كاتب الموضوع :
انا وانتي وكلنا
المنتدى :
الارشيف
- الجزء الخامس -
[ 5- هـروب لادغ ! ]
قالت لي راجيه :
" سوي لي هالخير ولو مره في حياتكـ .. اذا مش علشاني فهو علشان ابوي .. تكفين لا ترديني "
أنه أول طلب تطلبه مني تلك الصغيرة ..
تساءلت في سري كثيراً عما يجول في خِلدها ..
فالشكوك تراودني تجاهها ..
فليس من المعقول أن تكون قد نست أحداث الأمس..
بدت لي طبيعيه جداً هذا اليوم بعكس حالتها الليلة الماضية ..
قالت لي راجيه وقد أمسكت بيدي :
" تكفين يا عمه لبيني .. أول مره أطلبك "
لم أشأ أن أردها ..
فقد بدأت بتقبلها والتعلق بها ..
أجبتها بعد مدة من التفكير برجاء :
" اوكي موافقه .. بقول للسواق لكن بشرط "
استاءت لاستغلالي فقالت :
" واللي هو ؟ "
أجبتها بعد طول تفكير :
" رجلي على رجلك .. غيره مافيه "
ابتعدت عني نوعا ما وأخذت تفكر فجاءني ردها الماكر ..
والذي يثبت لي مدى حنكتها :
"عمة تروحين معاي وش تسوين ؟ قلت لك بسلم وراجعه "
قلت مهدده :
" وإذا رجع اخوي وما حصلك وش اقوله ؟ "
لمى : " لا تخافين هو أصلن متى يشوفني ؟ وبعدين رقمك معي وبطمنك اول بأول , واذا حابه اعطيك رقم الوالده ماعندي اي مانع "
قلت مستسلمه :
" امري لله , خليني ادق ع السواق عشان يجهز السياره .. بس هاه توعديني ما تتأخرين مابي انذبح "
قالت بشرود :
" انتي كلمية الحين ويكون خير بعدين "
* * * * * * *
[.. لمى .. ]
جيد هاهي الأمور تجري لصالحي من جديد..
حسنا إذن كيف سأفسر الموضوع لوالدتي ؟
كل ما علي الآن هو أن اخبرها بالحقيقة لعلها تنقذني من ورطتي..
فوالدتي الآن هي ملجأي الأول والأخير ..
وليس لدي سواها ألجأ إليه من بعد رب العالمين سبحانه ..
قبّلت جبينها شاكره :
" مشكورة يا أحلى عمة.. خدمة ما راح أنساها طول عمري "
خرجتُ من غرفتي من بعد ما أكدت لي خلو المنزل..
فالجميع في منزل العم عبداللطيف ..
ركبت السيارة أخيراً ولمْ ينتبه أحدهم إلي ..
أغلقت الباب وأخبرت ذاك السائق بطريق منزلنا ..
* * *
وصلت إلى هناك .. فبدأ قلبي بالخفقان ..
فأنا اجهل ردة فعل والدتي لدى حين تعلم بعودتي إليها من جديد ..
فهل سيسعدها ذلك ؟
لا أعلم !!
طرقتُ الباب وتنهدت ..
فها أنا الآن أجازف بحياتي وأتحدى ذاك الكهل عن طريق والدتي ..
ياترى .. كيف ستكون ردة فعله حينما يكتشف هروبي ؟
يا لكِ من مسكينة أيتها العمة , أعتقد بأنك ستواجهين يوماً صعباً ؟
لكني متأكدة بأنه لن يسكتْ , بل سيأتي سريعاً إلى هنا ..
عندها سأُشفي غليلي به , وارفض الخروج إليه ..
سأحبس نفسي في غرفتي ..
عندها لن يستطع التهجم على حرمة المنزل..
بل أظنه سيُفرغ حقن غضبه في عمتي المسكينة..
فتحت لي الخادمة أخيرا .. فقلت لها لاهفة و بسعادة :
" I'm back Maria .. I'm back"
قالت لي بسعادة :
" I can't believe that "
رحبت بي كعادتها .. بدت مشتاقة إلي جداً ..
سألتها أين والدتي فجاءني الرد :
"she's shopping"
لمى : " ? Oh no... When well she's back"
الخادمة: " !! I don't know"
لمى : "ok I well waiting her "
قد يستغرب الجميع قدرتي على إدراك المحادثة الانجليزية وفهمي لهذه اللغة ..
فأنا جاهلة ولم أنل قصدي من العلم ..
إلا إنكم تجهلون بـــــــ [ أم عزة ] جارتنا المصرية
لقد تعرفنا عليها حينما كنت في سن الخامسة عشر ..
لقد استاءت كثيراً لدى معرفتها بجهلي للقراءة والكتابة ..
فاعتكفت علي سراً وعلمتني كيف أقرأ و أكتب..
إلا أنها لم تفلح في ذلك..
كوني لمْ أساعدها بالتقبل والفهم ..
يمكني القول بأني استطعت أن أدرك القراءة لكنها ليست بالدرجة المتمكنة ..
أما اللغة الانجليزية فتعلمتها بعد وفاة والدي ..
وبالتحديد تلك الفترة والتي أصبت بها بالانهيار العصبي ..
حيث وجدتْ والدتي بأنه من صالحي أن تُبعدني لأنسى..
ولم يكن بوسعها أن تجعلني أنسى إلا إذا أشغلتْ نفسي بــ شيئا آخر ..
وكوني مهووسة بالأفلام الاجنبيه منذ صغري ..
فلم أواجه صعوبة بالتعلم ..
بل بدا لي شيئاً ممتعاً ..
جلستُ في الداخل منتظرة عودة والدتي بلهفة ..
آه كم اشتقت إلى أحضانك أيتها العزيزة ..
بدأت ذكريات الماضي تعود إلي ..
نجود .. والدي.. والدتي.. كل شيء يمر من أمامي
تنهدت بصعوبة , فكل شيء الآن رحل ..
لم يتبقى لي في هذه الحياة سوى والدتي ..
مضت خمس ساعات من انتظاري ولا أثر لها..
أخيرا سمعت صوت الباب يغلق وقهقهات والدتي مع ذلك الأحمق قد تغلغلت في أذناي ..
كل ما سمعته هي جملة هزتني من الداخل وأيقظتني من غفلتي :
" ليتك من زمان معلمة احمد بـ بنتك ومريحتنا منها توني أحس إني متزوج وعايش "
وصلا إلى المدخل وقد بدا سعيدين للغاية ..
ولن يعكر مزاجهما سوى تواجدي بينهما من جديد ..
أصابتني غصة في حلقي ..
فأيقنت للحظة بأني أخطأت العنوان .. وتسرعت في المجئ ..
فمكاني ليس هنا بل بين أحضان عائلة والدي..
ويجب أن اَقنع بالأمر الواقع ..
صُدِمتْ والدتي لدى رؤيتها وجهي .. فكشرت عن شفتيها وقالت باستياء :
" لمى !!!!!!!!!!!!!! "
اِقتربت مني بعد أن أفلتت من بين يدي زوجها بصعوبة..
" أنتي هنا "
قلت محاربة دموعي :
" شلونك يمه ؟ "
اجابتني ببرود :
"الحمد لله.... وش جابك هالحزة ؟ "
لمى : "آسفة بس حبيت اسلم "
سألت : " عمك يدري ؟ "
أومأت برأسي نافيه بحزن , فشهقت وقالت :
" يالغبيه انتي وش سويتي ؟ "
تركتني واتجهت إلى الهاتف ..
أسرعت إليها فسحبت السماعة من بين يديها محاربة دموعي , قلت بشجاعة :
" لا تتعبين عمرك يا فوزية , ما عندي نية أشاطرك البيت أنا كنت بسلم بس , عن أذنك "
خرجتُ معلنة الفراق بلا عودة ..
خرجتُ وقد تمزق قلبي بكاءا ..
ها أنا تائهة من جديد ..
ها أنا أصارع الأمواج بلا حبل نجاة ..
لا يسعني سوى الرضوخ للأمر الواقع ..
فمن هي أنا كي ترفض أو تفرضُ أمرها ..
إنني لست سوى فتاة طائشة جاهلة و فاشلةً أيضا ..
لمَ أنا دائما متمرده ..
فـالـ أرضى واَقـــنــع .. فلم أعد قادرة على تداعي القوة بعد ..
فأنا لست سوى سجينة الماضي ....................................
والله وحده يعلم بحالي ...
* * * * * * * *
[.. امل ..]
هاهي الساعة الآن العاشرة مساءاً ولا اثر لها ..
يا آلهي كيف سأفسر الأمر لأخي ؟
انه لن يرحمني فأنا من سهل لها ذلك ..
فمن المؤكد أن تكون قد رحلت بلا عودة..
ما لعمل الآن ؟
منزلها ولا اعرف طريقه ؟
كم أنا متسرعة .. كيف لي أن سمحت لها بذلك ؟
لمت نفسي على تسرعي وطيشي كثيراً , فكيف لي أن اصدق حيلتها بهذه السهولة !!
