آداب اللقاء والحوار
إظهار الاحترام للآخرين ولقاؤهم بحيوية
1-التواصل البصري: بأن تركز عينيك على محدثك طوال الحديث, وإذا صدر تعليق من شخص آخر, فعليك أن تركز عليه النظر.
ففي حديثك مع رئيسك لزيادة الراتب, يأخذ كلامك محمل الجد إذا نظرت في عينيه بدلاً من التحديق في الأرض. وكذا عند تقديم اقتراح في العمل, فإنهم يدركون مدى ثقتك بنفسك واحترامك للآخرين. وقد كنتُ حريصاً على تدريب التلاميذ على ذلك في غرفة الفصل, وخاصةً أثناء جلوسهم في مجموعاتهم. وكذلك خارج الفصل, وحتى مع عمال الحراسة والمطعم. بأن يطلبوا منهم بكل أدب ويشكروهم مع التواصل معهم بصرياً.
2- الإجابة التفاعلية: قل: نعم يا سيدي, أو لا يا عمي. أما مجرد هز الرأس بالقبول أو النفي فيعتبر أمراً غير مقبول.
علينا أن نهتم بإظهار الاحترام للآخرين, والتفاعل معهم في الحديث, ونتائج ذلك رائعة. فقد كنت مرةً أتكلم بالهاتف في مناقشة فاتورة فيها خطأ, وكانت السيدة غير متعاونة. وما أن بدرت مني عبارة نعم يا سيدتي, حتى تغيرت لهجتها كليةً, وخفّضت الفاتورة أكثر مما توقعت. ومثل ذلك حصل مع طلابي في مقابلات شخصية.
3-سؤال بسؤال:إذا طُرح عليك سؤال (لطيف) فعليك أن تجيب عليه, ثم تطرح بالمقابل سؤالاً مشابهاً. على سبيل المثال, إذا سُئلتَ:هل استمتعتَ بعطلة نهاية الأسبوع؟ فليكن الجواب: نعم لقد قضيتُ وقتاً رائعاً.. وماذا فعلتَ أنت؟ هل استمتعت بالعطلة؟ لأن حسن الخلق أن تُبدي للآخرين أنك مهتم بهم, كما يهتمون بك.
إن كثيراً من الكبار تنقصهم هذه المهارة, فيحتكرون الحديث ولا يسألون الآخرين عن أحوالهم, ولا يهتمون بمشاعرهم.
كنتُ أدرب الطلبة على ذلك, فإذا سألتُ أحدهم عن العطلة, ولم يجبني بسؤال مشابه, استدعيته قائلاً: لقد أظهرتُ لك أني مهتم بك, وبدلاً من أن تُظهر لي نفس الدرجة من الاهتمام, أسرعتَ إلى مقعدك!!. فلنحاول أن نعيد ما حدث.
وفي مقابلات الطلبة, سئلوا عن أسماء مؤلفين يفضلونهم. وبعد الإجابة, كان الطالب يسأل بدوره: هل هناك مؤلفون آخرون تهتم بهم؟ مما أعطى انطباعاً رائعاً عنهم.
4- احترام تعليقات وأفكار الآخرين, سواء اتفقت معهم أم لا. والمبادرة بأقوال, مثل: إنني أتفق مع يوسف..وأنا أيضاً أشعر بنفس شعورك.. أو: إنني لا أتفق مع سارة.. صحيح أنها جاءت بفكرة جيدة, ولكني أشعر أن.. أو: أعتقد أن يحيى جاء بملحوظة رائعة جعلتني أدرك أن..
هذا المبدأ يجب أن يسود كل الاجتماعات, وحتى موائد الطعام, لخلق جو يسمح للجميع بالتعبير الحر, والخروج بأفكارهم إلى الوجود, بدون سخرية, أو تجاهل. ومن الضروري تعليم التلاميذ كيف يقول كل منهم للآخر أوافق أو لا أوافق, ويتناولون آراء الآخرين بالاحترام. نحن بحاجة لسماع آراء الجميع, ومن طبيعتنا البشرية أن نختلف. ولكن هناك طريقة صحيحة للتعبير وإظهار المشاعر. ولقد لاحظنا أثناء تدريب الطلبة أن العديد منهم كانوا يسمعون ذلك للمرة الأولى. وبعد مدة أصبحنا نسمع كلمات جميلة مثل: إنني أقدر كثيراً ما تقوله.. يا إلهي, إنها فكرة عظيمة.. إنني لم أفكر في هذا الأمر... وقد اندهش زوار المدرسة كثيراً للطريقة التي يستمع بها التلاميذ للأفكار خلال النقاش, والتقدير المتبادل للتعليقات والآراء.
لعبة نط الحبل: لاحظت أن التلاميذ تحترم كل من يتميز في لعبة نط الحبل, لذلك حاولت إجادة هذه اللعبة, وكررت المحاولة مرات لمدة أشهر, وهم يسخرون مني. ثم بدؤوا يتعاطفون معي وأنا مستمر. وعندما جرحت جبهتي, أحاط بي الأطفال, وقالوا: إنهم يثقون بي, ويشعرون أنني قادر على النجاح وتجاوز المحنة, وأصبحوا بعدها يساعدونني كثيراً, ويقدمون لي النصائح. حتى نجحت أخيراً, فصاح الأطفال مهللين, في غاية الحماس, وتحسنت علاقاتنا, بعد أن أتقنت اللعبة.
وفيما بعد عندما كنت أقوم بتدريس أي موضوع يبدو صعباً, أقول لهم: أنتم تدركون أنني كنت غير قادر على لعبة نط الحبل, وقد كنتم تثقون بي وتشجعوني, حتى نجحت. والآن وأنتم لم تستطيعوا استيعاب الدرس, إنني أثق بكم وأدرك أنكم ستنجحون. إن علينا توفير بيئة تعاونية, يبدي كل فرد فيها تقديره للآخرين, ويعمل على تكوين عالم يدفع أفراده لتحسين أدائهم