوع جانباً في الوقت الحالي، وأعلم بأنك تكرهني لأنني أخت جون، لكنني أطالب وأصر أيضاً على أن تخبرني بقصتهما كاملة!"
" أنا لا أكرهك جوليا، أما عن جون وآلي، فأنا لا أعرف بالضبط ما الذي حصل بينهما، كل ما أعرفه أنهما كانا يتقابلان سراً ووقعا في حب بعضهما ثم أخبرانا بالأمر فتزوجا!، وبعد شهر واحد تطلقا وعاد كل منهما إلى أهله! وانتهت الحكاية!"
" أهذا كل شيء؟!"
" أجل، صدقيني فهذا ما أخبرني..... أقصد أخبرتني به أليسا!"
" إذن لماذا فكرت باختطافي؟!"
" اختطافك؟!، اسمعي، أنا آسف، أعلم بأنه كان تصرفاً أخرقاً طائشاً يائس، لكن جوليا ألا تظنين أن الوجبة ألذ من أن نعكرها بالحديث عن هذه الأشياء؟؟!!!!"
" كما تشاء!"
لماذا عدت إذن؟!! إن كنت لا ترغب حتى بالتحدث معي!
لو كان جوليان...، وما الذي ذكرني بذلك الأحمق الآن؟!، لابد لي من الإعتراف من أنه لو كان معي الآن، لحملني على كفوف الراحة، ولم يفعل بي ما تفعله أنت الآن...
أتراني أقارن بينكما؟، لا، فلا أرى وجهاً للمقارنة، جوليان كان خطيبي الخائن...أي أنه كان لي يوماً ما فأضعته....
أما آليك فهو حبيبي الذي على وشك الزواج، والذي أنا واثقة تمام الثقة من أنه لن يفعل بخطيبته ما فعله جوليان بي....
" آليك، اعترف بسرعة!"
" اعترف بماذا؟"
" بأنك كنت مع خطيبتك طوال هذه الفترة!"
" خطيبتي؟!!!، آه خطيبتي، أنت مخطئة فلم أكن معها طوال هذه الفترة"
" إذن كنت معها لفترة بسيطة!"
" يمكنك قول هذا!"
" هل ستحضر حفلة الفالنتاين؟"
" بالتأكيد!"
" وبرفقتك؟"
" لماذا تسألين هذا السؤال؟، لا تخشي شيئاً، سأرافقك أنت إلى الحفلة!"
" و ماذا عن حبيبتك التي لا أعرف اسمها؟!"
" اسمها ليس من شأنك جولي، لكن رداً على سؤالك، ستذهب برفقة صديقها"
" ألا تغار؟، أو ربما تشاجرتما!"
" أوه، ما هذه الأفكار الطفولية جولي، لم نتشاجر، لكننا نثق ببعضنا البعض، كذلك فقد اتفقنا منذ البداية على أن يترك كل منا الحرية المطلقة للآخر!"
" تكلم عنها!"
" إنها غبية، متهورة، تزج نفسها في المتاعب، تحب المغامرة، جريئة، لا تخشى شيئاً، لا تشتكي لأحد أبداً، اجتماعية، مرحة، طفلة فهي تصغرني بكثير، رائعة الجمال، شعرها طويل جداً، لا أعرف كيف أصفها بالكلمات........"
قالت بضيق:" هذا يكفي آليك، أنا متعبة وأريد أن أنام، فلنعد إلى البيت!"
" لكن الليل ما زال في أوله!"
" لا يهمني فلنعد إلى البيت الآن!"
" اهدئي، فسنعود الآن!"
رفع يده فجاءه الخادم..
" مر القبطان بالعودة!"
" حاضر سيدي"
وقفت جوليا فجأة..
قال مستغرباً:" إلى أين أنت ذاهبة؟"
" سأنظر إلى البحر عن قرب!، أود البقاء بمفردي، فلا تلحق بي رجاءً!"
وذهبت إلى حيث أشارت، استندت على السور وشخصت بعينيها نحو البعيد...
ما بها يا ترى، لقد كانت تبتسم قبل قليل، وفجأة تغير مزاجها....
آه لو تدرين بما في قلبي يا جوليا، لكنت تركتي جوليان من أجلي!
على أية حال، أنا أعلم بأننا لن نتوافق مع بعضنا، فبيننا عقبة كبيرة، لا أقوى على إزالتها!

ألا تعي أنك بكلامك هذا تحطمني ألف مرة؟!، ألهذه الدرجة تحبها؟، هذا أفضل، علّ قلبي يصدق حقيقة أنك ملك لغيري، فيصرف نظره عنك.......

وضعت يديها على رأسها... ما العمل؟، أنا يائسة، إنها التجربة الأولى لي في الحب، ولا أحد معي يخرجني من المأزق الذي أوقعني فيه قلبي.....

عادا إلى المنزل صامتين، لا يجرؤ أحدهما على التحدث إلى الآخر، صعدا إلى الطابق الأعلى، فافترقا على رأس الدرج، بعد أن تمتمت بالتحية بصوت لا يكاد يسمع ورد عليها هو بدهشة...


" جون ساعدني!"

قال متأففاً:" ما الأمر هذه المرة؟!"
" لا أدري فهي ترفض التحدث إليّ"
" آليك، متى تراك ستكبر وتحل مشاكلك بنفسك؟؟، لقد تعبت منكما أنتما الاثنان!"
" إنها غلطتك منذ البداية وعليك أن تتحمل نتيجة أفعالك!"
" حسناً، وما الذي عليّ أن أفعله؟"
" لا أدري! ولهذا اتصلت بك!"
" لا بأس، اسمع، ألم تقل لي مرة بأنها عرضت أن تعيد أسهم آلي لي، أقصد لآلي!؟"
" بلى"
" حسناً، اذهب إليها، وتظاهر بالموافقة على هذا الأمر، وبالتأكيد ستطلب هي أن تتناقشا في الأمر!، بعدها ستعود الأمور بينكما إلى نصابها!"
" وأشوه صورتي أمامها؟، لا انسى الأمر جون، فالفكرة غبية من أساسها!"
سأل بخبث:" وهل يهمك رأيها بك إلى هذا الحد؟"
أجاب آليك بارتباك:" بالطبع، فأنا أهتم بسمعتي أمام جميع الناس على حد سواء!"
" أها، فهمت، على أي حال، عليّ أن أقول لك هذا، ربما كنت غبياً في الماضي، وربما أخطأت أيضاً، بل أعترف بأنني أخطأت، إنما الذنب لم يعد ذنبي، فمنذ أن أخذت جوليا معك و الكرة في ملعبك أنت، لم تعد لي أية علاقة بالقضية بأكملها!، عليك أنت أن تجد الحلول المناسبة لكل مشاكلك مع أختي!"
" ءأنت واثق مما تقول؟"
رد بحذر:" ماذا تعني؟"
" أنني حر بتصرفاتي؟"
" ولم لا؟، فأنا أثق بك ثقة عمياء!"
قال بانتصار:" إذن، منذ اللحظة لن تتلقى مني أية مكالمة هاتفية، ولا تتصل أنت الآخر بدورك، وانتظر المفاجأة المذهلة التي ستصلك إلى عقر دارك!"
" هل جننت آليك؟، ما الذي ستفعله؟، قلبي يحدثني بأن ما ستفعله، سيقلب الأمور فوق رأسي!"
قال ضاحكاً وعيناه الذهبيتان تلمعان بخبث:" لن تتأخر مفاجأتك، لذلك لا تفكر بها كثيراً! وداعاً"
" انتظر، مهلاً آليك........."
ولم يكمل لأن آليك كان قد قطع الإتصال...
" لأول مرة منذ أن ....... تعلمين ما الذي أعنيه، لست واثقاً مما قد يفعله آليك!"
جلست بجانبه وأخذت تلعب بخصلات شعرها البني الكث:" و لأول مرة منذ أن ....... تعلم ما الذي أعنيه، لم تضحك بعد أن أنهى آليك الاتصال!"
" أنا أتكلم بجدية!"
" حسناً، حسناً، لا تغضب!، من خبرتي الشخصية أستطيع أن أؤكد لك بأنه لن يفعل شيئاً يزعجك، حتى لو كان غاضباً، فهو طيب القلب بالرغم من كل شيء!"
قال دون اقتناع:" سننتظر ونرى!"
" أتعلم جون؟، لأول مرة افلتت الأمور من سيطرتك، وهذا يجعلني أشعر بالسعادة لأجل آليك المسكين!"
" لكنني هذه المرة خائف جداً يا.."

آسف جوليا، سأخبرك بالحقيقة الكاملة هذه المرة، لن أتردد ولن أتخاذل بعد اليوم، أعلم بأنها ستكون قاسية جداً، لكنه خطأ جون وعليه أن يتحمل النتائج... وغط في نوم عميق مريح لأول مرة مذ وصلت جوليا إلى منزله....


أما جوليا فقد أمضت ليلتها في بكاء مرير، وبقيت على هذه الحال حتى الفجر، ثم نامت نوماً متقطعاً انتهى بطلوع شمس الصباح...


الفصل العاشر


توالت الطرقات على بابها، إلا أنها رفضت الخروج..


" جوليا، آسف إن كنت أسأت إليك ليلة البارحة!، لكن أخرجي!"


صرخت قائلة:" لا أريد"


" كفي عن التصرف كالأطفال! وأخرجي!"


فتحت الباب وقالت:" حسناً، سأعود إلى أراليا ولن تستطيع منعي!"


قال ببرود:" لن أمنعك، لكنك لا تستطيعين الذهاب!"


" ولم لا؟"


" لأنك لو كنت حقاً تريدين العودة إلى ديارك، لفعلت في الأسبوع الماضي!"


" ربما غاب عن ذهنك أيها السيد بأنني مجردة من المال و وسيلة الإتصال!"


" لست مجردة من كل شيء!، فقد كان بوسعك استعمال هاتفي دون أن يمنعك أحد، حتى أنك استعملته ذات مرة!"


صدمت واتسعت عيناها دهشة:" أكنت تعلم؟ لقد كنت.. ( وفجأة تحولت لهجتها من الدفاع إلى الهجوم) لقد كنت تعلم طوال الوقت، ومع ذلك لم تتكلم!، لماذا لم تمنعني؟، لماذا لم تقطع الاتصال؟، أم أن فضولك كان أشد وقعاً عليك من حذرك، ففضلت التنصت عليّ على اتخاذ الحذر؟"


" اهدئي، لم اتنصت على مكالمتك، ولم اقطع الاتصال لأنني لم أر سبباً يدفعني إلى ذلك، فجون لن ينقذك حتى لو أراد ذلك!"


" أنت واثق جداً"


" بالطبع، وقد سبق أن أخبرتك بالسبب!، بالمناسبة، إن أردت الذهاب، فلن يمنعك أحد، وإن أردت البقاء، فبيتي يرحب بك، ومن يعلم قد أخبرك يوماً بالقصة الحقيقية!"


استدار وذهب.. بينما بقيت جوليا تنظر إليه فاغرة فاهاً، محاولة استيعاب ما سمعته قبل قليل..


