- الجزء الثامن -
[ 8 – يوم مختلف ]
" والله العظيم ما كنت أدري .. وش تبين أزود من ها لحلف ؟ "
أجابتني بحده وغضب :
" للأسف يا عمه كنت متخيلتكـ كبيره وفاهمه , وتفكيركـ فوق ها لحركات "
أمل : " لمى وش ها لكلام ؟ أنتي فاهمه زين أني مستحيل أسوي كذا "
قاطعتني بغضب وصراخ , مشددة على أحرف جملتها:
" كـ ــــنــ ــت فـــــاهمه , لكن الحـــــــيـــــن لأ "
جميع سبل أرضائي لها فاشلة ولم أعد صابرة على المزيد ..
" الظاهر الكلام معكـ ضايع "
تركتها ورحلت فأنا موقنة بعنادها واقتناعها التام بتفكيرها الخاطئ ..
ومهما فعلتُ وأقنعتْ فأن نتيجتي ستظل واحده ولا سبيل لتعديلها..
* * * * * * *
[.. مرام ..]
حان دوري ..
أنا مرام بنت أحمد بن سالم, من مواليد عام 1992 ميلادي..
أبلغ من العمر أربعة عشر عاما, وأدرس في الصف الثالث متوسط..
لي أختان من أب واحد .. وأم مختلفة..
شقيقـتي هي تغريد..
أما أختي الغير شقيقه فهي هيفاء..
ولكوني أقرب في العمر لـ هيفاء [19 عاما] فأنا أميل إليها أكثر..
ذلك اليوم بالذات كنا قد قررنا الخروج إلى المدينة الترفيهية "ستار ستي"
كنت متشوقة جداً لذلك اليوم ..
حيث خططت للكثير من المقالب والمغامرات..
إلا أن أمرا ليس بالمتوقع قد حدث !!
وليس باستطاعتي البوح به
* * *
مللت أجواء الغرفة والوحدة ..
صديقاتي جميعهن هناك لا أحد أستطيع تضييع وقتي معه..
قررت النزول للأسفل والبحث عن عدوي اللدود مُهند لعلي أُضيع وقتي معه ..
وصلت للدور السُفلي من منزلنا صارخة بأعلى صوت :
" ستيممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممه "
" ستيممممممممممممممممممممممممه وصمخ "
ياسر : "الله ياخذ هالوجه وش له الصراخ ؟ فجرتي طبلتي الأذنيه "
مرام : " هههههههههههاي ركب كلامكـ أول , بعدين هاوش "
ياسر : " والله من ثقالة الطينة "
مرام : " طالعه عليك "
ومن جديد ..
" ستيممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممه "
وصلت الخادمة مفزوعة إلى الصالة :
" يس مدام "
مرام : " سوي لي شاي بسرعة "
قاطعني ياسر كعادته :
" آخرته على شاهي يا لبقره "
مرام : " يا شين لقافة بعض الناس "
ياسر : " ويا شين طوالة لسان ناس ثانين "
مرام : " على الأقل ها لناس يعرفون يضبطون كلامهم زين مهوب مثل ذولاك الناس "
ياسر : " ذولاك الناس محترمين وما يعرفون يصارخون على أبو شاهي "
مرام : " تراي مالي خلقك "
ياسر : " اجل أنا اللي لي خلقك , إلا تعالي هنا ليه ما رحتي مع البنات اليوم ؟ أو طارداتك "
مرام : " بايخ ما تضحك "
ياسر : " ومن قال لك أني جادع نُكته "
مرام : " اخلص وش تبي ؟ "
ياسر : " من حلات هالوجه اطلب منك شي "
مرام : " أزين من وجهك "
ياسر : " مشكله الثقه "
نهضت من مكاني وقلت :
" ياليل ما طولكـ اروح عند عمي سليطين ابرك ,, (وبصراخ) ستيمووووووه ووجع وين شاهيي ؟ "
ياسر : " ترا عمي سلطانو ما يستقبل مبزرة "
مرام : " والله ماغيركـ البزر , عمري 14 وبعد شهرين بس بدخل الخمس طعش "
ياسر : " وإذا .... تظلين بعد بزر "
مرام : " الحين كل هالجسم وتقول بزر "
أمل : " مساء الخير .. وش تسون ؟ "
هذا ما قالته عمتي أمل لحظة دخولها علينا ..
رحب بها ياسر بحرارة واصطناع :
" هلا والله با لطش والرش .. هلا بأمولة .. الحلا و الزين كله "
أمل : " ههههههه شعندكـ !! "
ياسر : " افا ممنوع أدلعك "
أمل : " ما دري تخوفني كذا , متعودة على جفاستكم "
ياسر : " افا يا لعمه كل ها لرقة وتقولين جفس "
مـــــــــرام بسخرية : " إيه مبين , كلش ما شاء الله رقيق "
ياسر : " أقول .. أنتي آخر وحده تتكلمين , ترى أذني للحين منسدة منك "
قلت ببلاهة : " عادي تبي أفتحها ترى الشاهي لسا ما وصل "
ياسر : " لا واللي يرحم والديك , ما بعد استغنيت عن إذاني "
مرام : " عادي وأنا أختك تراي متبرعة جيده "
سأل ياسر عمتي باستفهام, وقد لاحظت أنا الأخرى شرودها :
" عمه وش فيك ؟ "
مرام : " ياهووووووه اللي تفكر به تهنى به "
قال بهمس : " الظاهر مودعتنا مع هواجيسها "
قلت له غامزة وبخبث : " تبي أخليها تنقز "
رفع حاجبيه بإيجاب وخبث ..
عندها اقتربت منها ببطء وهدوء ومن ثم صرخت وبأعلى صوتي
" ستيممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممم ممممممممه "
صعقت عمتي وقفزت من مكانها بحركة هيسترية ..
أما أنا وياسر فقد استلقينا أرضا من شدة الضحك ..
الخادمة مسكينة وصلت أيضا مفزوعة وخائفة لكنها معتادة على صراخي وصوتي الأجش ..
أما عمتي أمل فردة فعلها كانت متوقعه..
انتزعت حذائها ولحقت بي للأخذ بالثأر ..
وكالعادة أيضا , ملاذي هو الهرب و قفل غرفتي بالمفتاح .......................................
* * * * * * * *
[.. لمى ..]
سئمتُكِ يَا حياة عني فَرحلي!
أضناني الطريق ..
وأهلكني حَرُ المَسير ..
أتعبتني أفكاري التَائهة ..
وأدمعت قلبي وحدتي القاتِلة ..
أدركتُ أني ميتة !!
لا أريدُ مِنكِ خيراً تَبخلين بهِ عليّ
ولا أريد شركِ الدائم المُتوجه إليّ
لا أريدُ مِنكِ شيء فقط اتـ ـركينـ ـي!
اتركينـ ـي لوحدتي كما تَركني الكَثيـر..
