لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-03-07, 06:03 PM   المشاركة رقم: 46
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
امير المسابقات


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5144
المشاركات: 301
الجنس أنثى
معدل التقييم: حسين السريعي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 32

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حسين السريعي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شذى وردة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

(22)



لا بأس، لا بأس!!!


رددت بهمس و هي تضع يدها على عمود السرير و تُنهض نفسها التي ترنو للأرض كل حين...

كل شيء انتهى الآن، لم يعد هنالك مزيد من الخوف، من الألم، من الضياع...


و جلست على فراشها و هي تمسح أنفها و تزيح شعرها المبلل عن وجهها بأناملها المرتجفة...



لقد كان لكِ ما شئته أخيراً...


ها أنتِ حرة، طليقة، مُطلقة!!!




ليذهب، كان سيذهب في كل الأحوال، كنتُ أعرف ذلك..


ولقد حاولت بشتى الطرق أن أعجل ذهابه، لكنهُ لم يستمع لي لا قبلاً و لا الآن...


لا بأس قلتُ لكم لا بأس...


ما عاد ينفع الكلام الآن، هذا أفضل له، أنا لا فائدة مني، لا فائدة أبداً!!


لقد نفذ الغدير، ماج وارتحل في القاع، لم يبقى منه إلا بقعةً ضحلة كسراب الظمآن...


غداً سينسى كل شيء و ينساني..


من أجله، لا بد أن ينساني، لا بد...


أما أنا فسأُخفي ذكراه في قلبي، سأدسه بين وجيبي، لن أريه أحداً أبداً...


لا ضرر من ألا أنساه، أليس كذلك؟!


لم يقولوا هذا حراماً، ليس مثل اللعب البتة صدقوني!!



أنا لم أشأ أن أجرحك، جرحك يعذبني، يُلقيني في جهنم!!


تخالني لا أفهمك، لا أفهم عيناك، أنا أراك شخصك كله خلالهما..


عيناك التي لن تجيب عن سؤالي عنهما أبداً!!!


العذاب كل العذاب ينضح منهما، لكنني لم أشأ ذلك...


ليس بيدي يا "عمر"، ليس بيدي...


لكنك لم تفهمني يوماً ولم تسمعني...


اذهب و لا تعد هنا مجدداً...


أنساني وأكرهني بكل جوارحك، بلا حدود و سأظل أحبك أنا حتى النهاية يا "عمر"، حتى النهاية...



لا أريد العودة إليك أبداً، أريد أن أبقى لوحدي، لوحدي فقط...


تعبت من الشك، من الغيرة، من ذكريات الأمس..


في البعيد أحبك أفضل، دائماً أفضل بكثير..


و لا أجد في قربك إلا الخوف...


أخافك حين ترفع يدك و حين تمدها إلي لتضمني إلى صدرك!!!


أحبه و أخافه!!


أيُّ مفارقةٍ عجيبة تلك التي أعيشها!!


لا بأس قلتُ لكم لا بأس..


لا محلّ لي الآن هنا ما دام يحمل أثرك...


ما دمت يوماً كنت تقطن في الغرفة بجواري!!!


ألم أقل لك أنا "غدير" و أنت "عمر"...


وقد عجز التاريخ أن يقربهما، فكيف أنا و أنت بنو البشر؟!!


انساني يا "عمر" انساني...


حتى لو اضطررت أن أجعلك تكرهني كالموت، لا بد من ذلك، من أجلك وحدك...


كي تعيش أيها المُحب الأحمق!!


كل شيء انتهى، إذن كل شيء على ما يُرام، أليس كذلك؟!


و سمعت ضجة في الخارج فالتفتت نحو الباب...


كانت واقفة هناك و هي تمسح دموعها الحارة بإنسياب...


ابتسمت ابتسامةً صغيرة في وجهها و هي تقول:


- كل شيء حُلّ الآن!!

- إنه يتجادل في الخارج مع والدي الآن، يقول أنه سيسافر..


- لا بأس فليتزوج..


- سيسافر ولم يقل ستزوج!!


- سيان، كل شيء سيان.. ردت بصوتٍ لا روح فيه.



و تعالت الضجة، وسمعت صوت الأب يهدر بقوة:


- أجننت؟! يبدو أنك فقدت عقلك!!


- صدقني لم أكن عاقلاً كاليوم..


- لمَ الآن؟! ألم تكن رافضاً من قبل..


- كنتُ أنتظرها تتعافى، خفتُ أن تنتكس من جديد!! صاح بسخرية.


"أو ربما لأحفر صورتها في عيني قبل الرحيل، تلك الخائنة"..


- لمَ يا ابني فعلت ذلك، لمَ تعجلت، كنتُ أمني النفس بأن تتصالحا.. علق بحزنٍ مرير.


- هذا لصالحها، صدقني ستشكرني على ذلك..


"لأنها لو بقيت على ذمتي ما كانت لتعيش أكثر من دقائق!!"..


وقبل أن يستدر قال و كأنه تذكر شيئاً:


- وخذها مني نصيحة يا والدي، لا تدعها تخرج بمفردها أبداً، عيال الحرام كثيرون!!


وسمعت صوت شيء يتحطم على الأرض...


قالت بضعف و جسدها يهتز بصمت:


- أغلقي الباب أرجوكِ، أريدُ أن أنام، لم أنم منذُ سنين!!




=========



- ماذا تقول؟؟! صاحت فيه دون تصديق.


- أهذا ما كنتِ تريدينه؟! وأمسك يدها ليهدئها لكنها سرعان ما سحبتها و هي تصرخ فيه بعصبية.


- أنت جبان، نذل، حقير!!


- أجننتي؟! صاح فيها وهو يهزها بقوة لتثيب إلى رشدها..



و هدأت قليلاً و هي تطالعه و كأنها انتبهت له و لنفسها للمرة الأولى..


رفعت يديها إلى صدغها و هي تنظر له بغصة وشفتاها ترتعشان:


- أنت السبب، أنت السبب..


- ماذا فعلتُ لكِ؟ سألها "ناصر" بيأس.


- تركتني لوحدي ولم تعد...


و أردفت "شيماء" بتقطع:


- لماذا فعلت بي ذلك؟!


واهتزّ جسدها و هي تنشج بخفوت...


تطلع لها بحيرة دون أن يفقه شيئاً...


ماذا جرى لها؟!


أكل هذا من أجل طفل؟!


ستفقد عقلها من أجل طفل!!


- قولي لي ماذا تريدين بالضبط، فقط لا تعذبيني و تعذبي نفسك أرجوكِ.. خاطبها بتوسل.


هزت رأسها و هي تتراجع للوراء:


- لا أريد شيئاً، لم أعد أريدُ شيئاً، لا شيء..


- أأنتِ متأكدة؟! ألا تريدين أن تراجعي الطبيب؟!



و تشنجت حواسها و هي تحرك أصبعها في الهواء نافيةً و تصرخ بهستيرية:



- لا تذكر لي اسمهم، كلهم شياطين، كل الأطباء شياطين، أنا أكرههم كلهم..



وغطت وجهها و هي تلقي بنفسها على أقرب مقعد و تبكي بصوتٍ مرتفع...


خرج "ناصر" من الغرفة من فوره..


شظاياها تنغرز في قلبه، تُحيله إلى رماد...


منظرها أفظع من أن يتحمله، و صوتها، صوتها في الليل حين تهذي يقطعه، يُحيل لياليه إلى كوابيس سرمدية..


أيُّ زوجةٍ تعسة صيرتها...


أكلُّ هذا من أجل طفل!!



========



- أنتِ تعلمين أن فترة تدريبك ستنقضي الأسبوع القادم...


صمتت دون أن تحر جواباً..


- أ..يمكنك أن تعودي منذُ الغد إلى مكتبك القديم مع زميلاتك.