لقد كان قلبي يحدثني منذ زمن بأن ما أخبرني به لم يكن الحقيقة تماماً، مهلاً... لقد أخبرني بأن بيته يرحب بي، ولم يقل بأنه يرحب بي!، وهذا يعني... يعني.... يعني بأنه لا يرغب بوجودي هنا!


أحست بتحطم شديد في قلبها.... عليّ أن أعود إلى منزلي، فهناك على الأقل أبقى محفوظة الكرامة!


لكن لا، لن أذهب قبل أن اكتشف الحقيقة، ثم إنني لم أطلب منه أن يحضرني إلى هنا، بل إنه تحدى الصعاب وواجه المخاطر في سبيل اختطافي..... لكني لن ألح عليه لمعرفة القصة، بل سأجعله بطريقة ما يخبرني بها بنفسه....


دخلت غرفتها وأخذت تفكر بتلك الطريقة....


أما عن آليك فقد خرج من منزله غاضباً منها، من نفسه، من جون ومن أخته........ فالجميع تدخل في تعقيد الأمور..


ركب سيارته، وأخرج هاتفه الخليوي، طلب رقم جون، لكنه تذكر بأنه وعده بألا يتصل به مطلقاً، فقطع الاتصال..


لم يستطع أن يكسر كلمته كرجل، ( الدمر عباله رجال، توه عز الشباب)، لم يعرف ما العمل، فبعد المحادثة التي جرت بينه وبين جوليا، عرف أنه لن يقو على إخبارها بالحقيقة مهما كان السبب!


مر يومان على هذه الأحداث، كانا خلالهما يعاملان بعضهما ببرود شديد، يدفع من يراهما إلى الرغبة في قتلهما...


في اليوم الثالث، جاءها آليك حاملاً كيساً كبيراً، وفتاة تمشي من خلفه...


" جوليا، لقد وصل فستان السهرة لحفلة الليلة!، تجهزي للحفلة، ولا تتأخري!"


أخذته وقالت بابتسامة:" لا تقلق!"


والتفتت نحو الفتاة الأخرى وسألتها عمن تكون..


أجابتها قائلة:" خبيرة التجميل مايا"


" مرحباً بك مايا، تعالي معي!"


وصعدتا إلى غرفتها... بينما بقي آليك ينتظر في غرفة الجلوس، وحين غابت الشمس، صعد إلى غرفته ليستعد هو الآخر...


أخذت مايا تضع لجوليا المكياج وابتسامة خبيثة ترتسم على وجه جوليا، وحين انتهت قالت:" ما أجملك يا آنسة براون!، لم تحتاجي للكثير من الزينة!"


ردت جوليا مسرورة:" أتظنين هذا حقاً؟"


" أوه بالتأكيد!"، وخرجت بعد أن ودعت جوليا..


قالت في نفسها:"والآن يا أليكس فورد، سنرى من منا ستكون الأجمل، أنا أم خطيبتك؟"


فجأة خبت ابتسامتها، فقد تذكرت أنه خاطب وأنها بذلك تحاول سرقته من أخرى، فحاولت تغيير زينتها بأخرى بسيطة وتافهه، إلا أن صوته ارتفع منادياً.. فلم تجد الوقت الكافي فاختطفت حقيبة يدها ونزلت....


عندما رآها سكت وكأن على رأسه الطير..


خافت وقالت:" ألم أعجبك؟، أقصد ألم تعجبك زينتي!"


لم تعجبيني؟، هل أنت غبية؟، أو أنك ببساطة تتظاهرين بالغباء؟، أنت رائعة جداً....


بل أكثر من رائعة، لا أدري أين كنت قبل أن يدخل جوليان حياتك....


قال بابتسامة:" بالطبع أعجبتني زينتك!، هل نذهب؟"


ابتسمت وقالت:" فلنذهب!"


أمسك بمرفقها وخرجا...


كانا ثنائياً رائعاً، فقد كانت تلبس ثوباً أبيضاً موشحاً باللون الأحمر، قصيراً بشرائح متداخلة من قماش أحمر و أبيض، مع صندل ذي كعب عالٍ أحمر....


بينما تركت شعرها منسدلاً، فغطاها حتى ركبتيها، ووضعت مكياجاً ناعماً، فبدت رائعة الجمال بشكل لا يوصف...


أما آليك، فقد لبس بدلة رسمية سوداء اللون مع ربطة عنق حمراء قانية، فبدا جذاباً للغاية...


وصلا أخيراً لحفلة الفالنتاين...


لم يكونا أول الحاضرين فقد كانت القاعة تضج بالناس من مختلف الجنسيات....


جاء لاستقبالهما شاب وسيم جذاب ( يهبل هذا) ..


" مرحباً آليك!، ألن تعرفني على رفيقتك؟؟؟؟؟"


" أوه أهلاً راي، إنها جوليا براون، جوليا، هذا ريموند فيليبس"


مد يده مصافحاً:" مرحباً بك بيننا جوليا، أرجو أن تستمتعا بوقتكما، والآن أعذراني فعليّ الذهاب!"


" إنه صاحب الحفلة، وهذا الفندق ملكه!"


" أها...." لم تكمل كلامها لأن شاباً آخر بمثل عمر آليك جاء في هذا اللحظة..


قال بمرح:" مرحباً آليك، كيف حالك؟، لم أرك منذ زمن طويل، أعلم بأنني كاذب، لكن ألن تعرفني على الفتاة الرائعة التي ترافقك؟!"


" أهلاً بك كايل، هذه جوليا براون....."


" لا تقل بأنها....."


" أجل، أخت جون"


قال مبتسماً:" مرحباً بك ليدي!، تشرفت بالتعرف إليك!، أين جون؟"


قالت محرجة:" أخي، في أراليا! عنده بعض الأعمال الغير منتهية فلم يستطع الحضور"


" إذن كيف أتيت إلى هنا؟؟، وكيف تعرفتي على آليك؟؟، فأنا أيضاً صديقهما، ومع ذلك لم أرك من قبل!"


" هذا لأنني كنت في إجازة هنا، فتعرفت صدفة على آليك!، فقرر اصطحابي إلى الحفلة!"


" أها، سررت بالتعرف إليك ليدي، والآن أرجو أن تعذراني" وذهب....


" يبدو أنني سأتعرف على أصدقاء جون كلهم هذه العطلة!"


" هذا ما يبدو، إنما أنت تعلمين أن ما باليد حيلة، فلم يكن باليد خيار آخر!"


" حسناً حسناً فهمت!"


مفاجأة كبيرة لم تكن بالحسبان حصلت، مما جعل جوليا تستمتع بوقتها وتنسى حزنها لفترة..


حتى أن المطرب المشهور مايكل حضر الحفلة مع زوجته، فغنى أغنية كهدية لصديقه راي...


قال آليك:" ألن ترقصي معي!؟"


فرحت كثيراً وأومأت برأسها بالإيجاب...


نسيت كل شيء آخر، و أخذت تفكر في حبها الضائع..


ضائع! لأنه خاطب! انتهت الرقصة فقالت:" آليك، لم تعرفني إلى خطيبتك بعد!"


وما الذي ذكرك بها الآن!


" خمني هويتها بنفسك!"


جالت بنظرها حول الموجودات، وفجأة أشارت إلى إحداهن:" تلك الفتاة الشقراء!"


قال مبتسماً:" لقد أصبت عين الحقيقة!، إنها هي بذاتها"


قالت بغيرة:" أريد أن أتعرف إليها!"


نادى تلك الفتاة فجاءت، قالت:" مرحباً آليك، لم أرك منذ مدة طويلة!"، ونظرت إلى جوليا دون اهتمام... مما زاد من عصبية جوليا...


" أهلاً أيفا، ألن تتعرفي إلى رفيقتي؟، جوليا، هذه أيفا!"


" مرحباً بك جوليا!"


" أهلاً بك، سررت بالتعرف إليك!"


كانت أيفا تتكلم طوال الوقت دون اهتمام، وفجأة اتسعت عيناها من الصدمة وقالت:" آليك، هل.....؟"


رد ببرود:" أرجو ذلك!"


ابتسمت لجوليا بصدق هذه المرة وقالت:" سررت حقاً بالتعرف إليك، سنتكلم كثيراً فيما بعد، إنما أعذراني الآن فجيمي لن يعجبه هذا!"


" من هو جيمي!"


" إنه صديقها!"


" وكيف تسمح لها بالذهاب معه؟"


" كم مرة عليّ أن أردد على مسامعك، بأنني أثق بها ثقة عمياء!"


" حسناً حسناً، إنها حياتكما وأنتما حرين بالتصرف فيها كيف تشاءان!"


بدأت أغنية أخرى أروع، فدعاها إلى الرقص، إلا أنها رفضت، وفجأة ودون سابق إنذار، ذهبت نحو ثنائي مكون من أيفا وشخص آخر....


دخلت بينهما، وقالت مبتسمة لأيفا:" عذراً سآخذه منك!"، وأكمل رقصه مع جوليا، وعلامات الصدمة تبدو جلية على وجهه...


وقفت أيفا مكانها متسعة العينين، صامتة، فلسانها لم يستفق بعد من الصدمة....


جاء آليك المحرج من تصرف جوليا الصبياني، أمسك بيدها وقال هامساً:" أيفا أكملي الرقصة، وسأشرح لك فيما بعد!"


انتهت الأغنية فوراً فسحب آليك جوليا وخرجا من القاعة إلى الحديقة، أخذ يبحث عن مكان منعزل، لكن كلما مرا على مكان يطلق عليه منعزل، وجدا شخصين يتبادلان الهدايا...


وأخيراً وجدا ذلك المكان المنشود...


وقف واستدار نحوها قائلاً:" ما الذي فعلته جوليا؟؟، هل فقدت عقلك؟؟...."


سكت عندما رآها على وشك البكاء...


" أنا آسف، أعرف أنك كنت تنشدين مصلحتي!، لا تبكي! سأذهب لحظة وأعود لا تتحركي!"


وعاد إلى القاعة...


أتظن أنني فعلت هذا لمصلحتك؟؟، لا، لقد فعلت هذا لنفسي، حتى أراكما مع بعضكما، علّ قلبي المسكين يتأكد من عدم جدوى حبه لك!


أكرهك آليك، أكرهك...


" أيها الخائن!"


" لست خائناً، لماذا رقصت مع ابن عمك؟؟!"


" لأنك تركتني لأجل تلك الفتاة!"


" لم أتركك، فقد جاءتني بنفسها!"


" أها، ولذلك ذهبت معها!"


" وهل كنت تظنين بأنني سأقف مكتوف الأيدي وكأن على رأسي الطير؟؟، على أية حال، لم يكن من حقك أن ترقصي معه، حتى لو كان قريبك!"


" ومن تكون أنت حتى تأمرني بأي شيء؟؟، اعتبر كل شيء بيننا منتهياً!"


" ومن قال بأنني سأتزوجك بعد أن خنتني علناً!"


" أيها السافل!"