فمضى الآن على رحيلها خمس ساعات ولم تعد بعد ..
كنت امشي وأعود بلا هدف ..
دخلتْ علي تغريد حاملة بيدها كوباً من الشاي , استغربت أمري فقالت :
" اموله شفيك ؟ "
امل : "ولا شي "
تغريد : " ما أظن "
صرخت في وجهها : "اوووف قلت لك ولاشي حلي عن وجهي "
قالت بلا مبالاة : " اعصابك.. اعصابك انا ماشيه "
رحلت عني وآلاف علامات الاستفهام تتماشى من حولها ..
لم اعرها اهتمام , فالأفكار والوساوس أخذت نصيبها مني تماما ..
يا الهي أصبحت الآن العاشرة والنصف .. من المؤكد أنها لن تعود ..
قلت بضيق : " ليش سويتي كذا يا لمى ؟ ليه ؟ "
جاءني صوت ليس بغريب :
" وش سوت بعد بنت محمد ؟ "
ارتعشت حينما التفت لأفاجئ بأخي خالد يدخل ويغلق الباب خلفه ..
لم استطع تفسير جملتي , فارتبكت وتلعثمت قبل أن أقول :
" ولا شي يا خوي كنت شايله همها مع نواف "
اتضح الاستياء على وجهه فقال بحده :
" ماني أبو فيصل إن تم هالزواج "
قلت بضيق :
"ما راح تقدر .. ولده وهو حر فيه "
أجاب بغضب واضح :
"مو المشكلة انه ولده .. ولا لو راكان كان قدرنا عليه "
فُتح الباب في هذه اللحظة فالتفتنا معاً لنفاجئ بـ لمى ..
لا يسعني وصف مدى سعادتي بذلك ..
فلقد ظننتها لـ لحظة بأنها هربت ..
زالت فرحتي حينما دققت في ملامح وجهها ..
كان مكفهراً مسوداً وكأن مصيبة عظيمة وقعت على عاتقها ..
عينيها محمرتان ومنتفختان بشكل مريب ..
كادت تسقط من عيني دمعة لحالها هذا ..
إلا أني فوجئت بأخي خالد يقترب منها ويشدها من شعرها :
" وين كنتي يا بنت محمد ؟ من أولها طلع الوجه الثاني ؟ "
لحقت به :
" لا خالد لأ "
إلا انه لم يبالي بي فدفعني بعيداً ..
كان يشدها بقسوة ..
يا الهي أتعلمون ماذا فعلت ؟
لم تبالي أبداً ..
وكأنها اعتادت على هذا ..
كانت تنظر إليه بلا أية مبالاة أو خوف ..
لا اعرف كيف أن حركتي شُلت ولم أدافع عنها حينما أبعدني خالد ..
لقد كنت مذهولة ومصدومة ..
كل شيء تم أمامي بسرعة ..
سمعتها تقول :
" وش بتسوي أكثر مما سوى غيرك ؟ هذاني قدامك تبي تضربني عادي اضرب ماعاد الضرب يهمني جلدي مات من زمان .. او انك بتزوجني ولدك انت بعد "
أرخى قبضته منها وأنا على حالي , لم أتحرك حتى من مكاني ..
أبعدها عنه وقد لاحظت بأنه قد تأثر بآخر جملة لها ..
ومن لا يتأثر بمنظر كهذا ..
فمنظرها يدمي أقسى القلوب ..
أحسست بــ خنقات في صدري ..
وددت حمل ولو قليلا مما على عاتقيها..
وددت لو أحل مكانها ولو لبضع لحظات ..
أظن بأنها قاست الكثير, الكثير من الجراح ..
فمنظرها وانكسارها الآن يثبت لي هذا ..................
* * * * * * * *
[.. لمى ..]
وصلتُ إلى غرفتي وألقيت بنفسي على السرير بثقل ..
دخلت في نوبة بكاء طويلة ..
لم أكن أتخيل ردة فعل والدتي أبدا ..
لقد خُيل إلي بأنها ستتلقاني بين أحضانها وتحميني من أعدائها ..
ظننتها ستمسح شعري بحنان وتخبرني بمدى اشتياقها لي ..
ظننتها ستحتفظ بي وتمنعني من العودة ..
آه .. آه فشيئاً من هذا لم يحدث, ولن يحدث أبداً ..
ها أنا يتيمة الأبوين..
والدي رحل ..
أختي رحلت ..
اما امي فقد تخلت عني ..
و أعمامي ينتقمون ..
