- نعم.
- الزورق ؟ سان فيليب . هل هو ملك لك؟
عبست لوسي قائلة :
- إنه ملك خالي.
كان الرجل يتحدث بلغة الكانالان , ولهجة مينوركا , بدرجة كثيفة حتى انها اكتشفت انه من الصعب متابعته . لقد كانت تتحدث لغة كاستيلان بتبيان , وهي اللغة الفصحى الأسبانية , غير ان لهجة ولغة الكاتالان في جزء منها كبير , هي التي اصبحت اللغة الرئيسية على الجزيرة منذ نهاية عهد الجنرال فرانكو, قال الرجل:
- اخبري خالك ان يبتعد عن الفيلات, اخبريه انه ليس في صالحه ان يبحر بزورقكما بهذه الدرجة من الإقتراب من الشاطئ. إن ملاك الفيلات هناك لا يحبذون ذلك.
واعرض مولياً نحو الميناء , وهو يصرح :
- اخبريه , بأنه يتعين عليه ان يبتعد.
اقطبت لوسي وعبست , وقالت ببطء:
- انا لا افهم . من أنت ؟ من الذي ارسلك هنا؟
فكر الرجل قائلا :
- اخبريه فحسب. انه يعتين على الزوراق ان تلزم هذه الجانب من الميناء. إذ ليس في صالحكم ان تبحروا على مقربة من الفيلات . اخبريه بذلك.منتديات ليلاس
بحلقت لوسي فيه. ياله من امر شاذ. لمن يوجه تلك المحاذير, وماذا كان يفعل في كالا كورب؟ لقد اشعرها بالفزع والخوف على حين غرة. لقد كانت قلقة , وهي تجلس على الكرسي الوطائ , بينما كان هو يلوح مهدداً إياها . دفعت نفسها بعيداً, وتحركت خطوات منه. قال الرجال :
- اذا فعلتم ذلك, فلن تكون ثمة متاعب لكم.
ولكن إذا لم تنفذوا ما اقترحه ؟ يا للمساء , هذا يمثل تهديداً! نظرت لوسي في كل جانب. لقد اختفى . كل صيادي السمك وتوجهوا من اجل تناول طعام الغذاء وقيلولة الظهيرة. كان ثمة القليل من السياح يأكلون خارج البار, ولكن ليس ثمة شخص تعرفه على مرمى بصرها, لم يكن هناك أي شخص تستطيع ان تناديه ليأتي وينقذها.
فقالت بطريقة وديعة ضعيفة :
- الرأي عندي ان تعاود المجيء ثانية حينما يكون خالي متواجداً.
لم يتأثر او ينفعل الرجل , وكرر قوله:
- يتعين عليك ان تعلميه بذلك.
ووقف هناك برهة من الوقت , وهو ينظر محدقاً فيها , ثم التفت وذرع المكان بخطوات واسعة متوجهاً ناحية اسفل الخليج الصغير كانت لوسي تراقبه , وقد اصابها التنويم المغناطيسي. لقد مر بطول صف الزوراق وشرع في الإبحار.
لقد كان زورقاً ابيض . يا للسماء , اعتقدت صوفي انه لابد ان يكون ذلك الزورق الذي طارد زورقهم سان فيليب في اليوم السابق!
ولما كان الرجل يدير المحرك, ويزمجر بالزورق خارجاً من الخليج الصغير, منطلقاً عبر الميناء, كانت لوسي تحدق كالعمياء في الأثر الذي خلفه الزورق في المياه وانتشر في ارجاء المرفأ. تجنبوا الإقتراب من الفيلات . لقد بدأ الكلام يفصح عن معانيه . إن ذلك الرجل هو بالتأكيد الذي كان يقود الزورق الضخم في اليوم السابق , وصار واضحاً لها الآن, ان ذلك هو ماكان يفعله ويهدف به في محاولة لإبعاد زورق سان فيليب بما فيه الكفاية عن الفيلات الكائنة في مقدمة الميناء. والآن لقد جاء شخصياً لتعزيز تلك الرسالة . هل كان يمتلك إحدى تلك الفيلات ؟ إنه لا يشبه للناظر إليه ومن بعيد انه ينتمي إلى مجموعة المشاهير الأغنياء العالمين الذين يعيشون بطول جبهة الماء. إذن لابد وان يكون مكلفاً بالعمل لصالح احد اولئك الملاك , إذن سيده هو الذي اصدر إليه الأوامر , بأن يباعد زوراق السياحة عن الفيلا والأراضي المجاورة لها .ريحانة

لم تروعت لوسي من جراء ذلك , ليس لأن الرجل انصرف . ولكن , طالما انه قد انصرف , اكتشفت هي انها غاضبة كليا وخائفة . يالها من وقاحة! إن الميناء مثله مثل الطريق , لا يستطيع احد وليس بمقدور احد ان يمنع القوم من ان يستخدموه , حتى ولو كانوا قد اقتربوا من شواطئ الفيلات قرباً كبيراً لأغراض التسلية وخلافه. لقد كان خوان والملاك الآخرون للزوراق السياحية يستخدمون المرفأ في السياحة لسنوات طويلة وهم لن يغيروا مسارهم لمجرد ان بعض المقيمين من الأغنياء يعتبرون ذلك ضجيجاً وصخباً.
