لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-03-07, 01:16 AM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ماسي


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 4768
المشاركات: 2,112
الجنس أنثى
معدل التقييم: طوق الياسمين عضو له عدد لاباس به من النقاططوق الياسمين عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 128

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طوق الياسمين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شذى وردة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

تسلمين شذى على القصة لاكثر من رائعة
من جد القصة كثيرررررر مميزة .
اشكرك من قلبي حسين السريعي على تعريفي بالقصة
من جد كلك ذوق ذكرتني باجمل قصة قراتها "انت لي "
يعطيكم العافية على ذوقكم الحلوة
دمتم بود

 
 

 

عرض البوم صور طوق الياسمين   رد مع اقتباس
قديم 16-03-07, 07:38 AM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو قمة


البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 12480
المشاركات: 3,036
الجنس أنثى
معدل التقييم: roudy عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 44

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
roudy غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شذى وردة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

فعلا القصه رائعه جدا
وكمان طوق الياسمين ذكرتينا بانت لي
هون ما كملوها
اذا عندك ياريت نزليها هون

 
 

 

عرض البوم صور roudy   رد مع اقتباس
قديم 16-03-07, 02:46 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
امير المسابقات


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5144
المشاركات: 301
الجنس أنثى
معدل التقييم: حسين السريعي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 32

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حسين السريعي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شذى وردة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

توقفت "ندى" أمام مرآتها وهي تطالع نفسها من كل جانب وفي مختلف الوضعيات!!!


وعندما تأكدت من نفسها و جمالها!! دخلت إلى الحمام لتزيل آثار المكياج وتغير ملابس الحفل...


ألقت نفسها على السرير وهي تتنهد...


الغرفة باتت خاويةً على عروشها، وعادت هي إلى وحدتها من جديد بعد أن غادرتها "غدير"...


سحبت لها "دباً" كبيراً ووضعت عليه رأسها بدلاً من وسادتها علهُ يخفف وحشتها ولو قليلاً....



أغلقت عينيها بتعبٍ وإرهاق كي تنال لها قسطاً من النوم، فغداً لا بد أن تذهب للعمل مبكراً وإلا كان لها المدير بالمرصاد!!



وفي الجانب الآخر، كانت "شيماء" واقفةً في منتصف الصالة ، تنتظر أن يلحق بها زوجها ويبدو أنها نسيت أن "وليد" عاد إلى هنا، وأنهُ احتلّ غرفة "عمر" بعد أن تزوج هذا الأخير...



خلعت وشاحها وسمحت لتسريحة شعرها أن تتحرر من ضغطه وضغط الجو الحار....



سمعت صوت حركةٍ خافتة خلفها فالتفتت وعلى وجهها ابتسامةٌ ساحرة:



- ناصر ....



وقطعت جملتها قبل أن تكتمل وقد صُدمت من ذلك الطيف الذي يطالعها بإنبهار!!!



وانتبهت لنفسها فارتدت وشاحها بسرعة من جديد وتنحنح هو الآخر معتذراً عن دخوله المفاجئ هكذا....


تابعته وهو يلج إلى الغرفة المجاورة لغرفة "ندى"، وبعد دقائق عاد "ناصر" ليفيقها من صدمتها ويأخذها معه...



.
.
.
.
.
.
.
.



وكانت أول صفعة..


أول نظرة....


دائماً هناك الأولى، أليس كذلك؟!!


انتظروني..




لاأناام....


أشكو من الظلم الذي ألقاهُ
وظلمُ من أحببتهُ أبقاهُ


وكلما زاد اضطهادي عندهُ
تبسّم القلبُ فما أشقاهُ

الاضطهادُ كاللهيب فهو إن
أحرق قلب عاشقٍ نقاهُ...


===========

 
 

 

عرض البوم صور حسين السريعي   رد مع اقتباس
قديم 16-03-07, 02:47 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
امير المسابقات


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5144
المشاركات: 301
الجنس أنثى
معدل التقييم: حسين السريعي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 32

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حسين السريعي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شذى وردة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

(11)



أمالت بكرسيها إلى الجدار وهي مندمجة في قراءة الرواية التي بين يديها....



كانت "أشجان" تثرثر في أشياء كثيرة لكن أذنيها لم تكن لتعمل تلك اللحظة، فقط عيناها اللتان تكادان تلتهمان تلك الحروف الصغيرة المنحوتة على الورق الباهت....



ودخل بعد أن ألقى التحية حاملاً معه حقيبته السوداء:

- السلام عليكم.


- وعليكم السلام. ردّ الجميع.



رفعت عينيها عن القصة لترد هي الأخرى بخفوت ثم عادت من جديد لتتبع السطر الذي توقفت عنده.



ومرّ خاطفاً أمامها لكنهُ سرعان ما عاد أدراجه ووقف أمام مكتبها يدقه بأصابعه.



الظل الواقف يمنعها من الإكمال والدق يحدث بلبلة في ذهنها، وضعت القصة في حجرها ونظرت له بتساؤل، فلا تدري أي تهمة سيلقي عليها اليوم!!!


- ماذا تقرأين؟!


- قصة. ردت ببراءة.


- أريني إياها.



ومدتها إليه وهل تستطيع أن ترفض؟!


وقبل أن تصل إلى أصابعه أرجعتها بسرعة إلى الخلف وهي تبتسم له بإرتباك وقد انتبهت لنفسها وللقصة!!!



- إنها لا تناسبك، أنصحك ألا تقرأها. ضحكت بغباء.



وأطبقت فمها بعد أن رأت تلك النظرة المجرمة على وجهه.


- هاتيها. قال بصوتٍ آمر.


فوضت أمرها لله وأعطتها إياه وسط نظرات "أشجان" الراثية لحالها..