أية حياة هذه كي أدافع فيها عن حقوقي ..
أية حياة هذه كي أعارض أو أتمرد ..
إنني و بلا شك لست سوى طفلة ساذجة حينما تمسكت بالحياة ..
انتفضت من مكاني في هذه اللحظة ..
فنهضت ومسحت دموعي وخرجت من غرفتي متوجهةً إلى قدري بنفسي وبكامل قواي العقلية ..................
* * * * * * *
[.. أمل .. ]
كنت سارحة شاردة إلى أبعد الحدود ..
أستهوت تفكيري تلك الصغيرة ..
ما لذي يجعلها هكذا ؟
أنها غامضة جداً بالنسبة إلي ..
فأنا حتى الآن لمْ أشهد سوء معاملة من اي منّا اتجاهها ..
هل قرار أخي بتزويجها يجعلها بهذه الصورة ؟
ألهذا الحد هي كارهه للزواج ..
أم أنها كارهة نواف نفسه ؟
لكنها لا تعرفه ولمْ تره قط ..
هل يا ترى تعلم بشأنه مع أنهار ؟
هل ستتصدى لأخي أبا ياسر ؟
لقد بدت لي قوية حينما أهانته في مكتبه ..
فسلطان اخبرني بمدى تلفظها على اخي حينما داهماهما في المكتب قبل مجيئي ..
إن فعلت وانتصرت .. فـ هي لمعجزة كبيره ستحدث للمرة الثانية في حياة أخي احمد ..
يا الهي إنها نسخة مصغره من والدها كيف لي لم انتبه لذلك !!
نفس القوة والصمود والعناد ..
يبدو انها صفات موروثه في العائلة ..
قاطع اخي شرودي بقوله :
" الوكاله انتهت يا أمل متى تبيننا نجدد العقد ؟ "
امل : " هاااه ؟ "
رفع ببصره من فوق تلك الجريدة قائلاً بجمود :
" لوين وصلتي يا أمل ؟ "
امل : "آسفه كنت سرحانه .. وش كنت تقول ؟ "
رمقني لفتره وكأنه يبحث عن شيء ما , بعدها قال :
" الوكاله انتهت متى تبين نجدد العقد ؟ "
امل : " متى ما بغيت لو الحين ما عندي اي مشكله "
ابو ياسر : "حلو .. بكرا اجل توقعين على العقود , بارسلها لك مع سلطان في الصباح "
امل : " على امرك ياخوي "
كان وكأنه يود إخباري بأمر ما شغل تفكيره ..
فبدا لي على غير عادته .. التردد واضح على ملامحه ..
كان قلقاً مهموماً .. حاولت استدراجه بقولي :
"وش فيك يا خوي عسى ما شر ؟ "
قال بعد تنهد طويل :
" لا بس أحس إني استعجلت الأمور بإعلاني الملكة "
كلا أنا غير مصدقة ..
أيعقل أن يكون هو احمد من تفوه بتلك الكلمات ؟
لم لا ها هي المعجزة تتحقق ..
يا الهي حقاً أنا مذهولة ..
كيف له أن يتراجع بهذه السهولة ..
أنها لمعجزة سوف تكتب في التاريخ ..
يا لكِ من فتاة يا لمى , ها قد استطعتِ التفوق عليه بجداره ..
ها هو ينسحب وبمحض إرادته ..
قلت له بعد فترة تفكير وبسعادة غامره :
" عين العقل يا خوي , من زمان وانا انتظر هالخطوة منك "
استجمع قواه وقال :
" ما دري ودي انهي الموضوع , بس ما هي بحلوة فــي حقــ .... "
قاطعته بقولي : " بالعكس يا خوي اللي بتسويه بيسعد اطراف كثيره , بمن فيهم ولدك وزوجتك وانهار واخوي وزوجته
وكمان لمى صدقني ياخوي انت بتسوي جميل بحق المرحوم , البنت يتيمه وربي مايرضى بالظلم "
قال بخيبة أمل :
" وهذا اللي مخوفني , ولا لانواف ولا عبداللطيف يهموني "
أسعدني اعتراف أخي وشجاعته للتراجع عن قراره ..
قاطعنا صوت آخر:
" السلام عليكم "
التفتنا معنا ..
لقد كانت لمى وقد بدى عليها الشحوب أكثر ..
كانت عينيها مشــبــثــتان على أخي ..
قالت بعد فترة طويلة من النظرات المترددة و بشجاعة غير متوقعه :
" أنا .. أنا موافقة يا عم على ولدك ومستعدة للملكة "
< نهاية الجزء>
|