لقد صدمها فيما بعد ذلك, في وقت متأخر لاحق, ان تعلم انها كان يجب ان تقول له ذلك. حسناً, لقد كان طيباً انها لم تفعل. إذ كان يبدو الرجل قوياً وعدوانياً على نحو مخيف مروع, , ولم تكن تحب ان تخاطر مجازفة بمعاداته عداء سافراً. لسوف تقول ذلك لخوان, إذا ما أصر على هذه الحملة الغريبة . لأنه , كما تظن لوسي , هي وخوان لن يسمحا بأن يستسلما لتوعداته , إنهما لن يغيرا من مسار زورق سان فيليب ولو مسافة بوصة واحدة.
تساءل خوان متسائلاً:
- او قد فعل؟ لماذا , إننا لم نفعل شيئاً . سوف ننتظر لنرى ماسوف يحدث.
اضافت صوفي :
- على اية حال , ليس ثمة مانستطيع ان نفعله . رجل ممتلئ الجسم مطلق شعر لحيته , داكن البشرة , ويرتدي ملابس العمل , فكيف يتسنى بحق السماء ان نكتشف هويته ؟ هناك الآلاف من الرجال مثله حولنا.ريحانة
كانوا جالسين حول المائدة يتناولن طعام العشاء , تلك الأمسية , ولم تكن ثمة اضطرابات جديدة في رحلة الزورق عند الظهيرة , ليس ذلك بالأمر المدهش , لأن الرحلة الغامضة لزورق سان فيليب لم تمر على مقربة من الفيلات الواقعة على الجانب الشمالي الشرقي من الميناء. ولكن لوسي اقنعت نفسها , وهي تتدبر الأمر , في تلك الظهيرة , ان خوان كان ينبغي عليه ان يتخذ إجراء او ان يفعل شيئاً بشأن ذلك الوعيد المستتر الذي تلقته.
قالت :
- إنني اعلم كم هو امر شاق ان تقتفي اثره . وإني لأعرف ان هناك عشرات الزوراق الكبرى المطلية باللون الأبيض , تماماً مثل الزورق الذي رأيته , ولكم كنت اتمنى ان ارى وألاحظ الأسم الكتوب فوق الزورق بالأمس, إنني لم استطع قراءته اليوم, لقد كان بعيداً جداً, غير انه كان الزورق عينه , وإني لعلى يقين من ذلك.
قال خوان:
- لقد كان يتعين علي ان اقرأ الاسم , ولكنني لم افعل.
- وماذا نحن فاعلون؟
- هل انت تريدين ان تفعلي شيئاً؟ حسناً, إذ كنت عازمة على ذلك, بوسعك ان تسألي آنا وجايم . فربما تعرض هو ايضاً لمطاردة الزورق. وربما استطاعت آنا ان تخبرك , وإذا ماوقع ذلك , هناك فرصة طيبة في ان تكون قد رأت اسم الزورق.منتديات ليلاس
لقد كانت تلك هي النصيحة التي أشار بها مال , ان تستشير آنا . وكان ذلك يبدو معقولاً لدى لوسي. إذ ظنت انه إذا كان رجل ميوركا جاداً بشأن إبعاد الزوارق السياحية عن الشاطئ, إذن فلابد وان يكون قد تغاضى على ملاك الزوارق الأخرى , بالمثل ؟ قالت :
- سوف افعل ذلك صباحاً. منتديات ليلاس

كان الزورق الأزرق الذي يمتلكه جايم وآنا يرسو في خليج كاليس فولس, أكبر خليجين تم حولهما بناء مدينة كارلوس . شقت لوسي طريقها هناك في اليوم التالي عند الصبيحة , متوجهة إلى البار حيث تباع تذاكر الزورق.
كانت آنا إمرأة جميلة قادمة من برشلونة . وكانت تجلس على احد المناضد خارج البار , تطلي اظافرها باللون الأحمر. قالت لوسي :
- اهلاً بك يا آنا.
ثم جلست في المقعد المقابل لها , وصاحت :
- لقد اقترح خوان على ان استشيرك في امر هام. هل تعرضت انت وجايم لأية متاعب في الآونة الأخيرة, من جراء الزورق العملاق في الميناء؟
ضاقت عينا آنا . ومدت يداً ذات مخالب حمراء اللون الى زجاجة ضيئلة من طلاء الأظافر والتقطتها بعناية , وقالت:
- هيا بنا إلى الداخل.
اتبعتها لوسي داخلة إلى اعماق البار جلست آنا على احد المقاعد الواطئة , واودعت طلاء الأظافر على احد المناضد ذات الغطاء الزجاجي . قالت:
- إذن , تعرض خوان للمتاعب ايضاً.
- يوم الاربعاء . ولم نقم برحلة الميناء بالأمس, ولذا لا اعلم ما إذا كان الزورق الضخم قد عاد ثانية أم لا.ريحانة
- لم يعد, كلا, بيد اننا قد تعرضنا للارتباك والمضايقة منه يوم الأربعاء , تماماً مثلما تعرضتم انتم. إنها سانت كاتيرنا , وجايم يعرف الرجل الذي استخدمه , ولكنه باعه إلى احد احواض إصلاح الزوارق منذ شهرين , في ماهون.
- هل بمقدروك ان تخبرينا من اية فيلا جاء؟
هزت آنا رأسها , وقالت :
- لقد ابحر من رصيف طويل خشبي يشارك فيه الفيلات الأربع .
- اربع فيلات!
- حسناً. آخر فيلا على الطرق تمتلكها مطربة من برشلونة , ولكنها كانت تتردد على الجزيرة منذ سنوات , وهي ليست من النوع المثير للمشكلات.ريحانة
لقد اطلقت عليها آنا تعبير , إحدى مطربات الأغاني الشعبية , معروفة بأسلوبها العاطفي . قالت آنا وهي تضيف :
- ثم يأتي في اعقابها فيلا اكبر تغير مالكوها منذ عام مضى او ما يقارب ذلك وهي يسيرة الرؤية والتحديد , إنها تقع على ثلاثة مستويات , وداخلة مباشرة في جانب الهضبة . وهي تنتمي إلى احد رجال البنوك الفرنسيين , على ما أسمع , وليس من بينهم اية مشاهير. ثم بعد ذلك هناك فيلا مطلاة باللون الأخضر تنتمي إلى مالك احد النوادي الليلية في ماهون , اما الأخيرة , وهي التي تقترب من الرصيف فيمتلكها زوجان انجليزيان متقاعدان. قالت لوسي:
- مالك احد النوادي الليلية .
- حسناً, إن له تعاملات وصلات بشرطة الجزيرة لمرة او مرتين . وكان هناك شائعات في الصيف الفائت ان فرقة مكافحة المخدرات في مدريد قد ارسلت احد رجالها إلى الجزيرة للتحقيق معه واستجوابه.
ارتعدت لوسي وهي تقول :
- فرقة مكافحة المخدرات !
وقالت في نفسها ربما لم يكن المقصود بالتحقيق هو مالك النادي الليلي, وراحت تسأل آنا قائلة :
- وماذا عن الزوجين الانجليزيين ؟ ربما استطعنا سؤالهما عن جيرانهما , لنرى ما إذا كان احد ماقد ذكر انه سيتخذ إجراءات قمع ضد الزوراق .
نشرت آنا اظافرها الطويلة وصاحت:
- انت تعرفين الانجليز. إنهم يمكثون على الجزيرة طوال الشتاء, حينما يغادروها القوم العقلاء متوجهين إلى اماكن اخرى ويؤجرون الفيلا مقابل إيجار دوري كمقابل , ثم يعودون ادراجهم في فصل الصيف. اما الانجليز فهم يؤجرون الفيلات ويعودن إلى موطنهم انجلترا الممطرة .

ضحكت لوسي, فلم تكن تعتقد ان تلك حماقات يرتكبها الانجليز , ولكن كان ذلك صحيحاً, ويتعين عليها الاقرار والاعتراف بذلك.ريحانة
انهم يبدون كما لو كانوا يتمثلون الجنسية الوحيدة التي تتصرف بهذا السلوك.
- ولذا جايم يعتزم ان يفحص الزورق الضخم اولاً؟
ترددت آنا في ردها على ذلك السؤال الذي وجهته لوسي , واردفت :
- بمقدوره ان يسأل في حوض اصلاح الزوراق , اعتقد ذلك , غير انني اظن انه لن يكلف نفسه المشاق . لماذا يبحث عن المتاعب؟ بمقدورنا ان ننحاز قليلاً إلى الخارج بعيداً عن الشاطئ, حينما نصل الى الرصيف. وكل شيء سوف ينس في خلال اسبوع او مايقارب ذلك.
وريثما يحل الموسم القادم , سوف نكون قد عدنا ادراجنا إلى المسار القديم .
احتجت لوسي قائلة : - ولكن الرجل ليس مخولاً حق تهديدنا بهذه الطريقة!
- اجل, إن تصرفه ليس ظريفاً, ولكن ما الذي لدينا ان نفعله بخلاف ذلك؟
كان ثمة شيء بوسعهم ان يفعلونه. إنهم يستطيعون ان يخاطبوا ويبلغوا البوليس , وبوسعهم القيام بعمل تحريات بأنفسهم. ولكن جايم كان مثل خوان تماماً, حسبما ظنت لوسي , كسول, ليس من النوع الذي يعرض نفسه للمتاعب, او يبذل جهوداً غير ضرورية.
على اية حال, برغم ان خوان وجايم ظهرا وكأنما يعتقدان ان الأمر غير ذي ضرورة لأن يكلفوا انفسهم الجهد بشأنه , إلا ان لوسي كانت لا تزال غير واثقة من انها اقتنعت . قالت :
- إذن اقنعنا احد ملاك إحدى الفيلات بأن نغير المسار, فإن الآخرين ربما يفعلون نفس الشيء.
هزت آنا كتفيها , وصاحت:
- إذا فعلوا ذلك , سوف نتدبر الأمر ونفكر فيه مرة ثانية.
ونظرت عبر المنضدة , لترى تعبيرات وانفعالات لوسي , واردفت :
- آه, إنه الشعور الانجليزي المعهود لديكم في تحري العدل والحق! انت تريدين للرجل ان يعاقب .
قالت لوسي:
- ليس العقاب, بالضبط . حسناً , اجل, اعتقد انني احب ذلك. ولا اظن اننا سوف نتركه يفلت بما اقترفه من متاعب لنا.منتديات ليلاس
- لوسي , ياعزيزتي , إن غالبية القوم يتسامحون ويقترفون اعمالاً اكثر سوءاً من ذلك الفعل!
ضحكت لوسي مع آنا , ولكنها كانت قلقة في نفس الوقت , ومصابة بالفضول . من كان هذا الرجل , راحت تتعجب وتتساءل , ومن ذلك كان شغوفاً بمثل هذه الدرجة للحفاظ على ابتعاد الزوراق السياحية؟ ولماذا؟ هل كان الأمر لا يعدو كونه إحساساً مفرطاً بالرغبة في التمتع بالخصوصية والعزلة؟ بيد ان سائر ملاك الفيلات يعلمون يقيناً ان ذلك يمثل خطورة , طالما كانت حياتهم على مشارف الشاطئ, حيث يستمر التدفق الدائم للأجانب عبر المنطقة الواقعة تحت أقدام حديقتهم المطلة على الماء. كان ثمة امور غامضة مبهمة ههنا, وهي قد عقدت العزم على سبر غورها.منتديات ليلاس
ودعت آنا وعرجت نحو كالا كورب, وهي بعد تصمم وتخترع خطة في ذهنها بينما كانت تقطع الطريق بالمشي.منتديات ليلاس
لقد كان خوان يعمل على ظهر زورق سان فيليب البخاري. عندما قالت له :
- سوف اكون متواجدة ههنا طيلة الصباح , تستطيع الإنصراف , لو احببت , حتى الثانية والنصف. ألا تريد العون والمساعدة يا خوان؟

كشر عن ابتسامة , وقالت:
- انت في طريقي , أليس كذلك؟
- هل بمقدوري ان آخذ زورق صوفي؟
كان صوفي قارب تجذيف صغير , مزوداً بمحرك بارز, كان يستخدمه خوان في صيد الأسماك, وقال :
- امليء الخزان اولاً. وهناك بعض طعم السمك في السقيفة إذا رغبتي في الصيد.
- شكراً يا خوان.
مضت لوسي إلى السقيفة الصغيرة حيث يحتفظ فيها خوان بالشباك والامدادات . واخذت صفيحة البترول, عود الصيد الذي كانت عادة تستخدمه لنفسها , وصفيحة غليون صغيرة بها شص احتياجي , وغمازات للطفو , وحقيبة بلاستيكية, وقارورة بلاستيكية, نصف مليئة بطعم الأسماك من القواقع . ووضعت كل اولئك في قارب صوفي الصغير , واضافت ساندويتشاتها وعليه فوار البرتقال , ثم تفحصت المحرك, وخلعت الشورت, البنطلون الصغير , وتركت قميصها التي شيرت الأبيض اللين منسدلاً على مايو البكيني الذي كانت ترتديه ولاحته إلى خوان , ابحرت منطلقة عبر الخليج الصغير . ولم تخبر خوان إلى اين هي تعتزم الذهاب . او حتى انها ذاهبة لصيد الاسماك , على الرغم من انه لاحظ بوضوح متخيلاً انها ستفعل. وهي ظنت ان اعتقداه هذا بمثابة تمويه وخداع له.
وصيد السمك سيكون متعة على حافة الرصيف الخشبي الطويل في الطرف الأقصى للميناء , كما هي الحال في الخلجان الصغيرة التي كانت ترتادها غالباً.
انحرفت عن المرفأ الرئيسي , آخذة القارب الصغير بعيداً عن مرمي بصر خوان , وهي بعد لاتتوقع منه ان ينظر الى اين هي قاصدة , وعندئذ عبرت قناة السفن الرئيسي قاطعة إياه بمجرد ان خلي امامها. اوصلها مسارها على مقربة من نصف الميل إزاء جنوب شرق صف الفيلات التي كانت تستهدف الوصول إليها. و ولجت ببطء نحوها , محافظة على تواجدها في حمى وملاذ اليخوت الرأسية, حتى وقع بصرها على الفيلات ذات الطلاء الأخضر التي ذكرتها لها آنا.
كانت هناك ثلاثة زوارق مربوطة على الرصيف الخشبي الطويل . ولم يدهشها ذلك. لقد كانت كل فيلا بها من المتاع مايشمل على الأقل احد الزوارق, وفي فصل الصيف , نادراً ما كانوا يتجشمون متاعب إعادتها إلى مكامنها . احدثت صوتاً انفجارياً قصيراً وهي تنظر إليها بعناية.
كان هناك اثنان من القوارب الصغيرة, تشبه إلى حد كبير قارب صوفي , ويخت صغير مطلي بالكروم . ولم يكن هناك اي اثر للزورق الضخم الأبيض.منتديات ليلاس
لم تكن هناك يخوت رأسية على امتداد الماء فيما وراء الرصيف. إذ يفترض ان رجل مينوركا , مليء الجسم قد طاردها جميعاً حتى اخرجها من المسار ومداه . حسبت لوسي وقد انتابها عدم الارتياح , انها قد تبدو واضحة للعيان, على غير ماكانت تضمر. إلا ان الأمر لم يكن غريباً لأي فرد في ان يتوقف في اي بقعة على امتداد الماء مثلها, كما ان عود او قضيب الصيد الذي تمسك به في يدها يقدم عذراً وتبريراً لسلوكها.
اقتربت صوفي من الشاطئ رويداً رويداً حتى صارت على بعد ياردات قليلة , ثم مالبث قارب صوفي ان توقف. لم يكن هناك اية تيارات في الميناء , وحتى بدون مرساة كان القارب الصغير غير منتظر له ان يتحرك بعيداً. مدت يدها لوسي لتصل إلى علبة الخيوط , والقواقع, وكسرت احدى القواقع على احد جوانب القارب, وبدأت تنثر محتوياتها على الشص.
كانت لوسي عصبية بأكثر مما تظن, واستغرق الشروع في الصيد منها إلقاء الشص ثلاث مرات قبل ان تستطيع وضع الخيط على نحو مقبول . ثم استقرت براحة على مقعد القارب الصغير وراحت تنظر .