وصل آليك، وقال مهدئاً:" اهدأا أرجوكما!"


" آليك، إنه يتهمني بخيانته!"


" لا تفتعلا مشكلة أنتما الاثنان!، جيمي لم يكن خطأ أيفا!"


" حتى لو لم يكن مقصوداً، ومع أنني أثق بك، إلا أن هذا لا يعني أن تتركني وتذهب معك!"


"أوه، آسف أعتذر نيابة عن جوليا، لقد رأيتماها، أنها مجرد طفلة غبية، هيا لا تهدما حياتكما لسبب تافه، فزواجكما بعد أقل من شهرين فقط!، أرجوكما"


" حسناً، أنا آسف حبيبتي على الكلام الذي تفوهت به قبل قليل!"


ابتسمت أيفا قائلة:" وأنا آسفة أيضاً فلم يكن خطأك، إنه خطأ تلك الغبية!"


قال آليك حانقاً:" لا تقولي عنها مثل هذا الكلام!"


" أشكرك آليك، لأنك أنقذت حياتنا من الضياع!"


أومأ برأسه وذهب ناوياً الخروج...


إلا أن يداً امتدت ممسكة بذراعه، استدار فرأى كايل..


" آليك، يجب أن تتزوجها!"


" ماذا؟!!!!!!!!!!!"


" لا تنظر إليّ هكذا، أنا أتكلم بجدية، فعلى الرغم من أنها وجدت الفرصة للقول بأنها مختطفة، إلا أنها لم تقل، وهذا يعني أنها تثق بك!، ثم إنها رائعة الجمال، وأخت صديقك، وهذه الأسباب كافية للزواج!"


" يا للمنطق العجيب!"


" ألم تقل بأن أهلك يلحون عليك لتتزوج!؟"


" بلى!"


" إذن، الحل أمامك، فاستغل الفرصة قبل أن تضيع من بين يديك!"


" لكن هل تظن حقاً أنها ستوافق على الزواج من خاطف؟!!"


" أوه بالطبع، وستثبت لك الأيام أنني على حق!"


" حسناً، سأذهب لها الآن!"وخرج..




" سيليا!"


نظرت باتجاه الصوت.... ثم هتفت قائلة:" أوه جوليا، لقد اشتقت إليك!"


" وأنا أيضاً، سأطلب منك طلباً ضروري، أرجو أن لا تخيبيني!"


" أطلبي ما شئتي، وسأنفذه لك!، إنما لماذا لم تخبريني بنفسك بأنك غيرت خطتك لقضاء هذه العطلة!؟"


" لا أملك الوقت الكافي الآن لإخبارك!، لكن اسمعي، أنا مختطفة، اتصلي بأخي جون وأخبريه بهذا!"


قالت ساخرة:" أتمزحين؟!، كيف تكونين مختطفة وأنت هنا أمامي، إلا إن كانت هذه طريقة الاختطاف لسنة 2005!!"


" لست أمزح سيلي، أرجوك اتصلي بجون واخبريه!"


" حسناً، مع أنني لا أصدق، لكن أعطني رقمه وسأخبره بما تريدين!"


كتبت رقمه وقالت:" مع من جئت؟!"


قالت بخوف:" أرجوك سيلي، الوقت ليس مناسباً لهذا الحديث الآن!، فهاهو قد أتى!، اذهبي"


" إلى اللقاء!"


ذهبت إلى مكان بعيد واتصلت بجون، الذي على ما يبدو كان في حفلة...


" براون يتحدث!"


" جون، أنا سيليا، اسمع لقد رأيت جوليا اليوم في أليريا، وقد أوصتني أن اتصل بك لأخبرك بأنها مختطفة!"


قال ساخراً:" مختطفة؟!، وهل صدقتها؟، أين رأيتها؟!"


" في حفلة"


" سامحيني سيليا، لكنني لم أكن اعتقد أنك بهذا المستوى من الغباء، كيف تكون مختطفة وقد قابلتها في حفلة!؟"


" أجل هذا صحيح"


" هل رأيتِ، إنها تمزح فقط!"


" هذا ما يبدو"


" إلى اللقاء إذن، وبلغي أخيك تحياتي إذا رأيته"


" حسناً إلى اللقاء...


" يا للمصيبة الحمراء!"


" ما الذي حدث؟"


" لقد أخبرت سيليا عن اختطافها!"


" لا بأس، فقد تداركت الموضوع!"


" أجل، حمداً لله على ذلك!"


" لم تخبرني، لماذا قلت بأن المصيبة حمراء!؟"


" لأن كل شيء في هذا اليوم أحمر!"




" عذراً لتأخري جولي"


" لا بأس!"


أخرج علبة مستطيلة حمراء مغلفة بطريقة تنم عن ذوق رفيع، وقدمها لها قائلاً:" إنها هدية بسيطة مني، أرجو أن تعجبك!"


" شكراً لك!"


لم تحاول أن ترى ما بداخلها، على الرغم من أنها كانت تحب الهدايا كثيراً، إلا أنها عرفت أن هذه الهدية لا تعني أي شيء، أهداها لها فقط لأنها وحيدة ولن يهديها أحد شيئاً....


" متى سنعود إلى البيت؟"


" الآن إن شئت!"


" إذن فلنعد!"


ودعا الجميع وخرجا....


فتح لها باب السيارة، فركبت بصعوبة، رأى وجهها ممتقعاً إلا أنه لم يعلق بشيء...


كان شحوب وجهها يزداد مع مرور الثواني، حتى وقف فجأة والتفتت نحوها قائلاً بقلق:" هل أنت مريضة؟"


قالت مرتجفة:" لا، أنا متعبة قليلاً فقط!"


" هل أنت متأكدة!؟"


" أجل، سرعان ما سأتحسن!، لا داعي للقلق!"


قال دون اقتناع:" حسناً، كما تشائين!"


واكمل طريقه.... وصلا أخيراً إلى المنزل، لم تستطع النزول بمفردها من السيارة هذه المرة، فأسندها بذراعه، ومشيا باتجاه المنزل ببطء شديد حتى لم تعد تقو على المشي، فحملها بين ذراعيه، تماماً كما فعل حين اختطفها...


" جولي! ما بك؟؟، ما الذي حدث؟"


" لا تقلق، إنه مجرد صداع، سرعان ما سيزول بعد قليل، أو...."


صعد بها إلى غرفتها، وضعها في سريرها، وقال:" هل تريدين أن استدعي لك دكتور!"


" ما من داع لذلك!"


" اسمعي جوليا، لا تعتمدي عليّ، فأنا لا أعرف شيئاً عن هذه الحالات، فإن كانت حالتك خطيرة، أخبريني لأحضر لك طبيباً!"


" صدقاً، لا شيء خطير، سوى أنني كما يبدو سأصاب بارتفاع في الحرارة قريباً، إنما آليك، أرجوك، دعني أدفع لآلي قيمة أسهمها!"


" لا تفكري بتلك الغبية الآن!"


" أرجوك، عليّ أن أفعل ذلك، فلا أستطع الوقوف مكتوفة الأيدي بينما في وسعي أن أفعل ما يساعد على إعادة الأمور إلى نصابها!"


" أية أمور جوليا؟، لا تفكري بتلك السخافات الآن!"


" لماذا؟، لابد أن أختك تعيسة الآن، ......"


صرخ بحقد:" تعيسة؟؟!!، عمن تراك تتحدثين؟؟؟، أختي الغبية تستمتع بوقتها الآن مع أخيك ال[محذوف][محذوف][محذوف][محذوف]!"


" ماذا؟، أختك مع والديك!"


" لا ليست معهما، ألم تفهمي بعد؟، الأمر كله مجرد خدعة، خطة محكمة دبرها جون، ونفذتها أنا!"


" أتعني....؟"


" أجل لم يطلق آليسا، لأنه لم يتزوجها أصلاً فهما في طور الخطوبة!، وسيتزوجان عندما يعود أهالينا من السفر!"



الفصل الحادي عشر
" كيف تجرؤ؟!"
وأكملت بغضب انعكس على صوتها فأضحى قاسياً عالياً:" من الذي أعطاك الحق لتفعل هذا؟!"
قال جون متلعثماً:" جوليا، هل علمت....؟!"
قاطعته صارخة:" بالطبع، وهل كنت تنوي الاستمرار بخداعي؟!، لم اعتقد يوماً أنك مجنون إلى هذا الحد!، ما الذي كنت ترجوه من فعلتك تلك!"
قال بتوسل:" لو أنك تعطيني الفرصة لأشرح لك فقط!"
" تشرح ماذا؟، حتى لو أمطرتني بوابل من الأعذار الغبية فلن أقبلها!"
" أرجوك جولي، أعطني المجال لأشرح لك فقط!..."
قاطعته ساخرة:" الكرة في ملعبك فالعب!"
" حسناً، ربما لم يخبرك آليك بـ..."
قاطعته بغضب:" لا تذكر اسمه أمامي وإلا سأقتلك!"
" حسناً حسناً، لكن اهدئي أولاً!"
قالت ساخرة:" أوه أنا هادئة، ( ثم أكملت صارخة) كيف لي أن أكون هادئة بعد أن علمت بأن أخي اللورد المستقبلي هو من دبر عملية اختطافي؟!"
قال معتذراً:" أعلم بأنني كنت مخطئاً، لكن اسمعيني أرجوك، بدأت القصة عندما اقترحت بنفسي على آليـ... أقصد اقترحت عليه أن يختطفك......."
قاطعته قائلة والشرر يتطاير من عينيها حتى كاد يحرقه:" اقترحت؟!، وتقولها بكل برودة أعصاب!"
" دعيني أكمل على الأقل!"
عدت إلى العشرة بصوت منخفض لتهدأ، لكنها لم تفلح في ذلك، فقالت بعينين متقدتين غضباً:" تكلم باختصار!"
" كما سبق أن ذكرت لك قبل قليل، اقترحت عليه أن يختطفك!، وذكرت له أسبابي لكنه رفض رفضاً قاطعاً وذكر رأيه الصريح بي في تلك اللحظة دون تردد!، أعلم أنك تعتبرينني مجنوناً أنت الأخرى، لكن أسبابي كانت منطقية جداً ومقنعة!، إلا أنه وبالرغم من ذلك كله لم يقتنع بها!"
سألت بغضب ساخر:" وما هي أسبابك المنطقية؟!"
قال متنحنحاً:" حسناً، اسمعيها إلى النهاية ثم أدلي برأيك، بصراحة عندما خطبك جوليان..."
" وما دخل جوليان بالأمر!؟؟"
" اسمعي إلى النهاية وستعرفين الجواب، لقد كنت طوال حياتك سريعة الانفعال وكثيرة الضحك، لكن عندما خطبك جوليان أحسست أنك تغيرت قليلاً، كانت ابتسامة السعادة لا تفارق وجهك إلا أحياناً"
"والمقصود؟!"
" وبعد أن تركته، أصبحت مرحة جداً، حتى أن الضحكة لم تفارقك يوماً مذ تركته، وقد استنتجت من هذا كله أنك كنت تحبينه، ثم وعندما اكتشفت خيانته، تركته من أجل ألا تتمرغ كرامتك في الوحل، فأصبحت تضحكين دائماً لتخفي حزنك، حتى عنا نحن أقرب الناس إليك!، ففكرت في أنك لو وجدت مكاناً يمكنك أن تقضي فيه بعض الوقت لوحدك بعيداً عنا وعن كل من تعرفينه، لأمكنك أن تظهري حزنك بدلاً من كبته على هذا النحو الخطير، فالكبت كما تعلمين يولد الانفجار....."
انفجرت قائلة:" وها أنا ذا قد انفجرت لكن ليس بسبب هذه التفاهات التي تدعوها أسباباًَ منطقية، بل بسبب تفكيرك السخيف، ألم تتساءل يوماً عن السبب الذي جعل الضحك يهجرني كما تقول؟؟، لماذا لم تأخذ الأمور بظاهرها؟؟، أنا لم ولن أحب جوليان أبداً، كنت أكرهه كثيراً خلال فترة خطوبتنا القصيرة، لكنني مع ذلك حافظت على ابتسامتي من أجلكم، كيلا تكتشفوا أنني لا أريده، فلم يكن باستطاعتي رفضه كما تعلم، وإلا قد يخلق هذا مشكلة بين أهالينا!، ثم عندما تركته لخيانته لي سررت كثيراً وعادت السعادة إلى حياتي من جديد، فغدوت أسعد فتاة في العالم، إلى أن....."
قال متفاجئاً من المعلومات التي أخبرته بها جوليا للتو:" أهذا صحيح؟، لماذا لم تخبرينا من قبل؟، كنت ستتزوجين من شخص تكرهينه، أنا آسف لأنني فعلت ذلك، فلم أكن أعلم بأنك حقاً سعيدة!"
قالت بهدوء يخفي غضباً عارماً:" لا بأس، فقد كانت نواياك شريفة بالرغم من كل شيء، إنما ما يغضبني حقاً هو...."
حثها جون قائلاً:" ما هو جوليا؟"
صرخت قائلة:" لماذا وافق على خطتك الغبية؟"
" تعنين آليك..."
" أوه بالطبع أعنيه هو، ومن غيره يقبل بهذا؟؟"
" صدقيني لقد رفض ....."
قاطعته قائلة:" لكنه وافق في النهاية وهذه هي المشكلة!"
" لكن..."
قالت بصورة قاطعة:" هذا يكفي جون، لا تحدثني بشأنه مطلقاً بعد الآن، ومهما كان السبب!"
ومشت بخطوات متزنة واثقة، كيلا يشعر جون بعذابها....
صرخ جون قبل أن تتوارى خلف أحد الأبواب قائلاً:" تذكري هذا جوليا، آليك وافق مرغماً على هذا..."

