كاتب الموضوع :
^RAYAHEEN^
المنتدى :
القصص المكتمله
الفصل العاشر و الحادي عشر
قضت سهام ثلاثة ايام وهي حبيسة غرفتها تبكي الم الحب والذكريات تحبس نفسها على غير العادة ، لا تحب الخروج ولا ان تواجه الأيام التي ستذكرها بلحظاتها المؤلمة تهرب من الواقع وتختبئ في قوقعة غرفتها الموحشة ظلام وهدوء يأخذها الى الآخرة التي تشعر بدبيبها تتمناها ولا تستطيع الوصول اليها لكنها تشعر بمرارة الوداع والوحدة التي تقتلها بالعذاب والألم لا تحب مواجهة اين كان من اهلها الذين شعروا واحسوا فيها .
كانت اختها احلام تتردد عليها خلال هذه الفترة وتحاول التقرب اليها لمعرفة سبب هذه العزلة .. حاولت سهام اخفاء مشاعرها وحكايتها عن اختها لكنها لم تستطيع مواصلة الكتمان فانفجرت في البكاء امام اختها في مساء الليلة الثالثة واعترفت لها بكل شي مما جعل احلام تتعاطف معها محاولة تهدئتها واتفقت معها للذهاب الى الطبيب في اليوم التالي حتى تأخذ علاج مهدئ يحد من قلقها وتوترها الذي تعيشه .
وفي صباح اليوم الرابع تذهب سهام واختها الى المستوصف القريب الذي قام الطبيب بتحويلها الى عيادة الطب النفسي بعد ان سمع اختصار الموضوع سبب الحالة ثم انتقلتا الأختان الى الطب النفسي فدخلتا عند الطبيب الذي شرحت له احلام حالة اختها فطلب الطبيب منها الخروج ثم طلب من سهام الاستلقاء على السرير بجوار مكتبه في الغرفة وامرها ان ترخي اعصابها وجسدها وان تأخذ نفسا عميقا ثم زفيرا طويلا وهكذا اخذ يعطيها الإيحاء بالهدوء وعدم التفكير بالامور المزعجة وان الحياة جميلة لا تقف عند حد والحب جميل ان تعيشه وتجربه وان فشل فلتحاول مرة اخرى ولا بد من التجربة فهناك اناس طيبون يعشقون الحية تجمعهم الكلمة الصادقة الطيبة .. ثم اعطاها بعضا من الحبوب المهدئة توالى ذلك زيارات سهام المتكررة الى عيادة الطبيب الذي اعاد لها الثقة والثبات والحب للحياة من جديد فأصبحت تأخذ علاجها يوميا بنسبة بسيطة حتى تشعر انها تحسنت فتستغني عنه وتتركه كما قال لها الطبيب فعادت الى ايامها التي تحسبها جميلة واخذت تتعرف على الاصدقاء من الرجال كلما كان هناك منتدى او معرض يضم نخبة من المثقفين . انها تشعر بسعادة كلما زادت ارقام الهواتف في اجندتها الخاصة وتمر بعض من الشهور فتعود ثقتها الكاملة احتكت بها مع الرجال .. لكنها كانت تشعر دائما ان هناك شيء ينقصها في الحياة التي تعيشها بالطول والعرض تلك الحرية التي باتت مملة ليس بها اي لذة . وفي احدى زياراتها لصديقتها بدرية اخبرتها بذلك فاشارت عليها بان تبحث عن رجل شريف صادق وترتبط به دون الخوض في مغامرة وهذا ما استحسنته سهام فبدأت تفكر من جديد الى ان الموضوع بات في قلبها .. وتمر الأيام والشهور الى ذلك اليوم الذي اعلن فيه عن افتتاح معرض للمفروشات الجديدة في احدى صالات العرض .
سمعت سهام هذا الخبر من الإذاعة في نفس اليوم من جهاز الراديو الصغير الذي تحمله معها في الطريق وهي تمارس رياضة المشي فبعد ان انتهت من رياضتها وقت العصر ذهبت الى ذلك المعرض تتجول في طرقاته تنظر هنا وهناك الى ان شاهدت ذلك الرجل الأنيق يتجول في المعرض يخطو بخطوات متثاقلة ينظر الى كل ركن ليرى كل ما يه بنظرات سريعة شاردة فاقتربت منه وقالت :
ـ مساء الخير يا اخي .