وما أن وقعت عيناه على الغلاف حتى رفعها عالياً وهو يصيح:


- أهذا ما تقرأينه؟! قصص مراهقين!!


رمشت عينيها عدة مرات وهي تتمنى أن يخفض القصة كي لا يروا الصورة أو عنوانها..


"غرام وانتقام"!!!!



لمَ لم تختار عنوان آخر "محترم" بعض الشئ، لكن المشكلة أن كل روايات "عبير" هكذا، أليس كذلك!!!


"فضحتني يا رب تنفضح بين خلقه"...


- كم عمرك؟! صرخ في وجهها.


"ولم هذا السؤال المحرج؟!"..


- أ..أ.. ثمانية عشر عاماً.



وانطلقت ضحكة صغيرة من فم "أشجان" لكنها سرعان ما دفنتها بين الأوراق.


نظرت إليه من طرف عينيها...


آه، لم يصدقها هو الآخر!!



فتحت فمها لتعلل بتلعثم:


- أتصدق، كثيراً ما يخالونني في الإعدادية، انظر لوجهي أبدو صغيرة أليس كذلك؟!



قالت ذلك وهي تشير بيديها لوجهها وهي تكاد تخرج المرآة من حقيبيتها لتستوثق من نفسها وتُريه!!



تحركت عضلة صغيرة أسفل فمه وهو يصرُّ على أسنانه:


- سألتكِ سؤالاً محدداً فأجيبي عليه.


- عمري اثنان وعشرون عاماً. ردت وهي تلوي فمها بعبوس.



وقبل أن يفتح شفتيه قاطعتهُ مستدركة بسرعة:


- هذا بالتاريخ الانجليزي، لكن بالعربي لم أكمل بعد اثنان وعشرون، لازلتُ واحد وعشرون عاماً..



وعادت لتبتسم بزهو لأنها صغرت عاماً لكن ابتسامتها لم تكتمل، يكفي نظرة واحدة إلى وجهه لتجعلك تُصاب بالمغص.



أخذ يضرب بالقصة الذي ثناها على الطاولة بنفاذ صبر، قال:


- ألا تخجلين من نفسك في هذا السن وتقرأين هذه السخافات.



"لااااا هذا كثير، ماذا يخالني هذا الأحمق، ثم ما قصدك في هذا السن؟! تخالني بعمر جدتك؟!"..



- هذه حرية شخصية. ردت وقد وضعت كلتا يديها على خصرها بعصبية.



تطلع إليها من علو وقد ارتسمت على وجهه الدهشة من حركتها، لكنه سرعان ما صاح:


- حرية شخصية في بيتكِ هناك وليس هنا، هذا المكان للعمل وليس لقراءة القصص الفاسقة!!


- كنتُ أقرأها في وقت فراغي، لم يحن بعد وقت بدأ العمل. زمت فمها.


تطلع إلى ساعته ثم نظر لها بشزر:


- الساعة الآن التاسعة والربع يا آنسة.



- كانت التاسعة إلا عشراً، لكنك من ضيعت وقتي كنتُ سأُنهيها في العشر دقائق المتبقية.



- ضيعتُ وقتك؟! سألها بغضب.



وكأنها انتبهت لكلامها الذي تمادت فيه، فأسبلت رموشها بذل بسرعة محاولةً أن تُنزل أي شئ من عينيها، لكن يا لعناد عينيها!!


نكست رأسها وهي تقول بإستعطاف:


- أستاذ، البارحة..البارحة أخي تزوج ابنة عمتي، وكانت تنام معي في الغرفة والآن ذهبت، وأنا فتاة صغيرة تعرف ذلك والكل يشهدُ بهذا!!!



ثم أكملت وهي تزدرد ريقها وتلون من نبرة صوتها:


- و..و رومانسية والطبيب الذي أخذت منه العذر بذلك اليوم قال لي ليس جيداً أن أكبت مشاعري فأنا صغيرة، قلتُ لك ذلك من قبل أليس كذلك؟!


ورفعت رأسها قليلاً ليؤكد أو يفند سؤالها، لكنه كان يطالعها وعيناه مفتوحتان على أوسعهما...


عادت لترمش عينيها ببراءة وأردفت:

- وهذه القصص تفيدني، فمثلاً أبكي بعد قراءة القصة، تعرفني حساسة ورومانسية، وابنة عمتي تزوجت البارخة بأخي و....


- يكفييييييييييي.


وصرخ فجأة فأجفلت في مكانها وهي لا تعرفه سبب صراخه، وضعت أصبعها الأيسر في فمها وهي تطالعه بتعجب.



"يبدو أنه جنّ!!"


- لم أطلب منكِ أن تحكي لي قصة حياتك التافهة كقصتك.



وأردف وهو يلقي بالقصة في القمامة المجاورة لطاولتها بتهديد:



- هذا سيكون مكانها الحقيقي، وسأمر كل يوم لأتفقدها وإن تحركت شبراً واحداً سأُلقيكِ بدلاً منها، أتسمعين؟!



"ستلقيني أنا في القمامة؟! أنا "ندى" بنت "محمد" ألقى في القمامة؟! ماذا عنك يا "عنتر"؟! المحرقة تناسبك أليس كذلك؟!"



ودخل إلى مكتبه وهي تتابع طيفه وتتخيل أنها تخنقهُ بأصابعها، التفتت للفتاتين إحداهما تبتسم بتشمت والأخرى تبتسم أيضاً!!!



قالت وهي تحركُ كتفيها بلا مبالاة:



- كنتُ سأردُّ عليه لولا أنه ذهب، تعرفون..يخافُ مني!!



"الآن نحنُ في الصباح، لازال الوقتُ مبكراً على الأحلام!!"..



وجلست على كرسيها تطالع قصتها بحسرة!!



تُرى ماذا حدث بجاكلين الآن؟!!




===========



فتحت عينيها بإضطراب وهي تحاول أن تتجنب الضوء الشارد الذي انسلّ إلى هذا المكان عُنوةً من زجاج النافذة الكبيرة....



حركت أصابعها بتعثر لتصل إلى نحرها وتقبض عليها...


الإحساس بالضيق، بالإختناق يتصاعد، والوجود أسود رغم شعاع النهار!!!



كانت مستلقية على الأرض بفستانها الأبيض، مررت عينيها الذاويتين على حاشيته فعادت إليها ذكرى ليلة البارحة...



صدرها بدأ يرتفع ويهبط بسرعة وهي تجول ببصرها حول المكان، حول الفراغ، حول السكون المطبق وهي تطالع باب تلك الغرفة حيثُ يقبع ذاك الذي في يديه مصيرها...


وضعت كفها بوهن على جبينها، أزيزٌ قوي يطنّ برأسها، جسدها متهالك من شدة التعب، ومن كثرة البكاء..


لكنها لا بد أن تقوم، أن تُنهض نفسها قبل أن ينهض!!!


و عاد الإختناق ليغلفها من جديد، ليزيدها تقريحاً ويشلّ حواسها رعباً...



استندت بيديها بتثاقل على البلاط لكن قواها الخائرة لم تسعفها، ربما كان ذلك بسبب ثقل الفستان أو ثقل أثمها أو خيال يده الثقيلة التي تلوحُ لها كل حين!!



أفلتت يديها وهي تشعر بالعجز...


العجز!!!


شعور مقيت، مميت، يحطمك، يحيلك إلى هشيم، إلى لاشئ....


ولكن منذُ متى كنّا شيئاً حتى نتحول إلى لاشئ؟!



أسندت رأسها على الأريكة القريبة منها وهي تغمض عينيها بقوة، فهذا أقصى ما تستطيعُ فعله حتى الآن!!


وسمعت حركة خافتة، كان هذا صوت إكرة بابٍ يُفتح...


انتفضت في جلستها تلك فعادت لتنكمش وودت تلك اللحظة لو تختفي خلف الأريكة أو تتحول إلى جماد، إلى سراب، إلى ذرة غبار لا تكاد تبين!!!



آه، ليت المطالب بالتمني، ولكن تؤخذ الدنيا غُلابا....



لاح لها طيفه بقامته الطويلة واقفاً عند الباب وبصره مصوب نحو البقعةِ التي افترشتها دثاراً على الأرض...


أخفضت رأسها، لا تريد أن ترى وجهه، ملامحه، عيناه!!!


نحنُ في البعيدِ أفضل، أفضل بكثير...


آه لكنهُ لا يرضى بالبُعد ولا بالسلام...


في أيِّ عالمٍ نحنُ نعيش وفي أي زمن؟!


أليس بزمن الموت والورود؟!


في الزمن الذي تعانق فيه الياسمينة أشواك "الورد المُحمدي"؟!



دنا منها شيئاً فشيئاً وهامتهُ عالية أما هي فلا تزال تطأطأ، لازالت تلامسُ الأرض والطين!!!



أيُّ مسافةٍ تلك التي تفصلُ بينهما الآن؟!


بحجم الثرى وطول الثريا!!!


نظر إليها من علو، بحدة وقدمه تدوسُ على تلابيب فستانها الأبيض...


الصوتُ ينطلق بارداً، ساخراً، مليئاً بالقسوة والإزدراء:


- ما بالُ العروس العاشقة نائمة هنا؟!


- .......................


- أنمتي جيداً أم أن خيالاتك حوله سرقت عينيكِ لذة النوم؟!


- .....................


- ما بك لا تنطقين، أكلُّ هذا خجلاً من حبك الفياض؟!!


ونزل بمحاذاتها فأخذت ترتجف وهي تدفن رأسها في الأريكة....


لكن صوته عاد أكثر بروداً، السم يجري في أوتاره، والسم ينفذ، يخترق الروح والقلب معاً، فما أقسى الكلمات، ما أقساها...


- هذه الدموع والنظرات المرعوبة ما عادت تؤثر في، لذا لا تمثلي المزيد.


- .................


- الآن فهمتُ لم كان زوج أمك يضربك، لا بد أنهُ عرف بإنحلالك الأخلاقي، ربما لهذا قال لي ذلك اليوم المشؤوم حين أخذتك: انتبه لها، وأنا الأحمق كنتُ في خبر كان..


- ..................



- ويبدو أنهُ فشل في ذلك، وقد حان دوري يا عزيزتي لأسيرك على الصراط، ألا توافقيني الرأي؟!



رفعت رأسها والألم يعتصر وجهها من كلماته، من قطرات السم!!


تطلع هو إلى سحنتها المبللة، إلى عينيها الذابلتين، وتوقف كثيراً عند فمها المتورم في نهاية زاويته اليسرى.



تجهم وجهه فجأة ثم قال بعد برهة بتوتر:


- اذهبي وغيري ملابسك..



عادت لتنكس رأسها فتهدل شعرها المبعثر على كتفيها...


مرت لحظة صمت ودون شعور مرر أصابعه في تلك الخصلات الطويلة ليزيحها عن وجهها، التفتت إليه بسرعة فانتبه لنفسه ويده!!!



سحب يده وهو يدير وجهه بعيداً عنها وقال بصوتٍ مصرور:


- اغربي عن وجهي فوراً..


وحاولت أن تنهض باضطراب لكن محاولاتها باءت بالفشل من جديد، إن استمرت على هذا الحال ستتحطم بلاشك...



وقف وعادت نظرة السخرية ترتسم في عينيه الخضراوين، مدّ يده إليها، أخذت تطالعه بتردد لكنها ما لبثت أن مدت يدها النحيلة لتستند عليه وأخيراً وقفت على قدميها..



وترك يدها بإمتهان وهو يخاطبها :



- حقيبتك في الغرفة الأخرى..



أسرعت الخطى إلى حيثُ أشار، استندت على الباب وهي تتنفس بعمق، أوصدته خلفها ثم تحركت للسرير....


كان بودها أن تستلقي، أن تغفو، لكنها عادت وفتحت تلك الحقيبة الكبيرة واستخرجت لها شيئاً لترتديه، لتتحرر من هذا الثقل...



غسلت وجهها بالماء وهي تربت بخفة على جلدها علّ لون الحياة يعود إليه من جديد....


وأخيراً أمسكت بدثارها وهي تقبض عليه بتعب، وقبل أن تضع رأسها على الوسادة وترتاح، سمعت طرقاً على الباب.


ردت بوهن:

- من؟!


- من تعتقدين؟! حبيب القلب!!


غطت رأسها بدثارها، لا تريد أن تسمع المزيد، كفاك...


- أعدي لي شيئاً أنا جائع.


- أنا متعبة، أريدُ أن أنام..


- صحيح؟! ألم يكفك نوم البارحة بأكمله!! سألها بإستهزاء.


وطفرت الدموع من عينيها بعجز، إنه يتقصد تعذيبها، إهانتها، جرحها...


لكنها من بدأت وعليها أن تُكمل...



انتشلت نفسها بصعوبة وهي تبعد دثارها وتهمهم بخفوت بأنها ستأتي...


وسمعت صوت شخصه يبتعد ففتحت الباب، لكنها لم تعرف أين تذهب...


أين هو المطبخ؟!


أطلت برأسها للصالة فلم تره فقررت أن تبحث عن المطبخ لوحدها...


وما أن استدارت على عقبيها حتى لقته أمامها!!!!


شهقت وهي تضع يدها على صدرها و تتراجع إلى الوراء من رؤيته المباغتة..


- ماذا؟! أخفتك؟! لم أكن أعلم بأني مخيفٌ لهذه الدرجة!! قالها بتأسف زائف.



ثم صمت وهو يتأملها ببطء من رأسها لأخمص قدميها، ناداها آمراً:


- تعالي إلى هنا...


لكنها بقيت مستندة على الجدار وهي تهزُّ رأسها ببطء، عيناهُ تبدوان غامضتان، مخيفتان أحياناً!!



وما أن شرع بالإقتراب حتى حاولت الهرب لغرفتها لكنهُ كان أسرع منها، أمسكها من زندها وهو يضغط عليه، صاح في وجهها بغضب:


- أنا لا أحب أن أكرر كلامي مرتين، حين أقول شيئاً تنفذينه مباشرةً أتفهمين؟!


هزت رأسها بجنون بالإيجاب لكنهُ زاد من ضغطه فصرخت من الألم:


- أريد أن أسمع الإجابة أم أن لسانك لا يعرف إلا أن ينطق الحقارة فقط.


- ح..حسناً، فقط..أترك..أترك يدي..

أردف بتساؤل وهو عاقدٌ حاجبيه:


- والآن ما هذا الذي ترتدينه؟!


تطلعت إلى نفسها بحيرة وشفتها ترتجف:


- مـ...ماذا؟!


- اللون الأزرق لا أحبه، وما لا أحبه أنا لا تحبينه أنتِ!!!


تطلعت إليه بشرود دون تصديق فهزها لتنتبه له وهو يردد:

- لم أسمعك، قولي لا أحبه.


- لكنني أحبه. صاحت بهمس مرتعش.


أطبق على عنقها وهو يقرب وجهها من وجه حتى كادت أن ترى صورتها المرتجفة في عينيه المشتعلتين، قال بتهديد، بموتٍ زاحف:


- أنتِ لا تريدين أن تستثيري شياطيني اللعينة هذه اللحظة أليس كذلك؟!


هزت رأسها بخوف وهي تردد:


- لا...لا أحبه، لا أحب هذا اللون.


وترك عنقها فهمّت بالدخول لغرفتها من جديد، صاح فتجمدت في مكانها:

- أين تذهبين؟!


تطلعت إليه إرتباك وهي تشير لنفسها:


- سأغير ملابسي...


- ليس الآن، اذهبي واصنعي لي "فطوراً" أولاً..


- أين المطبخ؟ سألته بوجل.


- هناك.



وما أن وصلت هناك حتى استندت على الباب وصدرها يعلو ويهبط بهلع..


لقد فقد صوابه هذا الرجل!!


أكان يقصد اللون فعلاً؟!


وانصرفت لتصنع الشاي وهي تسقط كل الأشياء من يديها من شدة التوتر...


فتشت في الثلاجة عن أطعمة جاهزة، أخرجت جبناً وشرعت في قلي البيض...


وضعت الإفطار في "صينية" متوسطة الحجم....


كان جالساً في الصالة واضعاً قدماً على أخرى فوق الطاولة، وبيده جهاز التحكم عن بعد، يقلب القنوات...


ودون أن يلتفت إليها قال:

- ضعيه على الطاولة.


لكنها لم تتحرك وبقيت تنظر له بتساؤل، وحين أطالت في وقفتها، رفع بصره إليها وهو يحدجها:


- ماذا؟! ألا تسمعين؟ أأصبتِ بالصمم أيضاً؟!


- كيف أضعها وأنت..أنت قدميك على الطاولة..


- أعتقد أن هذا الأمر لا يحتاج إلى ذكاء خارق، أبعدي قدمي..



و كادت "الصينية" أن تسقط من يديها، لولا أن تشبثت بها جيداً في اللحظة الأخيرة...