صرخ جون قبل أن تتوارى خلف أحد الأبواب قائلاً:" تذكري هذا جوليا، آليك وافق مرغماً على هذا..."

دخلت آلي في هذه اللحظة إلى غرفة الجلوس، وعلامات الإرهاق تبدو جلية على وجهها، فقالت:" هل سمعت صراخاً قبل قليل، أم أنني كنت أحلم؟"
قال جون بحزن:" نعم، فقد وصلت جوليا إلى هنا قبل قليل..."
اتسعت عيناها وقالت:" هل أخبرها آليك بالأمر؟"
" أوه بالطبع، ولهذا عادت إلى القصر!"
" وكيف حالها الآن!؟"
" حالها لا تسر الصديق ولا العدو حتى!"
" المسكينة، أين هي؟، سأذهب لأخفف عنها وأشرح لها بعض الأمور!"
" لا، لا تذهبي إليها الآن، فما زالت في طور الصدمة، وتحتاج إلى بعض الوقت بمفردها!"

دخلت جوليا إلى قاعة رياضية، وهي قاعة مخصصة للتدريب على لعبة التنس..

أمسكت بالمضرب، أحست بالحنين إلى تلك الأيام التي كانت تلعب فيها التنس، مرتاحة البال، لا يشغل فكرها شيء آخر.
ألقت بالكرة بقوة على الجدار، فارتدت نحوها بقوة مماثلة، فضربتها بالمضرب وبمهارة..وهكذا استمرت تضرب الكرة بقوة تزداد مع كل لحظة تمر...
اغرورقت عيناها بالدموع، ومع ذلك استمرت بضرب الكرة، حتى لم تعد تستطيع التحمل أكثر، فسقطت على الأرض... وانفجرت بالبكاء، أطلقت العنان لدموعها التي طال حبسها... فنزلت غزيرة كالأنهار شاقة طريقها عبر خديها...
فبعد أن صعقها آليك بالخبر في أليريا، وقفت فجأة ناسية صداعها تماماً..
قال آليك:" لقد كان جون..."
قالت بهدوء فاجئها هي الأخرى:" اخرس!"
وقف لحظة امتدت إلى اللانهاية... ثم ودون سابق إنذار استدار وخرج...
عاد بعد لحظة، وألقى على سريرها بجواز سفرها قائلاً:" أظنك تحتاجين إلى هذا!"
لم تجب، فقط اختطفت جوازها وحقيبة يدها..
ونزلت إلى الأسفل ناوية الرحيل..
أوقفها بقوله:" جوليا!...."
لم تجب ولم تستدر لتسمع قوله....
أكمل:" ستحتاجين إلى طائرة للعودة!"
نظرت إليه بغضب قائلة:" لا أريد طائرتك!" وخرجت...
قال بحزن:" لقد انتهى كل شيء قبل أن يبدأ حتى!"

أوقفت سيارة أجرة ووعدت السائق بهدوء بهبة سخية إذا أوصلها إلى المطار...

صادفت الكثير من المشاكل، حيث أنها ما زالت صغيرة جداً على السفر بمفردها، وأنها يجب أن تحضر ورقة موقعة من والدها يذكر فيها أنه موافق على سفرها...
وافق المدير على مقابلتها بعد أن عرفت بنفسها...
وبعد الكثير من النقاش وافق على إعطاها تذكرة لركوب الطائرة، واتفقا على أن تدفع المال عندما تصل...
وصلت بعد حوالي 3 ساعات كانت أثناءها هادئة تماماً، لم تبك ولم تحزن أبداً، بل تصرفت بشكل طبيعي تماماً حتى أنها ابتسمت للمضيفة حين قدمت الأخيرة الوجبة لها...
وصدّت شاباً كان يتحرش بها طوال الرحلة بطول أناة، بل إنها لم تلمه على ذلك، فقد كان خطأها أن لم تبدل ملابس السهرة الحمراء التي كانت ترتديها بأخرى عادية....
وعندما وصلت إلى المنزل، واستمرت بالصراخ على جون، لم تظهر سوى غضبها من جون....
لكن بعد أن أصبحت لوحدها في غرفة مقفلة، لم تقو على منع دموعها من الانهمار...
فبكت وبكت وبكت..... حتى أنهكها البكاء، فغسلت وجهها، وصعدت إلى غرفتها تنشد الراحة...
لكن ما أن وضعت رأسها على الوسادة حتى وجدت الدموع المتبقية طريقها إلى الخارج... اشتد صداعها أكثر فأكثر مما ساعدها على ذرف المزيد من الدموع....

" جون، هل تتأخر جوليا في النوم عادةً؟"

" لا، لماذا تسألين؟"
" لأن الساعة الآن التاسعة تقريباً ومع ذلك لم تنزل حتى الآن لتتناول الفطور معنا!"
" سأصعد لأناديها إذن!"

طرقات توالت على الباب، أعقبها صوت جون قائلاً:" جوليا، هل استيقظت؟، هيا انهضي فقد حان وقت تناول الطعام!"

كانت قد توقفت عن البكاء منذ مدة قصيرة، لكن ما أن سمعت صوت جون حتى تفجرت الدموع من جديد..
" اذهب واتركني وحدي!"

كان جون يعتقد أنها غاضبة منه فقط، ولم يخطر بباله قط أنها تتعذب، لذلك قال:" هيا جوليا، أنا آسف، تناولي الفطور معنا!"

قالت متفاجئة من خلف الباب:" ومن أنتم؟"
" أنا وخطيبتي آلي، لم تتعرفي عليها بعد!"
صرخت به قائلة:" لا أريد أن أراها، أكرهها!"
" لماذا جوليا؟، لم تفعل لك شيئاً"
" أنا أكرهها وكفى، وأكرهك أنت أيضاً، ألا تفهم؟ اتركني وحدي!"
قال بحزن:" كما تشائين!"
وذهب إلى قاعة الطعام، ليتناول فطوره مع آلي التي ما أن حاولت أن تقنع جوليا بتناول الفطور حتى منعها جون من ذلك...
مر الظهر وتلاه العصر دون أن تخرج جوليا من غرفتها..
فرغ صبر آلي فذهبت إليها على الرغم من كراهة جون لهذا الأمر....
" جوليا، هل يمكنني الدخول؟"
سمعت جوليا صوتاً غريباً، فجففت دموعها وقالت بحذر:" هذا وقف على من تكونين أنت؟"
" أنا آليسا فورد، لا بد أنك سمعت عني!"
أخت آليك!، هنا!
" أذهبي، لا أريد أن أراك!"
قالت بعطف:" أعلم بم تشعرين، لكن صدقيني ليس لي ذنب فيما جرى!"
" بل أنت السبب في كل ما جرى، أكرهكِ وأكره أخاك، بل أكره كل الأليريين!"
حاولت أن تتمالك أعصابها، فهي تعرف تمام المعرفة الأحداث التي مرت بها جوليا، قالت بهدوء:" صدقيني ليس لي ضلع فيما حدث، أنا مثلك تماماً مغلوب على أمري جولي!"
" لا تخاطبيني بهذا الاسم، فأنا بالنسبة إليك ليدي، أتفهمين؟"
لم تغضب على الرغم من أنها أحست بالإهانة:" كما تشائين ليدي!"، وعادت إلى جون تجر أذيال الخيبة...
مع اقتراب موعد العشاء عيل صبر جون، فطرق باب غرفة أخته، التي لم تخرج منها الأخيرة مذ دخلتها ليلاً...
قال آمراً:" جوليا، افتحي الباب!"
" لن أفتحه!"
" افتحيه وإلا..."
قال ساخرة:" وإلا ماذا؟، ستخبر والديّ بالأمر!"
" لا بالطبع، لن أدعي الغباء وأتظاهر بعدم الفهم، أعترف بغلطتي جوليا، وأنا آسف على ما فعلته، لكن لا شيء سيغير الماضي، فما حصل قد حصل وانتهى، حبذا لو استطعنا العودة إلى الوراء وتغيير الأحداث، لكنك أكثر من يعرف بأن هذا مستحيل، وعلينا أن نتماشى مع الوضع الراهن!"
" لكن...."
" لكن لاشيء، عليك أن تعيشي حياتك، يمكنك أن تعاقبيني بالطريقة التي تعجبك، فأنا أستحق هذا، إنما لا تسجني نفسك هكذا دون طعام أو شراب يوماً كاملاً، خاصة أنك مريضة!"
" وما الفائدة من العقاب؟؟، لن يغير هذا مما حدث!"
" لقد اتصل آليك قبل قليل، وسأل عن حالك، فأخبرته بأنك لم تنزلي من غرفتك طوال اليوم......"
قاطعته بغضب قائلة:" ولماذا أخبرته بهذا؟؟، ليس لك الحق في أن تقول له أو لأخته أي شيء عني وحتى لو كان تافهاً"
" اهدئي فقد كنت أمزح فقط، لا تخشي شيئاً، لقد أخبرته أنك تستمتعين بوقتك مع أصدقائك!، لكن لماذا تحملين كل هذا الحقد عليه؟؟؟، فلم يكن له ذنب فيما جرى!"
" لماذا؟؟، أنسيت أنه خاطفي!؟؟، وماذا كنت تتوقع مني إذن؟؟، أن أحبه؟!!!!"
وهذا ما حصل، لكن ليتني أستطيع أن أتوقف عن ذلك، أو أكرهه........
حسناً، أنا أكرهه، أكرهه إلا أنني كلما كرهته أكثر ازداد حبي وشوقي إليه...
" لا، لم أتوقع هذا، على الأقل في الوقت الراهن... انسي ما قلته، على أية حال، أعلم أنك لن تدعي هذه الحادثة تؤثر على حياتك، وستخرجين يوماً ما"