اتركيني لأوجاعي
اتركيني لآلامي وأشلائي
اتركيني لجروحي ودِمائي..
اتـ ـركـيـنـ ـي
أشتاقُ للِرحيل
أشتاقُ للرحيل
فكل ما كُنت أهواه يهجرني!
وكل ما أعشقهُ يمقتني
وكل ما أتمناهُ يُتعبني
لا نصيب لي في حياتكم
ولا لحياتكم فيّ نصيب!
يا ليت سَبيل الرَحيلُ إليّ قريبْ
لما كُنت هُنا لثوانٍ
رُبما تَكون آخر الزَفرات!
وهذهِ آخر كلماتي ..
عذابُ اللامُبالاةِ أليم..
* * * * * * *
[.. راكان ..]
حان دوري ..
أنا راكان بن عبد اللطيف بن سالم , من مواليد عام 1983 ميلادي , أي أبلغ من العمر 23 عاما ..
أعترف بأني فاشل في دراستي ولم أحظى بالنجاح كغيري من أبناء عمي..
لكن لكل مجتهد نصيبه فأنا مهمل وأستحق ما حصلت عليه..
تخصصي هو الأدب الإنجليزي
تخرجت منه بصعوبة بالغه
حياتي هي المتعة فقط ..
لا للعمل لا للجد ..
مصروفي أستلمه من والدي بالتمام والكمال ..
روتيني اليومي لا يتغير ..
نوم و أكل, ومن ثم خروج وسهر ..
هذه هي حياتي ولا أظنها ستتغير بمرور الزمن ..
رفاقي حالهم كحالي مامن اختلاف ..
أما إخوتي ..
ليس لدي سوى توأمي أنهار[23سنه] وأخي الصغير مُهند ..
أنهار مسكينة حالها تغير تماماً من بعد إلغاء ارتباطها مع نواف..
فقدت ثقتها بنفسها و أصبحت أكثر انطوائية ..
يتملكني الكثير من الحقد تجاه عمي أحمد وما فعله بأختي ..
فهي لأهانه كبرى في حقنا جميعاً ..
لكن ما باليد حيلة !!
أما مُهند [15سنه] فهو مراهق صغير , جنونه وعشقة قيادة المحركات ..
أبي رافض تماما تسليمه أية سيارة لطيشه ومراهقته ..
ومن الممكن أن يتسبب بكارثة نحن بغنى عنها ..
ذلك اليوم بالذات فاجئني رقم دولي في سجل مكلماتي التي لمْ يرد عليها ..
استغربت كثيراً الرقم كونه دولي ..
فأنا لا أعرف أحداً يمقت خارج البلاد سوى عمتي فاطمة ..
ولا أظنها ستتصل بي أنا بالذات !!
فأمرها مستبعد تماماً ..
شككت في فيصل فــ استبعدت ذلك فوراً ..
فنحن على غير وفاق أبداً ..
إذن من يا ترى ؟؟
هذا ما يجب أن أعرفه..
حقيقة لمْ تتسنى لي الفرصة للرد وإشباع فضولي ..
لكن لابد وأن يحصل هذا عاجلاً أم آجلاً..
فكثرة اتصالات ذلك الرقم تثير جنوني ..
" مــــــــســـــــــــــــــــــاء الخــــــــــــــــــيـــــــــــــــــــر "
راكان : " اووووووه أنهار ما شاء الله أمداكم تجون ؟ "
رمقت أنهار ساعتها فقالت :
" الساع 2 .. وش تبي أزود من ها لوقت ؟ "
راكان : " لا بالعادة 5 أو 4 الفجر "
أنهار : " يا بابا هذاكـ بالعطلة الصيفية , اللحين لأ الوضع مختلف الناس دوامات ومدارس "
راكان : " طيب كيف الطلعة هناك ؟ أنشاء الله أنبسطتو "
أنهار : " يااااااااه وناسه .. انبسطنا لآخر حد "
راكان : " عساه دوم أنشاء الله "
أنهار مبتسمة : " الله يخليك لي ياخوي "
* * * * * * * * *
[.. سلطان ..]
" حالك هذا ماهوب معجبني أبد , يا خي عيش حياتك تزوج وافرح وفرحنا معك , روتينك هذا صدقني بـ يقضي عليك "
سلطان : " يا بنت الحلال كذا أنا مرتاح "
أمل : " لا يا سلطان ما أنت مرتاح وكلامكـ هذا ما يدخل راسي , ويكون بعلمكـ تراني من بكرا بدور لك على عروس "
سلطان : " أمل , رجاء خاص لا تحاولين تبنين حياتي من جديد , لأنكـ لو سويتيها وبنيتي صدقيني راح تنهدم وبخسارة "
أمل : " والله أنك ذابح قلبي بكلامك , يا خوي خل عندك ذرة أمل وجرب ما أنت خسران "
سلطان : " إذا على التجربة فأنا مخليها لك "
لجملتي الأخيرة وقعها المأثور على أختي أمل ..
ندِمت مؤخراً على ما تفوه به لساني ..
فبدت لي ملامح أمل متقلصة حزينة ..
تجربتها الفاشلة مع زوجها السابق كان لها أكبر التأثير على نفسيتها ..
وها أنا الآن أعيد ذكراها الحزينة بلحظة طيش وغضب ..
" آسف أمل ما كان قصدي "
أجابتني بإيماء , فقالت بحزن :
"ماقلت شي غلط يا سلطان .. لكن حط في بالك إني حرمه وأنت رجال والفرق كبير "
عندها تركتني ورحلت ..
جملتها الأخيرة كان لها المغزى المقصود ..
لكني مع ذلك لمْ أكترث !!
ولن أتجرأ يوماً على التفكير بالزواج من جديد ..
تجربتي الأخيرة وحبي لزوجتي وهيامي بها تمنعني من إعادة الكّره ..
ليس فقط خوفاً من الفشل و إنما وفاء لقلبها الطاهر................................
* * * * * * * * *
- بعد مرور شهر -
[.. أم فيصل ..]
عزيزي .. إلى أينْ تَشيدَ المَسير؟!
ألا تَعلم أن الرَبيع دونكَ كئيــب!
الزهرَ يابسٌ ذليل
النهر جامِدٌ عجيب!
الريحُ لا تُداعبُ النَخيل
ستتوقف الَحياة بالرحــيل!
فلتَنظر بوجودكَ كيف السماء تصير؟!
والطيور تَطير!
الزهور تغني
والمياهُ تَسير
وهل بلغت فَرحةَ الشَجر؟
أم هل عرفت – ياترى – سر ضوء القمر ؟
رحيلك عني يشعل نار القرحة والألم
يمزقني إلى أشلاء صغيره
شهر بأكمله مرّ علي كدهر كامل
مع ذلك فأنت لمْ تعد بعد !!
عقلي يكاد يجن
عيني تلهثان شوقاً بقدومك
قلبي جريح متألم
يعاني فقدان أعز ما ملكته يداي
أعز أبن ربته يداي
أبن لمْ يلده بطني !!
ولمْ يحويه جوفي
أبن سَهِرتُ الليالي من أجله
وعلمته وفهمته
أبن قاسيت معه أشد الصعاب
وعلمته أسس الأدب و الاحترام
أبن تخلى عنه أبويه
فتقبلته يداي بكل حنان و أُلفه
أبن لن أحضي بمثله طالما حييت
أبن تخلى عني بمجرد بروز الماضي أمام ناظريه
آه لو لمْ تعلم بالحقيقة !! لعشنا بسلام و طمأنينة
لعشنا راغدين بأسعد اللحظات
كرهتكِ يا ابنة فوزية وها أنا أعلن ذلك من جديد
دفاعي عنكِ أفقدني أعز ما ملكته
أية أم أنا أكي أُعيد فُتح الجروح
جروح قديمه ظننتها خمدت
لكنها لازالت تشتعل ولا أظنها ستخمد يوما
أليست تلك الحقيقة !!
* * * * * * * *
[.. هيفاء ..]
" بنات شرايكم ؟ "
هذا ما قالته مرام لحظة خروجها لنا بآخر "بروفة" على فستانها ..
صفرّت لها بإعجاب ..
الفستان كان بمنتهى الذوق والأناقة ..
مرام بحياتها لمْ ترتدي ثوباً كهذا..
تغريد : " لا بأس , يمشي حاله "
هيفاء : " وش اللي لا بأس إلا يجنن , تقطعينه بالعافية حبيبتي"
مرام : " إلا بنات تعالوا انهار بتحضر العرس ؟ "
تغريد : " خبله أنتي ؟ أكيد بتحضر تبين أبوي يذبحها "
مرام : "تتوقعون يطلع العرس حلو "
هيفاء : " أنا بصراحة متشائمة ما أدري ما دخلت مزاجي ها لبنت ولا أتخيلها مع نواف أبد"
مرام : " بنات تدرون .. هي حلوة بس شينه .. صح !! "
ضحكت لجملتها الغير مركبة , فقلت : " شلون ذي ؟ ما تجي !! "
مرام : يعني حليوة بس شينه "
هيفا : " بالله .. يعني الحين أنتي عدلتي شي !! "
مرام بتفكير : " يعني .. يعني .. يعني حلوه بشي وتحوم الكبد بشي ثاني "
تغريد : " والله كلها على بعضها تجيب البلى "
هيفا : " لا حرام الحق حق البنت ما عليها حلوة , بس مشكلتها ما تتدخل القلب "
مرام : " أما ماتدخله إلا طالعه منه بالقوة , مادري شلون بـ يعيش نواف معها .. أحس بيجيه شي من مقابل خشته "
هيفاء : "الله يعينه "
* * * * * * *
[.. أمل ..]
اليوم هو يوم الأحد أي انه يوم اجتماع العائلة..
وبالطبع أنا محذوفة من قائمة النساء , فاجتماعي يكون بصحبة إخوتي الصبية ..
ففي الغالب مثلاً يكون اجتماعنا يتحدث عن حياتنا الخاصة وبعض القرارات المتخذة في ذلك..
خصوصا المادية منها..
لدي مبلغ ليس بالقليل ورثته من والدي حين تم تقسيم الإرث بيننا بالتساوي..
وبالطبع كوني أنثى, وكلتُ أعمالي كلها لأخي أحمد فأنا أثق به وبأمانته ثقة عمياء..
سلطان : " ها أمل شرايك بها لكلام ؟ "
أمل : " هاااااا "
نواف : " عمتي أمل الظاهر مش معنا !! ولا كيف ؟ "
أمل : " لا .. وش قلتو ؟! "
سلطان : " قلنا انه بدل قعدتك بالبيت لا شغل ولا مشغله ندخلك معنا شريكة في مشروع العمر "
نواف : " يا قوي مشروع عمر مرة وحده "
سلطان بثقة : " إيه وش على بالك ترانا ما نلعب "
قلت بالرغم من عدم إدراكي للموضوع :
" من أيدي هذي لأيدكم هذي , بس كيف ادخل شريكة وأنا ما دري وش السالفة ؟ , وبعدين تراني خبله و ما عرف بأمور المشاريع و لا التجاره !! "
نواف : " عمه المشروع بأذن الله ناجح , حنا علينا المادة وأنتي اللي تديرينه "
قلت ومئات الاستفهامات تدور حولي :
" هييييييييييي لحظة عد كلامك ما فهمت "
سلطان : " لحظة نواف خلني أنا افهمها , شوفي يا أمل بما أنك جالسه في البيت لا شغل ولا مشغله فأنا و نواف قررنا نسوي مشروع نسائي , يعني إحنا بنضبط لك الأمور و كل شي , وأنتي ما عليك إلا انك تديرينه و بس "
نواف مُقنعاً : " منه يا عمه تشغلين نفسك , وغير كذا تفيدين غيرك "
سلطان : " ها شقلتي ؟ "
أمل : " طيب شنو ها لمشروع ؟ "
نواف : " مشغل تجميل "
أمل : " وااااااااااااااااااااااااو "
سلطان : " هاه نفهم من كذا انه عاجبك ؟! "
أمل : " وش ذي عاجبني إلا داخل مزاجي بقوة "
أضفت بحماس :
" موافقة .. موافقة "
سلطان : " هههههههه حلو , أجل من بكرا نبتدي التخطيط ودراسة المشروع "
* * * * * *
[.. فيصل ..]
ما أصعب أن تبكي بـلا... دموع
وما أصعـــــب..أن تذهب بلا رجوع
وما أصعب أن تشعر بالضيق
وكأن المكان من حولك ... يضــــــيق
ما أصعب أن تتكــلم بلا صـــــوت
أن تحيــى كى تنتــظر المــــــوت
ما أصعب أن تشــــعر بالســـــــأم
فتــرى كل من حــــولك عــــــدم
ويسودك إحســـــــاس النـــــــدم
على إثــم لا تعرفه !! .... وذنب لم تقترفه !!
ما أصعب أن تشـــــعر بالحــزن العميـق
وكأنه كامـنٌ في داخــلك ألـــم عريــــق
تستـــكمل وحــدك الطــريــق
بلا هـــــدفٍ... بلا شــريكٍ... بلا رفيــقٍ
وتصيــر أنت و الحزن و النـدم فريــق
و تـــجد وجـــهك بين الدمــــوع غريـق
و يتحــول الأمــل البــاقي إلى.... بريـق
ما أصعب أن تعـــيش داخــل نفـــسك وحيـد
بلا صديــــقِ... بلا رفيـــــقِ... بلا حبيـــبِ
تشـــــعر أن الفــــرح بعـــــيد
تعانى من جــــرح...لا يطــيب
جـــرح عمـيق.. جـــرح عنـيد
جـــرح لا يـــداويــه طبيـــب
ما أصعب أن تــرى النـــور ظـــلام
ما أصعب أن تـــرى السعادة أوهام
و أنت وحيــد حـــيران .............
[.. أمل ..]
" يا شيخ ما يخرب طلعتنا إلا ها لمهند , خله بأرضه أحسن "
أمل : " هيي انت وياه لاتقعدون تسبون بـ ولد أخوي "
ياسر بأسلوب نُكتي : "أبعدو عنها .. جتكم المحامية اللي ما تلعب "
أمل : " زين منك تعرف هالشي "
راكان : " عمه وأنا ليه طايح من حسبتك ؟ "
أمل : " أنت فاشل ما تعجبني "
راكان : " تهي .. من عاشر القوم "
أمل : " أيا الصايع .. شتقصد ؟ "
ياسر : " اقول عمه صدق بتفتحين عيادة تجميل ؟ "
أجبته بغرور : " يس "
راكان بهمس : " عز الله تشوهن بنات ديرتنا "
ياسر : " كااااااااااااك تلقى زباينها كلهم طقة هالـ عبند و التكرن "
راكان بدعابه : " ايه كفوه "
ياسر ببراءة : " أخس يا قوي ترى اللي بجنبك هذي تصير عمتك "
راكان ببلاهه : " عادي أمون "
أجبت بنفس لهجتهم :
" حبايبي غيرانين ؟! ترى عادي أشغلكم معاي أذا تبون !! .. عندي وظائف شاغرة لسواقين عاملاتي الخاصات "
راكان (طاح وجهه) : " يا خطيرة من وين جبتيها "
رفعت حاجبي بانتصار : " احم احم "
ياسر لم يهتم : " حرام عليك مالقينا إلا نشتغل بمحل صبغ ونفخ !! "
راكان : " إلا أقول عمه وش بتسمين المحل ؟ "
ياسر : " أنا أشير عليك تسمينه صالون يسوري للحلاقة "
ضحكت بلا أراده : " وش ذي حلاقة !! اسمه مشغل تجميل "
قاطعنا نواف والذي كان يجلس في آخر الصالة مع سلطان , بيمنا أنا جالسه بين أجن أثنين :
" أقول عمه .. عندك مقطع بلوتوث حلو "
أمل : " هااااااا ما أسمعك !!!!! "
كرر كلامه :
" أبي مقطع بلوتوث حلو .. إذا عندك ؟؟ "
أمل : " أصبر خل أشوف "
أمسكت بجهازي أفتشه بينما أستمر الاثنان راكان و ياسر بالاستهتار بمشروعي القادم ..
عثرت أخيراً على مقطع كوميدي رسومي فأرسلته فوراً إليه ..
أستقبله نواف فأستمتع به مع سلطان وعلقا كثيراً عليه ..
أخذت أقلب بجهازي من جديد لعلي أعثر على شيء أفضل ..
راودتني فكرة مجنونه تلك اللحظة !!
فتحت فوراً حافظة "الأستوديو" في جهازي ومن ثم حافظة " خاص جداً "
وصلت للمطلوب وأرسلت المقطع فوراً ..
* * * * * * * * *
[.. هيفا ..]
قالت بـ بكاء :
" يمممممممممممممممممممه تكفين خليني اسبح .. والله إني ماني تعبانه هذاني انابط وش زيني .. ها يمه تكفين قولي ايه "
ام ياسر : " لأ "
مرام برجاء : " بليز ماماه "
أم ياسر :" قومي بس صبي لي الشاهي "
مسحت تلك البلهاء دمعاتها و قالت:
" اصب لك أبو الشاهي بس أنتي قولي ايه "
ام ياسر : " لا تصكين راسي , قلت لك لا يعني لأ "
مرام توجهت إلى والدتي : " خاله .. استغفر الله قاعدة زي الجدار بيننا , توسطي لي تكفين "
أم نواف : " ما علي منكم "
مرام مخاطبة أمي من جديد :
" طيب شمعني كلهم بــ يسبحون إلا أنا ؟ "
ام ياسر : " أنتي غير "
مرام تستهبل : " أنا غير ولا جده غير كااااااااااك "
هيفا : " الحمدلله والشكر على نعمة العقل , تو تبكي الحين تستهبلين , أنتي من أي طينه مصنوعه ؟ "
مرام معبسه : " وه ماتبون الواحد يستانس "
هيفا : "لا بس شكلك هدر "
مرام متجاهله : " يمه ابسبح "
أم ياسر : " اقول اسكتي بس فشلتينا "
مرام : " عادي مافيه احد .. وبعدين شمعنى أنا ها "
أم ياسر : " مراموووه قومي عن لأنادي لك أبوك .. شوفي هيفا ماسبحت وساكته "
مرام : " ليه أنتي ما تسبحين "
هيفا : " أسباب خاصة , مو شغلك "
مرام : " إيه بلا من قرادتك .. ها يمه ترى بسبح وما علي منك"
أم ياسر : " مراموووه والله ماهوب ازين لك "
أقبلت تلك الماكرة إلى والدتي فقبّلت رأسها بود وقالت :
" يمه الله يخليك ودي أسبح والله العظيم اطلع بسرعه "
ضحكت من أعماق قلبي لمحاولات مرام في الإقناع
تدخلت خالتي أم راكان بقولها :
" أم ياسر ذبحتنا بنتك , خليه تسبح وفكينا "
أم ياسر : " شووووفي بـ تسبحين بس بشرط انك ما تطولين أكثر من نص ساعة "
صرخت مرام وقفزت من مكانها :
"ياااااااي تعيش أمي تعيش , افا عليك لو عشر دقايق أهم شي أطافش وأطلع اللي بقلبي , يلا تشااااااااو "
أم نواف : " شوي شوي لا تطيحين "
* * * * * * * * * * * *
[.. أمل ..]
راقبت ملامحه جيداً لحظة وصول الملف
بدا لي غير مهتماً
لكني اكتشفت بأنه لم يفتحه للآن
أحسست بالإحراج لو فتحه أمام سلطان
لكنني تغاضيت عن ذلك
مرت الثواني طويلة والفتى في عالم آخر مع سلطان ولم يهتم لما أرسلت
اغتظت لذلك فأنا متحمسة جداً لردة الفعل
صرخت ببراءة كونه بعيداً عني نوعا ما
"نواف وصلك الملف ؟ "
أخيرا تذكر الملف ففتح جهازة ببرود ..
تغيرت ملامح الفتى فجأة , وتبدلت إلى ملامح أكثر صلابه ..
بدا لي متفاجئ !!
لكني لمحت تلك الابتسامة الخفيفة على شفتيه
قلت غامزة :
" ها شرايك بحركتاتي أعرف أرسل ؟! "
ضحك نواف فقال :
" من وين جبتي المقطع يا عمه ؟ "
سمعت سلطان يسأل :
" وش مقطعه أشوه بشوووف "
نواف : " خير يا بو الشباب مناك بس "
سلطان : " يالبخيل خلني أشوف "
نواف : " أقول أبلع العافيه بس "
قال سلطان باسماً بالرغم من جهله المقطع :
" أمل أبي مقاطع أنا بعد "
* * * * * * * * * *
[.. أم ياسر ..]
" يمه دقيت عليه تقول الحين بجي "
أم ياسر : " زين قولي لـ ستيمه تنظف الغرفه "
هيفا : " حاظر يمه , تبين شي ثاني "
أم ياسر : " لا "
أمل : " أنا جييييييييييييييت "
هيفا : " جت أم الرجال وينك ماسطه فينا "
أمل بغرور : " وش أبي فيكم أخواني ألزم , إلا بغيتي شي يا أم ياسر "
أم ياسر : " أيه يا بنيتي أبيك تشوفين العشى قبل لا يدخلون الرجال تدرين رجولي يوجعنن و ما فيني حيل أقوم "
هيفا : " زين يمه .. عمتي وصلت , أنا بروح أشوف البنات خلصن ولا لا "
أم ياسر : " إيه و شوفي ها لحماره خليه تطلع , لا تمرض علينا الحين "
أمل : " أوه البنات يسبحون ؟ "
هيفا : " إيه "
أمل : " النذلات ليه ما قالوا لي ؟ "
هيفا : " وأنتي متى شفناك عشان يقولو لك "
أمل : " أعوذ بالله أذكري ربك , شكلي بأكره إخواني من عيونك "
هيفا : " هههههه الله و أكبر من حلات إخوانك الحين "
أمل :" شوووفوو اللئيمة , هذولا عمانك يالهبله "
هيفا : " أدري ولكذا أنا مقروده "
أمل :" هيفوه ابعدي عني ولا ترى بالجزمه , كلش ولا إخواني عاد "
هيفا : " هههههه امزح عمه "
أم ياسر : " أمل "
أمل : " هلاااا "
ام ياسر : " لا تنسون بنت فوزية "
أمل : " اوووه ذكرتيني بروح اشوفها "
* * * * * * * * * * *
[.. أمل ..]
" السلام عليكم "
ألقيت التحية عليها قبل دخولي الغرفة
الفتاة لم تعدْ كما عهدها سابقاً
الموضوع الأخير والذي تمْ بمحض الصدفة لم تنسه للآن بالرغم من مرور فترة طويلة عليه ..
ما زالت ُمتحفظة معي ..
ولا تحادثني أبداً إلا في أموراً رسمية جداً تجبرها على ذلك ..
لم ترد علي السلام بل تجاهلتني كعادتها ..
وضعتُ الصينية جانباً غير آبهة بالرغم من انكساري الداخلي لحالها ..
ومن لا يتقطع قلبه لرؤيا تلك المسكينة !!
لا اعرف حقيقة كيف سأتمكن الدخول إلى قلبها من جديد ..
فعلاقتنا الحاليه أصبحت أكثر سوءا .. ولأتفه سبب !!
الوحدة لربما تقتلها و تقضي عليها
لكن ما باليد حيله !!
فهي ترفض تماما لقيا أحد
ما يثير دهشتي وحيرتي هو سكوت أخي أحمد عليها !
وعدم تدخله في أمورها !!
فلو كانت مرام مثلاً أو أنهار لأجبرها حتماً للنزول ومشاركتنا وجباتنا واجتماعاتنا
لكن الوضع هنا مختلف .. مختلف جداً
* * *
خرجت من الغرفة واتجهت للأسفل ..
وطبعا منزل أبا ياسر هو لاجتماع الرجال فقط
لذا صادفني سلطان في طريقي لمنزل ام نواف حيث النساء
" وين الناس ؟ "
امل :" بروح عند الحريم تبي شي ؟ "
سلطان : " امل "
امل : " نعم ؟ "
سلطان : " وش ارسلتي لنواف ؟ "
ضحكت رغما عني فقلت :
" ليه تسأل ؟ "
سلطان : " مدري الولد رايح فيها "
أثارني الحماس : " والله ؟ "
سلطان : " ترى أن ما أعترفتي تفكيري بيكون شين "
أمل : " أعوذ بالله من تفكيرك , عادي ما أرسلت له شيء مهم لهالدرجه "
سلطان : " طيب ممكن اعرف ؟ "
أمل : " والله من الشرافه "
سلطان : " أمل أخلصي , تري الفضول ذابحني "
أمل : " قلي بالأول وش بعد لاحظت عليه ؟!! "
سلطان : " أوووهووه أمل خلصي "
أمل : " طيب بشويش "
سلطان : " مابتقولين يعني ؟ "
أمل : " إلا بقول "
سلطان : " طيب !! "
أمل : " بس ماتقول لأحد "
سلطان باستياء : " ياليل ما أطولك "
أمل : " خلاص خلاص , أرســـــــ ــــــلت له ... "
سلطان : " ايوه وش ارسلتي ؟ "
أمل : " ارسلت له ... "
سلطان : " ايوه ؟؟؟ "
أمل : " ارسلت له ... "
سلطان : " ؟؟؟ "
أمل : " ارسلت له ... "
سلطان : " ايوه وش ارسلتي ؟!!! "
أمل : " مقطع ..."
سلطان بغضب : " وبعدين !! "
أمل : " مقطع لـ مِلكته "
سلطان (مكشر لتفاهة السالفة) : " تدرين انك بايخه "
اجبت ببراءة : " للأسف لأ "
- بعد مرور شهرين -
[.. أم فيصل ..]
اليوم هو يوم زفاف نوّاف من ابنة فوزية ..
لقد مرّت الثلاثة أشهر الماضية بصعوبة بالغه ..
وما زال أبني غائباً لا نعلم عنه أية شيء ..
لم أتلقى منه أية محادثة تبشرني عنه على الإطلاق..
صحتي تدهورت ..
لا أستطيع التوقف عن التفكير فيما قد يحصل له !!
مع ذلك مازلت مؤمنه بأنه سيعود الي يوماً ..
سيعود كما اعتدته ..
سيعود فيصل كما كان ..
طفلي الصغير ..
لقد كبرت يا بُني و أصبحت رجلاً يافعاً ..
وأنا مجبره على تحمل هفواتك ..
سيأتي اليوم والذي تدرك به نفسك .. وما فعلته بحق اقرب الناس إليك !!
لقد آلمتني برحيلك .. وقهرتني بعنادك ..
لكنك أبداً لن تهزمني .. فأنا مدركة جداً لما خلف ذلك القلب القاسي ..
وسأحاول مهما كلفني الأمر القضاء على ذلك الجدار السميك والذي كونته حول نفسك ..
عودة ابنة فوزية إلى أرض الواقع دمرته وقضت عليه ..
انه يكره حتى المكان الذي تتواجد به ..
لا اعلم حقيقة كيف سيمكنني أن أزيح هذا الستار عنهما ..
فهي لا تستقبل أحدا سوى أمل وهذا ما يحيرني ..
فــ أمل أشد الكارهين لوالدتها .. كيف أمكنها أن تتقبل ابنتها بهذه الصورة ..
حتى أنها كانت من المعارضين بقوة لفكرة عودة ابنة فوزية إلينا ..
لقد وقفت بوجه أخيها إلى انه لم يعرها أية اهتمام ..
بل اخذ معه سلطان وفعل ما خطط له ..
احضرها وهاهو الآن يدمرها ويدمّر ابنه معها ..
أي جرم هي ارتكبته ليفعلوا بها هذا ..
انه جرم والدتها وليس هي .. كيف لهم لا يفرقوا ؟
" أنتي هنا وأنا أدورك يلا بسرعة السواقين ينتظرون "
فزعت بالصوت فألتفت لأرى تغريد واقفة منتظره ..
قلت بارتباك : " بقفل البيت وجايه "
نظرت لي بقلق فقالت : "اوكي خالتي أنا بركب .. ننتظرك ها "
ذَهبتْ من حيث أتت .. أكملت مسيرتي فأغلقت أنوار الإضاءة ..
وأحكمت إقفال الأبواب وخرجنا جميعاً إلى حيث الفندق ..
حيث سيقام حفل الزفاف ........................
* * * * * * * *
[.. أمل ..]
" لمى خلاص لحد هنا و كفاية طالعي نفسك خربتي مكياجك "
قالت لي بصوت مؤلم وبدمعات خفيفة انزاحت على خديها :
"عمتي أنا ما بقى لي بها لدنيا غيرك .... تكفين لا تهديني بروحي.. خليكي معاي لا تبعدين "
كلماتها تزلزلني من الداخل وما بوسعي سوى تهدءتها , أمسكت بيديها مطمئنه وقلت بحنان:
" حبيبتي لا تخافين أنا بجنبك ومهما حصل راح أكون بجنبك بأذن الكريم "
صمتت ومسحت دمعاتها بأسى واضح ..
لا اعلم حقيقة كيف لها أن نست الأحداث الماضية بلحظة واحده ..
لربما قوة الموقف هي ما أجبرها على ذلك ..
بعدها بدقائق معدوده فاجأتني بقولها :
" أمي "
وأضافت :
" أبي أشوفها الله يخليكم جيبوها لي "
لهذه الجمله وقعها المأثور علي ..
فــــهــــــــــــل جُنت ؟
أتريد منا أن نحظر فوزية بشحمها ولحمها ؟
لو فعلت فوزية وحضرت لركلتها بنفسي ..
أنا لن أسمح بوجودها هنا أبداً أبداً ..
ولكنها أبنتها .. ومن حقها أن تراها في ليلة عمرها ..
يا الهي المسألة معقدة للغاية !!
فمن جهة أريد تلبية طلب تلك المسكينة ..
ومن جهة أخرى فأنا لا أريد أن أرى وجه فوزية من جديد ..
والأسوأ من ذلك كله تنبيه أخي أحمد لي بعدم اطلاع والدتها عن أي من ذلك ..
حسنا .. مالعمل الآن ؟
الحل واضح سأتجاهلها وكأن شيء لمْ يحدث ..
ولكن ماذا أن سألت ؟
ان هي فعلت وسألت سأخبرها بأنها مسافرة .. نعم انه الحل الأمثل ..
طُرق الباب فذهبت لأرى ..
كانت تغريد ومرام وهيفا قد حضرن للمباركة ..
وبالطبع هذا عمل ليس تطوعي بل هو أمر من والدهن ..
فهن لم ولن يتقبلن لمى بهذه السهولة !
خصوصا وأنها سلبت أخيهن من أنهار العزيزة ..
دخلن ولم يبدن أية إعجاب بالرغم من أني قرأت ذلك في أعينهن ..
" ألف مبروك " قالت ذلك تغريد بلا نفس .
أما هيفا و مرام فقد اكتفتا بالمصافحة ولم تتفوها بأية كلمة ..
خرجن من حيث أتين ..
كنت مازلت بجوارها ..
وهي مازالت تبكي ولسبب اجهله ..
حاولت تهدءتها لكني لم استطع ..
لربما خوفها هو السبب .. لا أدري !!
تجاهلت ذلك فهي عروس ومن الطبيعي جداً ما يحدث لها من خوف وقلق ..
أكتمل الزفاف وكان في قمة الروعة والنظام ..
حان موعد الزفة فخذلتنا لمــــى بشكل غير متوقع ..
فهي ترفض تماما أن تُزف أمام الناس ..
احترت في أمرها , فعلت كل ما في وسعي ..
إلا أنها استمرت على رأيها وجمودها ..
احترت .. فماذا بوسعي أن اعمل ولم أقم به ؟
كل الحيل استخدمتها معها إلا أن رفضها جاء قطعياً ..
خرجت منها وأخبرت أم ياسر لعلها تستطع ..
لكن الفشل كان حليفها هي الأخرى..
كان رفضها قوياً و كأن المسألة أخذت كعناد ليس إلا ..
اعتلا صوت نقّالتنا بالمكالمات الرجالية ..
حيث أن موعد دخول العريس قد أوشك ..
مع ذلك فالعروس لم تزف بعد !
يا الهي أكاد اجزم بأن احمد سوف يرتكب جريمة هذا اليوم ..
حاولت أن أخبر سلطان الموضوع بهدوء لعله قادر على إقناعها من يدري :
" يا حبها للعناد هالبنت .. أبفهم وش غرضها من هذا كله ؟ "
امل : " سلطان واللي يعافيك احمد لا يدري تعال بخفي حنين (يعني بهدوء) مابي احد يحس فيك "
سلطان : " ولا يهمك أنا احرص منك على هالشي مابي الحفلة تنقلب لهوشه "
امل : "الله لا يقول عجل تكفى "
أقفلت السماعة بقلق ..
فقد أيقنت بأن هذا اليوم لن يمرّ على خير ..
عدّت أدراجي إلى غرفة لمى غاضبة :
" وهذا اللي تبينه صار ارتحتي الحين "
لم تتكلم بل ظلت ترمقني بلا أية تعبير ..
إني حقاً لا أفهمها ..
فما غرضها من هذا كله !!
أتريد الانتقام لأن أخي حاول تزويجها بالقوة ..
لكنها هي بنفسها من طلب إتمام هذا الزواج ..
يا الهي أنها غريبة .. غريبة جداً ..
طرق بعد لحظات الباب الفاصل بين غرفة تجهيز العروس و الساحة الخارجية والتي منها سيأتي سلطان ..
هرعت لفتح الباب لسلطان ..
لكني فوجئت حينما أدركت بأن القادم ليس سلطان ..
بل نوّاف بنفسه .................................................. ...
* * * * * * * *
[.. سلطان ..]
حينما أقفلت السماعة من أختي أمل ..
فوجئت بنواف يسألني عن سبب ارتباكي ومع من كنت أتحدث ؟
فأظنه سمع حديثي .. وقلقي تلك اللحظات ..
أخبرته بأنها أمل وأنها تريدني في موضوع هام ويجب أن اذهب إليها ..
لم يصدق كلامي بل أصر على معرفة الحقيقة ..
وبطبعي أنا .. لم استطع الكتمان بل أخبرته الحقيقة كاملة ..
غضب نوّاف بشده لتصرفها الطفولي كما وصفه ..
فماذا سيفعل أحمد لو عرف بالأمر ؟
فأن يقوم بخنقها هو ابسط الأمور الممكن تصورها ..
اخبرني نّواف بأنه سيتصرف و ينهي هذه الحماقة بنفسه ..
سألته كيف سيتصرف إلا انه لم يطلعني على شيء ..
اتجه حيث والده وهمس إليه ببضع كلمات ..
رأيت ملامح أخي احمد تتقلص ويتكلم بحده إلى ابنه ..
إلا انه أخيرا رأيته يومئ برأسه وأنا لا افهم شيئاً ..
انصرف نواف منه واخبرني بأنه انهي الأمر ..
وهو ذاهب إلى زوجته الآن ..
دُهشت لقراره فموعد دخوله عليها لم يحن بعد ..
فيجب أن تُزف أولا , بعدها له أن يفعل ما يشاء ..
أجابني بأن وضعه يختلف .. وان هذا الزواج ليس سوى صفقة فاشلة ليس إلا ..
لم أشأ أن أعارضه بأية كلمة بعد ذلك ..
فهو محق بكل ما قاله فلم الاعتراض ؟!
بعدها ذهب إلى هناك ..
وليكن الله بعونه ..............................................
* * * * * * * *
[.. نوّاف ..]
لا يمكنني أن اكتم مدى غضبي حينما علمت بتصرف تلك الحمقاء ..
إنها لا تزن الأمور حتماً ..
كيف لها أن تتصرف بطيش كهذا ..
إنها لفضيحة لو علم الناس بخفايا الأمور ..
ألا يكفيها ما نحن فيه الآن !!
ما لذي تريد أن تصل إليه ؟
لم استطع أن أفكر تلك اللحظة سوى بالتستر عليها ..
فلو فعلت واطلعت والدي على كل شي لانتهى أمرنا بمأساة جديدة ..
فوالدي لن يرحمها .. بل سيقلب الحفل إلى صفحات الجرائد بلا وعي منه ..
فغضب أبي لا يفرق ردات فعله بين الصالح منها والطالح .. بل يجعلها سواسيه ..
اتجهت حيث والدي وأخبرته بأنني مستعجل ولا أريد أن تزف عروسي إلى المعازيم ..
فلو زُفت لربما ترتكب حماقة هناك وتفسد الحفل ..
في البداية اعترض والدي على ذلك ..
لكنه حينما فكر .. أيقن بأن الفتاة عنيدة و طائشة ..
ولا استبعاد من أن تقوم بهذا العمل المشين ..
حمداً لله أذن مر الأمر بسلام ..
لكني لن أفوته أبداً أيتها الزوجة النكدية ..
بل سأرده لكِ صاعين والأيام بيننا ..
وصلت إلى الساحة الخارجية أخيراً , وطرقت الباب ..
صُدمت أمل حينما رأتني لأنها ظنتني شخصاً آخر كسلطان مثلاً ..
" نواف ... تو الناس .. ليه هالحين ؟ .. العروس لسى مانزفت ..وبعدين ... "
قاطعتها قائلاً :
" عمه ممكن تهيئين لي جو معاها وتتركينا شوي "
أعتقد بأنها دُهشت لجملتي تلك !
او لربما لم تتوقعها !!
لكنها أومأت بالقبول وخرجت ..
الفتاة أعتقد بأنها لم تشعر بي ..
أو أنها أحست لكنها تتجاهل ..
فبدت لي يداها ترتجفان بوضوح تام ..
اقتربت منها أكثر , فأعتلى شهيقها ..
لقد كانت جالسة على الكرسي الدوار والمواجه للمرآة ..
وقد أوطأت برأسها ولم ترفعه طيلة الوقت ..
اقتربت أكثر فأكثر إلى أن أصبحتُ خلفها تماماً ..
أحسست بتوترها فأدرت الكرسي بقوة ..
لتصبح في مواجهتي تماما .. كتفت يدي بغضب أمامها ..
صرخت في وجهها بقسوة :
" ممكن تفهميني وش ورى هالحركة السخيفة ؟ "
ارتجفت الفتاة أكثر ..
ولمْ تجبني على سؤالي .. بل طأطأت رأسها بـ حزن ..
بلا أية حركة .. او صوت ..
كل ما اسمعه هو أنفاسها فقط ..
عدا ذلك فلا ....
إعتالني الغضب أكثر ..
قاطع شرودي صوتاً لم أتوقعه ولم اسمعه بحياتي ..
" آســـــــــــفـــــــــه "
يا آلهي هل هي من نطقت ؟ أم أنني احلم ..
لقد بدت لي بريئة حتى في صوتها ..
أية فتاة تلك !!
غضبي كله رحل بمجرد سماعي لتلك الكلمة الغير متوقعه ..
نظرت إليها بتركيز لكنها ما زالت مطأطئة رأسها للأسفل وبإصرار ..
وكأنها لا تريد أن تراني , أو أن أراها !!
قلت بعد طول تفكير .. وبهدوء :
" فهميني يا بنت العم ليه سويتي كذا ؟ "
" آسفة "
هاهي تقولها مرة أخرى !!
استأت هذه المرة من برودها وقلة مبالاتها
فماذا بوسعي أن افعل ؟ اُقبّل رأسها مثلا على صنيعها هذا !
أم أن أشكرها على تلك الحماقة الطفولية !
كدّت افقد صبري واتخذ معها أسلوب القسوة
والذي أظن بأن حياتي لن تتحرك إلا به ..
إلا أن دخول عمتي أمل حال عن ذلك ..
رمقتني بنظرات استفهام , فنفيت برأسي ..
وجهتْ بَصرها حيث الفتاة أمامي ..
والجالسة على ذاك الكرسي ..
اقتربت عمتي منها وقالت :
" ها لمى للحين ملزمه ؟ "
سمعت ذلك الصوت يقول بهدوووء تام جداً واقرب إلى الهمس :
" قلت لك آسفة "
امل : " ايه ليه طيب ؟ أنتي حطيتينا بموقف صعب .. لو احمد يدري كان جاء وجرك مع شعرك بالقوة .. بس نوّاف فضل انه يسايرك ولا تنقلب الفرحه لصرخه "
بدت الفتاة تأن .. وما هي إلا لحظات حتى انفجرت باكيه وأمام مرأى من عيني ..
بكاءها حرك مشاعري رغماً عني ..
إلا أني رميتها بنظرات ساخرة مستفزة ..
عمتي أمل لم تُقصر في حقها بل هدأت من روعها ..
إلى أن وصلت والدتي و خالتي أم ياسر .. وأخواتي ..
حينها تركت أمل الفتاة فأعلنت بدوري عزومي على الرحيل ..
رفضت خالتي استعجالي في ذلك ..
لكني اصريت على موقفي ..
" خاله أنا مستعجل طيارتي ست الفجر ولازم نرتاح "
همست لي هيفا بصوت واطي : "نواف أنت ما أنزفيت ولا العروس أنزفت !!!!! "
" ماله داعي هالشكليات يالله عن أذنكم .. مشينا يا عروس "
تحركت الفتاة أمامي كالآلة المأمورة ..
وصلنا السيارة فـ فتحتُ لها الباب الجانبي ..
وركبت بجوارها وإلى حياة جديدة .................................................. ..
* * * * * * * * * * *
[.. لمى ..]
وصلنا أخيراً للفندق وأنا أكاد أموت ذعراً بجوار شخص غريب لم أره في حياتي سوى مرتين ..
أمرني بالنزول ففعلت ..
مشيت خلفه كالطفلة المتابعة لذويها ..
وصلنا المصعد فوضع بأصبعه على رقم الدور ..
بالرغم من بعده عني , إلا أنني أحسست بالتوتر أكثر ..
لم اعد قادرة على موازنة أرجلي فاهتزازهما وذعرهما زاد عن أقصى الحدود ..
تبعته حينما خرج باهتزاز ..
وجدته يفتح باب إحدى الأجنحة فترددت كثيراً في الدخول..
لا أعلم حقيقة أي شعور ينتابني الآن !!
فأنا موقنة بأني موشكة على الغرقان ..
ها قد وصلت إلى الهاوية ..
ولا يمكنني أن اسمح لنفسي بالسقوط بها ..
سمعته يقول :
" تفضلي يا عروس "
لم أستطع الحراك .. حركتي شُلت ..
يخونني التعبير عما بداخلي ..
فالخوف والقلق ينتابني من جميع النواحي ..
لربما حياتي مع زوج والدي قد تكون ارحم من أيامي المقبلة ..
لكنه القدر وكما قلت لا يسعني أبدا سوى الرضي به ..
" خير وش فيك ؟ "
رفعت عيني فوجدته واقفاً وقد أتكأ على الباب ..
ويرمقني بنظرات ساخرة ..
كنت وبالطبع ما زلت ارتدي حجابي ..
مما أراحني بعدم قدرته على رؤية تعابير وجهي الباكية ..
أفقت من شرودي فتقدمت بخطواتي أكثر ..
عندما وصلته ابتعد عن طريقي ليتيح لي المرور ..
وصلت إلى منتصف الغرفة ..
فقال بعد مدة :
" غرفة النوم على يمينك .. وهذي دورة المياه .. خذي راحتك بالمكان أنا طالع شوي وراجع "
التفت إليه فرمقته بنظرات المندهش مما سمع !!
فأي زوج هذا , كي يترك عروسه وفي ليلة عمر كهذه ..
اعتقد بأنه شك بتعابير وجهي الموجهة اليه ..
فتقدم نحوي ببطء شديد ..
ما أن لمحت تقدم خطواته نحوي حتى شُلت يداي ورجلاي ..
وأكاد أجزم بأن قلبي أوشك أن يتوقف ذعراً ..
تبدلت ملامحي الساخرة إلى صدمة الخوف ..
تقدم أكثر فأكثر إلى أن أصبح في مواجهتي ..
رفع يديه نحوي وأشاح غطائي بكل قسوة ..
لدرجة انه افسد شعري قليلاً ..
كنت مذهولة من حركته تلك !!
ظلت على حالي
لا حركه ولا صوت ولا همس
أما هو فبدا يطالعني بنظرة غريبة لم أتمكن من تفسيرها !
حاولت قراءة عينيه لكني لم أستطع ..
مرت ثواني طويلة حتى أفاق لنفسه ..
وابتعد عني بسرعة وهرب إلى حيث لا اعلم !
بالطبع لم استطع نسيان تلك اللحظات بسرعة ..
بل بدأت استرجعها وأحاول تفسير نظراته حينما رآني من بعد ما أفسد غطائي ..
أعتقد بأنه شك فيما أكنه له تلك اللحظة فأراد أن يرى تعابير وجهي ..
تذكرت لمسته لغطائي وكيف له أن أشاحها بقوة ..
لا أعلم لمَ انتابتني السعادة لما قام به ..
اهو فخري وحبي للقوة ..
أم انه شيء آخر ..
حقيقة أنا لا اعلم .................................
* * * * * * * *
[.. نواف ..]
لم استطع أن أجبر نفسي على التواجد معها في نفس المكان ..
فأنا أشعر بالكتمة والضيق لدى إحساسي فقط بتواجدها ..
كرهي لها بدا يزداد لي عما سابقه ..
أحس برغبة كامنة في أن أَهلُ عليها بالضرب بأقصى ما لدي من قوة ..
إلا أنني برؤيتها فقط أنسى ذلك كله ..
تلك اللحظة والتي رفعت عنها ذلك الغطاء الأسود والذي يُخفي لي تعابيرها ..
اعتقد بأنني كدت أنسى العالم بأسره ..
شيء ما فيها يجعلني أسير لها ..
كنت عازما على إبعاد الغطاء وصفعها أيضا ..
لكن نظرة واحده فقط من عينيها أنستني هذا كله ..
أ أكون معجب بجمالها أم ذاتها.. هذا ما يجب أن اعرفه ؟
فأنا لا أستطيع إنكار مدى إعجابي بذلك الجمال الساحر ..
لقد بدت لي كالملاك في ذلك الثوب الأبيض الناصع ..
يتملكني فضول عن سبب رفضها للزفة ..
فأي فتاة في مكانها كانت لتسعد بهذه اللحظة ..
أما هي فترفض ذلك و بأصرار أيضا؟ ولكن لمَ ؟
أيعقل أن تكون تعلم بصفقة والدي.. ورفضي لها ؟
أم أن والدتها أورثتها حقدها وضغنها لنا , من المؤكد ذلك .......................................
* * *
عُدت في ساعة متأخرة من الليل ..
انزعجتُ كثيراً لدى رؤيتي الساعة فقد كانت تشير إلى الثالثة والنصف فجراً ..
لم أشعر بالوقت , فقد مرّ بسرعة عجيبة ..
وصلتُ إلى الجناح بعجله ..
فتحت الباب ودخلت ..
أخذت أجول ببصري بنظره عامه على المكان , بدا لي هادئاً ..
يبدو أنها نامت
حسنا إذن , فقد وفرت لي عناء مقابلتها من جديد ..
انتزعت حذائي .. وقررت ألا ادخل غرفتها .. بل سأنام هنا على الأريكة ..
وفعلاً هذا ما حدث .................................................. .....
< نهاية الجزء>