رفعت رأسها بسرعة وهي تسأله بإندفاع:

- لماذا؟!

ردَّ ببطء:

- لم يعد هناك مبرر لبقائك فلقد أجدتِ العمل..


- لكنني أريد أن أبقى... معك!! ردت بهمس.


صمت و هو ينظر لها لمدة طويلة و هي منكسة رأسها، ثم قال بصوتٍ خالٍ من أي تعبير:


- الأفضل أن تعودي..


- هل أخطأتُ في شيء، هل ضايقتك!!


- ليس الموضوع هكذا يا آنسة...


- ماذا إذن؟!


- لم يتبقَ إلا أسبوع فقط!!


- وماذا يضيرك لو أتممت هذا الأسبوع معك!!


تنهد بضيق مغيراً وجهة الحديث:


- ألم تكوني تلحين علي بأن أُعيدك إلى مكانك..


- هذا كان قبلاً، قبل أن أعرفك، أما الآن فلا، أنا.....


- اسمعي، هذا الكلام السخيف لا أريد أن تكرريه، للأسف ظننتكِ كبرتِ و عقلتي لكنكِ لن تتغيري أبداً..


- إذا كان العقل سيبعدني عنك فأنا لا أريده!! صاحت.



- ألم تسمعي بمصطلح "الاستغناء عن الخدمات"، أنا أستغني عن خدماتك مشكوراً. أجاب بقسوة.


ثم أردف بصوتٍ أكثر حدة:


- لا فائدة من بقائك، أتفهمين!!



وعاد ليجلس على مكتبه بتثاقل دون أن ينظر ناحيتها...


نظرت إليه بعينيها الدامعتين خاطبته بعتاب دون أن يلتفت:


- جعلتني أعتادُ عليك ثم تريد أن تبعدني!!


- ..................



- أنا أكرهك، أكرهك، أتمنى ألا أراك أبداً...



وخرجت من المكتب و هي تمسح دموعها تاركةً حاجياتها تشهد على التذكار الأخير!!!



========



هبّت من نومها مذعورة و هي تتلفت يمنةً و يسرة بإرتياع...


مررت أناملها المرتجفة حول جبينها الذي يتصفد عرقاً وقد أخذ خافقها ينبض في عروقها بعنف..


تطلعت إلى "ناصر"، كان مغمضاً عينيه بقوة وقد تغضن جبينه..


مسّت كتفيه وهي تناديه بأنفاس متقطعة:


- نا..صر..نـ..اصر.


عاد جبينه ليتجعد أكثر و لم ينبس ببنت شفة..


- نا..صر إنه ينتظرني..


- عمن تتكلمين؟! سألها بتعاسة.


- الشيطان، ألا تعرفه!! صاحت بإستنكار و هي تقبض على عنقها بخوف.


- ......................


- إنهُ يقف خلف الباب. همست له بخفوت وشفتاها ترتجفان.


- لا يوجد أحد، كم مرة تأكدتُ لكِ من ذلك!! صاح بيأس.


- أصص اخرس كي لا يسمعك، أتريده أن يأتي إليك أنت الآخر!!



ولم يحتمل أكثر، فزَّ من مرقده و هو يضع يده على جبهتها..


- أنتي محمومة، حرارتك في ازدياد..


صاحت بلوعة وهي تهز رأسها:


- إإإياك، إإياك أن تشرب شيئاً، يجعلونك تنام!!


- انهضي لا بد أن أذهب بك إلى الطبيب.


وصرخت صرخةً عالية و هي تقاومه بهستيرية:


- لااااااا، طبيب لا.



و أفلت يدها و هو يمرر بصره بألم بين آثار خدوش أظافرها و بينها...


أخذت تطالعه هي الأخرى بعينين ذابلتين و هي تهزُّ رأسها...



- أنا لم أقصد..


- لا عليكِ. رد بلطف و هو يبتسم ابتسامةً باهتة.


غرزت أصابعها و هي تمسك حفنة من شعرها بقسوة...


- كل هذا منه، من الشيطان!!


- ..................


- لكنني لن أجعله ينتصر، عندما أراه سأقتله!! صاحت.



ثم أردفت و هي تضع أصابعها على فمها كأنها ستخبره بسر كي لا يسمعه أحد:


- لا تخبر أحداً، لا تخبرهم..


- ..................


- ما بالك تنظر إلي هكذا، أنت لا تصدقني!!


- ........................


- تخاله كابوساً، أتخالهُ هكذا؟! سألته بلهفة.



وشدت على قميصه وهي تصيح فيه بإصرار:


- أليس كذلك، قُل لي..


وغرقت في نوبة من البكاء الهستيري..


وضع يده على رأسها المدفون في الفراش بشرود..



سأجهز أوراقي لنسافر، لا يهم إن فصلوني، لا يُهم إن طُردت...


كل شيء لا يهم عداكِ أنتِ....


===========

 
 

 

عرض البوم صور حسين السريعي   رد مع اقتباس
قديم 23-03-07, 06:07 PM   المشاركة رقم: 47
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
امير المسابقات


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5144
المشاركات: 301
الجنس أنثى
معدل التقييم: حسين السريعي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 32

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حسين السريعي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شذى وردة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

وضعت يدها أمام وجهها لتحجب عنها نور الشمس الساطع في قلب السماء...


وجدت الباب مفتوحاً على غير العادة و ولجت إلى الداخل...


انتابتها رعدة، ليس من الجو، فهو أقيظ من أن يرسل رعدةً إلى جسدها النحيل، ولكن من تلك الرياح التي تصدرُ صوتاً كالعواء كل حين!!


أمسكت بالعلبة بتؤدة و هي تتفقد المكان بشجاعة..


ماذا سأخسر بعد؟!!


لاشيء!!


و تنهدت بعمق و هي تطرق الأماكن، كل الأماكن و كان آخرها غرفتها...



الغرفة خاوية، ليس منها فقط، بل خاوية من عروشها، من كل شيء!!!



أتراهم رحلوا!! تركوا المكان!!



كلا، كلا، مستحيل، كانت ستخبرني، أمي لن تتركني، لن تتركني هي الأخرى...



وأرادت أن تفتح فمها لتنادي عليها، لتزلزل أركان هذا البيت المتهدم، لكن صوتها اختنق، احتبس في حنجرتها، هي لم تعتد يوماً أن ترفع صوتها في هذا المكان...



و سقطت العلبة من يدها، تدحرجت على الأرض و تبعثر ما فيها و هي تسير كالخيال....


تراخت ركبتاها و استمرت في السير على الرمال حافية القدمين دون أن تشعر بلسعتها...


بدت غائبة عن الوجود و هي تتلفت حولها بضياع...


و تنفست الصعداء و هي تلمحها تنشر الغسيل على الحبل في الجانب الخلفي...


هناك حيثُ رأته يدخن سيجارته...


هناك حيثُ ابتدأت الشرارة الأولى و انقلبت حياتها!!


هرعت إليها و هي تطوقها من الخلف بلهفة، وأحست برعدتها تسري في جسدها كالتيار...


مدت الأم يدها ووضعتها على يدها الصغيرة دون أن تلتفت، لربما لتتأكد من هويتها، أو كي لا تفيق من حلم نسجهُ خيالها المتعب..


- أمي..نادتها بصوتٍ متهدج.


واستدارت لها دون أن تفلت يدها من قبضتها و هي تنظر لها دون تصديق..


مررت أنامل يدها الأخرى على وجهها النحيل لتتحسسه...


أهذه أنتِ فعلاً؟!!


و ضمتها إلى صدرها و قلبها يخفق بإضطراب، كأنفاسها اللامنتظمة، المنفلتة من حنجرة الزمن...



- سامحيني يا ابنتي، سامحيني.. قالت بغصة.


- لم يكن هذا ذنبك.