تبسم الرجل
ـ اهلا مساء الخير
ـ هل انت يا اخي مشارك في هذا المعرض .. اجابها نعم ..؟
فطلبت منه ان يشرح لا عن المعرض بكل محتوياته اذا لم يكن عنده مانع فاستجاب لطلبها بكل حب واحترام فأخذا يتجولان في المعرض وهو يشرح لها كلما سألته عن شيء ومضى الوقت حتى انتهاء الوقت المسموح ثم خرجا اخر الناس وعند الباب .. شكرته .. فأعطاها كرته وطلب منها ان يسمع صوتها ..
وقف الرجل ينظر اليها الى ان ركبت سيارتها التي لم تدور لسبب عطل فخرجت من سيارتها لا تدري ماذا تفعل تنظر الى اخر الناس محاولة الاستعانة بأحد فانطلق اليها ابو احمد وهو يبتسم وساعدها الى ان دار محرك السيارة فاتبعها بسيارها لبضع دقائق بالشارع العام ثم افترق الإثنان . وبعد عدة ايام اتصلت سهام في عبدالوهاب الذي تعرف عليها مباشرة من لكنة صوتها المميز تسأله عن بعض الأماكن التي تود زياتها ثم توالت الإتصالات المتفرقة المتزامنة حتى بدأت تلتقي معه وتأخذه معها الى المنتديات والمعارض ولما اقتربت منه اكثر وبدا يميل اليها اصبحا يتقابلان بالفنادق وعلى الشاطئ يدور بينهما النقاش العام بالأمور الحياتية الاجتماعية الى ان زادت تلك اللقاءات فقالت سهام :
ـ يا عبدالوهاب ما هو رأيك .
ـ فقال : على ماذا ؟
ـ على علاقتنا معا .
ـ ما بها عسى ان يكون خير .
ـ انا لا احب الخروج واللقاء الخاص مع رجل لا اعرف مصيري معه فأنا جادة وقد اعجبتني شخصيتك لكن احب ان اعرف هل انت تبادلني هذا الشعور .
نظر اليها بتمعن لاول مرة فقال :
ـ لقد اعجبني كلامك .. اشعر انك صادقة فيما تقولين لكن لا يمنع اولا ان افكر واراجع نفسي .. نعم انت جميلة جدا وقوامك يعجبني وفكرك كذلك لكنك حتى الآن لا تعرفين عن حياتي اي شيء سوى اني مطلق فقط .. ان الأمر يحتاج رؤية بعض الشيء دعينا نلتقي بالغد لنضع النقط على الحروف .
واتفقا الاثنان على اللقاء في اليوم التالي بعد ان يدرس كل منهما الموضوع .
قضت سهام ليلتها سعيدة وهي تفكر في عبدالوهاب ذلك الرجل النائج المثقف الميسور الحال .. العصامي الذي بنى نفسه بنفسه .
سهرت ليلتها تحاكي نفسها وترسم طريق جديد لحياها القادمة بالعقل وليس بالعواطف .. فها قد وجدت اخيرا ضالتها المنشودة رجل ناضج صاحب تجربة .
التقيا الاثنان على الموعد في فندق في الكفي شوب وبعد السلام والغزل خرج الاثنان معا بسيارة واحدة لاول مرة واتجها الى منزل عبدالوهاب ذلك بعد ان اقنعها عبدالوهاب للذهاب لمنزله حتى ترى بعينيها حقيقته كيف يعيش مع ولديه الاثنان .
كان هذا اتفاقه قبل ان يحسم الامر معها .. دخلا المنزل وهناك رات سهام كل شيء بوضوح ثم اتفقا على الوفاء والحب .
دارت الأيام فكان لقائهما في المنزل واقتربا من بعض اكثر واكثر بعد ان تعرف كل منهما ادق التفاصيل الا ما ارادا اخفائه في بعض الامور الحساسة جدا ( ويبقى شيء للذاكرة الخاصة ) كانت حياة سهام سعيدة جدا مع عبدالوهاب الذي كان مستمع جيد لخطبها ومفاهيمها الحياتية او في النصائح والارشادات التي تقولها له وما يسده ايضا وجود مثل هذه الانسانة في حياته وهي التي اصبحت تقضي طول الاسبوع في منزله مع ابنائه ابتداء من الصباح الى ساعات متأخرة من الليل ثم تعود الى منزلها .. اصبحت زوجة لا ينقصها الا ورقة العقد الشرعية ( زوجة مع وقف التنفيذ ) وتمر الشهور ويحاول عبدالوهاب الاتفاق معها على الزواج الرسمي لكن هي الآن التي تراوغ وتختلق الأعذار قائلة :
ـ اريد ان اعرفك اكثر واكثر .. وهذا ما يجعله يتعجب فيقول :
ـ يا سهام انا اعرفك جيدا وانت كذلك وانا ر اضي بك وفي عيوبك التي تعرفينها ولو كان هناك رجل غيري وفي مكاني لا يقبل الارتباط بك فترد عليه وهي تضحك .
ـ انا جميلة في الثامنة والعشرين ناضجة خريجة ، الكل يتمنى الارتباط في جمالي ثم تضحك وتضحك .
عبدالوهاب : وهل تضنين ان هذا يكفي حتى يرتبط بك رجل شريف يحترم الحياة ويحب العشرة لحياة هادئة جميلة .. لا يا حبيبتي انت لا تعرفين الطبخ وحتى البيض المسلوق تجهلينه انك رغم جمالك مغرورة في افكارك المدمرة مثل مصادقة ا لرجال واملاء اجندتك بأرقام هواتفهم واللقاء معهم وسهام تنظر اليه في غضب .
كم من مرة قت لك انهم لا يعنون لي اي شيء بل احتفظ بأرقام هواتفهم للحاجة في قضاء اي مصلحة .. ينظري اليها عبدالوهاب وهو غاضب .
ـ اين اجندتك هل قطعتيها كم مرة امرتك وهل تركتي هذا النوع من الصداقات كما طلبت منك .. ام ما زلتي ايتها الجبانة .. ثم يحاول عبدالوهاب الهجوم على حقيبة يدها للبحث عن الأجندة مما يجعلها تغضب فتأخذ حقيبتها وتهم بالخروج وهي تقول :
ـ انت دائما هكذا تجعلني انفر منك .. اني ذاهبة ..
عبدالوهاب : طبعا فليس لديك الشجاعة لمواجهة الموقف او الاعتراف باعمالك الخاطئة .. انت .. هـ هـ هـ .. الا تسمعين تخرج سهام من المنزل وهي غاضبة وتغيب عدة ايام دون اتصال ثم تعود بعد ذلك ..
لقد تعود عبدالوهاب على مثل هذه المواقف لكنه يحبها حبا حقيقيا وهي تعرف ذلك لهذا تتمادى في تصرفاتها الهوجاء لانها تريد ان ترغمه وتروضه على كل ما تريد او تحب ان تفعله .. تعترف سهام مع نفسا في كل ذلك فتقول لقد حاول الرضوخ لكل تصرفاتي لكنه لم يستطيع لانه رجل صاحب قرارات صارمة وهو عصبي في ذلك وانا كذلك مثله اتمسك بآرائي ولا اتراجع فيها وهذا ما جعلني احترس من ابداء موافقتي على الزواج منه خوفا من الطلاق فاصبح بعدها مطلقة .
استمرت المعاندة من سهام لمطالب عبدالوهاب البسيطة والالتزام بانوثتها كونها امرأة مسلمة من بيئة محافظة الى انها لم ترضخ له ولم ترغب بأفكاره مما جعل الشجار بينهما يتكرر على نفس المواضيع فمثلا حين يقول لا تذهبي الى اي مكان قبل اخباري وحاولي تعلم الطبخ واتركي التعرف على الرجال في المنتديات او في المعارض انت لست بحاجة الى المنتديات حيث اصدقائك الرجال هناك .. اريدك ان تنسي الماضي وتبدئي حياتك الجديدة كاملة معي .. كل هذه الامور لم تعجبها .
وهذا ما جعل فجوة كبيرة تنشأ بينهما فتباعد الاثنان عن بعض من غير مقدمات اصبحت سهام المهووسة بحبه لا تأتي لمنزله بالأسابيع التي كان يعد ايامها فهو لا يستطيع مكالمتها بسبب رفضها استعمال الهاتف الجوال وكم من مرة سابقة يقترح بشراء هاتف جوال لها فترفض وتقول لا احب احدا من اهلي يعرف فيقوم بالاتصال لامستمر ليتابع تحركاتي .
اخذ عبدالوهاب يراجع حياته وظروفه ويسأل اصدقائه المقربين الذين اشاروا عليه ان يتركها لانها غير جديرة بالمسؤولية لكنه يحبها بل يعشقها ولا يستطيع الاستغناء عنها كان صادق معها حتى النهاية التي كانت في ذلك اليوم الذي زارته فيه بعد ان انقطعت عشرون يوما .
|