" أتظنين أنني أخطأت؟"

" بماذا أخطأت؟"
" بأن جعلت آليك يخطف جوليا؟؟"
كادت أن تجيبه بالإيجاب، إلا أنها رأت وجهه المعذب فقالت بثقة لا تشعر بها:" بالطبع لا، فنواياك كانت طيبة!، ولم تفعل هذا إلا لمصلحتها!"
" لكن آلي، كنت أعتقد أن خطتي نجحت أكثر مما كنت أتمنى، إلا أنني الآن لم أعد واثقاً من شيء!"
" إنها تحت تأثير الصدمة حتى الآن فلا تضغط عليها، لابد أن تعود جوليا المرحة قريباً"
" على أية حال، ما رأي آليك في الموضوع؟؟"
" لا أدري، فهو يرفض التحدث إليّ مهما كان السبب، لقد طلب التحدث إليك عدة مرات إلا أنك كنت مع جوليا فلم أرغب بمقاطعتكما"

بقيت جوليا تتقلب في فراشها، ودموعها جارية على خديها.......


لم تأكل شيئاً طوال النهار ومع ذلك لم تشعر بالجوع مطلقاً......

كرهت كل شيء حولها، أحست بالإختناق في غرفتها المقفلة، فحاولت الخروج، إلا أنها لم تستطع الوقوف لدقيقة على قدميها دون أن تستند إلى شيء...
غيرت رأيها وعادت للسرير تبكي من جديد إلى أن نامت......

في صباح اليوم التالي، جاءت إحدى الخادمات حاملة صينية الفطور إلى غرفة جوليا على غير العادة.... طرقت بابها تستأذن للدخول، صرخت بها كما فعلت مع كل من حاول أن يدخل غرفتها...

إلا أن الخادمة أورورا ذات السنوات العشرين قالت بصوت منخفض:" عندي شيء مهم لك ليدي!"
كانت تعرف هذه النبرة، فغسلت وجهها ورفعت خصلات شعرها عن وجهها بيدها وفتحت الباب، دون أن تكلف نفسها عناء ترتيب نفسها...
قالت باستعجال:" ماهو؟؟؟"
قالت أورورا مبتسمة:" لقد كنت أنظف غرفة التدريب خاصتك هذا الصباح فوجدت شيئاً، من الواضح أنه مهم بالنسبة إليك!، لابد أنك كنت تبحثين عنه!"
" أين هو؟؟"
" إن وعدتني أن تأكلي سأعطيك إياه!"
" أورورا، لست في مزاج يسمح لي بالمزاح، فأعطينيه بسرعة!"
" لا أستطيع، أنا لم أجادلك يوماً ولم أعصك مذ توظفت هنا، لكنني في سبيل أن تأكلي مستعدة لفعل أي شيء، كأن أعطي السيد جون ذلك الشيء والذي يحوي شيئاً خاصاً جداً لا ترغبين أن يراه أحد بالتأكيد وخاصة السيد جون!"
وافقت على مضض قائلة:" حسناً، أدخلي الفطور وأحضري هذا الشيء!"
ابتسمت وقالت:" أمرك ليدي!"
دخلت فراعها ما وجدت عليه الغرفة من فوضى وإهمال...
" يجب أن أنظف الغرفة......"
قاطعتها بصوت لا يقبل الجدل:" اتركيها كما هي وأعطني ذلك الشيء بسرعة فقد نفذ صبري"
" سأعطيك إياه، لكن أغمضي عينيك أولاً!"
" أورورا!"
قالت بامتعاض:" حسناً حسناً"
ناولتها حقيبة سهرة أنيقة رائعة، حمراء اللون لامعة، مع خطوط خفيفة بيضاء....
نظرت إلى الحقيبة طويلاً ثم رفعت رأسها ببطأ وصرخت فجأة قائلة:" أهذا ما تعتبرينه شيئاً، يا للسخافة أورورا، وما هو الأمر المهم في حقيبة سهرة تافهة؟؟؟"
قالت متلعثمة:" كنت... كنت أعني ما بداخلها... لقد كنت أعتقد......"
" لا تعتقدي شيئاً مرة أخرى، أخرجي وأتركيني وحدي!"
خرجت أورورا راكضة من الغرفة، لم تهتم جوليا مثقال ذرة بأورورا، بل أقفلت الباب وبكل برود، استلقت على سريرها لتكمل بكاءها، إلى أن لمحت من بعيد صينية الفطور...
وعلى الرغم من الدموع التي غسلت وجهها لم تستطع المقاومة، فقد كانت تتلوى من الجوع منذ الفجر وحتى الساعة.....
أكلت قليلاً ثم جلست تفكر في .... أليكس فورد بالطبع!
لابد أنك تنفست الصعداء وشكرت ربك حين خرجت من بيتك!
أوه بالطبع فلم أكن سوى عائق يمنع ذهابك إلى خطيبتك الشقراء الرائعة الجمال، أيفا.... ويا له من اسم...
أكره هذا الاسم، وأكره صاحبته، أكرهك أنت أيضاً آليك.......
رن هاتفها الخليوي فجأة، ومع أنها عادة تتجاهله، إلا أن دافعاً دفعها لترى من المتصل...
وجدت ولدهشتها الشديدة أن المتصل أليكس فورد، لم تكن تعرف رقمه، لكن شخصاً ما عبث بهاتفها وحفظ رقمه عندها.... رمته بغضب على الأرض...
ودخلت في نوبة بكاء جديدة......

في اليومين التاليين أكلت ما يكفي لجعلها تعيش، وخلالهما لم تفتح باباً لأحد سوى أورورا التي لم تعد تمازحها أو تحدثها عن أسرتها كما في السابق.....

جاءتها آلي عدة مرات، لكنها كانت تطردها في كل مرة ومع ذلك لم تغضب آلي منها ولم ترفع صوتها أبداً...

" آلي، ما العمل؟؟، سيصل والديّ بعد يومين وجوليا ترفض الخروج من غرفتها!"

حاولت أن تخفف عنه:" لن يعلم والداك بشيء، سرعان ما ستخرج جوليا من عزلتها تلك وتعود كما كانت!"
" لكن لا أستطيع الكف عن التفكير فيما لو......"
" لا تخشى شيئاً، ثق بي ستتناول الغداء معنا اليوم وسترى بنفسك!"
صممت آلي على أن تضع حداً لهذا الأمر، فأخذت تفكر في طريقة تجعل جوليا تنزل إلى الطابق السفلي...

مسحت دموعها التي أصبحت رفيقتها هذه الأيام بيدها بعصبية...

" إن كان يستمتع بحياته دوني، فلم أترك الأيام تمر دون فائدة؟؟، لماذا أندب حظي العاثر؟؟؟، إنه لا يستحق هذه الدموع، لا ولا يستحق أيضاً هذه الليالي التي أبكيه فيها.... إنه لا يستحق مني أي شيء، فما هو سوى مجرم، أجل مجرم وإن كان بتشجيع من أخي الساذج!، على أية حال، ماذنب أولئك الخدم الذين ما انفككت أصرخ في وجوههم طوال الأيام القليلة الماضية؟؟، ماذنب أخته فيما جرى؟؟، كل اللوم يقع عليه وحده، وسواء شئت أم أبيت ستكون آليسا قريبتي، فسيتزوجها جون قريباً، وعليّ أن أحسن معاملتها رغم كرهي لها، ليس لها تماماً.... بل كرهي موجه نحو أخيها السافل!......لن أفكر فيه بعد الآن، وإذا رأيته يوماً ما سأهز كتفي وأنسى الأمر برمته وأتعامل معه كأي غريب ألتقيه لأول مرة..... سأعود إلى حياتي السابقة، وسأبدأ منذ اللحظة!"

على مائدة الغداء فوجئ الثنائي بدخول جوليا.....

قال جون بسرور:" هل هذا يعني أنك لم تعودي غاضبة مني!؟"
قالت بهدوء:" لم أكن غاضبة منك أنت!"
" لابد أنك غاضبة من أخي إذن!"
ألقت عليها نظرة غاضبة ثم قالت بهدوء بعد أن تمالكت نفسها:" لا لست غاضبة منه، لأن الغضب يعني التفكير، وهو لا يستحق أن أفكر به!"
أحست آلي بالإهانة لكنها اعتادت على هذا من جوليا فقالت:" لا بأس، آليك يستحق ذلك!"
" إن كنت لا ترغبين بكسب عدائي، فلا تذكري اسم ذلك ال[محذوف][محذوف][محذوف][محذوف] أمامي من جديد!"
تدخل جون مدافعاً:" جوليا، آليك ليس......"
قاطعته قائلة:" لا يهمني ما تعتقده، لكن تذكر هذا جيداً، إن ذكرت اسمه أمامي فسأخبر والديّ بكل ما حدث، وأتركك لتواجه العواقب وحدك، أنا لا أطلب منك سوى أن تنساه إذا كنت معك، فهل أطلب الكثير؟"
لم يشك جون في أنها قد تفعل هذا، فقال باستسلام:" لك ما تريدين!"
ومر اليوم بسلام.......
تلاه يومان أخريان، حاولت جوليا أن تبدو فيهما طبيعية إلا أنها كانت في مزاج سيء جداً....
كانت تجلس معهما في الحديقة تستمع بذهن غائب إلى حديث الخطيبين السعيدين...
اقترحا عليها عدة مرات أن يخرجا في رحلة، إلا أنها كانت ترفض باستمرار مما أثار قلق جون.. لكنه سكت ولم يعلق على الموضوع بشيء، وكما طلبت جوليا منهما أن ينسيا آليك تماماً، لم يذكراه أبداً، إلا أن المشكلة تكمن في أنها هي نفسها التي لم تستطع نسيانه لحظة واحدة كما كانت قد قررت...