أبعدتها عنها و هي تقول بعزم الأمومة:


- سأذهب إليه وأخبره.


- لا فائدة يا أمي، إنهُ لن يسمع..


- سيسمعني أنا، رغماً عنه سيسمع، ما كان عليكِ أبداً أن تسكتي، كان عليكِ أن تخبريني و تخبريه..


- أقولُ لكِ لا فائدة، لقد سافر و لن يعود..


- لا يهم، سأنتظره ولو بعد مائة عام..


- لا جدوى يا أمي، لقد طلقني..


ودفنت رأسها في صدرها من جديد و هي تبكي بصمت...


- طلقكِ!! رددت بذهول.


- قلتُ له لم أفعل شيئاً لكنهُ لم يصدقني..


- طلقكِ!! كررت و هي تطالع وجه ابنتها بألم.


- أأنا قذرة يا أمي؟! سألتها بصوتٍ مبحوح.



صاحت بإرتياع و الغصات في جوفها تتلاحق:


- إياكِ أن تقولي هذا، أنتِ ابنتي، أنا من ربيتك بيدي هاتين، أنتِ أطهر مخلوقة على الأرض..


- إذن لم يعاقبني هكذا؟! أنا أحبه يا أمي..



و خنقتها الغصة و هي تعضُّ على شفتيها لتمنع شهقتها..


ثم أردفت بنشيج:


- أنا لا حظ لي، لا حظ لي..


ارتفع صدر الأم بإجهاد و هي تشعر بوخزات قوية في قلبها، في سويدائه...


ابعدتها عنها مرةً أخرى لعلها تلتقط أنفاسها..


صاحت بإختناق:


- أنا من أفسدتُ حياتك، أنا السبب...


- كلا، أنتِ لا ذنب لكِ.


- أنا أمك و كان علي أن أعرف..


ولطمت وجهها بعنف و هي تتراجع للوراء:


- أيُّ أمٍ أنا!! أنا لا أستحق..


- كلا أمي، لا تجعليني أندم بأني أخبرتك..



وأبعدت يديها عن وجهها و كادت تتهاوى لكنها أمسكتها في اللحظة الأخيرة..




- ادخلي لترتاحي، أنتِ متعبة..


- لا بد أن أنشر الثياب. ردت بأنفاس متهدجة.


- أنا سأنشرها بدلاً عنكِ..



ابتسمت في وجهها بوهن فأضاء، علقت بصوتٍ حالم:


- لا تتعبي نفسك، إنها ثياب لا يرتديها أحد..


رفعت "غدير" بصرها نحو قطع الملابس، كلها ملابسه!!


- "مجيد" أُلقي في السجن..


وعاد وجهها ليتقلص ببطء و هي تضع كفها ناحية قلبها بألم:


- لقد حطم زجاجة على أحدهم، و الصبي في حالة خطر..


و سمعتا صوت صفيرٍ عالٍ يقترب منهما قطع عليهما الحوار، التفتت "غدير" بسرعة ناحيته..


- أهلاً، أهلاً، كيف حالُ عروستنا الصغيرة!!


- ...................


- اممممم لا بأس بك وإن نحفتِ قليلاً!! ألا يطعمونكِ هناك؟!


- ..............


- إن شئتِ أن تعودي هنا فلا مانع، أمك الآن تشعر بالوحدة، كثيرٌ أن تفقد ابنها وابنتها في نفس الوقت، ألا ترين ذلك؟!


- ......................


ثم تقدم منها و هو يحني رأسه بخبث:


- وكيف حال زوجك؟!


رمقته بنظرة احتقار، كرهٍ عميق، بعمق جوف الأرض:


- لا تذكر زوجي على لسانك أيها القذر..


تقلص وجهه فجأة منصدماً من جرأتها، ثم ما لبث أن لانت ملامحه و هو ينطق بتشدقٍ ساخر:


- أين كان لسانُ القطةِ مختبأ طوال الوقت؟!


- لو تعلم كم تثير رؤيتك في نفسي الغثيان أيها الحقير..شددت على الكلمة الأخيرة.


و رأته يهم برفع يده فابتعدت و هي تصيح بتهديد:


- إن مددت يدك ستندم، لا حق لك علي الآن فأنا...متزوجة!!


تطلع إليها بحقد و هو يردف بصوتٍ مصرور:


- أنتِ محقة، لكن ماذا عن هذه؟!


وصفع الأم الذاهلة عن الجميع صفعةً قوية أطاحتها على الأرض...


و دلف!!



تراخت ركبتاها فركعت على الأرض بجوارها...


- أمي، أمي.. هزتها من كتفيها وهي تناديها بصوتٍ مبحوح.


- ...............


- قومي معي، انهضي...


فتحت عينيها بضعف و هي تتمتم:


- لا... أقدر يا ابنتي..


- أتؤلمك كثيراً؟! سألتها بلهفة و هي تمرر أناملها على خدها المتغضن .


- كلا يا ابنتي. وابتسمت بوهن.


- سامحيني، سامحيني. خاطبتها بغصة.


و سكتت...


رفعت أصبعها إلى فمها و هي تخاطبها بعتابٍ قديم، بعمر السنواتِ الخوالي...


- أماه، لا يجدي السكوت، ألم تقولي ذلك؟!


اهتزّ جسدها بعنف و هي تردف بتقطع:


- أمي أتذكرين بدلة والدي، بدلته الرمادية، لا شك تذكرينها..


- ...................


- أراد "حميد" أن يرتديها، سمعته يسألكِ عنها..


ومسحت ما بين أنفها وهي تكمل:



- وسكتِ كعادتك، لكنني لم أرضى، لم أكن لأقبل بأن يرتدي ذاك الحقير شيئاً به رائحة والدي، مثله يلوثها أليس كذلك؟!


- ........................


- أنا من سرقتها، أنا من أخذتها من خزانة غرفتك..


- ....................


- لقد ضربك حينها، كنتِ تعلمين أني من أخذتها و سكتِ...


- ......................


- من منا من يسكت ها؟! صاحت فيها بعتاب.


وأجهشت بالبكاء وهي تنشيج بصوتٍ متقطع كنشيج الميازيب في مواسم المطر...


وبقيت هكذا على صدرها وهي تغرقها بدموعها....


رفعت عينيها الذاويتين وهي تتطلع لها بألم، خاطبتها بهمس:


- لا تذهبي أرجوكِ، لا تتركني..


- .....................


- لا تذهبي قبل أن تسامحيني، لا تذهبي.


- ....................




وأفاقت من يأسها وصاحت وهي تهزها من جديد بقوة..


- من سيبقى لي من بعدك، أأتيتم مرة أخرى، ألا تخشين الله؟!!



ثم قالت فجأة وكأنها تذكرت شيئاً:


- لقد جلبتُ لكِ وشاحاً، لقد صنعتهُ بنفسي، تعرفيني لطالما تفوقت في حصة "الكروشيه"..


- .................


- أتريدين أن تريه؟! لحظة، لحظة انتظريني..



و هرعت من مكانها على عجل و هي تجري حيثُ ألقت العلبة، أخذت تفتش عنها بعينين لا تريان حتى وجدتها....



و تعثرت في جريها فسقطت على الأرض، لكنها تحاملت على نفسها حتى وصلت إليها:


- انظري إليه يا أماه، أليس جميلاً، لونه أخضر كلون عينيه!!


- .........................


- لا تنظري إلي هكذا بعينكِ المفتوحتين، أعلم بأني كاذبة، أنا لا أستطيع نسيانه، لا أحتمل البعد عنه...


- ........................


- اصبري سأضعهُ عليكِ، ستصغرين عشرة أعوام كما كان أبي يقول لكِ ذلك...



و رفعت رأسها و هي تحاول تثبيته بإصرار رغم اهتزاز يدها...


- أرأيتِ كم تبدين جميلة..


