نصائح للتعامل مع أولياء الأمور
إن الدعم والتأييد من أولياء الأمور, وثقتهم بقدراتك, يساعدك كثيراً على أن يكون العام الدراسي أكثر متعة وفائدة. وإذا لم تكن العلاقة صحيحة وسليمة, كانت هناك صعوبات في عملية التدريس. وقد واجهتُ عشرات القصص المرعبة, تعلمت منها الكثير, واستطعت تغيير طريقة تفاعلي وتعاملي مع أولياء الأمور, ولكن لابد في النهاية من ظهور بعض المشاكل:
-إحدى الأمهات تشتكيني للشرطة, مدعية أنني كنتُ شديد القسوة مع ابنها.
- حاولتُ مراراً الاتصال بأم(د), حتى نجحت أخيراً, وعندما شكوت لها مشاكلي, أجابتني بأن(د) يفعل الشيء نفسه معها في المنزل, وعليها أن تعالج هذا الأمر عندما يكون في المنزل, والأستاذ يعالجه في المدرسة, وأنهت المكالمة.
-في العام التالي حدثت حادثة مشابهة مع طفل صعب المراس (ت), فتعاملتُ بطريقة مختلفة, فقد اتصلتُ بالأم وأبديت لها سعادتي لوجود (ت) في الفصل, فهو مهتم جداً, ولديه الكثير من الإضافات أثناء المناقشات الجماعية, وهذا الاتصال لشكرها على هذا العمل العظيم مع (ت). وقد تظاهرتُ بهذا الكذب, وفي ذهني فكرة جنونية. وفي صباح اليوم التالي دخل الفصل, ونظر إلي. ولعل والدته قد امتدحته لسلوكه, فقال في نفسه: يمكنني أن أسبب المشكلات هنا, وأنت يا أستاذ لن تجرؤ على أن تخبر أمي بأي شيء. وانتظرتُ ثلاثة أيام من العذاب, ثم اتصلت مرة أخرى بوالدته:
- بعد التحية, والسؤال عن الصحة, قلت: على ما يرام, ولكن خسرتُ كل ما راهنت عليه الليلة! أعرف أنك ستصدمين. لقد كان (ت) متمرداً في سلوكه بعض الشيء, ولقد دُهشتُ حقاً. إنه لم ينجز أياً من واجباته, ويسبب الإزعاج. وقد قلت له أنا لا أصدق سلوكك اليوم, إنك تنتمي إلى أسرة طيبة, والدتك قد أحسنت تربيتك, وتعمل معك بجد واجتهاد. وأنت عندما تتمرد في الفصل تعبر عن عدم احترامك لها.. فما كان منها بنهاية المكالمة إلا أن طلبت من ابنها الحضور للمنزل فوراً. وهكذا أمكن تعديل سلوكه. وقد استفدتُ من ذلك أن الاتصال الأول بأولياء الأمور يجب أن يكون إيجابياً, وخاصة في المرة الأولى.
- قي العام الثاني في نيويورك, كان هناك أحد أولياء الأمور يسبب لي الرعب والفزع. يترك رسائل تهديد على الهاتف. فإذا اعتقدَ أنني كلفت ابنته(ف) بواجب كبير, يهددني بأنه يمكنه أن يشوه جسمي. وقد كنت أحاول تجنبه. وذات مرة اصطحبت(ف) في رحلة مع خمسة من التلاميذ, إلى مطعم راق, ثم إلى السينما, وتكفلت بكل الرحلة, وكل ما طلبته من الأبوين الحضور في الساعة الثامنة مساءً لأخذهم. وقد حضر والدا (ف) بعد عدة اتصالات, وهما في حالة هياج شديدة, لأنهما يعتقدان أن علي أن أصطحب كل تلميذ إلى منزله, وأن ذلك من الوقاحة.. لماذا يقع اختياري على(ف)؟ إنها شخصية رائعة, ومن أكثر التلاميذ موهبةً, وبحاجة لمثل هذه التجارب, ولحسن حظها, أن والديها, مع ولعهما بتهديدي, يسمحان لها بالرحلات والأنشطة, حرصاً على فائدتها. وقد ذهبنا أسبوعاً, مع ثمانية تلاميذ إلى كارولينا (القرية), وقد استوعبتْ كل خبرة في الرحلة, وجددت حياتها, وعلى نفقتي. وعند عودتنا أمطرني والدها بسيل من الشتائم, لأنه أساء فهم موعد وصولنا.
وإنني كلما واجهت مشاكل مع الآباء أتذكر قصصاً مشابهة لمدرسين آخرين( ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم ..), وآمل أن يستفيد الآخرون من تجاربي في مواجهة مواقفهم في حياتهم.
ولدي قصص أكثر بكثير عن آباء كانوا متعاونين, ضحوا بأوقاتهم, وساروا بسياراتهم, وحملوا بها الكعك الذي لوث أحياناً السيارة, وهم مسرورون بذلك.. إن أفضل شيء يقدمونه لي أن يمنحوني ثقتهم, ولا يهمني عدم الحب الذي قد يحمله التلاميذ, بسبب درجة متدنية أو عقاب يعتبرونه قاسياً, أو عدم تكليفهم بالإجابة بشكل كاف. إن الشيء الرائع هو أن هذه المشاعر لا تستغرق أكثر من سويعات قليلة, ثم يعودون إلى حبك. ولكن المشكلة أن الآباء لا ينسون, والآباء الذين يتفهمون ذلك يعتبرون نعمة من الله. وهناك من يهبون للدفاع عن أطفالهم, ويعتقدون أن الأحداث قد وقعت بنفس الطريقة التي حكاها أطفالهم, ولا يسألونني عن وجهة نظري. وهؤلاء قلة والحمد لله.
هناك خمسة أمور أطلبها من أولياء الأمور, وأعتقد أنها معروفة بالفطرة:
1- إذا شعرت بوجود مشكلة, فاتصل بي أولاً, وامنحني الفرصة لمناقشتك.
2- يسرني حضورك إلي, ولكن بموعد.
3- لا تسمح لطفلك بالتأخر أو الغياب لأي سبب سوى المرض أو وفاة قريب, فذلك يعطيه فكرة خاطئة.
4- طفلك هو واحد من كثيرين, وليس من الممكن تلبية حاجات الجميع, والتعليم ليس مسؤولية المدرس وحده.
5- لابد أن تثق بأنني أدرك وأعي ما أقوم به.
أما الأساتذة فأقدّم لهم هذه النصائح:
1- احرص أن يكون الاتصال الأول إيجابياً. واحرص أن يكون أول رأي تبديه عن أدائه إيجابياً. مثلاً: قد يكون (ج) فاشلاً في بعض الدروس, ولكنه متميز في المشروع الفني, وتحدث عن ذلك أولاً.
2- ارتدِ ملابس تليق بمهنتك, كالبدلة وربطة العنق, يعاملك التلاميذ وآباؤهم أكثر احتراماً وتعاوناً, وأقل مشاكل.
3- أرسل مذكرات إيجابية موجزة إلى الآباء, أو هاتفهم, لتخبرهم بشيء جيد قام به الطفل, لبناء علاقة طيبة معهم.
4- انتهز أية فرصة لتقدم الشكر للآباء, وخاصة إذا قدموا تبرعات, بإعداد حفل لهم, أو إرسال رسائل شكر..
5- إذا كان من الصعب التفاهم مع الآباء, فيمكن ترتيب لقاء مع المدير, لتعبر عن همومك لديه. فإذا لم ينجح, فعليك بتجنب هذا الشخص. أي اتصال مع أب من هذا النوع يجب أن يكون من خلال الرسائل المكتوبة.