أن تُجرح، تُسب، تُضرب، أمرٌ أعتادتهُ من صغرها ولكن فليقف عند هذا الحد، فهي لا تسمح لأحد، أي أحد أن يمتهن كرامتها.


وعادت كبرياءها لتعود للصدارة وتدوسُ على الألم، على الخوف...


ردت بشموخ:


- أنا لستُ خادمتك..


وحنت جذعها لتضعه على الأرض لكنها توقفت في نصف حركتها بعد أن رأت ساقيه الطويلين أمامها، أرخت يديها وأكملت إلى أن وضعتها على الأرض بتصميم...


ودارت دون أن تلقي عليه نظرةً حتى...


وبقيا هكذا واقفان بلا حركة، بلا صوت....


الهواء يرفلُ بالغبار، بشرارٍ متطاير والصمت أبلغ من الكلمات أحياناً!!


أتاها صوته من الخلف بعد أن أخذ قسطاً من الزمن:


- أنتِ محقة أنتِ لستِ بخادمة...أنتِ لا شئ...


و غاب البريق الشامخ من عينيها، أنطفأ، وحل محله الإنكسار، بقايا الحطام...


كم من السهل أن تكسرنا الكلمات، تشطرنا شطراً، فيبقى الجرح نازفاً ويد الجراح عاجزة عن تضميده....



- خذي هذا الإفطار أو كليه فأنا لا أريده!!!


النجمة تأفل، تهوي إلى القاع، تتعفر في التراب وتفقد بريقها، ضياءها الأزلي...


تأملت "الصينية" بعينين لا تريان، فقدتا بريقهما هما الأخرتين، ها هما تغيمان الآن، سحقهما ذاك الأخير وذهب..


آه ما أقسى الكلمات....


عادت لتنحني من جديد، حملت "الصينية" ووضعتها على الطاولة ثم توجهت إلى غرفتها...



القلق يكتسحها، والتعب يحطم بقايا خلاياها...


ما تعيشه الآن هو كابوس، كابوس كريه، لكنها ستحاول أن تتخلص منه...


أجل ستفعل ذلك...


أخذت تمسح على جبينها وهي تضغط عليه بأصابعها بقوة:


أحقاً سأنجح!!


قولوا بلى، أرجوكم..


أرجوكم...


وألقت نفسها على الوسادة وهي تجهش بالبكاء بصمت...



==========



النهار لا يلبث أن ينطوي سريعاً...


كصفحةٍ من الجريد هو....


ويأتي الليل بغيومه، بنجومه، برعوده!!!

 
 

 

عرض البوم صور حسين السريعي   رد مع اقتباس
قديم 16-03-07, 02:51 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
امير المسابقات


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5144
المشاركات: 301
الجنس أنثى
معدل التقييم: حسين السريعي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 32

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حسين السريعي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شذى وردة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 


تابع>>> (11)



سارحة في جلستها تلك، ويدها أسفل ذقنها، عيناها الشاردتان ترفّان وتمسان الهواء البارد المنبعث من جهاز التكييف...


كان يسرّح شعره استعداداً للخروج وهو يخاطبها من خلال المرآة، ناداها بعد ذلك عدة مرات علها تنتبه إليه...


رفعت رأسها ناحيته وهي ترفع حاجبيها بتساؤل:


- شيماء!!


- ماذا؟!


- ألن تذهبي معنا؟


- بلى، سآتي.


- هيا إذن ارتدي عباءتك، سيدمدم أبي إن تأخرنا.


نهضت وهي تسحب خمارها من الشماعة ببطء، اقتربت من زوجها وهي تدعك شيئاً علق بذيل الخمار.




- ناصر، لم لا تستشر أخاك في أمرنا؟! لقد درس الطب في السويد وبالتأكيد طرق العلاج هناك متطورة أكثر من هنا.


تطلع إليها بتعجب ثم سرعان ما قال عابساً:


- "وليد" لم يصبح طبيباً بعد حتى أستشيره.


- لم يتبق عليه إلا سنة واحدة ويتخرج.


عاد ليبعثر شعره من جديد في اتجاه آخر دون أن يعلق.


- ناصر!!

- ........

- ماذا قلت؟!

- أقول ماذا؟!


وتطلعت إليه بنفاذ صبر وقد تركت ما بيدها:

- أنت لا تأخذ الأمر بجدية أبداً.


حدجها بنظرة نافذة، لكنها لم تلن وبقيت على وقفتها الجامدة تلك..


رد بصوتٍ غاضب:


- ماذا تريدين بالضبط؟! أن أخاطب ذلك الغر وأستشره في...


قاطعته بسرعة:

- هو ليس غراً وإن كان على مظهره، فأنت تعرف أن معظم من يسافر للخارج يتغير..


- أنا لا أثق فيه أصلاً، حتى الدراسة أشك بأنه قد درس طب..


- وماذا كان يفعل إذن؟!


- لا أدري، لكنني لم أحب أن أقلق والدي بشكوكي هذه.


- أنت تتوهم، لقد آراني أنا وندى شهاداته للعام الماضي وكانت بتقدير "امتياز".


صمت برهة ثم تنهد مستغفراً:


- حتى وإن كان كذلك فسنستشر طبيباً حقيقياً وليس متدرباً.


- وماذا فعل الأطباء الحقيقيون؟! ليس لديهم إلا كلمة: اصبروا..اصبروا.. رددت بسخرية مريرة.


- وهذا بالفعل ما ينبغي علينا فعله، فليس بنا عيباً والحمد لله.


- وماذا ستخسر إذا سألته؟! أم أنت تغار منه لأنه أصغر منك ولديه شهادة جامعية!!



تعابير الوجه تجمد، و تتلاشى تلك الخطوط الدقيقة المحفورة في حناياه...


الألم يرتسم في المقلتين، ينعكس في العدستين الزجاجتين الصغيرتين...



خرج من الغرفة بهدوء، أما هي فتهاوت على الكرسي بتثاقل....



غطت وجهها لكأنها خجلت من فداحة ما قالته...


باتت تلقي الكثير من الكلام في الآونة الأخيرة..


دون حساب، دون حذر...


ليست من الدرر، ليست كذلك أبداً...



كلنا نشرب من هذه الكأس ولكن حذارِ، حذارِ من الانغماس حتى الثمالة!!!!




أتاها صوت "ندى" من أسفل ينادي عليها، يستعجلها للذهاب ويفيقها من خواطرها التعسة.....


ارتدت حجابها وهي تشعر بالضيق، ووصلت إلى حيثُ كانوا مجتمعين...


انقسمت العائلة إلى سيارتين، الأب ووليد وندى في سيارة و ناصر وشيماء وهدوءهما العاصف في سيارة أخرى...


=============



خرجت من غرفتها بتعثر وهي تتطلع لنفسها كل حين...


لقد اتصل خالها وقال أنهم سيأتون هذا المساء...


ارتدت بنطالاً من الجينز الأخضر الباهت، وقميصاً زيتوني اللون تنتهي أطرافه بقصات غريبة ذات طابع غجري...


مشت إلى الصالة دون هدى وهي منكسةٌ رأسها بقلق...



كان واقفاً أمام النافذة يطالع المارة والسيارات، وما أن سمع وقع أقدامها الخافتة حتى التفت إليها...


رفعت رأسها هي الأخرى ببطء فالتقت بعيناه....


وتضرج وجهها احمراراً مما رأته!!



كان يرتدي بدلةً بمثل لون قميصها وقد بدت عيناه منسجمة تماماً مع ما يرتديه..


كلاهما خضراوان!!!



حاولت أن تشيح وجهها وتطالع أي شئ، أي شئ، لكن تلك النظرة المرتسمة في عينيه عادت لتأسرها وتجبرها على النظر إليه من جديد!!



وتحرك هو من مكانه أما هي فبقيت متجمدة، واقفة بلا حراك، قدماها لا تتزحزحان عن البلاط!!



أصبح في مواجهتها مباشرة، عيناه تطوفان بحرية في قسمات وجهها المرتبكة في خجل غريب..


الزمن يتوقف هو الآخر، يتوه، أو ربما يحاول أن يختلس لحظات، لحظات فقط ويحتفظ بها في علبته!!!



ضاعت هي الأخرى...


عاجزة، حائرة من عينيه المتشابكتين في غموض، إعجاب، شوقٌ دفين....


أسبلت عينيها بضعف ومشاعر غريبة تمزقها، تُحيلها لأشلاء، ويظل بقاياها فتاتاً تذروه الريح والهمسات!!!


لا تريد أن تغرق في هذا المحيط البلوري، هي منارة هكذا هي، والمنارة إما أن تغرق أو تبقى صامدة حتى النهاية!!


أتاها صوته أجشاً هامساً:


- سيفدون الآن!!


- .............


- سيفدون الآن؟! كرر عبارته من جديد.



رفعت وجهها باضطراب وهي تحاول أن تتحاشى عينيه:


- وإذن؟! سألت بهمس.


- وليد و ناصر سيحضران أيضاً، أتريدين أن تخرجي أمامهم هكذا؟!



ها هي تطفو، تضيع بلا منارة بلا قشة!!



والصخب يعلو هنا، هنا بين الضلوع حيثُ يتوسد القلب بلا حول، بلا قوة!!!



استدارت لتعود إلى غرفتها وترتدي وشاحاً....


الطريق إلى هناك بدا طويلاً، متعباً، مؤلماً رغم قصر المسافة..


جلست على كرسيها بوهن وهي تحاول أن تتجنب تلك الغصة بصدرها، بحلقها..


الصراع النفسي منهك، مميت حتى النخاع...


سمعت أصوات التهاني والترحيب تتزاحم جملةً مع بعضها البعض و تقترب...


ارتدت وشاحها وهي تمسح عينيها بعجل...



وما أن فتحت الباب حتى أطلت "ندى" بوجهها الضاحك، عانقتها على الفور دون أن تترك لها المجال لتتنفس.



- لقد اشتقتُ لكِ كثيراً، الغرفة مظلمة بدونك..



عادت الابتسامة الضائعة لترتسم على شفتيها :


- وأنا أيضاً... كثيراً..


- اتركيها يا "ندى" أريد أن أسلم عليها أنا الأخرى. صاحت "شيماء".


- انتظري، أريد أن أسألها عن سبب جمالها المفاجئ مرةً واحدة، أعترفي أي نوعٍ من الكريمات تستخدمين، شانيل أم ديور؟!


ضحكت "غدير" وقد تورد خداها:


- لم أستخدم شيئاً صدقيني.


- إنها عروس، والعروس تكون مشرقة دوماً هكذا، ولكن ما أدراكِ أنتِ؟!


تطلعت لها "ندى" بحنق أما "غدير" فاكتفت بالإبتسام ببهتان، ردت عليها بعصبية:


- غداً عندما أتزوج إن شاء الله لا أريدك أن تزوريني في الصباح، أسمعتي؟!


- ومن هذا تعيس الحظ الذي سيجني على حياته بيديه ويأخذك؟!


- ربما المدير. ردت "غدير" بسرعة.



زمت "ندى" شفتيها بغضب وهما تضحكان عليها بصوتٍ مرتفع، مدت يدها وقرصت "شيماء" في ذراعها فصرخت الأخيرة متوجعة أما "غدير" ففرت من أمامها إلى الداخل وهي تصيح بتهديد وتضحك في آنٍ واحد:



- قفي مكانك، سأنادي خالي، كنتُ أمزح، نددددددددى..


وأخذت تجريان في الغرفة وهما تقذفان بعضهما بالوسائد.


وبينما كانت تحاول الوصول للباب اصطدمت بشئ!!


كان هو...


- أجل، أمسكها يا "عمر" سأقتصُ منها.



وبحركة دفاعية أحاطها بذراعيه وهو يرد على "ندى" بتهديد:


- كلا، هذه زوجتي إن اقتربتِ منها كسرتُ يدك.


- هكذا إذن؟!



وعبست في وجهيهما وهي تندب حظها العاثر:

- كلهم لديهم من يدافع عنهم إلا أنا..



نظرت إليه مشدوهة وقد مستها كلماته في الصميم، انتبه لها وهي تتأمله فعاد البريق البارد ليطوح نظراه وصوته من جديد:



- أبي يريد أن يسلم عليكِ.


هزت رأسها بالإيجاب دون أن تنطق، أبعد ذراعه عنها فأحست بالبرد والضياع!!!



أخذت تختلس النظرات إليه من جديد وهو بجانبها بقامته الطويلة...



إنها لا تفهمه، لا تفهمه أحياناً!!!



وقطع عليها خالها تفكيرها وهو يصافحها ثم يقبل جبينها ويجلسها بجانبه...



بارك لها "ناصر" و "وليد" وأعطياها هدية فأخذتهما شاكرة.


كانت تستمع إليهم وتبتسم بخفوت، كثيراً ما تتلاقى بعينيه فتضطرب وتعود لتعبث بما في يديها.


وحانت لحظة الإنصراف فقال "عمر":


- أبقى يا أبي وتعشى معنا.


تطلع إليه بعتاب وهو يسأله:


- جعلتها تطبخ منذُ اليوم الأول؟!


ابتسم في وجه والده:


- العشاء لا، سنطلب لنا جميعاً من أحد المطاعم.


- بالهناء والشفاء يا ابني، لكننا تأخرنا والبيت خالٍ دون رقيب.



تسمع حديثه وهو يتحدث وكأن شيئاً لم يكن، كزوجٍ سعيد هو!!!



غاب الرجال بالأسفل ولم يتبق إلا هي و"ندى" و"شيماء".



اعتراها الخوف فجأة من ذهابهم، أخذت تتطلع لصاحبتيها بتوتر وهما يمازحنها وتتشاجران دون أن تفقه ما تقولانه..




وحين تحركتا للإنصراف، وقفت هي الأخرى:


- أين ستذهبان، لازال الوقت مبكراً.


- الساعة التاسعة وأنا أنام مبكراً تعرفيني. ردت "شيماء".


تطلعت "غدير" إلى "ندى" بتوسل خفي:


- أبقي معي هذا المساء.


- لا بأس، ليس لدي مانع، سأستأذن من والدي أولاً.


لكن "شيماء" سحبتها معها والأخيرة تصيح:


- مع السلامة سنذهب الآن، لا عليكِ من هذه المجنونة.



و بدأ قلبها يدق بطريقة غريبة، بقوة، بجنون، تطلعت إلى حيث انصرفوا، إلى حيثُ خرجوا كلهم، كلهم دون استثناء!!!



أرادت أن تعود لغرفتها، لكن جسدها خانها مرةً أخرى، لم حين نأمره أحياناً يرفض الانصياع، تُرى ماذا يحدث للجهاز العصبي حينها، أيصاب بالركود أم ماذا؟!!



نظرت إلى القدمين اللتين انتصبتا أمامها، رمشت عينيها عدة مرات ثم صدت للأمام...



عيناه تتقدان شرراً و وجهه مظلم كسمرة الليل حين هجوعه...



فتحت شفتيها لتقول شيئاً لكنها أمسكت، بدت مبلدة الحس تلك اللحظة...



كيف يتغير الإنسان بين عشيةٍ وضحاها!!



ماذا حدث يا ترى؟!


وقطع السكون بصوتٍ قاسٍ مليء بالترهيب:


- ماذا قلتِ لشيماء؟!



ازدردت ريقها وهي تحاول أن تُخرج صوتها الذي احتبس في حنجرتها، ردت بإرتجاف:


- لم أقل لها شيئاً.


أمسكها من يدها بعنف وهو يصيح في وجهها:


- لاتكذبي..


- والله العظيم لم أقل شيئاً. ردت بتباكِ.


- تخالينها حمقاء مثلك!!


- لم أقل شيئاً..لم أقل شيئاً. وأخذت تجهش بالبكاء دون أن تعي ما يقصد...



كانت خائفة من نفسها أو ربما منه!!


أفلتها وهو يحدجها بإزدراء :


- لا تملكين إلا البكاء، أهذا ما تجيدينه؟!


وضعت باطن كفها على فمها كي تأد دمعتها وهي تسير إلى الخلف.



- أين تذهبين؟!


- أنا..أنا.....و اختفى صوتها المبحوح.



هز رأسه نافياً وهو يعقد حاجبيه:


- أنا من أقول متى تنامين ومتى تنهضين!! اجلسي.


وتطلعت إليه برجاء من بين غلالة دموعها الصامتة لكنهُ صمّ أذنيه عن نداءها اليائس...



جلست على الأريكة وهي مطرقة، وبقي هو واقفاً ووجهه محول للجانب الآخر...



ومرّ زمنٌ طويل وهما على هذه الحالة، وأخيراً نطق وبدا صوته لها بعيداً، غريباً، قادماً من كوكبٍ آخر!!!


- لا بد أن نتكلم في موضوعك، تعرفين، ذاك الذي تحبينه!!


رفعت رأسها بسرعة وكأن أفعى لدغتها لكنها سرعان ما أشاحت وجهها ونكست للأرض.



أردف وقد تغيرت نبرة صوته:


- لم تخبريني من هو، وأعتقد من حقي أن أعرف، ألا ترين ذلك؟!



وجهه ينضح بالعذاب، بالألم،بليلٍ سرمدي...


تساقطت دموعها بلا توقف وهي تكابد لوعة اجتاحتها تلك اللحظة..



- أنا لا أريد أن أرى دموعاً، أنا أريد أن أسمع فتكلمي...



الطعنات تتوالى والألم أكبر من أن يحتمل، لكنها من بدأت أليس كذلك وعليها أن تكمل...



الحروف كلما حاولت تجميعها، تنفلت، تتشتت، تنسل من ذاك الخيط الدقيق الذي يربطها معاً...



تحاملت على نفسها وهي تقول بجهد، بتقطع:


- هو..هو..


وصمتت وعيناها تسألانه قبل أن تلقي الرصاصة:


"لم تعذب نفسك وتعذبني"..


لكن عيناه كانت متوقفتان على شفتيها تنتظران منها الإفصاح، فليجرف السيل كل شئ، لا يهم، بعد ذلك لا يهم!!



- هو ابن..جارنا.



عاد الصمت ليخيم من جديد، وإن كان صمتاً مشحوناً برعود، ببروق، بأشواك...


- ولم لم يتقدم لكِ ليخطبك؟!


آه، لازال مصراً، لازالت السكين لا تتوقف عن القطع...



- لازال طالباً في الجامعة و..وظروفه لا تسمح له بالزواج حالياً.. ردت بشرود، دون حياة.


- آها، هكذا إذن؟!



وتغير صوته فجأة وبدت عيناه قاسيتين، سوداوتان!!!


- وماذا فعل بعد أن علم بأنكِ تزوجتِ الآن، وأن العصفورة قد طارت...


أفاقت من شرودها و أجفلت من مرآه، من صوته، وصمتت ترمقه بإرتياع..


صرخ بغضب:

- أجيبي..


غطت وجهها بيديها لكنه تقدم منها وأبعد تلك اليدين النحيلتين...



ثم أخذ يهزها كي تجيب، صاحت في النهاية بيأس:


- لا أدري..لا أدري.



قال بإجرام:


- عدتِ للكذب مرةً أخرى، لو تعلمين كم أكره الكذب والكذابين!! لا بد أنه كان بينكِ وبينه اتصال أليس كذلك؟! أو ربما كنتما تتقابلان ونحنُ لا نعلم؟!!!


- كلا، كلا، كلا...



وأخذت تجهش بالبكاء بمرارة وهي تصيح بلا دون توقف..


لكنه لم يرأف بحالها أو بحاله!!!


السكين لابد أن تقطع مرةً واحدة وبنفاذ أليس كذلك؟!


الموت البطئ ليس جيداً على الإطلاق، ليس مريحاً أبداً...



- إذن كيف تعارفتما وتكونت قصة حبكم الجميلة؟!أخبريني ربما غفلتُ عن بعض طرقكم الجديدة!!




وضعت يديها على أذنيها وهي تصرُّ على شفتيها بألم...



- لا تختبري صبري يا "غدير" وإلا قسماً قتلتك لا محالة.



دفنت رأسها في الأريكة وهي تصيح بصوتٍ مبحوح:


- طلقني وارتح مني..



وكأنها ذرت الملح على الجرح النازف، ذاك الذي لازال طرياً، غضاً، لازال يسيلُ عبيطاً بقوة زخات المطر وبتموجات السم!!


امتدت يده لتطبق على عنقها بعنف ويديرها إليه، قرب وجهها المرتعش من وجهه حتى انسابت دموعها المالحة على يده....



ردّ بصوتٍ غائب عن الوجود، خالٍ من أي شئ إلا الفناء!!


- تريدين أن أطلقك كي تتزوجينه بعد ذلك..


- ................


- لكن هذا أبعد لكِ من طيل السحاب والموت أقربُ لكِ مما تريدين، طلاق ولن أطلقك وسأفعل ما أريده وسأتزوج عليكِ بدل الواحدة ثلاث.



- كلاااااااااااا.



وأخذت تصيح بجنون وهي تضربه بقبضتها المنفلتة:


- طلقني، طلقني، أنا لا أحبك لا أريدك.



تطلع إليها بإزدراء وهو يقول بسخرية قاسية:


- يا عزيزتي الحب بات شيئاً لا أؤمن به، غير موجود على الإطلاق في قاموسي.


أوقفت حركتها وهي تمسح وجهها بذراعها أو ربما لتخفي عينيها كي ترد بشكيمة!!


رفعت صوتها بتصميم وهي تقاوم تلك الأنفاس التي لا تلبث أن تجثو على صدرها، أن تضيق عليها الخناق...



- الحب موجود، حقيقي لأنني..لأنني أحبه هو، أسمعت؟!



وما أن رأت يده ترتفع لتهوي حتى دفنت رأسها بسرعة في صدره لتحتمي به منه!!!!!



تشبثت به بقوة بأصابعها المرتجفة وهي تتوسل إليه بكلمات غير واضحة...


سكن هو الآخر وإن بقيت يده معلقة في الهواء...


عيناه تجوبان هذا الرأس المندس، المرتعد خوفاً من يده الثقيلة....


الشجن ينطلق من تلك التي تكاد تغفو من شدة التعب، من كثرة التعب...





أرخى ذراعه، وأمسكها من كتفيها ليزيحها عن صدرها لكن سرعان ما استيقظت حواسها و انقضت عليه من جديد لتحتمي به منه من جديد!!!



- أنتِ ماذا تريدين؟! أن تذبحيني.. صاح بألم، بعذاب، بصوتٍ خافت وهو يهمس في أذنيها.



وأخيراً أبعدها عنه بضعف...

 
 

 

عرض البوم صور حسين السريعي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:20 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية