كاتب الموضوع :
شذى وردة
المنتدى :
القصص المكتمله
كانت تطالعه بنظرةٍ هائمة، شفافة، تراقب حركاته، لفتتاته، إيماءاته و كلَّ خليةٍ فيه...
رفع رأسه عن الكتاب فجأة و كأنهُ شعر بعينين ترصدانه...
ابتسم في وجهها متسائلاً:
- استيقظتي؟!
هزت رأسها بإيجاب دون أن تفارقهُ عيناها...
ترك ما بيده و اتجه نحوها جالساً بجانبها....
خاطبها بحنان و هو يشير للكيس بجانبها:
- لقد أحضرتُ لكِ أكلةً صينية كالتي تُحبين..
أجابت بصوتٍ خافت:
- تعرفني لا أجيد استعمال أعوادهم..
- نحنُ لسنا في المطعم الآن.. علّق مازحاً.
- أنت تسخرُ مني. نظرت له بعبوسٍ مصطنع.
- حاشاي أن أسخر منك، من روحي!! و ابتسم بصدق.
روحك!!!
عادت لتتأمله بشوق، بوله، و حزنٍ دفين!!
و شرع بفتح الكيس لكنها أمسكته و هي تهزّ رأسها:
- لا أريد، ليس الآن..
- لا ترديني....
- سآكل فيما بعد، صدقني..
و همّ بقولِ شيٍء ما، لكن اهتزاز الهاتف قطعه، قال موجهاً لها الخطاب:
- هاتفك لم يتوقف عن اهتزازه منذُ الصباح!!
و حاولت أن تنهض لترى لكنه استوقفها:
- سأحضره، لا تتحركي..
و أحضره....
تطلعت إلى الرقم لمدةٍ طويلة و ملامح وجهها تتقلص بضيق....
- من؟! سألها مستفسراً.
لمَ تسرقون من سعادتي حتى اللحظات، ألا تعلمون بأني بأمس الحاجة لها!!
أجابت بعد جهد:
- لا أحد، لا شيء مهم.. و أغلقت هاتفها و الألم يعتصرها عصراً..
وصمتت بغصة و هي تطالعه بضياع...
- ماذا بك؟!
التفتت إليه بنظرةٍ ساهمة:
- "ناصر" عدني بشيء..
- قولي ما تشائين..
- عدني بأنك ستسامحني يا "ناصر"، عدني بذلك!! كررت بلهفة.
- أنتِ لم تفعلي شيئاً لأسامحكِ عليه..
- أرجوك قلها فقط، ستسامحني، ستغفر لي يوماً، أتوسلُ إليك!!
- أعدكِ بذلك.. ردّ بإنقباض.
و أراد الاستفسار لكن صوتاً آخر كبحه من جديد..
- هذا صوت عمي يناديك.. علقت "شيماء" بقلق.
- سأذهب لأرى...
و قام من مكانه بعد أن وصاها...
هزت رأسها بشرود دون أن تسمع..
سيسامحني، قال أنهُ سيسامحني!!
=======
كان جسدها يشتعل حرارة رغم البلل التي يسري في جسدها كقُطر الندى!!
فتحت عينيها ببطء لتجد "ندى" بجوارها و بيدها شيء..
حركت رأسها بضيق لتتجنبه..
عللت "ندى" مُعاتبة:
- هذه كمادات، أنتِ محمومة من بقاءك في المطر لساعات..
ثم أردفت بصوتٍ أكثر حدة:
- تلك كانت قمة الغباء..
- ليتني مُت و ارتحت..
- ماذا تقولين؟! صاحت بإستنكار.
أشاحت وجهها و لم تحر جواباً، وإن كان صدرها يعلو و يهبط بإنفعال...
سألتها بتعب:
- منذُ متى و أنا على الفراش؟!
- منذُ يومان..
- يومان!!
و أزاحت الغطاء عنها قليلاً لكن "ندى" أمسكتها بسرعة:
- أين ستذهبين، لازلتِ مريضة!!
- أنا بخير الآن، أريدُ أن أخرج سأختنق!!
- كلا، خروج لا!! صاحت بإندفاع.
- لماذا؟!
- ............
- لماذا؟!
نظرت لها "ندى" بإرتباك دون أن تنبس ببنت شفه.....
أخذت "غدير" تحدق فيها بشك....
خاطبتها بصوتٍ متهدج:
- خالي هو من قال هذا!! لم يعد يثق بي أليس كذلك؟!!
- .......................
- أليس كذلك؟! كررت بصياح.
و قلبت وجهها للجانب الآخر و هي تضغطُ بالوسادة على فمها علها تكتم شهقاتها...
" ليس هكذا، فقط لو تعلمين!!"...
=======
جدار!!!
أيّ قاصمِ ظهرٍ وضعوه ليحولوا بيني و بينها؟!!
إنها هنا بجواري، أكادُ أسمع صوتها....
لم أنم البارحة قط، ليس من الألم و لكن بسببها!!
يبدو أنها كانت تهذي، كانت تصرخ!!
كدتُ أفزُّ لها، أرى ما بها، أملأ عيني بمرآها...
لكنهم لم يسمحوا لي، قالوا لي لا يجوز!!
لا يجوز أن أرى زوجتي!!!
زوجتك؟!!
زوجتك أم طليقتك!!
بلى زوجتي أتسمعون، زوجتي مهما فعلت!!
و إن لم أرها اليوم سأراها غداً و بعد غد و متى ما شئت!!
فقط ابتعد يا "عمر" ابتعد قليلاً و ستدنو منك...
الطيور هكذا مهما فرّت، لا بد أن تعود يوماً لأعشاشها...
و أنت ملاذها يا "عمر"، ملاذها و إن طال انتظارك...
جرب و لن تخسر، ماذا لديك لتخسره بعدها؟!!
و شعر بوخزٍ مفاجئ فتحسس جبهته...
لازال الدمُ ندياً و الجرح لم يلتأم بعد...
لا يهم لو نفذ بأكمله، المهم أني حطمتُ أضلاعه، هشمتُ لذاك السكير وجهه!!!
لا أدري أما زال حيّاً!!
أما زال به رمق!!
الحثالة مقرها السجون حيثُ تقبع الحثالة التي تشابهها...
و ابتسم بقسوة...
الواسطة تنفع أحياناً!!
===========
تسلل نور الصباح خلسةً خلف الزجاج....
نهضت بهدوء كي لا تحدث أي ضوضاء فيستيقظ...
فاليوم عطلته، و من حقه أن يرتاح خصوصاً بعد حادثة اليومين الماضيين!!
شعرت بنشاطٍ غير عادي و هي تتلفت حولها!!!
مررت ببصرها حول المكان بحب...
هذه المرة الأولى التي تكتشف فيها جمال حجرتها...
أخذت تلمُّ ما تبعثر و تضعهُ في مكانه الأصلي...
اليوم، ليس ككل الأيام...
اليوم لا بد أن يعود كل شيء لمكانه، لحجمه الطبيعي و أولهم بطنها!!
و لاح طيفُ ابتسامةٍ شاحبة على شفتيها...
==========
شدّت على أصابعها بعصبية و هي تصيح:
- لم لم يخبرني أحدكم؟!
- كنتِ مريضة آنذاك..
أخفضت صوتها فجأة و هي تسألها بصوتٍ متوتر:
- كــ..كيف حاله؟!
- بخير، ناصر و أبي لم يتركاه لحظةً واحدة.
- جيد. ردت بغصة.
طالعتها "ندى"بطرف عينيها مُعلقةً:
- إنهُ في غرفة الجلوس الآن!!
رفعت "غدير" رأسها بعدائية:
- لم تخبريني ها؟!
- ...............
- لم أقل لكِ أني أريدُ أن أراه. صاحت بإنفعال.
هزت "ندى" كتفيها و مطّت شفتيها بلا مبالاة:
- كما تشائين!!
خرجت "غدير" من فورها و هي تصفق الباب خلفها بغضب..
ولجت إلى الصالة، و جلست على الأريكة ضاغطةً على جهاز "الريموت كنترول"...
رفعت الصوت عالياً، عالياً دون أن تفقه شيئاً مما يُنطق!!
الصور تبدو غائمة و العينان ترمشان، ترمشان بسرعة...
هو هنا الآن!!
تقول أنهم غرزوا جبينه، غرزوه؟!
هذا يعني أن الجرح بليغ..
مطواة!! استخدم مطواة!!
ذاك المجرم يفعلُ أي شيء..
و انقبض صدرها و قلبها يكادُ يخرج من ضلوعه، من قفصه الصدري..
لا تنظروا إليّ هكذا!!
لن أذهب إليه، أتسمعون!!
هو بخير، قالت أنهُ بخير الآن....
عادت لتشدُ على الأريكه، لتقبض عليها بأصابعها علّها تخفف تلك النار المشبوبة في جوفها...
تراخت أصابعها بعد برهة، أفلتتها و نهضت من فورها بلا شعور..
طرقت الباب بخفوت و دفعته ببطء دون أن تنتظر الإذن بالدخول...
كان وجهه محمرّاً و هو يشعل سجارته بلا مبالاة...
و رغم أنهُ أحسّ بوجودها إلا أنهُ لم يرفع رأسه بل لازال بصره مصوباً ناحية النافذة..
و لازالت هي واقفة عند الباب تُطالع كل شيء إلاه!!!
تحركت و هي تجرُّ قدميها جرّاً ناحيته علّها ترى شيئاً أو تتضح لها الرؤية و لو قليلاً، قليلاً فقط....
وضعت يدها على صدرها و عيناها معلقتان على ذقنه الذي لم يشذبه بعد، إنها لا تريد أن تشرأبًّ أكثر، لا تريد أن تنظر لأعلى، لذاك الامتداد!!!
و سقط بصرها سهواً!!
الحروف تتعثر، تنحبس بجوفها، تصارعُ لوعةً اجتاحتها ببطء، بقوة، بحرقان!!
هتفت غير مصدقة:
- ماذا فعلت بنفسك!!
- ....................
كان خطاً طويلاً، مائلاً على الجانب الأيسر من وجهه بالقرب من حاجبه...
- أأنت أحمق؟! صاحت بغصة و هي تقبض على صدغها بإختناق.
التفت حينها إليها بشزر ثم سحق سجارته و عاد لينظر إلى النافذة...
- أقلتُ لك اذهب إليه!! من خوّلك بذلك، كم مرة قلتُ لك لا شأن لك بي؟!!
- .................
- ثم، ثم منذُ متى تدخن!! ألا تعرف أن التدخين ضار بصحتك!!
- منذُ أن عرفتك، ارتحتي!! صاح فيها بنفاذ الصبر.
تطلعت إليه بعينين دامعتين و هي تعضُ على شفتيها...
- منذُ أن عرفتني!! ماذا فعلتُ لك؟! سألته بصوتٍ مبحوح.
- ألا تعرفين!! و أشاح وجهه بسرعة كي لا يرى نظرتها تلك..
- تريد أن تحملني مسؤولية ما حدث لك؟!
- أنا لم أقل هذا؟! صاح بغضب و هو ينهض من مكانه..
- أنت تتحدث كما لو كنت البريء و أنا من أخطأ!! صرخت.
- اعتذر، أنا المخطئ الأول و الأخير، ارتحتي الآن!!
- ...................
و انقطع ذلك الخيط من الصبر الذي يشده، انفلت من بكرته و تقطعت أسبابه..
- ماذا تريدين أكثر؟! اعتذار واعتذرتُ لك، تريدين أن أجثو تحت قدميك كي تعلمي بأني نادم أشدّ الندم..
- لا أريدُ منك شيئاً..
- كلانا أخطأ يا "غدير"، لستُ وحدي المذنب..
- لا تفتأ أن تلومني، كأنني السبب في ذلك!!
- لمَ تعقدين الأمور، لم تؤولين كلامي كما تريدين، لم تفعلين بي ذلك!!
- كي ترتاح، صدقني ذلك أفضل لي و لك...
- أنا لا أريد أن أرتاح، أنا أريدكِ أنتِ..
- و أنا لا أريدك!! صاحت بصوتٍ متهدج..
تقدم منها بغضب فانكمشت و هي تتراجع للوراء و تمسك بالجدار..
- لا تحاولي أن تستفزيني، أتسمعين!!
- لا تصرخ علي..
- لا تُملي عليّ ما أفعله، أنا أصرخ كما يحلو بي و أفعل ما يحلو لي...
- ستبقى ظالماً، لطالما كنتُ كذلك..
- ماذا عنكِ ها، أنتِ مجردة من الرحمة، أنتِ لا قلب لكِ..
- أجل أنا لا قلب لي، أنا أكرهك، اذهب من هنا، لا أريدُ أن أراك.. صاحت بإنفعال و جسدها يرتعد..
خطف مفتاح سيارته الموضوع بجانب المنفضة..
- أجل، اذهب، اذهب كما تذهب دائماً..
التفت لها بيأس و قد ارتسم الألم بحدّة في عينيه...
- أنا لا أفهمك، تريدينني أن أذهب أم أبقى؟!
- اذهب أو..ابقى هذا بيتكم وليس بيتي..
- كلا هذا بيتك وأنا من عليه الخروج، لا ينبغي عليّ الحضور هنا من جديد...
و قطعت حديثها و هي تراه يدلك جبهته بضيق...
- أراجعت الطبيب؟! سألتهُ بقلق.
أخفض يدهُ بسرعة و هو ينظر لعينيها بثبات، يغوصُ في أعماقها، في ذلك الليل الطويل!!
علّق ببرود:
- لمَ تسألين؟! لا شأن لكِ بي!! متساويان أليس كذلك؟!
صاحت من بروده، من لا مبالاته، من قسوته:
- خالي قلقٌ على صحتك ليس إلا، أنا لا يهمني ما تفعله بنفسك!!
و غطت وجهها بكفيها الصغيرين و هي تجهشُ بالبكاء...
الجو متوتر، مكهرب، مشحون بشتى الشحنات الإنفعالية...
اقترب منها أكثر حتى بات في مواجهتها...
- "غدير"!! ناداها بهمس...
- ................
- أنا آسف.
- ...............
- أرجوكِ..
رفعت رأسها لتراهُ أمامها، لترى عيناه...
كانتا تنضحان بشيءٍ قديم، شيءٍ لطالما رأته إبان زواجهما، حين كانا هنا معاً في البيت..
ذلك الشوق، تلك اللهفة، ذلك الحب الدفين...
ارتجفت أهدافها الذابلة و هي تخاطبه بغصة:
- كنت ستسجن للأبد لو مات!!
و صمتت و هي تتأمل جرحه...
لقد دافع عني يا أبي، دافع عني...
لقد أخذ حقي منه!!
ضرب على صدره بقوة، بإتجاه الوجيب، ذاك الذي يخفق بين الضلوع...
صاح بعذاب:
- أتخالينني حيّاً، أنا أموت في الثانية ألف مرة لكنكِ لا ترحمين!!
ماذا عني يا "عمر"، أنا لا أستطيع العيش بدونك..
لا أقوى على فراقك...
من منا من لا يرحم ها؟!
أجل، أنا كاذبة لا تُجيد الكذب...
أحبك يا "عمر" أقلتها لك مرّة!!
مسحت عينيها بسرعة و هي تنكس رأسها من جديد :
- سأنادي لك "ندى" لتعيد تضميد جرحك..
- لا تتعبي نفسك.. و تنهد بألم.
ثم أردف و هو يبتسم لها ابتسامةً حزينة:
- حسناً، سأذهب الآن..
- ....................
- انتبه لنفسك. و ارتجف صوتها بهمس و هي تشيح بوجهها..
لكنه لم يتحرك وقتها بل بقي يتأملها، يحتويها بعينيه...
النبضات تخفت، تتضاءل، تتوارى وراء الحُجب...
تناهى إلى مسمعها تباعد خطواته كطرقات المطرقة على المسمار!!
الأزيز مزعج، مؤذي للسمع، موجع للقلب!!!
صاحت بجزع:
- انتظر..
- ماذا؟
و التفت نحوها...
ردت بتلعثم دون أن تنظر إليه:
- أ..أ..
- ............
- أنا، أأ.. "ندى" تريدك!!
- .................
- لا تذهب، انتظر قليلاً..
و نظر لوجهها، كان قد احمرّ فجأة و بعنف...
أشاحت بسرعة و هي توصد الباب خلفها بخفوت...
ثم هرعت لغرفتها...
كان الجدال على أحدّه مع تلك الأخيرة..
- كلا لن أقول له ذلك، قولي له بنفسك..
- أنا أخجل، لا أستطيع لكن أنتِ لا...
- ماذا تعنين؟! أني عديمة الحياء!! صاحت بإستنكار.
وضعت "غدير" يدها على فمها و هي ترد:
- اخفضي صوتك، لم أعني ذلك، أنت مهذبة جداً، هيا أرجوكِ قبل أن يذهب...
- ماذا أقولُ له بالضبط؟!
- قولي له أيّ شيء، أي شيء قبل أن يذهب..
- حسناً، حسناً لقد حطمتي كتفي!!
و نهضت و هي تزفر و إن شابها ابتسامة شيطانية...
أما تلك فوقفت خلف الباب و يدها على قلبها الذي كان يدقُ بجنون...
أتراها تهورت...
أتُراها على صواب!!!
و لم تكن بحاجة لأن ترهف السمع، كان الصوتُ عالياً!!!
- "عمر" تقول لك "غدير" أنها خلف الباب تسمعنا!!
ندت من فمها شهقة مكتومة..
و انفتح الباب لترى زوجان من العيون مصوبة ناحيتها....
أشارت لها "ندى" بإصبعها الإبهام و هي تخاطب "عمر":
- أرأيت؟!
- ...........
- لقد قالت لي كما قلتُ لك بالضبط!!
تضرج وجه "غدير" و هي تضع يديها على خدها الذي التهب:
- أ..أ... أنا لم أقل شيئاً..
- بلى، تريدك أن تردّها الآن إن أمكن!!
رفعت "غدير" نظرها بصدمة لندى و هي تصيح فيها بإنفعال:
- أيتها الكاذبة!!
- ............
شهقت و هي تضربُ على صدرها:
- أنا كاذبة؟! ألم تتوسلي لي للتو لأخبره بأن يتزوجك..
- لا تصدقها!! و لكزتها بقوة بذراعها..
أخذت "ندى" تفركُ يدها و هي تهرب مبتعدةً عن قرصاتها:
- قلتُ لها لم أسمع قط بأن الفتاة تخطب، قالت لي بلى يحدث ذلك في الهند!!!
- أنا..أنا لم أقل ذلك أبداً.. خاطبته مطرقةً و هي تكاد تبكي.
- أجل، أعرف!!
- ...................
- "غدير"!! نادها بصوتٍ مخملي.
و دقّ قلبها بعنف..
- أتقبلين بي زوجاً؟!
رفعت رأسها إليه لثانية فضاع الأمسُ و اليوم و الغد!!!
ارتحلَ من روزنامة الزمن و لم يتبقَ إلا هو، هو فقط!!!
أطرقت بإستحياء..
- ماذا قلتِ؟!
تحركت شفتاها بإرتعاش، بهمس، بصوتٍ لا يكاد يُسمع:
- لا أعلم، اسأل خالي أولاً..
- سأحادثه الآن..
- كلا، ليس اليوم!!
و رفعت رأسها نحوه ببطء..
- بل غداً أو بعد الغد، أو انتظر، انتظر قليلاً..
أخذ يطالعها بحيرة....
كانت قد غابت نظرتها الخجولة وحل محلها نظرة خوف و قلق...
إنها لازالت خائفة ربما منه، أو من عودة الذكريات من جديد...
لا بأس سأنتظر، سأصبر، صبرتُ شهوراً ألن أصبر أياماً!!
ستعود، الطيور لا بدُ أن تعود لملاذها...
و حبيبتي ليست كأي عصفور...
تلك كانت حبيبة عمر!!
أليس كذلك؟!!
========
|