" سيصل والدي اليوم بعد الظهر!"، قالها جون مسروراً.....

قالت آلي بارتباك:" هل سأعجبهما يا ترى؟!"
نظرت إليها جوليا دون اهتمام، فقد كانت رائعة جداً بعينيها الواسعتين العسليتين، وشعرها البني الفاتح الناعم، وبشرتها الفاتحة...... لقد كانت مثالاً للجمال الأليري......
قال جون مبتسماً:" أوه بالتأكيد فأنت رائعة الجمال، وبالتأكيد ستعجبينهما!، أمي تريد أن ترى زواجي منذ مدة طويلة، ولذلك فقد سرت كثيراً عندما أخبرتها بأنني سأخطب!، وأتصور أنها الآن تنتظر بفارغ الصبر وصولها كي تراك، فقد قلت لها بأنني سأتزوج من ملكة جمال أليريا كلها!"
أحمرت وجنتاها وقالت مغيرة الموضوع:" بالمناسبة، أمي أيضاً تريد ان ترى زواج آليك، لكنه كان يرفض دوماً، لكن قبل أن يسافر والديّ هذه المرة، وافق على أن يتزوج قريباً، ووكّل أمي بمهمة اختيار الزوجة المناسبة!، أنا لا أستطيع الانتظار إلى أن تعود أمي لأرى على من سيكون الاختيار!"
كانت جوليا تستمع بهدوء، لم ترغب بفعل أي شيء يذكرهما بوعدهما لها....
لكن بعد أن أنهت آلي حديثها، وضعت جوليا الملعقة من يدها بصوت مسموع، وقفت فجأة وقالت:" لقد شبعت!" وخرجت من الغرفة...
قالت آلي بذعر:" أوه، ما العمل؟؟، لقد نسيت وذكرت آليك أمامها!، إنها غلطتي!"
" لم يكن خطاك!، سأذهب إليها بعد قليل وأعتذر مع أنني مللت الإعتذار!"

أما جوليا فقد خرجت بهدوء من الغرفة وما أن أصبحت آمنة من نظرات جون وآلي أخذت تركض حتى دخلت غرفتها فأقفلت الباب.....

جلست تفكر فيما سمعته قبل قليل....
آليك لم يكن خاطباً!!........ لم يكن.... يا للفرحة...
أخذت تضحك بهستيرية حتى طفرت الدموع من عينيها......
وفي غمرة فرحها تذكرت شيئاً كانت قد قالته أورورا منذ عدة أيام...
شيء يسعدها أو من هذا القبيل موجود في حقيبة السهرة..
أخذت تبحث عنها في كل مكان حتى وجدتها، فتحتها فرأت بداخلها شيئاً أثار عجبها...
كيف لم تتذكره من قبل؟؟؟، لم تعرف الجواب...
أخرجت هدية آليك الحمراء من الحقيبة، مزقت غلافها، فرأت ورقة مع شيء آخر...
انتزعت الورقة بقوة، ولم تنظر إلى الشيء الأخر....

عزيزتي الليدي جوليا...

سأعترف لك بشيء لا يعرفه أحد سواي عني!
ربما ترينني واثقاً جداً بنفسي.... جريئاً...إلا أنني في الحقيقة مجرد جبان.... أكبر جبان في العالم...
أتعلمين لماذا؟؟؟ سأخبرك بالسبب...
لأن لدي شيئين لم استطع أن أخبرك عنهما وجهاً لوجه...
لذلك كتبت هذه الرسالة لك، علّك تفهمين ما أمر به من عذاب في سبيل إخبارك بهما...
الأول: هو أنني كاذب، أجل كاذب في كل ما أخبرتك به عن أختي وأخيك، فأختي ليست مطلقة بل إنها لم تتزوج مطلقاً.....
أعلم بأنك مصدومة جداً الآن... بل إني أكاد أرى ما ارتسم على وجهك من الذهول والتساؤل في هذه اللحظة...
لابد أنك تتسائلين عن السبب الذي يجعلني أختطفك...
لقد اقترح جون عليّ أن اخطفك لمدة ثلاثة أسابيع، حتى يتسنى لك الوقت لنسيان جوليان الذي كان خطيبك فيما مضى، وحبيبك حالياً...
لم أرضى بهذا الأمر إلى أن حصل أمر ما جعلني أوافق مرغماً على هذا فاختطفتك.... ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.... فقد حدث ما ليس بالحسبان.. وهذا هو الأمر الآخر الذي لم أستطع أن اعترف لك به، ألا وهو أنني... أحبك.. أحبك ليدي بالرغم من كل شيء...
إلا أنني لا أستطيع أن أطلب منك أن تحبيني في المقابل، لأنني لا أستحق حبك بعد ما فعلته، ولأن جوليان في قلبك إلى الأبد...
في النهاية أعلم أنك تكرهينني جداً بعد أن عرفت عني هذه الأشياء... إلا أنني أرجو أن تتذكري أنني أحبك... وسأظل أحبك طوال حياتي...


أليكس فورد[/align]




انهمرت دموع السعادة غزيرة من عينيها، مسحتهما بسرعة، اتصلت بسائق طائرتهم الخاصة، فلما أجاب، قالت:" مرحباً رايان، أنا جوليا!"
"أهلاً ليدي، كيف أخدمك؟"
" جهز الطائرة خلال ربع ساعة!"
" أمرك ليدي!
قطعت الاتصال ووقفت تتأمل نفسها في المرآة، فرأت فتاة أخرى، لأول مرة في حياتها ترى نفسها بهذا الشكل المزري...
استبدلت ملابسها على عجل، فلبست تنورة واسعة قصيرة سوداء، وبادي أصفر... ووضعت وردة صفراء في شعرها الذي تركته منسدلاً على كتفيها... لبست حذاء طويلاً أسود، تعطرت، واختطفت حقيبتها وخرجت راكضة من المنزل...
عندما هم جون بالصعود لاقناع جوليا بأن آليسا لم تكن تقصد شيئاً عندما ذكرت اسم آليك، رآها مندفعة تنزل الدرج، ثم خرجت دون أن تكلف نفسها عناء تفسير سبب الضحكات القوية التي كانت تطلقها بين حين وآخر وهي تنزل الدرج، أو تخبره بوجهتها...
وقف وعلامات الصدمة مرتسمة على وجهه:" لابد أنها جنت!"


الفصل الثاني عشر
نزلت من السيارة مسرعة ، فدفعت للسائق مستحقاته وانصرف ..
وقفت أمام فيلا تملكها عائلة فورد، الآن ستدخل وستبني ما هدمه جون ، أخذت تنظر إلى ذلك القصر الذي لا يبعد عنها سوى خطوات معدودة ، حاولت أن تدخل إلا أن شريط الذكريات مر بتفاصيله الحلوة والمرة في ذهنها ...
ترددت ، لم تستطع أن تتقدم نحو البوابة لتراه ، فتراجعت إلى الخلف وارتطمت بشخص طويل القامة...
التفتت إلى الخلف ، و إذا بها تقابله وجهاً لوجه ...
اختفت تعابير الدهشة من عينيه بسرعة لتحل محلها نظرة دافئة:" هل سامحتني أخيراً ليدي؟"
لم تتكلم ولم تبد حراكاً ، كل ما استطاعت أن تفعله في هذه اللحظات العصيبة هو أن تملأ عينيها بالدموع........
لم يتمالك نفسه فضمها فجأة بين ذراعيه، فجاءت ردة فعلها السريعة أن تفجرت الدموع الغزيرة من عينيها، شاقة طريقها كالسيل على خديها ....
" جولي، أرجوك لا تبكي ، لا تعذبيني أكثر"
فما كان من دموعها إلا أن زادت في الانهمار، وقالت من بين الدموع:" لماذا كذبت علي آليك؟ لماذا جعلتني..." واختنق صوتها ، واجهشت بالبكاء...
" لم أقصد ذلك، صدقيني ، دعيني أخبرك بالقصة كاملة ، مع أنني لا أظن أن الأعذار التي سأقدمها تفيد، لكنني سأدلي بها على أية حال"
رفع يده يمسح بذلك دموعها، ثم أمسك بيدها جاراً إياها معه لتدخل إلى القصر، ومن ثم إلى غرفة المعيشة.......

تركها فجأة وقال لها بصوت خالٍ تماماً من المشاعر:"ليدي براون، هل لك أن تتفضلي بالجلوس؟، فسيطول الحديث"
جلست مرفوعة الرأس و قد عزمت أمرها على أن لا تظهر له ضعفها إلا إن اعترف لها بنفسه بأنه يهتم بها ولو قليلاً..........
قالت ببرود:" تفضل واختصر لو سمحت"
لم يفاجأ بهذه اللهجة، بل قال وبكل بساطة :" لماذا عدت إلى هنا؟"
" لا شأن لك بي!"
" حسناً كما تريدين، أنتي بالتأكيد متشوقة لمعرفة الحقيقة الكاملة!"
" وما أدراني لعلها تكون قصة ملفقة كالعادة!"
" أقسم لك على أنها ستكون الحقيقة هذه المرة!"
" تكلم إذن!"
" حسناً بدأت القصة عندما كنت أجلس مع جون ذات يوم نتكلم عن الرحلات وكيفية قضاء عطلة الصيف لهذه السنة، فأخبرني وبكل جرأة، بأنه يريد أن يقضيها برفقة أختي آلي ، لم أعترض فوالدي قد سبق أن وافق على هذا الأمر ، باعتبار أنهما مخطوبان و زواجهما سيكون قريباً، فسألني عن مشاريعي للعطلة ، فأخبرته بأن لدي العديد من الأصدقاء العزاب الذين قد يسافرون معي، فقال ما رأيك بإجازة فريدة من نوعها؟، فقلت له: تكلم ، فكما تعلمين كنت أثق به تماماً وبأنه ذو عقل متزن، إلا أنه فاجأني بأغرب رد على الإطلاق، فقد قال ومن دون أدنى ذرة تردد: اختطف أختي! واقضي معها الإجازة! لم آخذ كلامه على محمل الجد فقد حسبته قد قال ما قاله على سبيل المزاح فقط! إلا أنه كان جاداً تماماً، تجادلنا كثيراً حول هذا الأمر ، إلا ؟أنه أخبرني بأن عنده من الأسباب المنطقية ما يعطيه الحق لطرح هذه الفكرة .... رفضت الاستماع إليه في بداية الأمر إلا أنني ما لبثت أن رضخت لرغبته بسماع الأسباب، سماعها فقط وليس تطبيق الخطة الغبية التي اخترعها، أخبرني أنك كنت مخطوبة منذ فترة قصيرة لذلك اللورد جوليان، وقد كنت تحبينه كثيراً، وكان هذا يبدو جلياً على وجهك، فقد كنت مرحة جداً أثناء فترة خطوبتك منه، إلا أنك ذات يوم علمت بأنه يخونك مع صديقتك ، فآثرت كرامتك على حبه ، ففسخت خطوبتك منه فوراً ومن دون نقاش ، فبدأت تظهر عليك منذ تلك اللحظة علامات السعادة الكبيرة، فعرف جون أنك تعانين الأمرين في سبيل نسيان جوليان ولكنك كنت تخفين ذلك عن الجميع، لذلك وفي سبيل إعادة الابتسامة الحقيقية إلى شفتيك، كان جون مستعداً لفعل أي شيء، ففكر طويلاً حتى توصل إلى هذا الحل، وهو أن ...."
صرخت ساخطة:" تخطفني!!، و أنت وافقته دون نقاش!"
قال ببساطة:" بل تناقشنا في الموضوع أولاً!"
استشاطت غضباً فقالت:" هذا لا يغير من الأمر ففي النهاية وافقت على اختطافي!"
قال مهدئاً:" لم انتهي من سرد قصتي بعد!، اسمعي، كما قلت لك من قبل لم أوافق في البداية، ومع ذلك استمر في إقناعي، حتى صدق أخيراً أنني لن أوافق أبداً، فسكت عن الموضوع، ونسيته أنا"
قالت متأففة:" وبعد ذلك؟"

--------------------------------------------------------------------------------

" اقترح عليّ أن نذهب إلى ذلك النادي المسمى بـ كريستال روز، فذهبت معه، وهناك حصل ما ليس بالحسبان، فقد مرت أمامنا مراهقتان تلبسان الملابس الخاصة بالتنس، لم أنتبه لإحداهما لأن اهتمامي كله كان منصباً على الأخرى، بشعرها الطويل المتموج، ذو اللون الغريب، والمنسدل على كتفيها........"
رقص قلبها فرحاً إلا أنها تظاهرت بالبرود والملل، وقاطعته قائلة:" اختصر لو سمحت!"
" حسناً، أذكر أن جون في هذه اللحظة أشار إليك قائلاً بأنك أخته الصغرى، ثم ذهب ليطلب الطعام من.. لا أتذكر تماماً من أين، لأني لم أكن منتبهاً له في تلك اللحظة!"
سكت قليلاً ثم أكمل قائلاً:" كنت أعرف بأني أتصرف كالأبله، فتظاهرت بعدم الاهتمام وقلت له بأنك لا تشبهينه، فأخبرني ضاحكاً بأن لون شعرك الغريب هو الذي يجعلك مميزة، وانتهى الموضوع عند هذه النقطة!"
" وبعد؟؟؟"
" بعد ذلك أكملنا سهرتنا على الساحل، وبينما كنا مستغرقين في الحديث عن العمل، إذا به فجأة يسألني عما إذا كنت قد فكرت في موضوع الاختطاف، فأجبته لا شعورياً بالإيجاب وبأني فكرت في الأسباب فوجدتها مقنعة، أعلم بأني حينها لم أكن في وعيي فقد كنت غارقاً في التفكير بك!"
" تباحثنا في الخطة مطولاً حتى استقرينا على خطة بسيطة، تقتضي أن يفتح لي جون الباب الساعة 1 بعد منتصف الليل، فأدخل و أخدرك إن لم تكوني نائمة و أذهب إلى غرفة في شقة [محذوف][محذوف][محذوف][محذوف]ة في أحد الأحياء الفقيرة، استأجرناها خصيصاً لهذا الغرض، والبقية تعرفينها!"
" سؤال أخير، هل كنت أنت صاحب الفكرة القائلة بأن آليسا طليقة جون؟"
" لا، لقد كان الأمر كله من بنات أفكار جون!"
قالت تحثه:" أهذا كل شيء!"
" هذا كل شيء!"
وقفت بعصبية وقالت:" إذن لم تعد حاجة لوجودي هنا، لقد عرفت أخيراً القصة وانتهى الأمر، أشكرك لإخباري بها!"، حاولت أن تخرج إلا أنه أمسك بذراعها قائلاً:" بل هناك داع لبقائك، لم انهِ كلامي بعد!"
رفعت رأسها بجرأة وقالت وهي تنظر في عينيه مباشرة:" ظننت أنك قلت قبل قليل بأنك انتهيت!"
" كنت أعني بالنسبة لموضوع الاختطاف!"
قالت ببطء:" وهل هناك ما نتكلم بشأنه عدا موضوع الاختطاف؟؟"
" أوه بالطبع يوجد، اسمعي، لا أدري إن كنت قد قرأت رسالتي...."
"لا، لم أقرأها!"
"وهذا ما اعتقدته، وهذا سيصعب الأمور أكثر! تباً لجوليان!"
سألت ببراءة:" أية أمور!؟ وما دخل جوليان بالأمر؟"
" الأفضل أن تجلسي"
نظرت إلى يده الممسكة بذراعها، ففهم فوراً ما كانت تعنيه نظراتها، تركها معتذراً...
" لقد أخبرتك بكل شيء تقريباً إلا أنني لم أخبرك بالأمر الأهم ألا وهو أنني أحبك، أحبك أكثر مما قد أحب أحداً طوال حياتي، فهل ستسامحينني يوماً ما؟"
مع أنها كانت تعلم بهذا من قبل، إلا أنها لم تستطع أن تمنع نفسها من الإحساس بالصدمة لاعترافه بهذا أخيراً.... قررت أن تعذبه قليلاً قبل أن تخبره بحقيقة شعورها نحوه، إلا أنها عندما رأت ما ارتسم على وجهه من ألم، تراجعت عن ذلك، وقالت بدلاً من ذلك ووجهها يحاكي الدم في إحمراره:" بالطبع، فإن لم أسامحك بهذه الكلمة فبماذا سأسامحك إذن؟؟، فأنا الأخرى غارقة في حبك إلى أذنيّ"
أمسك ذراعيها بيدية بقوة آلمتها:" أ.. ءأنت جادة؟؟، أخبريني، لا تمزحي في هذه الأمور!"
قالت ضاحكة:" بالطبع جادة، أنا أحبك آليك!"
شدد من قبضتيه وقال بغيرة:" وماذا بشأن جوليان؟؟؟، أنت تحبينه!"
" أنا أكرهه، أكرهه يا آليك، وأرجو أن تصدقني، لا أدري لم لا يصدق أحد بأنني لا أحبه، لربما كنت ممثلة بارعة حقاً، عندما تظاهرت بحبه!"
" أهذا صحيح؟؟"
صاحت حانقة:" أتركني آليك، أتشك بي!؟؟"
احتضنها وقال:" أنا آسف، لكنني لن أتركك مهما توسلت!، وأنا لا أشك بك! وأظن أنك قرأت رسالتي بالرغم من كل شيء!، كيف كان شعورك عندما قرأتها!"
قالت هامسة:" لقد فرحت وصدمت بسبب الإعتراف الثاني، في الحقيقة هذا هو السبب الذي دعاني للمجيء إلى هنا"
أجلسها إلى إحدى الأرائك، ثم جثا على ركبته وقال:" ربما تعتقدينني قادم من إحدى العصور الغابرة، لكني أقسمت في صغري على أن أخطب حبيبة قلبي بهذه الطريقة، فهل تراك تقبلين بي؟"
" زو.. زواج؟!"
" أجل"
قالت وقد اصطبغت وجنتاها بحمرة الخجل:" عليّ أن أفكر بالأمر أولاً"
" أتقصدين أن عليك أن تخبري أهلك أولاً؟"
تلاشى الخجل منها فجأة وقالت بحدة:" لا، فإن كنت سأعتمد على رأي جون أو سأثق بحكمه، فسأكون قد نصبت مشنقتي بنفسي!"
" إذن ما هو الرد، فأنا لا أطيق الانتظار!"
تذكرت شيئاً فقالت:" ربما أيفا لن يعجبها الأمر!"
" أيفا!!، آه لعلك تقصدين ابنة عمي المسكينة!، أيفا ليست خطيبتي ولن تكون لأن زواجها سيكون بعد عدة أيام!"
فاجأته بقولها:" أعلم بهذا!"
"ماذا؟؟؟"
" أعني أنني كنت أعلم بأنك لم تكن خاطباً من قبل، وأنك كنت تكذب طوال الوقت!"
" أهذا صحيح؟؟، هذا يعني أن جهودي في جعلك تشعرين بالغيرة ضاعت سدى!"
ضربته مازحة وقالت:" لقد نجحت أيها الأحمق، حتى أنني كدت أضيع الفرصة من بين يدينا بسبب الغيرة أيها الغبي!"
" إذن لم أكن أعاني وحدي!"
ضحكت وقالت:" هذا ما يبدو، أتعلم لقد تساءلت كثيراً كيف عرفت أن جوليان لورد دون أن يخبرك أحد بذلك!"
" لقد كان جون هو من أخبرني بذلك!"
" لا تقل بأن مخبرك السري كان هو جون نفسه!"
" أوه بالتأكيد كان ذلك الغبي هو نفسه الجاسوس!"
" لكن......"
قاطعها قائلاً:" لم اسمع ردك حتى الآن، وقد تعبت من الجلوس على الأرض بهذا الشكل!"
قالت ببراءة:" لا تجلس على الأرض إذن!"
" لا تلعبي دور البريئة معي، أتقبلين الزواج بي ليدي جوليا براون؟"
أخذت نفساً طويلاً ثم قالت:" أقبل الزواج بك أليكس فورد!"
أخرج خاتماً من جيبه، أنيق التصميم، ناعماً، لون ياقوتته الخضراء يحاكي اخضرار عينيها... ببساطة كان رائعاً وباهض الثمن، يناسب ليدي بجمال جوليا... ألبسها إياه فجاء مقاسه مناسباً تماماً...
اغرورقت عيناها بالدموع، فقالت:" آليكسي، هل هو....."
" أجل حبيبتي، لقد أوصيت به من أجلك أنت فقط، فقد كنت آمل أن أتمكن من أن أختطف قلب الليدي جوليا كما اختطفتها من قبل!"
همست قائلة:" إذا كان هذا ما أردته فقد نجحت تماماً، نجحت بشكل أكبر مما قد تتصوره يوماً!"



الخاتمة

سأل جون مذعوراً:" أين عساي أجدها؟"

" لا تقلق لابد أن تعود قريباً، فهي تعلم بأن والديك سيحضران بعد قليل!"

" وهذا ما أخاف منه، أن تؤذي نفسها بطريقة أو بأخرى كي يكتشف والديّ ما فعلته!"

" من غير الممكن أن تكون جوليا بهذا الحقد، فلننتظر ونرى، وما أدراك لعلها ذهبت لتشتري هدايا لوالديك!"

قال بشك أكبر:" ربما ربما!"

صرخة ثاقبة انطلقت من جهة البوابة:" لقد عدنا حبيبي!"

قال جون بغباء من أثر الصدمة:" هذا ما أراه!"

اندفعت أمه لتعانقه قائلة:" لقد اشتقت إليكما يا عزيزيّ، ( والتفتت نحو آلي ) أنت رائعة يا عزيزتي، تماماً كما توقعتك، بل أكثر من ذلك بكثير!"

"هذا لطف منك ليدي روز!"

"لا تنادني بهذا اللقب فأنت من العائلة الآن!"

ابتسمت وظلت صامتة..

دخل ريتشارد ليسلم على ولده وخطيبة ابنه...

" أين طفلتي الصغيرة؟؟؟"

ابتلع جون ريقه ثم قال بصعوبة:" إنها نائمة!"

" أيقظها بسرعة لأراها فقد اشتقت إليها كثيراً"

" لكن يا أبي، إنها متعبة ونامت منذ وقت قصير، لذلك لا أريد أن أزعجها!"

" وما الذي جعلها تبقى مستيقظة إلى هذا الوقت!"

" لقد أقامت سيليا حفلة عيد مولدها البارحة، وبالطبع ذهبت جوليا إليها وسهرت معها طوال الفجر!"

قالت روز:" عيد ميلاد سيليا أقيم قبل 3 أشهر!"

قال جون ضاحكاً:" أوه لقد نسيت!، كما تعلمين كثرة المناسبات تربكني حتى لم أعد أستطيع التفريق بينها!"

ضحك ريتشارد وقال:" لا تدعي الجهل، فلطالما كنت كوالدك، اجتماعياً وقوي الذاكرة!"

اغتصب ضحكة وقال:" بصراحة لا أدري ما كنه الحفلة التي أقامتها سيليا البارحة!"

قالت روز مقترحة:" ما رأيك أن نستريح قليلاً ريتشارد ريثما تصحو جوليا من نومها!؟"

" نعم الاقتراح!"

و ما أن صعدا إلى الأعلى حتى تنفس جون الصعداء وقال:" لقد كدت أفضح!"

" لم يكتشفا شيئاً حتى الآن، يجب أن تكون شاكراً لأن فرصة أخرى سنحت لك للخروج من المأزق الذي أوقعت نفسك فيه!"

في أليريا، تابعت جوليا استجوابها:" بما أن آلي لم تكن طليقة جون، فكيف تفسر لي وجود هذه الملابس الكثيرة والتي لم يلبس أي منها إلى الآن!؟"

قال بطول أناة:" لأنني اشتريت تلك الملابس جميعها لك! ولم تكن يوماً ملكاً لآلي"

" سؤال خطر في بالي للتو، تلك الغرفة هل هي حقاً غرفة أختك؟"

" لا، لقد جهزتها خصيصاً لك!"

هزت رأسها وقالت:" هذا يفتح باباً لطرح ملايين الأسئلة، مثلاً كيف وجدت صورة آلي في أحد الأدراج!؟"

قال وقد بدأ ينفذ صبره:" لقد وضعتها عمداً كي أكمل خطة جون!"

" لماذا......"

" كفى جولي، يكفي أسئلة عن الماضي، ولنفكر بمستقبلنا الذي سيجمعنا قريباً ببعضنا!"

احمر وجهها وقالت:" أنا..."

قاطعها رنين هاتف آليك الخليوي....

رد عليه آليك باقتضاب:" فورد يتكلم!"

وصل إليه صوت ملهوف عبر هاتفه:" آليك! آليك ساعدني!"

قال متأففاً:" ماذا تريدين آليسا!؟"

مع أنه كان يعلم بأن هذا الأمر كفيل بأن يجعلها تحزن، لكنه لم يهتم بذلك، فهو لا يناديها باسمها الكامل إلا إذا كان غاضباً منها بطريقة لا تقبل الصفح! وهذا ما كان نادر الحدوث...

" آليك تعلم أن لا دخل لي في الأمر!"

" لست في مزاج يسمح لي بالثرثرة معك!، فتكلمي بسرعة!"

" حسناً، خرجت جوليا منذ عدة ساعات، ولم تعد حتى الآن، وجون حائر في أمره ولا يعلم ما العمل، فوالديه عادا قبل قليل ويطلبان رؤيتها..."

" وما دخلي أنا في الموضوع؟؟؟"

" أرجوك ساعدني، ألم ترها اليوم؟"

" هل جننت آليسا؟؟، أنا في أليريا فكيف لي أن أراها يا غبية!"

" أعذرني، فأنا مشوشة الذهن حالياً، لكن أرجوك، أخبرني ما العمل؟، أنا خائفة حتى الموت، وجون يعتقد أنها آذت نفسها!"

قال بهدوء:" لم يعد هناك داع لإخفاء الأمر!"

قالت بذعر شديد:" ما الذي حصل؟؟"

" لقد جئت إلى أراليا قبل قليل، وعندما كنت أمشي بسيارتي......"

" ما الذي حدث؟؟"

" وجدت جثة ممدة على الأرض في منتصف الطريق!"

أحست بأن قلبها سقط من هول ما سمعت، وبعد مدة قالت بصوت لا يكاد يسمع:" جثة من؟؟؟"

" جثة جوليا براون بالتأكيد!" وقطع الاتصال، لكنها لم تعلم بذلك، لأنها هاتفها سقط قبل ذلك.... وسقطت على الأرض خلفه..

" جوليا؟؟، ماتت؟؟؟، لا أصدق!"

ثم انخرطت في بكاء مرير يقطع القلوب..

قالت عاتبة:" ما الذي فعلته آليكسي؟؟، لابد أنها تبكي الآن!"

" فلتبكي، وكأن الأمر يهمني!"

" لكنه يهمني أنا!، فقد كنت أقسو كثيراً على أختك المسكينة!"

مسكينة!؟، ليست مسكينة وإلا لما أحبت جون"

" وما الذي يعيب جون؟؟"

" كل شيء، إلا أن شيئاً واحداً يشفع له!"

قالت حانقة:" وما هو؟؟"

" أنه أخوك أنت!"

ضحكت بفرح وقالت:" أيها المراوغ"

" ما رأيك بـ....."

وجدها جون بعد ساعة كاملة تبكي، فهتف بذعر قائلاً:" آلي ما الذي حدث؟"

نظرت إليه ثم عادت تبكي من جديد...

" حبيبتي لا ترعبيني أكثر، ما الذي حدث!؟"

قالت من بين دموعها:" لا استطيع أن أخبرك بـ..."

" تكلمي!"

" جوليا...."

" ما بها؟؟؟"

" لاشيء في العالم!"

التفتا ناحية الصوت...

فغرت فاهها ثم قالت بلهجة من رأى شبحاً:" جو..جوليا؟؟؟؟"

أجابت ضاحكة:" نعم جوليا بشحمها ولحمها تقف أمامك آلي!، بالمناسبة أنا أعتذر عن الكلام السيء الذي وجهته لك من قبل!"

أجابت ضاحكة:" نعم جوليا بشحمها ولحمها تقف أمامك آلي!، بالمناسبة أنا أعتذر عن الكلام السيء الذي وجهته لك من قبل!"

اندفعت آلي نحوها معانقة وهي تصيح بفرح:" حمداً لله على عودتك إلينا!"

جون الذي كان في آخر القاعة نظر إلى آليك وقال بهدوء:" هل لك أن تفسر لي سبب حضورك مع جوليا بهذا الشكل!؟"

تشابكت النظرات ثم أجاب ببرود شديد:" لن أفسر لك شيئاً، لكن يسعدني أن أزف إليكما نبأ خطوبتنا أنا وجوليا!"

وقفت جوليا متحدية، منتظرة أي احتجاج أو اعتراض قد يصدر عن جون أو آلي، لكن ولدهشتها الشديدة ابتسم، ابتسم جون ابتسامة واسعة ثم قال بفرح صادق:" تهاني القلبية لكما، وبما أنكما ستتزوجان كما توقعت فسأخبركما بـ...."

قالت جوليا باستغراب:" توقعت؟؟"

" أجل، وسأخبركما بالسبب الحقيقي الذي من أجله دبرت عملية اختطافك يا عزيزتي، لم يكن السبب جوليان، فلطالما كرهت ذلك الوغد منذ صغرنا، فعلى الرغم من أنه لا يكبرني سوى بعامين، إلا أننا لم نستطع أن نتصادق يوماً، السبب الحقيقي ببساطة هو أنني أحببت آلي أخت صديقي، فقلت لنفسي، بما أنك أختي الحبيبة، وآليك صديقي العزيز، فلم لا أزوجكما بطريقة رومانسية، فأجعلكما تحبان بعضكما بطريقة لا تبدو مدبرة مني، ولذلك فعلت ما فعلت و......"

تصاعدت دماء الغضب الحمراء القانية لتصبغ وجهها بلون قاني، فسكت جون لما رأى مبلغ ما أصبحت عليه أخته من غضب...

أمسكها آليك من كتفيها وقال مهدئاً:" حبيبتي فكري بالجانب الحسن من الأمر، فلولا جون ذو العقل الصغير لما تعارفنا وأحببنا بعضنا وأصبحنا على أبواب الزواج!"

صاحت حانقة:" لكن....."

" لكن لا شيء جولي، اهدئي وانسي الأمر برمته!"

" حسناً، إن كان الأمر كما تقول فلا بأس!"

" هل أنت هادئة تماماً عزيزتي؟"

" أوه أجل!"

كان طوال الوقت هادئاً لم يفقد أعصابة ولا مرة، لكن ما أن اطمئن إلى هدوء جوليا حتى اتجه إلى جون بوجه جامد خال تماماً من التعبير، ما أن اقترب منه حتى وجه لكمة قوية جداً إليه بغتة، ثم عانقه وقال مبتسماً:" جون، أنت حقاً صديقي الوفي!"




تمــــــــــــت

مننقووووووووووول

 
 

 

عرض البوم صور كوكوواوا2   رد مع اقتباس
قديم 01-09-07, 08:29 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 12984
المشاركات: 8
الجنس ذكر
معدل التقييم: Sammora عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Sammora غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كوكوواوا2 المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

تسلم إيديك أخى كوكوواوا على هذا المجهود الجبار.
وشكراً على القصه.
وفى إنتظار الجديد

 
 

 

عرض البوم صور Sammora   رد مع اقتباس
قديم 01-09-07, 11:27 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو قمة


البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 11579
المشاركات: 5,905
الجنس أنثى
معدل التقييم: hebawebas عضو على طريق الابداعhebawebas عضو على طريق الابداعhebawebas عضو على طريق الابداعhebawebas عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 346

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
hebawebas غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كوكوواوا2 المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

تسلم اخى بس ممكن تقولنا من اى دار نشر ها الرواية ام هى من تاليفك ؟؟

و شكرااااا

 
 

 

عرض البوم صور hebawebas   رد مع اقتباس
قديم 02-09-07, 03:23 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 36119
المشاركات: 115
الجنس أنثى
معدل التقييم: دنش عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
دنش غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كوكوواوا2 المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

 
 

 

عرض البوم صور دنش   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الخاطف الجذاب, روايات مكتوبة
facebook




جديد مواضيع قسم روايات منوعة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t50205.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 07-11-14 04:14 PM
Untitled document This thread Refback 31-07-14 02:40 PM


الساعة الآن 08:01 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية