المنتدى :
الارشيف
سجينة الماضي للكاتبة ملكة بكبريائي متوقفه 2006
صراحه فيه قصه شدتني وحبيت احطها لكم معاي علشان تتابعونها
وبحط الاجزاء اللي نزلت
بسم الله
- الجزء الأول -
[ 1 - حقيقة مرّة ]
اِستيقضت من سريري هذا اليوم متأخره ..
فالحياة لم تعد تعني لي شيئاً من بعد فقداني لأعز ما أملك ..
انها الحقيقة المرّه والتي لا يمكن تجاهلها ابداً ..
كم تمنيتُ لو أني أستفيق من هذا الحلم المزعج ..
او انها تكون مزحة ثقيلة من والدي لمعرفة كم مدى محبتي له ..
لكن ! (ما كل ما يتمناه المرء يدركه ) ..
لهذا المثل مدى عميق في نفسي .. فأنا اقدره تمام التقدير لأنطباقه علي ..
فكم من مرة تمنيت .. وكم من مرة حلمت .. لكن هل تحقق لي شيئاً من هذا ؟ أبداً هذا لمْ يحدث ..
كرهت الحياة بما فيها .. وكرهت قدري اكثر ..
كم تمنيت لو أني متُ قبله..
وكم رفعت يداي متضرعة من اجل ذلك ..
ياألهي !! لقد تمكن اليأس مني تماما ..
استغفرت ربي تلك اللحظة وذهبت حيث دورة المياه وأقبلت إلى الوضوء ثم الى صلاتي داعية ربي ومتضرعه له بأن
يرزقني ما ينقذني من الغرق والتيهان .. ما يعوضني عما انا فيه من حرمان وضياع ..
احبتي .. اظنكم تجهلوني نوعا ما ..
فأنا لمى محمد , ابلغ من العمر العشرون عاما ولدت لدى عائلة محافظة وبسيطة جدا ..
العلم والتعلم لمْ يكونا من نصيبي بل حُرمت منهما كما حُرمت اختي نجود قبلي ..
والدي أنسان لا يسعني وصف مدى مثاليته ..
آه كم أحبه !
لكن ما اهمية ذلك , فقد رحل وتركني ابحر في الحياة بلا مجاديف ..
حرمني من العلم ورحل ..
آه ما اقسى هذه العبارة على نفسي ..
فحرماني لهذا العلم اودى بشخصيتي الى الحضيض ..
وجعلني انسانه حادة الطباع لدرجة لا تطاق وانا اعترف عن هذا بنفسي ..
كنت اعيش بسجن مؤبد بين جدران ضيقة .. لا انيس ولا رفيق ..
ليس لدي ما املك سوى والدي ووالدتي وشقيقتي واللتي اكاد اجزم بأنها نسخه مصغره من والدتي ..
والدتي نادرا ماراها لانهماكها بذلك العمل اللعين ..
اما والدي فأنا اعتبره شيئا آخر يفوووق معنى الأبوة ..
انه حقا اب مثالي لا يسعني سوى احترامه وتقديره ..
لكن دوام الحال من الحال ..
فها أنا الآن بت وحيدة .. رحل عني والدي وللأبد .. وتبعته اختي في ذلك ..
رحلا وتركاني في متاهة لا سبيل للخلاص منها ..
تنهدت وتأوهت فمرارة تجري في حلقي لا اعرف سببها ..
بل اعرف لكني ادعي ذلك ..
تمزقت حبال افكاري بطرق الباب , ففوجئت بدخول والدتي :
" هاه لمى جهزتي "
همست بشرود : " هاااااه "
قالت امي في غصة وقد لاحظت حفاظها على هدوئها :
" حبيبتي عمك تحت .. وينتظركـــ "
تداركت الآن ما أنا فيه وتذكرت ماوالدتي عازمة عليه , فتمسكت بيديها من جديد وقلت راجيه ببكاء :
" يمه تكفين قولي له يروح .. مابي اروح معه .. خليني معك ووعد مني لأجلس بهالغرفه وماتشوفين رقعة وجهي .. يمه تكفين حتى علي والله لأحب راسه ورجوله بس ماروح مع عمي يمه اذا انا بنتك بصحيح قولي له لأ هذي بنتي وهو ماله حق عليك .. يمه اوعدك اني اشتغل وما احملك اي مصاريف لكن اروح مع عمي لا يمه لا ولله ماقدر ماتخيل هالشي ابد يمه انــا مستعده أكــ ,,,,,,,, "
قاطعتني والدتي بغضب :
" لمىىىىى "
" بس يمه أنـ..... "
قاطعتني بلهجة امره :
" عمك ينتظركــ"
صمت فمالذي بوسعي قوله او صدّه ..
لا يمكنني الاعتراض او المناقشة في هذا الموضوع من جديد ..
فالأمر قد حسم وانتهى الامر ..
خَرجت من عيني دمعة حاره الهبت خداي بنزولها فَــلمْ اعد استطع كتمانها ..
اغمضت عيني منعاً لتدفق اي دمعة اخرى .. فأنا لا اقبل الشفقة من احد ..
حتى ولو كانت من والدتي ..
قدري الآن اعلن عن بدايته والذي اكاد اجزم باني عرفت أحداثه و نهايته ..
شهقت والدتي لدى رؤيتها منظري .. فاقتربت مني ولمست شعري بحنان وقالت :
" حبيبتي لمى انتي تدرين اني مستحيل اقدر اعارض عمانك وهالشي انا مابيه بس شنسوي ! هذا المكتوب وربك مقدر هالشي "
مسحت دمعتي بنفسي .. و رفعت لها رأسي بشجاعه :
" يمه ليه سويتي كذا ليه ؟؟؟؟؟ "
تجاهلت سؤالي بقولها :
" يابنيتي المره مالها الا الستر "
فقلت لها بسرعه وتسائل :
" وأنا "
اجابتني ببردوها المعتاد وكأن شيء لم يكن :
" ربي يرزقك بولد الحلال الصالح , بعدين أنتي مارحتي بعيد انتي بتسكنين عند عمك اللي بيعاملك مثل بناته او اكثر ليما يجي رزقك ..... "
قاطعتها بصراخي في وجهها بلا اراده ..
ثرت فأعصابي لم تعد تتحمل برودة والدتي وعدم اكتراثها بي ..
" بس يمه بس خلاص بترتاحين مني .. بروح واريحك من هالوجه اللي عمرك ما فرحتي منه "
بكيت وبكيت .. فهل بكاء القلب يجدي ؟
كلامي قاسيا نوعا ما .. لكنني لم اعد اكترث ..
فانا غارقه لا محاله مع هؤلاء الاعمام واللذين بحياتي لم ارهم ..
قلبي يكاد يتمزق فأنا اعرف تمام المعرفه مدى كره وبغض اعمامي لوالدتي ..
وكيف كان اعتراضهم لدى زواج والدي بها ..
تنكرو له من بعد ذلك وطردوه من كنف العائلة ..
عاشا بمعزل تام عن الناس ..
رحلنا عن الوطن حيث الخليج وبالتحديد الامارات العربيه المتحده ..
ولدت هناك .. في بلد غير بلدي .. وعشت فيه عشر سنوات من بعدها عدنا الى الوطن ..
والدتي لم استطع حتى الآن فهم شخصيتها او طريقة تفكيرها ..
انها كتاب مغلق باوصاد واقفال .. ولا يمكنني قراءتة او حتى فهمه !
فمرة اجدها غير مباليه وانانية بكل معنى الكلمه ..
ومرات اكثر اجد الحنان والمودة يتلألأن في عينيها ..
لكن نظره الحزن التي اراها فيها لم تغب ابدا عن ناظري بالرغم من القسوة التي تحيطني بها ..
تنبهت من جديد لوعيي لأجد نفسي بين احضان والدتي ..
وقد تمزقت هي الاخرى من البكاء و النواح ..
فمن يدري لربما هذا اليوم هو آخر يوم آراها فيه ..
لم أعد مباليه ..
انتزعت نفسي منها بقسوة , واتجهت حيث ملابسي فلملمتها ووضعتها في حقيبة صغيره لقلتها واقفلتها ..
لم اقوى على رفع بصري الى والدتي فأنا اعلم بأني ان فعلت سأضعف واتجه اليها من جديد وهذا ما لا اريده ..
فهي من تخلى عني .. ورماني في بئر عميق لا ادري كيف سيكون خلاصي منه !
او لربما سوف اغرق واغرقهم معي .. من يدري ؟
* * * * * * * * * *
أخيرا وصلت الى غرفة الجلوس حيث الجميع هناك ..
وضعت حقيبتي جانبا بأسى .. ورفعت بصري حيث المواجهه ..
نهض من الكنبه متفاجئاً بدخولي .. واكاد ألحظ نظرة غريبة من عينيه وكأنه تفاجأ بي أو لربما شيئا آخر ..
اما أنا فلمْ أكن اتخيل ابداً بأن عمي قد بلغ سن الشيخوخه ..
لقد ظننته بعمر يقارب عمر والدي ..
لكن ما آراه الآن فهو العكس تماما ..
حاولت قراءة عينيه لعلي اجد املا جديدا بحياتي معهم ..
لكن ظنوني يبدو ووانها بمحلها تماما ..
فنظرة السخريه اتضحت لي تماما من خلال تلك العينين الحاقدتين ..
كان ينظر الي وكأني مجرم يواجه محاكمته بالرغم من اني برئية من ذلك الماضي المجهول ..
فأنا اجهل اسباب والدّي في الزواج ..
تكلمت أخيراً والدتي والتي كانت متواجدة هناك مع زوجها البغيض "علي" ..
قاطعتاً لحظات الصمت والشرود التي بدت على الجميع لحظة دخولي ..
فقالت لي من خلف حجابها الاسود :
" سلمي على عمك أحمد يا لمى "
اذن فهذا العم المزعوم هو احمد اي وكما عرفت من والدي هو أكبر اخوته ..
اووه يا ألهي ماأذكره من حديث والدي عن العائلة .. بأن احمد هو المحرض الاول على نفي والدي من العائلة ..
وبالطبع تجاهلتُ والدتي كعادتي , فرمقت عمي بنفس نظرته وقد قررت بأن أهينه بعدم مصافحتي له لكني مالبثت ان ضعفت
ومددت يدي إلى تلك اليد الخشنة القوية والتي كادت ان تكسر عظامي فقال :
" السياره برا وفكرة الانتظار تراي ماحبها "
فتركني وخرج ..
فهمت تلك الحركة بسرعه فهو يريدني توديع والدتي وذلك الاحمق "علي" ومن ثم اللحاق به ..
روادتني فكرة مجنونة بأن اتجاهل كلمته الاخيره واتعمد التأخير ..
لربما احقق انتصارا لذاتي قبل بدء تلك الحرب ..
لا اعرف حقيقة مالذي يجعلني اتصرف كالطفلة المتمردة ..
لم أكن كذلك ابداً ..
لكنني اكره العجز والخلود تحت رحمة الآخرين لذا قررت اعلان الحرب قبل قيامها ..
ودعت والدتي وتداعيت بأني نسيت شيئا في غرفتي ..
اتجهت مسرعة حيث الغرفة فأقفلت على نفسي الباب واجهشت بالبكاء من جديد متأملة انحاءها قبل الفراق الاخير ..
* * * * * * *
تنبهت اخيرا على صوت الباب يكاد ان ينقلع من مكانه ..
ارتبت واصابني الهلع فيبدو انني مع نوبة البكاء تلك , قد غرقت في غفلة قصيرة ..
اسرعت الى فتح الباب ففوجئت بــ "علي" زوج والدتي , يصرخ في وجهي قائلاً :
" اظنتس تدرين ان عمتس تحت ؟؟؟؟؟ "
صمت كالعادة فأنا لا استحمل تواجد هذا الشخص امامي فأنا اكرهه اشد الكره
رمقته بنظرة احتقار واحده كافيه لردعه والرد عليه ..
كاد يفقد اعصابه ويفعل ما انا بأنتظاره منذ زمن لكي ابرهن لوالدتي مدى ادعاءه لحبي ..
لكنه تمالك نفسه اخيرا وانصرف من حيث اتى ..
عدلت نفسي وغسلت وجهي ولبست حجابي ولثامي ..
وتأهبت للحرب الجديده بعزيمة اقوى ..
ونزلت الى حيث السيارة بل الى حيث عمي ..
* * * * * * * * *
ركبت في المقعد الخلفي بصمت ..
كان الجو هادئا نوعا ما .. اما بالنسبة لعمي فأدركت بأنه يجلس بجوار السائق , اما السائق فحقيقة اجهله
لكن من المؤكد بأنه احد ابناءة او ابناء اخيه لأنه يبدو لي من هيئتة الخلفية بأنه شاب ..
كُسر حاجز الصمت اخيراً ......
" أظن اني عطيتك فكره قبل لا اطلع بأني اكره التأخير يابنت محمد "
" آسفة ماحسيت بالوقت " كان ردي بارداً جافاً ..
اومأ برأسه بكبرياء ولاذ بالصمت ..
قال السائق :
" هاه وين تبي بيتي ولا بيتك ؟ "
لم افهم بالضبط عن ماذا يتحدثون !
ومن هو ذاك المتحدث !
لابد وانه ابنه .. أذن سأواجه اياما اكثر صعوبه مما توقعت ..
فالبيت يوجد به شخص شاب وبالغ مما سوف يعيق حربي وحريتي ..
ياآلهي بل يالا غرابتي ؟
كيف لي ان افكر بالحرب وانا المهزومة لا محاله ..
بل كيف لي ان افكر في حرباً لست مؤهلتا لخوضها ..
فالمكان ليس مكاني والعائلة ليست بعائلتي ..
بل انا انسانه غريبه ودخيلة عليهم ..
اصابني الشعور بالاعياء والتعب من جديد فبمجرد التفكير بهذا الامر تنتابني مباشرة تلك الخنقات المرة ..
مشكلتي الوحيده هي الكتمان فأنا لا احب الانفجار بل اعتبره لحظة الضعف ..
وهذه لحظة لم ولن ادعها تهزمني يوما ما ..
فانا معتادة على ذلك ..
والدي بالرغم من قربه لي الا انني بحياتي لم اشاركه بهمومي بل كنت مكتفيه بسماعي همومه بالرغم من سطحيتها ..
مرّ على وفاته ثمانية اشهر , استطعت من خلالها العودة الى حالتي الطبيعيه بعد الانهيار العصبي الذي اصابني والذي بدورة ألزمني الفراش شهرا كاملا ..
فموته كان على مرأى من ناظري ..
اختي لم تمت بسرعه بل لبثت في العناية المركزة تسعة ايام من بعدها فارقت الحياة ..
كان حادثا صعبا للغاية ..
افقت من جديد لأجد احدهم يخاطبني قائلا :
" حياكـــ يابنت محمد "
|