- ...................


ثم أحاطت وجهها بيديها المرتجفتين وهي تخاطبها بصوتٍ خافت:


- أقلتِ لكِ من قبل أني أحبك، أنا أحبك يا أمي، أحبكِ كثيراً...


- .........................


- أعلم بأنكِ غاضبة مني، أنا أعلم بأني ابنة عاقة، لكنني سأتغير أقسمُ لكِ بذلك...


- ........................


- سأعمل وأُعيلك بنفسي و سنعيش سوياً، قدر الابنة كقدر أمها، كلانا ليس له حظ في هذه الدنيا، لذا لا بد أن نكون معاً...


- ......................


- ألا يعجبك كلامي، ما بالكِ تسكتين؟!


وضمتها إلى صدرها بقوة وهي تنتحب بصمت...


- غداً ستستيقظين أليس كذلك؟!


- .....................


عادت لتهزها بقوة وهي تصيح فيها:


- لا تموتي الآن، امسحي على شعري أولاً...


- ...................


ثم اقتربت منها و صرخت بهستيرية:


- امسحي عليه، هكذا يفعلون باليتامى أولاً..


- .........................



- أمااااااااااااااااااااه..



وشهقت شهقةً قوية كادت أن تخرج معها روحها....





الرياح في الخارج لازالت تعوي ربما لتصمّ الآذان عن صرختها.....



انتظروني في الجزء ما قبل الأخير....



تحياااتي لكم...



لاأناام...



انظرُ للوراء رغم أنفي
و كيف أنكرُ الهوى و أنفي!!

جربتُ أن أنساكِ يا حبيبتي
و صبًّت لي الأيامُ كلّ صنفِ

فلم يُطع قلبي فهل أسحقهُ
بكلّ ما في قبضتي من عُنفِ!!

=========


(23)

" ما قبل الأخيـــــر "




- "ندى" انظري، شهاب!!



ابتسمت تلك الأخيرة ابتسامةً باهتة و هي تتابع ذلك الامتداد الطويل الذي ينثر ذراته البيضاء في السماء...


- ماذا ستتمنين؟! سألتها بحماس.


- ما عادت تجدي الأماني. ردت بغصة و هي تضع رأسها على كتفها..


- كلا، لا تفقدي الأمل، أنتِ من قال لي ذلك..


- لقد مرّ شهران، شهران يا "غدير".. ردت بمرارة.


- أعرفُ ذلك. ردت بخفوت و قد فارقتها الابتسامة.


عادت "ندى" لترفع رأسها لأعلى و كأنها تخاطب السماء:



- لقد نلتُ تقديراً مرتفعاً لديه، تصوري كتب لي توصية!!



- أليس هذا ما كنتِ تريدينه؟!


صاحت بألم:


- أنا لم أعد أبالي بذلك، أنا أريد...


و سكتت دون أن تنبس ببنت شفه...


احترمت "غدير" صمتها و شردت في خواطرها هي الأخرى...



و انتبهت لشيءٍ ما على الأرض فاحنت جذعها لتلتقطه و هي تقول لندى بخفة:



- ما رأيك أن نغير هذا الجو الكئيب، فالنتسوق اليوم أو نذهب للبحر أو...أو نزور متحف البحرين، أتصدقين لم أرى آثار بلادي قط!!


وضحكت بأريحية و هي تردف:


- أتعلمين سأتعلم السياقة، أجل لا بد لي من ذلك، وسأعود لمقاعد الدراسة، سأذهب للجامعة..


- ....................



ثم أردفت بغموض و كأنها تكلم نفسها:


- سأفعل كل شيء، كل شيء أريده، كل شيء حُرمت منه..


ثم هزت رأسها لتبعد خواطرها و سحبت "ندى" من يدها و هي تخاطبها بمرح:



- حتى السينما إذا شئتِ سأذهبُ معكِ!!



- لقد تغيرتِ كثيراً يا "غدير".. طالعتها بإهتمام.


- أليس هذا أفضل؟!



و عبثت بشعرها الذي باتت أطرافه لا تتجاوز العُنق...



- لم أقصد شعرك القصير، لقد بتّ تشبهين الأولاد..


- و ماذا في ذلك، ليتني ولدتُ صبياً!


- لماذا؟!


- هكذا فقط!! ردت بفتور.


- ..................



- أتعلمين شيئاً سأصبغه أيضاً، أتخالين اللون النحاسي يناسبني؟!



- أجل لكن....



- لكن ماذا؟!


- ................


- لكن أمي لم تُكمل الأربعين، أهذا ما تودين قوله!!



- ......................




أشاحت بوجهها نحو قرص الشمس مُردفةً بخفوت:


- حين ذهبت ماتت "غدير" هي الأخرى، ، لم يعد لها وجود، وأنا لا أريد أن أذكرها، لا أريد...


- أنتِ تهربين من واقعك!!



- سمّه ما شئتِ، أنا لا أبالي.. ردت بإنفعال.



تأملتها "ندى"...


إنها لم ترتد حتى ثوب حداد على والدتها، فقط تكتفي بزيارتها في المقبرة بين الحين و الآخر....


لم تعد تسمع صوت بكاءها في الليل، بل تبقى معم الوقت صامتة، شاردة و قد تنتابها لحظات مرح مفاجأة كاليوم!!



إنها تبالي مهما أنكرت، مهما حاولت أن تصطنع الضحكة على شفتيها....


إنها تحاول أن تهرب فقط، و لكن إلى متى سيطولُ هروبها؟!!



سألتها "ندى" بلين مغيرةً وجهة الحديث:


- لم تقرري أين تريدين أن نذهب؟!


- نزور متحف البحرين. جارتها بإبتسامة صغيرة.


- و ماذا بعد؟!



غرزت أصبعها في خدها مفكرةً، ثم قالت بحماس:



- نذهب إلى الحديقة المائية...



- ثم ماذا؟!



- ثم، ثم نشتري اسكريماً كبيراً، بهذا الحجم، نلتهمه أنا و إياكِ و نحنُ نسير على البحر!!



- ثم ماذا؟! كررت بحماس هي الأخرى.



- بعد ذلك نعود للمنزل..



وضحكت الفتاتان معاً...




- صه، هذا صوتُ والدي يُنادي..


- حسناً سأذهب إليه.



- ناداني أنا و لم يقل "غدير"!! و مدت لها لسانها لتغيظها.



- أعرفك تغارين مني لأن خالي يحبني أكثر منكِ..



- هذا في أحلامك فقط..




و تسابقت الفتاتان و هما تنزلان من على السلم و كل واحدة تحاول شد الأخرى كي تمنعها من الوصل..



- لقد أفسدتِ تسريحة شعري. صاحت "ندى" بإستنكار و هي تُعيد تصفيف شعرها.


- انظري أيضاً ماذا حدث لقميصك!!


- ماذا حدث له؟! سألتها بخوف.



- لقد تمزق من الخلف!!



شهقت "ندى" وهي تستدير و تسحب ذيل القميص لترى..



فاغتنمت "غدير" الفرصة و تجاوزتها و هي تضحك بأنفاس متقطعة...


- أيتها الكاذبة، سأُريكِ...


قاطعتها و هي تستدير لها قليلاً:


- تعالي إن استطعتِ شيئاً...



و اصطدمت بشيء فكادت أن تسقط على الأرض بفعل القصور الذاتي لولا أن أمسكها ذاك الشيء...




أخذت تطالعه مصعوقة و كأن على رأسها....


انتبهت لنفسها فتراجعت للخلف بإرتياع ثم عادت لترتقي السلم من جديد بإضطراب ..



و التقت بندى في منتصف الطريق، خاطبتها بإستغراب:



- لماذا عدتِ؟!


هزّت رأسها ببطء:



- لا شيء، لا شيء...



و أوصدت خلفها الباب، لعل وجيبها يهدأ قليلاً أو يعود لغفوته من جديد!!!



==========





- مبروك يا سيدتي أنتِ حامل!!



و تهاوت على الكرسي بذهول..



ابتسمت لها الطبيبة في وجهها مُعلقةً:



- كم أنا سعيدة من أجلك، أو بالأحرى من أجلكما، سيسعد زوجك كثيراً....


- ........................



- اسمعي منذُ اليوم جميع الأدوية المهدئة التي وصفتها لكِ تمتنعين عنها كلياً، و لا تتناولي أي شيء إلا بعد استشارة الطبيب...


- ......................



- ما بالك صامتة، هل ألجمتك المفاجأة!!



رفعت "شيماء" رأسها بتعب و هي تسألها بصوتٍ منخفض:



- في أيّ شهر؟!


- في الشهر الثاني..



فتحت فمها المرتعش لتصرخ، لكنها أمسكت نفسها بشدة...



أطرقت للأرض و أنفاسها تضيق شيئاً فشيئاً، خاطبتها بإختناق:



- أأنتِ متأكدة؟!



- بالطبع!!



- ربما كنتُ في الشهر الثالث أو الرابع، أو أي شيء، أي شيء!!!




تطلعت لها الطبيبة بإستنكار و قد عقدت حاجبيها:



- يا عزيزتي أنتِ لازلتِ في البداية، أنا متأكدة، كنتِ ستلاحظين ذلك بنفسك...




"ألاحظ!! أنا لم ألاحظ شيئاً، و لم أشرب شيئاً، صدقوني!!"...



عاد صدرها لينقبض من جديد و هي تردف بتقطع:



- أنا لا..لا أريده.


- لا تريدين ماذا؟!


- لا أريد ط..فلاً، أنا لستُ حاملاً، لستُ حاملاً، لا أريد هذا الطفل..


- يبدو أنكِ متعبة، سأنادي "ناصر" من الخارج..


- انتظري!!



صاحت و كأن ذكر اسم زوجها كان كفيلاً بإعادتها إلى صوابها.....


وقفت على قدميها و هي تتلمس وجهها بإرهاق:


- أنا أعتذر، أنا بالفعل متعبة هذه الأيام، لا تخبريه أرجوكِ، سأقول له في البيت، أرجوكِ...



تطلعت لها الطبيبة بشك ثم ما لبثت أن تنهدت:




- لا بأس.


- ..................


- اسمعي يا "شيماء" أنتِ لستِ كأي مريضة تفد إلى هنا، فزوجك قريبٌ لي، لذا إن كان لديكِ أي شيء و تودين إخباري به فكلي آذانٌ صاغية.


- كــ..كلا، ليس لدي شيء أخفيه..



عادت الطبيبة لتتنهد ثم رسمت على وجهها ابتسامة:


- على العموم يمكنك أن تنصرفي الآن، و مبروك مرةً أخرى...



و خرجت من غرفة الكشف دون أن ترد و كأنها تفر من الجحيم....



التفتت على صوتٍ يناديها مقترباً....


- أنا هنا..


- ............


- ماذا قالت لكِ الطبيبة؟!


- لا شيء جديد!!! ردت بعصبية.


- قلتُ لكِ دعينا نسافر لكنكِ لم تقبلي..



- أرجوك أريد أن أعود للبيت، أنا مجهدة..


- حسناً حسناً، اهدأي...




==========




- إلى متى ستبقين هكذا، الشمس حارة جداً..


- ألازال هنا؟!


- إنه مع أبي في غرفة الجلوس..


- أينوي البقاء؟!


- لا أعتقد ذلك، أبي لن يسمح بذلك أبداً..



- أنا لا أريد أن أسبب مشاكل لأحد، و هذا بيته، أنا من ينبغي عليها أن ترحل..



- أجننتي!! ما هذا الكلام، ثم أين ستذهبين، لقد توفيت والدتك رحمها الله، ثم أنا لم أرى معه حقائب، لا بد أنه وضعها في الشقة..


- الشقة!!


و نهضت "غدير" من على الأرض و هي ترمق "ندى" بنظرة ساهمة...


- ماذا بك؟!


- لا شيء..


و سحبت وشاحها لتغطي به شعرها و هي تهم بالنزول...


- أين ستذهبين؟!


- إلى غرفتي!!



وأكملت طريقها بشرود...



==========





أحسبيها جيداً، أحسبيها يا شيماء..


وضغطت بيديها على رأسها بقوة..


شهران، قالت شهران!!!


لقد رحل منذُ شهران...


رحل الشيطان، أليس كذلك؟!!



لم تنظرون لي هكذا؟!



كلا، كلا، ليس كما تظنون!!



هذا طفلي و طفل "ناصر" أتسمعون!!


طفلي أنا!!



سأصبح أماً، سأسمع كلمة "ماما" أخيراً....




إذا كان صبياً سأسميه "خالد"، خالد ناصر!!


أليس جميلاً!!



لا بد أن يلاءم اسم الطفل اسمَ والده!!


و والده ناصر....



ما لكم تحدجوني بهذه النظرة!!



ابتعدوا عني، لا أريد أن أراكم، لا أريد أن أسمع ما تقولونه...


ما تقولونه كذب، زيف، خداع...



أنا لم أشرب شيئاً ولم أذهب لأحد...



وهذا الطفل طفلي، و طفل..ناصر!!!



دعوني أفكر جيداً، آه ماذا كنتُ أقول...


و مررت أناملها المرتجفة لتمسح دموعها الحارة التي بللت وجهها....



أجل، وإذا كانت فتاة سأسميها، سأسميها "نور"، نور ناصر!!


و شهقت و هي تصيح بمرارة:



أنا لا أريده، لا أريدُ أطفالاً...


هذا ليس ابني...


هذا ابن الشيطان!!



========

 
 

 

عرض البوم صور حسين السريعي   رد مع اقتباس
قديم 23-03-07, 06:10 PM   المشاركة رقم: 48
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
امير المسابقات


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5144
المشاركات: 301
الجنس أنثى
معدل التقييم: حسين السريعي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 32

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حسين السريعي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شذى وردة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

[SIZE="5"]

- لستُ جائعة..


- لم تتناولي الغذاء، و حتى العشاء ترفضينه، ستحبسين نفسك من أجله!!


- ليس بسببه، قلتُ لكِ لستُ جائعة.. صاحت بضيق.


- لا بد أن تتعودي على رؤيته، أنتما من دمٍ واحد و لن يفتأ أن يأتي إلى هنا..


- أنا لا يربطني به شيء، ما بينننا انتهى، أفهمتي!!



وأشاحت وجهها للجانب الآخر بغصة...


اقتربت منها "ندى" و هي تضع يدها على كتفها فالتفتت لها بحزن..



- لماذا عاد؟!


- كان لا بد أن يعود يوماً.


- لم يذكرني، صح؟!


- ..................


أطرقت و هي تسألها بألم:



- أهو بخير؟!


- أجل بخير...


- لقد تغير كثيراً..


- كما تغيرتِ أنتِ!!



أبعدت الوسادة عن حجرها و هي تنهض من على الفراش بإختناق...


- سأخرج قليلاً..


- لازال هنا..


- و منذُ متى غادر "هنا"!!



و خرجت من الغرفة...


قدماها تقوداها هناك، حيثُ ترن ضحكته عالية حول المكان...


تضحك!!


لطالما كنت قاسياً يا "عمر"، في كل شيء...


نساني، "عمر" نساني....


غبية!!!


و أنى له أن يذكر مثلك!! أنسيتِ ما أنتِ بالنسبة له!!


لا شيء، أقل من اللاشيء، هذا ما قاله لكِ!!!


ولكن أهذا ما كنتِ تصبين إليه؟!



أن ينساكِ...كي يعيش، لا تنكري ذلك؟!


أجل، لكن....



لكن ماذا؟!


لم أتخيل قط أن ينساني بهذه السرعة، أن يهمشني من عالمه...



وأرادت أن تعود إلى حيثُ كانت لكنها سمعت صوت خالها بالخارج فأجبرت قدميها على الدخول إلى أقرب مكان....


استندت خلف الباب و هي تغمضُ عينيها بقوة...



سيخرج الآن، سيذهب كما كان يذهب دوماً...


لماذا عدت؟!


لم جعلتني أراك...


كنتُ قد بدأت أتعايش مع طيفك، مع ذكراك...


و تنهدت بقوة و هي تسير بلا هدف في المطبخ..


أشعلت الموقد بشرود و وضعت إبريق الماء...


أخذ الماء يغلي بفوران و هي تتأمل فقاعاته التي تطفو على السطح كل حين..


وضعت ملعقتان من القهوة السوداء فهدأت ثائرة الماء و عاد لاستقراره!!


ليتني مثله!!


سكبت السائل الحار في الكوب و هي تديره بلا شعور...



ارتشفت منه قليلاً في سيرها علّ لذعتها تخفف من المرارة التي تلسع جوفها بلا هوادة...


و قبل أن تلج إلى الداخل، أعادت رسم الابتسامة المتقنة على شفتيها و هي تفتح الباب بيدها الأخرى بحذر...




و شمت رائحة عطرٍ مميزة فاهتزّ الكوب من يدها و سكنت دون أن ترفع رأسها...



ها هي قطرات من السائل تتخلل أصابعها، تلسع جلدها لكنها لا تتذمر، لا تشتكي....


أكان هنا منذُ هنيهة أم لازال!!!


أم أنّ حواسها من شُبه لها ذلك!!



رفعت بصرها ببطء....




ها هي صورته تنطبع في مقلتيها و تنعكس هناك، بين الضلوع...



كان واقفاً بجوار المنضدة بقامته الرفيعة و منكبيه العريضين يرمقها هو الآخر و لكن بثبات..




عاد الكوب ليهتز، ليرتجف بعنف كدقات قلبها المجنونة...


- خذيه من يدها!!


ما تراه إذن حقيقة، و صوته البارد يشهد على ذلك!!


تناولته "ندى" من يدها برفق، في عينيها هي الأخرى غموض، شيء لم تفهمه..


الصوت البارد ينطلق من جديد بصوتٍ آمر:


- "ندى" اتركينا قليلاً..


- لكن...


- بإمكانك أن تتركي الباب مفتوحاً.. علّق بتهكم.


- أنا لن أبقى.. صاحت بصوتٍ مبحوح.


و خيل لها أنه لم يسمع، فكررت و صدرها يعلو و يهبط بإضطراب:


- أنا لن أبقى..


واستدارت بسرعة و يدها تمسك إكرة الباب:


- انتظري!! صاح بغضب.


و تجمدت في مكانها دون أن تلتفت له..


سمعت خطواته الثقيلة تقترب منها فارتعدت في وقفتها...


وضع يده على الباب و هو يخاطبها بجفاء:


- تريدين أن يظل الباب مفتوحاً أم مقفلاً!!



ابتعدت عنه بتعثر و هي تصيح بتقطع:



- ماذا..ماذا تريد؟!


- لا أخالك تريدينهم أن يعرفوا!! أجاب بقسوة و هو يشير لشقيقته.


- ....................


ثم التفت لتلك الأخيرة و هو يومىء لها:


- أتسمحين؟!


تطلعت إلى "غدير" كأنها تنتظر منها الإجابة...



مست كتفها و هي تسألها:


- أتريدين شيئاً!!


هزت رأسها بلا شعور و كأنها لا تستمع لأحد...


و انصرفت تاركةً الباب مفتوحاً على مصراعيه...


خيم الصمت بينهما، كانت تفر بنظراتها الشاردة في كل مكان إلاه!!!


ماذا يريد ها؟!


أن يلقي علي كلمات أخرى نسيها المرة السابقة!!


كلا، لن أسمح له، لا أريدُ مزيداً من الكوابيس..


لا مجال للتراخي الآن، لا وقت للجبن، للخوف...


لقد بتِ سيدة نفسك يا "غدير"، أنتِ فقط لا الغير...


ميزة جديدة للمطلقة!!


أتاها صوته بعد طولِ صمت، ساخراً، فظاً:


- كيف حالك؟!


رفعت رأسها المُطرق بتحدي....



كان بصره مصوباً نحوها بتمعن، مُحيطاً بحنايا وجهها الشاحب...


- كما تراني...


وانقلبت سحنته فجأة، قال بصوتٍ كظيم:


- ماذا فعلتِ بنفسك، تبدين...!!


و صمت وكأنه يكابد شيئاً رابضاً على صدره...


تطلعت إلى عينيه بإستفهام علّها تستشف مغزى حديثه...


ماذا يقصد؟! أتراه يعني شعرها الذي رآه في الصباح دون وشاح!! أم ماذا؟!!!



ردت بصوتٍ جاهدت ليظلّ ثابتاً:


- أنا حرة و أفعل ما بدا لي!!


- حرّة!! منذُ متى هذا الكلام؟! علق بإزدراء..


قالت ببطء و هي تصرُّ على كلماتها متجاهلةً نبرته:


- منذ الأمس واليوم و غداً..


- يبدو أن غيابي أثر على عقلك!! و ابتسم بإستهزاء..


- إذا انهيت كلامك انصرف، لديّ كثير من الأمور لا بد أن أُنهيها..


أمسكها من ذراعها على حين غرة...


- يلزمني أكثر من وقحة مثلك كي تملي علي تصرفاتي..


صاحت بإنفعال:


- ابعد يدك عني، أجننت!!


- لماذا؟!


ردت بأنفاسٍ متهدجة:


- أنت... طلقتني!!


- آه نسيت، لكم أنسى أنا ذلك!! و قست ملامحه.


ثم أردف و هو يخاطبها بصوتٍ منخفض:



- شيء جيد فعلاً أن تعرفي الحلال من الحرام!!!!


- ........................


شدّ عليها بقوة و هو يصيح:



- ألم يكن ما فعلته حراماً يا زوجتي المصون!!



نزعت يدها منه بصعوبة و هي تطالعه بمرارة، بألمٍ ارتسم بحدة على محياها...


أمسكتها بيدها الأخرى و هي تطرق للأرض بشجن...


إنه لا يفتأ أن يُلقي عليها الكلمات...


ليست كأي كلمات، إنها رصاصات، رصاصات سرعان ما تنفذ إلى القلب و تدمي روحها...


لم لا تكف عن تعذيبي...


قال بعد برهة و هو ينظر لها بثبات:


- ثم يبدو أنكِ لا تعرفين!!

- ....................


- أنتِ لا زلتِ في فترة "العدة"..


شيء ما في نبرته جعلتها ترفع رأسها بسرعة، بخوف، بحذرٍ شديد...


- وماذا في ذلك؟! سألته بإضطراب.


- أستطيعُ إرجاعك متى شئت..



تراجعت إلى الوراء و هي تصيح بإرتياع:


- أنا لم أسمع بذلك من قبل، أنت تكذب..


- ما الكاذب إلا أنتِ أيتها الــ...


و سكت فجأة، لكنها لم تصمت بل استمرت في صياحها:



- أجل أنا حقيرة، قذرة كما تريد أن تقول، لم تريد إرجاعي إذن؟!


أجاب بقسوةٍ لاذعة:


- و لازلتِ كذلك بالنسبة لي، و لكن من نعرفه أفضل ممن لا نعرفه، أليس كذلك!!!


طفرت الدموع من عينيها بحرارة و هي تهزُّ رأسها دون تصديق:


- لن أن أعود إليك..


- لم أطلب رأيك، أتفهمين!!


- سأقتل نفسي إن حاولت أن تردني، أتسمع سأقتل نفسي..



- كان من الواجب أن تقتلي نفسك منذُ زمن و ليس الآن يا عزيزتي!!


- أنا أكرهك، لا أريدك، لا أريدك، لا أحد سيجبرني على الرجوع إليك..



- ستعودين رغماً عنكِ و في الوقت الذي أريد..



لم يتبقى إلا ورقة واحدة، حوافها كنصل السكين، لا يهم إن كانت الورقة الرابحة أم الخاسرة، لا مجال الآن للاختيار و التفكير!!


أخذ صدرها يعلو و يهبط بتثاقل و هي تحاول جر الكلمات لتخرج من ضلوعها، من جوفها المحتقن....


قالت بصوتٍ يرتجف:


- لن أعود إليك، ذاك..ذاك كان يعاملني أفضل منك!!




واستقرت صفعة قوية على خدها كادت تطيحها أرضاً...


لكنها لم تصرخ ولم تبكي، بل وضعت يدها على خدها و هي تعضُّ على شفتيها المرتعشتين بقوة....



أمسكها من زندها بقسوة و هو يديرها لتواجه، لكنها تمتنع عن النظر إليه و جسدها لا يكف عن الاهتزاز...


صرخ في وجهها:


- إياكِ أن تعيدي لي مثل هذا الحديث، إياكِ..


- .......................


- أنا لا أعلم ماذا تنوين أن أفعل بك بكلامك هذا، أن أسحقك مثلاً، ألا أبقيك حيّة!!


- .........................


صاح و هي تزداد انكماشاً:


- ماذا أفعل بكُ كي أشفي غليلي، أجيبي!!!


- ...........................


و مدّ يده إلى وجهها فأشاحته بإرتياع، لكنه أجبرها على النظر نحوه....


نظر إلى خدها المعلّم بأصابعه و هو يخاطبها بصوتٍ غائب:


- لم تضطريني إلى فعل أشياء أمقتها و أكره نفسي بسببها..


ثم أردف صارخاً:


- لم كلما حاولتُ نسيانك تراءيتِ لي..


- ..................


- أنتِ.....


وأفلتها دون أن يُكمل!!


و لم تتوقف هي عن النحيب!!



==========



لا ، كلا، كلا...


و مدت يدها إلى صدغها و هي تلهث...


إنها تشعر بالإختناق، بالضيق، لم تعد تنام مطلقاً، مطلقاً...


الجو هنا حار جداً رغم أزيز المكيف المزعج...


مسحت وجهها المبلل بكم ثوبها...


إنها لا تعلم ما مصدره، كيف تتصببُ عرقاً هكذا....


أنهضت نفسها بصعوبة و هي تشعر بجفاف حاد في حلقها...


سارت حتى المنضدة و أمسكت بزجاجة المياه المعدنية....


رفعتها إلى أعلى و هي تراقب صورتها المنعكسة في المرآة المستديرة....



أسقطت الزجاجة من يدها فجأة و هي تستدير نحو الفراش بذعر...


أخذت تتطلع إلى الراقد بهلع و دقات قلبها في إزدياد...


و كأنه أحسّ بعينين ترصدانه، فتحرك بضيق و بان وجهه...


أسندت جسدها على حافة المنضدة و هي تتنهد بوهن...


يا إلهي ماذا جرى لي!!


مررت أناملها الواهنة على جبينها و هي تنظر لزوجها...


و تذكرت الزجاجة فأخذت تفتش عنها رغم بعينين غائمتين....



ووجدتها!!!



كان الماء قد سال من فوهة الزجاجة دفعةً واحدة...


ضغطت على بطنها بألم و هي تراقب آخر قطرة وجدت طريقها لتلامس سطح الأرض...


هزت رأسها ببطء و هي تخاطب نفسها بإختناق:


أنا لا أريد أن أشرب شيئاً، لا أريد...


لا أعلم ماذا وضع فيه الشيطان!!


قلتُ لكم ابتعدوا عني!!


لا أريدُ شيئاً منكم، لا أريد....



============



فتح الباب الذي أحدث صريراً مرتفعاً منذُ أن لامسه....


كان المكان غارقاً في لجةٍ لا متناهية من الظلمات...


فكّ ربطة عنقه بضيق دون أن يبحث عن زر الإنارة...


و ألقى بنفسه على أقرب أريكة مغمضاً عينيه بتعب...




لمَ ذهبت رغم علمك بوجودها هناك؟!


لتشقي نفسك، لتعذبها كما تعذّبت طوال الشهرين المنصرمين...


كيف لم تمسك نفسك أمامها، تناسيت كل شيء بمجرد رؤيتها فقط...



و ماذا كنت ستقولُ لها حين رأيتها للوهلة الأولى!!


تبدين فاتنة رغم نحولك، رغم قصة شعرك الصبيانية!!



و ماذا أيضاً، اعترف!!


كنتُ سأقول:


اشتقتُ لكِ كثيراً، كثيراً أيتها الحبيبة الخائنة!!!



ما كان عليّ أن أذهب البتة، لكن أنى لهذا القلب الأحمق أن يستجيب للعقل...


أنهُ لا ينصاع لما آمره به، يأبى إلا أن يسيرني و يراها....


ما أقسى مرآها، ما أقساه....



ما هذا!!


رفع يده بدهشة و هو يحدق في قطرةٍ غادرة فرّت رغماً عنه...


دموع!!


أأنا أبكي؟!


أنا "عمر" أبكي؟!


ومن أجل من؟!


من أجل خائنة، كاذبة، بلا أخلاق!!!


تلك التي أودّ خنقها و عناقها في وقتٍ واحد!!!


و نهض من مكانه بضيق علّ الأفكار تبتعد عنه، تهاجر بعيداً، بعيداً و تريحه....


دخل غرفته، كانت هي الأخرى غارقة في الظلام....


تلمس طريقه إلى خزانته، و أخذ يفتش عن ولاعته القديمة بعمر 10 سنين، منذُ أن قطع هذه العادة السيئة!!


لكن الأيام لا تبقي أحداً على حاله، و هو بأمس الحاجة لأن يدخن، علّ دخانها يهدأه أو يصمته!!


و وجدها، وجد ولاعته الذهبية لكن يا للسخرية!!




كانت علبة السجائر قد نفذت!!


جعد العلبة بيديه لكأنه يصبُّ جام غضبه عليها....


ثم عاد ليفتش من جديد، عمّاذا؟!


كان هو لا يدري!!


ربما يجد سجارة مخبئة بعمر ولاعته..


مستحيل؟!!


صدقوني لا يوجد شيء اسمه مستحيل...
و أمسك بشيءٍ ما، ناعم الملمس....




شمــــــعة!!!


و ابتسم بتهكم....


قالت لي: خذها و تمنى أي شيء و سيتحقق!!


و صدقتها، صدقتُ تلك الكاذبة، ولم يتحقق أي شيء....


أتريدين أن تعرفي ماذا تمنيت؟!


تمنيت أن تكوني لي....


أن تحبيني كما أهيمُ بكِ عشقاً...


ما كان علي أن أصدق مثلك!!!


أجيبيني هل أنارت قلبك، هل أشعلته، أم أن اللهيب لم يعرف طريقه إلا إلي؟!!


قولي لي أيتها الخائنة!!!


صه، صه، صه، أبتّ تخاطب الشموع أنت الآخر، أجننت؟!!


إنها لم توجد إلا لتحترق، لتضيء المكان ثم تُلقى في أسفل سافلين كصاحبتها الكاذبة!!!



و أخرج ولاعته....

أشعلها هي بدلاً من السجارة....



تراقص اللهب بإستحياء فوق تلك الذُبالة...


و قد بدد نورها الخافت شيئاً من ظلمة المكان...


اللهب يهتز مع حركة الجسد، يتناغم معه في رقصةٍ سرمدية....


خرج من حجرته و قبل أن يتجاوزها التفت نحو الجانب الآخر...


الصور لا تلبث أن تومض و تنطفئ كبروق سماوية....


في طياتها صور الأمس، كل الأمس...


دفع الباب ببطء لكأنه لا يريد أن يُجفل من بالداخل أو ربما كي يمني نفسه!!!


بأنها لازالت هنا، لازالت تختبأ عنه...


وانفتح الباب على مصراعيه...


لم تكن هناك!!!


لا وجود لها...


أنسيت، لم تعد تعيش معك، لن ترى وجهها من جديد، لن تسمع صوتها...


كنت تكذب عليها أنت الآخر...


أنت لن تعيدها إلى عصمتك أبداً!!


أتقوى على الموت في اليوم ألف مرّة!!!


كانت حُجة، مجرد حجة لتملأ عينيك بها، و ليُناغي صوتها أذناك للمرة الأخيرة فقط..


و جال ببصره المتعب حول المكان...


ثيابها متناثرة في كل زاوية بإهمال...


لم تأخذ شيئاً...


إنها تأبى إلا أن تذكره بها...


أنها تعذبه في وجودها و غيابها...


أجيبوني كيف أنساها بالله عليكم، كيف!!!


و اقترب نحو السرير الخالي و هو يضع الشمــــــعة بجوار "الأباجورة"....


و أحسّ بشيٍ صلب!!!
[/SIZE00
0
0
0
01
0
0
0
0
0
0
0
0
0
بإذن الله تعالى بكرة بنزل الجزء الأخير
0000

 
 

 

عرض البوم صور حسين السريعي   رد مع اقتباس
قديم 23-03-07, 07:22 PM   المشاركة رقم: 49
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5027
المشاركات: 343
الجنس أنثى
معدل التقييم: ورده قايين عضو على طريق الابداعورده قايين عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 173

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ورده قايين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شذى وردة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

بصراحه روعه وانا لازلت في منتصف القصه واحس ان تفكيري طوال اليوم مع احداثها وابطالها اشكرك حسين السريعي على هذه القصه الرائعه

 
 

 

عرض البوم صور ورده قايين   رد مع اقتباس
قديم 24-03-07, 04:47 PM   المشاركة رقم: 50
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
امير المسابقات


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5144
المشاركات: 301
الجنس أنثى
معدل التقييم: حسين السريعي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 32

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حسين السريعي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شذى وردة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 


"الجــــــزء الأخيــــــــــــر"





وضعت يدها المرتعشة على خدها للمرة العاشرة على التوالي و هي تطالع الفراغ بعينين لا تريان...


كل ما تراهُ يبدو مظلماً، باهتاً، كأن غشاوةً سقطت عليه فجأة!!


ما حدث كان سراب، وهم، خدعة بصر ليس إلا!!


و تلكأ بصرها الذاهل على الباب حيثُ خرج الأخير...


بلى كان هنا، كان هنا و أصابعه القاسية تشهدُ على ذلك!!


و تسللت دمعة حارة انسابت بعمق على حنايا وجهها المبلل علها تلطفه، تطفىء شيئاً من لهيبه...


ماذا تريدُ مني!!


أجبني بالله عليك، أجبني!!



ألم يكفك ما فعلته بي!!



ألم تكفك الاهانات، ألم يكفك كل العذاب الذي أذقتني إياه!!!


ماذا تريد؟!


أن أعود إليك من جديد!!


لن أعود أتسمع، لن أعود و لوعلى جثتي!!


تريد أن تذلني، أن تُحيل أيامي الفانية إلى جحيم...


لا لن أسمح لك، لن أسمح بأن تطعني، لن أرضى بالهوان!!!


تخالني لا أعرفك أيها القاسي...


لن تفتأ أن تردد علي الكلمات، ستلقيها على مسمعي و سترحل بعدها كما ترحل دوماً و سأبقى أنا أتجرع مرارتها لوحدي ويظل الجرح مفتوحاً، معرضاً للصديد كل حين...


اخرج من حياتي، دعني أعش بسلام....


أنا لستُ بحاجة لأحد، أتخالني سأموتُ بدونك!!!



أنت واهم، إن لم أنسك اليوم سأقتلعك من قلبي غداً!!


إنها مسألة وقت يا "عمر" أتسمع، سأنساك...


سأعيش لنفسي فقط، لن أبالي بك أو بغيرك...


ارحل و لا تُريني وجهك مرةً أخرى...


لا شيء بيننا الآن، كل شيء انتهى، بل كان منتهياً منذُ سنين!!


ما فات مات، لم يبقى شيء، لم يبقى شيء...



و اتجهت بتعب لدرج خزانتها، تناولت مفتاحاً فضياً كانت قد خبأته للذكرى، للذكرى فقط!!



قبضت عليه بأناملها الرخوة و عاد الضباب لينتشر حول المكان!!




==========



كانت ضامة يديها إلى حجرها و رأسها مائلٌ نحو الجدار....


- شيماء، شيماء!! هزها برفق.


- ....................


- ماذا تفعلين هنا؟! كيف تنامين على الأرض!!



فتحت عينيها الصغيرتين بإجهاد، أخذت تطالع الوجه القلق دون استيعاب...


همست:


- ناصر!!


- أجل ناصر..



وابتسمت حينها ابتسامةً صغيرة واهنة...


عقد حاجبيه و هو يسألها بخفوت:


- كيف وصلتي إلى هنا؟!


- كنتُ عطشى و بحثت عن ماء..


وغابت ابتسامتها ليحل محله ألم قبض على أحشاءها..


أردفت بصوتٍ مخنوق:


- لا أدري كيف نمتُ هنا دون أن أدري..



صمت برهة و هو يتأملها بإهتمام ثم قال:


- تبدين مجهدة هيا لترتاحي على فراشك..


- أنا مرتاحة هكذا.. ردت بضعف.


- لم يكن النوم على الأرض مريحاً قط!!



و ساعدها عى النهوض مُسنداً إياها بذراعيه....



علّق مازحاً و هو يدثرها:


- لقد أصبحتِ ثقيلة.



شحب وجهها فجأة و تقلص محياها و هي تنظر له بخوف...



- ليس بي شيء، هذا...هذا من تأثير الأكل..


- أنتِ بالكاد تأكلين!! علّق بعبوس.


- قلتُ لك ليس بي شيء. صاحت و هي تتلفت حولها بجزع.


نظر إليها دهشاً لمدة طويلة، ثم ردّ بخفوت:


- ماذا بك كنتُ أمزح ليس إلا!!


هدأت ثائرتها قليلاً و هي تنكس رأسها...



خاطبتهُ بصوتٍ حزين و هي تبحث عن يده:


- أرجوك لا تمزح معي، أعصابي متعبة...


ضغط على يدها بحنو:


- أنا آسف..


و وضع يدهُ الأخرى على صدره بطريقة مسرحية مُردفاً:


- لن أكررها من جديد يا سيدتي الصغيرة ..


عادت لتبتسم في وجهه ابتسامتها الواهنة الصغيرة...



و غاب عن ناظرها وهو يشيعها ذاهباً إلى عمله...


أغمضت عينيها وعشرات الخواطر تتزاحم في مخيلتها، كلها يتداخل، يتسابق لكن أيهما انتصر!!


لا أدري!!!


ناصر!!



سامحني فقط، سامحني....

و غاب عن ناظرها وهو يشيعها ذاهباً إلى عمله...


أغمضت عينيها وعشرات الخواطر تتزاحم في مخيلتها، كلها يتداخل، يتسابق لكن أيهما سبق!!


لا أدري!!!


=========

 
 

 

عرض البوم صور حسين السريعي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 09:10 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية